كاتب الموضوع :
♫ معزوفة حنين ♫
المنتدى :
القصص المكتمله
اليوم يمضي ليكون في روزنامة الامس .. وتتتابع الايام نتجرع فيها مر المعاناة .. كما نتلذذ فيها بسعادة اللحظات .. نمشيها الى النهاية ونتناسى ما مر بنا رغما عنا احيانا .. واحيانا اخرى يكبو في انفسنا دون ان نشعر به .. اجتمعوا في حلقة شبه دائرية على صحن الارز الذي يضم في وسطه قطع الدجاج المشوية .. الجميع هناك .. شهد بجانب زوجها وبينه وبين هاجر .. كانت تلك اللقيمات الصغيرة التي تأكلها أثر في فتح الحديث : كلي زين .. الاكل واايد ما بينقص اذا كبرتي اللقمة .
مريم : خلها ع راحتها يا ولدي .. كلي يا بنتي ما عليج منه .
الجميع كان يشعر بتغير طارق المفاجأ .. اضحى دائم الشرود وقليل الكلام .. حتى مزاحه اختفى من المنزل .. اخذت علبة "الروب " وسكبت منها امامها وهي تقول : ابويه تراني سجلت صيفي .
ليغص عمار بلقمته .. ويسعل حتى احمر وجهه .. وامه تسمي عليه وتضربه بيدها على ظهره .. مد له طارق كوب الماء .. شربه وهو ينظر بقسوة الى هاجر ..
ابو عمار : ليش يا بنتي .. احنا كل سنة نسافر فالصيف .. مب حلوة نخليج ونروح .. وبعدين الدراسة لاحقه عليها . ع شو مستعيله الله يهديج .
مدت يدها تاخذ قطعة من الدجاح : ابويه اريد اخلص السنة الياية .. لاني افكر اسافر .
حملق الجميع اليها .. سالتها والدتها عن الذي تفوهت به .. لم ترد وقالت ان كل شيء في وقته .. وقفت وهي تحمد ربها على نعمته وغادرت .. بعدها غادر طارق .. تكلم عمار وهو يشكي اخته لوالديه .. وان عليهم ان يردعوها عما تريد فعله .. وسط كل ما حدث كانت شهد شاردة الذهن حتى انها تأكل دون ان تطعم الطعام .. لا احد يهتم بها حتى طارق اهملها بقوة .. قامت وبعد ان غسلت يديها توجهت الى غرفتها .. كان جالسا يشاهد التلفاز .. من يراه عن بعد يظن انه مركز مع ما تقوله تلك المذيعة في نشرة الاخبار ، الا انه هناك بجسده فقط .. استجمعت شجاعتها وقررت ان تتحدث معه وتضع النقاط على الحروف .. اقتربت بهدوء والتوتر حليفها .. كان جالسا على اخر السرير ونظره لتلفاز المعلق على الجدار .. جلست على ركبتيها امامه تقريبا ووضعت يدها على ركبته اليسرى لينتبه لها .. نظر اليها قليلا ثم عاد لينظر للشاشة المقابلة له ..اخذت نفسا عميقا وقالت : طارق .. انا غلطت وياك فشيء .. سويت شيء زعلك مني وخلاك تهجرني بهالشكل .. وتكلمني باسلوب اول مرة اشوفه منك .. اذا غلطت وجهني .. انت متعلم واحسن عني .. يعني كل اللي عندي الثانوية وعمري ما بوصل لتفكيرك الا اذا انت ساعدتني .
سكتت تريد اي كلمة منه .. حتى لو يصرخ عليها .. او يضربها .. المهم يحسسها بانه يستمع لها .. استطردت قائلة : حبيبي .. امك تظن اني مزعلتنك .. حتى ان معاملتها لي تغيرت .. حبيبي ريحني الله يخليك .. انت شايف علي شيء يخليك ما تلمسني .. حد قالك شيء عني .. حبيبي رد علي ..
