المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
فريق تصميم الروايات فريق كتابة الروايات الرومانسية |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
جمره لم تحترق
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
6 ـ في عرين الأسـد
6 ـ
في عرين الأســد
فكرت هارييت , وهي تقف في صف المستقبلين , أن تدفق الضيوف لن
ينتهي أبداً . جميعهم من أصحاب المصارف ورجال الأعمال . هذه كونتيسا ,
وذاك دوق , وذلك بارون . . كان الجمع الحاضر كله من خيرة المجتمع
والطبقات الرفيعة .
أحست أنها محاطة من كل جهة بالثراء الفاحش , وتكهنت بــأن أقبية
المصارف لا بد أخرجت ما يجوفها من مجوهرات وتيجان مرصعة وسلاسل
متلالئة , تشير كل منها إلى أن لابسته يمكنها أن تنافس في الغنى أي امرأة
هناك . كما يمكنها هي أيضاً ذلك , كما أدركت . ذلك أن الذهب المتألق
الذي وضعه ماركو حول عنقها كان هو نفسه إعلاناً بذلك , وكذلك الخاتم .
منتديات ليلاس
وارتجفت لدي التفكير في نفسها لابسة خاتماً لا يساوي أكثر من عشرة آلاف
دولار بين هؤلاء الحاضرين . الخاتم الذي في إصبعها أخبر العالم كله بأن
العروس التي اختارها ماركو كالـﭭـاني امرأة استحقت احترامه , وبالتالي يجب
أن تستحق احترامهم هم أيضاً . أكثر النساء الحاضرات بدون أصغر سناً مما
هن عليه لأن لديهن الوقت والمال لمحاربة السنوات . كم يلبسن أحدث
الأزياء وأغلاها ثمناً , ليس لمجرد الترتيب والتأنق , إنما للاستعراض وربما
للمعرض . . . عرض أنفسهن بدلاً من ثيابهن . هذا هو الأمر .
منتديات ليلاس
شعرت بقشعريرة من الخطر . وفجأة , تذكرت صوت أولمبيا يقول :
( معروف عن ماركو أنه يدمر النساء ) .
كن يراقبنها بأعين متوهجة , أهو فضول , غيرة , أو سخرية ؟ أو كل
هذا وأكثر ؟ شهوة , حسد , ذكريات , توقعات . . . بعض هذه المخلوقات
الوقحات كن عشيقات له , ويردنها أن تعلم ذلك . وكن يحسبن كم سيبقى
أميناً لها . ليس لمدة طويلة , كما يفكر بعضهن من دون شك . وهن يردنها
أن تعلم ذلك أيضاً .
إنها في عرين الأســد .
منتديات ليلاس
دفعها غضب مفاجئ إلى أن ترفع رأسها وتعدل كتفيها .
لا يهم لو فُسخـت الخطبة بسرعة . الليلة على الأقل هو لها رسمياً ,
وستدافع عن حقها فيه . سألها ماركو : (( هل أنت بخير ؟ )) .
ـ بأحسـن حال .
ـ وأنا أصدقك . هنا غابة , لكنك قوية .
منتديات ليلاس
ـ أنا لست خائفة , ولكن ربما عليهن هن أن يخفن
فقال وهو يمنحها إحدى ابتساماته المشرقة النادرة : (( نعم تعالي )) .
منتديات ليلاس
وقادها إلى باحة الرقص : (( دعينا نخبرهن بما يردن أن يعرفنه )) .
وأخبر أولئك النسوة المستاءات ما كن يردن معرفته بالضبط . فرقصا
الواحد في حضن الآخر الخد على الخد يتمايلان وكأن كلا منهما قد ذاب في
الآخــر .
فكرت هارييت أن كل هذا زائف ومجرد عرض على الجموع . لكن
البهجة التي شعرت بها لمجرد قربها منه كانت تشتعل داخلها مجدداً . كان
ثوبها كاشفاً , ولكن بدلاً من أن تشعر بالخجل كالمرة الماضية , بدت مزهوة
الآن . فقد أصبحت تعتقد بأنها تستحق أن يراها الآخرون , وكانت تريد من
هذا الرجل بالذات , أن يعتقد ذلك أيضاً . وقد فعل , إذا صدقت النظرة
التي بدت في عينيه .
