كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
وسمح لنفسه أن يبتسم ابتسامة رضا صغيرة وهو يرتدى قميصاً أسود و يسويه.
يوماً ما سيلتقى مرسيدس ألكولار مجدداً وستكون هذه القطعة النسائية سلاحه الرئيسى فى الانتقام الذى يخطط له .
الانتقام !
ترددت الكلمة فى ذهنه وهو ينزل السلالم.
لم يخطر له يوماً أنه رجل يحب الانتقام ويسعى خلفه . وفى الأمس عندما عثر على الوشاح على السجادة الزرقاء والوثيرة ولم تخطر باله أى فكرة أخرى . أول فكرة خطرت له عندما أكتشف أنها فرت منه , هى الاهتمام والقلق.
همس لنفسه :"أيها الأبله ! ظننت أنها قد تكون غاضبة أو منزعجة !"
خرج خلفها يبحث عنها لبعض الوقت حتى أنه ناداها لكنه اضطر فى النهاية إلى الاعتراف بهزيمته وعاد إلى المنزل . وكان ينوى العثور على رقم هاتف صديقتها انطونيا حين قاطعته زيارة غير مرحب فيها.
فى البدء عندما سمع صوت المفتاح يدار فى القفل ظن ان مرسيدس عادت ليتذكر على الفور أنها لا تحمل مفتاحاً لبيته . والشخص الفذى يملك مفتاحاً هو كارين مايتلاند المرأة التى كانت صديقته حتى أسبوع خلا .
المرأة التى لا تزال تظن أنها صديقتهرغم تأكيداته المخالفة لذلك . وقد طالبها بإعادة مفتاح البيت إنما يبدو أنها احتفظت بنسخة عنه . وها هى تدخل إلى المنزل وكأنها تملك كل الحق فى التواجد هنا.
و ما أن فتحت الباب حتى نادت:"جايك ! عزيزى....لقد عدت . خرجت باكراً فجئت إلى هنا مباشرة لرؤيتك . أحتاج إلى حبك بشدة. هل اشتقت إلى حبيبى؟"
كشر جايك لهذه الذكرى وارتمى فى كرسى يحدق بضجر إلى المدفأة . لطالما كانت كارين من النساء اللواتى يتعلقن برجالهن بشدة وحين قرر ووضع حد لعلاقتهما , هذه العلاقة التى لم تقد إلى شئ منذ بضع الوقت حضر نفسه للمشاهد الدرامية التى ستقوم بها . من دموع واعتراضات و توسلات وقد تفاجأ صراحة حين لم يحدث هذا كله. وظن أنها تقبلت ما لا مفر منه بطيب خاطر.
واضطر الليلة إلى الاعتراف بخطئه.
الليلة الماضية اضطر لمواجهة الثورات و نوبات الغضب التى توقعها فى بادئ الأمر . والليلة الماضية لم يكن فى مزاج يسمح له بلعب دور الشاب اللطيف أو حتى بمحاولة تهدئتها.
اكتسحه الألم وبقى رأسه يدور من الارتباك ويتساءل عما حدث فى الدقائق القليلة التى ترك فيها مرسيدس وحدها. وبما أن أفكاره و حواسه مشغولة بامرأة واحدة وجد صعوبة فى أن يركز انتباهه على المشهد الهيسترى التى تحدثه امرأة أخرى.
وجاء اعترافه مختصراً . أخبرها بصراحة تامة أن علاقتهما انتهت وطالبها بمفتاح منزله ما جعلها تذرف المزيد من الدموع.
وعندما تمكن أخيراً من إخراجها من الباب و من دون المفتاح لم يعد قادراً على التفكير إلا بالوصول إلى الهاتف والاتصال بشقة انطونيا.
وما أن رفعت السماعة حتى سأل:"هل مرسيدس هنا؟"
ــ إنها....من المتحدث؟
ظهر شك مفاجئ فى الصوت فى الطرف الآخر من الخط.
ــ أنا جايك تافرنر.
وفيما كان يتكلم سمع همساً فى شقة انطونيا لم تخففه اليد الموضوعة على السماعة
ــ قولى لـ مرسيدس إنى أريد التحدث إليها!
تكلم بحدة بعد أن تبخر قلقه حين تأكد من انها بخير بأمان . وبعد القلق تدفق الغضب و الإحباط و الخيبة فى عروقه بسبب الطريقة التى تصرفت فيها.
ــ لا تريد أن تتحدث إليك.
ــ انطونيا أو مهما كان أسمك....
كان صوته خطيراً فخرج كالفحيح من بين أسنانه التى صرها ليمنع عصبيته التى راحت تشق طريقها إلى الخارج.
وتابع يقول :".....أخبريها أنى أريد التحدث إليها!"
ــ إنها لا تريد التحدث إليك !
ألا يمكن لهذه الفتاة أن تقول أى شئ آخر
ــ قولى لها....
لكنه لم يتمكن من إنها جملته إذ أُقفلت السماعة بقوة فى الجهة الأخرى قاطعة عليه حديثه.
وعندما حاول إعادة طلب الرقم وجد الخط مشغولاً رغم محاولاته المتكررة.
كان أبله للغاية !
أنزل جايك يده بقوة على ذراع الكرسى قبضته المطبقة بإحكام ومفاصله المبيضة تعكس مزاجه العنيف .
لم يدرك حينذاك كم كان مخدوعاً . ولم يكتشف ذلك إلا تلك الليلة....عندما قصد شقة انطونيا فى محاولة منه للتحدث إلى مرسيدس .
وكانت محاولة فاشلة.