تكلمت كثيرا وهو صامت .. ولكنه كان مع نفسه متكلما : شو اقولج يا شهد .. كيف افسرلج اللي انا فيه .. اذا بروحي مب عارف شو اسوي .. اقولج اني اخاف .... يا ربي ارحمني .. مب قادر اركز .. ولا اتحمل اشوفها بهالشكل .. ولا اقدر اقولها اللي في ..
تغير صوتها بعد مخالطته لبكاءها : طارق .. اذا ما تريدني وشايف علي شيء .. الاحسن ..
وضع اطراف اصابعه على شفتيها : لا تقولينها .. اريدج بس تتحمليني .. تحمليني يا شهد .. تقدرين ع هالشيء .. والا ما تقدرين .
انكبت على ركبته .. وبصوت يشوبه البكاء : بتحملك لاخر يوم بعمري .. بس الله يخليك لا تسوي بعمرك جذي ..
رفع رأسها ومسح دموعها .. وابتسم .. اكملت : اذا تريد تبقى بروحك .. بروح كم يوم عند اخوي .. عشان ترتاح ..
طارق : اوكي يا روحي .. جهزي عمرج وبوصلج اليوم عقب صلاة المغرب .. وبكلم اخوج فسالفة بعد .. بس قبل كل شيء تأكدي انه بيكون فالبيت اليوم .
ابتسمت وقامت وهي تقول بانها ستتصل عليه وستخبره بانهم سيتعشون عنده الليلة .. اما طارق فاخذته الافكار من جديد الى تلك الليلة التي تاخر فيها .. الى ما حدث فيها .. الى الكلمات التي اخترقت اذنيه حتى انشلت طبلتاهما عن الحركة ودوى المكان بطنين لا يعرف سببه .. هل هي قوة الكلمات ام القادم من بعد تلك الليلة الذي لن يبشر باي خير في نظره ..
,‘،
كما كانت تلك الافكار تعصف بعقل طارق كانت افكار اخرى من نوع اخر تعصف بعقل ريم .. التي كانت جالسة مع عمتها ام سعيد وفاطمة وميثة قبيل العصر في الصالة .. كانت الاحاديث كثيرة .. فلانه ولدت .. وفلانة تبحث عن عروس لابنها .. وابو فلان توفي .. وغيرها من الاحاديث التي تحلو لام سعيد الكلام فيها مع ابنتها واخت زوجها وزوجة ابنها بعد لقاءها الصباحي بجاراتها .. وما ان ذكرت ميثة الحفلة التي ستقيمها احدى صديقاتها بمناسبة الاربعين وانها تدعوهن للحضور .. حتى التفتت ام سعيد لريم : وانتي يا بنتي متى بتفرحيني بولد اشوفه قبل ما الله ياخذ امانته .
فاطمة : الله يطول بعمرج ..
لم تعرف بما تجيب وبعد صمت ثواني : متى ما الله راد يا خالتي – وقفت – سمحلي بروح اصلي العصر .
التفتت ميثة لام سعيد وعاتبتها على احراجها لريم بهذا الشكل .. ليبدأ موال ليس بالقديم ولا بالجديد على لسان ام سعيد .. وهو ان لم تاتي له بالابناء فمن حقه ان يتزوج غيرها حتى وان كانت ابنة عمه . بعد ان انصرفت ريم من المكان .. توجهت الى جناحها الذي تفوح منه رائحة السجائر .. لم تلتفت له وهو جالس يأكل من بذور تبّاع الشمس ويدخن " مالبورو " .. توضأت وغادرت الى غرفتها .. فرشت سجادتها وبعدت عن عالمها بين يدي ربها .. بعدها جلست رافعة كفيها .. دعت من كل قلبها .. وتركت دموعها تغسل معاناتها بين يدي خالق الخلق .. وهي على حالها من الدعاء والتضرع اذا بهاتفها يرن بنغمة انشودة " دموع الرحيل " كانت تتردد في المكان
انا دموعي تبي ترحل وتتركني بلا خلان ..بتتركني اعاني الجرح واعاني الصمت والخذلان
تخليني اعيش الوقت مع الحسرة مع الحرمان ..تعبت امثل الضحكة واعيش الوقت بالنسيان
طوت سجادتها ووضعتها على السرير واخذت هاتفها وجلست .. كانت صديقتها سناء .. الصديقة الوحيدة التي ترتاح معها وتحكي لها معاناتها .. كانت تستمع لها وتهون عليها .. وهي على حالها اذا بيده تخطف الهاتف من يدها .. اخذ يردد الو .. الو ..لكن ما كان من سناء الا ان اغلقت الخط في وجهه لينقض بالشتائم والاهانات على ريم .. التي بدورها اخذت تُقسم له انها صديقتها : حرام عليك اللي تسويه في .. ما مصدقني شوف اخر مكالمة وصلتني .. واتصل وشوف منو بيرد عليك ..
