,‘,
لا يزال ما حدث كغيمة ضبابية في عقلها .. اصوات متداخلة ومتضاربة تطن في اذنها ..وصوت والدها كان يتهادى في الاركان .. وهاهي الاصوات تسمعها من جديد ولكن بشكل مختلف .. بشكل اوضح عن ذي قبل .. ولكن صوته لم يكن من بينها .. جسدها الساكن على ذاك السرير الابيض .. ودماء غريبة تشق طريقها عبر شريان ذراعها .. صوت غاضب يضرب طبلة اذنها : تخيل لو انها ماتت .. كنت بترتاح .. فرصتك الحين يا فيصل .. خلهم يسحبون منها دم عشان تتاكد من اخوتك لها .. ولا عاد تكلمني الين ما تتعدل وتعدل اسلوبك ..
لا تريد ان تبكي .. فيكفي دموع روحها الصامتة .. لم تفتح عينيها ولا تريد ان تفتحهما ما دام ذاك الفيصل معها في نفس الغرفة .. لم يتكلم بعد ذاك الحديث من والدتها .. وما هي الا ثواني حتى خرج ليتسلل صوت اغلاق الباب اليها .. وايضا لم تفتح عينيها .. فتلك الممسكة بكفها والماسحة على رأسها تحتاج الى تبرير منها .. وهي لا تجد مبررات في هذه اللحظة ..
تتذكر اندافعه للمنزل منذ ساعتين .. ووقوفها في طريقه ظنا منها بانه سيأذي ابنتها جود .. ليصرخ مزمجرا ان تبتعد عنه .. ويجري مسرعا يطوي الدرجات اثنتين اثنتين .. ليرجف الباب بيده صارخا بتلك الغائبة عن الوعي ان تفتح .. لكن هيهات ان تسمعه .. وبعدها يحاول ان يكسره تحت خوف والدته واخته جواهر .. التي سألت عما يحدث .. وبعد محاولات انكسر الباب ليلج محاولا ايقاضها بضربات خفيفة على وجنتيها .. ودماءها كونت بقعة بجانبها .. رفعها لتجري الاخرى خلفه والخوف يعتري جسدها وقلبها على فلذة كبدها ..
تنهدت وهي تترك وقوفها لتجلس على تلك الاريكة الموضوعة قريبا من الزاوية .. تحاول ان تجد حلا لما يحدث .. هل اخفقت في تربيتهم .. كيف انقلب الحال بهذا الشكل من بعد وفاة سالم .. ومن بعد انتقالهم من دبي الى ابوظبي .. تتخبط بها الافكار حتى غلبها النوم .. مرت الساعات طوال على تلك الممدة على السرير فالنوم جافاها برغم التعب الجسدي الذي تشعر به .. ووخزات الالم في كفها التي قُطبت بعدة غرز .. فتحت عينيها ناظرة لسقف .. دون اي حركة .. فقط حركة رموشها .. الى الان لا تعرف ماذا حدث .. كانت تحدث جاسم وتخبره بأمر الجواسيس .. والآن هي هنا .. لفت رأسها لتلمح تلك النائمة ورأسها على يد تلك الاريكة .. ابتسمت وتمتمت تناديها .. جفاف غريب استوطن لسانها وفمها .. حتى الاحرف لا ترغب بالوضوح .. حاولت ان تبلل ريقها وتعاود النداء .. لكن دون فائدة .. اغلقت عينيها من جديد وطيفه يرادوها .. هو الوحيد الذي يستحق ان تتحمل لاجله .. تنفست بعمق : ماما
انتبهت اخيرا لتحث الخطى لابنتها : جود حبيبتي
مسحت على شعرها بحنان لطالما شعرت به .. لتردف الاخرى : ببعد عنهم ماما .. ولا اريدهم يعرفون
- اششش .. ارتاحي الحين فديتج .. باكر بيرخصونج ... وبنرد البيت ووقتها بنتكلم .. اوكي .