منتديات ليلاس
قال بنعومة : (( أنت رائعة الجمال . لا أريدك أن ترقصي مع أي شخص
آخــر )) .
فقالت باسمة : (( إذن فلن أرقـــص )) .
ـ لـسـوء الحظ يتوجب عليك ذلك , وكذلك أنا .
ـ نعم وإلا سيخيب أمل كل أولئك النسوة .
ـ إنسي أمرهن .
منتديات ليلاس
ضحكت . وكانت قريبة من وجهه بحيث أدفأته أنفاسها , وشعرت به
يرتجف : (( لن يعجبهن ذلك )) .
فقال مرة أخـرى : (( إنسي أمرهن , آمـرك بذلك )) .
ـ أنت تعطي الأوامر بسهولة بالغة , ولكن من غير الحكمة أن تخبرني بما
منتديات ليلاس
علي أن أفكـر به .
فضاقت عيناه : (( لماذا ؟ )) .
ـ لا ينبغي عليك قط أن تعطي أوامر لا يمكنك أن تنفذها بالقوة , كيف
ستعرف أنني أفعل ما تريد ؟
ـ سآخــذ عدم قيامك بذلك أمراً مسلمـاً به , وبهذا لا يمكنني أن
أخطئ .
فقالت تغيظه مداعبة : (( أنت تفهمني كما أفهمك تماماً )) .
ـ وماذا أنا برأيك ؟
منتديات ليلاس
ـ أنت طاغية .
ـ وأنت سـاحرة .
توقفت الموسيقى الراقصة , فألقى عليها نظرة جامدة قبل أن يفترقا إلى
شركاء آخرين .
رقصت هارييت مع الكونت كالـﭭـاني وغويدو , وليو , حتى وصلت
أخيراً إلى البارون أورازيو مانيللي .
منتديات ليلاس
كانت قد قابلته بشك مختصر بداية السهرة . بدا لها أصغر مما
توقعته . ليس شاباً لكنه ليس كبيراً في السن . ذا بنية قوية ووجه سمين
وملامح متغطرسة . كانت قد كتبت إليه مرات كثيرة إلى حد تساءلت معه إن
كان اسمها سيؤثر على استجابته . نظر إليها مقيماً ولكن من الصعب التكهن
بما تعنيه نظراته . تقدم منها الآن طالباً الرقص معها وقد بدا من عينيه أنه
تذكرهــا .
وعندما دخلا الحلبة سألها : (( تساءلت لماذا كان اسمك مألوفاً . لقد
كنت تكتبين إلي )) .
ـ طوال سنوات . فالجميع يعرف أن مجموعة تحفك وتماثيلك أسطورية ,
لكنك تخفيها .
ـ كان أبي وجدي جامعي التحف الفنية . أمــا أنا فأحب أن أمضـي
أوقاتي بين الأحياء وليس الأموات . لماذا تريد شابة رائع الجمال مثلك أن
تدفن نفسها في الماضي ؟
ـ أنا أعشق ذلك . إنه حياتي .
منتديات ليلاس
ـ من المؤكد أنه ليس كل حياتك . فزوجك سيرغب في اهتمامك .
فقالت برزانة : (( وسيحصل عليه . إنما في حدود المعقول )) .
قهقه ضاحكاً بصوت مرتفع , فالتفت الجميع نحوهما : (( ماركو لن
يسمح لك بذلك )) .
منتديات ليلاس
ـ ومن قال إنني سأسأله ؟ لن أتخلى عن عملي لمجرد أنني زوجة .
فقال ضاحكاً : (( لقد ابتدأت أعجب بك . ربما علينا أن نتحدث أكثر
من هذا )) .
منتديات ليلاس
ـ عن مجموعتك ؟ وعن ذهاب إلى بيتك لرؤيتها ؟
ـ وكيف يمكنني أن أرفض طلبك ؟
احتك به شخص ما من الخلف , فقال : (( هل يمكننا الذهاب إلى مكان
أقل ازدحاماً ؟ )) .
لو استطاعت أن تتسلل بعيداً للحظة , لما سبب ذلك أي أذى , كما
أخذت تقنع نفسها . فهما سيذهبان إلى الغرفة المجاورة حيث تجري الحفلة
أيضاً , ولكن الناس فيها أقل . ولكن في الغرفة التالية كان ثمة شخص
يغني , فاستمرا في سيرهما حتى وصلا إلى الحديقة ووجدا مقعداً خشبياً تحت
شجرة تدلت منها أنوار ملونة .