بالفعل قام بالاتصال لترد عليه .. ودون ان يجيب اغلق الخط ورمى الهاتف على ريم : هالمرة سلمتي مني .. بس والله ان لقيتج تكلمين الزفت عبوود ما بيصير فيج طيب .. فاهمه
دفعها بقوة من كتفها وغادر المكان .. تتمنى ان تنتهي معاناتها في القريب العاجل .. تتألم بصمت .. رن هاتفها من جديد .. ردت وهي تغالب دموعها .. ليأتيها صوت سناء وقد تملكها الغيض : الغبي هذا شو فيه .. والله لو منج ما اسكتله .. يشك فيج وانتي بنت عمه ..
كانت تهيل الكلمات الغاضبة في مسامع ريم التي كانت شهقاتها تمنعها من الكلام .. وكلام سناء يزيدها تعب فوق تعبها لم تجد بد من ان تطلب منها ان تغلق الهاتف لانها تريد ان تكون بمفردها .. اغلقت الهاتف وقامت بكسل لتنظف ما خلفه من قشور تبّاع الشمس .. كانت تنظف ودموعها لا تهدء .. وفجأة صرخت ورمت كل شيء من يدها : آآآآآه .. متى ارتاح من هالهم .. متى .
ثواني واذا بفاطمة تقتجم المكان جلست بجانبها والخوف يسيطر عليها : كنت خاطفة من يم جناحكم وسمعتج تصرخين .. شو فيج يا ريم .؟.
ما زالت منكبة ودموعها تسقط مبللة قبضتا كفيها على الارض : قولي شو ما في يا فاطمة .. تعبت والله العظيم تعبت ..
احتظنتها فاطمة التي لا تعلم بما تخبأه ريم في خلدها .. مع انها تدرك ان سعيد ليس بذلك الرجل القادر على اسعاد امرأة فكيف اذا كانت هذه المرأة من اختارها عبد الله قبله .. امور لا تعلم بها ريم حتى هذه الساعة .. حتى انها لا تعلم سبب مطاردة عبد الله لها .. حتى اضحت لا تغادر جناحها الا نادرا .. ومكانها المفضل حيث الارجوحة قاطعته دون رجعة ..
,‘،
قام مبكرا هذا اليوم كما اليومان الماضيان .. ارتدى بنطلون جينز ازرق وبلوزة قطنية مرتفعة الياقة ذات لون كحلي .. سحب معطفه الجلدي من على السرير ورماه على ذراعه .. نظر الى المرآة مرة أخيره مسح على شعره الذي حلقه بالامس حتى اصبح قصيرا جدا .. غادر غرفته بشخصيته التي لفتت العاملين في الفندق بتغيرها .. وقف عند بوابة الفندق بانتظار سيارته .. بعدها ركبها وانطلق.. القى التحية على حارس البوابة مع ابتسامة خفيفة .. كانت لكنته لا توحي بانه عربي لانها متقنة جدا .. صعد مباشرة الى اعلى طابق في شركة "J.F.R" للمواد الغذائية والمرطبات حيث يكون مكتبه .. قامت واقفة بجسدها الطويل الممشوق وشعرها الاصفر القصير حتى الكتف .. رحبت به .. وفتحت له باب مكتبه مع انه لا يحب هذه الحركة منها .. وعنفها عليها مرارا .. ولكن احتراما له كونه رئيسها لم تعطي لكلامه بالاً .. نزع معطفه والبسه لكرسيه المرتفع الظهر وجلس .. وضعت امامه البريد اليومي .. طلب منها ان تحضر له قهوة تركية .. وان تنبه على رؤساء الاقسام بشأن الاجتماع بعد ساعة من الآن ..انصرفت من المكتب لتلبي له ما اراد .. مرت الدقائق واذا برائحة القهوة تداعب شعيرات انفه وتحيل انفاسه الى سيمفونية تتلذذ بذرات الهواء المعانقة للبخار المهاجر من ذلك الكوب .. اخذ الكوب وقام واقفا حيث النافذة المطلة على حديقة صغيرة خضراء تجمع فيها بعض الصبية الصغار يتقاذفون الكره فيما بينهم .. احتظن الكوب الحار بكفيه وارتشف منه رشفة وعاد بذاكرته للوراء اربعة ايام خلت .