وبالفعل نامت حتى موعد المغادرة .. لتجلس بكسل على السرير بعد ان البستها والدتها العباءة .. خمول تشعر به رغم تناولها للافطار مرغمة .. وهو ذاك الفيصل يصر ان يصطحبها الى المنزل .. دخل بخطواته الواثقة للغرفة .. يسأل ان كانتا مستعدتان للمغادرة .. واذا به يقف بجانبها ليساعدها .. وما كان منها الا ان ابعدت يده بصمت .. لتقف طالبة من والدتها المساعدة .. نبذته كما نبذته والدته بالامس .. شعور بالغضب مع شعور آخر مختلف اجتاحه وهو لا يزال في مكانه ناظرا لها تسندها ميرة وتخرجان من الغرفة .. استقلوا سيارته الـ " جي اكس آر" بيضاء اللون .. السكون كان رابعهم في هذه الاثناء .. يسرق النظر للقابعة في الخلف .. هل هو تأنيب الضمير الذي يحثه على هذا الفعل ؟ . ام ان هناك شيء آخر يدفعه للخوف عليها .. لم يتحرك من خلف المقود .. وعيناه تتابعان والدته وجود وهما متوجهتان لداخل .. تنهد وانطلق متعديا حدود ابوظبي الى دبي .. الى تلك الشركة التي اضحى اسمها " الفيصل " بعد ان كانت " J.F.R " شركة سالم والان شركته هو .. دخل بهيبته اليها .. ليتلقاه ذاك السكرتير بالكثير من الحديث .. واوراق متاخرة يجب التوقيع عليها .. جلس خلف كرسيه وهو يرجع اطراف " غترته " بشكل عشوائي للخلف : قلتلي شركة الناصر قدمت طلب ؟
يمد له بالاوراق : هيه طال عمرك .. وفي ثلاث شركات غيرها .. وانت عارف ان الكلام اللي طلع كان من هالشركات .. حتى انهم اثروا على شغلنا .
-قول لبو بسام اريده .. ويبلي كوب نسكافية .
خرج ليتمتم الاخر : سويتها يا جاسم .. غيرت فكرتهم عني .. بس شو اللي بينك وبين جود .
زفر انفاسه واذا بالسكرتير يعود من جديد وخلفه ذاك العجوز وبيده صينية التقديم الصغيرة .. ابتسم له فيصل وهو يضع كوب القهوة امامه .. ونظر للاخر الذي همس : بو بسام شوي وبيكون عندك .. الاستاذ سيف برع ..
ارتشف من ذاك الكوب والاخر ينظر له حتى اعطاه الضوء الاخضر .. ليدخل بعدها سيف يلقي التحية ويمد يده لتصافح يد فيصل .. ويجلس بعدها : فيصل عطني سبب واحد يخليك ترفض اني اكون معكم بالمشروع .. ؟
قالها وهو يقلب بعض الاوراق بين يديه .. زفر انفاسه ليطلق بعدها العنان للسانه : انزين اذا عشره بالمية وايد مستعد اشارك بالمشروع بخمسة بالمية .
ترك الاوراق ليستند على ذراعيه مائلا بجذعه للامام : وشو سبب هالاصرار .
تنهد وهو يتحوقل .. واضعا ذراعه الايمن على الطاولة : اريد ارجع العلاقة بينا .. احنا اهل يا فيصل .. وخل عنك هالوساوس اللي مادري منو دخلها فراسك ... ابوك الله يرحمه ما كان ابو حرمتي وبس هذا كان ابوي ..
- ما اريد اشاركك يا سيف .. افهمها .
قالها بكل برود بعكس ما يعتمل في صدره تجاه ذاك " النسيب " .. بانت علامات الغضب على وجهه ليقف بعدها ناظرا له وهو يطوح برأسه اسفا .. وغادر وشياطين الارض بمعيته .. ليلتقي بابو بسام داخلا : خير يا ولدي شو بلاه سيف معصب ؟.
صافحه وهو ينطق : ما عليك منه .. مضايق لاني ما قبلت انه يشاركنا بمشروع المدينة السكنية اللي نجهزله ..
جلس وهو يسأل : شو المستوي بينكم ؟ هذا نسيبك وكان ذراع ابوك اليمين .. شو اللي تغير
عانق باطن كفه وجهه ماسحا : شو اللي تعرفه عن سيف يا بو بسام .. انت كنت وييا ابوي من اول ما قام بشغله ومن اول ما توظف سيف وانت وياهم .. خبرني عنه ؟
تنهد وصمت وكأنه يبحث عن حديث ما : شوف يا ولدي .. ابوك كان يعتمد عليه فكل شيء .. كان يسافر ويبقى الشغل على سيف .. ما كان يأمن أي حد غيره ..
