,‘،
حين تكون حياة عزيز على المحك .. وانت لا حول لك ولا قوة الا الدعاء لله .. تشعر بوهن .. تترقب بخوف .. حتى احلامك تكون مزدحمة بوجهه .. وكأنها تحاول ان تذكره بعدم النسيان .. وصلا يوم امس للملكة السعودية واليوم منذ الصباح وهم يجرون لها تحالليل واشعة وغيرها .. اجتمع بالطبيب الذي سيجري لها تلك العملية التي ارقتهما كثيرا .. ليطمأنه ولكن لن ينتشل ذاك باكمله في الوقت الراهن .. وذاكرتها محتاجة لوقت حتى تعود .. تحتاج لصبر من قبله هو .. ليتسائل لما لا يستأصلونه كاملا .. ليأتيه الرد بسبب جسدها الضعيف .. سيحاولون السيطرة على الجزء البسيط الذي سيتركونه لجراحة اخرى .. ذاك الجزء لا تصل نسبته لاكثر من 10 % من الحجم الكلي لذاك الورم .. ابتسامة ذاك الطبيب والثقة الكبيرة في كلامه اراحته .. ليلج الى غرفتها وهو يبتسم .. يقبل جبينها ومن ثم وجنتيها . لتغرق في خجل اعتاده منها في الآونة الاخيرة .. جلس بجانبها .. ليقابل ظهرها صدره .. ويطوقها بذراعيه من وسطها .. ويرد على سؤالها المليء بالخوف : متى بيسون العملية .. تعبت اليوم من كثر التحاليل اللي سواها ..
دس انفه في شعرها يشم رائحته : باكر ان شاء الله ..
شدت باناملها الضعيفة على ذراعه .. ليشعر بخوفها .. ويشدها اليه اكثر : خولة .. اباج تسامحيني .. يمكن كل اللي انتي فيه الحين بسببي .. شغلي وابتعادي عنج خلى صحتج تتدهور ..
هزت رأسها : مسامحتنك بس اوعدني ما تخليني بروحي .. والله خايفة .. انت وبس اللي وياي .. حتى هذيلاك اللي قالوا انهم خواني ما يوا معنا ..
" مشغولين لا تلومينهم " نطقها .. وسكت .. لا حديث يقال عبر الحروف .. هناك حديث اخر تعبر عنه انفاسهما المتضاربة .. ودقات قلبيهما التي يشعر بها كل منهما .. اراحت رأسها على صدره اكثر .. لتغمض عينيها .. غدا ليس ببعيد ..
لم يرتح البارحة في نومه .. فهي باتت تستحوذ على تفكيره .. الخوف من الفقد من جديد يأرقه .. وسقوط والده وانتشار خبر اعتقاله يزيد من تفكيره .. يعلم بان الجميع يدرك بان علاقته مع والده لم تكن بتلك القوة .. ليأخذوه بجرائر والده .. ولكن لا بد من الخوف مع ان سلطان طمأنه بان العمل يسير على خير ما يرام .. تنهد وهو ينظر لمعصمه .. ويرقب الساعة الحائطية .. لعل هناك خطأ في توقيتها .. الا ان الخطأ لا يوجد .. منذ ساعتان وهم هناك معها .. فتح كفه لتتدلى تلك الهدية التي تذكره بذاك .. اغلى ما لديه .. وسيعطيها لها من جديد .. فقط تفيق هي وتكون بخير .. دسها في جيبه .. ليسحب دفترها .. احضره معه لعله يعيد لها شيء من هلوسات ماضيها الجميل .. وشيء من حبها الذي دونته .. قرأ بعض خواطرها .. ولم يجد نفسه الا ويده تسحب القلم المرصع ببعض الاحجار الكريمة من جيب قميصه .. ويقلب تلك الصفحة ويخط كلمات متراصة :
على جدران قلبك سأخط قصائدي
وأعزف هلوستك سمفونية
وترقص خفقات قلبينا سويا
وتمرح نظراتنا بين المروج
وتعانق اشواقنا بعضها
بلهفة صدقٍ
وغمرة عشقٍ ,
وثورة توقٍ
فوق تلال العقيق .
