كاتب الموضوع :
نوارة النرجس
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: الأقزام البيضاء
... يزن ...
وقفت قدام الباب فترة طويلة ... كل مرة اجي فيها هنا اتردد الف مرة قبل لا ادخل ... ما ابغى اشوفها ... ما ابغى اسمع صوتها ... لما تنهار صورة المثل والقدوة قدامك ... تتهار داخلك كل القيم .. تشعر انك وسط طوفان من المشاعر المزيفة ... وانك متجرد من اي قوة او حيلة ... والموت محاصرك من كل الاتجاهات ... لازم تدور على طريقة او معجزة تنجيك من هذا الموت ... وانت اصلا ساعتها بقمة الياس لانك فاقد الايمان باي شي ... وحلك الوحيد انك تقتل بقلبك الفطرة لانها ممكن في اي لحظة تسحبك لتحت وتقضي عليك وتغرقك .. !!
اخيرا دخلت ... صفقت الباب ورايا بقوة عشان تعرف اني جيت ... شفتها جالسة في زاويا من الزوايا على الارض ... صارت زي الشبح ... منظرها كئيب ونظراتها ضايعة .. سألتها وانا احط كيس الأكل على الارض :ايش الي مجلسك هنا !!
طالعتني بنظرات باردة وما ردت عليا .. رحت لها وجلست قدامها وسالتها :اكلتي !!
طالعتني بسخرية وردت : خايف لا اموت !!
حاوبتها : ما ابغاكي تموتي قبل ما اعرف الحقيقة !!
صرخت بوجهي :اي حقيقة ... !! ... قلت لك كل شي ..!!
قمت من مكاني وقلت لها : اجل خليكي هنا ... خيسي لوحدك .. اصلا ما في احد راح يحزن عليك ... ما في احد يحزن على فا..
.ما قدرت تطلع الكلمة من فمي ... !!
قامت من مكانها وجات مسكت يدي وقالت : قولها ... خجلان تقولها !!
سحبت يدي عنها بقوة وقلت لها : لساني مو راضي يقولها ... لكن عقلي قالها من زمان ... تدري اني اقرف كل ما جات عيني عليكي ... فمابالك اذا لمستيني !!
:يزن حرام الي تسويه فيا ... انا امك .. !!
كنت اتكلم بحرقة والم لما قلت لها : للأسف انك امي ... للاسف اني كنت اشوفك شي عظيم .. قدوة ... شي مقدس ... شي طاهر ... نظيف !!
قالتلي : والحين تشوفني فاجرة ؟!
حسيت بقلبي يعتصر مع كلمتها ... تقلصت كل عضلات وجهي انهرت على الارض ... ماقدرت اتحكم في دموعي الي تمردت ونزلت بدون حسبان... حاسس بضياع ... بغربه .. بغضب ممكن يدمر العالم كله ..
جلست قربي وهي تبكي وقالت : والله الموت ارحم من اني اشوفك تتعذب بسببي !!
التفت لها وقلت :الموت !! ..تخربوا الدنيا و بعدين تتمنوا الموت .. !! .. انا اقلك عن اموت .. الموت هو الي جاس اشعر فيه الان ... بسببك انا اموت الف مرة في اليوم ... أتألم الف مرة ... ذليتيني خليتي الي يسوا والي ما يسوا يبيع ويشتري فينا ...
قالت بصوت مخنوق : عساني الموت .. لو كنت انا السبب!!
صرخت : آمين .. لانك انتي السبب في كل هذا الجحيم الي انا فيه الان !! ...
قالت :اقتلني ... ريحني ... بس لا تسوي بنفسك كذا !! ...
في هذه اللحظة رن جوالي ... نجوى هي المتصلة .. كان مستحيل ارد عليها وانا في هذه الحالة ... خليت الجوال على الصامت و قمت ... مسحت وجهي بيدي وقلت لها : انا رايح ..
جاني صوتها : هذي نجوى صح!! .. طمني عليها يا يزن .. كيف حالها !!