- ومشروع مصر منو اللي كان ماسكه ؟
- ابوك .. وياما سيف حاول انه يبعده عن هالمشروع وخاصة ان الميزانية اكبر من تحمل الشركة يومها .. بس ابوك الله يرحمه ركب راسه الا يقوم بهالمشروع .. وولاد الحرام ما خلوه يتهنى فيه ..
- ما ادري .. بس مب مطمن انه يكون ويانا بهالمشروع . ولا تنسى ان ست شركات مساهمات فيه بقيمة عشره بالميه لكل شركه .. وشركتنا لها اربعين بالميه .. وسيف يريد يدخل بنفس نسبة باقي الشركات .. من وين له عشان يدخل بذي النسبة فمشروع كبير مثل هذا ؟
اسئلة كثيرة يحاول ان يجد لها اجوبة في هذا العالم الذي اضحى عنصرا فيه .. عنصر قد تحوم حوله الكثير من العناصر كالكترونات حول النواة .. فهو عاد من جديد بعد ان استطاع ان يثبت اسم شركته .. طريق شقه رغم جهله في كثير من الامور .. ولكن لم يقف عاجزا تحت مقولة " ما اعرف شيء " ..
,‘,
حياتنا طرق متعرجة واحيانا مستقيمة .. نمشيها بارادتنا وخيارنا او غصبا عنا .. توصلنا احيانا للحلم الذي يراودنا منذ الصغر .. واحيانا اخرى توصلنا لمكان لم يخطر يوما على بال بشر .. الطريق في تلك الشخصية السليمة والمسالمة كان طريقا لمصادفة قد توصله الى حيث لا يرغب .. قد يصل الى مكان لم يحسب له حساب في يوم من الايام .. منذ ان عاد وهو يغوص في دوامة الفكر .. يحاول ان يخرج بقرار ما .. ولكن لا شيء .. كلما وصل لقرار محي بقرار آخر .. التلفاز متوقف على قناة " سما دبي " انتهت اخبار الثامنة المحملة بالكثير من اخبار الوطن منذ ساعات .. وهو جالسا يحاول ان يجمع افكاره المتناثرة .. شارد الذهن .. دخول والدته عليه انتشله من تلك الدوامة .. وسؤالها اوقعه في حيرة : شو بتسوي فاللي طلبته ريم ؟
زفر هواء رئتيه وهو يعتدل مربعا ساقيه : يالغالية الموضوع مب هين .. هذي تريد تخلع ريلها .. تعرفين شو يعني خلع .. يعني قضية وسين وجيم .. وشهادة ..
مدت يدها المحفور عليها سنين عمرها الستين لتربت على فخذه : بس هي بحايتك .. وانت ما بتشهد الا باللي تعرفه .. وما هقيت ولدي سعود يرد ايده عن المساعدة فيوم .. ما ربيتك الا ع مدت الايد للمحتاي .
كفه الايسر يمتد ماسحا لحيتة مرارا .. ليستقر اخيرا على اصابع يده اليمنى المطوية .. يشد عليهن براحة يده : الموضوع كبير مب هين .. بيسألون عن اشياء واايد واكييد من ضمنها يلستها عندنا يومين .. وهذي فيها اعراض وشرف .. بنتهم يالسه فبيت ناس ما تعرفهم .. والله كبيرة يالغالية .
استندت على ذراعيها لتقوم واقفة : لا تحط الشين قدام عينك يا ولدي .. اذا حطيته ما بتسوي شيء – وقف يسندها لتردف وهي تمشي بمساعدته – البنت لو هي مب مضيومه من ريلها ما طلعت بنصاص الليالي شاردة منه .. ويلست ترتعش وهي تحلفني ما اخبر حد انها عندنا .
- وليش ما تقولين ان وراها سالفة عو ..