***
نسافر فوق سحاب الأماني
ونترك تلك الخيول
ونرحل ... نرحل بعيدً
نحو الفضاء
هنالك حيث لا حقد يوجد ..
ولا حسد يولد
ولا ( عاذلين )..
والبدر مرآة
وجهك
والشمس وصيفٌ لليلك...
وهنالك سنبني على الـ ( مشتري ) من النجم
قصرً
به بستان حبٌ وعشقا
وعِنبً وعَنبا
ورمان شوقٍ
وتوت مودة .
ونبني على القصر سوراً
سوراً من النور
وحصنً من الشهب و(النيزك )
فلا يقربنَّ انسٌ وجان.
***
سأقسم أني سأمضي حياتي بقربك
فهل تقسمين؟
سأقسم أني فارس أحلامك المستحيل
فهل تقبلين .؟
سأقسم حتى يضل حديثي كله ولاء
***
سأجلب لك الكوكب الدر عرشً
وفينوس و الثريا خادمات لديكِ
لكي تظلين انت ( الأميرة ) بين النجوم
لكي تصدقين إن قلت انك لست ملاك
ولست ببشرٍ...!
وأنك أنتِ (ست) النجوم
***
ويظل اسمك رمزالأنوثة
ورمز الجمال
ورمز الكمال في كل (منهج)
ورمز التكافئ بين المستحيل والمستحيل
وأنا أظل رمز الجنون ...
فهل تقبلين ......؟
بقلم : بؤس كادح ( عنتريهر سابقا )
فهي انثاه المستحيلة التي استطاعت كسر قيود الماضي التي احاطت به سنين خلت .. خطها وهو يبتسم .. سيتركها لتقرأها لعلها تعلم انها ليست لها .. وان علمت ذلك فسيخبرها ان هو من خطها لتقرأها هي يوما ..
,‘،
تمر الايام دون ان نشعر بها .. تاخذنا لطرق تصدمنا فيها احيانا .. واحيانا اخرى تكون هادئة رتيبة .. تغيراتها طفيفة .. واحيانا تكون تلك التغيرات كطفرة هائلة .. كاعصار هاج في ليلة وضحاها .. ليغير كل ما يصادفه .. تتوالى ايامنا تلك .. ومعها نطوي صفحات كثيرة بحلوها ومرها .. ننسى احداث ونخزن احداث في صناديق الذكريات حتى تزدحم فتفيض فتتبعثر .. وقد لا تمتلئ الا بالقليل من امورنا .. ونظن بان لنا ذكرى تستحق ان نبقيها .. ونتفاجأ بان ذكريات الغير اقوى منها .. فنبحث عن ذكريات اعمق .. اختفت بين الزحام ..
ومع تلك الايام ومسيرها تتغير نفوس .. وتتبدل شخوص .. كهو .. الذي اضحى بعيدا عن موجات الغضب العارمة .. انتهى اجتماعه مع المساهيمن في ذاك المشروع .. الذي لم يبقى على افتتاحه الا ايام معدودة .. ليقف ويقف معه سيف .. يلملم بعض الاوراق : براجعهن فالبيت .. لازم اطلع ..
" اكيد " نطقها وهو يغير مكانه ليجلس خلف كرسي مكتبه يخرج اوراق اخرى من احد الادراج .. ليردف : ما بمل من زيارتها .. بخبرها بكل شيء يصير وياي .. اكيد بتقوم وبتسألني شو سويت ..
جلس : عمتي كل يوم عندها الصبح .. والدكتور يقولكم ما في داعي لكثر الزيارات وتعبكم .. متى ما بتقوم بيخبروكم .. وبعدين انت مب ناوي تكمل نص دينك .. ترا عمتي تقولي اقنعك ..
