لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-07-12, 06:09 PM   المشاركة رقم: 51
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jun 2012
العضوية: 242577
المشاركات: 118
الجنس أنثى
معدل التقييم: ريم . م عضو على طريق الابداعريم . م عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 165

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ريم . م غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

ضوء /

في البداية لم يكن الجزء طويلا كفاية ... يبدو انك كتبته حديثا

- لا ادري مالذي حل بغسان بعد الانفجار ولكن اعلم بأنه لم يكن بذلك القرب
الذي يؤدي الى اصابته بالاذى ..

- بالنسبة للحفل شعرت بأنه لم يكن طويلا ايضا ... ولم يكن هناك شيء لنتحدث عنه حول الجزء المتعلق بالحفل
وذلك قد يكون سببه انه لم يتبعه جزء آخر مكملا له !
ثم انني لم افهم جيدا ماذا فعلت قمر خلال الحفل حتى تغضب اخت ضياء منها عندما قلتِ :

" تحسست بأناملها قطعة الحلي الموجودة في شعرها لتحرر خصلاتها الحبيسه .."
من تعنين ( بشعرها / بخصلاتها ) هل هي قمر ام حلا ؟
صحيح بأنها امور صغيره ولكنها احيانا تربك القارئ .. !

- ايضا لدي ملاحظة بسيطة فكوني صبورة
احيانا اجدك تدخلين ذكريات في الاحداث لا ادري من اين تبدأ ولا كيف
تنتهي فأجد صعوبه في فهم المشهد فتختلط على الامور ... فهي تدخل وسط الحدث دون مقدمات


اتمنى بأن تتقبلي رأيي فهو في النهاية نابع من محبة فلو
ان قصتك لم تعجبني لم اتكبد عناء كتابة كل هذا.. !

ثم اود فعلا ان تنصحيني ببعض القصص التي قد انتهيت منها ..
عبر الخاص وسأكون شاكرة لك ِ ياصديقتي

..

 
 

 

عرض البوم صور ريم . م  
قديم 14-07-12, 08:02 AM   المشاركة رقم: 52
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي

 





لقد رحل..
ذلك الشخص الذي لا لون له..
غادر دون أن يترك له ظلاً!!


 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
قديم 14-07-12, 08:13 AM   المشاركة رقم: 53
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي

 




اللون التاسع



فتح الباب لتعبره قدمان تجران جراً..
مد ذراعا سمراء ليخلع حذاءيه ويرميهما باهمال..

اتكأ على الجدار مكملا طريقه عابرا الممر بقدمين حافتيين فوق الرخامات التي حملت اللون البيج منقوشا باحمر داكن.. اتكأ عليه وكان حياته تتعلق به.. هو ان لم يتكأ عليه سوف يسقط!!
ما ان وصل الى غرفة الجلوس حتى رمى بثقله على اقرب مقعد..


اتكا بمرفقيه على ركبتيه ليدفن وجهه بين كفيه وهو يتنهد بتعب..
يحاول التخلص من ثاني اكسيد الكربون والمشبع بالرماد والذي يعلم انه لم يغادر خلاياه بعد..
لكن..


ما الفائده؟!..
فخلاياه قد صبغها السحام الذي لون وجهه وكيفه..
ذاكرته ترسب فيها رماد خلّفه حريق ينشب في دماغه كلما فكر بما يعرف..
تنهد مرة اخرى حسرة على ايام طوال يعلم انها تختبء تحت ما يدعى بالمستقبل..
رمى برأسه على ظهر المقعد مغمضا عينيه..


يسترجع ما حدث والذي لم يمض عليه الكثير، فلا زال يعاني من تشويش في سمعه..
لم يمضي الكثير من الوقت بعد الانفجار حتى امتلا المكان برجالات الدفاع المدني والشرطه.. بينما تعالى صوت سيارة الاسعاف مبتعدة بجسد الرجل المصاب..

قررت الشرطه أخذه الى المركز لإستجوابه الا انه اعلن انه لا يمكنه ترك زوجته لوحدها في المنزل..

لذا تم ذلك في احدى سياراتهم..
أمطروه بوابل من الأسئلة.. اختار اجابة بعضها بصدق اما البعض الاخر فإختار ادعاء الجهل..
من الصعب ان يثق..


بعد ما عرفه وما حدث امام عينيه لم يعد يعلم من هو في صف بلاده ومن هم غير ذلك..
لا يمكن ان يأتمن شخصا بما يعرف الا ذلك الصديق..
فارس..


بقي على حاله لفترة قبل ان يعتدل في جلسته وقد فتح عينيه على اتساعهما..
بات مكشوفا أنني مضطلع بما يحدث..
أياً كان من هاجم الرجل فعل ذلك امام منزلي..
مررت كفيه في شعره بتوتر.. منزلي الآن مهدد بالخطر!!
لم يعد المكان آمنا كي تبقى جود فيه..



في تلك اللحظة استوعب عقلي كل ما حدث منذ بداية الانفجار وحتى هذه اللحظة..
ذلك الدوي العظيم الذي يشل الحواس .. ألسنة اللهب التي تلسع الهواء المحيط بها..
البارود المتشبث بحزيئات الهواء..

رائحة الاحتراق التي ينتشي بها المكان..

الجلد المنصهر عن جسد إسحاق..

اسئلة الشرطة التي تبحث لها عن اجوبه..

ابتسامة جود التي ستختفي بسببي..

