كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وصلت أليانور برفقة هيو الى المسرح مرّ لقاؤها بغاي بسلام ، تعارف الجميع وتبادلوا الكلمات المعتادة ، بدت مارغو سلايد جذابة وبراقة تخطف البصار ولكن أليانور وجدت نفسها تكرهها منذ النظرة الأولى ، كان بصحبة مارغو شابا يكبرها سنا ولم تجد أليانور فرصة خلال السهرة لتتكلم معه ، مشت كاتي خلف اليانور وهي تصعد السلالم وتمتمت في أذنها:
" اليس المسرح فخما ؟ سمعت عن دروري لاين ولكنني لم أتخيّله بتلك الضخامة ، لقد تساءل غاي : كيف أستطاعوا الحصول على تذاكر للمسرحية؟ المفروض أن التذاكر نفدت من السوق منذ ايام ( إبتسمت وأكملت) ولكن نظرة واحدة الى أدوار تشرح كل شيء .... ( كان ادوار يتقدم الجميع صعودا الى المسرح ، نظرت اليه كاتي ثم أكملت حديثها متمتمة في أذن شقيقتها ) يلزمك نظارات .... يا شقيقتي.... إنه رائع".
" هل أخبرت غاي عن...".
" لا ، قلت لك أنني لا أستطيع".
" كان من الأفضل لو فعلت ".
نظرت اليها كاتي حزينة يائسة فأكملت أليانور:
" إنسي الموضوع الآن وإستمتعي بسهرتك".
قال غاي:
" كفاية ثرثرة ، لا أسمح لأي سر بينكما....".
قالت مارغو:
" هراء ، تدابير الزفاف كلها اسرار يا عزيزي غاي ، أنا وكاتي لدينا اسرار أيضا ، أليس كذلك؟ أسرار عن الجهاز الأنيق .... عروسك جميلة يا غاي ، لقد أحسنت الإختيار ، اتمنى لكما التوفيق".
وضع غاي يده حول كاتي وإبتسم لها إبتسامة عريضة وقال مفاخرا :
" إنها فاتنة".
قال أدوار يخاطب اليانور :
" إليك برنامج المسرحية يا اليانور".
نظرت اليه بقامته المديدة وشعره الأسود اللماع وهو يقودها الى مقعدها ، شكرته بنظرة سريعة وجلست ، بعد أن إتهت المسرحية صفقت اليانور كثيرا وتمتمت بكلمات الإعجاب والمديح المتداولة في مثل تلك الظروف ، بعد مرور يومين نسيت أليانور كل شيء ، لم تعد تذكر إلا وجود ثلاثة أشخاص معها ، أدوار ومارغو وغاي : أدوار شاب مهذب ويحسن مراقبة الأمور حوله ولا يفوته فهم أي شيء ، ومارغو سلايد تتدخل في أمور لا تعنيها ابدا وتتلصص لتسرق الأخبار من حولها وتجري تحقيقا هنا وهناك من كثرة أسئلتها ، أما غاي فكان يثرثر بسعادة واضحة ، شخصيته المنفتحة يسهل التعامل معها في كل مناسبة.... كم كانت تخشى أليانور هذا اللقاء معه... ولكن قصة الجهاز فاجاتها وأربكتها ، بدت وهي تلقاه مشدوهة ومشوشة الأفكار.
وجبة الطعام كانت عملية تجريبية بالنسبة اليها ، حاولت جاهدة أن تبدو طبيعية وهي تتناولها ، كانت فوق تصورها وما إعتادت عليه في حياتها السابقة ، الطعام لذيذ ورائحته شهية ، وأجبرت نفسها على إبتلاعه مع الأحاديث المختلطة حولها .... بدت الأمسية كأن لا نهاية لها... فتمنت لو تنتهي وتنتهي هي من آلامها العديدة.
