,‘،
اختناق ووجع لا يقوى معه الانسان على الراحة .. يبعثر اشياءه القديمة لعل هناك شيء يعيد له امل البقاء .. لعل في الماضي نقطة تنبثق منها راحة نفس .. لم يعثر عليها وتراكمت عليها ذكريات موجعة .. منذ الامس وهو يحاول ان يعرف ما بها .. والى اين وصل بها الحال .. وذاك ماضيه يحرضه على الندم المدقع .. ومنذ دقائق انتهى اجتماعه مع ذاك الاخصائي .. الذي نطق بالكثير ومن بينها صعوبة استأصال ذاك المتطفل القاسي .. الا اذا قام بتلك العملية جراح متمرس في مثل هذه الحالات .. يعطيه بصيص امل ويعود يسحبه منه بعنف .. فحالتها لا تقوى على السفر بعيدا ..
يسحب قدميه بتعب ايام مضت .. ليلج الى غرفتها .. قالوا له بانها استيقظت ليلا ولكنها لم تمكث في صحوها طويلا . اجابوا عن بعض تساؤلاتها التي توقعوها بسبب تدهور حالة ذاكرتها .. وقف يتأملها .. ليرن في اذنه حديث اخر .. فذاك اثر على اعصاب عينها اليسرى .. حتى يحيل نظرتها الى نظرة غريبة .. قد يكون من مساوئ تلك العملية فقدانها للبصر فيها .. انحنى يطبع قبلة على عينها .. لا يعلم لماذا قام بذلك .. الا انه يدرك بانه يتحمل النصيب الاكبر فيما آلت اليه هي ..
ارتفعت يده لتتحرك على عينه اليمنى بعد ان ازاح نظارته تلك .. لتعود اليه صرخات كانت .. كان في نفس مكانها .. على سرير ابيض .. وشاش ورائحة معقمات .. وغفوة طويلة امتدت اسبوع .. ليستيقظ بوجع يعصف برأسه .. واحاديث تتهادى بخفوت اليه .. صوت والده وشخص ما .. ليتمتم : قاسم .
وتقترب الاقدام منه .. وسؤال من والده عن حاله .. يتبعه سؤالا آخر من ذاك الطبيب .. لينطق هو : اريد قاسم ..
ليدنو منه اكثر : جاسم تسمعني .
ليفتح عينه بوجع : انا وين ؟
لتتبادل النظرات بين الطبيب ووالده .. وينحني يهمس : جاسم .. استوالك حادث .. وعينك تضررت .. اضطرينا .
ليقطع حديثه : وين قاسم .. ابويه وين قاسم ..
حشجرة الم في صوته .. ليبلع ذاك ريقه مرارا .. ويجيب بألم : قاسم عطاك عمره ..
ليجلس بعجل صارخا : كذاب ..
ويردف : يبلي قاسم .. اريد قاسم .. انت اخذته ..
وثوران رجل وكأنه طفل صغير .. وبكاء وصراخ واتهامات .. آلت جميعها بعد دقائق الى وخزة ابرة .. وتمتمات وجع بفقد توأم كان كظله .. وذكرى اخرى تتهادى مع تهادي النعاس اليه .. وضحكات ذاك وهو ينظر الى السماء في باحة منزلهم .. وهما جالسان بجانب بعضهما .. ليسأل جاسم عن سبب تلك الضحكات وهو ينظر اين ما ينظر قاسم .. ليجيبه : شوف شوف – يشير باصبعه للنجوم – تخيل عاد ان كل واحد يموت يتحول نيمه ..
ويعود ليقهقه .. ويعقد ذاك حاجبيه : شو هالكلام .. الواحد يموت ويتحول تراب مب نيمه ..
كانا في سن العشرين .. لينظر اليه : ما يقولون في الافلام لعيالهم الصغار يوم تموت امهم او حد يحبونه .. انه تحول نيمه ويراقبه ..
وعاد ليضحك من جديد .. ليرفع ذاك حاجبه وهو ينظر لسماء : ما يعرفون شيء .. وان شاء الله انت تصدق اللي يقولونه .
قام واقفا وهو يضحك : مينون انت .. عيل ليش يالس اضحك .. يوم اموت شوف السما وبتحصلني ..
هو يضحك وذاك اشتاط غضبا ليقف في وجهه : لا تيب طاري الموت ..
فتح عينيه على وسعهما : شفيك .. يالس اتمسخر وياك – تلفت ليردف محاولا تغيير الحديث – شرايك نتسابق ؟
" الحين ؟ " .. ليقف ذاك وهو ينظر الى اشجار النخيل : نتسابق ونرقا النخله للنص ونرجع لهني .. شوف – يشير باصبعه – هذيك وحدة وذيك وحدة ..