ابتدأ مانيللي يتحدث عن الذهب والمجوهرات باسطاً سجــادة من
الأعاجيب أمامها حتى بهرها . وابتعد عنها العالم الخارجي , ونسيت أين هي
وماذا عليها أن تفعل الآن ؟ سرقها الوقت من دون أن تلاحظ عندما انفتح
أمامها عالم جديد . وأخيراً قالت بحرارة : ((ولكن ما كان لك أن تخفي كل
هذا . عليك أن تدع العالم بأجمعه يدخل بيتك ليرى تلك النفائس )) .
أخذ يدها بين يديه : (( عليك أن تأتي إلى بيتي ذات يوم وسيكون من
دواعي سروري أن أريك كل شيء )) .
منتديات ليلاس
ـ سيكون ذلك رائعاً .
قال هذا بصوت خافت وهي تغمض عينيها وكأنها في حلم .
لكن صوتاً بارداً بدد هذا الحلم : (( أنت تهملين ضيوفنا حبيبتي )) .
كان ماركو واقفاً أمامها بابتسامة لم تصل إلى عينيه . كانت نظراته مسمرة
على يدها التي كانت بين يديه .
ـ سامحنا .
منتديات ليلاس
قال أورازيو هذا وهو يقف من دون أن يترك يدها : (( في غمرة عجبي
لاكتشاف سيدة مليئة بالحكمة والعلم بقدر ما هي رائعة الجمال , نسيت
حسن السلوك واحتكرتها لنفسي . هل يمكنني القول , يا ماركو , كم أنت
محظوظ في الحصول على حنان هذه الحلوة . . . ؟ )) .
التوت شفتا هارييت . كان هذه عرضاً مشيناً , إنما مسلياً . ثم استرقت
نظرة أخرى إلى وجه ماركو . لم يجد أياً من هذا مسلياً . ثم استرقت
نظرة أخرى إلى وجه ماركو . لم يجد أياً من هذا مسلياً وهو يقول بصوت
فاتر : (( تبلغت التهنئة وأن أشكرك)) .
منتديات ليلاس
كانت نظراته القاسية مسمرة على يد هارييت , فسحبتها بسرعة من يد
أوزاريو بسرعة قبل أن يتركها , وهو يقول : (( لا تدعه يغيظك . لأنه
يقول ذلك عمداً . كنه بدلاً من ذلك تأبطت ذراعه وعادت معه إلى البيت .
وقالت تحاول إقناعه : (( لا تغضب )) .
منتديات ليلاس
فقال بخشونة : (( لا أغضب ؟ أتدركين أن الليل قد انتصف تقريباً ؟ )) .
ـ آه , رباه , أنا آسفة . ما كان لي أن أتأخر إلى هذا الحد .
فقال بصوت متوتر : (( ربما بإمكاننا أن نناقش ذلك فيما بعد )) .
منتديات ليلاس
أدهشها أن تراه يأخذ هذا الأمر جدياً . إنه يعلم أنها لا تهتم إلا بالنفائس
التي في بيت أوزاريو . إنه رجل محنك وبإمكانه أن ينبذ ذلك جانباً . لكن
غضبه الهادئ لم يترك شكاً في أن ذلك لمس منه وتراً حساساً .
ـ ماركو .
منتديات ليلاس
ـ فلندع الحديث ند هذا الحد الآن . يجب أن يرانا الضيوف في أحسن
مظهـر .
ـ لكنك تعبس غاضباً في وجهي .
ـ أنا لست كذلك . فهذا أسهل كثيراً .
كان بعض الضيوف قد خرجوا إلى الحديقة وبإمكانهم أن يروا ماركو
وهو يجذب عروسه إلى ذراعيه .
فقالت : (( لا أظن . . . )) .
فقال بعنف : (( إخرسي . . . إخرسي واجعلي المشهد يبدو حسناً )) .
ارتفع الهتاف في الحديقة عندما شد ذراعيه حولها برغبة خشنة بينما
استسلمت هي إلى عناقه . ما كانت لتختار أن يبدو الأمر بهذا الشكل , ولكن
تملكها شعور بالذنب بأنـها عاملته بشكل سيء وعليها أن تساعده في إنقاذ
كرامته .
