كاتب الموضوع :
ريم . م
المنتدى :
الارشيف
.
- 31 -
" هل ايقضتكِ من النوم ؟ "
" لا كنت اصلي الفجر .. ثم ان امي ايقضتني قبلكِ "
ابتسمت غنج عندما تذكرت والدتها مجيبة بحزن :
" لقد اشتقت لها كثيرا "
" ونحن ايضا اشتقنا لك .. هيا تعالي .. الا تريدين رؤية ابنتي القادمة .. "
" اذا هي فتاة ؟ "
" نعم واخيرا فتاة … بعد اربعة اولاد "
لا تدري اختها بأنها تزيد من عمق الالم في قلبها كلما حاولت ان تذكرها بالوطن وبأبنائها
وأمها ، كم كانت تحسدها على حياتها رغم بساطتها ، كانت تود في كل مرة تهاتف
فيها اختها ، لو انها لم تفارق تلك القرية و لو انها بقيت طوال حياتها فيها .
لم تعد تستطيع ان تتمالك نفسها وتتظاهر بغير ما تشعر به ، فهمست
وكأنها تخشى ان يستمع احد لحديثها :
" انا ظائعة يا مها .. ظائعة "
كان صوتها يرتعش معلنا عن رحلة الدموع التي لا تنتهي ،
و بكت وكأنها لم تبك من قبل .
" اين زوجك ِ ؟ " قالتها اختها بحنق .
" لا ادري .. لا ادري "
" ما الذي يبكيك الان ؟ .. توقفي عن البكاء وواجهيه .. واخبريه بأنك تريدين الانفصال .. "
" لقد اخبرته .. و وافق "
" حسنا هذا جيدا .. لماذا تبكين اذا "
" لم اتوقع بأن يوافق بهذه البساطة "
" ان كنتِ لا تحتملين فراقه الى هذه الدرجة.. فلا تشكي لي منه مرة اخرى "
في هذه الاثناء سمعت صوت خطوات بالخارج ، فسارعت بمسح دموعها قائلة
وكأنها لم تستمع الى جملة اختها الاخيرة :
" سأتصل بكِ لاحقا يبدو ان حسناء استيقظت … اريد ان اكلمها في موضوع ما ..
بلغي والدتي سلامي .. الى اللقاء "
نهضت تاركة السرير خلفها وخرجت لتعبر الرواق وتجول ببصرها في الجوار ، كان الوقت
هنا مختلف عن توقيت الوطن فقد اشارت الساعة الى التاسعة صباحا ، بينما كانت اختها قد
انهت لتو صلاة الفجر .
ولجت الى غرفة المعيشة وراحت ترمق المكان حولها .
" عن ماذا تبحثين ؟ "
ارتعش جسدها برعب محدقة الى الاريكة الطويلة حيث استلقى ساجر محاولا ان ينام ،
فهمست بغضب :
" افزعتني "
ابتسم وراح يخفي عينيه اسفل مرفقه على الرغم من ان الغرفة كانت مظلمة الى حدا
ما لولا بعض الانوار القادمه من الخارج ولم يجبها ، اقتربت لتجلس على الطاولة التي تتوسط
المقاعد لتقابله متسائلة : " منذ متى وانت هنا ؟ "
اجابها دون ان يرفع مرفقه عن عينيه :
" منذ الساعة الثانية عشر ليلا "
" لماذا لم تأتي الى الداخل اذا ؟ "
" خشيت ان تهاتفي مركز الشرطة "
ابتسمت لتعليقه على الرغم من الغضب الذي غلف جملته الاخيرة ، وصمتت محدقة بحبيبها الغاضب
من العالم بأسرة .
هي متأكدة بأنه يلعن اللحظة التي تعرف فيها على والدها ، تلك المعرفة التي انتهت بزواجهما .
ولكنها بالرغم من ذلك تحبه .. و تحب غضبه .. و تحب هدوءه .. و تحب حزنه .. و تحب غموضه
ولا تتخيل بأنها ستعيش من دون كل هذا في يوم من الايام .. فأي حياة تنتظرها من دون ساجر ؟
راحت تمسح دموعها ولا تزال ابتسامة تتأرجح على شفتيها ، يالله ما هذا التخبط الذي يخالجها
حتى في مشاعرها هل يعرف ذلك المستلقي على الاريكة بهدوء ، بأنه السبب وراء ما وصلت اليه اليوم .
لمحت كفه الثانية التي ارقدها على صدره ترتعش ، لقد بدا منهكا وكأنه لم ينم لمدت طويلة ، مدت راحة
يدها وامسكت بكفه و لم يقم بأي حركة ، بينما تسائلت وهي تضغظ على كفة :
" هل تشعر بالبرد .. ؟ "
" انا منهك .. اريد ان انام .. "
" لماذا لم تنم اذا .. ؟ "
" انتظرك حتى تقولي لي اذهب للنوم "
تركت كفه عندما تململ في مكانه والتفت ليستلقي على جنبه الايمن محدقا
بها ليضيف و لكن بجدية :
" نسيت اقراصي في جيب معطفي القديم "
" و عند من تركت معطفك القديم ؟ "
" لقد توقعت بأن تسألي هذا السؤال .. لن يتغير تفكيرك ابدا "
" مالذي قلته حتى تتحدث معي بهذه الطريقة ؟"
" اخفضي صوتك .. ودعيني انام "
" حسنا .. انا اسفه .. لا انني اردت ان افتح موضوعا معك ..
لتلطيف الجو بيننا ولكنك لا تستحق ذلك "
كانت ستنهض ولكنه امسك بمعصمها و سحبها ليجلسها على الطاولة من جديد :
" انا اسف .. اجلسي وحدثيني حتى انام "
" ليس لدي ما اقوله " ثنت يديها امام صدرها وتظاهرت بعد الاهتمام لولا انه قال بعد برهه :
" لقد كذبت عليك ِ "
استطاع ان يلفت انتباهها عندما اردف :
" لا توجد امرأة في حياتي .. حتى قبل زواجنا "
كانت تريد ان تبتسم ولكنها تمالكت نفسها قائلة : " ولماذا كذبت اذا "
" لانكِ تريدين سماع هذا الجواب .. فكلما سألتني عن ذات السؤال اخبرتك بأنه ليس هناك إمرأة
ولكنك تسألين وانتي مقتنعه بإجابة ما "
" اذا لا توجد إمرأة ؟ "
" هل رأيتِ بأنك لا تصدقيني ؟ "
صمتت فقد كان محقا وراحت تحدق بكفها لثوان قبل ان تقول بتردد :
" ساجر انا لا اريد الانفصال "
.*
|