لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-05-12, 02:42 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي

 







وقف امام صفوف من الكتب والملفات ليحتجب بعضها خلف كتفين عريضيتن.. مد ذراعه ليستخرج ملفا من بينها وتنهيدة تتسلق قصبته الهوائية من الأعماق..

ما بين إعادة ترميم مدرسة أكل الدهر على جدرانها وشرب إلى عائلات تتذمر من عدم وجود منتزهات ثم يأتي مشروع توسعة مستشفى الواجهة البحرية إليه متبخترا..

تحدق بنا تلك القرارات التي يجدر بنا اتخاذها وجدولة أعمالها بعينين حادتين.. تقف بترقب مادة كفيها تنتظر اللحظة التي تحيط بها الأكف الاعناق وتنهمر لحظة الصفر..

فتح غسان الملف لتتنقل عيناه بسرعة كبيره عبر الاحرف قبل أن يغلق ويستخرج ملفاً آخر من بين الرفوف.. فتح الاخر وهو يتمم بصوت شبه مسموع:
"ما الذي جاء بك الى هنا؟"

إرتفع صوت ذلك الشخص الذي يقف بجوار الباب والذي ولج إلى مكتبه متسللا:
"تحسنت مهاراتك غسان"

أستدار غسان ليقع بصره على صديقه فارس وهو يتقدم بمشيته المميزه بعد أن أخفى كفيه في جيبي معطفه الأسود..

لم يكن ما يميز مشيته هو بهرجتها أو قوتها بل العكس من ذلك تماما.. الخفة المتناهية التي تجعل من الصعب على إنسان عادي ملاحظة وجوده قبل رؤيته بالعين..

هذه الصفة واحدة من كثير اكتسبها بعد عمله في هيئة الاستخبارات المركزيه.. قد يستطيع استخدامها على الكثير من الناس إلا أنها لا تستطيع إخفائه عن صديق طفولته..

جلس فارس على المقعد المجاور للمكتب ليمد قدميه على الطاولة المقابلة له وهو يضع الواحدة منهما فوق الاخرى .. اتسعت شفتاه باتسامة مرحه وهو يقول:
"كيف هي أحوالك؟"

رفع غسان حاجبيه في استنكار وهو يرمق قدميه .. انزلهما وهو يتذمر:
"لا زلت متزمتا كعادتك"

جلس الى مكتبه ليطلب كوبين من الشاي .. قال بعد أن أغلق سماعة الهاتف وهو يرمي بظهره الى الخلف:
"تلك الاعمال تكاد تقتلني.. يطالب الوزير بجدولة سريعة لكل تلك المشارع بينما وزارة المالية تأخذ وقتها في تحديد الميزانيه المحدده.. "

عقد فارس ذراعيه امام صدره وهو يقول:
"حذرتك بذلك منذ اليوم الذي اخبرتني فيه أنك ستترشح لمجلس البلديه.. أنه سيأتي اليوم الذي تتمنى الموت فيه"

ارتسمت ابتسامة على شفتي الآخر:
"لم أبلغ هذا الحد بعد"

تعالت طرقات على الباب.. وضع المستخدم أكواب الشاي بعد ان أخذ الاذن بالدخول.. ما إن غادر حتى رفع غسان كوب الشاي ليرتشف منه وهو يسأل:
"ما الذي أتى بك هنا في هذا الوقت؟"

ارتفع طرف شفتيه بابتسامة حالمه وهو يقول:
"جئت إليك خاطباً"

عقد غسان حاجبيه مستنكرا بينما أكمل فارس بإبتسامة واسعه:
"سأتزوج اخت المستخدم الذي يعمل هنا إن كانت ورثت موهبته العظيمة في صنع الشاي"

رفع غسان قبضته أمام فمه يحاول الحد من صوت ضحكته كي لا يعلو:
"من اجل هذا اتيت فقط!!"

رفع فارس كوب الشاي بضحكته هو الاخر:
"ألا تعتقد انه يستحق.. لا يمكن ان تتخيل عدد المرات التي تمنيت فيها هذا الكوب ليلة البارحه"

إختفت الضحكة من على وجه غسان و هو يقول بتقرير:
"كنت تعمل ليلة الأمس"

وضع فارس كوبه على الطاولة التي أمامه.. أختفى من على وجهه كل شعور آخر.. حملت عيناه نظرة حادة ليقول بنبرة صوت مختلفة كما في كل مرة يتحدث فيها عن عمله:
"لقد تم اقتحام منزل أحد أعضاء مجلس البلديه بالأمس"

لم يكد يتم جملته حتى إقشعر جسدي.. وضعت كوب الشاي قبل أن يسقط من يدي..

بدأ عقلي يعرض صورا متتاليه لأعضاء المجلس في محاولة لإستنباط المتضرر هذه المره..

فهذه ليست هي المرة الأولى التي يتعرض فيها أحدنا لتهجم.. الهجوم على المنازل.. التعرض للضرب.. النهب والسرقه.. كل ذلك بأيدي مجهولة الهويه..

لم أسأل من هو الشخص المتضرر من بيننا نحن العشرة الذين نحتل مقاعد مجلس البلدية للعاصمه.. فأنا اعلم بأنه لن يُفصح عن ذلك وأعلم ايضا أنه لم يذكر ذلك الا كتحذير لي ..

فأنا الآخر عرضة للهجوم في أي لحظة من لحظات يومي..

فمنذ أن بدأت تلك الحرب الباردة بيننا وبين الدولة الشرقيه والبلد يتعرض للكثير من التخريبات..

أولها هو مهاجمة بعض منشئات الحكوميه بهدف اضعاف بنية الدوله وزعزعة استقرارها وثانيها استهداف الشخصيات السياسيه بغية هز سيادة الدولة وكرامتها..

أسندت مرفقي على مكتبي.. عقدت كفي بقوة حاولت فيها إستعادة رباطة جأشي بعد ما سمعته.. بدأ ذلك منذ سنوات طوال لذا ومنذ اللحظة التي حددت فيها توجهي السياسي أرغمني فارس على مشاركته في تمارين الدفاع عن النفس بالإضافة إلى المداومة على النادي الرياضي..

كان ذلك منذ قرابة الثمان سنوات..