تسلقت محتويات معدته المريء .. نهض من مكانه متعثرا على عجل باتجاه دورة المياه..
انحنى على حوض الغسيل ليتقيأ ما في جوفه وهو يسعل..
مد كفه ليفتح صنبور الماء بانامل مرتجفه.. وكما لو كانت عادة اكتسبها هذه الأيام فقد تلقف بكفيّه كمية من الماء ليرميها على وجهه مرة تلو الأخرى..


رفع وجهه ليرى بركتين من الدم تحدقان به..
ليست هاتان هما العينان اللتان أمتلك..

ذلك الانعكاس الذي يحدق بي في المرآة ليس لي.. لم يكن السحام الذي تتشبث بقاياه في وجهي حتى بعد كل هذا الغسيل هو السبب..
تلك الملامح المشبعة بالصدمه تحمل خوفا من مستقبل قريب..

فالمعلومات التي بت أعرفها تعني انه بإمكاني ايقاف الكثير من الدمار والتخريبات التي قد تحدث..
تنصبني كمسئول ولو بشكل بسيط عن أمن هذه المدينه..
وليَمَس ما يحدث مباشرة تلك الأنثى التي اشاركها حياتي..


سأغادر هذا المنزل!!
سأبعد جود عن كل هذا كي أستطيع وضع مشاعري جانبا والتفكير برويه..
عاد ليرمي حفنة من الماء على وجهه..
لا يمكن ان يجزم بقرار الآن.. يجدر به أن يتحدث مع صديقه بالأمر قبل أن يقرر الخطوة القادمه..
فالصدمة التي مر بها لا يمكن ان تسمح للتعقل بالسيطرة على أفكاره ..


أغلق الصنبور مغادرا وهو يخرج هاتفه من جيبه ليتصل بفارس الا انه توقف..
فمن موقعه هناك تمكن من رؤيتها..


انوار الشارع تخترق الغرفة المظلمة لتحل قريبا من ذلك الجسد المتكوم في زواية الغرفه..
كيف استطعت نسيان التي تشغل تفكيري..
كيف غاب عن بالي ان ضجة ما حدث بالتأكيد أيقضتها..


دفنت رأسها بين ركبتيها أكثر لتغرس أناملها في شعرها وأنين خافت يهز جسدها جيئة وذهاباً..
تقدم الى الامام يسحب خطواته خلفه .. وفي كل خطوة يلوم نفسه أكثر فأكثر..
كيف نسيتها؟!..


كيف سمحت للصدمة بشغل الخلايا الرماديه التي تحشو عقلي وتجاهل زوجتي التي تاخرت عليها..

وقف أمامها.. ارخى ركبتيه ليجلس على الأرض أمامها..

أمتدت ذراعه كي تطال ذلك الجسد المرتجف الا انه وعندما بقي عدة سانتيمترات تفصل بينهما انكمشت جود..

اكملت ذراعه طريقها لتلامس كفها التي تهاجم بويصلات شعرها.. انتفض جسدها لترتفع ذراعها وترمي يده بعيدا وشهقة مبتوره تفر من بين شفتيها..
رفعت رأسها لتهزه في رعب بجبين متصفد عرقا.. زحفت بمحاذاة الجدار بعيدا عنه بينما عيناها تنقلتا في المكان في عمليةِ بحثٍ سريعه..

ما الذي تبحث عنه؟!..

لماذا لا تنظر الي؟!..

لماذا لا تشعر بوجودي؟!..
امسك بمعصمها رغماً عنها.. رغما عن تلك الصرخات الباهتة التي تسلقت حنجرتها..
رغما عن ذراعها الخرى التي لازالت تستخدمها في الزحف بعيدا عنه..
ربما بعد غيابي الذي طال لساعات باتت تعتقد انها فقدتني في الانفجار الذي هزّ المكان.. همس بصوت مبحوح:
"جود عزيزتي .. لا تقلقِ أنا هنا"


صوته الخافت لم يطرق اذنيها.. فرعبها قد غطى على كل شي..
أنا الذي تسببت في هذا.. انا الذي تركت فتاتي تغرق في الرعب..
كيف أمكنني الاستغراق في أفكار لحمايتها من ما أجهل ثم وفي لحظة الصفر أغرق في ما يحدث دون ان أتذكرها..


اقترب منها وهو يسحبها من معصمها المقيد في كفه وفي نيّته أخذها بين ذراعيه لتهدأتها.. رفعت كفها الملتزقة بالأرض لتدفعه من منكبه بعيدا عنها ثم تهاجم كفه التي تحبس معصمها..
تحاول انتزاعها بكل قوة.. تغرس أظافرها في الكف التي أعتدت على جسدها.. خدوش عميق متوازية علت كفه..


يستحق ذلك واكثر منها.. هذا الرعب العميق الذي يسيطر عليها ربما لا يكون أنا المتسبب الوحيد فيه..
ربما تعرضت هي الأخرى لتهديدات لكنها احتفظت بالامر لنفسها ولم تخبرني كي لا تسبب لي القلق!!

لا أعلم..
لا يمكنني أن اعرف قبل أن تعود فتاتي الي..
مد كفه ليقبض على معصمها الآخر .. يجدر بها أن تفيق من صدمتها.. ان تتخلص من هذة الهستيريا و تعود اليه..
ما ان احكم قبضتيه على معصميها حتى توقفت حركتها فجأه..