قاطعته تنهره عن هذا التفكير : لا تحط فذمتك ياسعود .. يا بو محمد انت ما بتسوي شيء غير شهادة الحق باللي شفته .. غير هذا مالك حق تقول كلمة .
ولجا الى غرفتها التي تعبق برائحة البخور .. اجلسها على فراشها الذي لا يرتفع عن الارض الا بضع سانتيمترات .. فهي لا تحبذ النوم على سرير مرتفع .. جلس قبالتها وهو ينظر اليها ترمي ذاك البرقع من على وجهها لتتركه جانبا .. وتبان تجاعيد وجهها التي تنم عن دروس اخذتها من حياتها . وتكمل : البنت سولفت معي عن حياتها .. واذا كاذبة فلها رب يحاسبها واذا صادقة بنكون سوينا باصلنا – لتدير الدفة نحو موضوع آخر – الا شو صار ع طاري الريال اللي متقدم لاختك ... سألت عنه ؟
- الريال ما ينعاب .. شاب خلق ودين ومنصب حلو .. بس والله بنشتاق لحسها فالبيت .. بعد القرصة اللي اخذتها صارت تهتم بمحمد ولا قمت احاتيه مثل قبل .. صرت اطمن يوم تكون وياه ..
كان كلامه كمفتاح لوالدته لتفتح ذاك الباب القديم الجديد : عيل لازم ندورلك بنت الحلال انا ما بقدر ع ولدك ووديمه بتعرس وربي يوفقها .. الا شو رايك اخطبلك من قوم خوالك .
شتت نظراته واذا به يمسك كفها يقبلها : لا يالغالية .. هالموضوع مسخ من قلبي ..
قام واقفا مقبلا رأسها : تصبحين ع خير يا ام سعود .
خرج وهي تدعي له بالتوفيق في حياته .. دعوة اراحت قلبه حين سمعها .. حث الخطى لغرفته واذا به يقف ينظر لتلك الخارجة وهي تغلق الباب بهدوء .. ابتسم وزادت ابتسامته حين رفعت نظرها له : شو كنتي تسوين ؟
بادلته الابتسام : كنت اغطي محمد .. انت تاخرت وييا امي
زادت ابتسامته وهو يمد لها يده لتعانق كفها .. مشت بمعيته الى الصالة .. يشعر بانها تغيرت كثيرا من بعد تلك الحادثة .. اضحت تهتم بابنه دون اي امتعاض منها .. وحتى انه لا يطلب منها شيء بل هي من نفسها تقوم بكل شيء .. جلس لتجلس امامه على ركبتيها .. اراحت جلستها ناظرة لوجهه البشوش .. واذا به يربت على كفها المعانق كفه الاخر : استخرتي ؟
اجتاحتها الكثير من المشاعر .. كم هو مخجل هذا الامر .. ستتزوج وستنادى بالعروس ... ستبعد عن كنف امها واخيها وعن محمد الذي تعلقت به .. طأطأت رأسها بحياء واضح وتكلمت اقرب الى الهمس : هيه .
رفع رأسها باصابع يده .. لينظر لها وتنظر له بالمقابل : وشو حاسه .. ترا الريال ما يعيبه شيء ..
"مرتاحة" نطقتها بتوتر ورجفة تسابقت الى شفتيها .. ليدعو لها كأب رباها وهي لا تزال في عمر الثالثة .. اراد ان يكسر جدار الخجل المحيط بها فاردف بعد دعاءه : تراني دفعت عن النت اليوم
صرخت وكأنها ليست من كانت تغرق في بحر الحياء منذ قليل : احلف .. وليش ما تقولي ؟
قهقه على تصرفات اخته حين قامت لتركض لغرفتها فسارع ليمسكها : عشان تلتهين وتخلين حمود .
قبلت رأسه بحب : حمود فعيوني .. ولا بخليه عشان نت .
رفع حاجبه متحديا لها : بنشوف .
بحركة طفولية وهي تضع يدها على وسطها : بنشوف .
وبعدها ركضت لغرفتها وسط ضحكات سعود .. جلست على سريرها بفرح .. وهي تردد : يا رب تكون موجودة .
تحركت اصابعها متحركة على طرف جهازها " ديل " بتوتر واستعجال واضح : ياللا افتح ..
