كاتب الموضوع :
ريم . م
المنتدى :
الارشيف
..
-26-
لماذا يجد نفسه في ذات المكان ، في ذات الوقت … وكأن الفجر يعلن عن بداية حلم جديد .. ؟
عبر المنزل المتهالك وراح يبحث بالجوار عن ذلك الصوت الذي كان مألوفا .. انه يعرف صاحبة ذلك النحيب ..
ولج الى غرفة مظلمة .. استطاع ان يلمحها تجلس القرفصاء وقد اكتست بالسواد .. تقدم عدت خطوات حتى
بات قريبا منها انحنى واضعا كفه على كتفها … كانت ترتعش .. كان يعرفها جيدا
: " راما ؟ "
: " لقد قتلني … "
تسائل وكأنه يعرف جيدا بأنها ميته : " من ؟ "
كانت تخفي وجهها مكرره في خوف : " هو .. قتلني … قتلني … "
شعر فجأه بأنه انتقل من مكان الى آخر .. وجد الكثير من النساء يرتدين السواد … واستطاع ان يلمح والدته
بينهم وبقربها تجلس منيرة زوجة عمه يبكين .. انقبض قلبه وتسارعة انفاسه .. وكأنه يعرف السبب وراء
كل هذا ولكن خاف ان يسألهن .. راح يبحث عن راما بينهن ولكنه لم يجدها .
استيقظ مفزوعا من نومه وكأنه تمكن لتو من التقاط انفاسه … ليجد نفسه على سريره وقد غرق
المكان في الصمت من حوله .. لولا ان اصوات بكاء النسوة لايزال يرن في مسامعه .
تناول هاتفه من على المنضده وراح يبحث بين الاسماء على غير هدى بأطراف مرتعشه ، لم يكن
معتادا على مهاتفتها الا اذا اراد ان يحضر مؤونه للبيت و غالبا لايكون مضطر لذلك ، اذ
يتصل بزوجة عمه ويسألها .
،
كان جسدها يرقد ساكنا على ذات السرير بجوار العجوز ، لكنها لم تكن نائمة ، و كيف لها
ان تنام بعد ليلة كهذه ، و لازالت كلمة خالتها منى تدور في رأسها ، "سيتقدم لخطبتك " .
شعرت بالضعف ، شعرت بأنها مقيدة … فكيف له ان يسيّر لها حياتها بهذه الطريقة .. ومن له
الحق في ان يفعل ذلك ؟
في تلك اللحظة اشتاقة لرؤية والدها .. انها تفتقده اليوم اكثر من اي يوم مضى .. هل كان
سلطان ليقدم على فعل ذلك لو كان والدها حيا .. وعمر .. آه يا عمر ! .. انزلقت دمعه ساخنه
لم تتمكن من كبتها ولم تكن تريد ذلك … لقد كانت بحاجة للصراخ .. للبكاء بصوتا عال دون ان يتمكن
احد من سماعها .. تود ذلك وبشدة .
اضاءة شاشة هاتفها معلنة عن اتصال جديد … كانت قد هيئة وضعه على الصامت حتى لا تزعج جدتها ..
نهضت لتجلس نفسها وتتناول الهاتف ملقية نظرة على شاشته .. عقدة حاجبيها وانقبض قلبها عندما قرأة اسمه .
اجابت بقلقل : " بجاد ؟ .. هل حصل مكروه لعمي "
كان سيغلق الهاتف في آخر لحظة لولا انها اجابت ، فقال بتردد :
" لا .. اسف لم انظر الى الساعة قبل ان اتصل "
" لا لابأس لم اكن نائمه .. مابك ؟ "
كان تهم بالخروج وهي تتلمس الجدران خشيت ان تقع ، فقد كان الضلام دامسا ..
لكنها تذكرت سلطان وتراجعت عن الخروج لتعود وتجلس على السرير ملقية نظرة على جسد جدتها الساكن .
" راودتني بعض الكوابيس .. انا حقا اسف " وضع يده على جبينه بتوتر .. لا يدري كيف قام بذلك
" كوابيس ؟ " كانت تهمس خشيت ان توقظ جدتها ..
تسائل بقلق واضح :
" راما هل انتِ بخير ؟ "
سرت رعشه في اوصالها واضعة كفها على شفتيها علها تبتلع عبراتها ،
كرر سؤاله على مسامعها بقلق واضح :
" هل انتِ بخير … اردت فقط ان اطمئن عليك .. كنــ .. " توقف عن ماكان سيقوله عندما سمع صوت خافتا
لبكاءها … كانت تبكي !
" راما ؟! "
راحت تمسح دموعها محاولة ان تهدأ قليلا :
" جدتي مريضة يا بجاد ... لم تعد كالسابق "
" لا تبك ِ … هي ستتحسن .. فقط تحتاج للعناية .. "
" لا ادري يا بجاد .. لا ادري "
" صدقيني عندما تتناول ادويتها بإنتظام ستتحسن "
" انها ترفض ذلك .. احيانا يرغمونها على تناولها … وكأنها تريد ان .. "
لم تتمكن من اكمال جملتها وراحت تبكي ، .. لا تدري هل تبكي بسبب ذلك فقط ، ام لأسباب
عديدة لا يعلمها احد سواها.. !
لم يكن بجاد بارعا في المواساة ابدا ، وقد بدا مرتبك جدا :
" اهدأي ارجوكِ .. انها عادة كبار السن .. وهذا لا يعني بأنها مللت من الحياة ..
ان ابي وكما تعرفينه .. لا احد يشبهه في عناده .. انه لا يسير جيد في الاونه الاخيرة
ولازال يرفض الذهاب للمشفى … هل تصدقين ذلك .. مصرا على انه لا يعاني من اي شيء "
اجابت بعد برهة من الصمت :
" فعلا هم هكذا .. ان كانت جدتي بخير فأنا بخير ايضا .. "
صمتا .. لثوان دون ان يضيف احدا منهم شيئا .. ولكنه بادر بتوتر :
" حسنا .. بما انك بخير … سأتركك الان حتى تنامين ..
لابد وانك متعبه من طول الطريق "
" بالفعل .. متعبه .. "
" حسنا .. الى اللقاء اذا "
اغلقة الهاتف محدقة بشاشته لثوان قبل ان تعيده على المنضدة .
كانت تود لو اجابته بأنها ليست بخير … ليست بخير ابدا !
..
|