كان مستلقينا بشكل اعتراضيا على سريره بعد مهاتفته لوالدته والخبر الذي زفته إليه بشأن ميعاد ابنة خالته .. نام بدون شعور ولم يوقظه الا رنين الهاتف في وقت مبكر جدا من صباح ذلك اليوم ..قرابة الثانية عشر والثلث صباحا بتوقيت لوس انجلوس ..قام مفزوعا يكتنفه البرد بسبب نومته الغير مريحة .. اخذ يبحث عن هاتفه ويتحسس السرير حيث كان يسمع رنينه .. امسكه وبعيون شبه نائمة نظر الى شاشته .." النسيب يتصل بك " ارتاع ونظر الى الساعة مما زاد خوفه الوقت للاتصال .. رد وبالفعل احساسه في مكانه : اسمعني يا فيصل .. من باكر لازم تروح تشوف المشكله اللي بفرع شركتنا .. في مصيبه عودة .. يتنا اخبار ان في تلاعب في الحسابات وفي العقود اللي تم توقيعها الشهر اللي راح .. ابوك ما بغى يعلمك لانه ما يريد يقحمك فالشغل بهالشكل .. الووو .. انت وياي .
حك شعره في محاولة لاستيعاب ما يتفوه به سيف : انت شو يالس تقول ..
تحوقل واجاب : يا فيصل .. اريدك تروح تجابل الشغل .. والا ترانا بنخسر خساير الله اعلم وين بتوصلنا .. وابوك ساكت لانه ما يريد يجبرك ع شيء .. وانت ولا همك ..
عاد الى واقعه على صوت طلال الذي اقتحم المكتب وهو في قمة غضبه بسبب اهمال فيصل له طوال الايام الثلاثة التي مضت .. ابتسم وهو ينظر اليه : ما يليق عليك التمثيل يا طلول .
نفض رأسه استنكارا من كلام فيصل .. ثم جلس بعنف على الاريكة ماداً ذراعه على ظهرها : اطلبلي شيء يروقني .. ترا والله واصل حدي .. والحين يالس ترمسني بكلام مخبق( غير مفهوم ) .
جوان : لم استطع ان امنعه استاذ فيصل ..
اشر لها ان تنصرف بعد ان طلب منها ان تحضر لطلال ما يهدي اعصابه .. صرخ قبل ان تخرج : ويسكي لو سمحتي
.
عقد حاجبيه وقال : احضري له فنجان شاي بالنعناع – اقترب منه بغيض – انت رجعت لسوالفك القديمة .. كلها كم يوم تركتك بروحك . وبعدين شو سالفة هالتمثيليه اللي مسوينها علي انت واخوك سيف .. وابويه يدري والا ..
اعتدل في جلسته : منو قالك تمثيلية .. سالت سيف وقالي في تلاعب هني .. وحلف لي ان هالشيء صدج
ابتسم : ما في شيء يا طلال .. ثلاث ايام وانا اراجع كل شيء .. ومن اجتماع لجتماع .. السالفة مدبرة عشان اشتغل .. صح او لا ؟
قام واقفا واعطى فيصل ظهره : انت ذكي .. وانا وسيف نجحنا بالخطة .. والدليل انك تغيرت 180 درجة كله عشان خوفك ع ابوك .. انا وسيف دبرنا وابوك يعرف بكل شيء .. وانا ادري انك كنت تريد هالشيء بس مب عارف كيف تبدا .. سهلنا لك الطريق .. وانت عليك الباقي . تشاو .