جاوبتها بسخرية : ما حقلك كيف حالها .. حقلك كيف كان حالها قبل ما تخربي حياتها ... كانت سعيدة .. كانت اسعد بنت في الدنيا .. وبسببك الان صارت اتعس بنت في الدنيا .. أسعد طلقها ... عارفة ايش يعني رجل يطلق بنت كان مملك عليها قبل زواجهم بثلاث ايام ... متخيلة ايش الناس قالوا عنها ... متخيلة كيف هذا الشي دمرها وقضى عليها !!
قالت بصدمة : أسعد طلق نجوى ... !! .. وكيف انا خربت حياتها ...
!!جاوبتها : اسالي نفسك .. ايش سوى حبيب القلب الله لا يرحمه .. ولا يرحمني اذا رحمتك انتي واهله
قالت بخوف : بنات حسن مالهم ذنب يا يزن .. حرام عليك لا تظلم ايتام ...
ضحكت بسخرية وقلتلها : حسن زي ما باعك .. باع بناته .. والي خلقك لافضحهم زي ما فضحك وفضحني !!
طلعت وتركتها طايحة على الارض تتوسل وتبكي .. وقفلت الباب ورايا بالمفتاح ...
.......
قدام بيت حسن كنت واقف بالسيارة ... كان خالد معايا .. سالني : ممكن تفهمني احنا ايش نسوي هنا ... وفي هذا الوقت !!
جاوبته : الحين راح تشوف بعيونك ...
رحت لشنطة السيارة طلعت منها سلسلة حديد و قفل ... و رحت لسكينة الكهربا ... فتحت العلبة وقطعت التيار و قفلت العلبة و حطيت عليها السلسلة الحديد و حطيت القفل عليها ...
خالد قال باستنكار : ما يجوز هذا الشي يا يزن ... هذولا بنات ولوحدهم !!
: لسى ما شافوا مني شي .. !!
خالد : يا يزن ... مشكلتك كانت مع حسن ... مو مع بناته ...
قلت له بحدة : اشوفك تدافع عنهم ... حزنت عليهم ... وما حزنت على نجوى ... !! ... تتوقع بعد كل الي حصل باقي شي يأثر فيني !!
خالد : انا ولد خالتك واخوك وصاحبك ... ومعاك في كل شي الا الظلم ...
طالعت له وعلى وجهي ابتسامة سخرية ومديت له مفتاح القفل وقلت له : خذ يا غاندي ... حقق العدل ... ساعدهم !! ... بس لازم تعرف ان الي يوقف بصف حسن او بناته يصبح عدوي ...
رميت له المفتاح على الارض و رجعت السيارة ... جلست اراقبه .. اخذ المفتاح من الارض و جا ... دخل السيارة و هو ساكت
سالته : ليه ما رجعت الكهربا !!
خالد : رغم كل الكره الي عاميك ومخليك تتصرف تصرفات ما هي تصرفاتك الا اني متاكد وواثق انك من جواتك مستنكر نفسك ... لا تخلي حقدك يدمر يزن الي اعرفه ...
مارديت عليه ... كان عقلي يحارب كلامه ... وقلبي يحارب عقلي ... بعد ما وصلته البيت شي خلاني ارجع لبيت حسن وقفت السيارة قدام بيته ... كنت اراقب البيت وهو غارق بالظلام ... كنت أتأمل السلسلة السلسلة لكن ما فكرت ولو لحظة اني اشيلها وارجع الكهربا .. وفي نفس الوقت ما فكرت اني اتحرك من مكاني واتركهم في هذا الظلام .. بس فينهم !! .. مو باين لهم حس !! .. يمكن اصلا نايمين وما حسوا بشي .... طالت جلستي بالسيارة ... فجاة رقم غريب دق على جوالي ... ابتسمت واخذت الجوال وانا عارف ومتاكد انها ندى ... تعمدت اني ما ارد اول مرة ... رجعت دقت مرة ثانية ... هذي المرة رديت : الو نعم ...
