كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
لم تعارضها اليانور ، نظرت الى وجهها الشاحب في المرآة وهي ترى شخصا يحدق بها من بعيد في المرآة ، رتبت قبعتها وحملت قلمها ومشت منتصبة الى الطاولة رقم أربعة حيث بدا الجالس كأن صبره قد نفد ، ناولت الزبون لائحة الطعام ، وبقيت تقف قربه تنتظره يدرس اللائحة وهي صامتة.
قال الزبون:
" ماذا تقترحين علي ان أتناول؟".
" العجة الأسبانية يا سيدي ، إنها جيدة ( كانت تراقب المظلة التي وضعها الزبون قربه على الكرسي وهي تقطر الماء فوق السجادة)".
" حسنا ، عجة".
ورفع وجهه عن لائحة الطعام لأول مرة وركّز نظره عليها ، ركضت أليانور الى المطبخ حيث كانت مايسي تقف وتراقبها ... وتراقب أدوار بإعجاب ظاهر.
" اليانور ، أليس رقم أربعة وسيما ؟ أنظري الى ثيابه الأنيقة ، ماذا يفعل هنا في هذا المطعم المتواضع ، هل هو في مهمة تنكرية؟".
" لدينا أنواع مختلفة من الزبائن ، طعامنا جيد والخدمة سريعة واسعارنا...".
" ثم لا تنسي الخادمات الفاتنات اللطيفات....".
" والإشاعات تنتشر بسرعة".
" لو ان الكلام عن جميلات المطعم ينتشر بسرعة فلربما استعيد ثقتي بالجنس الآخر ... تخيلي نفسك وأنت تجلسين أمام هذا الشاب الوسيم كل صباح لتتناولي طعام الفطور... من المؤسف انني لم ألق نظرة فاحصة اليه ساعة دخل المطعم وإلا لكنت إقتنصت الفرصة السانحة وتقدمت لخدمته وأرسلتك لخدمة الطاولة رقم عشرة ....( نظرت أليانور خائفة وأكملت) هل أنت بخير يا اليانور ، يبدو عليك الإرهاق ، ساطلب من كين صاحب المطعم ان يسمح لك بالإنصراف الآن لأنك متعبة... الزبائن قلة ولا نحتاجك كثيرا".
" لا لزوم يا مايسي ، لم يبق إلا القليل على وقت الإنصراف".
حملت اليانور صحن العجة وسحبت نفسا عميقا ومشت به الى الطاولة حيث يجلس ادوار ، كان يقرأ جريدة المساء وحين وصلت اليانور وضعها جانبا وهي تضع الصحن أمامه.
" هل ترغب ببعض الحلوى بعد الطعام يا سيدي؟".
" إن ناديتني مرة ثانية ب(سيدي) سأضربك يا أليانور !( أكمل كلامه بتهذيب متكلف) لا ، شكرا ، قهوة فقط ، هل بإستطاعتك الإنضمام الي؟ لا...".
ملأ الإحمرار وجه اليانور وعادت مهرولة الى المطبخ ، نظرت اليها مايسي مستغربة.
" هل اسمعك كلمات غير لائقة؟".
" إنني أعرفه يا مايسي!".
"صحيح ؟ كم أنت كتومة ّ كان علي ان اخمن أنه يلائمك .... ومن طينتك ، يبدو أنه ليس جائعا".
" اعتقد أنه يفكر بأمور أخرى الآن".
" يفكر فيك فعلا !( هزت أليانور موافقة) هل هو صديق ؟".
" على العكس ( ضحكت اليانور ) إنني اسبب له المشاكل .... لا يعلم أنني أعمل في هذا المطعم ... وهو غاضب لأنه إكتشف هذه الحقيقة ".
" فهمت ، دخل المطعم صدفة وإلتقاك... وصدمته الحقيقة ....".