وصلني صوت فارس من بعيد:
"توخى الحذر.. أرجوك"

إبتسمت وانا أفك عقدة كفي .. لقد ادعى زيارتي من اجل كوب من الشاي بينما هو يهف الى تحذيري.. قلت وأنا استند إلى الخلف:
"يجدر بك أن تخاطب نفسك بذلك"

وضع كوبه الفارغ على الطاوله.. قال وهو يهم واقفا:
"أنا أعمل في الخفاء يا عزيزي.. لست مستهدفا مثلك"

ألقى التحيه معلنا عن مغادرته.. توقفت يده في الهواء قبل أن تصل الى أكرة الباب عندها علمت أن هناك شيئا هاما لم يقله حتى الآن..

بعد ذلك بساعات أغلق غسان باب المنزل خلفه .. تأكد من قفله للباب توخيا للحذر..
وضع مفتاح السياره على الطاولة المجاورة للمدخل.. ثم عبر البهو الرخامي وصوت خطواته يتردد فيه وهو يرفع يديه ليبدأ في حل أزرار قميصه..

سبب فارس زلزالا من الأفكار في عقله قبل أن يغادر..

خلف في نفسه موجات أفكار تلاعبت بمشاعره وملامح وجهه..

فتارة يطفو القلق في عينيه.. وتارة يزم الغضب شفتيه.. وفي لحظة اخرى يعقد بتركيز حاجبيه..

دخل غرفة النوم ليجدها هناك.. تميل بجسدها بكل نعومه فوق طاولة الزينه لتتاكد من وضع الكحل في عينيها..

استقامت في وقفتها لينساب فستانها الأبيض حول تفاصيلها بدلال.. لفت وجهها بخفة اتجاهه لتتراقص خصلات شعرها بخفة حول وجهها وينتشر بعض منها على كتفيها..

رسمت جود ابتسامه على شفتيها وهي تقول بصوت حالم:
"اهلا بعودتك حبيبي"

هذا هو.. مهما صعب ما يحويه يومي من أحداث أعلم انني سأعود لمنزل أجد راحتي فيه.. الى مكان استطيع الاسترخاء فيه والى شخص أتمكن من السُكنى اليه..
"لم يكن تحذيري لك انت فقط.. زوجتك معنية بالأمر أيضاً"

جملة فارس الأخيره تكاد تقتلني..

هذه الحياة تشقلب أيامها بمهارة في لعبة أبديه..

تجعلك تعتقد أنك المنتصر الا انها وفي لحظة تخذلك..

وتسحقك تماما..






*********************************


دمتم بسعاده..


ضوء،،

 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
قديم 24-05-12, 12:22 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي

 







للخوف لون يعمي الابصار..
لذا فإنني سأتجاهل وجودك ولن أعتذر لذلك..
فأنت تكتم الانفاس وأنا ارغب بأن اتنفس بقوه..
فأنا لازالت أمامي أيام أرغب بأن أرى إن كان لها لون ام لا..





 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
قديم 24-05-12, 12:32 AM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي

 





اللون الثالث..






وقفت أمام المرآه للتناول المشط وتمرره في شعرها على عجل..
جمعت شعرها القصير الذي بالكاد يصل طوله الى منتصف عنقها الابيض في قبضتها.. تناولت بكفها الاخرى ربطة لتعقده خلف رأسها بحاجبين معقودين..

تعلقت عيناها بانعكاسها في المرآه..

بعد لحظات لم تطل انفرجت شفتاها لتفر شتيمة من بينهما.. تشتم بذلك أحداث ذلك اليوم.. تشتم ضعفها وقلة حيلتها..

رصت قبضتيها في تصميم وهي تبتعد عن انعاكسها لتتجه نحو غرفة الجلوس قاصدة المقعد القريب من الباب..

جلست تهز قدمها في انتظار عودة عمها من عمله في الشركه..

ما إن سمعتُ صوت توقف السيارة في الشارع حتى غادرت الشقة التي تسكنها ليصدر خفاها اللذان تعلقا بقدميها فرقعة وهي تقطع بيهما الدرجات اثنتين اثنتين ..

عندما وصلت إلى نهايته وقفت لتلتقط أنفاسها، لم يكن السبب وراء ذلك هو جريها بسرعة بل هو تلك الافكار والمخاوف التي تقف كحراس عند رئتيها.. تقطع كل نفس قبل أن تتمم أخذه ..

وكأنها عقدت العزم على تعذبيها..

تنوي القضاء عليها بالطريقة التي تستمر بالتربص بها في عقلها..

رفعت كفها لتضعا على قلبها وهي تزفر..
الإرتباك من الموضوع بذاته والخوف من أذية عمها يتركانها تتردد في اليوم بعدد الثواني التي يحويها..

الشيء الآخر الذي تشاجر مع ترددي ليحتل بعد ذلك نصف محتويات ذلك اليوم من ثوان هو ردة فعل ضياء..

كل مرة أتذكر فيها برود صوته عبر الهاتف وتسليته الواضحة بمعاناتي وكأنني طفلة صغيرة لن يغير رأيها من الوضع الذي يقع تحت سيطرته بالكامل..

تلك الافكار تجعلني أستشيط غضبا..

تجعلني أحترق..

أنصهر..

أتبخر..

لكنني لن أسمح له أبدا بجعلي أتلاشى.. لن اسمح له أبدا بتهميشي في حياتي ..

بحق الله إنها حياتي أنا!!

لماذا تكون له السطوة في عليها!!.. لماذا يمتلك هو كل الحقوق بينما أفقد أنا حق القرار!!

لا اعلم ما الذي كنت أفكر فيه سابقاً..

كيف اعتقدت أنني معجبة بشخص مثله؟!

هذا مستحيل!!

ربما كان ضياء الطفل شخصا يستحق الاعجاب لكن.. ضياء الرجل شخص لئيم يستمتع بمضايقتي..
كيف يمكن لي ان أعجب بشخص لا يحترمني؟!.. يعاملني بغباء مطلق؟!..

هو الآن بالنسبة لي سجان لا أعلم من أتى وكيف جاء؟!

لهذا لا يمكنني أن أتوقف.. سأبعده عن طريقي..

