-5-
لحقه وليد الى غرفته ورمى بجسدة على السرير محدثا ضجة بينما
كان ساجر يتناول اقراصه ويلحقها بكوب ماء بارد .
“ الازلت تتناول هذا الادوية “
ابتلع ساجر الاقراص و اومأ برأسه دون ان ينظر الى وليد ،
اكمل وليد استجوابة باستياء :
“ انك تدمن عليها.. ان كمية الاقراص التي تملكها مرعبة يارجل ... “
قاطعة ساجر ودفعة ليفسح له المجال حتى يندس تحت الملاءة :
“ وليد .. اعلم بان هذه شقتك .. ولكن اسمح لي لن تنام بقربي .. ان هذا سريري “
“ اعطني ل اتناول من الاقراص المنبهه.. احتاج لها حتى اتمكن من التركيز في الاستذكار “
“ لولا معرفتي بك .. لصدقتك يا رجل .. ثم انك لو لاحظت اني اتناولها قبل النوم لعلمت
بانها ليست منبهه “
" اذا اعطني منها حتى اتمكن من النوم "
دفعة ساجر مرة اخرى " ابتعد انك تثرثر كثيرا .. ثم الم يكن اختبارك اليوم هو الاخير ؟ "
" لا .. لدي غدا آخر اختبار ... وساعود بعد اسبوع سيقتلني والدي ان علم بذلك ..
يظن بأن رحلتي غدا "
" تحجج بالجو اذا "
" انت لا تعرفة لن يقتنع "
ترك وليد السرير ليهم بالخروج موجها الحديث لساجر :
“ تمنى لي الحظ غدا “
“ اتمنى ان تصبح زوجا ناجحا “
ضحك وليد فلم يكن ل يتوقعها منه :
“ تعلم باني لم اكن اقصد ذلك .. انك تعرف جيدا كيف تغيضني “
“ هذا سبب تعلقك بي .. اطفأ الانوار وحاول ان تكون هادئ ..
ان حماسك يرتفع حينما يتلعق الامر بالاختبارات “
...... ...... ...... ...... ......
لم يكن بجاد يعي تماما كيف قادته قدماه الى ذات المكان في هذا الوقت
فقد كانت الشمس توشك على الشروق بينما اكتست السماء بلون الفجر الداكن في بداياته .
كان المكان كما هو لم يتغير مع مرور الوقت ، سوى قليل من اثر السنين .
شعر بملمس ناعم يحتضن كفه اليمنى ماجعله يستدير مسيرا الى صاحبة تلك الانامل الناعمة ،
وجدها تبتسم وتحرك شفاهها لتتكلم ولكنه لم يكن يستطيع سماعها ، ف مال ليهمس :
“ لا استطيع سماعك “
عادت تهمس بدورها :
“ لا تتركني "
عقد حاجبية وراح يرمقها لثوان قبل ان تختفي تلك الابتسامة وتتحول الى نحيبا مفاجأ ،
شعر وكأنه رأى ذلك المشهد من قبل في وقت بعيد ، بعيدا جدا .
راحت تصرخ به من جديد بذات العبارة ومع كل مرة تصرخ فيها ، يصبح لونها اكثر شحوبا من
السابق حتى بات في النهاية كلون جثة هامدة ، ثم مالبث ان هوت على الارض كخرقة بالية .
انتفض جسده برعب ليستيقظ ويجد نفسه في غرفته غارقا بعرقة .
لقد كان حلما ، هكذا تبادر الى ذهنه مباشرة وكأنه لم يكن يتوقع ان يستيقظ منه ابدا،
فقد كان يشعر بكل تلك التفاصيل الصغيرة ، رائحة الفجر ، همسها ، لمسة كفها الناعمة ،
ثم صراخها ، كاد ان يقسم بانه لم يكن حلما لولا ان وجد نفسه في غرفة نومه .
خرج بجاد من غرفته بعد ربع ساعة بحلة جديدة استعداد لمقابلة اصدقائة الذين
لم يراهم منذ عودته من السفر .
كان الطابق العلوي للمنزل شبه خال من الناس ، لولا وجود غرفته في ذات الطابق ، فرغم
وجود ثلاث غرف اضافية - كانت احداها لوالديه في السابق - الا انها بقيت خالية دون ان يشغلها اي احد .
هبط بجاد الى الطابق السفلي بخطى واسعة ولم يجد احد في طريقه سوى الخادمةالتي قالت
له بان والده يقضي وقته بصحبة جارهم” ابو صالح “ كعادته ، بينما تستلقي والدته في غرفتها
لاخذ قسط من الراحة .
قرر ان يلقي نظرة على والدته قبل ان يخرج ، فقد كانت الساعة تشير الى السادسه والنصف
ولم تكن من عادت والدته ان تبقى في غرفة نومها في مثل هذا الوقت .
كانت غرفة والدية تقع على يمين الدرج ، داخل رواق متوسط الامتداد لتفصل مدخل غرفتهما
عن غرفة المعيشة المواجهة للدرج .
هم بجاد بفتح الباب لولا سماعه صوتها الذي استوقفه حيث كانت تخاطب والدته :
“ كنت ابحث عنه في الجوار ... “
جاء صوت والدته هادئ :
“ لقد خرج منذ وقت طويل ... قد يعود قريبا ... او قد يبقى بصحبة “ ابو صالح “ حتى العشاء ...”
“ حسنا اخبرية باننا قد نسافر غدا انا وامي فجرا ... لذا سنؤجل “ العمرة “ الى وقت لاحق “
“لماد لقد استعددنا لها انا وعمك ... ماسبب سفركم المفاجئ ؟ “
“ سنسافر لزيارة جدتي ... انها مريضة “
تفاجأت والدته قائلة :
“ حقا ! ... مابها لم تكن تعاني من شيء “
“ انها تتقدم بالعمر ... وباتت لاتقوى على فعل اي شيء بنفسها ...
انها لا تبارح فراشها “
“ حديثٍ ما تمر به ؟ “
لم يسمع رد راما ولكنه علم بانها اومأت برأسها حينما استطردت والدته :
“ اللهي .. لقد قدمت الى هنا منذ عام او اقل ... اذكرها “
“ انها تسأل عنكِ باستمرار ... وتسأل عن [ الطويل ] “
ابتسمت والدته مجيبة :
“ لم تكن تذكر اسم بجاد .. لقد كانت تنسى باستمرار ... “
ثم تمتمت بصدق “ اللهم اشفها يا حي يا قيوم “
سمع صوت راما الذي يعيد له ذكريات بعيدة وهي تقول :
“ آمين “