قهقه : ما بعرس الا عقب ما تقوم جود .. وهي اللي بتختاري العروس .. ياللا عن اذنك ..
طوح ذاك برأسه .. فهذا حاله منذ اشهر مضت .. لا يكل من زيارتها يوميا .. في اوقات الزيارة المسائية .. وتلك والدتها تزورها في الصباح ..
وصل ليجر خطاه الى غرفتها .. الجميع صار يعرفه .. وكأنه ساكن من سكان ذاك المكان .. لا زائر لمريضة لا احد يعلم متى ستترك سيريرها ذاك .. ولج الى غرفتها : وصلت ..
يقترب منها يقبل جبينها : اعرف انج يالسه تتريني .. ما تبين تقومين وتشوفيني .. امي تقول اني صرت اشبه ابوي الله يرحمه واايد ..
سحب الكرسي ليجلس بجانبها : جود .. بعد ايام بنفتتح المشروع اللي بديت فيه .. اول مشروع كبير اسويه من يوم خذت مكان ابوي – يده تعانق كفها النحيلة – بخبرج شيء .. تعرفين ابراهيم الـ ... .. اكيد تعرفينه كان دايم مع ابويه الله يرحمه فصفقاته وتجارته .. عياله الاثنين طلبوا رنيم وجواهر .. الصراحة ما يعيبهم شيء .. انتي شو رايج ؟ - ابتسم – اكيد بتوافقين .. لانج تتمنين لهن الخير ..
ضحكك بمرارة ليردف : اليوم سيف يقولي ليش ما اعرس .. ما يدرون اني اريدج انتي تختارين عروستي ..
سكت وكأن هناك غصة تمنع خروج تلك الاحرف .. ودموع تحجرت في العيون .. يحرك اصابعها باصابعه .. ليتنهد الما .. وعدها بانه سيحميها .. ولم يفعل .. شعور بالذنب بدأ يغزو حياته كما غزى حياة ذاك الجاسم من قبله .. رفع كفها يقبله .. ويقف بعدها .. ينحني عليها .. تتسلل اصابعه بين خصلات شعرها : شعرج كبر .. طالع وايد حلو عليج .. ما بسمحلج تقصينه يوم توعين – صمت ليردف بوجع – جود حاس بنار الذنب تاكلني يوم ورى يوم .. ريحيني وقومي .. ترى ما بسامح نفسي الين تقومين وتقولين سامحتك ..
انحنى اكثر ليطبع قبلة على وجنتها : قومي حتى لو بدون ذاكرتج .. المهم تقومين .. واحنا بنرجعلج اللي بتنسينه .. بس قومي ..
ابتسم على مضض .. ليمسح على شعرها بكفه .. ويدبر خارجا .. لم ينتبه لحركة يدها الخفيفة .. وحركة عينيها .. لعلها تفيق بدون ذاكرتها تلك .. ولعلها مجرد حركات لا ارادية اعتادوا سماعها من ذاك الطبيب .. ابتعد تاركا في قلبه امل برجوعها .. ويوم سيأتي لتعود هي اليهم كما كانت ..
,‘،
هكذا هي حياتنا بين المحطات متنقلة .. بين ذكرى ورحيل ورجوع .. تخطو بقدميها في المكان لتقف تتأمل شكلها امام تلك المرآة .. شعرها قصير ليس كما كان .. ورحلة العلاج تلك ارهقتها .. وتبدأ عملية اخرى قريبا .. لينتشل ذاك المتطفل من جذوره .. اقتربت حتى بات وجهها قريبا جدا .. لم تشعر به يقف يرقبها .. وكأن الزمان يعيد اول ليلة لها في منزله .. كتف ذراعيه يتأمل حركات اناملها على وجهها .. وتقطيبة جبين حين تحسست مكان الجرح .. دنى منها حتى رأت انعكاس صورته امامها .. ليتمتم : بتبقين فنظري حلوة .. والتعب بيروح مع الايام .. يكفيني الحين انج بديتي تذكريني .. وتذكرين اشياء واايد من حياتج ..