سأقضي عليه ان اسلتزم الامر!.. رصصت قبضتي وأكملت طريقي نحو الباب مستقبلة عمي ومرحبة به:
"أهلا بك عمي"

قال بابتسامة واسعة:
"كيف حالك يا ابنة اخي"

تلك الابتسامة هي ما يخيفني.. أنا لا أريد الإضرار بها!!

فهي عزيزة بقدر ما هي نادرة بعد وفاة أخيه الوحيد.. بعد وفاة والدي..
قلت بسرعة أسابق فيها نفسي قبل أن تجبن:
"عمي.. أريد محادثتك في موضوع ما"

قال دون أن يفقد ابتسامته:
"هيا بنا إلى المجلس"

لم يرزق عمي من الاطفال سوى فتاة تبلغ الرابعة عشر من العمر وصبي في العاشره..
لذا كان الوضع سهلا بالنسبة إليه أن يعزل لي ولأخوي شقة في الدور العلوي..

لكنني مع ذلك لا زلت أشعر بأننا دخلاء.. لا زلت أنتظر اللحظة اللتي تخرج فيها والدتي من المستشفى ونعود إلى منزلنا الحقيقي..

هناك وفي المجلس الذي يطغى عليه اللون الابيض وفي المقعد المجاور له فتحت الموضوع بقولي:
"عمي بخصوص موضوع الخطبه"

تلاشت ابتسامته ليحل محلها الاستغراب وهو يقول:
"ماذا؟!.. هل هناك شيء خاطئ؟"

قلت بسرعة ودون تفكير .. وفي رغبة مني لإعادة ابتسامته:
"كلا.."

سحبت نفسا وأنا أكمل:
"لكنني لا أريد الإستعجال بالموضوع"

عقد عمي كفيه وهو يقول:
"لماذا؟!.. لا أعتقد ان هناك أي عيب في ضياء.. لقد سألت عنه بنفسي!"

قلت بتردد:
"لا يوجد عيب به.. لكن .... ربما.. يوجد الخلل فيّ أنا"

لم يتكلم.. لكن ملامح وجهه حملت مشاعره بطريقة أبلغ من الحروف، قلت:
"أريد أن أستقر في حياتي.. أريد أن أثبت خطواتي السابقه قبل أن أنتقل الى الخطوة القادمه"

علت الإبتسامة شفتيه وهو يقول:
"لا تقلقي.. نستطيع تأجيل الزواج وبالقدر الذي تريدين"

لا أستطيع التراجع الآن!، قلت بإصرار:
"عمي.. لقد أصبحت أنا الآن رجل عائلتي.. الشخص الذي يجب عليهم الإعتماد عليه.. أنا لا استطيع الزواج قبل أن أطمئن عليهم"

لحظات وغادر الاستفهام والابتسام ملامح وجهه.. قال بعينين فارغتين:
"هل تلغينني من حياتكم يا أبنة أخي!!"

وقعت في حيرة من امري..
ربما هذا هو ما يقال عنه أنني حفرت حفرة لأدفن نفسي تحت أنقاضها.. أنتقلت الكلمات التي عبرت دماغي لتصل إلى لساني مباشرة وتخرج بصوت مخنوق:
" هل تريدني أن أموت يا عم؟!..
انا دون وجودك في حياتي لا أعتقد انني استطيع العيش لحظة اخرى!!"

أنارت عيناه قليلا:
"إذن أنت لن تردي طلبي.. أليس كذلك؟!"

توقف قليلا قبل أن يكمل:
"أنا اعلم ان الحياة لن تدوم لي ولا أعلم متى سأغادر هذا المكان..
بكل ما مررنا فيه علمت ان الحياة لا تدوم..

أنها في مضة عين قد تسحب البساط من تحت قدميك فتجد نفسك وحيدا..
هذا ما حدث لي بعد وفاة والدك..

لدي الكثير من الاشخاص الذين أقلق بشأنهم لذا ارغب في أن اطمئن على من استطيع الإطمئنان عليه وبأسرع وقت ممكن.. فالوضع العام للدولة لا يبشر بخير.."

رفع يده ليربت بها على شعري وهو يكمل:
"انا أريد أن أطمئن على مستقبلك.. أريد أن أرى رجلا يقف بجانبك في حياتك"

هذا هو الكبريت الذي يشعل الألم في نفسي.. لماذا يجب أن يكون هناك رجل بجانبي كي أعيش حياتي!!

"أريد أن أرى رجلا تستطيعين الاعتماد عليه وليس هناك شخص احسن من ضياء"

لماذا؟!..
ألا استطيع الاعتماد على نفسي فقط!!

أنا لا أعارض الزواج ولكن الآن ليس هو الوقت المناسب بالنسبة لي..
تكفيني المسئوليات التي تلتف حولي كشباك العنكبوت دون ان اعقد وضعي بوجود زوج له عليّ حق..

كأنني حبيسة تلك الشباك ليظهر امامي ضياء كعنكبوت كبير لا فرار منه!!
لكن..
كل هذه الافكار وكما ولدت في عقلي بقيت اسيرة جدرانه.. فأنا على ما يبدو مضطرة للمضي قدما في هذا الموضوع..

سوف يسرق مني ضياء حياتي قبل أن يكون لدي الحق كي اعيشها.. سوف ينتشلها مني قبل أن أمتلك الوقت كي ابنيها!!

قبل أن أرتب كل أموري سيكون الزواج هو القيود التي ستكبلني مهما كانت المشاعر التي احملها تجاهه..

ماذا عن الوعد الذي قطعته لنفسي؟.. ماذا اذا لم اتمكن من تحقيقه؟..

عشت سنوات وانا اعقد امالي على شيء كهذا لذا وفي الوقت الحالي سيكون الزواج بالنسبة لي كإزعاج وأنا لا أريد أن أتزوج وأنا احمل هذا الشعور..

أريد ان اكون سعيده..

اريد ان اعيش لحظاته مثل بقية الفتيات لكن ضياء سلب مني ذاك الحق..

كيف أعتقدت أنني من الممكن ان أعجب بشخصه الآن؟!...

يا لي من حمقاء..
ومع هذه الافكار التي لا تفتأ تعيد نفسها في عقلها كشريط معطوب اقتحمت مكتبه في اليوم التالي..