تجهم : بس اللي من صوبك اقصر عن اللي من صوبي ..
وهو يرسم خط في التراب بقدمه : الشاطر اللي يسبق للنخله اللي فباله ويرجع لهالخط .. ياللا ..
وقف بجانبه على وضع الاستعداد : وشو المقابل .. ؟
ابتسم : اللي يفوز يطلب اي شيء من الخسران وينفذه .
" موافق " .. قالها ليبدأ ذاك بأسم الله .. وبعدها بالعد : واحد .. اثنين .. ثلاثة ..
جاسم كان اسرع من قاسم .. ليحتال عليه قبل ان يصل الى خط النهاية .. وينحني صارخا باسمه .. ليتوقف بهلع .. يعود ادراجه .. وكفاه تعانقان كتفي توأمه : قاسم انت بخير ..
يده على صدره : قلبي .. آآه ..
" بروح ايبلك دواك " .. ليهرول مبتعدا .. ويهرول الاخر الى خط النهاية ويصرخ : فزت ..
ويضحك ليعود ذاك غاضبا .. ينفث انفاسه في وجه شقيقه : غش .. ما يصير ..
بدون رغبة منه قال : وشو طلبك يالغشاش ..
اقترب منه وهو يبتسم : تقول لابوي يخلينا نسافر وييا بعض فهالاجازة ..
" ما بيرضا " .. ليردف الاخر : اريد اكون وياك .. مب كل اجازة يسحبك وياه لشركة .. ما يخصني هذا شرطي وانت نفذه .. بنروح اليابان والصين والهند .. بنسوي جولة ع هالبلدان ..
تمتم : وما طاع يا قاسم .. وانت سافرت بروحك ..
انتبه لهمهمة منها .. ليدنو من سريرها .. تفتح عينيها بتعب .. ويعقد هو حاجبيه .. فكما قال ذاك نظرتها في عينها اليسرى لن تكون ثابتة .. ليبتسم لها حين سألته من يكون : انا جاسم ريلج ..
سحبت جذعها ليساعدها هو ويجلس قبالتها على حافة السرير .. تلفتت : شو في ؟ .. وليش ما اتذكر اي شيء ؟
اخذ نفسا وهو يسحب يدها ليحضنها وكأنه يبعث في نفسها الأمان : عندج ورم فراسج .. وهو مسبب لج فقدان بالذاكرة .. وقريب بنسافر عشان تسوين عملية ..
انقطع حديثه على دخول ايمان وعيسى .. التي اخذت تحضن شقيقتها وتقبلها .. وتلك في عالم من الضياع .. كلما رأت احد سألته من يكون .. تحاول استعادة ذاكرتها ولو قليلا دون جدوى .. بعد الاطمأنان على حالها انسحب عيسى مع جاسم ليبدأ معه حديث عتب : ليش يا جاسم .. قلة فلوسك عند اختي .. وبتسفرها للسعودية .. عشان عمليه يمكن تسبب لها اضرار ومب مضمونه ..
تنفس بعمق يحاول السيطرة على اعصابه : اسكت يا عيسى .. انت مب فاهم شيء .. مب انت اللي وصيتك عليها .. وكل ما اتصل فيك تقولي انها بخير .. لا اتي الحين تحاسبني ع شيء مالي دخل فيه ..
وجه يقترب من وجه جاسم : كيف مالك دخل وانت اللي بتسفرها ..
- ما برد عليك .. روح اسأل الدكتور وهو يجاوبك .. ولا اتي تتهمني وتلومني .. وانت عليك اللوم ..
دخل اليها من جديد .. وقد رسم ابتسامة على وجهه .. ليقترب منها يقبل وجنتها ويهمس لها بانه لن يتركها ابدا ..لتبتسم بعدها.. وبعدها يقبل جبينها بعمق .. وهي تشعر بشعور غريب .. فيه شيء من التوتر .. فهم بالنسبة لها غرباء .. الا من احاديث يقولوها لتتعايش معها .. وذاك الطبيب جاءها لاحقا يؤكد ما يقولون ..
بعد مغادرته للمستشفى توجه لشركته .. يرمي بحمله على كاهل سلطان .. فهو بحاجة ان يبقى معها فقط .. ويبتعد عن الاعمال والشركات .. ليأتيه الخبر عن زوجة والده .. وبما يسعى والده لفعله .. ليصرخ بسلطان : انت شو تقول ..
