كاتب الموضوع :
futurelight
المنتدى :
الارشيف
تقدم بلباسه الكحلي والذي يعلوه معطف أبيض بين صفوف المقاعد ليعتلي المنصة..
لم يكن الأمر مربكا بالنسبة له فهو اعتاد على ذلك.. أعتاد ان يكون محط الانظار..
فقد حان دوره.. بدأت شاشة العرض التي تسكن الجدار الذي خلفه تومض بينما رفع كفيه لتلتصق راحتاه ببعضهما أمام وجهه..
سحب كمية من الهواء كمن استل سيفه في معركة ما ليقول بصوت تردد في القاعة بعد أن عبر مكبرات الصوت..
"نور محمد.. عشر سنوات..
ادخلت الى المستشفى بسبب ارتفاع في الحراره حتى قاربت الاربعين درجة مئويه..
الم بالبطن.. قيء..
بدأنا في معالجتها بالمضادات الحيويه ضد التهاب السحايا (التهاب الجهاز العصبي المركزي) قبل ظهور نتائج المختبر بعد ملاحظتنا الى تصلب عنقها..
قمنا ايضا بعمل مزرعة للدم ..
نحن الان بانتظار النتيجة والتي ستظهر لنا ان انتقلت البكتيريا الى مجرى الدم ام لا"
ارتفعت الاصوات بنقاش لتلك الحالة المرضيه .. ليعود بعدها مقعده ويضع ثقله عليه بينما ارتفعت انامله لتدلك ما بين عينيه..
تلك العينان اللتان لم تستريحا لمدة تجاوزت الاربع وعشرين ساعة، فقد قضى الليلة السابقة كدكتور مناوب..
في بعض الليالي التي يقضيها هنا يتسنى لجسده الحصول على بعض الراحة لكن بالتأكيد هذا ما لم يحصل عليه في الليلة السابقه.. فقد تم استدعائه الى قسم الطوارئ عدة مرات ..
الحالة التي تحدث عنها قبل قليل في اجتماع الاطباء الصباحي كانت احدى هذه الحالات.. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد.. فقد تعدى الامر الى عمل التحاليل لجميع افراد العائلة خشية من انتقال الالتهاب الى احدهم..
كم اتوق في هذه اللحظة الى كوب من القهوة ليوقظ حواسي..
لا.. انا لا اهدف الى الاستيقاظ فقط..
فأنا ارغب في تحرير تلك الحواس من سطوة النعاس عبر جيش من حبات البن!!
غادرت القاعة متوسطا حشدا من الاطباء.. كل متوجة الى جولاته الصباحيه، رمقت المقهى الذي يتوسط بهو المستشفى بعينين تلمعان توقا..
انتظرني.. قريبا سأطرق عتباتك..
لم يكن هناك الكثير من المرضى في الجناح الثالث والذي يقطن فيه الاطفال هنا .. اظهرت اسناني بابتسامة وانا احادث احد الاطفال الذين تم اجراء عملية استئصال الى لوزتيه لأسئله عن حاله وعن شهيته في الاكل..
يالها من ابتسامة زائفة تلك اللتي اظهرت.. كم رغبت في نحرها!!
عندما انتهت تلك الجولات توجهت نحو غرفة المنوابه لارمي بجسدي على السرير الموجود هناك وانا ادفن عيني تحت ذراعي..
لدقائق فقط.. سأغفو قليلا لارحم جسدي من الارهاق..
اريح عيني من هذا العالم..
اريح عقلي من هذه الافكار التي تتآكله..
كل هذا بسببك انت!!
زفرت زفرة عظيمة وانا اتحرك لاستلقي على جانبي وانا اغمض عيني اكثر فأكثر..
هل كنت مضطرة الى ذلك؟!
اريد ان اعرف انت لمن تملكين الاحترام؟!
هل تقدمين نفسك ومصالحها دون اي اهتمام بشخص اخر؟!
اهانة عائلتي امام كل هؤلاء الناس!!
الا يملك ذلك العقل المتحجر الذي تملكينة افكارا عن شيء يطلق عليه البعض "حسن التصرف" او "لباقة" مثلا؟!