نكست رأسها الى الأسفل نحو ركبتيها بعد ان انحسر لبساها الابيض عنهما .. شدت قبضتيها المعلقتين في الهواء..
اهتزت حبالها الصوتيه ليخرج صوتها ثخينا بدموع لم تتوقف:
"أرجوكِ.. لا تؤذني"


في تلك اللحظة لم يستوعب تماما بأنها خاطبته بصيغة الأنثى.. فكل ما مر به حال دون ذلك..
اقترب منها بسرعة ليحيط بها بذراعيه بينما سقطت ذراعيها بجوار جسدها..
"جود.. عزيزتي.. لا تقلقِ.. ها أنا بجوارك الآن.."


لفترة توقفت أنفاسها وكأنها فارقت الحياة الا أنه لم يمض الكثير من الوقت قبل ان يشتد صوت نحيبها وهي ترفع كفيها لتتعلق في ملابسه بينما شدد هو من احتضانه لها..
في تلك الليلة .. غفت هي بين ذراعيه بينما غفى هو متكأً على الجدار ..


أما هاتفه الجوال فقد أضاء معلناً عن وصول رسالة من رقم غير مسجل ثم غفى هو الآخر تحت احد المقاعد..


عندما امسك بين كفيّه الكتاب الذي يؤرخ احداث حياته..
أحتضنه للحظة فقط
ثم انهار على صفحاته يمزقها الواحدة تلو الأخرى..
اختفى الكتاب
وتلاشى جسده!!






**********************

 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
قديم 14-07-12, 08:19 AM   المشاركة رقم: 54
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي

 




تقدم بلباسه الكحلي والذي يعلوه معطف أبيض بين صفوف المقاعد ليعتلي المنصة..
لم يكن الأمر مربكا بالنسبة له فهو اعتاد على ذلك.. أعتاد ان يكون محط الانظار..
فقد حان دوره.. بدأت شاشة العرض التي تسكن الجدار الذي خلفه تومض بينما رفع كفيه لتلتصق راحتاه ببعضهما أمام وجهه..


سحب كمية من الهواء كمن استل سيفه في معركة ما ليقول بصوت تردد في القاعة بعد أن عبر مكبرات الصوت..
"نور محمد.. عشر سنوات..
ادخلت الى المستشفى بسبب ارتفاع في الحراره حتى قاربت الاربعين درجة مئويه..
الم بالبطن.. قيء..
بدأنا في معالجتها بالمضادات الحيويه ضد التهاب السحايا (التهاب الجهاز العصبي المركزي) قبل ظهور نتائج المختبر بعد ملاحظتنا الى تصلب عنقها..
قمنا ايضا بعمل مزرعة للدم ..
نحن الان بانتظار النتيجة والتي ستظهر لنا ان انتقلت البكتيريا الى مجرى الدم ام لا"


ارتفعت الاصوات بنقاش لتلك الحالة المرضيه .. ليعود بعدها مقعده ويضع ثقله عليه بينما ارتفعت انامله لتدلك ما بين عينيه..
تلك العينان اللتان لم تستريحا لمدة تجاوزت الاربع وعشرين ساعة، فقد قضى الليلة السابقة كدكتور مناوب..


في بعض الليالي التي يقضيها هنا يتسنى لجسده الحصول على بعض الراحة لكن بالتأكيد هذا ما لم يحصل عليه في الليلة السابقه.. فقد تم استدعائه الى قسم الطوارئ عدة مرات ..

الحالة التي تحدث عنها قبل قليل في اجتماع الاطباء الصباحي كانت احدى هذه الحالات.. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد.. فقد تعدى الامر الى عمل التحاليل لجميع افراد العائلة خشية من انتقال الالتهاب الى احدهم..


كم اتوق في هذه اللحظة الى كوب من القهوة ليوقظ حواسي..
لا.. انا لا اهدف الى الاستيقاظ فقط..
فأنا ارغب في تحرير تلك الحواس من سطوة النعاس عبر جيش من حبات البن!!


غادرت القاعة متوسطا حشدا من الاطباء.. كل متوجة الى جولاته الصباحيه، رمقت المقهى الذي يتوسط بهو المستشفى بعينين تلمعان توقا..
انتظرني.. قريبا سأطرق عتباتك..

لم يكن هناك الكثير من المرضى في الجناح الثالث والذي يقطن فيه الاطفال هنا .. اظهرت اسناني بابتسامة وانا احادث احد الاطفال الذين تم اجراء عملية استئصال الى لوزتيه لأسئله عن حاله وعن شهيته في الاكل..
يالها من ابتسامة زائفة تلك اللتي اظهرت.. كم رغبت في نحرها!!


عندما انتهت تلك الجولات توجهت نحو غرفة المنوابه لارمي بجسدي على السرير الموجود هناك وانا ادفن عيني تحت ذراعي..
لدقائق فقط.. سأغفو قليلا لارحم جسدي من الارهاق..

اريح عيني من هذا العالم..

اريح عقلي من هذه الافكار التي تتآكله..
كل هذا بسببك انت!!

زفرت زفرة عظيمة وانا اتحرك لاستلقي على جانبي وانا اغمض عيني اكثر فأكثر..
هل كنت مضطرة الى ذلك؟!

اريد ان اعرف انت لمن تملكين الاحترام؟!
هل تقدمين نفسك ومصالحها دون اي اهتمام بشخص اخر؟!

اهانة عائلتي امام كل هؤلاء الناس!!
الا يملك ذلك العقل المتحجر الذي تملكينة افكارا عن شيء يطلق عليه البعض "حسن التصرف" او "لباقة" مثلا؟!

هل كنت تحتاجين الى اثبات ذاتك بهذه الدرجه!.. الا توجد هناك طريقة اخرى لا تهنين فيها شخصا ما على طريقك!!

رصصت اسناني وعقدت حاجبي بعينين مغمضتين..
كالأطفال تماما.. تؤذين غيرك كي تثبتي وجودك..
الا اعني لك شيئا؟!..