هز رأسه : ما بسمحله .. اسمعني اي شيء مهم بلغني فيه .. بعد كم يوم بسافر للسعودية .. الدكتور المسؤول عن حالة خولة بيتواصل وييا المختصين في مدينة الملك فهد الطبية ..
وقف : حالتها ما تسمح انها تسافر لساعات طويله .. وبعدين في جراحيين مختصيين فالسعودية هم اللي بيسون لها العملية .. انا لازم اروح .
تصافحا .. وذاك يتمنى له التوفيق .. ليخرج بعدها والغيض قد وصل به الى اقصى حد .. فكيف لوالده ان يفعل هذا الفعل .. قاد سيارته مباشرة الى حيث يوجد عبد العزيز وزوجته آمنه ..
تنهدت وهي ترضع ابنها الذي لم يمضي على ميلاده الا ساعات قليلة .. لتحدث نفسها وهي تنظر اليه : بشو يفكر ابوك .. نسى كل شيء والا يحاول يذبحني كل مرة اشوفك فيها .. سبحان الله كل اولاده يشبهونه .. وانت بعد شكلك بتشبهه والخوف انك تشبه اخوك .. الخوف انك تكون اسم ع مسمى ..
انقطع حديث نفسها حين وصلها صراخ جاسم على والده : تغير اسمه يا عبد العزيز ..
- مب بكيفك يا جويسم .. ولدي وبسميه ع كيفي ..
-اسم قاسم ما ينحط ويا اسمك واسم الخاينة اللي وياك ..
لم يشعر الا بكف والده على وجهه : تأدب وانت تكلم ابوك .. مب اصغر عيالك تتأمر علي مثل ما تريد .
بانفاس غاضبة : سو اللي فراسك وبتشوف نهايتك يا عبد العزيز ..
نزلت دموعها .. ليعود الحديث اليها : مب خاينة يا جاسم .. ما خنت اخوك .. بس الوقت كان اقوى مني ..
لتمسح دموعها بدخول زوجها .. براكين الغضب تتطاير من عينيه .. لتسأله بخوف : شو بتسوي ؟
ليصرخ بها : سميه مثل ما تبين ..
ويخرج بعدها .. اعصابه ليست بالقوة التي كانت .. يشعر بان كل ما حوله ينهار .. واولئك الذين ادخلوه في معمعة المعارك بدأوا يبتعدون .. وكأن كل شيء يتلاشى .. وحقده لذاك الجاسم يزداد .. فمؤكد ان له يد فيما يحدث له .. كان شارد الذهن في سيارته .. وحديث طويل مع نفسه .. بدأه بالتفكير فيما عليه ان يفعل .. لعل الهرب وسيلة ناجعة .. توقفت العجلات عند مبنى شركته .. اخيرا اضحت تلك الشركة له هو فقط .. دون ان يزاحمه احد على ادارتها .. ترجل وذاك يتبعه بحقيبته السوداء .. ليقف عن المسير وينظر لسكرتيره : شو مستوي ؟
بتوتر اجابه : ما اعرف يا طويل العمر .. من الصبح وهم هني ما مخلين شيء ما يفتشونه ..
ليصرخ به : وليش ما خبرتوني ..
ليخرج احدهم من مكتبه .. يبدو ان له مكانة فاعلة : اهلا استاذ عبد العزيز .. زين انك ييت ..
بخوف داخلي يحاول ان يخفيه : خير .. شو صاير ؟
- بيتم وقف شركتك .. ومنعك من السفر لاي مكان خارج الدولة .. وبتكون عليك رقابة الين نتأكد من كل المعلومات اللي وصلتنا . وهذا القرار اذا تريد تتأكد .
مد يده المرتعشة ليتناول تلك الورقة .. كل شيء انهار قبل ان يتصرف باي شيء .. حتى لم يكن لديه الوقت للهرب الذي فكر فيه .. رفع نظره حين استطرد ذاك : عندنا معلومات ان شركتك لها علاقة بشركات اوروبية .. تم من خلالها غسيل اموال واختلاس شركات .. وتهريب وغيره .. اتمنى تنفذ الامر والا بيكون لنا تصرف ثاني ..
انتهى .. هي الكلمة الوحيدة التي بدأت تعصف في ذهنه .. لم يعد هناك عبد العزيز .. ولم تعد هناك شركات هو المالك الاوحد لها .. تبادر اليه فيصل .. وسيف .. مؤكد انهما كانا يعلمان بكل شيء .. او احدهما يعلم . انهار جالسا على الكرسي في مكتب سكرتيره .. الغي وجوده بقرار حكومي .. وقد يصل به المطاف الى وراء القضبان بعد كل سنوات التعب ..