هل كنت تحتاجين الى اثبات ذاتك بهذه الدرجه!.. الا توجد هناك طريقة اخرى لا تهنين فيها شخصا ما على طريقك!!
رصصت اسناني وعقدت حاجبي بعينين مغمضتين..
كالأطفال تماما.. تؤذين غيرك كي تثبتي وجودك..
الا اعني لك شيئا؟!..
بالتأكيد لا.. لو كانت لي مكانة لديك لاظهرت القليل من الاحترام على الاقل..
تتصرفين بكل نذالة.. كم اتمنى ان افهم كيف تعمل تلك الخلايا الرمادية التي تملكين؟!.. يا له من عقل!!
بدأ النوم يفرض سيطرته اكثر فأكثر ليتسلل النعاس الى عينيه..
الا ان ذلك لم يدم طويلا فقد تمت سرقة نعاسه بصوت جهاز النداء الذي بدأ يرن ويهتز لتعلن حواسه حالة استنفار..
غادر السرير نحو الهاتف المعلق بالجدار ليتصل بالرقم الذي ارسل له ذلك النداء..
وضع سماعة الهاتف بين اذنه وكتفه ليرفع باحدى يديه جهاز النداء بينما مد الاخرى باتجاه الهاتف.. لم يكد يضغط على تلك الارقام الا واهتز الجهاز مرة اخرى متزامنا مع النداء الذي على في كامل انحاء المستشفى..
"code pink ……………… ward 3"
"النداء الزهري ......... جناح 3"
اغلق السماعة بقوه وهو يشتم ليغادر الغرفة راكضا..
الحوادث في المستشفى هنا تختبئ تحت الوان تتيه على الحفظ ولا تسر السامعين لو عرفوا معناها .. اللون الازرق يعني ان احد المرضى قد توقف قلبه ويحتاج الى طاقم الانعاش القلبي..
وبما ان النداء كان له وفي جناح الاطفال فالمتوقع ان يكون من انهار قلبه هو احد مرضاه..
فلتذهب هذا الفتاة وكوب القهوة الى الجحيم...
ركض طاويا ً الأرض بساقيه لتهتز خصلت شعره القصيره في رقصة غريبة تشابه رقصة تمتلكها الأفكار التي تحشو عقله.. بينما وفي الغرفة المنشودة كان جسد المريض ساكنا في إغمائة أما ضغط دمه فكان ينهار منخفضاً وبسرعة..
وقفت ممرضة على رأس السرير لتسحب الوسادة التي يعلوها رأس المريض.. عدلت وضع رأسه كي تفتح المجرى الهوائي تماماً ثم بدأت بدفع الهواء عبر منفخة في فمه..
ممرضة اخرى بدأت في تركيب جهاز قياس كرهبية القلب على صدر الطفل.. بينما انحنت عليه أخرى لتضع كفاً على الأخرى مشكلة قبضة فتضغط بها على منتصف صدر الطفل..
كانت تعد بصوت عالٍ حتى تبلغ الثلاثين لتساعد القلب على الانقباض والانبساط فيستمر الدم بالتحرك في الجسم ثم تضغط تلك التي تحمل المنفخة مرتين ..
كل ذلك على مرأى من جهاز قياس يخبرهم بأن ضعط الدم في انخفاض مستمر وان الضغط الانقباضي للمريض يقارب الـ"50"
دخل ضياء الغرفة وهو يرفع كمية لباسه الأبيض والذي بدا بطرية ما متناقضا مع البزة الكحلية التي يرتديها أسفل منه .. سرعان ما وصل على أثره الصيدلاني الذي يتعامل مع الأدوية التي تسكن أدراج عربة الانعاش القلبي ..
رفع ملف ضياء المريض لينقل عينيه بسرعه في محتوياته بينما توجه الى الصديلاني قائلا:
" 0.5 اتروبين"
من على بعد عدة امتار ومن خلف الجدران الزجاجيه لغرفة المريض كان زوج عينين خضراوين يلاحق ضياء في تحركاته..