ادارها ناحيته .. لتتحرك انامله في شعرها .. وعيناها ترقب نظرة عينه التي تحبها .. بها هيام وحب دفين .. وخوف تحسه في ارتعاشة اصابعه بين خصلاتها .. التفت ليرى ذاك الدفتر على السرير .. امسك كفها ومشى معها لناحيته .. جلس ليجلسها على فخذه .. ويسحب ذاك يقلب في اوراقه .. فوجود قلما بجانبه يبشر بخاطرة جديدة : كتبتي شيء .؟
ليبتسم لكلمة باخر خاطرته تلك .. دونتها منذ قليل .. " اجل اقبل " ونقطة بعدها وكأنها تنهي الحديث ..
ابتسمت وهي تسحبه من بين كفيه : لا .. ما اريد اكتب شيء من بعد اللي كتبته .. اريد يكون ختام لهالدفتر .. اذا بكتب بكتب فدفتر يديد هديه منك ..
ابتسم : من عيوني ما طلبتي شيء ..
ابعدها ليقف : بروح مشوار وبرد ع العشى .. اوكي ..
احتضن وجهها وطبع قبلة على وجنتها .. وابتعد عن المكان .. حياته هادئة وهي تزيدها هدوء بشرودها الدائم .. لكنه امر مؤقت كما اخبروه .. وستعود كسابق عهدها مع الوقت .. ركب سيارته لينطلق .. فقبل سفره عليه ان يرى شخصا عزيزا .. بحث عنه طويلا ولم يجده .. وهاتفه اغلقه .. ليحول مسار طريقه الى اخر مكان قد يكون فيه .. مؤكد انه هناك يودعها ..
,‘،
انام وهمي بين الاضلاع مدفون ,, والعين تذرف من قهرها مطرها
البعـد يذبح واكثر الناس يبكون ,, فرقــى الحبايب للمحبه كسرهــا
ياليت بعض الناس فيني يحسون ,, وياليت كسر النفس بيده جبرها
الابيات لاخوي : عذب الكلام (ابو نورا )
جالسا القرفصاء يناجي قبرها بصمت عجيب .. لم يزره منذ زمن طويل .. ولكن بات يراها في منامه بصورة مختلفة .. وباتت حياته تنسلخ من الماضي الحزين .. كحياة الاخر .. تنسلخ رويدا مع ترك اثار طفيفة صعب ان تنسى .. تنهد : سامحيني يا نوف .. بس هذي سنة الحياة .. واعرف انج تتمنين لي الخير .. كنت عايش معج سبع سنين .. ما اشوف الا انتي .. بس كل شيء تغير .. وبتبقين انتي فالقلب .. اعرف انج مرتاحه لقراري .. يكفيني شوفة ضحكتج فاحلامي .. قبل ما كنت اشوف الا دموعج .. وكانج تقوليلي بسك مني .. وعيش دنيتك ..
التفت على نحنحة .. ليرى ذاك الواقف .. ليقف بدوره .. يصافحه ويمشي معه : كيف عرفت اني هني .. ؟
ادخل كفيه في جيبي ثوبه : لازم نتخطى الحواجز ونمشي فحياتنا ..
- ندمان انك بتعرس .. وبعد كم يوم ..
هز رأسه لينطق وهو يسحب كمية من الهواء : مب ندمان .. بالعكس يمكن باللي بنسويه بنتخطى اللي صار ويانا ..
وقف عن المسير حتى تقدمه جاسم بخطوات .. ليقف ذاك ويستدير ناظرا اليه .. ليبتسم ويجيب : لا – تابع سيره – فالبداية حسيت اني بظلمها لاني اشوف نوف فيها .. وابتعدت .. بس الحين لا .. تكلمت معها وعرفتها ماضي .. ما مانعت .. يمكن جرحها بيبرى مع جرحي .. يمكن قربنا خيرة لنا .. محد يدري وين الله كاتبله الخير ..