ندى: السلام عليكم ورحمة الله
جاوبت : وعليكم السلام ... مين !!
ندى : هذا رقم الاستاذ يزن !!
: نعم من يبغاه !!
ندى : انت الي قطعت الكهربا ..
:نعم انا ...
ندى : ممكن افهم باي حق ... !!
: انا انذرتك ... واعطيتكم مهلة 24 ساعة ... وترى لغاية الان انا ما سويت ولا شي ... !!
مرت فترة صمت طويلة ... استغربت من هدوءها العجيب في الكلام معايا ... من اول مرة اتكلمت معاها وهي كانت زي الاعصار ... حتى من كثر الشك سالتها : انتي الي كلمتيني اليوم !!
ندى : ايوا ... ممكن افهم ليش تسوي كذا !! .. الصبح قلت كلام غريب ... والان تقطع الكهربا علينا ... فين تحسب نفسك عايش !!
جاوبتها : بكرة راح تفهمي كل شي لما يجيكم استدعاء من الشرطة ... بس نصيحة ... خذي اختك وشوفوا لكم اي مكان ... لانكم مو قدي ..
ندى : اها ...!! طيب اسمع ... لو ما صرفت شرك عنا راح تندم ... صحيح احنا مو قدك ... احنا اقوى منك ... لا تقول لنفسك بنتين و مساكين ... مالهم احد ... احسن لك ابعد عننا بالتي هيا احسن ...
كنت مبتسم وانا اسمع كلامها ... قالت لها : يعني !!
ندى : ايا كان الي انت تبغاه في طرق ثانية غير التعدي على الناس ... تبغى حقك !! قدامك المحاكم ... ماحد منعك تطالب بحقك ... بس خليك رجال وتصرف بالاصول !!
جاوبتها : اذا دخلتكم المحاكم صدقيني ما راح تطلعون منها ... !!
ضحكت بسخرية وقالت : انا الي بشتكي عليك ... ووريني مين الي راح يدوخ في المحاكم ...
وانهت المكالمة ... . جلست اضحك ... ثقتها الزايدة ضحكتني ... ما تدري اني ببساطة اقدر ادخل البيت و ادخل لغاية غرفتها بدون ما احد يكلمني او يفتح فمه ... بس بلعب باعصابها هي واختها ... بقلق منامهم و بحرمهم طعم الراحة ... زي ما اتحرمتها ليالي وايام ..
.......
مرت مدة قصيرة قبل ما اشوف احد يطلع من بيت حسن ... اكيد ندى ... راحت لجهة سكينة الكهربا ... جلست تحاول تفك السلاسل ... ولما عجزت دخلت ... كان باين انها معصبة .... رجعت بعد شوية ومعاها فاس .... صارت تضرب القفل و السلاسل ... ماهمها الازعاج الي كانت تصدره ... ولا ان التيار الكهربائي ممكن يصعقها .. استمرت تضرب وتضرب وانا كنت اراقبها من مكاني .. لغاية ما انفكت السلاسل رمتها على الارض بعصبية و فتحت السكينة ... في لحظة وحدة نور البيت ... دخلت وقفلت الباب وراها .... كنت اتابعها وانا مبتسم ... مسكينة لو فكرت انه كذا انتهى الموضوع ... ما تدري ايش الي مستنيهم .. ما ادري ليه شيء داخلي ارتاح على تصرف ندى لما رجعت الكهربا ... حركت السيارة و طلعت من الحارة ..
*********
.... ندى ....
وبعدين !! .. ايش مستنينا كمان ولسى متخفي ورى سواد الليل هذا !! .. قفلت عيوني .. يمكن القى جواتي ارض صلبة اقدر اثبت عليها رجولي ... لان كل شي حولي رخو .. حتى الشجاعة الي تصنعتها وانا اكلم يزن كانت فقاعة صابون اهون شي يفجرها ..... كنت اكلمه وانا مرعوبة ... حسيت كانه واقف ورى الباب في اي لحظة ممكن يكسر الباب ويدخل ... وماحد راح يردعه او يصده ...