,‘،
بذكاءه اكتشف الخطة التي اوقعوه فيها .. لم يكن هذا الذكاء بعيدا عن الحديث الدائر بين سيف وعمه سالم .. بث بخوفه لسيف من جراء الخدعة التي قاموا بها .. ومع هذا كان الاطمئنان ذا النصيب الاوفر من الموضوع .. وفجأة اخذ الحديث منحى اخر حين سأل سالم سيف عن سبب بقاء رشا كل هذه المدة في منزله .. ليجيبه بكل ثقة : ما في شيء يا عمي .. كل الموضوع اني هالايام مشغول وكل وقتي برع البيت مثل ما انت شايف .. ورشا احسن لها تتسلى وييا خواتها بدال يلستها فالبيت بروحها .
قام واقفا : اليوم انت معزوم ع العشا عندنا .. ولا اريد اي اعذار .. انا بطلع لاني حاس بتعب شوي وبروح اريح فالبيت .. دير بالك ع الشغل .
زفر وقال في نفسه : الله يسامحج يا رشا .. رغم حبي لج مب قادر انسى الكلام اللي سمعته .. وفوق هذا استويت كذاب .. استغفر الله العظيم ..
اما هناك حيث السقيع الذي بات يحيط بها .. جلست وبيدها هاتفها تقلب في صندوق الوارد .. تقرأ الرسالة تلو الرسالة .. تتذكر حبه لها .. ويحزنها انها هانت عليه يهجرها كل هذه المدة ولا يسأل فيها .. عالمها الذي تقوقعت فيه كان بعيدا عن عالم اختيها جواهر ورنيم .. اللتان يتكلمان في آخر صيحات الموضة .. وعن السفر .. وعن الكثير الكثير .. احاديث فارغة كما تسميها جود ابنة الرابعة عشر ربيعا .. صعدت الدرجات بجسمها النحيل الاقرب لهيكل عظمي يرتدي شورت من الجينز الاسود .. وتي شيرت ابيض برسومات غريبة على الصدر .. دنت من الصالة حيث اخواتها .. وكانت ستمضي في حال سبيلها إلى غرفتها لولا مناداة رنيم لها .. وقفت واستدارت حيث هن .. واقتربت رويدا .. وسألت دون رغبة : What ؟
وهي تنظر الى طلاء اظافرها المتدرج بالاسود والبنفسجي : ليش ما تشاركينا ؟ والا احنا مب قد مقام الدكتورة جود ؟
ضيقت حدقتا عينيها .. وزمت شفتيها : يوم يكون كلامج يدل على ان فراسج عقل ممكن الواحد ييلس ويسمع .. ساعتها بشاركج .
اغتاضت .. وزفرت .. وبعدها امطرت جود بوابل من الشتائم البعيدة كل البعد عن مستواهم الاجتماعي .. وجود تنظر لها دون حراك .. بل انها ربعت ذراعيها ووقفت وقفة عدم اكتراث .. قالت بعد ان هدأت قليلا .. والغيض ما زال يتربص بها جراء هدوء جود : انتي بتشوفين عمرج علينا .. من ورا الشهايد اللي تاخذيهن من الانترنت .. شوفي شكلج كيف صاير .. شوفي عيونج يا كونان .
كان تعليقا سخيفا كما تطلق عليه جود .. وهو بسبب النظارة الطبية التي ترتديها .. قالت وهي تحك جانب انفها بسببتها اليمنى : غيرانه لانج ما حصلتي الا الثانويه . وانا للحين عندي شهادتين .. وقريب باخذ الثالثة .
صرخت وهي في قمة غضبها : سكتوهاااااااااااا .. والا ترا برتكب فيها جريمة .