إنفض الإجتماع في ساعة متأخرة جدا من الليل ، وفي آخر لحظة وجدت اليانور نفسها تواجه ترتيبات العودة.... بقيت برفقة أدوار ليعود بها في سيارته الى البيت ، سألت وهي شاردة:
" اين فانيسا؟".
بقي ادوار صامتا يركز كل إنتباهه على قيادة السيارة ....وبعد فترة صمت طويلة قال:
" تنتظر وصول بضاعة في الصباح الباكر ، ستنامين في الشقة معي ، ظننت أنها أخبرتك ، ارجو أن لا يزعجك البقاء في المنزل دونها ، السيد والسيدة هيكمان في الطابق الأول".
" لا ، لا مانع عندي".
رمقته بنظرة فاحصة ، أحست ان هناك شيئا يزعجه بل يغضبه ، أصبح شخصا لا يحتمل ، وسرّت لأنها ليست سبب غضبه ، أغلقت عينيها لترتاح وتفكر في مشاكلها الخاصة وكان مزاجه العكر يناسبها وكذلك صمته ، تمنت اليانور أن يخف صداعها أو تصمت أفكارها .... بدأت تراجع الأحداث لنفسها... رؤية غاي .... بدا كأن وجودها لا يعنيه ابدا ، طوال السهرة وهو يتحدث كعادته .... شعرت أنه صهر المستقبل ..... إنزعجت من نفسها ، كيف يمكنها ان تقع في الحب وتخرج منه بهذه السهولة والسرعة ، هل هي شابة سطحية تافهة .... هل جذبها بوسامته وجمال تفاصيل وجهه ؟ هل اسات فهم نظرته التي رماها بها أول ما رآها ؟ هل فسرتها على انها إعجاب .... بها...؟ لقد خرج غاي كليا من فكرها وقلبها وعقلها.
والسؤال عن الثمانين جنيها عاودها ، ودت لو تصرخ تستغيث ...
فتح أدوار باب السيارة ثم باب المنزل لها ، الظلام الدامس يملأ البيت ، تبعته اليانور الى المكتب وخلعت معطفها وهي تتثاءب ، اشعل أدوار النور الخافت فوق الطاولة الجانبية في المكتب ، الصمت كثيف مما أثار ريبة اليانور وقلقها ، كانت تعبة جدا ولكنها وجدت معالجة الأمر بلباقة وكلمة مجاملة فقالت:
" شكرا على هذه الأمسية يا أدوار ، أنت لطيف..... لقد تكبدت مشقة من أجل شقيقتي كاتي وخطيبها ، تمتعا كثيرا بهذه الأمسية....".
لم تجد ما تريد ، كان أدوار لا يزال على صمته الثقيل والغريب ، نهض الى الستيريو وادار بعض الموسيقى الخافتة والحالمة ثم عاد ليقف امامها وقال بعصبية:
" انت لم ترقصي معي خلال السهرة".
كانت نبرة صوته تنم عن الغضب وكذلك تعابير وجهه القاسية تشير الى وجود خلل .... شعرت كذلك بعدم توازنه وارادت ان تتحاشى الإصطدام به ، قالت باسمة:
" انت لم تطلب مني مراقصتك !".
" كلا".
أجابها بعصبية ظاهرة ثم شدّها اليه وضمها بذراعيه وبدا يدور بها ببطء في الغرفة وهو يحاول ان يتابع اللحن الموسيقي ، المناسبة لا تدعو للرقص والجو ثقيل للغاية وغير مالوف مما جعل اليانور تجر رجليها بثقل ثم تتوقف عن الرقص ولكنها بقيت صامتة بين ذراعيه ، بدا أدوار كمن نفد صبره ، مشى الى الستريو وأصمت الموسيقى وعاد يقف أمامها ليقول بغضب ظاهر:
" اريد ان اتحدث معك بأمر هام".
" صحيح؟".
" أعرف أن لديك خبرة ومقدرة فائقة على التمثيل يا اليانور ، أرجو أن لا تنظري اليّ ببراءة ودهشة مصطنعة !".
|