جاني صوت امل ينادي من جوه ... رحت لها بسرعة ... عارفة انها تخاف من الظلام ... اول ما شافتني جات وحضنتني وتعلقت فيا زي الطفل الخايف ... طبطبت على ظهرها وقلت لها : امل اشبك !!
امل وكانت تبكي : البيت كله كان ظلام ... ودورت عليك ما لقيتك !! ... ليه رحتي وتركتيني
جاوبتها : لا يا امل ما تركتك ولا حتركك ... يا تخافي يا قلبي ... وبعدين شوفي النور رجع !!
جلست اهدي فيها لغاية ما نامت ... نامت وهي ماسكة يدي ... جلست اتاملها ... شكلها جميل وهي صاحية وشكلها اجمل وهي نايمة ... كان في سلام على وجهها ... ابويا الله يرحمه افنى عمره عشان نعيش انا وياها في سلام ... والحين جا دوري اني اصبر واتحمل و احارب عشان امل ترتاح وتكون دايما سعيدة ... امل صغيرة ... خجولة اضعف من انها تستحمل حقيقة هذي الدنيا القاسية ... دايما تحتاج احد يتكلم عنها ... احد يدافع عنها ... وكنت دايما انا هذا الشخص .. انا كمان كنت القى الي يدافع عني .. لكنه راح .. وصار حملي حملين ... ادافع عني وعنها ..
بعد ما تاكدت انها دخلت في النوم سحبت يدي منها ورحت عشان اكلم سناء في الجوال ... هي الوحيدة الي اقدر اتكلم معاها بصوت عالي وافكر بصوت عالي ... لازم ندور على حل يخلصنا من يزن !!
اول ما جاني صوتها قلت لها : هو الي قطع عنا الكهربا .. زي ما توقعت .
سناء : وكيف تاكدتي
:منه هو نفسه .. كلمته بالجوال !!
سناء : كيف وانتي قطعتي الورقة
: دورت في اوراق ابويا الله يرحمه ولقيت رقمه ..
سناء : لسى جالسين بالظلام!!
حكيت لها كل شي حصل ... من اول ما كلمته لغاية ما كسرت السلاسل !!
سناء : هاتي رقمه .. لازمه رجال يتفاهم معاه !!
جاوبتها : لا الله يخليك اخاف على محمد يدخل معاه في مشاكل !!
سناء :الله !! .. تطورات !! ..خايفة على محمد !!
جاوبتها : طبعا اخاف .. محمد اخويا
سناء : لا مو اخوكي .. انتي ابوكي اسمه حسن وهو ابوه اسمه عدنان .. امك اسمها فاطمة وامي اسمها عائشة .. ولا عمركم رضعتوا مع بعض .. هو اصلا اكبر منك ب3 سنين ... اخوك من فين !!
: انتي عارفة قصدي ...
سناء : لا مو عارفة ... ولا تقنعي نفسك بكلام ماله اساس من الصحة ... وبعدين انا ما قلت بعطي محمد ... انا فكرت في ابويا وانتي فكرتي في محمد .. عاد شوفي انتي ايش قصدك !!
ما رديت عليها ... اعطيتها الرقم وطلبت منها تبلغني بكل شي يحصل معاهم ...
....
عدى الليل ثقيل ... ما قدرت انام ... وجا الصبح .. امل داومت ... وانا جلست بالبيت وحدي ... كنت افكر بكلام يزن قال بيجينا استدعاء من الشرطة ... حتى ما جاتني جرأة اساله ليه ... خفت من الجواب ... كنت اروح واجي في البيت وانا كل عقلي وفكري مع الباب و الجوال مستنية سناء تدق وتقلي ايش حصل مع ابوها ويزن ... واخيرا دق الباب ... حسيت بقلبي انقبض ... رحت اشوف مين ... وكان شرطي زي ما توقعت ... اخذت منه الورقة .. ووقعت على الاستلام ... وقفت اتامل الورقة وانا خايفة من الي داخلها
....