بالتأكيد لا.. لو كانت لي مكانة لديك لاظهرت القليل من الاحترام على الاقل..
تتصرفين بكل نذالة.. كم اتمنى ان افهم كيف تعمل تلك الخلايا الرمادية التي تملكين؟!.. يا له من عقل!!


بدأ النوم يفرض سيطرته اكثر فأكثر ليتسلل النعاس الى عينيه..
الا ان ذلك لم يدم طويلا فقد تمت سرقة نعاسه بصوت جهاز النداء الذي بدأ يرن ويهتز لتعلن حواسه حالة استنفار..


غادر السرير نحو الهاتف المعلق بالجدار ليتصل بالرقم الذي ارسل له ذلك النداء..
وضع سماعة الهاتف بين اذنه وكتفه ليرفع باحدى يديه جهاز النداء بينما مد الاخرى باتجاه الهاتف.. لم يكد يضغط على تلك الارقام الا واهتز الجهاز مرة اخرى متزامنا مع النداء الذي على في كامل انحاء المستشفى..


"code pink ……………… ward 3"
"النداء الزهري ......... جناح 3"


اغلق السماعة بقوه وهو يشتم ليغادر الغرفة راكضا..
الحوادث في المستشفى هنا تختبئ تحت الوان تتيه على الحفظ ولا تسر السامعين لو عرفوا معناها .. اللون الازرق يعني ان احد المرضى قد توقف قلبه ويحتاج الى طاقم الانعاش القلبي..
وبما ان النداء كان له وفي جناح الاطفال فالمتوقع ان يكون من انهار قلبه هو احد مرضاه..


فلتذهب هذا الفتاة وكوب القهوة الى الجحيم...
ركض طاويا ً الأرض بساقيه لتهتز خصلت شعره القصيره في رقصة غريبة تشابه رقصة تمتلكها الأفكار التي تحشو عقله.. بينما وفي الغرفة المنشودة كان جسد المريض ساكنا في إغمائة أما ضغط دمه فكان ينهار منخفضاً وبسرعة..


وقفت ممرضة على رأس السرير لتسحب الوسادة التي يعلوها رأس المريض.. عدلت وضع رأسه كي تفتح المجرى الهوائي تماماً ثم بدأت بدفع الهواء عبر منفخة في فمه..
ممرضة اخرى بدأت في تركيب جهاز قياس كرهبية القلب على صدر الطفل.. بينما انحنت عليه أخرى لتضع كفاً على الأخرى مشكلة قبضة فتضغط بها على منتصف صدر الطفل..


كانت تعد بصوت عالٍ حتى تبلغ الثلاثين لتساعد القلب على الانقباض والانبساط فيستمر الدم بالتحرك في الجسم ثم تضغط تلك التي تحمل المنفخة مرتين ..
كل ذلك على مرأى من جهاز قياس يخبرهم بأن ضعط الدم في انخفاض مستمر وان الضغط الانقباضي للمريض يقارب الـ"50"


دخل ضياء الغرفة وهو يرفع كمية لباسه الأبيض والذي بدا بطرية ما متناقضا مع البزة الكحلية التي يرتديها أسفل منه .. سرعان ما وصل على أثره الصيدلاني الذي يتعامل مع الأدوية التي تسكن أدراج عربة الانعاش القلبي ..
رفع ملف ضياء المريض لينقل عينيه بسرعه في محتوياته بينما توجه الى الصديلاني قائلا:
" 0.5 اتروبين"


من على بعد عدة امتار ومن خلف الجدران الزجاجيه لغرفة المريض كان زوج عينين خضراوين يلاحق ضياء في تحركاته..
اتكأ صاحب هاتين العينين بظهره الى محطة الممرضات مسندا مرفقيه عليهما.. كان يرتدي بزة تحمل اللون الأزراق بأفتح درجاته.. تتكأ على عنقه سماعة طبيه يعلوها شعر كثيف كستنائي اللون.. بينما ترتسم على شفتيه ابتسامة جانبية تخفي الكثير.. تعالى صوت من خلفه يحمل الكثير من البهجة:
"سيد فيصل.. ما الذي تفعله هنا؟!"


اختفت ابتسامة واستدار ليعقد ذراعية الى طالوة المحطة ويقول بتشدق للفتاة التي تخاطبه:
"منى.. تلك القهوة التي تحضرينها يوميا.. كوبا منها إذا لم يكن في ذلك ازعاج لكِ"
ضحكت في غنج يطابق مساحيق التجميل التي وضعتها على وجهها قبل أن تقول:
"سيد فيصل أنت تشكل إزعاجاً لي!!..
متى ما أردت كوبا من القهوة عرّج على هنا.. تعلم انني سأكون أكثر من سعيدة بتقديم كوب لك"


اخذ منها الكوب متشكراً ليعود ببصره الى الامام ويشاهد ضياء وهو يمسك بقطبي جهاز الصعق الكهربي.. يدعكهما في بعضهما لتوزيع الجيل الذي سيعمل كوسيط للصعقة الكهربائيه.. بينما وتحت ارشاداته تم حقن المريض الذي توقف قلبه عن النبض بمللي لتر من الإيبنيفرين..
صاح ضياء بصوت بصوت واضح وقوي ليسمعه كل من معه في الغرفه:
"الآن!!"


