كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
لقد إختفى ضجره فجأة ربما شكلها شل حركته ، وضع يده تحت إبطها وقادها الى الشرفة حيث ساعدها على الجلوس ، قالت اليانور:
" بينما كان خطيب شقيقتي كاتي يوصلني الى المحطة في يورك ثقبت عجلة سيارته مما تسبب في تاخير موعد وصولي...".
" هذا صحيح ، إجلسي وأرتاحي قليلا يا آنسة فارس وستحضر لنا فانيسا الشاي ، إنك تعبة بعد هذه الرحلة الطويلة الشاقة ( نظر الى شقيقته وامرها ) هيّا يا فانيسا ( خرجت فانيسا مطيعة وعلى الفور إلتفت اليها وسالها ) ماذا فعلت يا آنسة فارس بعائلتك التي كانت ترافقك؟".
" كيف؟ لقد حضرت وحدي".
" هذا غير صحيح ! كيف تخليت بسرعة عن طفلك الصغير والآخر الذي كنت تمسكين بيده...".
انزلت اليانور نظارتها قليلا وحدقت في عينيه الزرقاوين : إنه الرجل الطيب – جابر عثرات الكرام الذي إلتقته في محطة القطار.
سالته أليانور:
" هل جئت الى المحطة لإستقبالي؟".
" طبعا ، إنتظرنا كل قطار وعندما لم تحضري في القطار الموعود ، لم نر فتاة مسافرة بمفردها عادت الى البيت".
" آسفة ، لقد سافرت برفقة عائلة ، وبينما كانت الوالدة تجمع حقائبها ساعدتها وحملت لها أطفالها...".
تذكرت أليانور نفسها تمشي على رصيف المحطة تحمل طفلا بين ذراعيها وتمسك بالصغير الاخر بيدها ، كادت تسقط وهي تجر الولد بيدها لو لم يساعدها الشاب ذو العينين الزرقاوين الناعستين ويمسك بها بقوة قبل ان تسقط ، بقيت بين قبضتيه فترة وجيزة وهي تحدق بعينيه... ثم قال :
" إسمحي لي " وحمل عنها الصبي الصغير ... نظرت اليه أليانور وشكرته بكلمات مبتسمة لعينيه الزرقاوين وكان يقف أمامها مسرورا للقيام بواجبه في مساعدتها.... ثم رفع طرف قبعتها قبل ان تسقط عن رأسها .... وشعرت أليانور بحمرة تكسو وجهها لا تعرف لها سببا واضحا ، بدت كالبلهاء وهي تراه يبتسم للولدين قبل ان يتركها عل الرصيف، نظرت الآن الى العينين الزرقاوين المتسائلتين وتذكرت إحمرار وجنتيها خجلا وتمنت لو كانت تستطيع ان تنهض من مجلسها أمامه وتخرج هاربة ولا تعود... سألها:
" هل تحبين التمثيل على الناس دائما؟ هل انت ممثلة فاشلة؟".
" يا الهي، كلا، هذا ليس صحيحا".
" ولكنك تمكنت من تضليلي ...هل يروقك إزعاج الآخرين ؟".
" طبعا لا ".
نظر ادوار قربه الى التفاحة الملقاة ارضا ورفسها بحذائه فإنقلبت وبان له نصفها المقضوم ... ففهم على الفور ونظر اليها غاضبا وقال :
" كنت تجلسين في شجرة التفاح وتنصتين الى حديثنا : أنا وشقيقتي ...".
" صدقني انني إستمعت الى حديثكما دون قصد... ولو كان لي الخيار لفضّلت ألا اسمع كلمة... فهمت اشياء كانت غامضة بالنسبة اليّ".
" يبدو أن حديثنا أزعجك كثيرا".
حدقت اليانور فيه بإنزعاج وهي تفكر لنفسها : حين رأته في المحطة بدا وسيما جذابا ولم يزعجها وجوده قربها ، كان طويلا نحيلا يمشي بإتزان وهيبة وهو يرتدي الثياب الأنيقة ، صوته دافىء حنون وعيناه الزرقاوان الناعستان لا يفوتهما فهم أي شيء ، واثق من نفسه ومن تصرفاته الارستقراطية المتحضرة ، قالت أليانور بعصبية:
" أنا لا أظنك يا سيدي شخصا بسيطا وقليل التفكير والحيلة ويسرني ألا تعتقدني كذلك فهل أذكرك بحديثكما : فتاة متخلفة، متزمتة ، متشردة وضالة ولكنها بريئة ومهذبة...".
" أنت حساسة للغاية !".
سكنها مع عائلتها المحافظة جعلها حساسة للغاية أتجاه ما يتوقعه الناس من تصرفاتها الحسنة والبريئة ، إعتادت نظرة الناس لها على هذا الأساس ، وهي هاربة من بيتها تنشد الراحة في منزل بريوري لتنسى ماساتها ولتكشف الان أن الراحة المنشودة سراب في هذا المنزل ، كيف يمكنها ان تأمن جانب هذا الرجل ، ادوار ، أوتثق به؟
مشى أدوار ببطء نحوها وأزاح نظاراتها الشمسية عن عينيها وأمسك قبعتها بيده ورفعها عن راسها قبل أن تعترض اوتتفوه بكلمة وقال :
" اعتقد أننا نستطيع أن نرى بعضنا افضل بدون النظارات والقبعة ( إنسدل شعرها البني الطويل على كتفيها وأكمل حديثه ) لسوء لحظ أنك سمعت ما دار بيننا ، فانيسا تقول أشياء كثيرة لا تعنيها ( نظر اليها نظرة فاحصة وتابع ) شكلك الان أفضل بكثير".
وأزاح بيده خصلات الشعر التي لامست خديها.
" أرفض أن تسخر مني يا سيد مانسل ، ربما أكون بريئة ومتحفظة كما تعتقد ، لكنني لا اريد أن اتطور على يديك كما إقترحت عليك شقيقتك ...".
" شكرا لإعلامي بما تنتظرين مني".
شعرت اليانور بالدماء الحارة تجري مسرعة تكسو وجهها وهو يمعن النظر فيها من أخمصي قدميها لقمة رأسها ثم قال :
" شعوري بالشفقة نحوك تبخّر كليا .... لا يمكنك أن تتكهني ببعض الأمور على هواك ، وأنا مرتاح لأنني لا أستضيف ملاكا ... ولا اريد ان أقع في التجربة".
فكرت اليانور بقساوة كلماته الجارحة... لقد ذكّرها الان بأنها ضيفة.... وأنها تكلمت أكثر مما يجب ، صمتت تفكر بوضعها ، وإنقطع حبل الصمت بدخول فانيسا وهي تحمل صينية الشاي للجميع ، قدمت لها فنجانا وشكرتها اليانور بتهذيب ، قالت فانيسا:
" هل تتناول معنا الشاي يا أدوار؟".
" يسرني ذلك ( دهشت اليانور لإستكانته السريعة لطلبها بينما غضبت اليانور لبقائه وتمنت لو إعتذر ، أكمل أدوار كلامه ) فانيسا ، لقد خلعت ضيفتنا القناع عن وجهها ، رغبت أن تخدعنا لتجعلنا نعتقد أنها فتاة قروية خجولة .... وبعد ان خلعت نظاراتها وقبعتها بانت على حقيقتها ، لها رنة صوت موسيقية جميلة وهي ترطن بلهجة أهل الشمال ( قال ساخرا ) وعندما تسمع الموسيقى يختفي كل شر ! ".
قالت أليانور لفانيسا :
" شقيقك هو الذي يحاول أن يخدعك يا آنسة بكلامك هذا....".
|