منتديات ليلاس
لو أنه فقط لا يحتضنها بهذه الشدة التي بدت للناظرين أشبه بعاطفة لا
تنضب , بينما هي في الواقع غضب بالغ .
وتمتمت : (( لا يا ماركو . . . هذا يكفي )) .
فقال بصوت مرتجف : (( نعم . هذا يكفي لإقناعهم الآن , ولكن علينا
أن نمثل دور العاشقين لبقية السهرة )) .
منتديات ليلاس
وأرخى قبضته فترنحت لحظة ورأسها يدور , واضطرت إلى التمسك
به . بعض الضيوف الذين كانوا قد اجتمعوا على الشرفة قالوا جهاراً ما كان
الباقون يفكرون فيه سراً .
ـ ماركو , لقد جعلت الفتاة المسكينة يغمى عليها . . .
ـ هكذا يكون العناق الرومنسي الحقيقي .
ـ والآن , إنه يريد أن يتخلص منا بسرعة .
وعلا الضحك .
قالت لوشيا تنهر الشبان المشاغبين : (( هذا يكفي )) .
فقال أحدهم : (( كنا نهنئه فقط , والآن , لو أن هارييت كانت لي . . . )) .
فقال ماركو : (( لكنها ليست لك , فهي لي, ومن الأجدر بك أن تتذكر
ذلك )) .
منتديات ليلاس
كان صوته مرحاً ودوداً تقريباً , ولكن بعض المستمعين استشفوا النبرة
الفولاذية الخافتة فيه , وأولهم المرأة الواقفة بين ذراعيه التي كانت ما زالت
تشعر به يرتجف مثلها تماماً . وعندما تكلم , اشتدت ذراعه حولها بشكل
غريزي , وأدركت هي أن هذه الرسالة لها هي بقدر ما كانت لهم . إنها
تحذير .
ونادى ماركو : (( هاتوا مزيداً من المرطبات . . . المرطبات للجميع )) .
أسرع الخدم بزجاجات العصير , يملؤون الكؤوس الفارغة , ثم رفع
ماركو يده يسكتهم : (( أنا أوفر الناس حظاً , فأروع امرأة في العالم وعدتني
بأن تكون زوجتي . ولا أظن هناك سعادة أكبر من هذه )) .
عجبت كيف يمكنه أن يقول ذلك , بينما يتهمها بأنها تخدعه ؟ كيف
يمكنها أن تكتشف يوماً حقيقة تفكير هذا الرجل ؟
ـ إرفعوا كؤوسكم واشربوا معي نخب عروسي !
كلهم شربوا نخبها وانتهت السهرة بمرح صاخب . واستغرق
حضور السيارات الفارهة لتأخذ الضيوف ساعة أخرى , بينما كان أفراد
الأسرة بدعوتهم .
منتديات ليلاس
عندما توارت آخر سيارة , أغمضت هارييت عينيها إرهاقاً . عليها الآن
أن تصلح الأمور بينها وبين ماركو . لكنها عندما فتحتها لم تجد له أثراً .
رأتها لوشيا تنظر حولها فقالت لها : (( لا تقلقي , ربما يتحدث مع ابني
عمه في مكتبه فلا تنتظريه )) .
وافقت هارييت , فربما من الأفضل أن تدع غضبه يبرد أولاً . قبلت
لوشيا ثم صعدت إلى غرفتها .
منتديات ليلاس
كانت تنوي الاستحمام قبل الخلود إلى النوم , لكنها لم تستطع , شيء ما
بالنسبة لهذه السهرة لم ينته بعد . مدت يديها إلى رقبتها محاولة أن تفك العقد
الذهبي الثقيل , وهي تفكر كالعادة . . . ذهب أصلي من القرن السابع عشر ,
مزخرف بطريقة . . . آه , ومن يهتم بذلك ؟
من يهتم لشيء ما عدا النظرة التي رأتها في عيني ماركو عندما عثر عليها
مع البارون ؟ ما هي أهمية أي شيء ما عدا ما كانت تعنيه تلك النظرة ؟
ثم رأتها مرة أخرى . لم تسمعه وهو يدخل الغرفة , وإذا به خلفها يزيح
أصابعها جانباً لكي يفك لها القلادة . بدا وجهه مظلماً إلى حد توقعت معه
أن ينتزع مها العقد انتزاعاً . لكنه رفعه بهدوء رغم أن أصابعه لم تكن ثابتة
تماماً .