ماسكة الورقة بيد و باليد الثانية الجوال ... اول ما جاني صوتها سالتها : سناء فينك !!
سناء : بالدوام ... فيك شي !! ... يزن رجع جاكم !!
قلت لها : اشتكى علينا بالشرطة ... و ارسلوا خطاب استدعاء
سناء : ايش مكتوب فيه طيب !!
:لسى ما فتحته . حاسة فيه مصيبة !!
سناء : ليه خايفة ...!! ايا كان الي فيه خلاص صار امر واقع ... توكلي على الله وافتحيه ... يمكن على اساسه نقدر نتصرف
: انتي عارفة شي صح !! ... ابوكي اتكلم معاه امس ... وقلكم شي ... صوتك يقول انك عارفة شي !!
سناء : لا مو عارفة اي شي .. بس احاول اني اقويكي .. لا يجلس عقلك يودي ويجيب ...
سكت ما رديت عليها ... جلست على الكرسي و حطيت الجوال على الاسبيكر و فتحت الورقة ... كان لازم افتحها عشان انهي هذا الخوف الي داخلي ...
و كانت صدمة ... قلت بانكار : مستحيل !!
سناء بخوف : ايش فيه !!
مو قادرة اتكلم ... قريت الخطاب مرة ثانية ... وثالثة ... مخي تعطل عن التفكير .. وعظلاتي تعطلت عن الحركة !! كنت اسمع صوت سناء بس ما كان عندي المقدرة اني ارد ...
سناء : ندى لا تجننيني ردي عليا .. ايش مكتوب بالخطاب .. !!
اخيرا رديت عليها : يقول ان البيت بيته .. ومتهمنا اننا انتهكنا حرمة مسكنه !! ... اكيد هذا حلم صح !! ... الحين راح اصحى ...
رميت الورقة على الارض ... وقفلت عيوني وحطيت يدي على اذوني ... ابغى اطلع من هذا الكابوس ابغيض ... صرت اردد بصوت عالي .. هذا حلم ... اصحي يا ندى .. اصحي !!!
......
.......
اول ما فتحت لها الباب حضنتني ... كنت منهارة ... كنت ابكي بحرقة ... قلت لها : فين اروح انا وأمل !!
سناء : حسبي الله عليك يا يزن ...
قلت لها : انا متاكدة انه زور الورق ... انتي تصدقي ان ابويا يسوي فينا كذا !!
: كلنا عارفين العم حسن الله يرحمه انه مستحيل يسوي كذا .. انتي بس اهدي ... وتعالي معايا داخل ...
سحبت نفسي منها وقلت لها : لا ما بدخل داخل بروح اشتكي عليه ... !!
: طيب .. بنروح نشتكي عليه .. بس ابويا واقف عند الباب ويبغى يتكلم معاك ...
قربت من الباب وقلت : السلام عليكم ... كيف حالك يا عمي
ابو محمد : اذا انتو طيبين .. انا اكون طيب يا بنتي ..
قلت له : اتفضل بالمجلس .. الحين اجيكم ...
وهمست لسناء : دخلي ابوكي انا بدخل البس العباية وجاية ..
.....
في المجلس بعد ما حكيت كل شي حصل معايا قالي ابو محمد : فين الاستدعاء هذا !!
مديت له الخطاب ... اخذه مني وجلس يقراه ... بعدين قال : بكرة الساعة عشرة الصباح !!
وقفت وقلت بقهر : هذا لازم احد يوقفه عند حده ... انا ما بستنى لغاية بكرة ... انا بروح الشرطة الحين !!
ابو محمد : ليه !!
جاوبته : بشتكي عليه ... ياعمي هذا مزور الورق ... !!