ابتسم الاخر له .. وتابعا طريقهما .. واحاديث جديدة تدور بينهما .. يتخللها الماضي البعيد والمستقبل القريب .. وضحكات فرح تتبعثر بينهما بين الفينة والاخرى .. لا شيء يدوم الى الابد .. لا شيء سوى وجه الخالق الكريم ..
,‘،
كما حال تلك الذي لن يدوم .. منذ الصباح وهي تتحرك في المكان لا تهدأ .. حتى انها استعدت قبل الوقت بساعة .. لتجلس بعباءتها مع عمتها .. وتلك تضحك عليها .. فيبدو انها قلقة من تلك التحاليل التي اجرتها بالامس .. لتنطق : يعني لو بقينا وخذنا التحاليل امس مب احسن .. يعني وين بيمدينا اليوم .. وورانا عرس .. والله انه ما يتعييا ( يقتنع ) ..
سحبت حافظة القهوة لتسكب لها فنجانا : لا حول ولا قوة الا بالله .. انتي شو صايرلج .. اليوم والا امس ترى ماشيء بيتغير ..
- انزين عموتي خلينا نروح الحين .. يمكن زحمة .. الين نوصل بيكون الوقت .. ياللا ..
رجاءها وحالتها تلك اضعفت تلك العجوز .. لتقف بمساعدتها : ياللا خليني اتجهز .. يبتيلي ويع الراس من حنتج ..
ضحكت تلك وهي تقبل راسها : سلامة راسج يالغالية .
بقاء الحال من المحال .. فمن له رب قادر على كل شيء لن يضام .. ارتسمت علامات فرح كثيرة على وجهها وهي تستمع لتلك الطبية .. تعطيها نصائح شتى .. لتتمتم بالحمد بين الفينة والاخرى .. تشعر بانها ستصل لحدود السماء .. تريد ان تبكي ان تضحك .. جميع المشاعر مختلطة في هذه اللحظة .. ظلت صامتة خلف مقود السيارة وتلك العجوز تتكلم في الكثير .. ولعلاجات الاجداد المجدية .. لتبتسم لها تلك دون ان تنبس ببنت شفة ..
نزلتا .. لتساعد ام سعود حتى اوصلتها الى غرفتها .. قبلت رأسها وخرجت تحث الخطى لغرفتها .. رأت نعله (اكرمكم الله ) عند الباب .. اذن فهو هنا .. رمت بعباءتها على السرير وكذلك فعلت بـ" شيلتها " لتتربع عليه تمسك ساقيها تشدهما بفرح .. وتتحدث اليه : سعود انا وصلت ..
طل برأسه وماكينة الحلاقة في يده .. والرغوة تملأ وجهه : بشري ..
ليعود يكمل عمله وتبدأ هي بثرثرة تشوبها سعادة كبيرة : تقول الدختورة اذا استمريت على العلاج بصح .. تدري سألتني من كم سنة مودرة حبوب منع الحمل .. يوم جاوبتها قالتلي شيء حلو .. يعني العلاج ما بيطول .. بس استمر عليه ..
ظلت تتحدث وتتحدث : بسوي كل اللي قالته – ضحكت – امك تريد تسويلي اعشاب ما اذكر شو اسمهن .. بس قلت لها لا .. ما بخذ اي شيء .. يمكن يضرني والا شيء ..
خرج وهو يجفف ذقنه بتلك الفوطة الصغيرة .. ليغير ثوبه امام عينيها .. وابتسامة سعادة ترتسم على محياه .. فتلك سعيدة جدا .. يستمع لها دون ان يقاطعها .. ينظر اليها بين الحين والحين من تلك المرآة وهو واقف يرتب " شماغة " .. لتتابع هي : براجعها كل اسبوعين .. تعرف سعود ... اذا حملت ويبت ولد بسميه غيث .. احب هالاسم .. يدل ع الخير .. واذا بنت .. امممم .. بسميها مريم .. والا اقولك .. انت سمها .. الولد انا بسميه والبنت انت .. تعرف ..
