كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
تمتم برايس ببطء وهما يجلسان فى قاعة استقبال أحد فنادق لندن الفخمة وصينية القهوة التى طلباها موضوعة على الطاولة أمام سابينا :"هناك شئ مختلف فيك الليلة"
هل ما يراه فى نظرتها قلق وهى تتطلع أليه؟ أم أنه يتخيل؟كانت النظرة سريعة قبل أن تختفى وراء ابتسامة مهذبة بحيث لم يعد واثقاً...
قالت سابينا بغير إكتراث :"وهل هذا صحيح ؟"
أعطته فنجان القهوة قبل أن تجلس فى مقعدها لترتشف قهوتها وقالت:"أنا دائماً أشعر بحساسية زائدة بعد العرض...ربما هذا ما هو الأمر عليه؟"
قال معلقاً بخفة على السيارة المرسيدس التى كطانت تقودها :"سيارة رائعة"
"شكراً...أنا فى الواقع أستمتع بأن أقود فى لندن مرة أخرى"
لقد تغيرت وفكر برايس بهذا مقطباً وهو يسجل ابتسامتها السعيدة
ذلك الخوف الذى أحسه فيها منذ البداية لم يعد موجوداً على ما يبدو . ولو أنه الآن بالطبع يعرف سبب وجوده
مال إلى الأمام ليقول لها بصوت أجش :"لم تكن امك تبوح بسرك أثناء كلامها معى . إنها تعتقد وربما مخطئة اننا صديقان"
وكشر ساخراً
وهبط ستار فوق نظرة سابينا :"أنا لست أول شخص معروف يتلقى رسائل تهديد ومخابرات من مجهول لا يعجبه عملى ولن أكون الأخيرة"
لكن برايس لا يتراجع بسهولة فقد عرف من جوان أن هناك أكثر من هذا وقال:"لقد دخل الرجل غرفة ملابسك فى أحد العروض وهاجمك"
أحس برايس أنه يريد ارتكاب جريمة لتفكيره بأن شخص ما يحاول أذية سابينا. أحترق غضباً بعد كلامه مع جوان.ورغب لو يمسك بالرجل الذى هاجم سابينا و...أراد أن يلتقط سابينا ويلفها بعباءة واقية ويتأكد من ألا يحدث لها شئ كهذا مرة أخرى.
ما عدا ان ريتشارد لاتم سبق وفعل هذا .وأحس كذلك بالحاجة لأن يضرب ريتشارد لأنه مسموح له أن يحمى سابينا !
هزت سابينا كتفيها وهى لا تزال تتجنب نظرة برايس المباشرة وقالت بصراحة :"لقد وافق على الخضوع لعلاج نفسى نتيجة لعمله تلك الليلة . وهذا سبب عدم تحريك المسألة أكثر من هذا "
وكان السبب أيضاً فى بقاء الحادثة طى الكتمان . أوه استطاع برايس أن يرى الآن لما فضلت سابينا إبقاء الأمر هكذا.
مالت سابينا إلى الأمام :"أسمع برايس . لقد أنتهى كل هذا الان . و...."
قاطعها بخشونة:"وهل أنتهى؟ ماذا عن الرسائل التى مازالت تتلقينها؟"
كان يخاطر مخمناً أنها لا تزال تتلقى رسائل التهديد . لكن نظرة واحدة إلى وجهها المصدوم جعلته يعرف أنه محق . ويدرك أن المغلف الأخضر المدمر الذى وصل بالبريد وكانت ردة فعلها عليه غريبة يوم زارها هو رسالة تهديد
التوى فمه غضباً :"لا أعتقد أن العلاج النفسى كان ناجحاً...أليس كذلك؟"
تحركت عضلات عنقها النحيلة متشنجة وهى تبتلع ريقها بقسوة وأخذت نفساً خشناً :"برايس أنا أفضل حقاً ألا أناقش هذا"
وهزت رأسها بإضطراب
"أستطيع فهم السبب.لكن الرجل لم يتوقف...أليس كذلك؟واضح انه يأخذ وقته إلى ان تتاح له فرصة الوصول إليك مرة أخرى...أنه..."