تنهدت جواهر : الموال المعتاد .. يعني انتي عارفتنها وفوق هذا تنادينها .. تحملي – التفت لرشا – هييه وين وصلتي يا ليلى ..
جاءت ميره على صراخ رنيم الذي هز ارجاء القصر كالعادة : الواحد اييب عيال يريحونه .. وانا يايبه بلاوي . حشا مب بنات .. كل يوم ع هالصريخ والمضارب .. وبعدين من وين تيبين هالكلام .. حشا ما احيد حد منا كان يرمس بهالطريقة
جود : قل لي من ترافق اقل لك من أنت .
هذا هو الحديث المعتاد بين رنيم ابنة التاسعة عشر واختها جود .. رنيم ليست بتلك الفتاة الطموحة انهت الثانوية بنسبة قليلة جدا وبعدها فضلت عدم المتابعة .. واضحت ترافق الكثير من الفتيات من جميع الطبقات ومن جميع الجنسيات .. بخلاف جود التي من اتمت الحادية عشر وهي تسعى ان تكون مختلفة تمتلك ذكاءً مخيفا برغم صغر سنها .. تدرس عبر الانترنت .. ونالت على شهادة في التجارة الالكترونية من جامعة بارنجتون .. وايضا شهادة في هندسة البرامج من مركز ريتسك .. والان تسعى للحصول على شهادة في الاقتصاد .. وهي تفضل ان تحتفظ بكل هذا بينها وبين عائلتها .. حتى احيانا تنعتها رنيم بالكاذبة .. لانها لا تصدق ما يقال عن تلك الشهادات ..
هدء المكان بعد ان زفت ميره لهن خبر قدوم سيف على العشاء هذه الليلة .. كانت هناك لمعة غريبة بانت في عيني رشا .. نظراتها لوالدتها تنشد أمل واضحا .. ذبلت عيونها عندما علمت ان مجيأه لم يكن الا بدعوة من والدها .. عادت الى هاتفها .. في حين وجهت ميرة كلامها لجود طالبة منها ان تكون معهم وتترك الانعزال الذي هي فيه .. هزت رأسها بالايجاب وادبرت الى غرفتها الشبيهة بملعب كرة قدم من اتساعها .. اغلقت الباب المنقوش ووقفت في وسط الغرفة .. رفعت بلوزتها لتخلعها اذا بالباب يفتح .. اكملت خلعها ورمتها على سريرها .. لتبان عظام القفص الصدري وعظمتا الكتفين البارزتان من تحت خيطا " الساتيان" بعدها التفت للباب دون اكتراث .. قفزت على سريرها وامسكت جهاز " الاي باد " .. تقدمت منها : انتي ما تستحين .. عاادي يعني حتى لو الباب مفتوح .. مب ناقص الا تفسخين الباقي .
وهي منشغله بتصفح ما بين يديها : خير يا رنيم .. باقي شيء بعد تبين تقولينه ؟
ابتسمت بمكر وانحنت حتى صار وجهها في وجه جود .. بعدها ابتعدت معتدلة في وقفتها : انتي مصدقه عمرج انج اختنا وبنت سالم الـ... شوفي شكلج .. ما تشبهين اي حد فينا .. كنج من كوكب ثاني ... لا لونج ولا شعرج ولا ويهج اللي تقول وحده طالعه من مقبرة – انحنت وهمست – انتي مب اختنا .
نظرت اليها بعدم اكتراث وهي تعود للاستقامة في وقفتها : ما تعرفين شيء اسمه طفرة في علم الوراثة – وضعت يدها على فاها – اووووووووو نسيت انج فاشله فالدراسة .. سوري .
ارتفعت حرارة جسدها غضبا .. انفاسها تتابع وشفتاها تطلب العتق من قبضة غيضها ..لم تتحمل ابتسامة جود الذابلة في وجهها .. غادرت الغرفة بمشية غاضبة .. لم تنتبه لوالدها الذي ناداها .. وبعدها اطلق قدميه نحو غرفة مدللته الغالية .. ما ان تراء لها حتى نزعت سماعات الاذن التي كانت تصدح في اذنيها باغنية اجنبية صاخبة .. وقامت مهرولة نحوة لتدفع بجسها النحيل جسده حتى وقعت " غترته " .. احتظنته بقوة : I love u dad
ضحك بقوة وهو يشدها اليه : وانا بعد احبج يا عيون داد .