,‘،
تعب الايام التي ذهبت على وشك ان يختفي .. شعور يخالجه منذ تلك المكالمة التي وصلته .. وكان مفادها ان احدى زميلات جود قالت اشياء قد توصلهم اليها .. او الى طرف الخيط لمكانها .. خرج بعد حمام طويل .. يغير ملابسه ويذهب الى حيث تلك الشقة .. تذكر الكثير من الامور في الايام الماضية .. ليدخل على والدته يسألها ان كان لجود جواز سفر غير الذي بحوزتها .. ليأتيه الرد : هيه عندها .. بس امريكي .. انت تعرف انها استوت هناك .
جلس على ركبتيه امامها .. يمسك كفيها : امي .. في بنت من اللي تدرس وياهن جود تقول ان جود كانت تشتغل فشركة كمبيوتر .. بس للحين ما عرفوا اي شركة .. يمكن تكون اشتغلت بالجواز الامريكي ..
- بس يا فيصل اسمها هو نفسه فالجوازين ..
ابتسم وهو يحدث نفسه : جود ذكيه تقدر تتلاعب بصور الجواز .. تغير كل شيء ..
نظر اليها : امي .. جود بترد .. ولا برد من برع الا وهي وياي ..
قام واقفا : سيف بيمسكه ..
لا يعلم لماذا في ذاك اليوم الذي التقى فيه بسيف عاد ادراجه .. لا يعلم لماذا قادته قدماه الى منزله مجددا .. لعل الحق هو من كان يقوده .. ليهوله صراخ طلال على اخيه وهو لا يزال عند عتبة الباب المفتوح على مصراعيه : كله بسببك يا سيف .. ليش ؟ .. ليش تساعده ..
- انت شو بلاك .. هذا فيصل ولد عمي سالم وليش ما اساعده .
- سالم الخاين .. اللي خان ابويه وخلاه مشلول .. سالم اللي سحب كل املاك ابوي وخلاه بلا حول ولا قوة .. وانت ياي الحين تدافع عن ولده .
- اسكت يا طلال . انت مب فاهم شيء ..
يزفر انفاسه بتلاحق غاضب : كيف مب فاهم شيء .. بس هو مب ابوك .. اكيد ما بتهتم ولا بيهمك الانسان اللي رباك ..
كان يهيل الاتهامات بغضب .. ويرمي باللوم على سيف لانه اخ له غير شقيق .. ووالده هناك على سرير المستشفى منذ سنة : ابويه مثل الميت بسبب سالم .. لازم انتقم منه ومن ولده.
حرك قدميه ليخرج واذا بذاك يشده من ذراعه يرميه على الاريكة : ايلس واسمعني يا طلال .. انت ما سألت نفسك المية الف اللي كل شهر تدخل حساب ابوك من وين .. انت ما سألت عمرك ليش هالمية نقصت للنص بعد وفاة سالم – صمت لبرهة ليردف – انا بعلمك اللي ما تعرفه يا طلال .. ابوك يوم طاح محد وقف وياه الا سالم .. ابوك لولا سالم كان الحين فالسجن بسبب الديون اللي ع ظهره .. سالم اللي طعنته فالظهر وسحبتني وياك فخطتك الشينه بدون ما ادري .. هو اللي ساعد ابوك .. هو اللي عطاه نسبة من شركته ومية الف فالشهر من ارباح الشركة حتى لو ما كان شيء ارباح .. وبعد ما مات كملت انا بداله صرت اقسم ارباحي بيني وبينكم .. الحين عرفت ليش الفلوس نقصت .. روح اسأل ابوك وهو يخبرك بكل شيء ..
- مب مصدقني روح اسأل ابوك .. روح شوف نهاية عبد العزيز اللي كان السبب ورى افلاس ابوك وافلاس سالم وافلاس واايدين قبلهم .. روح سأله .. روح اسألهم وهم يقولولك منو سالم .. اللي تعاونت مع عدوك عليه .. روح ..
اوراق الحقيقة تنفتح واحدة تلو الاخرى .. وذاك كالغارق في دوامة مظلمة لا يرى شيئا .. ليخرج وهو لا يرى الا كلمات سيف .. ايعقل انه كان يعيش وهما وعاون من كانوا اعداء والده على صاحبه .. خرج ليقف ينظر الى ذاك المتسمر عند الباب .. تتلاقى العيون .. وصداقة مصلحة تكسرت منذ سنين .. وتبعثرت الآن ..