منتديات ليلاس
قالت بلطف : (( لا أظنك ما زلت غاضباً . لقد كانت سهرة رائعة )) .
فقال متوتراً : (( أنا مسرور لأنك استمتعت بها , ثم نعم , ما زلت
غاضباً , فقد خدعتني )) .
منتديات ليلاس
ـ لمجرد أنني انخرطت في حديث مع . . . ؟
ـ لقد اختفيت من حفلة خطوبتنا مع رجل آخر , وبقيت معه قرابة
ساعة , هل لذلك أي مبرر معقول ؟
ـ هل كانت غيبتي طويلة إلى هذا الحد ؟ لم أشعر بمرور الوقت كما أنني
نسيت . . .
فقال بحدة : (( قولك إنك نسيت هو خطأ . شكراً , هذا كل ما كنت
أحتاجه )) .
منتديات ليلاس
ـ أنا آسفــة .
أحال الغضب صوته إلى فولاذ : (( أقدر لك أن أفكارك عن السلوك هي
غير تقليدية , ولكن ألم يخبرك أحد أنه يُفترض بالمرأة أن تفضل مرافقة خطيبها
على مرافقة أي رجل آخر ؟ وإذا كانت لا تستطيع ذلك , عليها أن تتظاهر به
من باب اللياقة والتهذيب , فلا يبدو رجلاً مخدوعاً أمام العالم كله . هل
تفهمين ؟ )) .
ـ طبعاً أفهم . آه , إسمع , أنا آسفة يا ماركو , آسفة حقاً , لم اقصد
إهانتك , لقد انجرفت فقط . . .
ورأت وجهه فقالت : (( قولي هذا زاد الأمر سوءاً , أليس كذلك ؟ )) .
ـ ما تفعلينه يثبت أصلك الإنكليزي . أنت تظنين كون إسمك إيطالياً
يجعلك واحدة منا . لكنني أقول لك إن الإسم لا يعني شيئاً . المهم هو القلب
الإيطالي وأنت ليس لديك فكرة عن ذلك )) .
حدقت هارييت إليه , وقد أذهلها أن هذا الرجل البارد المتحفظ الذي
كانت تظن نفسها تعرفه , يقول شيئاً قاسياً كهذا . وهبت في وجهه تقول :
(( كيف تجرؤ على القول إنني لست واحدة منكم ؟ إنه تراثي بقدر ما هو
تراثك )) .
منتديات ليلاس
ـ صحيح أن دمك شرق أوسطي حار , لكنه لم يعد له تأثير , وإلا
لعرفت أن معاملة المرأة لزوجها شيء بالغ الأهمية بالنسبة إليه .
ـ أنا لست امرأتك .
ـ بل أن كذلك .
وفكر لحظة ثم عاد يقول : (( أنت كذلك بالنسبة إلى الناس هنا . لكنك
تظنين أننا مجرد صديقين حميمين , كما أننا رجل وامرأة مجردين من
المشاعر . لكن الإنكليز فقط يفكرون بهذا الشكل )) .
كان ينظر إليها وكأنه رجل غريب : (( مــاذا حدث ؟ ألا تحتملين قول
الحقيقة ؟ )) .
منتديات ليلاس
فصرخت : (( هذه ليست الحقيقة )) .
ـ بل الحقيقة وأنت تعرفين ذلك . أنت تلجأين إلى العالم الميت لأن
العالم الحي كثير عليك ؟ قلبك مركز على الماضي حيث لا شيء يسبب الألم .
ماذا تعرفين عن الكرامة أو الحب , أو العواطف المشبوبة ؟ إنها مجرد كلمات
بالنسبة إليك .
فصرخت : (( كان ذلك مني مجرد عدم اكتراث ولا علاقة له بالحب أو
المشاعر . . . )) .
ـ لكن علاقته قوية بالكرامة , كرامتي التي ذللتها أمام الجميع . ما الذي
كنتما تتحدثان عنه طوال ذلك الوقت ؟
ـ وما الذي أتحدث عنه دوماً ؟ الآثار . أنت تعلم أنني كنت أريد
الاتصال به لأنني أخبرتك بذلك وقلت إنك ستساعدني على زيارته .
