تكلمت كلوى بصوت هادئ منخفض وهى تجلس بجانب برايس:"ستصبح هذه عادة مميزة"
لم ينجل عبوسه للملاحظة الممازحة فقد كان كل أهتمامه مركزاً على منصة العرض أمامه وهو ينتظر أن تنطفئ الأضواء ويبدأ عرض الأزياء
كان يحاول للأسابيع الثلاثة الأخيرة أن يرى سابينا أو على الأقل أن يكلمها . لكنه لم ينجح سوى فى تلقى صد مدبرة منزل ريتشارد لاتم وفى كل مرة كان يتصل كانت سابينا فى الخارج .
هكذا لجأ مرة أخرى إلى إقناع كلوى فى أن تدعه يرافقها إلى عروض الأزياء والتى يعرف أن سابينا ستشارك فيها كعارضة أولى .
أحس برايس طيلة هذه الأسابيع الثلاثة الماضية أنه كرجل فى الصحراء يكاد العطش يقتله...لكنه كان عطشاً لرؤية وسماع صوت سابينا!
قال لـ كلوى بجفاء :"لا تعتادى كثيراً على هذا...فعروض الأزياء لا تستهوينى"
نظرت كلوى إليه متفهمة:"أنا ليست حمقاء بالكامل برايس"
ضحك لزوجة أبن خالته :"لم يخطر ببالى لثانية واحدة انك حمقاء!"
كانت ستضجر أبن خالته فيرغوس منذ الأسبوع الأول لو أنها هكذا...
لكن بدلاً من هذا أزداد حب الأثنين لبعضهما البعض...
قالت كلوى ببراءة :"كانت مفاجأة لنا جميعاً حين أعلن هيوغ نيته الزواج مجدداً"
كان برايس على الأرجح الأقل دهشة من بين الجميع حين اتصل هيوغ بكل فرد من العائلة فى الأسبوع الماضى ليخبرهم بقراره...وهذا سبب إضافى يدفعه إلى التكلم مع سابينا أو على الأقل هذا ما أقنع به نفسه
وتابعت كلوى متحدثة:"ومن والدة سابينا من بين كل الناس"
اعترف دون اكتراث :"هذا ما فهمته"
كان يريد يائساً أن يعرف كيف تلقت سابينا الخبر
رفعت كلوى حاجبين أسودين :"قال لى فيرغوس إنك التقيت بـ جوان....؟"
أكد لها بحدة :"لوقت قصير "
ولم يكن لديه النية بأن يخبر أحداً من العائلة بنهاية الأسبوع السيئة.....!
"لا تقلقى كلوى..ستتاح لك فرصة التعرف إليها نهاية الأسبوع القادم فنحن مدعوون جميعاً إلى لقاء رسمى مع جدة المستقبل!
متى سيبدأ هذا العرض؟ أخذ يتساءل بنفاد صبر...كان مقرراً أن يبدأ فى الثامنة والنصف لكن الساعة تشارف على التاسعة الآن!
أكدت له كلوى :"لست قلقة برايس . أعرف هيوغ جيداً بما يكفى لأتقبل ذوقه البعيد عن الأخطاء . وأنا واثقة أن جوان جميلة....هل ستكون سابينا موجودة هناك؟أتظن هذا؟"
لو كانت كلوى تقصد أن تلهيه عن تركيزه العابس على منصة العرض بسؤالها المفاجئ فقد نجحت .
كان يتمنى بكل تأكيد أن تحضر وليس لأسباب أنانية فقد أحب جوان كثيراص خلال الأسابيع القليلة الماضية ولايريد أن تفعل سابينا أى شئ قد يؤلم أمها...وفى النهاية يؤلمها.
قال بصوت أجوف :"ليس لدى فكرة...هل تبدأ هذه العروض متأخرة عادة؟"
أكدت كلوى له دون اكتراث :"دائماً...لا تقلق برايس"
ومدت يدها تضغط على ذراعه مطمئنة:"عرفت من مصدر موثوق أن سابينا هنا بكل تأكيد"
دون شك بوجود الحارس الأمين كليف ! وهذا أمر مؤسف جداً...لأنه ينوى ان يرى سابينا هذا المساء كائناً من يكون معها ويحاول منعه
"أنا لا...."
وصمت مع إنطفاء الأنوار وأرتفعت الموسيقى التى يبدو أنها ترافق كل هذه المناسبات فجأة...وتمتم برايس بتوتر :"حان الوقت اخيراً!"
جل بأرتياح أكثر فى منتديات ليلاس مقعده يتحضر لرؤية سابينا لأول مرة منذ ثلاثة أسابيع . وخلال الساعة التى تلت تقدمت عارضة أثر أخرى على مهل فوق المنصة وجميعهن جميلات جداً...ألا أن سابينا لم تكن بينهن!
أكدت كلوى له مرة أخرى :"إنها هنا برايس "
عبس بشدة :"إذن أين هى بحق..."
وصمت...وتركزت الأنوار الكاشفة فجأة وسط المسرح وتوقفت الموسيقى مع بدء النصف النهائى الأول من العرض
سـابــيــنـــا!
جميلة,غامضة,مغرية.كانت تبدو رائعة فى فستان لامع بلون زرقة منتصف الليل . القماش يتمايل بإغواء حزل ثانيا جسمها المكتملة وهى تنزلق إلى وسط المنصة شعرها الأشقر مرتب فى طراز رائع...ظل العيون الائع الذى تضعه جعل عينيها كحليتان كالفستان . لم تكن تنظر يميناً ولا يساراً لكن بدا ان أبتسامتها مشرقة بقدر إشراق الفستان اللامع المغرى .
وذهل برايس بظهورها ولم ينضم إلى الحضور الذى صفق ترحيباً بها...فـ سابينا لم تبدُ يوماً رائعة الجمال هكذا
أو بعيدة هكذا لا يمكن الأقتراب منها!
أدرك مخدر الأحاسيس أن هذا هو عالمها...عالم هى الملكة فيه.أدرك فجأة انه يطارد الطرف المراوغ لقوس قزح
وشله أدراكه هذا حتى انه لم يدرك أن سابينا غادرت المنصة وعادت الأنوار الرئيسية لاستراحة قصيرة
يسألته كلوى بلطف وهى تعى أن برايس مذهول تماماً :"هل تريد الذهاب إلى ما وراء الكواليس الآن؟"
سألت مرة أخرى بعد ثوان حين لم تتلق رد:"برايس.....؟"
لملم نفسه بجهد وهز رأسه
"إلى هنا تنتمى سابينا"
هنا وإلى منزل ريتشارد لاتم كما يعرف برايس متألماً
هزت كلوى رأسها :"لست متاكدة من أننى أوافقك"
"معظم العارضات اللواتى أعرفهن حين لا يعملن يعشن حياة موحشة...معظمهن وبعد حصولهن على الشهرة والمال يتخلين عن أى شئ مقابل الحصول على الحب الحقيقى والزواج فى حياتهن
رد برايس بخشونة وهو يشعر بالضيق بين الجمع النتأنق
"سابينا تملك كل هذا"
بدت كلوى مفكرة:"أتعتقد هذا؟لطالما فكرت بعم دايفد ريتشارد كرجل بارد"
هز ريتشارد كتفيه:"إنه خيار سابينا...وليس خيارى"
كان يعرف ومن أجل جوان أن على سابينا حضور حفل العشاء الأسبوع القادم
أدهل برايس ولو لوقت قصير جمال سابينا ونجاحها ونسى سبب وجوده هنا الليلة...أوهـ...إنه يريد أن يرأها بنفسه....لكنه أقنع نفسه بأن القوى الدافعة وراء ظهوره هنا هذا المساء هو انتزاع وعد سابينا بأن تدعم أمها فى الأسبوع المقبل
لكن ما أن ألقى نظرة واحدة على سابينا حتى عرف أنه يخدع نفسه...
شعر أن حبه لها ازداد كثيراً إلى درجة انه لم يعد متأكداً من قدرته على عدم البوح بمشاعره نحوها حين يراها !
قال بصوت متثاقل :"ربما من الأفضل أن أغادر الآن"
"لا أظن"
وصمتت كلوى مع انضمام شخص ثالث لهما وحيت الفتاة الشابة :"مرحباً انى العرض يسير على ما يرام.أليس كذلك؟"
قالت الفتاة الشابة:"عليك أن تشاهدى الفوضى خلف الكواليس"
وأستدارت إلى برايس تبتسم له بوقاحة :"هل أنت السيد ماكليستر؟"
"هذا صحيح"
"إذن فهذا لك"
منتديات ليلاس
ودست مغلفاً فى يده.وضحكت قبل أن تسرع مبتعدجة
نظر برايس إلى المغلف بذهول...ماذا بحق....؟
سألت كلوى بفضول:"ألن تفتحه؟ آنى هى إحدى العاملات خلف الكواليس"
كان برايس قد خمن هذا وبما أنه يعرف شخصاً واحداً خلف الكواليس فهذه الرسالة من سابينا دون شك...ولو أنها لم تظهر أى دليل على معرفتها بالمشاهدين وهى على المسرح...آهـ كم أنت محترفة يا سابينا....
واضح أنها رأته يجلس هناك مع كلوى!
لكن لَم تكتب سابينا له؟لتحذره بعد أن راته وعرفت نواياه ألا يحرج نفسه فى محاولة رؤيتها هذا المساء بعد إنتهاء العرض ؟أم لشئ آخر؟
وكان خائفاً من أن يحصل على الرد!
شجعته كلوى بنفاد صبر :"أفتحه وأنظر إلى ما تقول"
نظر برايس إليها ساخراً"ألا تفترضين الكثير؟"
"أشك فى هذا...أسمع...ساعود بعد دقائق.سأذهب إلى غرفة السيدات وسأعطيك الوقت لقراءة الرسالة بسلام"
لم لم تكن كلوى متزوجة لوقع فى حبها فى تلك اللحظة لمجد إنها تركته لوحده إضافة طبعاً إلى أنه لم لم يكن مغرماً بـ سابينا!
كانت رسالة سابينا تقول:"لو أردت التحدث معى أظهر هذه الرسالة لأحد رجال الأمن فى نهاية العرض"
أدار برايس الورقة بين يديه ليتأكد من عدم وجود شئ آخر مكتوب عليها ولم يجد
* * * * *