لم تكن هذه الأمسية تسير بشكل سئ . هذا ما قررته سابينا بارتياح داخلى...برايس ماكليستر إنسان يسهل الحديث معه.
قالت وقد وصلت الأطباق الأولى من الوجبة :"تبدو الأطباق شهية"
هز رأسه بتسامح :"لا شك عندى أن طعمها لذيذ كمنظرها...هل...؟أوهـ لا...!"وتأوه بنفاد صبر
نظرت سابينا إليه بفضول لتجد أنه ينظر إلى المدخل نحو شخصين دخلا لتوهما إلى المطعم.تعرفت سابينا إليهما بشكل غامض وعرفت أن المرأة هى كلوى فوكس مصممة الأزياء التى التقتها مرتين لكن لم يكن لديها فكرة عن هوية الرجل الذى يرافقها ولو أنه يبدو شبيهاً بـ برايس ...طويل جداً أسمر مع وسامة متعجرفة.
قال برايس بتوتنه أبن خالتى فيرغوس و زوجته كلوى"
عدم رضاء وصول الزوجين كان واضحاً على الأقل لـ سابينا وتمنت ألا يرى الزوجان عدم الرضى ذاك مع أنهما كانا يسيران نحوهما بعد أن شاهدا برايس
وقف برايس أدباً وحياهما بتوتر:"فيرغوس , كلوى" وتحرك ليقبل كلوى على خدها بخفة وأضاف بتردد ظاهر :"هل لى أن أقدم لكما سابينا؟"
"بكل تأكيد . لو أننى وأثق من أننا كنا سنعرفها دون أن تقدمها لنا."وصافح فيرفوس يد سابينا بحرارة قبل أن يستدير إلى أبن خالته:"أرجو ألا نكون قد قاطعناكما ؟"
والتقت عيناه البنيتان بلون الشوكلا بعينى برايس المتجمدتين الخضراوان
وجت سابينا أنها أحبت المحبة الممازحة التى أظهرها فيرغوس نحو أبن خالته . وهذا ما جعل برايس ماكليستر يبدو أقل عجرفة وثقة بالنفس ...
دعت الزوجين بنعومة :"هل تهتمان بالأنضمام إلينا؟"
أبقت أساريرها جامدة وهى ترى نظرة التحذير المتوترة الواضحة التى أرسلها برايس بحدة نحو أبن خالته سأرعت كلوى لترد عليها :"أنا واثقة من أنك وبرايس تفضلان أن تكونا لوحدكما "
لكن حاجبيها الأسودين أرتفعا فوق عينان زرقاوين متسائلتين وهى تنظر إلى برايس
ردت سابينا بنعومة :"بالطبع لا نفضل هذا...سيكون الأمر أكثر مرحاً لو كنا أربعة...لقد تلطف برايس بدعوتى للعشاء فى غياب خطيبى "
أرجع فيرغوس كرسياً لزوجته لتجلس قبل أن يجلس وهو يقول:"أوهـ...برايس معروف بلطفه"
قالت كلوى بخفة فيما الساقى يحضر مكانين على الطاولة :"أرجوكما...لا تدعا الطعام يبرد...بإمكانى وفيرغوس النظر إلى لائحة الطعام بينما تأكلان"
وبالرغم من أن برايس لم يتحدث وهما يتناولان الطعام فقد وجدت سابينا أنها تستمتع بوقتها . كان فيرغوس وكلوى محدثين لبقين ومرحين وحبهما لبعضهما واضح فى كل نظرة يتبادلانها . وحملقة برايس بهما طيلة الساعتين التاليتين لم تزعجهما أبداً
قالت كلوى والأربعة يشربون القهوة :"أعتقد أننا سنكون أقرباء من بعيد"
رأت سابينا نظرة الدهشة التى أطلقها برايس نحو زوجة أبن خالته وسألت مقطبة :"عفواً....؟"
أبتسمت كلوى :"أختى الكبرى متزوجة من أبن أخ خطيبك وأنا وأثقة من أنكما بعد أن تتزوجا ستربطنا علاقة عائلية...ولو أننى لن أستطيع فهمها فى حياتى ! " وضحكت
لم تستطيع سابينا كذلك أن تفهم . خاصة وانه لن يكون هناك زواج ! لكن ما صدمها أكثر كان أنها لم تفكر فى خطيبها أبداً طيلة الساعتين....
قالت تصرف النظر بغموض :"يبدو هذا معقداً"
واستدارت إلى برايس :"أنا آسفة لإنهاء الأمسية...لكن أعتقد أن الوقت حان لأعود إلى المنزل"
أشتد ضغطه على فمه ساخطاً .وأضح أن مشاركو الأمسية مع فيرغوس وكلوى لم تعجبه . لكنه كره أكثر فكرة إنهائها الأمسية
هذا سبب آخرلإنهائها!
لم تكن حكيمة فى خروجها معه هذا المساء .وعرفت أنه ليس رجلاً يسهل قضاء وقت معه.
قالت كلوى لـ سابينا بحرارة وهى تتحضر مع فيرغوس للمغادرة :"ربما ستتاح لنا فرصة العمل معاً فى وقت قريب"
ردت سابينا دون التزام:"ربما"
دفتر مواعيدها ممتلئ تماماً للستة أشهر القادمة...حمداً لله ! تعرف إنها كلما كانت علاقتها بهذه العائلة الديناميكية أقل كلما كان هذا أفضل لها.
أضافت كلوى بنعومة:"كنت آسفة جداً لأننا لم نعمل معاً فى العام الفائت لكن أعتقد أنك كنت مريضة حينذاك؟"
نظرت سابينا إلى المراة الأخرى بحدة....ماذا؟
أوضحت كلوى:"هاربر ماينو فى شهر تشرين الثانى.كنت أعرض مجموعة من فساتين السهرة نهاية ذلك الأسبوع"
حدقت سابينا إلى المرأة وأخذت تتذكر بوضوح ومتأخرة جداً ....إنها كانت مكلفة بإرتداء أثنين من تلك الفساتين فى ذلك العرض بالذات
تابعت كلوى باهتمام :"أرجو أن الأمر لم يكن خطيراً؟"
لم تكن سابينا تجيد الأحاديث الجانبية .ووجدت نفسها دون إجابة .
هذا كثير....أولاً الرسالة فى وقت مبكر اليوم والآن ما يذكرها بغيابها عن عرض الأزياء فى شهر تشرين الثانى الماضى ...المسألة فقط...
قطب برايس فى وجه المرأتين:"وما هو ما لم يكن خطيراً؟"
استدارت كلوى تبتسم له :"كنت أذكر سابينا أننا كنا سنعمل معاً السنة الماضية ولكنها لم تكن بصحة جيدة "
نظر برايس إلى بعينين ضيقتين :"وما كان خطبك؟"
جرئ....وقح, ولا جواب له!
تمتمت كلوى بمحبة :"حقاً برايس ....لا يمكنك المطالبة بمعرفة شئ عن مرض شخص بهذه الطريقة!"
زاد عبوسه :" ولم لا أستطيع؟...ذكرت أن سابينا كانت مريضة فى السنة الماضية وأريد أن أعرف مما كانت تشكو"
ورفع كتفيه كأنه لا يستطيع أن يرى ما المشكلة
نظرت كلوى إلى برايس موبخة .وأضح إنها ندمت على ذكر الموضوع وقالت بخفة :"حقاً برايس نحن النساء لدينا أسرارنا"
قالت سابينا ببرود :"لم يكن ذلك مهماً حقاً"
آخر ما تريده هو أن يظن برايس أن هناك شئ غامض حول غيابها عن العرض وقالت بصدق:"كنت أعانى من الأنفلونزا فقط"
والتفتت إلى الزوجين:"كان لقائى بكما أمر جميلاً"
فقد كانت تفضل إمضاء السهرة معهما أكثر بكثير من قضاء الأمسية بمفردها مع برايس
إنها تريد أن تخرج من هنا وتعود إلى المنزل حيث تشعر بالأمان بعيداً عن برايس ماكليستر
رد عليها فيرغوس بنعومة :"ربما نعيد الكرة فى وقت قريب؟"
"أشك فى هذا سيصل خطيبى من نيوروك غداً "
كانت ابتسامتها معتذرة بأدب :"وكما سبق وقلت لكما أشفق برايس على فدعانى للعشاء هذا المساء "
قال باريس وقد جلسا فى المقعد الخلفى لسيارة الأجرة فى طريقهما إلى المنزل التى تتشاركه وريتشارد :"لم يكن ما قلته صحيحاً...دعوتك للعشاء لم تكن لها علاقة بالشفقة...فقد أردت قضاء الأمسية معك"
فجأةوجدت سابينا أن جلوسها داخل سيارة الأجرة يثير خوفها وأختنقت أنفاسها فى حلقها .فقرب برايس منها على المقعد الجلدى وساقه تلامس ساقها بخفة وذراعه ممدوة بعفوية فوق المقعد خلف كتفيها لم تساعدها أبداً على التخفيف من الموقف
كان قريباً جداً منها .رجل قوى جداً جذاب إلى أقصى الحدود أستدارت نحوه وشعرت إنها ملزمة بقول شئ....أى شئ:"برايس...."
تمتم بخشونة :"سابينا!"
وأنحنى رأسه ليعانقها
لا يجب أن يحدث ! إنها مخطوبة لـ ريتشارد .ربما تكون الخطبة ترتيباً عملياً ....مجرد (تفاهم)!لكنها مدينة له بالإخلاص...بعرفان الجميل
****
مع استمرار التصاق برايس بها كان جسمها يتخدر وكأنها طير طار عالياً والريح تمر تحت جناحيه توقفت كل الأصوات ما عدا صوت منتديات ليلاس برايس .وبقى الأحساس بعناقه وحده المهملم تعد قادرة على الأبتعاد عنه حتى لو حاولت ...لكنها لم تحاول...كانت البهجة التى لم تعرف بوجودها تعربد فى جسمها . وتحركت ذراعيها حول كتفيه وهى تعانقه
"الحساب ثمانية جنيهات ونصف ,سيدى"
أحست سابينا بكوب من الماء البارد يرمى فوقها و صُدمت حين أدركت ما فعلت لتوها ...فبدلاً من أن تصد برايس بكل برودة ردت له عناقه بشوق مماثل!
تراجعت عنه وأتسعت عيناها الزرقاوان فى ظلمة السيارة
نظر إليها برايس وأرتسم على وجهه تعبير غير مفهوم .عيناه متباعدتان لا قعر لهما ...وحده الأحمرار الفاضح على قساوة خديه أظه أنهما ضاعا بين ذراعى بعضهما لبضع دقائق
استدار سائق السيارة الأجرة ليقول معتذراً لـ سابينا :"آسف للمقاطعة...لكننا نقف أمام المنزل منذ خمس دقائق "
أمام منزل ريتشارد .منزل خطيبها .المنزل الذى تتشاركه سابينا إياه . أخذت نفساً عميقاً مهدئاً وقالت للسائق بنعومة :"لا بأس فى هذا"
واستدارت لتفتح الباب :"لا....برايس....أرجوك لا تزعج نفسك بالنزول"
كان صوتها مضطرباً وهى تتكلم ولم تتمكن من النظر إليه
كان يمكن لها أن تكلم الباب لأن برايس لم يكن منتبهاً لها!
ما أن خرجت من السيارة حتى وقف إلى جانبها وقد خرج من الباب الآخر
"سابينا....."
منتديات ليلاس
قاطعته بحزم يفوق ما تشعر به :"أرجوك...لا تقل شئ برايس "
أرتفع رأسها بكبرياء فى الظلمة وهى تجبر نفسها على أن تلتقى نظرته الضيقة وأضافت :"لقد تمتعت كثيراً بلقاء فيرغوس وكلوى هذا المساء....وشكراً لك على العشاء"
كان صوتها مهذباً كثيراً
قاطعها بخشونة :"لا داعى لأن تقولى لى إن هذا لن يحدث مرة أخرى "
قالت بصوت فولاذى :"لا شئ مما جرى هذا المساء سيتكرر...ليلة سعيدة"
واستدارت على عقبيها لتسير مبتعدة وتتركه يعود إى سيارة الأجرة طالما تهرب من وجوده الغامر فن تهتم بما يفعل!
استدارت سابينا بضعف إلى الباب الأمامى المصنوع من خشب السنديان الصلب وما أن أصبحت داخل المنزل بأمان
ما الذى فعلته لتوها ؟ما الذى فعله كلاهما للتو؟
وكيف ستفسر لـ ريتشارد دون أن تقول له الحقيقة كاملة وتعرض أتفاقهما للخطر أنها لن تجلس بعد الآن أمام برايس ماكليستر ليرسمها!
****