اتكأ صاحب هاتين العينين بظهره الى محطة الممرضات مسندا مرفقيه عليهما.. كان يرتدي بزة تحمل اللون الأزراق بأفتح درجاته.. تتكأ على عنقه سماعة طبيه يعلوها شعر كثيف كستنائي اللون.. بينما ترتسم على شفتيه ابتسامة جانبية تخفي الكثير.. تعالى صوت من خلفه يحمل الكثير من البهجة:
"سيد فيصل.. ما الذي تفعله هنا؟!"
اختفت ابتسامة واستدار ليعقد ذراعية الى طالوة المحطة ويقول بتشدق للفتاة التي تخاطبه:
"منى.. تلك القهوة التي تحضرينها يوميا.. كوبا منها إذا لم يكن في ذلك ازعاج لكِ"
ضحكت في غنج يطابق مساحيق التجميل التي وضعتها على وجهها قبل أن تقول:
"سيد فيصل أنت تشكل إزعاجاً لي!!..
متى ما أردت كوبا من القهوة عرّج على هنا.. تعلم انني سأكون أكثر من سعيدة بتقديم كوب لك"
اخذ منها الكوب متشكراً ليعود ببصره الى الامام ويشاهد ضياء وهو يمسك بقطبي جهاز الصعق الكهربي.. يدعكهما في بعضهما لتوزيع الجيل الذي سيعمل كوسيط للصعقة الكهربائيه.. بينما وتحت ارشاداته تم حقن المريض الذي توقف قلبه عن النبض بمللي لتر من الإيبنيفرين..
صاح ضياء بصوت بصوت واضح وقوي ليسمعه كل من معه في الغرفه:
"الآن!!"
صاح بها موجهاً بذلك إنذاراً كل الموجودين بالابتعاد عن المريض حتى لا يتعرض أيٌ من الحاضرين للصدمة الكهربائية
بعد ان ردد الجميع كلمته مؤكدين وفي وقت واحد.. وضع القطبين على صدر المريض لتسري في خلاياه صدمة كهربائيه محفزة قلبه على الانقباض والعودة الى الحياة مرة اخرى الا أن المقصد لم يتحقق..
استدار فيصل لرمي الكوب الورقي وهو يوجه الشكر لمنى بينما يوجه نظرة أخيرة لضياء وهو يصعق الريض مرة أخرى بصعقة أعادته الى الحياة هذه المره ..
تحرك قاصدا وجهة محددة وهو يرفع هاتف الجوال بيساره بينما رفع يمناه ليحرك أنامله في الهواء ملقيا التحيةَ الى فتاتين تعملان في نفس المكان..
لقد حان الوقت لإرسال التقرير الشفهي عن ضياء وهو الشيء الذي اعتاد على فعله خلال الأشهر الماضيه .. دخل الى مكان عمله ليغلق باب كبير أخضر اللون خلفه تعلوه عبارة:
"قسم العلاج التنفسي"
في ذلك اليوم وفي طريق عودته الى المنزل توقف امام مقر عملها، بقي ينتظر داخل السيارة دون ان يتصل او يخبرها بشيء..
فهي ليست غبية!!
ستعلم ان اللقاء به لن يكون شيئا جيدا لها..
وقع بصره عليها وهي تغادر البواية بعد قرابة الخمس عشره دقيقه..
تقدم منها وهو يدق الارض بقدميه في تهديد لها.. كي تلتزم الأرض الصمت فلا تكشف وجوده قبل ان تهرب هذه الفتاة مني..
ربما تعلم قمر ان اللقاء بي لن يكون شيئا في صالحها لكن ما لا تعلمه انني لم انل قسطا جيدا من النوم خلال الستة والثلاثين ساعه الماضيه بسبب عملي كدكتور مناوب بالأمس..
رصصت قبضتي لاتوقف على بعد مسافة بسيطة مناديا:
"قمر"
وما لا تعلمه ايضا هو أنني اريد ان اخنق الفتاة التي أعشق بيدي هاتين..
أكملت طريقها دون ادنى التفاتة اتجاهه.. فهي ربما لا تعي وجوده بعد أو ربما اختارت إدعاء ذلك فعينيها رمشتا مرتين بشكل سريع.. قال قبل ان تبتعد:
"قمر .. هل قائمة الصفات التي لم أعلم انكِ اكتسبتها تحوي الجبن أيضاً؟"
تحت تأثير كلماته توقفت حركتها كما توقع هو.. استاردت لتعود عدة خطوات الى الوراء فقتقف في مواجهته وتقول بصوت حاولت ان يكون واضحا:
"ماذا تريد؟"
سحب نفسا قبل ان يقول:
"انتِ تعلمين تماماً ما الذي أريده.. لكن هل أنت متأكدة من أنك ترغبين في نكا الجراحات في هذا المكان؟!"
اختتم كلامه ليمد ذراعيه في الهواء.. كان هو كمن يستدعي الدعم من جميع ذرات الهواء حوله ..
أما هي فتلفتت في استنكار وكأنها للتو أستوعبت المكان الذي تتواجد فيه أو ربما كانت تستنكر انسحاب جميع ذرات الهواء حولها باتجاه ذلك العدو!!
هذا لا يعني الا ان كانت واعية تماما لوجوده حتى قبل أن يتحدث.. أن تركز على وجوده متغافلة عن كل شيء آخر.. شعور جميل يعزز كبرياءه كرجل..
قالت بسرعه:
"مكان آخر.. بكل تاكيد"
هناك.. وبين جدارين رماديين يسيران دون ان يلتقيا ليحشرا بينهما مسافة ضيقة على شكل زقاق يقع خلف موقع عملها وليحتضن الجداران جسدين على وشك ان يحرقا بعضهما البعض!!
كان المكان يكاد يكون مهجورا بينما على بداية ونهاية الزقاق كان صخب الحياة في أوج شبابه!
استند ضياء الى الجدار عاقدا ذراعيه أمام صدره بينما أستندت قمر الى نفس الجدار لكن على بعد مسافة منه وكأنها تهرب من أي مواجهة مباشرة معه..
طعن جدار الصمت بقوله:
"حسنا!!.."
أصدرت صوت سخرية قبل أن تقول:
" أنت من طلب مقابلتي لا العكس.. لا اعتقد أنني أحتاج الى تذكيرك بذلك!!"
رص قبضتيه المعقودتين خلف ذراعيه ليبسطهما مرة أخرى .. كرر هذه الحركة في محاولة منه للتحكم بزمام أعصابه.. زم شفتيه للحظات قبل ان يقول من بين أسنانه:
"لمذا فعلت ذلك؟"
عضت على شفتها السفلى لوهلة قبل ان تفلتها بسرعه وترفع حاجبها استنكاراً:
"لا اعلم ما الذي تقصده فأنا أقوم بالكثير من الأشياء مؤخراً!!"
أبتعد عن الجدار كالمسعور ليقف في مواجهتها ويقول بصوت هو أقرب للفحيح:
"إياك.. أن تقللي من احترامكِ امامي.. إن فعلتِ ذلك مرة اخرى سوف.."
قالها وتركها معلقة في الهواء دون نهاية بينما ابتعدت هي عن الجدار لتحدق فيه وتقول بصوت منهك:
"ماذا تريد.. فقط أخبرني ؟!"
عاد بجسده الى الخلف ليستند الى الجدار المقابل.. كانت الشمس هي الشاهد لكل ما جرى بينهما.. فنورها المنعكس على نظارته الشمسيه يعكس غضباً عارماً يتأجج في نفسه.. الظل الذي تعلق بطرفيّ حذائيه رسما الأرهاق كشخص مرافقٍ له.. لذا لم يلاحظ ارهاقها وتعبها هي الأخرى..
قال بصوت حاد ارتجفت له أشعة الشمس المنهارة على الأرض:
"لماذا غاردت الحفل فجأة أمام الجميع ودون أي تفسير؟!!"
انتظر أجابتها التي لم تصله قبل ان يكمل بغضب يكاد يغرق كل خلية في جسده:
"كيف أستطعت اهانة عائلتي أمام الناس وبهذه الطريقه؟!!"
انهك انعدام النوم خلايا جسده.. فهاهو الإرهاق يتعلق فيه ليترك الرغبة في تجريحها والانتقام منها متحكمةً بكل شيء:
"كيف تحولتِ من تلك الطفلة إلى فتاة تتحلى بأخلاق الشـ..."