كانت تريد ان تفرغ عن القليل مما تشعر به في داخلها ثم .. ربما.. في يوم من الايام تستطيع تنفيذ ما هددت به لتجعله يتركها برغبته الخاصه..

صفقت الباب خلفها مغادرة مكتبه ومتجهة نحو المنزل بعد يوم عمل طويل..

كان الناس يحدقون بها في ممرات المستشفى.. فتلك الدموع التي تتشبث بوجنتيها كانت كمغناطيس لجذب انظارهم..

حركت قدمها اليمنى بسرعة لتلحق بها الأخرى.. فبما انها لا تستطيع ايقاف دموعها الخارجة عن السيطرة..

على الاقل يبقى لها القدرة على الاختباء عن الانظار الفضوليه..
لحظات وتباطئت خطواتها..

لم الاختباء؟!..

ذلك لم يعد مهما.. هي فقدت السيطرة على حياتها منذ زمن!!

فجأة ومن العدم .. او هكذا ما بدا لي ظهر ضياء ليقف في طريقي كالجبل..
الجبل؟؟!..
لماذا هذا التشبيه؟!

لماذا هذا الشخص طويل هكذا؟!

قال فجأة ودون ان يكلف نفسه عناء المقدمات:
"انا اسف"

كنت ارغب فعلا في تخطيه واستكمال طريقي إلا أن اعتذاره جعلني اتردد..
ما هذا؟!.. هل يتصرف كرجل نبيل ليثر غيضي اكثر فأكثر..
اكمل قائلا:
"لم اكن اقصد ان أتسبب لك بالحزن؟!"

قلت بضيق واستهزاء:
"وماذا كنت تتوقع؟!"

أن أرقص!!... فكرت بها إلا انني احجمت عن قولها..

مرت لحظات عانقها الصمت واحدة تلو الاخرى بينما خطوات الناس في الممر يعلو صوتها وينخفض في جيئة وذهاب..

قال ليختطف من تلك اللحظات صمتها وهو يعقد ذراعيه أمام صدره:
"إليك هذا الإتفاق.."

رفعت حاجبي بإستنكار.. ماذا؟!.. اتفاق؟!
قلت وأنا ألوح يدي بسخرية:
"وهل انا في بنك كي اعقد اتفاقا معك؟!.. "

تجاهل ما قلته واكمل:
"نبقى مخطوبين لفترة وإذا أصريت على رأيك بالرفض في نهاية تلك الفترة أنا من سيكلم عمك"

شارك حاجبي الاخر الحاجب الاول في موضعه.. ماذا؟!..

هل هو مستعد لإلغاء الموضوع؟!..

لو كنت اعلم ان دموعي ستأتيني بمثل هذه النتيجة لكنت عصرت عيني منذ زمن!!

سألت بإرتياب:
"هل انت جاد؟!"

اجاب بضيق:
"بكل تأكيد"

"وكم ستطول هذه الفترة؟"

"لا اعلم"

تقدمت خطوة لاسأله بحماس:
"هل استطيع الرفض منذ هذه اللحظه؟!"

عقد حاجبيه بغضب قبل ان يقول:
"حسنا.. شهرين!!..
إذا بقيت على رأيك بعد ذلك سوف ألغي أنا بنفسي كل شيء.."

إذا كان هناك مخرج!!

وأنا التي اعتقدت ان حياتي قد انتهت..

باقة ازهار يعطينا إياها الزمان بين الفترة والاخرى ..
نستلمها .. يزكم اريجها انوفنا..
لكن..

تعمي الحياة أعيننا عنها.. فلا نراها ولا نستمتع بوجدوها..
ولا نحمد الله على نعمة لم نلحظ وجودها بين ايدينا..






***************************


 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
قديم 24-05-12, 12:36 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي

 






فتح باب الحمام لتتسرب الأبخرة منه معلنة ان شخصا ما انهى استحمامه للتو..

خرج منه بقدمين تتسلل قطرات من الماء عليهما..
رفع يمناه ليشعث شعره بالمنشفة في محاولة منه لتجفيفه..

توقف ضياء ومنشفته لا تزال تغطي رأسه من الجانبين أمام رف ليمد ذراعه باتجاه صورة مرت عليها سنوات..

ارتخت نظراته بحزن وهو يحدق بوجه جده الذي يبستم بفخر وسعادة في تخرج حفيده من كلية الطب..

لامس بسبابته تلك الابتسامه.. أغمض عينيه يردد بينه وبين نفسه سورة الفاتحه لروح ذلك الجد الذي رباه أكثر بكثير مما فعل والده..

وكأن روحه في هذا اليوم انتقلت في رحلة الى الماضي.. فهاهي الذكريات تأبى الا وأن تطفو على السطح منعشة ذكراها بقدوم صديقه من الشمال..

ذلك الصديق الذي تعرف عليه خلال الاوقات التي قضاها عند جده.. فآخر مرة قابله فيها كانت منذ سنوات..

رتب هندامه على عجل فهو الشخص الذي سيستقبله في المطار ولا يمكن أن يتأخر على ذلك..

غادرت المنزل وانا ارتدي معطفا خفيفا .. توقفت عند السيارة لأنفض بعضا من اوراق الشجر المتساقط..

صفراء كحياتي الآن..

اعيش كابوسا مضى وحلما لم يأتي.. كدمية في مسريحة أجبرت على أداء دور ما بالرغم عنها..

ولجت السيارة وأنا اتنهد..
دور الشخص الذي قدر له ان يسبب الأذى لمن يحب.. أعيش حياتي في تخوف من قدوم اليوم الذي تظهر فيه الحقيقه.. ذلك اليوم الذي أقوم فيه بطعن عائلتي وبعينين مفتوحتين..

أطعنهم بسكين وضعها والدي في يدي كرجل قام بجريمته لكنه كان اكثر رفعة من يقوم بعمله القذر ليترك ذلك لي..

لأنني ابنه تقرر أنني سأتمرغ في الوحل عوضا عنه.. كرهت ذلك الوالد الذي تركني بهكذا مسؤلية منذ سنوات مراهقتي الأولى ..

كرهت نفسي وكرهت هذه الحياة التي أرغمت على عيشها..

ارتسمت ابتسامة على شفتي..

