كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
لم تفقه فانيسا الحوار الذي دار بينهما ، شربت أليانور الشاي ببطء وهي تحاول التعرف على كل ما يدور حولها ، وجدت من الصعوبة ان تصدق علاقة والدتها بآل مانسل ، والدتها الزوجة المكافحة والمدبرة والتي تبذل جهدها لتجعل من مدخول زوجها المتواضع ما يكفي العائلة الكبيرة ، كونستانس فارس وإيف مانسل كانتا صديقتين حميمتين ولم تنقطعا عن المراسلة لسنين عديدة ، أبقتا على صداقتهما منذ عهد الشباب وحتى الآن بالرغم من إختلاف طبقتيهما الإجتماعية... كانت إيف تدعو الفتيات الثلاث لزيارتها في بريوري ولكنهن لم يلبين دعوتها ابدا ، وفي رسالتها الأخيرة الى زميلة الطفولة كتبت إيف مجددا لكونستانس تجدد دعوتها وتمسكت أليانور بهذه الدعوة كما يتمسك الغريق بطوق النجاة ، كانت فرصة مؤاتية للهروب من مشكلة لا حل لها ، بدأت تحضر نفسها لتلبية هذه الدعوة وتنتظر موعد السفر بفارغ الصبر ... وها هي الآن ضيفة في منزل بريوري تشرب الشاي في الشرفة مع ولدي إيف مانسيل ... وكانت بداية سيئة للغاية.
" هل تريدين فنجانا آخر من الشاي؟".
" لا ، شكرا".
" حسنا ، سأحمل الصينية الى المطبخ ثم أعود لأريك غرفتك يا آنسة فارس ، تعتذر والدتي لعدم تمكنها من الترحيب بك لأنها مرتبطة بإجتماع لا يمكن تأجيله".
وبعد أن خرجت فانيسا الى المطبخ ، نظرت أليانور الى أدوار وقالت تعتذر:
" آسفة لما بدر مني !".
" انت لست آسفة ابدا ، لقد عشت لا تعرفين إلا التصرفات الحميدة ولا يمكنك أن تتصرفي خلاف ذلك ابدا ، أنت تخافين أن يوسوس لي الشيطان فأنقض عليك في عتمة الليل......".
ضحكت اليانور من كلماته الخفيفة وقد وجدت نفسها تحن اليه وتغفر له بدلا من ان تكرهه ، أبعدت نظراتها عنه وحاولت أن تغير مجرى الحديث وقالت :
" ما أجمل هذا البيت ، وما اجمل حديقته ، المناظر المحيطة بالمنزل خلابة......".
ثم أضافت بتوتر ظاهر:
" مهما كان تفكيرنا في بعضنا ...".
" نعم ، يسرني أن أسمع رأيك بي بعد معرفتنا القصيرة ... ربما لن تطلعيني على رايك الصريح الان ، ولكن لا بأس ، لدي شعور بانك ستخبريني رأيك مع الوقت....".
" أنت فاسد تماما!".
" نعم ، أنت على حق ! هيا إنك تتمتعين بروح مرحة ولا يمكنك أن تبقي جامدة ومتكلفة لفترة طويلة ، لقد لمحت إبتسامتك وهذا ما شجعني على التمادي في الحديث( وقف أمامها وأكمل كلامه) هل نتفق على نسيان هذه البداية الخاطئة ؟ اعتقد انك تحتاجين للراحة قليلا وغدا تعتادين علينا وربما ترين الأمور على حقيقتها وتتناسين ما حصل".
" هل تفرض نفسك دائما على الفتيات يا سيد مانسل؟".
" تقريبا ، ربما هنا يكمن الخطأ... وفانيسا شابة طائشة ولكنها ليست خبيثة ، ربما ستجدين فيها صديقة ممتعة لو حاولت كسب صداقتها ، إنها تدعوك الآن لتريك غرفتك... بالمناسبة إسمي ادوار وعليك ان تخاطبيني به وتتركي الشكليات جانبا ، لن تجدي صعوبة في ترديده.".
" لا ! إنه أسم سهل ( قالت ببراءة) لدي ضفدع صغير أربيه وإسمه ادوار( وإبتسمت له إبتسامة صادقة ووقفت لتذهب الى داخل المنزل )".
" لحسن حظي أنني لم اكن حية.....".
ديفي هي الطباخة ومدبرة المنزل منذ سنوات عديدة في خدمة آل مانسل ، كانت تتالم من وجع ضرسها يوم حضرت اليانور ، أحبتها ووجدت في دفء قلبها وحنانها تعويضا عن حنان والدتها الذي إفتقدته منذ غادرت البيت ، وقد بادلتها ديفي شعورها الحنون وشجعتها على زيارة المطبخ كلما رغبت ، اما زوجها سام فهو يقوم على خدمة الحديقة والمزروعات والإهتمام بالحصانين ويستطيع التنبؤ باحوال الطقس ببراعة ودقة.
وجدت اليانور في المكتبة المرصوصة بالكتب العديدة أكبر سلوى لها فترة بقائها في منزل بريوري ، كانت تمضي الساعات جالسة في الكرسي الجلدي الكبير وهي تطالع روائع الكتب وتطرد عن نفسها الشعور بالممل أو الوحدة ، وعندما كان الطقس يسمح بالخروج كانت تتسلى أليانور بالرسم ، ومن المؤسف أنها لم تتوصل لصداقة فانيسا ... كيف يمكنها أن تقرب منها بعد ان سمعت رايها الصريح يوم وصل : إنها ضيفة مضجرة ... كانت فانيسا تعامل أليانور بإحترام وإستعلاء وبالتالي عزة نفس اليانور منعتها من إستجداء رفقتها بالرغم من أنهما في عمر واحد – تكبر اليانور فانيسا بستة أشهر فقط وربما كان من السهل وجود بعض القواسم المشتركة بينهما...
جيمس مانسيل هو رب العائلة ومؤسس شركة طيران مانسل للنقل الجوي ، اشيب مهذب وصادق ومحترم، تقليدي في تصرفاته وقد وجدته اليانور لطيف المعشر وشهما يشبه في شكله صورة الفنان أدوار الغار المعلقة على الحائط في قاعتهم في يورك.
إيف مانسل ربة المنزل سيدة محترمة تعيش حياتها من اجل الآخرين ، إنها معطاء في أعمال الخير والجمعيات الإجتماعية ، تركض ذهابا وإيابا ثم تحضر في أوقات الطعام لتلتقي بقية أفراد العائلة ، ورحبت بوجود اليانور مهتمة بأحوال ضيفتها كي توفر لها المتعة أثناء إقامتها بينهم ،كلما التقتها تذكرها بأنها تشبه والدتها كونستانس كثيرا وتظهر لها كل محبة والفة.
فانيسا شابة نشيطة كلها حيوية ، جذابة فاتنة ، شعرها بني قصير يحيط بوجهها المستدير بشكل لطيف ، أصدقاؤها وصديقاتها كثيرون وشديدة الأناقة في ملبسها وتصرفاتها ، وتجيد إنتقاء الثياب لكل مناسبة ، جسمها نحيل وصغير ومتناسق مما يساعدها في اناقتها ... ومع كل ذلك كانت اليانور تشعر بأن فانيسا ليست سعيدة ...ربما لأنها تحب فيليب نولان وهو لا يبادلها شعورها ... ربما حالها مع فيليب يشبه حال أليانور مع غاي سلايد...
|