ابو محمد : اجلسي يا ندى واستهدي بالله .. خلينا نتكلم ...
:نتكلم في ايش يا عمي ... الموضوع واضح زي الشمس ... ما بستنى لغاية ما نصير انا واختي بالشارع !! ..
: الموضوع ما راح يوصل لهنا ان شاء الله .. انتي بس مطلوب منك تهدي وتسمعيه !!
: اسمع مين !!
: يزن واقف بره ... و ال..
وقفت وقلت بحده : مستحيل ادخله بيتنا ... بعد اذنك يا عمي ... كلامك على عيني وعلى راسي ... بس يزن ما يدخل بيت ابويا الا على جثتي ... !!
ابو محمد : يا ندى ... الرجال اوراقه سليمة مية بالمية .. !!
سالت بصدمة : ايش !!
ابو محمد : اقولك الصدق ولا تبيني اكذب عليك !! ... عشان كذا ابغاكي تهدي و نفكر سوا في حل لهذه المشكلة ... خذيها يا سناء على جوه .. ولما اناديكم تعالوا !!
دفيت يد سناء عني وقلت بشبه جنون : تاخذني فين ... اهدى كيف !! .. تبغوا تجننوني !! .. كيف يعني اوراقه سليمة !! .. لو يجيب لي مليون ورقة ما صدقته ..!!
ابو محمد كان ياطالعني وهو ساكت ... و نظرات الحزن والشفقة على وجهه ..
قالت لي سناء : اهدي يا ندى ... مو كذا !!
صرخت : ايش هو الي مو كذا !! ... بيطردني انا واختي بالشارع وتقوليلي مو كذا ... !!
حاسة طاقتي نفذت ... واعصابي استهلكت .. جلست على الكنب بتعب و التفت لابو محمد وقلت له بصوت يرجف : ابويا كان صاحبك يا عمي ... كنت شايف كيف تعبان و حيله مهدود عشان بس ما نتبهذل بحياته .. كيف بعد هذا كله بيخلينا نتبهذل بعد موته .. !! كيف تبغاني اصدق !! ..
دسيت وجهي بين يديني وصرت ابكي بصوت عالي .. حاسة اني لوحدي ... والعالم كله ضدي ... الكل متسلح والكل محصن نفسه وانا واقفة لوحدي بضعفي وقلة حيلتي .. حسيت بسناء تحضني : خلاص يا ندى ... خلاص يا قلبي اهدي !!
قلت بصوت مخنوق: حرام عليكم ... والله انا تعبت ... تعبت !!
سمعت ابو محمد يقول بصوت متاثر : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..
وسمعت صوت باب المجلس يتفتح وبعدين يتقفل ... وجاني صوت سناء : قومي معايا يا ندى ..
قمت معاها بدون اي مقاومة ... وانا في هذه الحالة لو ودتني على جهنم ما حقول لا ...
......