جدي..
خريف هذه السنة ينبئ عن شتاء لا يرحم.. فدرجات الحرارة بدأت في التدني واجساد المارة بدات في التدثر اكثر فاكثر..

أرجوكم..
فليكن عدد المرضى ذو إصابات الجهاز التنفسي محدودا..

اغمض عينيه للحظات يدعو فيها الله بذلك..

في السابق كان يحب الشتاء.. أما بعد عمله فقد امتلك ذلك الفصل بعدا آخر..

كان نظرته له تتسم بالشاعريه.. فهو فصل العشاق.. فصل التصالح مع الذات.. أمام الآن.. هز رأسه مبعدا كل تلك الافكار عن ذهنه..

أوقف السياره في مواقف المطار.. نزل منها ركضا على أمل أنه لم يتركه لينتظر فترة طويله..

وقف في صالة القادمون والفارغة تقريبا.. توقف بصره على جسد ذلك الرجل الذي يستند على الحاجز بعد أن وضع مرفقيه عليه.. كان يحدق في الأرض وحقيبة معلقة على ظهره برتابة الذي بقي ينتظر فترة طويلة..

"عمار"

إلتفت باتجاهي وعيناه مفتوحتان على اتساعهما.. هذا هو صديقي..

نفس الملامح إلا انها ازدادت نضجا ورجوله.. لحيته الغير مكتمله سابقا باتت تحيط بذقنه تماما..

ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه وهي يتقدم مادا ذراعيه.. تقدمت انا الاخر لأحتضنه وأنا أتمتم:
"مرت سنوات"

صحيح.. توقفت عن الذهاب الى مكان كنت أعتبره موطنا بعد ان توفي الجد الذي كان لي الوطن الذي التجأ اليه..

عندما ذهبت الى هناك وفي الاسابيع الاولى.. كان ما عرفته يثقل كاهلي..

كنت أشعر بأنني اختنق.. أنني أغرق شيئا فشيئا.. كم تمنيت لو امتلكت شخصا أخبره بذلك كي أتوقف عن الانجراف نحو القاع أكثر..

وهذا سبب في زيادة الفجوة بيني وبين جدي.. فهو والد ذلك الرجل الذي خان ثقتي.. لذا لم أجد لي شريكا في ليالي وحدتي الا السماء..

لم يكن يسلي وحدتي الا معانقة القمر الذي يتوسطها..

تلك الفتاة كانت لحياتي السماء ثم وبعد فترة لم أعد الى مدينتي الا بعد ان كان جدي لحياتي الأرض والوطن..

حطت رحالي وصديقي في مقهى كي يتمكن من تناول إفطاره.. أمام كوب من القهوة قال لي عمار:
"لقد تغيرت.. لا تشبه الفتى ذي المشاكل الذي قابلته من قبل"

ضحكت وأنا أقول:
"وهل من الممكن أن لا أتغير بعد مصافحتي لعصا جدي عدة مرات؟"

هز رأسه بإيماة الخبير فهو الآخر قد قابل تلك العصا.. انتقلنا في الحديث من ذكرى الى اخرى ومن وضع سياسي الى اخر.. رغما عني تعلقت عيناي بالشيب الذي بدأ يغزو جانبي رأسه..

في السابق كنت انا الذي أحمل الهم أما هو فكان الصبي الذي لا يستطيع التعامل مع الهموم لذا يرميها في قعر الهجران دون أدنى شعور بالذنب..

أما الآن فقد انعكست الأدوار بطريقة ما.. فأمام شعيرات الشيب تلك لا أملك الا ان أقف احتراما.. فلصديقي الآن على ما يبدو باع عظيم في الحياة..

توقفت أحاديثنا فجاة على صوت عمار:
"آه.. لقد نسيت إخبارك"

ملت بجسدي الى الأمام في اهتمام ليكمل هو حديثه:
"سوف أصبح أبا بعد أربعة شهور"

تسللت الى شفتي بسمة لم أستطع كبحها.. مددت ذراعي لأربت على كتفه قائلا بحبور:
"لقد فعلتها يا صديقي.. سوف تصبح أباً"

تنهد بإبتسامة حزينه:
"هذا ما يقلقني حقيقة.. أنا لم أفصح لك عن السبب الحقيقي لزيارتي للعاصمه"

عقدت حاجبي باستغراب وباستنكار لحزنه.. أرتشف القليل من قهوته ثم أكمل:
"لقد تم تسريحي من عملي بالشركه"

ارتفع صوتي بغضب:
"ماذا؟!"

اكمل وكأنني لم أسأل:
"أوشكت الشركة على الإفلاس بسبب بعض الاختلاسات ولكي لا تتوقف عن العمل أحتاج الأمر الى التخلص من بعض الموظفين"

حركت يدي في ضيق وأنا اسأل باستفسار:
"دون أي انذار أو فترة تبحث لنفسك فيها عن عمل آخر!!"

مال عمار بجسده الى الامام.. اتكأ بمرفقه على الطاوله ليقول ولمحة تمرد ترتسم في عينيه:
"رمينا في الشارع بتعبير أصح"

استندت الى الخلف وشعور بالصدمه يشل لساني.. صديقي الذي سيصبح أبا لا يعلم كيف يعيل أسرته الآن.. استند هو الآخر ليقول:
"الأوضاع في البلد من سيء الى أسوأ.. حالي هو حال الكثير من الاشخاص في الشمال ولذا أتيت هنا للبحث عن عمل آخر.. كمبرمج يجدر بي أن أجد لي عملا هنا أو هناك"

علت البسمة ملامحه ليهز رأسه بثقه:
"لذا ليس هنالك أي داعٍ للقلق"

بعد ذلك بفترة وقف ضياء يحدق في ظهر صديقه وهو يصغر شيئا فشيئا مبتعدا ومتعمقا بين نطاحات السحاب التي تصطف على جانبي الشارع التجاري..

دس كفيه في جيبيّ معطفه هربا من ذلك الهواء البارد الذي يصطدم بهما.. رفع رأسه باتجاه السماء وهو يخرج نفسا مرتجفاً..

تمضي أيام بخطوات لم تكن الا على أرض ومعلقة تحت سماء..

إذا فُقدت الأرض يغدو الإنسان جسدا خاوياً لولا تلك السماء التي يسبح في فضاءها..