انحنت واخذت غترة والدها وبعدها مشت معه وهي تطوق وسطه بذراعيه .. قال وهو يجلس على السرير : كبرتي .. الحين ما اروم اشلج مثل قبل .
سحبت بلوزتها على السريع ولبستها وبعدها نامت على فخذه واخذت تكلمة بالانجليزية : دادي .. الا تشعر بالخجل لانني مختلفة عنكم ؟
مسح بيده على شعرها البرونزي القصير : رنيم ضايقتج صح ؟
حين لم يأته جوابا منها .. تابع كلامه : انتي بنتي يا جود .. ولا يهمني شكل ولا لون .. وعشان تتاكدين سوينا اختبار DNA وشفتي النتايج بعيونج .. كون لونج شاحب وعيونج غبر .. وشعرج صاير ع اشقر ما معناته انج مب بنتي .. والدكتور قالج انج تعتبرين طفرة جينية ..
دارت برأسها ناظرة الى وجه والدها البشوش والى لحيته البيضاء المختلطة بشعيرات سوداء قليلة : دادي .. جدي لم يتزوج امرأة انجليزية او باكستانية او ايرانيه او ..
قطع كلامها ضحكته التي دوت في المكان فصرخت بدلع وهي تضرب برجلها : دااااااادي .
قامت من حظنه ووقفت امامه ويداها على وسطها : لماذا تضحك ؟
تمالك نفسه : الله يضحك سنج .. ما اذكر يدج تزوج من برع .. الا اذا كان يد يد يد يد يدج العود .. عااد ما ادري عنه
وعاد يضحك .. مما جعلها تضحك معه ..فجأة اسرعت لتفتح جهاز " اللاب توب " وكانها تذكرت شيء ما .. ووسط استغراب والدها .. اخذت تردد : انتظر .. انتظر .. عادت وجلست بجانب والدها والجهاز على فخذيها .. كان ينظر الى ما تفعل وعيناه تتغير نظرتهما .. وحاجباه عانقا بعضهما : كيف دخلتي ع موقع الشركة بكل هالسهولة .
نظرت الى وجهه المشرأب بالغضب : اسفه دادي .. بس كنت اجرب برنامج تجسس ولا حبيت اتطفل ع مواقع ما اعرفها .. بس دادي .. نظام الحماية عندكم ضعيف واايد .. لازم تغيرونه .. ما استغرق مني الاختراق واايد .. اقل من ثلث ساعة ولقيت نفسي اشوف كل شيء .. حتى نظام تنبيه بالاختراق مب موجود . وهذا شيء غلط .
قام على غير ما دخل .. وبكل اهتمام قال لها دون ان ينظر اليها : جود .. بعدي عن هالبرامج ..
قامت ووقفت امامه : دادي .. انا ما اسوي شيء غلط .. كنت اجرب اللي اعرفه وتعلمته ..
وضع كفيه على كتفيها النحيلان ونظر في عينيها بقلق : الطريق هذا ما منه امان .. ما اريدج تسوين هالشيء مرة ثانيه .. اوكي .
ابتسمت على مضمض : اوكي .
حرك يده بعشوائية على شعرها القصير .. ثم غادر وهو يخرج هاتفه من جيبه .. تبعته حتى باب غرفتها ووقفت حين سمعته يقول : سيف ما اريدك تخلي الشركة الا وتيبلي خبر عن تايكو هيروكو .. وتعرف من الشركة معلومات كافية عن برنامج الحماية اللي اشتريناه منها ..
ادركت حينها انها اشعلت فتيل القلق في قلب والدها .. تحبه وتخاف عليه .. وما فعلته لم يكن بداعي تجربة كما اسلفت لوالدها .. بل لاسباب اخرى تريد ان تخبأها في حناياها .. وهي موقنة ان والدها عرف بكل شيء .. ولم تنطلي عليه تلك الاسباب التي زعمتها .