الجمتها شفتيه التي لامست شفتيها عن مواصلة الحديث .. لم تنتبه له الا وهو يرفع رأسها بكفيه ويطبع تلك القبلة .. ويردد بعدها : قولي ان شاء الله فديتج ..
رددت من بعده بخجل : ان شاء الله – لتردف بتوتر – اسفه .. ما حسيت بعمري ..
استقام في وقفته .. وهي تنظر اليه .. عيناه تنظر لعينيها الفرحتين : احبج .. واحب اشوفج دوم فرحانه ..
يده تعبث بشعرها .. ليطلق له العنان يسقط على كتفيها بعد ان بعد ذاك المشبك : مستانسه وياي .
طأطأت رأسها : واايد .. حتى مرات احس اني عايشه حلم .. ما اريد اقوم منه ابد ..
انحنى يطبع قبلة على وجنتها : بتروحين وياي ولا بتروحين بسيارتج ..
نزلت من على السرير : بروح فسيارتي .. انت روح لموعد محمد عن تتاخر ..
يده تغيب في جيب ثوبه .. ليخرج محفظة النقود .. يخرج بعض الآلاف .. ويمدها لها : يسدنج .. ؟
- لو تطلبين عيوني ترخصلج .. كم ريم عندي ..
اغرورقت عيناها بالدموع .. وسرعان ما يحتضن وجهها : افااا .. ما قلتلج دموعج غالية ..
مسحتها بعشوائية .. وهي تردد : ما اصيح .. شوف ما اصيح ..
ليسحبها اليه يدفنها في صدره : فديت الحساسة انا ..
اخيرا وجدت كنف سعادتها .. وكأن الله يعوضها عن سنين عمرها التي ذهبت .. كصحراء جرداء .. اغيثت بمطر فانبتت .. هي حياتها هكذا ..
,‘،
هذه هي الحياة ان لم نمشيها للامام .. فلن نجد سعادتنا .. كتلك التي تمشي على انغام تلك الموسيقى الهادئة .. بكبرياء جميل .. وعنفوان انثى ابت ان ترضخ لضعف قلبها .. لتضع القرار لذاك الخاطب لها .. ان تكون ليلة الزفاف هي ليلة التوقيع على عقد القران .. فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين .. والنساء ضعيفات يخفن من تكرار الماضي .. كهي .. خافت ان يتكرر الماضي وتعيش المعاناة من جديد .. مشت بخطوات هادئة .. عن يمينها والدها وعن شمالها اخويها .. وفستانها الابيض .. يحكي قصة نقاء روحها بعد ان لوثتها الاقدار .. وتبعثرت الاحاديث عنها في زوايا الاحياء .. اليوم تعلن بانها تستطيع ان تعيش من جديد .. ان تكون اسرة .. ان تمضي للامام مع ذاك المصبح .. اليوم تنظر امامها .. والنظرات ترنو لمستقبل بعيد .. لن تدركه الا الايام القادمة ..
رجفات اطرافها .. ودموع خوف تعانق المحاجر .. وابتسامات تتشتت على الشفاة .. وانفاس تحمل معها الامل بالغد القادم .. خطت خطواتها .. لتقف تنظر للوجوه المعتمة خلف اضواء البريق على جسدها المزدان بالبياض .. وورود تعانقها الانامل الرفيعة .. وتمتمات فرح .. واهازيج تمتزج مع رقصات الصغار .. وسرعان ما ترنو العيون لعيون اخرى .. تدنو رويدا رويدا .. فيكفي تلك العيون العيش خلف قضبان الماضي لسنين طوال .. فلتبحث عن الحرية خلف عيون اخرى .. وقلب اخر ..
فالعمر لا يتوقف الا بعد ان يواري الثرى الجسد .. هناك يتوقف ليبدأ حياة اخرى .. يكتنفها الفرح او غير ذلك ..وكله رهن يمين الانسان .....
,‘،
The End
،