ـ يمكنك أن تنسي ذلك . فقدمك لن تطأ أبداً منزل ذلك الرجل .
ـ أتراك تعطيني مزيداً من الأوامر ؟
منتديات ليلاس
ـ فلنقل إنني أشير إلى ثوابت معينة . لقد خَلَف بيننا . وحيث إنك
تعرفين هذا , من غير المعقول أن تسعي إلى صحبته .
ـ ليست صحبته ما أسع إليها ولكن تحفه الفنية .
ـ أنت لا تفهمين , أليس كذلك ؟ إذن دعيني أتكلم بوضوح . أنا أمنعك
من الذهاب إلى بيته .
منتديات ليلاس
ـ تمنعني . . . ؟ أنت تعطي الأوامر وأنا يُفترض بي أن أقول حـاضر . يا
إلهي , أنت جئت إلى الشخص غير المناسب . لا بأس لقد تغيبت عن الحفلة
وقتاً طويلاً . أنا آسفة , كان عدم مراعاة للمشاعر مني . ولكن الجميع
في الحفلة كان يعلم أن خطبتنا مدبرة , وقد كان ادعاؤنا حسناً . ولكن ليس
هنا أسرار في روما , كما قلت لي أنت بنفسك . وإذا كنت ستتحدث عن
الكرامة , ماذا عن كرامتي أنا ؟ لم يكن في الحفلة امرأة الليلة لا . . . كيف
أقولها بشكل مهذب ؟ لا تعرفك أكثر مما أعرفك أنا .
فقال وعيناه تلتهبان بشكل خطر : (( أتريدين أن تقولي إن هذا نوع من
الانتقام ؟ )) . منتديات ليلاس
ـ لا . كلا طبعاً . ولكن لا أحد يظن أننا نعني , في الحقيقة , شيئاً
لبعضنا البعض . . .
فقال ساخراً : (( ( نعني شيئاً لبعضنا البعض ) ؟ ما الذي يزعجك في كلمة
حب )) . منتديات ليلاس
قالت بغضب : (( لا علاقة للحب بهذا . لا يمكنك أن تغير العبارات
كلما ناسبك ذلك )) .
ـ أريد وعداً منك بألا تريه مرة أخرى . سواء كنت أنا هنا أم لا .
فصرخت : (( بل سأراه إذا أنا أردت ذلك . والوعد الوحيد الذي
يمكنني أن أقطعه لك هو أنني لن أعـدك بشيء )) .
منتديات ليلاس
ـ أنا أنذرك . . .
ـ لا تنذرني , فهذا لا يؤثر علي . منتديات
ليلاس
ـ أنت لن تريه مرة أخرى يا هارييت . وأنا أعني ذلك .
ـ وإلا ماذا ستفعل ؟
ـ ستجدين نفسك على أول طائرة متجهة إلى إنكلترا .
ـ ربنا بإمكانك أن تطردني من هذا المنزل , ولكن هل يمكنك أن تراهن
على أنني لن أنتقل إلى فندق وأرى مانيللي كل يوم ؟
فضاقت عيناه : (( إياك أن تفعلي ذلك . أنا أنذرك )) .
ـ هل تهددني ؟
ـ هذا ليس تهديداً بل إنذاراً . هل أنا واضح ؟
ـ تماماً , والآن دعني أكون واضحة .
وخلعت الخاتم وقدمته له : (( هل هذا واضح بما يكفي ؟ )) .
ـ تباً لك .
وانتزع الخاتم منها بسرعة وألقاه بعيداً من دون أن ينظر أين وقع .
حدقت إليه مصعوقة وهي تدرك انه على وشك فقدان السيطرة على
نفسه : (( ماركو , أريدك أن تخرج الآن )) .
واستدارت مبتعدة لكن يديه كانتا على كتفيها ترغمانها على مواجهته :
(( لم أنته بعد )) .
حاولت أن تنتزع نفسها منه لكنه أبقى يديه في مكانهما حتى أذعنت له
وقالت : (( دعني أذهب )) . منتديات
ليلاس
ـ ربما عليك أن تلتزمي بالنصائح التي تسدينها . إياك أن تأمري بشيء
لا يمكنك فرضه إلا إذا كنت تظنين نفسك من القوة بحيث يمكنك
مقــاومتي .