,‘،
رائحة العود العربي يعبق بها ذاك الملحق المكون من ثلاث غرف وصالة ومطبخ صغير ..والراحة تسدل نفسها على قلوب ساكنيه .. ولا بأس ببعض من مداعبات القلق والترقب بين الحين والاخر .. لامست اصابعها النحيله الباب بخفة .. ما لبثت ان عزفت اظافرها نغمة على ظهره الخشن .. ليأتيها صوت اخيها الاجش : حياج ..
دخلت ووسبقتها تلك الرائحة المتصاعدة من المبخرة الخزفية .. اقتربت من عيسى تبخره وهو واقف والابتسامة على محياه .. قربتها من " غترته " الحمراء القطنية لتعانق انسجتها العود العربي الطيب : يعلني ادخنك يوم عرسك .. قول آمين .
قهقه ونظر اليها : آآمين .. عسى ربي ما يحرمني منج ..
وضعت المبخرة من يدها على " التسريحة " واخذت تتأمله وهي شبه جالسة ويداها ممسكتان بحواف التسريحة .. بعد ان انتهى سألها رأيها فأجابت : عرييييييس ما شاء الله عليك .. الله يحفظك من عيون الحساد .
وهو مدبرا ليغادر والابتسامة تعلوه : يقولون القرد فعين امه غزال ..
تبعته وهي تنهره .. وبعد أن غادر المنزل متوجها لمصلى الجمعة في منطقتهم .. اقفلت عائدة إلى غرفة ايمان .. اخذت توقضها دون هوادة .. والاخرى بضجر اخذت تتقلب في فراشها : حرام عليج خوالي .. ما رقدت الا الفير .. خليني ارقد ..
سحبت اللحاف لتظهر ساقاها بعد ان ارتفع ثوب النوم ليعانق ركبتيها او اعلى قليلا عن ركبتيها : اووووه يعني لازم الفضايح
ضحكت خولة وهي ترقب ايمان التي بدأت تسحب ثوبها للاسفل لتغطي ما ظهر من جسدها : قومي عن الكسل .. تسبحي وبتتنشطين .. ولا تنسين تقرين سورة الكهف ..
دون سابق انذار قالت : ما صار شيء ؟
ابتسمت على مضض وجلست على حافة السرير : لا ما صار شيء للحين ..
رفعت ايمان كفيها ومن قلب : الله ياخذه ويفكنا منه ..
ضربتها اختها على فخذها .. حتى صرخت واخذت تتحسس مكان الضربة : لا تدعين ع الناس مب زين .. ولا تنسين ان اليوم جمعه محد يدري متى بتكون الدعوة مستجابه .
بضجر : مادري وين بتوصلج طيبتج .. والله اني ادعيلج فكل صلاة انه يبتعد عنج – باهتمام تابعت – اذا تقدم ..
قبل ان تكمل قالت خولة بصوت هاديء اقرب اللي الهمس : قال تعالى :" وعسى أن تكرهوا شيء وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيء وهو شر له "
صدّقت وصدّقت معها ايمان ثم اردفت : ايمان احنا البشر ناخذ بالشين والزين بحسب معرفتنا بالشخص .. مرات نحب انسان ونتغاضى عن اي عيوب فيه .. بس لان نحن نحبه .. والانسان اللي نكرهه ما نشوف الا الشيء اللي يزيد كرهنا فيه اكثر .. لو نشوف هالانسان من زايا ثانيه ونتقرب منه صدقيني يمكن تتغير فكرتنا بالمرة .. واحنا للحين كل اللي سمعناه عن جاسم كلام .. والناس ما تشبع من الكلام والبهارات الزايدة عليه .
قامت بتأفف : خليني اقوم احسنلي .. انتي عنيدة .. وباين انج بتوافقين .. رضينا او انرضينا .. والله يكون فعونج .. بس لا تنسين ان ما في دخان بدون نار يالفيلسوفه
سحبت المخدة .. ورمتها على ايمان : اوكي يالدحيحة ..
,‘،
|