قاطعته بخشونة:"ككفى! أنا...لقد توقفت الرسائل فأوقف هذا براس .أنا لم اتلقى رسالة منذ أسابيع"
قال بخبث:"إذا خمنت سأقول إنك تلقيت رسالة أخرى يوم زرتك وكنت مريضة فى السرير"
ارتفعت نظرة سابينا بسرعة إلى وجهه ثم أشاحتها
"أنت ماكر جداً برايس...كانت تلك آخر رسالة تلقيتها"
"منذ أربعة أسابيع...كم رسالة كنت تتلقين؟"
ابتلعت ريقها مرة أخرى :"كل أسبوعين"
قال بخشونة:"الوقت مبكر قليلاً لأفتراض عدم وجود المزيد منها . ألا تظنين ذلك؟"
وجعله الغضب الذى يشعر به نحو ذلك الرجل يبدو قاسياً
فتحت سابينا فمها لتقول شيئاً ثم فكرت مرة أخرى وهزت كتفيها
نظر برايس إليها متسائلاً :"سابينا...؟ما الذى لا ترغبين بقوله لى؟"
إزداد إقتناعه بمرور اللحظات أن هناك شئ تخفيه
أجبرت نفسها على إظها إبتسامة مشرقة :"يا للسماء...لابد ان هناك الكثير من الأشياء التى لا أخبرك إياها برايس...فنحن لا نعرف بعضنا جيداً بما يكفى لمشاركة الأسرار"
لا نعرف....! أخذ برايس نفساً حاداً إنه يعرف هذه المرأة جيداً بما يكفى ليعرف أنه يحبها وأنه لا يفكر بشئ سواها ليلاً نهاراً...فكم يحتاج أن يعرفها أكثر؟
رد بتوتر:"شكراً!"
ابتسمت له بخبث :"أهلاً بك"
عبس برايس مؤنباً :"واضح أنك كنت مشغولة فى الأسابيع الثلاثة الأخيرة"
كانت مشغولة بحيث كانت مسافرة أو غير موجودة فى كل مرة يتصل بها هاتفياً !
مرة أخرى أحس بقلق مفاجئ يعتريها ولم يكن ذلك الخوف القديم الذى أصبح يعرف أصبح يعرف سببه بل مجرد قلق...فلماذا؟
ردت دون التزام:"لقد قلت لك منذ أسابيع إن برنامج عملى مثقل بالمواعيد لستة أشهر قادمة"
"هذا صحيح...وأنا كذلك لم أكن عاطلاً عن العمل فى الأسابيع الثلاثة الماضية"
نظرت إليه بإهتمام مهذب :"أوه؟"
كره برايس النظرة فوراً .آخر ما يريده من سابينا هو تهذيبها معه!
قال دون مقدمات:"لقد أنهيت اللوحة"
منتديات ليلاس
رمشت بعينيها :"لوحتى؟"
أحنى رأسه ساخراً:"لا غيرها"
وأحمر خداها وبدا عليها الأرتباك:"لكن...أنا...أنا..لم انه الجلوس أمامك...أضف إلى هذا أننى...انك...لقد قال لك ريتشارد أنه لم يعد يريدها"
ضاقت عينا برايس غضباً :"هل هذه هى نظرتك إلى موهبتى الفنية حتى أنك تعتقدين أننى عاجز عن رسم موضوع لا يكون أمامى لساعات متواصلة؟"
تحركت بقلق :"لا...لكن...لِمَ تزعج نفسك ولم يعد لديك...زبون تبيعها له؟أعتقد أننى أستطيع..."
ونظرت إليه بإرتباك . فقاطعها بخشونة :"ليست للبيع!"
لقد جلس وانهى رسم سابينا من اجله وحده .من اجل كما عقله هكذا أحس فى بعض الأوقات . كان رسم صورتها على القماش وسيلته الوحيدة ليشعر على الأقل أنه قريب منها فى الأسابيع الثلاثة الماضية!
كانت صورة رائعة...سابينا مرسومة فى تلك الغرفة فى قصر جده...سابينا الجميلة يحيط بها الغموض الذى كان جزءاً منها
ما من طريقة تتيح لـ برايس بيع هذه اللوحة لأى شخص كان...وفى هذه الظروف كان من الأفضل أن لاتم غير رأيه حول رغبته بها...فسيواجه برايس مشكلة وهو يقول لـ ريتشارد إن اللوحة ليست للبيع!
هزت سابينا رأسها :"انا لا أفهم"
التوى فم برايس ساخراً :"ألا تفهمين؟"
وبدت اكثر حيرة :"لا...ماذا ستفعل بها؟"
رد ببطء :"لست متأكداً...قد أعرضها "
فكرة إخراج لوحة سابينا من ممتلكاته ولو للحظة حتى فى معرض له كانت شبه مستحيلة بالنسبة له.ربما سيعلقها فى غرفة نومه...إنها أقرب مكان يمكن ان يفكر بإيصال سابينا إليه!