منتديات ليلاس
لم تجب , وإنما حملقت فيه بغضب بالغ . فتدلى شعرها على وجنتيها
المتوهجتين . بدا أن مظهرها العنيف المتوحش قد فتنه , لأنه جذبها إليه فجأة
محاولاً معانقتها .
فقالت بصوت خافت : (( إياك أن تجرؤ . لقد انتهت خطوبتنا )) .
فقال وهو يدنو منها أكثر : (( لا . لم تنته )) .
حاولت أن تقاومه بكنه ثبتها بيديه الفولاذيتين , مانعاً إياها من الحركة ,
فأذعنت لعناقه . كانت تعيب عليه مازحة إصراره على تنفيذ ما يريد , لكنه
كان يصر الآن والأمر ليس مضحكاُ . . . لأنه يملك القدرة التي لم يملكها
رجل آخر على إثارة أحاسيسها .
كان يعلم كيف يستعمل مهارته محركاً إياها بمهارة بين ذراعيه مرسلاً
ارتعاشات من العواطف في داخلها , ثم وببطء , يعود فيكبح جماحه ,
وجماحها أيضاً .
منتديات ليلاس
قالت بصوت مرتجف : (( كيف تجرؤ )) .
كانت غاضبة للغاية منه لفرضه هذا عليها , والأكثر من ذلك أنه ابتعد
حين بدأت تشعر بالاسترخاء .
لم يجب . ولم تعرف حتى إن كان قد سمعها . كان وجهه مظلماً منزعجــاً
وعيناه مسمرتين عليها وكأنهما تسألانها أسئلة لم تفهمها . ومرر يده على
ذراعها مداعباً إياها بأصابعه .
منتديات ليلاس
الآن كانت ذراعاها مطلقتين وبإمكانها أن تدفعه عنها بعيداً غير أن
الإرادة كانت تنقصها . أخذ يلامس وجهها مداعباً إلى أن وصلت أصابعه
خلف أذنها , وكأنه كان يعلم أنها نقطتها الحساسة . أخذت نفساً مرتجفاً
عندما سرى هذا الإحساس العذب في كيانها .
لم يعد بإمكانها الإدعاء الآن , فهو سيشعر بخفقان قلبها الجنوني تحت
أصابعه . لقد تحداها أن تقاومه , لكنها لا تستطيع أن تقاوم الأحاسيس التي
تملكتها وجعلتها ترفع يديها ليس لتدفعه عنها بل لتعقدهما حول رأسه .
اشتعلت الأحاسيس في كيانها بشكل لم تعرفه من قبل . لأنها , ربما للمرة
الأولى في حياتها تشعر بالحياة مشرقة مثيرة . وتأوهت والتصقت به .
منتديات ليلاس
شعرت به يتصلب ثم يجمد تماماً . رفع رأسه وهزه قليلاً , وكأنه يتساءل
عما يحدث , ثم سمر نظراته على وجهها . أوشكت أن تصرخ إزاء التعبير
الذي بدا على وجهه . لم ترَ انتصاراً كما توقعت , وإنما طيفاً من العذاب .
ـ ماركو . . . منتديات ليلاس
فقال بصـــــوت أجش : (( لو رأيتك تفعلين هذا مع أي رجل آخر ,
لكنتُ . . . لكنتُ . . . )) . منتديات
ليلاس
انتظرته أن ينتهي , وهي تصغـي إلى أنفاسه السريعة وخفـقـات قلبها
المرتفعة . كان هذا شخصاُ جديداً مرتبكاً معذباً بمشاعر عنيفة توشك أن
تدمره . ليس ماركو الذي تعرفه .
وأخيراً همست : (( سوف تفعل مــاذا ؟ )) .
سرت في كيانه رجفة : (( هذا غير مهم )) .
منتديات ليلاس
ارتجفت قبضته وتلاشت نظراته اللامعة تاركة عينيه حزينتين بشكل
غريب . منتديات ليلاس
تمسكت بالأثاث , شاعرة بالأرض تهتز تحتها : (( ربما هو مهم )) .
فقال بحدة : (( لا . انتهينا من هذا الـمــــوضوع الآن . وأنا آسف
لتحذيري هذا لك )) .
ـ ماركو . . .
ـ أعدك بألا يحـــدث هذا مجدداً .
ـ ماركو .
* * *
نهاية الفصل (( السادس )) . . .
|