لما وصلتني الغرفة .. قبل ما تقول اي كلمة سحبت يدي منها ودخلت الحمام وانا ساكتة ... مسحت وجهي مرة ومرتين وثلاث ... لسى ما فقت ... جات عيني على الشاور ... فتحته ووقفت تحته بثيابي ... تركت الموية تبللني كلي ... حسيت قطرات الموية اقوى مني .. كانها تسحبني معاها للاسفل .. جلست على الارض ... كنت اسمع صوت سناء وهي تدق الباب وتوسلاتها اني ارد عليها ... قفلت عيوني ... محتاجة اكون لوحدي ... محتاجة انفصل عن الواقع ولو لثواني ... ابغى افكر ... الامور فرطت من يدي مرة وحدة ليه امس موصول باليوم ... ليه ما يبغى ينتهي ... قال انه يبغى يتفاهم ... !! ... المفروض اسمع له ؟ .. يمكن يعتبره ضعف !! ... يعتبر الي يعتبره ... المهم انا ايش حاسة !! ... حتى لو كنت خايفة ما راح اظهر له هذا الاحساس ... مو قادرة استوعب حكاية انه يبغى تعويض !! ... شخص بمنصبه ومكانته الاجتماعية مستحيل يكون هذا تفكيره ... ابتسمت لاني لقيت شي من وسط هذا الضياع اقدر ادافع فيه عن نفسي وعن امل ... حتى لو كان سلاحي واهي وضعيف مو مهم .. المهم انا كيف راح استخدمه .. ... الغريق لو لقي قدامه قشة تعلق فيها لان هذي فطرته تصرف لا ارادي منه يظهر وقت الخطر .. غريزة البقاء هي الي تخليه يحاول يدور على النجاة باي طريقه .. بس ايش الي يحرك الغريزة هذي وكيف .. اكيد العقل .. لو عقله قاله انها مجرد قشة طافية على سطح الموية بلا حول ولا قوة اكيد راح يغرق .. بس لو فكر ان نفس هذه القشة الي اعتقد غيره انها بلا قيمة كسرت ظهر بعير ما يهم كيف كسرته او متى كسرته . فاكيد راح تختلف رؤيته لكل الاشياء حوله ورؤيته لنفسه وتقديره لقيمتها .. وانا لقيت القشة الي راح تنجيني من الغرق وتكسر ظهر البعير ..
.........
شفت محمد واقف بره قدام باب المجلس ... كان باين انه متضايق و زعلان .. اول ما شافني جا باتجاهي وقالي باندفاع : ندى لا تخافي ... وترى ما حد يجبرك تروحي للشرطة ... وهذا الي داخل انا الحين راح اطرده ... ماله عنك شي ... وانا الي بوقف بوجهه وبوجه الشرطة وبوجه كل الناس !!
ابتسمت براحة ... ادري انه ما شاف ابتسامتي بس متاكدة انه حس فيها لاني شفت انعكاسها على عيونه ... محمد الوحيد من امس لليوم هو الي حسسني انه مستعد يحارب الدنيا معايا .. هو الوحيد الي حسسني اني مو لوحدي ..
قلت له بصوت مرتاح : انا مو خايفة منه ... بس حسمعه .. خلينا نشوف ايش عنده !!
محمد : متاكدة !!
جاوبته : زي ما انا متاكدة انك معايا ... !!
رفع حاجبه اليمين رفعه خفيفه ... دليل استغرابه ..
بعدت نظري عنه وقلت : اقصد انك واقف قدامي الحين ...
قالي : طيب ادخلي .. مستنينك كلهم ... ووقف على جمب عشان يعطيني مجال ادخل ..
ناديته : محمد .. ابغى اطلب منك طلب !!
محمد : أمريني يا ندى
قلت له : ابغاك تدخل قدامي .. وبدخل وراك على طول ..
طالت نظراتنا لبعض .. كانت عيونه تقول " ليه جالسة تسوي كذا ... !! .. لا تعيشيني امل كذاب .. وتصحيني على واقع قاسي وتقولي لي سويت كذا لانك اخويا "... وكانت عيوني تقوله " انا مو حاسة في هذه اللحظة غير انك اهم رجل في حياتي وانك الوحيد بعد ابويا اقدر احتمي بظهره " ..
ابتسم ابتسامة خفيفة وقالي : طيب غطي عيونك !!
جيت بنزل الغطا صفر باندهاش
سالته :ايش !!
محمد : من متى هذي الطاعة .. !!
جاوبته جكر فيه : بدون ما تقول كنت حغطيها ..
محمد : لا تغطيها .. مع اني ما ابغاه يشوف ولا شي فيه ... بس ابغاه يشوف هذه القوة الي انا الان شايفها في عيونك .. يلا ورايا .. !!
قالها بطريقة ضحكتني ودخل ودخلت وراه وانا اضحك ... كنت ممنونة لوجوده جدا .. لاني حدخل على يزن وانا اضحك .. وايماني بربي يقولي اني حطلع من عنده وانا كمان اضحك ..
|