كاتب الموضوع :
ريم . م
المنتدى :
الارشيف
" .. الجـــزء الثاني .. "
-4-
لقد كانت الاجواء في (الوطن) مختلفة تماما رغم ان شهر دسيمبر لم يكن
يمر الا وقد خلف آثاره على الشوارع والطرقات ، ولكنه اليوم يبدو اكثر دفئاً من السابق
، لا تتذكر جيدا كيف كان ديسمبر الماضي ولكنها تعلم بأنه اليوم اكثر هدوء من السابق ، واكثر وحشه .
كانت تقف امام نافذتها المطلة على فناء منزل عمها الذي لم يكن يفصل بينه وبين منزلهم اية اسوار ،
كانت تجذب طرف الستارة محدقه من خلالها الى الفناء حيث توقفت عربة عمها ليترجل منها ابنه
الذي عاد لتوه من الخارج بعد ان قضا اجازته هناك ، لم تكن فترة اجازته قد تجاوزة اسبوعين على الاقل حتى عاد .
لقد كانت متأكدة من ان زوجة عمها هي السبب وراء عودته باكرا ، ففي الاونه الاخيرة اصبحت
اكثر ضعفا من السابق ، يضل تفكيرها متعلق بابنها طوال الوقت ، ورغم انه قد تجاوز الثلاثين
الا انها لاتزال تعاملة كطفل ، لم تكن تجلس معهم في اوقات الظهيرة الا وقد اجرت اكثر من عشر
اتصالات خلال ساعة لتطمئن عليه بين فترة واخرى ، لقد كان وحيدها لذلك كانت دائما ما تخشى ان تفقده .
استطاعت رؤية عمها وهو يترجل من الجهة الاخرى متناول راحة ابنه حتى استقرت قدماه على الارض .
اغلق بجاد الباب خلفه وسار بمحاذاة والدة الذي بدا قصير القامة بجانبه ، وقبل ان يخطيان
العتبات الاولى لمدخل المنزل فُتح الباب لتخرج منه زوجة عمها ، ولتخطو بخطى واسعة الى
احضان ابنها ، لقد اختفت عن ناظريها بعد ان انحنى بجاد ليحتظنها .
“ الى ماذا تنظرين “
انتفضت برعب واستدارت محدقة بوالدتها لثوان قبل ان تجيب بعد ان هدأت
“ لا شي .. لقد عاد بجاد لتو ...“
“ نعم لقد عاد .. رايته منذ دقائق .. “
“ اعتقد بانها والدتها .. اقصد لم نعتاد ان يعود باكرا .. “
“ لاتقلقي لن تجن من قلقها عليه انها اقوى بكثر من ذلك “
“ هل كنت تريدين شي ما “
“ نعم .. لقد اتصلت بك ليلى .. ولم تجيبي على الهاتف .. لذلك اتصلت بالمنزل لتطمئن عليك
تقول بانها تريدك في موضوع ما .. شيء يتعلق بالتحضيرات والطالبات ..لا اعرف بمهنة
المعلمات ولا اذكر ماقالته بالتحديد ولكن المهم تريدك ان تعاودي الاتصال بها “
أومأت راما برأسها .. بينما خرجت والدتها لتغلق خلفها
الباب وتترك الغرفة تغرق في صمت ثقيل .
تناولت هاتفها وراحت تبحث عن رقم صديقتها المقربة .
لم تنتظر طويلا لتجيب ، حتى باغتتها بسؤال كعادتها
“ اين كنتِ ... لما لم تجيبي على الهاتف ... انتظرت طويلا حتى ..”
“ ليلى ! .. “ قالتها راما بغضب لتسكت سيل الاسئلة ، ثم اكملت
“ اولا كنت استحم ، لذلك لم اسمع صوت الهاتف ولم اتأكد ان كان هناك اتصال
قد بلغني منك ... ثانيا لم تخبرني والدتي باتصالك الا منذ دقائق ..
والان قولي ما لديكِ .. “
“ لماذا لم تحضري اليوم ... قلقت عليك ؟”
“ لا ادري ... لم اكن في مزاج لشّرح اليوم ... “
“ .. راما .. اخبريني الحقيقة .. هل هناك سبب اخر منعك من الحضور “
“ ليلى عزيزتي هناك الكثير من الامور التي نقوم بها من دون سبب ...
فقط لنقوم بها .. كذلك تغيبي اليوم “
صرخت ليلى كعادتها بابنها الوحيد
“ اذهب من هنا واترك مابيديك .. هيا .. اقسم ان لم تذهب الان ساخبر والدك .. “
ثم عادت لتتحدث مع راما
“ ياللهي كم ساحتمل حتى يعقل هذا الطفل ..
حينما اخبر والده بما يقوم به ... يقول لي دعيه يفعل ما يشاء انه وحيدي .. وكأنه ليس ابني .. “
ابتسمت راما قائله “ اذا عليك ان تنجبي طفلا آخر ..”
“ ليبحث اذا عن امرأه اخرى ليتزوج بها .. لست مستعده لانجب مزعجا آخر .. “
“ لا تقولي ذلك ياليلى .. انه كالملاك .. “
“ ساعيد ماقلتة الان على مسامعك حينما تتزوجين وتنجبين طفلا ك عزيز “
“ تعلمين بانني لن اكرر تجربة الزواج ابدا “
..... ..... ..... .....
جلس بجاد بقربها محتضنا كفها بين راحتيه ، يقبلها بين الحين والاخر .
كان يلمح في تعابريها الامتنان لعودته سالم ، وبات يكره ان يسافر خارج البلاد
فيعود ويجدها على هذه الحالة مترقبه ، وكأنها تخشى ان يصيبه مكروة فلا تراه مجددا .
وكره ضعفها الذي كان السبب الرئيسي لقلقه الدائم مع تقدمها بالعمر ، رغم انها لا تبدو
في العقد الخامس حينما تراها للوهلة الاولى ، ولكن مع مرور الايام باتت اكثر شحوبا
من السابق واكثر ضعفا .
تسائل بجاد بمرح مسطنع :
“ هل حدث شي في غيابي “
“ كما ترى لا جديد “
“ اين هي زوجة عمي ؟ ... لم ارها “
“ في بيتها ، تعرف كم تبغضني لذلك لا تتوقع قدومها الى هنا ، لا يوجد سوى راما لقد
كانت هنا منذ ساعتين فقد اعتادت تناول وجبت الغداء معنا حينما تكون والدتها بالخارج
لتزور اقاربها ، والدك يجبرها على ذلك ، لا ادري لما لا يتركها وشأنها ،
انها تخجل من ان ترفض طلبه “
“ تعلمين بان والدي يحبها كابنته ، كما انه لم يكن ليعاملها بهذا الشكل لولا وفاة عمي “
“ حينما احاول ان اتكلم معه بشأنها يصرخ بي و يقول بانني لا احبها ،
رغم ان ذلك غير صحيح لانني لم اقل ذلك لولا شعوري بخجلها من اقحامها بيننا رغما عنها “
“ دعيه يفعل ما يشاء .. لقد كبر بالسن وبات يغضب من اتفه الاسباب “
“ دعنا منه ... وقل لي هل تريد ان احضر لك الغداء “
“ لا ، اود ان آخذ قسط من الراحة “
“ كما تشاء ... بني “
|