كانت وصية سالم التي لم تكتمل .. هي ان يبقى مع سيف .. الآن فقط ادرك كل شيء .. وعلم من الذي كان يقصده جاسم في يوم العزاء .. تنهد وهو يقف عند باب شقتها في لندن .. هذه الشقة التي لطالما سكنوها عند سفرهم .. اخرج المفتاح ليدسه في ثقب الباب .. ورائحة الغبار تنتشر في المكان .. حتى انها رسمت خطا مع ضوء الشمس المتسلل من بين تلك الستائر .. خطى بخطواته يتلفت في المكان .. سيبحث هنا عن اشياء قد توصله اليها .. بدأ بغرفتها .. لا يزال سريرها يحتوي قميص لها وبنطال " جينز " .. وقبعة قطنية .. جلس على حافة السرير ليفتح احد ادراج " الكوميدينة " .. يبعثر ما فيه من قصاصات ورق .. لا يوجد سوى ملاحظات دراسية .. فتح الاخر .. لينشد نظره الى تلك الاوراق .. تؤكد انها سحبت مبالغ كثيرة .. ليحمل هاتفه وبعد السلام والسؤال عن الحال : امي .. جود عندها حساب فواحد من بنوك لندن .. ؟
لا تزال تلك الورقة في يده ليرميها ويقرأ اخرى .. وهو يستمع لحديث والدته : ابوك الله يرحمه فاتحلها حساب بس ما تقدر تصرف فيه الا يوم يصير عمرها 18 سنه – شهقت – فيصل شو مستوي ..
- جود ساحبه فلوس واايد من حسابها .. امي اكلمج بعدين ..
اغلق الخط وعينه على فاتورة تصليح لجهاز حاسوب وباسم جود .. ابتسم فلقد وصل الى حيث بداية ذاك الخيط .. طواها ليدسها في جيب بنطاله .. ويبدأ مشوار البحث عن تلك الشركة .. لم تكن بعيدة عن المكان .. ولكن لا احد يعلم شيئا .. فالشركة لم تعد باسم ذاك الذي دون اسمه على تلك الفاتورة .. ليقف امام ذاك السكرتير : واين اجد الاستاذ احمد ..
" انتظر " .. نطقها ليبحث في احد الادراج .. ويخرج " كرت " صغير دون فيه رقم هاتف نقال لذاك المدعو احمد : ما هذا ؟
- هذا رقم الاستاذ احمد .. كنت اتصل به اذا سافر الى الامارات .. لعله لا يزال يستخدمه .. تستطيع التواصل معه عن طريقه ..
ايعقل ان يبوء سعيه الى لا شيء .. اخذ تلك الورقة الصغيرة .. وفي قلبه أمل متذبذب .. ترك المكان فهنا لا احد يذكر اسم جود او حتى شكلها .. لا احد .. ايعقل ان ما بيده لن يوصله اليها .. مشى في ذاك الطريق .. ليدفن كفيه في جيبي بنطاله ... ويتحرك بتوهان غريب .. افكاره كثيرة .. وهي فقط من تستحوذ على النصيب الاكبر .. ووعد ترن اجراسه دائما .. فلقد وعد تلك الام بعدم العودة الا وجود معه ..
تنهد وهو يلج الى الفندق .. هناك يسكن منذ ساعات فقط ..
دلف الى جناحه .. ليرمي بجسده المتعب على ذاك " الكنب " .. ويده تتسلل الى جيبه تخرج ذاك الذي به الرجاء الاخير .. ضغط الارقام .. ليأتيه الرد بأن الهاتف مغلق .. ليغمض عينيه ويشد اصابع كفه .. لن يثق باحد في هذا الموضوع .. هو فقط من عليه ان يصل اليها .. عاود الاتصال ولكن نفس الاجابة تصله .. ليترك الهاتف جانبا ويستلقي في مكانه .. يحاول ان يرتب افكاره .. فذاك الاحمد اماراتي الجنسية .. لكن لا شيء بحوزته الا رقما مغلقا واسم ناقص .. فتح عينيه على صوت هاتفه .. سيف يتصل به ليخبره باخر التطورات : عبد العزيز طاح يا فيصل .. وقريب بيكون مسجون ..
اعتدل في جلسته : كيف يعني قريب .
- توقفت كل اعماله .. ومنعوه من السفر وعليه رقابه .. المعلومات اللي وصلتلها جود بتوصله للسجن هو والشركاء اللي وياه ... المهم انت شو سويت .
تنهد ليخبره بكل شيء .. والى الطريق المسدود الذي وصل اليه .. ولكن هناك امل بالعثور عليها .. مهما طال الزمان او قصر .. فلا بد ان يفي هو بوعده ويحاول ان يفي بوعد اخر قطعه لشقيقته منذ فترة ليست بقصيرة ..
,‘،
يــتــبــع|~