كانت فى المنزل بالطبع . لم يرها لكن صديقتها لم تحاول حتى أن تخفى حقيقة أن مرسيدس فى مكان ما خلفها بعيدة عن الأنظار خلف الباب الذى بالكاد فتحته . راح جايك يتخيلها واقفة هناك تستمع إلى حوارهما وتبتسم فى سرها زهواً بنفسها فيما انطونيا تصرفه . ولابد أن ابتسامتها اتسعت أكثر حين سددت إليه صديقتها الضربة الأخيرة .
ــ طلبت منى ان أقول لك إنها توقعت شيئاً أفضل , نظراً لسمعتك . لذا لم تشأ أن تضع مزيداً من الوقت عليك.
"لم تشأ أن تضيع مزيداً من الوقت عليك"
أرجع جايك رأسه إلى الخلف وأغمض عينيه عندما تذكر هذه الكلمات.
كم كان أحمق !
الأمر الوحيد الذى لم يخطر له الأمر الوحيد الذى لم يفكر فيه فى كل هذا , هو أن مرسيدس يمكن أن تستغله . مجرد رؤيتها أفقدته توازنه وجعلته يتجاوب بشدة معها بحيث أنه لم يتوقع إلا تبادله الشعور نفسه. فى الواقع أشارت تصرفاتها إلى أن الشعور نفسه خامرها .
وراح يعيد النظر إلى ما جرى من وجهة نظر مختلفة تماماً . من وجهة نظر باردة وتحليلية . الأدراك المتأخر المترافق مع ذكرى النظرة الباردة والمتعالية التى رمقته بها حين رأته لأول مرة أضفى على الأحداث طابعاً مختلفاً وأعطاها تفسيراً مغايراً .
مرسيدس ألكولار تهوى الإثارة . إنها أنانية استفزازية عديمة الحياء و لعوب . لم يزعجها أن تسعى لإثارة رجل....لتتركه بعدئذٍ بكا برودة.
برودة تامة.
لكن المشكلة تكمن فى أن النيران التى أشعلتها فى داخله لا تزال تستعر تحت إحساسه بإنها تخلت عنه, واستغلته ثم تركته يسقط من علو شاهق . إنه يكرهها إلا أنه لا يكرهها بما يكفى لئلا يرغب فى رؤيتها مجدداً .
كره اللعبة التى لعبتها إلا أنه لم يدفع أى ثمن لتعود إليه وتلعب معه هذه اللعبة من جديد.
شعر بالاشمئزاز من شخصها ومن الحقيقة الفاسدة المخفية خلف جمال وجنتيها العاليتين و نعومة بشرتها ولمعان شعرها و عينيها إلا أنه أدرك أنها إذا ما ظهرت هنا مجدداً فى هذه الغرفة و فى هذه اللحظة لوقع تحت تأثير جمالها على الفورولما حاول حتى ان يقاومه.
ــ تباً !
إنه يحتاج لما يلهيه.
منتديات ليلاس
إنه يحتاج إلى ما ينسيه تنيك العينين
إنه يحتاج إلى ما ينسيه اسمه وليس فقط مرسيدس ألكولار . يجب ان ينسى صورتها و هى بين ذراعيه صورتها وهى تبادله العناق بشغف و حرارة . صورة أدرك أنها مجرد كذبة.
هب واقفاً و توجه إلى المطبخ ليعد لنفسه فنجان من القهوة . وليصل على المطبخ عليه أن يجتاز البهو فلاحظ مرة أخرى المغلف الطويل الذى تجاهله عند وصوله و رماه على الطاولة
قد يفتحه ليرى ما لدى رامون ليقوله.
الرسالة التى توقعها لم تكن داخل المغلف . وبدلاً منها وجد بطاقة مطبوعة بشكل جميل أرسلها إليه شخص لم يسمع به يوماً.
ــ من هو الفريدو مدرانو هذا ؟
تصفحت عيناه الكتابة الأنيقة بسرعة ثم توقف مذهولاً ليعود ويقرأ النص مجدداً إنما ببطء أكبر .
"الأبنة استريللا.....زواج من رامون داريو...."
رامون سيتزوج ! لم يأتِ أبن خالته على ذكر هذا الموضوع حين النقيا آخر مرة . لكنه عاد واعترف بأنه يتحدث إلى رامون منذ أشهر عدة كما لم يتمكن من تمضية بعض الوقت معه.
والآن , ومن حيث لا يدرى سيتزوج رامون من امرأة تدعى استرايللا مدرانو , امرأة لم تكن فى حياته حين التقيا آخر مرة. فلو كانت فى حياته لأن رامون على ذكرها.
كان جايك على وشك أن يضع الدعوة على الطاولة حين تجلت له فكرة مفاجئة جعلته يقف جامداً يضرب المغلف على ظهر يده و هو يفكر فى الأمر.
رامون سيتزوج . سيكون الزواج عائلياً....زواج يقتصر على أسرة ألكولار. وبسبب شعور العداء الصريح بين عائلة خالته وعائلة الرجل الذى تبين لاحقاً أنه والده سعى رامون إلى فصل الأسرتين عن بعضهما البعض كلياً....لذا لن يتوقع أحد أن يظهر ابن خالة رامون فى العرس بشكل غير متوقع .
ولا سيما ابنة ألكولار الوحيدة.
رفعت تكشيرة واسعة زاويتى فمه لتتحول إلى ابتسامة رضا شرير يبدو انه مقدر له و لـ مرسيدس ألكولار أن يلتقيا مجدداً , أسرع مما توقع.....وهذه المرة سيكون عنصر المفاجئة حليفه.
|