أليس كذلك يا قمري؟!







******************************

 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
قديم 24-05-12, 12:46 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي

 







انطلقت نظرة جانبية من عينين نجلاويين باتجاه الشخص الذي يجلس على بعد عدة سانتيمترات منها..

كان مستغرقا في الحديث بهاتفه.. أعادت بصرها الى الامام دون ان تجرؤ على التحديق في وجهه..
كثير من التغيرات التي بدأت تلحظ وجودها في زوجها..

القلق.. الارتباك..

كل مكالمة ترد الى هاتفها يتأكد من مصدرها بنفسه.. يقضي الكثير من وقته في المنزل وكأنه يراقبها..

يتلقب خلال نومه كثيرا وكأن حواسه تعمل طوال الوقت..

كثيرا ما سألت نفسها..
هل كُشِف الغطاء عن ماضيها؟!

اقنعت نفسها بأن الأمر ليس كذلك كونه لم يَرْمِها في الشارع حتى الآن..

نزلت جود من السيارة لتلوح مودعة لزوجها قبل ان تغادر مبتعدة..

ما إن دخلت بهو المنزل حتى أغلقت باب منزل الجده خلفها.. بقيت في ذلك المكان دون أن تتخذ أي خطو أخرى..

واحد.. إثنان.. ثلاثه..

أربعون.. خمسون..

ثمانية وخمسون..تسعة وخمسون.. ستون...

سمعت صوت السيارة وهي تنطلق مغادرة المكان..

أغلقت عينيها عن المكان حولي وبكل ذكرياته لترتحل أفكارها عند ذلك الرجل الذي الذي ينتظرها دوما إذا نزلت في مكان ما.. ينتظرها لدقيقة كاملة قبل ان يغادر..

كأنه يخاف عليها ان تضيع في المسافة بين باب السيارة وباب المنزل على الرغم من انه يعلم أن حقيبتها الصغيرة تحوي نسخة من مفتاح الباب..

ابتسمت لصورة زوجها المنسوجة في عقلها إلا أن هذه الابتسامة سرعان ما تلاشت وهي تفتح عينيها..

آه.. كم أكره هذا المكان..

فتحت حجابي وأنا أسير الهوينى وفي نيتي الدخول الى المنزل.. بوجه يخلو من أي أثر للسعادة التي كنت أشعر بها قبل قليل ..

وصلني صوت من خلفي:
"يبدو انك سعيده!"

استدرت بجسدي بسرعه نحو مصدر الصوت.. لم يكن الا كما توقتعه.. فتلك الفتاة كانت تقف بغنج مستندة الى الجدار.. وقد امالت رأسها لتتساقط بعض خصلات شعرها الاسود القصير كشلال مخفية لبعض ملامحها..

راسماً حدوداً مُبرزةً للون عينيها الازرق التي اجادت تحديدهما بالكحل..

فاتنة بكل المقاييس كما كانت دوما..

على الرغم من أنني اعلم انها ترتدي عدسات ملونه الا ان ذلك لا يغير من الواقع الكثير..

عندما رأت بأنني لم اتحرك من مكاني ولا انوي التوجه اليها هزت كتفها بابتسامة جانبية لتقول:
"يجدر بك ان تكوني سعيدة بكل تاكيد"

هزت راسها باتجاه الشارع لتتراقص خصلات شعرها وكأنها تحتفل انها تحيط بوجه جميل كهذا.. فعلت ذلك وهي تقول:
"فانت تمتلكين زوجا كهذا"

رصصت قبضتي .. طعنت اظافري المطلية باللون الزهري راحتي.. الا انني لم اقو على الكلام..

انتظرت ردة فعلي الا انها لم تحصل عليها.. تقدمت الى الامام وحذاءها ذو الكعب العالي يطرق على الارض..

توقف حولي كل شيء.. الا من تلك العينين وصوت الحذاء الذي يعلو شيئا فشيئا.. وقفت بجواري تحدق الى الامام بينما بقيت أنا احدق الى الخلف..

لم ارد ان اقابل عينيها ويظهر انها شعرت بالمثل ايضا..رفعت كفها اليمنى لتضعها على كتفي الأيمن وهي تقول:
"ماذا تعتقدين سيحدث.."

توقفت عن الحديث لتمد اصبعها السبابه فتغرس ظفرها في عنقي مرسلة قشعريرة كبرقية مستعجلة الى جميع نواحي جسدي وهي تقول:
".. لو علم ابنة من انت ؟!"

اختفى كل شيء.. سحبني الفراغ نحوه رويدا رويدا..

اظلم كل شيء.. ومن تلك الكلمات التي ترددت في اذني كرثاء لشخص لم يعلم بأن الحياة غادرته..

لم يعلم بأن الزمان ارتحل آخذاً معه كل شيء..

تعالى الضجيج..

لا اعلم من اين ياتي تلك العواصف في جو هادئ كهذا لتلفح جسدي..

ربما هي تلفح قلبي لكنني لم اعد امتلك القدرة على التمييز..

تمددت كلماتها التي تفوهت بها لتحتل كل بقعة في عقلي.. تجتاح كل شيء ويستسلم لها كل شيء..

اقتربت مني لتنفخ في اذني وكانها تدفع كلماتها اكثر فاكثر .. ابتعدت بعد ذلك ليشارك صوت حذاءها على الارض ضحكة بسيطه ليتلوها قولها:
"لن يعلم بكل تكيد ما لم يخبره احد ما"

ثم اختفت..

اختفت بعد ان اخذت معها قدرتي على الوقوف.. استندت الى أقرب جدار الي لاغمض عيني..
هل تهددني بقولها؟!.. هل تعني انها من ستقوم باخباره..

لماذا؟!
أتكرهني؟!... أترغب في هدم حياتي؟!

"ما لم يخبره احد بذلك"

ترددت الكلمة مرة اخرى وترددت.. كلما ترددت اكثر كلما اختنقت انفاسي بدخان لا وجود له.. لسعت جسدي سياط حرارة لا تحيط بي..

رفعت كفي لاغطي بهما أذني وأنا اهز رأسي..

ابتعدي ..
توقفي ايتها الكلمات عن الدوران في رأسي.. انا لا يمكن ان أغرق في ذلك المحيط..
لا يمكن ان أسمح لك بتمريغي في الوحل..