" لقد صدم فعلا ولكنه يبدو أنه يعرف أنني أعمل هنا قبل دخوله ... ".
" كيف عرف؟".
" حتما سيخبرني فيما بعد...".
" لهذا السبب شحب وجهك ساعة دخل المطعم ( عبست مايسي وأكملت ) دعيني أحمل عنك قهوته ( هزت أليانور رأسها موافقة بينما حملت مايسي الصينية ومشت بإتجاهه بثقة ومرح)".
" إبتسامته ساحرة".
" ولكنني لن أراها هذا المساء ...".
" لا افهم لماذا لا تحبينه ، إنه يهتم بما تفعلين ..... الظاهر أنني لا افهم ما يجري...".
" يعتقد أنه مسؤول عني.... هناك روابط عائلية تجعله ملزما بالإهتمام بشؤوني".
حان وقت إغلاق المحل ، خرجت اليانور برفقة أدوار ، مشيا صامتين بعد أن توقف المطر ( أمسك بذراعها يقودها بحزم الى شارع فرعي حيث تقف سيارته الفضية ، ركبت قربه وهي تفكر بأن مايسي ستصعق لو رأته يدعوها لدخول سيارته الفاخرة بكل إحترام وتهذيب ، آداب السلوك عنده من طبيعته المتحضرة ولكن غضبه لا يمكن ان يخفى على احد ، تذكرت لسعات لسانه المرة السابقة حيث فقد السيطرة على أعصابه وتوازنه ،وحين نظرت الى تعابير وجهه الغاضبة قبل ان تخرج معه شعرت بالخوف يتملكها.
قاد السيارة بمهارته المعهودة قبل أن يتوقف ليتحدث اليها ، فتح النافذة قربه ، وبقي صامتا كأنه يفكر بمدخل للحديث ، وبعد ذلك تكلم قائلا:
" هل أنت مستعدة لتخبريني عن آخر مغامراتك ؟".
أشعل سيكارته ببطء ونظر الى وجهها على ضوء ولاعته.
" كيف عرفت؟".
" ارسلت شخصا يتبع تنقلاتك!".
" انت.... ارسلت من يتبعني....".
نظرت اليه نظرة مرعبة .... سحب نفسا عميقا من سيكارته ونفخه قبل ان يقول:
" الأمر في غاية السهولة ، هناك أشخاص يعملون لقاء أجر ، أعرف ان الأمر لا يروقك ولكنني وجدت أن هذه هي اسهل السبل لاحصل على المعلومات التي أريدها....ثم هل كان من الممكن ان تخبريني بنفسك ؟".
" لماذا؟ ما الذي جعلك تتبعني؟".
" إتصل بي شخص من محل بيع المجوهرات وأعتذر لتاخرهم في تقييم الخاتم.... لقد ضاع عنوانك ".
" فهمت الآن".
" انا مسرور لأن أحدنا بدا يفهم ( قال ساخرا ) ربما تخبرني الان لماذا وجدت من الضرورة بيع مجوهراتك والعمل كخادمة في مطعم".
" لماذا تخاطبني بهذه اللهجة الفظة يا أدوار ، ربما تجد المكان غير لائق بمستوى حياتك ولكنه مطعم محترم يؤمه الناس العاديون".
" أفهم انني لست محترما ور عاديا بنظرك .... كما افهم رايك بي بوضوح.... ولكن إياك أن تحاولي الإبتعاد الان عن جوهر الموضوع فأنت لم تجيبي عن سؤالي بعد".
" لأنني أحتاج للمال ! أليس هذا سببا كافيا يجعل الناس تعمل .... حتى أنت يا أدوار تحتاج للعمل....لأجل الحصول على المال.... أرجوك خذني الى البيت غنني متعبة ".
" لا ، لن نذهب الى البيت قبل ان ننتهي من مناقشة هذا المر... لماذا تحتاجين المال".
" لا أعتقد ان هذا الأمر من شانك ؟".
|