صاح بها موجهاً بذلك إنذاراً كل الموجودين بالابتعاد عن المريض حتى لا يتعرض أيٌ من الحاضرين للصدمة الكهربائية
بعد ان ردد الجميع كلمته مؤكدين وفي وقت واحد.. وضع القطبين على صدر المريض لتسري في خلاياه صدمة كهربائيه محفزة قلبه على الانقباض والعودة الى الحياة مرة اخرى الا أن المقصد لم يتحقق..


استدار فيصل لرمي الكوب الورقي وهو يوجه الشكر لمنى بينما يوجه نظرة أخيرة لضياء وهو يصعق الريض مرة أخرى بصعقة أعادته الى الحياة هذه المره ..
تحرك قاصدا وجهة محددة وهو يرفع هاتف الجوال بيساره بينما رفع يمناه ليحرك أنامله في الهواء ملقيا التحيةَ الى فتاتين تعملان في نفس المكان..


لقد حان الوقت لإرسال التقرير الشفهي عن ضياء وهو الشيء الذي اعتاد على فعله خلال الأشهر الماضيه .. دخل الى مكان عمله ليغلق باب كبير أخضر اللون خلفه تعلوه عبارة:
"قسم العلاج التنفسي"


في ذلك اليوم وفي طريق عودته الى المنزل توقف امام مقر عملها، بقي ينتظر داخل السيارة دون ان يتصل او يخبرها بشيء..
فهي ليست غبية!!
ستعلم ان اللقاء به لن يكون شيئا جيدا لها..


وقع بصره عليها وهي تغادر البواية بعد قرابة الخمس عشره دقيقه..
تقدم منها وهو يدق الارض بقدميه في تهديد لها.. كي تلتزم الأرض الصمت فلا تكشف وجوده قبل ان تهرب هذه الفتاة مني..

ربما تعلم قمر ان اللقاء بي لن يكون شيئا في صالحها لكن ما لا تعلمه انني لم انل قسطا جيدا من النوم خلال الستة والثلاثين ساعه الماضيه بسبب عملي كدكتور مناوب بالأمس..
رصصت قبضتي لاتوقف على بعد مسافة بسيطة مناديا:
"قمر"


وما لا تعلمه ايضا هو أنني اريد ان اخنق الفتاة التي أعشق بيدي هاتين..
أكملت طريقها دون ادنى التفاتة اتجاهه.. فهي ربما لا تعي وجوده بعد أو ربما اختارت إدعاء ذلك فعينيها رمشتا مرتين بشكل سريع.. قال قبل ان تبتعد:
"قمر .. هل قائمة الصفات التي لم أعلم انكِ اكتسبتها تحوي الجبن أيضاً؟"

تحت تأثير كلماته توقفت حركتها كما توقع هو.. استاردت لتعود عدة خطوات الى الوراء فقتقف في مواجهته وتقول بصوت حاولت ان يكون واضحا:
"ماذا تريد؟"

سحب نفسا قبل ان يقول:
"انتِ تعلمين تماماً ما الذي أريده.. لكن هل أنت متأكدة من أنك ترغبين في نكا الجراحات في هذا المكان؟!"
اختتم كلامه ليمد ذراعيه في الهواء.. كان هو كمن يستدعي الدعم من جميع ذرات الهواء حوله ..

أما هي فتلفتت في استنكار وكأنها للتو أستوعبت المكان الذي تتواجد فيه أو ربما كانت تستنكر انسحاب جميع ذرات الهواء حولها باتجاه ذلك العدو!!
هذا لا يعني الا ان كانت واعية تماما لوجوده حتى قبل أن يتحدث.. أن تركز على وجوده متغافلة عن كل شيء آخر.. شعور جميل يعزز كبرياءه كرجل..
قالت بسرعه:
"مكان آخر.. بكل تاكيد"


هناك.. وبين جدارين رماديين يسيران دون ان يلتقيا ليحشرا بينهما مسافة ضيقة على شكل زقاق يقع خلف موقع عملها وليحتضن الجداران جسدين على وشك ان يحرقا بعضهما البعض!!
كان المكان يكاد يكون مهجورا بينما على بداية ونهاية الزقاق كان صخب الحياة في أوج شبابه!

استند ضياء الى الجدار عاقدا ذراعيه أمام صدره بينما أستندت قمر الى نفس الجدار لكن على بعد مسافة منه وكأنها تهرب من أي مواجهة مباشرة معه..
طعن جدار الصمت بقوله:
"حسنا!!.."

أصدرت صوت سخرية قبل أن تقول:
" أنت من طلب مقابلتي لا العكس.. لا اعتقد أنني أحتاج الى تذكيرك بذلك!!"
رص قبضتيه المعقودتين خلف ذراعيه ليبسطهما مرة أخرى .. كرر هذه الحركة في محاولة منه للتحكم بزمام أعصابه.. زم شفتيه للحظات قبل ان يقول من بين أسنانه:
"لمذا فعلت ذلك؟"


عضت على شفتها السفلى لوهلة قبل ان تفلتها بسرعه وترفع حاجبها استنكاراً:
"لا اعلم ما الذي تقصده فأنا أقوم بالكثير من الأشياء مؤخراً!!"
أبتعد عن الجدار كالمسعور ليقف في مواجهتها ويقول بصوت هو أقرب للفحيح:
"إياك.. أن تقللي من احترامكِ امامي.. إن فعلتِ ذلك مرة اخرى سوف.."
قالها وتركها معلقة في الهواء دون نهاية بينما ابتعدت هي عن الجدار لتحدق فيه وتقول بصوت منهك:
"ماذا تريد.. فقط أخبرني ؟!"