أطرقت سابينا رأسها:"دعنى أعرف إذا قررت هذا , سأحب أن آتى لأراها"
رد بخشونة :"يمكنك النجئ إلى منزلى فى أى وقت لتريها"
ابتسمت سابينا ابتسامة متزمتة وهزت رأسها :"اعتقد أننى سأنتظر المعرض"
هز كتفيه وقال بخشونة:"أفعلى ما شئت"
وتغير الجو بينهما فى الدقائق الأخيرة وأدرك برايس هذا مقطباً . فقد فقدت سابينا معظم ذلك الحماس الذى لاحظه فيها وأراد إستعادته:"سابينا...."
وصمت وهو يراقب يدها التى رفعت فنجان القهوة إلى شفتبها وهو مصدوم بالكامل بعد ان لاحظ أن هناك شيئاً مختلفاً فى سابينا هذا المساء شيئاً كان يجب أن يلاحظه قبل الآن
كان إصبعها خالياً من الخاتم الماسى الضخم الذى يمثل ريتشارد لاتم بالنسبة لـ برايس وامتلاكه لها!
نظرت سابينا إلى برايس متسائلة مدركة أنه كان يحدق مشدوهاً إلى يدها....يدها الخالية.
كان هناك عدة اعذار يمكن ان تقولها له لتبرير غياب خاتم خطوبتها من يدها...إنها لا تضعه أبداً وهى تعرض الملابس ونسيت أن تعيده بعد العرض . أو أنه عند الصائغ ليصغره لأنها خسرت وزناً فى الأسابيع الثلاثة الماضية أو انها تستطيع أن تقول أنها نسيته هذا المساء . لكن ما من واحد من هذه الأعذار صادق.
أخيراً بدا أن برايس جمع شتات نفسه :"أين خاتمك؟"
نظرت سابينا إلى يدها...ماذا سيظن برايس لو قالت له إنها لم تضع الخاتم لأنها لم تعد مخطوبة ؟ الحقيقة أيتها البلهاء...أنها وريتشارد لم يعودا مخطوبين وأن برايس هو السبب!
جلست مستقيمة فى المقعد ونظرت مباشرة إلى برايس :"ليس لدى فكرة عما فعل ريتشارد به منذ أعدته إليه"
قطب بألم وسألها :"اعدت له خاتم الخطوبة؟"
ردت بإختصار :"أجل.لم أعتقد أنه من الصواب إبقاءه لأننا لم نعد مخطوبين"
سأل برايس ببطء:"ومتى أعدته له؟"
لو قالت منذ ثلاثة أسابيع حين عادت مع لاتم من اسكتلندا فلسوف يخمن برايس أن له دخل فى فسخ الخطوبة...أو ان ريتشارد عرف أنهما كانا بين ذراعى بعضهما ذلك اليوم أو...وهذا هو الأسوأ...أن سابينا فسخت الخطوبة بسبب إدراكها مشاعرها نحو برايس
والسبب الأخير قد يكون صحيحاً لكنها ليست مضطرة لأن تتخلى عن كل كرامتها وتفصح عن الحقيقة الكاملة !
مال برايس إلى الأمام وقال لها بخشونة :"كنت أتصل بالمنزل خلال الأسابيع الثلاثة الماضية لأتكلم معك وكانت مدبرة المنزل تقول لى أنك غير موجودة!"
ابتسمت سابينا بخشونة:"أعتقد أن هذا صحيح , تقنياً...فأنا مل أعش فى المنزل لعدة أسابيع...أنظر برايس...لقد تأخر الوقت كثيراً"
وأنحنت لتلتقط حقيبتها وتقول بحزم :"كانت أمسية طويلة...لذا لو عذرتنى...."
انفجر بقسوة وتجهم:"لا....لن أعذرك!لا يمكنك الوقوف هكذا والمغادرة بعد ان قلت لى إنك فسخت خطوبتك بـ لاتم!"
"بالطبع أستطيع . على أى حال لقد فسخنا الخطوبة بأتفاق مشترك...وليس الأمر قضية كبيرة برايس . فى الواقع لقد أستمتعت بالأسابيع الماضية من الحرية"
شئ ما تغير داخل سابينا ليلة إنهاء خطوبتها من ريتشارد...أجرت إعادة تقيم لثقتها القديمة بنفسها , إستقلالها . الخوف الذى عاشت تحت وكأته فى الأشهر الماضيةتوقف كله تلك الليلة ولسبب وجيه جداً
منتديات ليلاس
أشتد ضغطها على فمها :"أحب أن اعود كما كنت مرة أخرى برايس . ولقد أنتقلت إلى شقتى الخاصة أفعل ما أريد وأذهب حيث أريد"
وهزت كتفيها وأنهت كلامها :"يجب أن اعترف أننى نسيت كم ان هذا الأحساس جيد"
* * * * *
|