أحجمت عن أكمال جملتي .. لا يمكنني أن أِذيها كما فعلت هي بي.. أن ليت من هذا النوع..
أكره الأشخاص الذين يتصرفون بهذه الطريقة .. إذا لماذا فعلت هذا؟!...
تعلقت عيناي بالصفحة البيضاء لوجهها والتي تحوي ملامح تائهه..
هذه الفتاة تسحبني معها.. كلما تواجدت معها أشعر بانني أغرق أكثر فأكثر..
نكست رأسها وكأنها غادرت هذا العالم لتتخذ من ذلك الذي يقع تحت قدميها وجهة للتأمل..
بدأت أتصرف بقلة تهذيب مثلها!!.. توقفي يا معشوقتي عن النظر الى القاع الذي تغرقينني فيه معكِ!!
رفعت رأسها لتحدق فيه للحظات .. هزت كتفيها بإهمال لتقول بكل أريحيه:
"لماذا لا لم تكمل جملتك؟!..
أنني أنا الآن أتحلى بأخلاق الشوارع.."
قال بألم اتخذ من الغضب قناعاً ما بدا وكأنه تبرير سقيم :
"أنا فقط لا أفهم كيف تغيرتِ!!"
عضت على شفتها السفلى وهي ترشقه بنظرات تخبره بأنه أرتكب جريمة عظمى !!
اطلق سراح شفتها لترتجف وكأنها تخبئ خلفها أفواجاً من الدموع:
" أنت لا تعرف شيئا!!..
لا تعرف ما حدث حقاً إلا انك لم تتوانى عن رمي اتاهاماتك في وجهي واحدة تلو الأخرى دون أن تفكر بمعرفة ما لديّ"
ضرب بقبضته الجدار المجاور له وهو يصرخ:
"لا تدعي المظلومية هنا.. من هو الشخص الذي يلقي بالإهانات دائما وفي كل مكان؟!"
أغمضت عينيها لتهمس بألم:
"يكفي.. أرجوك
فلتعش الجهل الذي أخترته لك طريقاً ودعني وشأني"
عقد حاجبيه في استنكار وهو يتقدم خطوة الى الامام:
"ما الجهل الذي تتكلمين عنه..
ربما لو نزلت من عليائك وحاولت أن تراقبي تصرفاتك من أجل غيرك لتوقفت عن جلب الألم لمن هم حولك!!"
للحظات لم يهتز أي وتر صوتي في المكان .. هي لم تدافع عن نفسها .. اختارت أن يبقى الهواء شحيحاً بالكلمات المسموعه..
لكنها لم تختر الصمت .. رفعت عينيها تحدق باتجاهي بعينين تزخران بالكلمات غير المسموعه لكنني لم أفهم شيئا.. سحبت قمر نفساً مرتجفا قبل أن تقول:
"إرحل.." أدارت وجهها لتنظر نحو البعيد مكملة :
"أرجوك"
لكِ ما تريدين.. سأبتعد
لم أعد أستطيع فهم معشوقتي الصغيره.. لذا أغرقي في عالمك الذي أخترته لنفسك أما أنا فسأتعلم المضي قدما في حياتي دون وجودك.. مؤقتاً على الأقل!!
فليس في نيتي الغرق معكِ..
أستدار مغادراً.. تحرك حذاءاه الرياضيين ليغدرا منطقة يعلو فيها البناء لتحوي ظلالاً وأطناناً من مشاكل.. يغادرها حيث توجد الشمس وينتشي المكان بالوضوح..
لكنني لم أصل الى الشمس ولم أغادر تلك الظلال..
كنت أقصد الشمس لا القمر!!
إذا لماذا التفت الى الوراء لألقي نظرة أخيرة عليها؟!
تلك النظرة التي لم تكن اخيرة بكل تأكيد..
يقف في محطة القطار ينتظر قطارا لن يصل أبداً...
ينتظره لاجل الانتظار فقط..
كي يثبت لنفسه أنه لا زال قادراً على شيء يقال له..
الرحيل..
*****************************
|