عاد بجسده الى الخلف ليستند الى الجدار المقابل.. كانت الشمس هي الشاهد لكل ما جرى بينهما.. فنورها المنعكس على نظارته الشمسيه يعكس غضباً عارماً يتأجج في نفسه.. الظل الذي تعلق بطرفيّ حذائيه رسما الأرهاق كشخص مرافقٍ له.. لذا لم يلاحظ ارهاقها وتعبها هي الأخرى..
قال بصوت حاد ارتجفت له أشعة الشمس المنهارة على الأرض:
"لماذا غاردت الحفل فجأة أمام الجميع ودون أي تفسير؟!!"

انتظر أجابتها التي لم تصله قبل ان يكمل بغضب يكاد يغرق كل خلية في جسده:
"كيف أستطعت اهانة عائلتي أمام الناس وبهذه الطريقه؟!!"


انهك انعدام النوم خلايا جسده.. فهاهو الإرهاق يتعلق فيه ليترك الرغبة في تجريحها والانتقام منها متحكمةً بكل شيء:
"كيف تحولتِ من تلك الطفلة إلى فتاة تتحلى بأخلاق الشـ..."
أحجمت عن أكمال جملتي .. لا يمكنني أن أِذيها كما فعلت هي بي.. أن ليت من هذا النوع..
أكره الأشخاص الذين يتصرفون بهذه الطريقة .. إذا لماذا فعلت هذا؟!...


تعلقت عيناي بالصفحة البيضاء لوجهها والتي تحوي ملامح تائهه..
هذه الفتاة تسحبني معها.. كلما تواجدت معها أشعر بانني أغرق أكثر فأكثر..
نكست رأسها وكأنها غادرت هذا العالم لتتخذ من ذلك الذي يقع تحت قدميها وجهة للتأمل..
بدأت أتصرف بقلة تهذيب مثلها!!.. توقفي يا معشوقتي عن النظر الى القاع الذي تغرقينني فيه معكِ!!


رفعت رأسها لتحدق فيه للحظات .. هزت كتفيها بإهمال لتقول بكل أريحيه:
"لماذا لا لم تكمل جملتك؟!..
أنني أنا الآن أتحلى بأخلاق الشوارع.."
قال بألم اتخذ من الغضب قناعاً ما بدا وكأنه تبرير سقيم :
"أنا فقط لا أفهم كيف تغيرتِ!!"


عضت على شفتها السفلى وهي ترشقه بنظرات تخبره بأنه أرتكب جريمة عظمى !!
اطلق سراح شفتها لترتجف وكأنها تخبئ خلفها أفواجاً من الدموع:
" أنت لا تعرف شيئا!!..
لا تعرف ما حدث حقاً إلا انك لم تتوانى عن رمي اتاهاماتك في وجهي واحدة تلو الأخرى دون أن تفكر بمعرفة ما لديّ"


ضرب بقبضته الجدار المجاور له وهو يصرخ:
"لا تدعي المظلومية هنا.. من هو الشخص الذي يلقي بالإهانات دائما وفي كل مكان؟!"
أغمضت عينيها لتهمس بألم:
"يكفي.. أرجوك
فلتعش الجهل الذي أخترته لك طريقاً ودعني وشأني"
عقد حاجبيه في استنكار وهو يتقدم خطوة الى الامام:
"ما الجهل الذي تتكلمين عنه..
ربما لو نزلت من عليائك وحاولت أن تراقبي تصرفاتك من أجل غيرك لتوقفت عن جلب الألم لمن هم حولك!!"


للحظات لم يهتز أي وتر صوتي في المكان .. هي لم تدافع عن نفسها .. اختارت أن يبقى الهواء شحيحاً بالكلمات المسموعه..
لكنها لم تختر الصمت .. رفعت عينيها تحدق باتجاهي بعينين تزخران بالكلمات غير المسموعه لكنني لم أفهم شيئا.. سحبت قمر نفساً مرتجفا قبل أن تقول:
"إرحل.." أدارت وجهها لتنظر نحو البعيد مكملة :
"أرجوك"


لكِ ما تريدين.. سأبتعد
لم أعد أستطيع فهم معشوقتي الصغيره.. لذا أغرقي في عالمك الذي أخترته لنفسك أما أنا فسأتعلم المضي قدما في حياتي دون وجودك.. مؤقتاً على الأقل!!

فليس في نيتي الغرق معكِ..

أستدار مغادراً.. تحرك حذاءاه الرياضيين ليغدرا منطقة يعلو فيها البناء لتحوي ظلالاً وأطناناً من مشاكل.. يغادرها حيث توجد الشمس وينتشي المكان بالوضوح..
لكنني لم أصل الى الشمس ولم أغادر تلك الظلال..

كنت أقصد الشمس لا القمر!!
إذا لماذا التفت الى الوراء لألقي نظرة أخيرة عليها؟!

تلك النظرة التي لم تكن اخيرة بكل تأكيد..


يقف في محطة القطار ينتظر قطارا لن يصل أبداً...
ينتظره لاجل الانتظار فقط..
كي يثبت لنفسه أنه لا زال قادراً على شيء يقال له..
الرحيل..






*****************************

 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
قديم 14-07-12, 08:24 AM   المشاركة رقم: 55
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي

 





بعد صراع لم يطل مع ذاتها انحنى كتفاها..
أستندت الى الجدار كانها ترمي بمحتويات البركان الذي يتشقلب في عقلها عليه..
رفعت كفين صغيرتين نامهما من وطأة الدهر نصيب لتخفي وجهها بهما وكأنها إذا فعلت ذلك فإن عقلها وقلبها سينالان قسطاً من الراحة..
ربما بهذه الطريقة تكون روحها خارج التغطية مؤقتاً..