سحبت نفسا مرتجفا يتلوه آخر..

يجب علي ان اهدأ.. فأنا لا زلت امتلك السيطرة على الامور..

انا لا زلت امتلكه هو..

لم ولن يبتعد عني.. غسان سيبقى معي دائما..

بعد دقائق قضتها في ذلك المكان تنشد بها بعض الاتزان دلفت الى داخل المنزل..

الى اكثر مكان ترغب بالهرب منه..
فعبور بوابة هذا المنزل هي تذكرة لرحلة نحو ماضي تكرهه..

وجوه من اعتادت على رؤيتهم هنا تذكرها بما تحاول الهرب منه..

فاليوم هو يوم الجمعة.. اليوم الذي تلتلقي فيه العائلة عند بيت الجده..

لذا توجهت نحو غرفة الجدة حيث يجلس والدها وزوجته مع عمتيّها..
واحدة منهما تزوجت وهاهم اطفالها يلعبون مع إخوتها لأبيها.. أما عمتها الأخرى فلم تتزوج ولازت تعيش مع الجده في هذا المنزل الذي يسكن والدها الدور العلوي منه..

وقع بصرها عليها تجلس في الزاوية هناك.. رفعت حور ابنة عمتها كفها محيية إياها وكانها لم تحاول تحطيميها قبل قليل..

تجاهلتها والقت التحية بهدوء مصافحة الجميع بالدور لكن ما إن تلقت يدها كف شقيقتها ياسمين التي تبلغ الثامنه حتى سحبت يدها وهي تقول:
"تعالي جود.. إلى غرفتي"

هربت من هذه الجموع إلى غرفتها التي تسبح في اللون الزهري..

بعدما تزوج والدي مرة اخرى انجب ثلاثة من الاولاد وابنتان لتختتم ياسمين هذه العائله...

اخرجت لي من حقيبتها المدرسيه قطعة من الحلوى وهي تقول:
"هذه الحلوى التي اخبرتك عنها.. انها لذيذه جذا"

قلت مشدوهة بذلك:
"حقا!!"

اخذت اقلب الحلوى في يدي تحت نظرات شقيقتي المتحمسه.. لم اكن اعتقد انني استحق رفاهية تناول الحلوى..

كنت اعلم انني مختلفة عن الجميع منذ أن كنت في السابعة.. فأنا لم أكن استحق ما يعتبره الاخرون شيئا طبيعيا..

مشاعري نحو ذلك اليوم تعدت حد الكره بكثير لدرجة حتى لم اعد اميز فيها مشاعري..

لكنه دائما يجعلني ارغب بالبكاء .. إلا أن هذه الدموع لم تكن حقا ولا ملكا لي..

تناولت الحلوى وأنا أتابع شقيقتي وهي تتحدث عن معلمتها:
"أتذكرين تلك المعلمة الشريرة.. كان يفترض أن تلقي خطابا عن الأدب إلا أنها وقعت في طريق صعودها الى المسرح..سمعتهم يقولون أنها لوت قدمها"

ضحكت وانا اقول:
"اتعنين أنها لوت كاحلها؟"

ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها:
"هذا.. هذا ما كنت اعنيه.. لذا لم تلق تلك المحاضرة علينا وهذا شيء جيد.. كيف يريدون مني أن أتعلم شيء عن الأخلاق من شريرة مثلها!!"

قلت بابتسامة وأنا أربت على رأسها:
"ربما يجدر بك أن تشفقي عليها بدل ان تسخري منها"

اختفت ابتسامتي.. أنا أيضا أشفق على نفسي... لو تعلمين يا ياسمين انني لا اتصرف على سجيتي إلا أمامك أنت..

ثم وبطريقة لا أفهمها أنسى كيف أتصرف على طبيعتي أمام غيرك من الناس حتى أمام أبي الذي لم أفارقه إلا عند زواجي..

أعتقد انني تجاوزت وقت العودة منذ زمن..

بدأت أخاف من الليل اكثر واكثر..

اخشى نفسي اكثر من ذلك بكثير..

عندما عدت الى غرفة جدتي جلست في المقعد الفارغ الوحيد والمجاور الى عمتي أم أمين.. كان الجميع يتشارك مستجدات الحي ويقررون الزيارات التي يتوجب عليهن القيام بها الى نساء من الحي، إما بسبب المرض أو ولادة إبنتها أوزواج إبنها وإلى ما هنالك من المناسبات..

التفتت عمتي إلي لتسألني:
"هل ترغبين بالمجيء معنا؟!"

رفعت يدي لأهزها في إرتباك وأنا أقول:
"اعتقد أنني سأعتذر عن ذلك.. فليس لدي الكثير من الوقت بين العمل والعناية بالمنزل"

وحتى لو كان وقت العالم كله متواجدا بين يدي لما ذهبت.. فأنا لا ارتاح في اماكن تحوي عددا كبيرا من الناس..

أنا اكره مثل هذه الاجتماعات.. فأنا اعلم جيداً وعن خبرة شخصية ..حقيقة واحدة، فبقدر ما تبدو هذه الاجتماعات مسالمة من الظاهر فهي تملك قدرة خارقة على تدمير حياة شخص ما وبشكل كامل..

ارادت عمتي أن تعود إلى أحاديثها إلا أنها قررت الإدلاء بتعليق قبل ذلك:
"في كل مرة أراك فيها تزدادين جمالا.."

توقفت قليلا لتحدق فيّ بتأمل:
"اصبحت تشبهين امك كثيرا.. بل وكأنك صورة ناطقة لوالدتك في شبابها!"

ما إن قالت جملتها حتى التفت والدي الذي كان مستغرقا في حديث مع جدتي ليقول بصوت حازم:
"أم أمين!!"

أما أنا وعلى الرغم من انني أسمع هذه الجملة كثيرا الا أنها وفي كل مرة تغلف عقلي وتشلني عن الحركه لتسرق مني القدرة على التفكير..

يتوقف الهواء.. يسكن كل شيء يحيط بي..