وسرعان ما ادخلت حروف بريدها الالكتروني وكلمة المرور .. ووضعية الظهور دون الاتصال التي اعتادتها تسيطر على اجواء الـ " ماسنجر " علت وجهها ابتسامة وهي تشاهد المتصلين . اسرعت لتضغط مرتان على ذاك الـ" التوبيك " .. " اثر المصايب ما تجيك الا من الناس لقراب " ..
,‘,
حركت اصابع كفيها مدلكة لظهر رقبتها .. واذا بها تشد على رقبتها رافعة وجهها مغمضة العينين .. وما لبثت حتى مسحت عيناها بتعب مبعدة اصابعها حتى استقرا على صدعيها .. تشعر بالانهاك فمنذ ساعتين وهي تقبع على ذاك الجهاز تحاول انهاء احد البحوث .. استدارت مبعدة ساقيها عن الطاولة .. لتقف بعدها .. واذا بصوت تنبيهة على الماسنجر تعيدها للجلوس .. لتخط بلهفة : ودوووووم يالقاطعة .
لتتسابق اناملها على الـ " الكيبورد " : والله ما كان عندي نت .. من شهرين مقطوع .. واخوي كل ما اذكره يقول بعدين .
تتابع الحديث تسألها عن دراستها وعن كندا .. وتخبرها بشوقها لها .. صديقتها التي عرفتها في سنوات الدراسة .. خرجت من الاجواء وهي بمعية صاحبتها عبر شاشة ذاك الجهاز .. ابتعدت عن الكثير والكثير من الاحداث التي صادفتها .. واذا بها تسألها عن أخاها : انتوا للحين ما حصلتوا له حرمة .
حركت اصابعها في شعرها القصير وبعدها خطت : والله ما لقينا .. واللي لقيناها تكبرت عليه .. وهو الحين غاسل ايده من هالطاري
عضت شفتها السفلى بخجل وتتابعت اناملها برجفة : باركيلي هجور .. انا انخطبت .
لتتسابق الى ذهنها ذكريات قديمة .. وفرحة تسللتها وهي بين صديقات الثانوية .. كانت تردد بينهن : بعرس قبلكن .
وتضحك بمعيتهن .. طال صمتها خلف ذكريات الماضي لتسأل الاخرى : وينج ؟
وبعدها يهتز صندوق المحادثة ليعيدها لواقعها .. كتبت مبروك .. وحمدت الله ان الخطوط لا تبث المشاعر كما العيون .. طال الكلام وتراقصت الأحرف بين الاعين .. لتنتهي تلك المحادثة .. منبأة بفيض جرح .. ووجع روح تناستها الايام .. وقفت تشد شالها القطني على كتفيها .. تنظر عبر تلك النافذة وهي مستندة على جانبها .. تذكرته .. حديثه .. ضحكته .. عيونه .. وشعره الاجعد .. وسرعان ما ظهر الاخر كوميض برق في عقلها .. ينعتها بالغبية .. زفرت انفاسها : لو ما خليتني ما كنت هني .. ولا كان مصبح قالي هالكلام .. بس ليش مهتم في ..
عادت ادراجها تهم بالخروج من الغرفة .. واذا بها تسمع صوتها وصوت آخر .. امعنت الاستماع .. صوت رجل هنا في الشقة .. عقدت حاجبيها .. وضحكات تلك الديمة ترن في مسامعها .. طال وقوفها خلف باب غرفتها .. وما ان سمعت اغلاق الباب لتلك الشقة الواسعة حتى خرجت .. ربعت ذراعيها وعلى وجهها علامات الاستياء : شو هذا يا ديمة ..
جلست على الاريكة تنزع حذاءها لينسدل شعرها على وجهها الابيض : شو بكي .
تقدمت لتقف على مقربة منها : احنا ع شو اتفقنا .. وليش مدخله ريال البيت .
تأففت : هيدا ماي فريند .. ما رضا الا يوصلني لهون ويطمن علي .
استقامت ورسمت ابتسامة على وجهها : ولا يهمك حبيبتي .. بنظل ع اتفاءنا .. وهو ظل عند الباب .. ما بعرف شو منو خايفة .
,‘,
يــتــبــع|~