"ماذا تفعلين؟!!"
أخترق هذا السؤال المستنكر عتمات روحها .. فعلت كما يفعل الطفل الذي يفاجأ وهو يستكشف شيئا جديدا محظوراً عليه..
كما يفعل عندما يمد يده ليأخذ قطعة من الحلوى مُنع من أكلها..
أن يضع كفيه خلف ظهره الذي يتصلب في مواجهة الكون.. هكذا فعلت هي والطفل!!


دموعي لم تتساقط..
هذا ما يخبرها به الجفاف الي يعلو وجنتيها.. على الأقل هي متأكدة من ذلك.. الا انها لا تمتلك فكرة عن التعبير الذي تحملة عيناها..
رفعت ذقنها في تحد وهي تقول مشتته انتباهه عن تلك الرسائل التي تغادر عينيها دون أذن منها ليخرج صوتها اكثر صلافة من ما مضى:
"ماذا تريد؟!.."


لم ينطق بشيء.. اختارت كلماته أن يكون الصمت لها صدى ..
فبقيت قمر تنتظر.. الهواء ينتظر .. والصمت ينتظر!!
عقد حاجبيه ليحمل صوته بحة عندما قال بأسلوب هجومي :
"ما الذي تخفينه عني؟!.."


رمشت بعينيها ورصت فكيها.. فعلت ذلك كي تكبح جماح شهقة أرادت أن تفلت من بين شفتيها الرقيقتين..
كيف له ان يعرف؟!

مشعوذ كريه!!
لم أصدر أي أمر بالحركة لأي عضلة يحتوي جسدي.. بقيت دون أدنة حراك لأترك زمام المبادرة في التعامل مع كل شيء له هو..
فما سألة هو شيء قررت أن أبقيه معلقاً في الهواء دون أي مكان يحط عليه .. وإن كان لديه شيء آخر فلينطق به..


سحب كمية من الهواء بحثاً عن هدوء لا يشعر به:
"كنت اعتقد أنكِ تغيرتِ كثيرا.."
صمت للحظات لتدور عيناه في ملامحها قبل أن يقول بإبتسامة حالمه:
"لوهلة شعرت بانني احدق في قمرذات العدة سنوات والتي ترفع ذقنها كما فعلتِ كلما اخفت شيئاً.."
تلك الإبتسامة.. ذلك الوجه..

لا أعلم كيف حدث ذلك بالضبط؟!..
كيف للزمن فجأة ان يطوي صفحاته عائدا الى الخلف!!


كيف أرتحلت السنوات على قطار يخترق الماضي حتى يتوقف عند تلك المحطه من العمر!!
غادرت الشهور لتهاجر الأسابيع وتضيع الأيام.. تعاقب الليل والنهار في مطاردتها الأزلية دون نتيجه إلا أنني وجدت نفسي في مواجهة مع وقت احتل عدة سنوات قبل الآن..
فها أنا احدق بضياء.. ذلك الصبي الذي كان وسيبقى دوماً بطلاً في حياتي .. والذي أنقذني من كثير من مشاكلي..
الصديق الذي لم يؤذني قط..


تحرك لسانها وكأنها تريد النطق بشيء.. فللحظة فقط كادت أن تكرر ما كانت تنطق به قبل سنوات:
"ضياء.. ألن تشتري لي أيسكريماً اليوم؟"
عضت على نواجذها وهي تنكس رأسها.. لماذا أعتقدت أنه سيسبب لي الأذى؟!..

لماذا أعتقدت أنني احتاج الى ان أدافع عن نفسي وأفكاري ومشاعري أمامه؟!..
ألا يستحق أن أكون صادقة معه دون أن أتسبب في الأذى لي و له.. أو أي شخص آخر.. تحركت شفتاها لتقول فجأه:
"ذلك الإنفجار الذي حدث بالأمس.. كان قريبا من منزلي"


هكذا فقط قلتها.. لا أعلم لماذا كتمتها في نفسي حتى هذا الوقت.. فهو لن يكون مصدر خطر لي بكل تأكيد..
هو ضياء فقط..
"أخي أحمد الصغير والذي بقي بجوار أبن عمي أنهار بالبكاء والصراخ بحثا عني ً.. أرتفعت حرارته على إثر ذلك"


ليس هذا فقط.. كان جسده ينتفض طوال الليل.. فهو تشبث بي متمتما .. كان يخشى ومع كل ما يحدث أنني لن أعود.. أنني سأختفي كما فعل أبي..
أصوات سيارات الشرطة والاسعاف كانت شيئا لا يمكن أحتماله بالنسبة له.. حتى صادق الذي كان يتجلد لكنه في الواقع يبتعد عن ذلك بكثير..


أما أنا فبقيت أصارع ذاتي بين هذا وذاك وبين حفل خطوبة فررت منه لأقضي وقتاً في انتظار سيارة أجرة تأتي لتقلني الى المنزل.. أكملت بعينين لم ترتفعا عن الأرض:
"عندما وصلني اتصال منهم وجدت نفسي أغادر المكان ركضا.. لكن.. لم يسألني أي شخص.. لم يسأل حتى زوجة عمي .. جميعهم فضلوا تصديق الأسوا في..
كان يجب علي أن اتواجد من أجلهم فعمي مسافر للخارج في عمل ولا يوجد شخص يمكنني ان اعتمد عليه"


اتسعت عيناه وانفرجت شفتاه وكأنه أراد أن يقول شيئا الا أنه تراجع عنه..
رفعت عينيها ببطء لتبحث عن صدى لكلماته في شخص..
مرّ في عينيه تعبير لم أفهمه أو ربما خشيت ان أفهمه..
ربما اختارت الأرض تدور.. اختارت النجوم أن تتساقط .. أخترت انا الهرب وادعاء عدم الفهم..
ألسنا نتجنب دوماً ما نخشاه!!

