كاتب الموضوع :
ريم . م
المنتدى :
الارشيف
.
- 16 -
خرج من مكتبها وفي يده ورقة بيضاء كتبت فيها الادوية التي ستحتاجها غنج ،
كيف وصل الى هذه المرحلة ، لقد كانت غنج امانة بين يديه سلمها له الرجل العجوز الذي فارق الحياة بعد
زواجهم في اقل من سنة ، لمَ يحصل كل هذا بهذه السرعة ، راح يراجع في داخله الكثير من الامور
و لاول مرة يشعر بأنه ضعيف جدا ، لا يحب هذا الشعور لا يحبه ابدا.
ولج الى الرواق الذي يحوي غرفتها وتوقف قليلا محدقا بالورقة التي بين يديه ،
مترددا في الدخول ، ولكنه لم يجد سبيلا عن المواجهه فطرق الباب قبل ان يفتحه رويدا وكأنه يخشى
ان يُقظ نائما .!
كانت حسناء في هذه الاثناء تقوم بإجلاسها لتعدل وضعيت الوسائد خلف ضهرها قبل ان ترفع غنج
رأسها محدقة بالباب ،لكنها أخفضت بصرها على عجل عندما التقت بعينيه وكأنها تخشى حتى النظر اليه .. !
ادرات حسناء راسها عندما لمحت تغيرها فوجدت ساجر يقف محدقا بها ، فتركت الكرسي الذي كانت تجلس ع
ليه بقرب السرير ولكن غنج امسكت بكفها وكأنها تستغيث بها في صمت من خلال نظراتها ولكن حسناء
همست لها : " لا تقلقي .. "
هل وصلت به الحال الى ان تخشاه ، ان تخشى البقاء معه لوحدها.. في حين كان من المفترض ان
يكون الشخص الوحيد الذي تلجأ اليه في مثل هذه الظروف .!
تركت حسناء السرير وسارت باتجاهه قاصدة الباب ولكن قبل ان تتخطاه ناولها الورقة وهمس
: " احضري هذه الادوية "
اومأت برأسها في تفهم وهمت بالخروج ولكنه استوقفها من جديد ، ازدرد ريقه بوهن قبل ان يقول
: " انا اسف … على ما قلته … بالخارج "
: " لا بأس .. لقد كنت متوترا "
خرجت حسناء في هذه الاثناء وبقي وحدهما ، راح يلقي نظرة عليها حيث بقيت تحدق بكفها وقد
عضت شفتيها السفلى محاولة ان توقف ارتعاشها .
اقترب من السرير بهدوء ثم جلس شبه جلسه على حافة السرير في المساحه الشاغرة ووضع
كفه فوق كفيها المعقودتين ببعضها ، لقد بدت شاحبه ، شاحبه الى حد مؤلم .
لم يتمكن هو الاخر من ان يطيل التحديق بها فهمس محدق بكفه الممسكه بكفها : " هل حصل هذا بسببي ؟ "
كان صدرها يعلو ويهبط وكأنها تكبت بركانا يوشك على الانفجار … واكتفت بإيماءة تقول فيها لا ..
كانت لا تزال خائفة رفع رأسه محدقا بها ، وكانت هي الاخرى تنظر اليه :
" لقد وعدتيني بأن تتحمليني يا غنج "
سالت دمعه خانت قناعها الواهن ، ثم انفرجت شفتاها قائلة : " انا اسفه "
هل تعتذر عن خطأ ارتكبه هو !
" انت لم تخطئي يا غنج .. "
قاطعته منفعله : " لو انني لم اخرج … لو انني لم اقم بذلك … "
صمت في حين راح صوتها يتهدج اثر البكاء
: " لقد خشيت اخبارك .. اعلم بأنك لم تكن تريد ذلك … ولكنني ظننت بأنك لن تصل قبل عودتي "
ثم اردفت بعد ان مسحت دموعها : " عندما سألتي عن المكان الذي رحت له لم اتمكن من الاجابه …
فقد خفت كثيرا وقتها لانك حذرتني من الخروج .... ولم اكن اود ان اخبرك بأنني ذهبت للعيادة ..
كنت ظنني حامل … لقد بدا الامر وكأنه حقيقي … كنت احتاج لتأكد .. ظننت بأن جهاز الحمل مخطئ …
فقد كنت اشعر بتلك الاعراض .. "
" لقد اخبرتكِ .. مسبقا بأنني لا اريد الانجاب الان … ليس ونحن هنا …
عندما نعود للوطن و نستقر "
بترت جملته : " متى سنعود … متى .. ؟! "
اعاد خصلات تناثرت على جانبي وجهها خلف اذنيها وقال بهدوء :
" سنعود .. سنعود … ولكن عندما انهي عملي هنا … "
وكأنه يحاول ان يرضي طفلة ازعجته بطلباتها وتذمرها ، رغم انها كانت
تشعر بأن هذا اليوم بعيد جدا ، ثم اردف
: " غنج انت زوجتي و عليك ان تقفي بجانبي حتى انهي عملي ،
صدقيني في نهاية هذا العام سأكون قد انهيت عملي … الن تنتظري عدة شهور ؟ "
" ولكنك وعدتني من قبل ولم تف بوعدك يا ساجر ، لقد تعبت … انا لا افعل شيء هنا سوى الانتظار .. "
" اعطني حل اذا … هيا انصحيني بحل يا غنج حتى نرتاح من هذا العناء "
صمتت وراحت تمسح دموعها بظهر كفها ثم قالت : " اريد ان ننفصل .. !"
لم تتمكن من ان ترفع بصرها لتراه عندما قالت جملتها تلك ، ولكنه لم يقم بأي ردة فعل تتوقعها
بل نفث الهواء من صدره ، ثم قال بعد صمت دام لدقائق :
" حسنا ... كما تشائين ! "
.
|