تمنى برايس لو لم يقبل عرض ريتشارد لاتم بأن يسافر معه و مع ساينا فى سيارة واحدة .لأن قضاء الوقت مع سابينا برفقة خطيبها لم يكن تجربة مرضية بالنسبة لـ برايس على أى حال فالأثنان الآخران لا يبدو أنهما يشعران بمثل هذه الهواجس .فقد كانا يتحدثان معاً بكل سعادة فى مؤخرة سيلرة برايس كما لو أنه غير موجود أو أنه سائقهما !
قال بصوت أجش:"ارجو ألا أكون أقود السيارة بسرعة كبيرة تزعجكما؟"
ونظر عبر مرآة السائق ليجد سابينا تنظر إليه بحاجبين مرفوعين سخرية .وكأنها تعى تماماً كم يشعر بالسخط....وقحة!
قال ريتشارد لاتم دون اكتراث:"أبداً...كنا نقول لتونا إننا لم نكن نعرف كم البلاد جميلة هنا"
رد برايس:"إنها بلاد شهر العسل"
أعترف لاتم بخفة:"أمير واميرة ويلز يعتقدان هذا بالتأكيد"
لم يستطيع برايس مقاومة الرد بسخرية:"لكن أنظر ماذا حل بزواجهما"
ضحك ريتشارد بصوت منخفض:"أنا افكر بجزر الكارييب لشهر عسلنا"
فكر برايس متوتراً :ولسوف يفعل هذا.فكرة قضاء سابينا شهر عسل فى آى مكان مع ريتشارد لم تحسن مزاجه أبداً
ألقى برايس نظرة عأخرى فى المرآة الأمامية فارتفعت معنوايته قليلاً حين رأى سابينا تنظر إلى خطيبها بكثير من الدهشة مما جعل برايس يظن أنها المرة الأولى التى تسمع فيها عن شهر عسل فى جزر الكارييب أو فى أى مكان آخر.أدرك برايس ان هذا الحديث عن شهر العسل كان حتماً موجهاً إليه .
بعد أن فهم برايس فحوى الحديث أستقام فى مقعده. لقد تنبه عندما قرر لاتم تغيير خططه والسفر معهم إلى اسكتلندا إلى وجود شئ مريب إلا أن هذا التصريح الأخير أكد شكوكه ! ستكون الان كل حركة وكل كلمة سيقولها لسابينا تحت المراقبة!
قال بصوت أجش غير مرحب:"هذه أملاك جدى"
ودخل بالسيارة إلى طريق داخلية طويلة تقود إلى القصر
تمتمت سابينا بذهول بعد دقائق :"إنه جميل"
وعبرت السيارة بين قطيع غزلان وأصبح القصر الآن على مرمى النظر
كان برايس معتاداً على الإقامة فى قصر جده طيلة حياته فهو بيت ثان له . لكن هذا لم يكن يعنى انه لم يعد معجباً بجمال القصر الآسر بحجارته العتيقة وأبراجه الرومانسية الضخمة التى ترتفع نحو السماء الصافية
قال ريتشارد لاتم بعد دقائق وهم يخرجون من السيارة المتوقفة :"أعتقد أن خطيبتى تتخيل نفسها سيدة القصر"
وبدا العجب واضح على وجه سابينا وهى تتطلع حولها
نظر برايس إلى الرجل الآخر ببرودة ورد ببرودة أكبر:"أعتقد أن جدى (مخطوب) تقريباً"
واستدار ليبتسم إلى سابينا وسرورها الطفولى بما تراها حولها يسره أيضاً
وضع ريتشارد لاتم ذراعه حول كتفى سابينا بتملك خفيف :"إذا كنت تريدين قصراً...أستطيع أن أشترى لك واحداً"
بدا وكانه يدلل طفلة ويعدها بدراجة جديدة . لن تكون هذه نهاية أسبوع سهلة . كم سيكون من المرضى أكثر لو انه جاء بـ سابينا إلى هنا لوحدها . يشاركها هدوء البيت العالئلى ويجول بها فى المكان ويسير فى الأراضى معها ويُريها الساقية حيث تصطاد العائلة سمك السلمون.
قال برايس للرجل الآخر ساخراً:"هذا القصر ملك لعائلتى منذ قرون"
قالت سابينا بصوت أجش :"برايس على حق ريتشارد مثل هذا الجمال لا يمكن إلا أن يكون موروثاً....لا مشترى"
راقب برايس فم الرجل الآخر يشتد قليلاً.واضح أنه يعترض على الحديث...أو على الأقل على ما قالته سابينا عنه.
قال برايس بخفة وهو يقود الطريق صعوداً على الدرجات الحجرية نحو الباب الأمامى الضخم من خشب السنديان
"لست واثقتاً ما إذا كنا ورثناه فى الأصل .أعتقد أن أحد أسلافنا طالب به بعد أن شارك فى غزوة قُتل فيها المالك الأصلى!"
قال ريتشارد لاتم:"لطالما أحب الاسكوتلنديون الحروب...أليس كذلك؟"
أعتبر برايس ملاحظة ريتشارد تحمل معنى مزدوجاً...حسن جداًإذا كان الرجل الآخر يعتقد أنه على وشك أن يحاربه من أجل سابينا فهو مخطئ . فـ سابينا امرأة مستقلة عمرها خمس وعشرون سنة....ولست من ممتلكات الرجلين ليتقاتلا حولها وكأنها جائزة!
"نحن معرفون بأننا نكره الساكسون الإنكليز غير المرغوب بهم"
كان الجد هو الذى أطلق الرد الجاف وهو يقف أمام الباب المفتوح والنو ريتدفق إلى الخارج مرحباً من داخل القصر
ابتسم برايس وهو يتقدم كالعادة ليعانق أكبر قريب له
"جـــــدى!"
وبّخه الجد وهو يتراجع :"إذن....وصلت أخيراً أيها الولد . قد أقتنع بأن أسامحك لتأخير العشاء....."
ولمعت عيناه بإعجاب وهو يستدير نحو سابينا".....إذا قدمتنى إلى هذه السيدة الشابة الجميلة"
ومدت له يدها . بدت جميلة مثلما قال جد برايس لتوه فى فستان أسود ضيق وشعره يلمع كالذهب الصرف وهو يتطاير حول كتفيها ويصل إلى خصرها وأضافت:"أخشى أن أكون من يجب أن تلومعلى تأخرنا . لم أستطيع أن أقرر ما يجب أن أوضبه قبل أن أحضر لقضاء نهاية الأسبوع فى اسكتلندا"
أبفى الجد يد سابينا فى كفه ودسها بأمان داخل ذراعه وهو يستدير ليدخلها إلى داخل القصر وقال لها متودداً:"أنا واثق من أنك تبدين جميلة دائماً مهما ارتديت من ثياب"
نظر برايس إلى ريتشارد لاتم حدذراً لم يكن واثقاً أنه أعجب بنظرة السخرية التى بدت على وجهه وهو يراقب هيوغ يسير مبتعداً مع خطيبته وقال بخشونة:"ساعد فى إدخال الحقائب لاتم"
فتح صندوق السيارة وهو متاكد من أن ريتشارد ليس معتاداً على حمل حقيبته
كان جده يستخدم عدة خدم والقصر يدار بكل كفاءة لكن هذا لا يعنى أن بإمكان ريتشارد لاتم توقع وجود من يخدمه مهما كان معتداً على ذلك!توقف برايس فى باب غرفة الجلوس بعد لحظات بعد أن أوصل الحقائب إلى غرف النوم وسمع سابينا تضحك مع جده .كانت ضحكة صبيانية خشنة دون ارتباك أبداً
قال ريتشارد لاتم دون إنذار مسبق لتوقف برايس :"آسف....لَمِ التوقف ماكليستر؟"
سبب توقف برايس كان سماعه ويا للمفاجأة سابينا تضحك!
كان صوتاً رائعاً عميقاً وطبعياً فيه القليل من الخبث الممزوج بالمرح لو أطلقت له العنان كما هو الآن . وجنتاها محمرتان عيناها مشرقتان وهى تستمتع بحديثها مع جد برايس.
قال الجد بخفة:"حسناً جداً....لا تضيع الوقت بالوقوف بالباب يا ولد..كن مفيداً وقدم لضيفتنا الضيافة"
كان برايس معتاداً على معاملة جده له وكأنه لا يزال فى السادسة من العمر.لكنه راى أن سابينا تتمتع حقاً وان الأبتسامة لا تزال تلوح على فمها وعينيها وهى تنظر إليه .
أحس بان شيئاً من التوتر الذى عرفه فى طريقه إلى هنا بدأ يختفى وأحس فجأة وهو يرى مدى أرتياح سابينا مع جده أن نهاية الأسبوع هذه ستكون على ما يرام...مع وجود ريتشارد لاتم أو غيابه!
قال برايس بجفاء:"ماذا ترغبين أن تشربى سابينا؟لدينا القهوة والشاى أم أطلب لك العصير؟"
اختار الرجال القهوة أما سابينا فأختارت الشاى
سألت ريتشارد وهو يقطع الغرفى ليجلس إلى جانبها على الصوفا :"أليس هذا رائعاً؟"
ردت دون حماس:"رائع"
نظرت إليه زهرة منسية مقطبة....من المستحي ألا يحب هذا المكان أنه أجمل منزل رأته فى حياتها . الأثاث كله أثرى تزينه مجموعات من الدروع الحربية القديمة ,السيوف والخوذات الجدران الحجرية العتيقة
مازحت سابينا برايس الأسبوع الفائت حين أقترح المجئ إلى هنا ليرسمها لكنها الآن استطاعت أن ترى بالضبط لما وجد الفكرة مثيرة فقد كان القصر ساحراً وكأنه مأخوذ من قصة خيالية !
قال ريتشارد بينما برايس يعطيه فنجان القهوة:"المكان معزول هنا ولابد أن تأمين التدفئة اللازمة له ثروة"
ضاقت عينا هيوغ ماكدونالد
"العزلة تعنى ألا ننزعج من المتنزهين المزعجين .وإذا اضطررت إلى احتساب الكلفة فلن تستطيع العيش هنا"
أضافة ملاحظة ريتشارد العملية على الجو نزعاً من التوتر لم يكن يخيم قبل دقيقتين وأحست سابينا بهذا آسفة. كانت واثقة من أن ريتشارد لا ينوى الهانة لكنها فى الوق ذاته أدركت أن حديثه يحوى نوعاً من الإهانة
هز برايس رأسه بخفة وهو يجلس قبالتها :"ظننت أننا سنكون خمسة على العشاء هذا المساء يا جدى؟"
نظر هيوغ إليه نظرة فولاذية :"ستصل ضيفتى غداً"
قال برايس :"أتشوق للقائها"
نظرت سابينا إلى كل منهما وشعرت بإنها وريتشارد يجهلان موضوع الحديث.لكن لَمِ يعرفانه؟ فـ هيوغ وبرايس عائلة واحدة وعلاقتهما تم أبعد من هذا الأسبوع
أستدارت لتبتسم لـ هيوغ وهى تضع فنجان الشاى من يدها :"هل من الممكن أن أصعد إلى فوق لأنعش نفسى قليلاً قبل العشاء؟ أشعر أن الغبار يكسونى بسبب السفر"
قال الجد ساخراً أرايت برايس...كنت أقول لط منذ سنوات بأن تشترى لنفسك سيارة لائقة "
كان المزاح على ما يبدو أمراً دائماً بين الرجلين .فسيارة برايس المرسيدس السوداء من آخر طراز وهى قمة فى الفخامة
هز برايس رأسه ووقف :"سأعامل هذه الملاحظة بالازدراء الذى تستحقه"
واستدار إلى سابينا :"سأوصلك إلى فوق وأدلك على غرفتك"
وجب عليها أن تدرك أن برايس هو الذى سيأخذها إلى غرفتها فوق ...ووبخت نفسها وهى تقف لتلحق به...و وجب عليها أن تعرف...
لقد وعدت نفسها قبل مغادرة لندن أن تفعل ما بوسعها كيلا تكون مع برايس كثيراً وبعد دقائق من وصولها ها هى تجد نفسها لوحدها معه؟
قال ريتشارد بصوت ناعم :"لا تتأخرى سابينا...أنا واثق من أننا أخرنا السيد ماكدونالد عن عشائه بما يكفى هذا المساء"
قالت سابينا وهى تلحق بـ برايس إلى الردهة:"السيد ماكدونالد"
غريب...لم تجد سابينا أية صعوبة فى منادأة الرجل العجوز بـ هيوغ منذ البداية ألا أنه لم يعرض على ريتشارد الإلفة ذاتها وقررت أن هذا ربما كان سهواً .على أى حال كانت مع هيوغ طوال الوقت والرجلان كانا ينزلان الحقائب ليوصلاها إلى الطابق الأعلى وقد أنضم ريتشارد إليهما لتوه
حذرها برايس قائلاً :طحذارى من ضيق السلم"
جاء تحذيره فى وقته مما اضطر سابينا إلى التمسك بالحبل على الجدار والذى وضع بدلاً من الدرابزين وهما يعتليان السلم الضيق الملتوى
قالت بذهول:"بعد لندن يبدو هذا عالماً آخر"
استدار برايس وهو يقف على قمة السلم ينتظرها . ورد عليها بجفاء :"ستجدين التمديات الداخلية مرضية تماماً"
أحست سابينا بأحمرار خديها وهو يذكرها بسخريتها فى اليوم السابق
وقررت عدم التعليق.إلا أنها قررت أن تكون أكثر مرحاً فى المستقبل فى حديثها مع برايس....هذا إذا تمكن من أن تكون أكثر حرصاً مما هى عليه الآن!
منتديات ليلاس
لم تكن سابينا قد شاهدت من قبل منتديات ليلاس غرفة نوم دائرية غرفة مفروشة بفخامة وبألوان عاجية وذهبية دافئة كتلك التى أوصلها برايس إليها.
أثارت النوافذ الضيقة فضولها وأسرعت إلى كل واحدة منها تلقى نظرة كاملة إلى المنظر المحيط غابة من صوب وبحيرة من صوب آخر حدائق مسورة وقطعان غزلان ترعى امام القصر
قالت تتنفس بذهول:"لو كنت أعيش فى مكان كهذا فلن أرغب أبداً فى تركه"
فرد برايس بصوت أجش:"لو كنت تعيشين هنا فلن أتركه أنا"
اكتشفت سابينا وهى تستدير أنه قريب جداً منها وكادت تلامس صدره وجمدت وخفقت أنفاسها
وكأن الزمن توقف وهما ينظران إلى بعضهما فى ضوء الغروب . كان وجه برايس واضحاً تماماً لها بدت عيناه كزمردتين خضراوين لامعتين...وكلماته الحميمية تتأرجح بثقل بينهما
يجب أن توقف هذا ...يجب أن تكسر السحر...إلا أن هذا هو بالضبط ما تشعر به وكأنها مسحورة...بوجود برايس وبما يحيط بها
أخيراً تمتم بصوت خشن :"من الأفضل أن أنضم إلى الآخرين"
"أجل....."
لكنها لم تندهش حين لم يتحرك ليفعل ما قال ونبض عرق فى فكه وهو يتابع النظر إليها .وبدا أن الجو بينهما يزخر بأحاسيس غير محكية
قالت سابينا بصوت أجش:"عليك أن تنزل الان"
وتنهد:"أجل"
لكنه لم يفعل لم يتحرك مبتعداً ولامد يده ليلمسها بل وقف كما هو.
أخذ نفساً متحشرجاً :"سابينا....."
قاطعته بصوت منخفض :"أذهب برايس....أرجوك!"
ضغط على فمه بشدة وهز رأسه:"أجل"
خطا إلى الوراء ليضيف قبل أن يغادر غرفة النوم :"سأراك فى الطابق الأسفل بعد دقائق"
لم تتحرك سابينا...لم تستطيع أن تتحرك بل وقفت تضم يديها أمامها لتمنعهما من الأرتجاف...ما الذى يجرى لها؟
إنها مخطوبة وستتزوج ريتشارد وقد فعل لها الكثير لذا هى ممتنة له وتعرف أنها بأمان معه.مع ذلك أكتشفت لتوها ما قد يعرّض كل هذا للخطر
لقد وقعت فى حب برايس ماكليستر!
***