قال مخاطبا عينيها اللتان تحدقان بكل شيء الا هو:
"ماذا عني أنا ؟!.."
ربما ليست متأكدة من التعبير الذي تحكيه عيناه الا أنها تعرف بكل تأكيد المعنى المتعلق خلف كلماته..
عدم التصديق.. الصدمه.. الاستنكار.. الغضب..

أليست الحياة صندوقا مليئا بالمفاجآت يا ضياء.. إذا لماذا تتألم؟!

هل اعتقدت صدقا ان الكذبة التي نسجناها شيئا حقيقيا.. انها ستحوي على تتمة جيدة يوما ما!!
عياناها الضائعتان اتخذتا من الشخص الذي يقف أمامها وجهة لتقول بهدوء:
"لا أستطيع الاعتماد عليك.. ما الذي يعطيني الحق كي أقوم بتصرف كهذا؟!"

قال بصوت مخنوق:
"انت خطيبتي .. "
مد ذراعيه مشيرا الى العالم الذي يحيط به:
"نحن مخطوبان أمام كل هؤلاء الناس"
هزت رأسها لتقول بألم وبصوت بالكاد يكون مسموعاً:
"أنا وأنت نعلم ان هذا ليس صحيحاً"


تنقلت عياناها في ملامح بحثا عن شيء لا يجدر بها ان تبحث عنه.. عن حق لا تمتلكه..

لماذا؟!..
كيف يمكن للصدمة أن تغرق ملامح وجهك؟..
لماذا عقدت حاجبيك ضياء؟

لماذا رصصت قبضتيك المرمتين بجوار جسدك؟
أغمضت عينيها كي توجه خطابا صادقاً لنفسها..

تعلم هي في ذاتها أنها تتمنى ان يكون الامر حقيقةً.. فقلبها الغبي يصدق تلك الكذبة أحياناً!!
وكما ينسحب الصمت امام الضوضاء حياء..

كما تنسحب النجوم في مواجهة شمس النهار خجلاً..
وكما تغادر الألوان عالما يغرق بالظلال لا يملك قلبها الا الانسحاب امام عقلها وسطوته..
سحب نفساً وكانه يرغب بقول شيء ما الا انه توقف ليزم شفتيه عوضاً عن ذلك..


مرت غيمة صمت على المكان قبل ان يزفر هواءً حاراً و يقول بابتسامة أتخذت من الألم هويةً:
"من اجل الماضي فقط.. دعيني أساعدك متى أحتجت يوماً"
الماضي فقط!!

هذا ما يؤلمني حقا.. ذلك الماضي الذي حاولت تناسيه الا انني في كل مرة اخرج بالفشل كنتيجة لذلك..
فتحت فمها لترفض.. لكنها توقفت وهي تراه يغمض عينيه امام كلمتها التي لم يتحرك بها لسانها..
توقع رفضها!!.. إذا لماذا يعرض شيئا يعلم تماماً أنها سترفضه..

اختطفتها الحيرة لتلثم حواسها..
لا تفهم كثيراً من تصرفاته.. ليته يعود ذلك الصبي الذي اعتادته .. فقد كان أكثر وضوحا بكثير أما الآن فهو شخص لا يمكن أن يوصف الا بالعمق..

كادت أن تنطق بكلمتها المعلقة والتي تعلقت في حنجرتها عندما تذكرت شكل اخويها عند عودتها بالأمس.. عندما أستاعدت الدموع التي ذرفتها على ناصية الشارع ومساحيق تجميل بالكاد إستطاعت مسحها..


لو كانت هناك سيارة لكان الوضع مختلفا تماماً..
نذرت من زمن نفسها لأخويها.. لذا لا يمكنها أن تسمح لما حدث بالأمس أن يتكرر مرة اخرى.. همست:
"حسناً"


فتح عينيه اللتان تشعان فور أن خرجت كلمتها.. بدا كطفل أعطي قطعة حلوى في يوم العيد..
هل حقا أنا قمر صاحبة المشاكل أستطيع أن أعطي شخصاً سعاجة كالتي تعلو وجهه!!
كم أكره نفسي لإنهياري أمام الظروف التي مررت بها..

أكره أستلامي للألم.. أكره رغبتي الغير مفصح عنها بالبكاء..

أكره نفسي ومشاعري التي ترقص بداخلي عندما شاهدت ضياء بهذا الشكل!!
اما هو فلم يزد في الحديث .. ودعها ثم استدار مغادراً..
توقف قبل أن يبتعد ليدير وجهه قليلا ناحيتها فتظهر نصف ابتسامة فقط:
"للعلم فقط..
خطوبتنا قائمة بالنسبة لي حتى يحدث ما ينفي وجودها"


ألم أقل لكم من قبل أن الحياة تعشق المفاجآت..


علت صافرة تعلن لحظة البدايه..
بداية الاحلام والاماني ..
بداية الزلازل والانهيارات..
ثم..


توقف قلب ما عن النبض!!






**********************************

 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لأنو, للكاتبة futurelight, ليلاس, مستقبل, لغه فصحى, منتدى قصص من وحي قلم الأعضاء, رماد, رواية رماد ملون, روايه مشوقه, ضياء, ضياء و قمر, قمر, قصص و روايات
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:16 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية