ـ لديك خمس عشرة دقيقة تحديداً لتبدلى ملابسك إذا ما رغبت فى ذلك.
وجدت مرسيدس أن حصول جايك تافرنر على رقم هاتفها لم يشكل له أى مشكلة . ولم يزعج نفسه بالاتصال بها أو بالطلب منها الخروج معه بل كان فى الليلة التالية عند عتبة منزلها حاملاً لها دعوة على العشاء.
لا, كلمة دعوة ليست الكلمة المناسبة . ما قاله كان أشبه بالإنذار . أما أن تتناول معه العشاء....و إما لا شئ.
وبما أنها أمضت الليل بطوله تحلم به والنهار تكافح لتجعل أفكارها تتجه نحو اى شئ آخر غير جايك تافرنر لم تتمكن من رفض اقتراحه لءلا تخسر كل شئ.
الخمسة عشر دقيقة بالكاد كانت كافية لتجهز . فخلعت بنطلون الجينز و قميصها وأرتدت ثوباً زهرياً و أبيض ثم وضعت بعض الظل فوق عينيها ولمسة من الكحل و مسحة من أحمر الشفاه لتصبح جاهزة . علماً أن كان بإمكانها ألا تزعج نفسها إذ لم يعلق جايك بأى كلمة عند عودتها. بدا أنه يركز اهتمامه على إخراجها من المنزل وإبعادها عن اهتمام انطونيا الجلى.
ـ إلى أين سنذهب؟
طرحت سؤالها هذا لاهثة بعد أن صعدت إلى السيارة وابتعدا عن المنزل حيث شقة انطونيا . وتابعت :"أى مطعم اخترت ؟"
ـ ما من مطعم. طلبت من متعهد طعام ان يحضر لنا وجبة فى منزلى .
صمتها عبر بوضوح عن أمور لم يشأ أن يسمعها إذ استدار بحدة وسأل مقطباً:"هل من مشكلة؟"
ـ لا....لا.
كافحت مرسيدس لتبدو ردها مقنعاً . وقالت فى سرها إنها فى انكلترا الآن وليس فى اسبانيا . وقد أوضحت لها انطونيا أنها تعتبر أسلوب حياتها المنضبط و الطبيعى بنظرها أسلوب قديم وبالٍ
قالت انطونيا فى إحدى الأمسيات بعد أن أعترفت لها مرسيدس بأنها تفتقر إلى الخبرة فى التعامل مع الرجال:"لكنى ظننتك مخطوبة فعلياً"
شرحت لها مرسيدس :"ثمة تفاهم بين أسرة ميغيل وأسرتى....إنهم يودون رؤيتنا متزوجين....لكن ميغيل لم يطلب يدى بعد وأنا لم أعطه أى وعد"
ـ ولم......
حاجبا انطونيا المرفوعان كان أشد تعبيراً من اى كلام
ـ لا لم أفعل ! الأمور لا تسير على النحو ذاته فى بلادى. لقد تعانقنا بالطبع...
ـحسناً من الأفضل إذن أن تتوقفى عن الحلم بـ جايك تافرنر يا عزيزتى. صدقينى فهو ليس من النوع الذى يكتفى بالعناق.
وخطر لـ مرسيدس وهى تبتسم فى سرها أن ما لا تعرفه انطونيا هو أنها لا تعتقد أن بإمكانها هى أيضاً أن تكتفى مع جايك ترافرنر بعناق
ـ ما سبب هذه الابتسامة؟
فاجأها جايك بسؤاله هذا فقد كانت مقتنعة بأن اهتمامه كله منصباً على القيادة فى طرقات لندن المزدحمة إنما بدا جلياً أنه لاحظ التعبير الذى ارتسم على وجهها .
ـ ألا تود أن تعرف؟
ـ أنوى اكتشاف السبب
ـ يمكنك أن تحاول
أذهلت مرسيدس نفسها حين اكتشفت انها قادرة على المغازلة وألقت من طرف عينها نظرة على وجهه مبدية إعجابها بخطوطه القاسية . شعرت بإحساس أسكرها وأبهجها.
وأدركت ما هو هذا الإحساس . إنه الحرية.
إنها فكرة وجودها هنا فى لندن وحدها ومتحررة مستقلة كحال انطونيا . ولم تعد فى اسبانيا تعيش حياتها كما خطط لها والدها تتبع القواعد التى يضعها وتعيش بحسب معاييره.
لم تدرك من قبل كم أن هذه القواعد ثقيلة ومضجرة . وكما لم تدرك يوماً كم كانت من حياتها مقيدة و محصورة.
فى اسبانيا ما كانت لترتاد حفلات كتلك التى اصطحبتها إليها انطونيا . وما كانت لتلتقى رجلاً كـ جايك تافرنر . هذه الفكرة جعلتها تشعر بدوار من الإثارة والتوقع .
ـ قد تضطر لاستخدام العنف لتحصل منى على اعتراف.
ـ لا أظن أنى قد أحتاج لذلك.
وجاءت ضحكة جايك خافتة ومثيرة
ـ أفكر فى طرق أخرى يمكن ان استخدمها لإقناعك.
تلك الضحكة أرسلت ذبذبات أشبه بتيار كهربائى على طول عمودها الفقرى, ذبذبات ازدادت قوة عندما فكرت فى ما قد يعنيه بكلامه
ـ ما هى هذه الطرق؟
توقفت السيارة عند الإشارة الضوئية فاستغل جايك الفرصة ليرمقها بنظرة خطيرة وساخرة.
ـ أنا واثقة من أنك قادر على ذلك.
تبدلت الإشارة فيما كانت تتكلم فتحرك جايك بالسيارة, حركة قدمه على دواسة البنزين جعلت عضلات ساقه القوية تشتد و تسترخى فجرى الدم حاراً فى عروق مرسسيدس
ـ هذا كثير بالنسبة إلى ما خططت له لهذه الأمسية
ـ وما هى خططك؟
ـ وما هى خططك؟
قلد جايك لكنتها ثم أضاف :"سنتناول الطعام بالطبع....ماذا خطر لك خلاف ذلك؟"
هل هى بريئة بقدر ما يبدو عليها؟ تساءل عن ذلك وهو يرى الاحمرار يغزو خديها فجأة . أى شخصية هى شخصية مرسيدس الحقيقية ؟ المرأة الجميلة المتعالية التى رمقته بنظرة باردة عندما رأته لأول مرة , المغازلة العابثة التى دمرت رباطة جأشه, أم الفتاة الشابة الخجولة التى أحمرت حياءً عندما ضايقها قليلاً؟
سيسره أن يكتشف ذلك . المشكلة الوحيدة هى فى أن يتمكن من إبقاء يديه بعيدتين عنها بما يكفى ليعرفها على حقيقتها.
سيركز جيداً على أمور أخرى عليه أن يفعل ذلك وإلا ستنتهى السهرة قبل أن تبدأ
حقيقة هويتها حملت تعقيدات يمكن أن تجعل ليلة واحدة معها تكلفه أكثر مما هو مستعد لدفعه . لذا من الأفضل أن يلتزم الحذر....وان يتقدم خطوة خطوة.....و أن يتأكد من انه لن يتسبب بالمشاكل لنفسه إذا ما أقدم على شئ ما قبل أن يتحقق أولاً من كافة التعقيدات الممكنة.
لم يكن الأمر سهلاً لكنه تمكن من أن يبقى يديه بعيداً عنها خلال العشاء . المشكلة أن مرسيدس ألكولار هى الإغراء مجسداً . ابتسامتها ضحكتها حركاتها المغرية رائحة عطرها فى الجو شكلت إغواء لحواسه الجائعة. طريقة أكلها و استمتاعها بالطعام كانا إغراء بحد ذاته . و وجد نفسه ينحنى مراراً و تكراراً إلى الأمام مستغلاً كل فرصة ليقدم لها بعض الطعام اللذيذ.
واقتربت مرسيدس أكثر فأكثر . كانت دوماً تجد حجة ما....أن يملأ لها كأسها بسهولة....أن تبتعد عن بقعة خلفتها المياه التى انسكبت....فأنتهى بها الأمر جالسة إلى جانبه عند زاوية الطاولة...قريبة جداً جداً منه بدلاً من أن تكون قابلته.
عندئذٍ لم يعد قادراً على تمالك نفسه أكثر واستسلم للرغبات البدائية التى أختلطت بدمه منذ أن فتحت له الباب فانحنى إلى الأمام وأخذها بين ذراعيه ليعانقها عناقاً طويلاً و بطيئاً.
رمشت بعينيها مرة واحدة فقط فأغمضت عينيها البنيتين للحظة قبل أن تفتحهما مجدداً وتنظر إليه مباشرة.
سألت وقد بدا صوتها الخفيض موسيقى أجش وغير مستو بشكل غير متوقع :" وما سبب هذا ؟ "
منتديات ليلاس
مـــنـــتـــديـــــات لــــيـــــــلاس