مرت لحظات قبل أن تنهض وهي تقول بابتسامة كان من السهل جدا إدعائها:
" سوف أذهب لإعداد الشاي"

من وراء الباب المغلق وصل الى مسامعها صوت والدها الغاضب وهو ينهر عمتها قائلا:
"أنت تعلمين أن ذكر والدتها هو شيء محظور امامها"

اكملت طريقها نحو المطبخ لتغلي بعض الماء بينما قادتها ساقها بعد ذلك الى الحمام..
هناك وقفت منكسة الرأس لفترة قبل أن ترفع عينيها تدريجيا لتحدق في وجهها عبر ذلك الزجاج العاكس..

كم أكره هذا الوجه..

ففي كل مرة أنظر فيها إليه اشعر وكأن أطنانا من الدخان تحيط بي من كل جانب لتكتم انفاسي..

يذكرني دوما بأنني لا أستحق العيش.. بأنه ربما كان يجدر بي الإستسلام في ذلك اليوم.. يقول لي أنه كان من المقدر لي ان اختفي هناك..

وصلني صوتها عبر ظلمات لطالما تمنيت أن لا يكون لها وجود..

ذلك الصوت الذي مهما حاولت الفرار منه الا انه يجد طريقه لي.. فيتكرر ويتكرر..
"قلمي الأزرق..يرسم زورق ..
وسماء بها شمس تشرق...."

رفعت كفهت لتضعها على وجهها..
"قلمي الأحمر..أخذ المنظر
لون كل الورد الأحمر...."

غرست اظافرها في وجهها.. كم أرغب في تغيير هذه الملامح...
"قلمي الأصفر..نظر ..
وفكر.....أين مكان اللون الأصفر؟"

سحبت يدها بقوة وببطء نحو الاسفل مخلفة خطوطا حمراء على بشرتها الرقيقه..

كم ارغب في خربشة الجلد الذي يغطي هذا الوجه..

أن اكون شخصا مختلفا.. احمل وجها مختلفا.. اغير نحت ذلك الجلد الذي يغلف عظامي..

اصوات لعب الاطفال في الخارج اعادتها الى واقعها لتحدق بعيني متسعتين وأنفاس متقطعه في جبينها المتصفد عرقا .. اجتذبت تلك الخدوش التي تعلو وجنتها اليمنى نظرها..

تحسسته في رعب.. ماذا افعل؟!..

إذا رأى غسان هذا ما الذي سأقوله له؟؟!..

هذه الفكره عششت في عقلها لترسم الارتجاف على كامل ملامحها..

غسلت الجرح ثم التفت لتبحث عن علبة الاسعافات الاولية .. استخرجت علبة المطهر بيدين ترتجفان..

بالكاد استطاعت فتح العلبة تحت سيطرة ذلك الارتجاف.. وضعته ثم وضعت ضمادة على الجرح..
ربما.. ربما اذا فعلت هذا سيختفي الجرح قبل نهاية هذا اليوم!!

تركت الحمام عائدة الى المطبخ ولم يمض الكثير من الوقت حتى غادرته نحو غرفة الجده وهي تحمل صينية الشاي بين يديها..

شاركتهم بقليل من الابتسامات والاحاديث قبل ان تغادر وفي نيها التوجه نحو الاطفال..

لطالما اعتقدت ان اللعب مع الاطفال والذي حرمت منه سابقا لا يزال بالنسبة لها اكثر متعة من الحديث مع الكبار..

حنت ركبتيها لتجلس بجوارهم على الارض.. اخفضت رأسها كي تقترب من مستوى البقية لتنزلق خصلات شعرها الطويل من على كتفها وتستقر على الارض بجوارها...

أمسكت بيدها دمية ما وبدأت باللعب مع الفتيات..

لو رآني غسان العب هكذا ما الذي سيفكر به؟.. لا اريد ان اعرف لهذا السؤال جوابا..

لكن.. ربما.. سيكرهني عند إذ..

لم يطل الكثير من الوقت حتى أطل والدها برأسه في الغرفة باحثا عنها..

نهضت معه لحديث خاص في الممر.. لم يكن خاصا في الحقيقة ،فهي تعلم تماما ما الشيء الذي ينوي التحدث عنه.. لكن وعلى الرغم من انه يعلم ان رأيها لن يتغير الا انه وفي كل مرة يفاتحها بهذا السؤال:
"سوف اذهب لزيارة والدتك.. هل ستأتين معي؟!"

زمت شفتيها وهي تهز رأسها قبل ان تقول :
"تلك المرأة ليست والدتي.. لا ارغب برؤيتها"

قال وهو يتنهد:
"كما تشائين.. إلا أنني لا زلت اعتقد انك تحتاجين الى القيام بهذه الزيارة مرة واحدة على الأقل..
من أجلك أنت وليس من أجلها هي"

اخفضت بصرها لتمر فترة من الوقت قبل أن تقول:
" لا تقلق علي.. انا سعيدة هكذا"

كانت مقلتاه تتنقلان بتفحص وبسرعه في ملامح وجهها:
"هل أنت متأكده؟"

رسمت ابتسامة صادقة وهي تفكر في زوجها:
"بكل تأكيد"

هز كتفيه ليتنهد قبل ان يقول:
"هل توصينني بشيء قبل مغادرتي؟!"

هزت رأسها وهي تشكره.. بقيت فترة في مكانها تراقب جزيئات الهواء وهي تتنقل من حولها ساخرة منها..

تصطدم بها متذمرة من شغلها لحيزٍ كان الأجدر به ان يكون لها..

قالت بصوت عالي مخاطبة خيال والدها الذي لم يعد له وجود:
"ربما يجدر بك أن تطلب منها أن تسارع في الإختفاء من هذا العالم.."

لقد سئمت الانتظار..

نبني قلاعا نعتقد أنها ستصمد اما كل شيء..

نحملها كمدخرات امام أيام هذه الحياة..
لكن..
مع نفخة هواء بسيطة..

ينهار كل شيء..
ونبقى نحن..
والفراغ..







*******************************



اعتذر لتأخري
في انتظار تواجدكم..


دمتم بسعاده..


ضوء،،



 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لأنو, للكاتبة futurelight, ليلاس, مستقبل, لغه فصحى, منتدى قصص من وحي قلم الأعضاء, رماد, رواية رماد ملون, روايه مشوقه, ضياء, ضياء و قمر, قمر, قصص و روايات
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:44 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية