كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
ولا كلمة عن ماكس ! كانت جدتها تراقبها في حزن ، فسالتها:
" هل هذه الرسالة من الشاب الفرنسي؟".
وشعرت بإرتياح عندما كان جواب تينا سلبا .
وفي هذا الصباح أخذت تينا أول درس في ركوب الخيل ، ثم تناولت طعام الغداء مع جدتها عند عائلة غرانج.
" لديهم أبنة في سنك وسنقدمك الى اصدقائها ".
كل شيء يبدو سهلا إذا تمكنت من نسيان الماضي! بعد ثلاثة أشهر ، ربما لن تعود في رغبة بالعودة ....
لكن ، يوما بعد يوم ، كانت تنتظر ساعي البريد وكانت تتسلم رسائل حميمة وحارة من العمة ويني.
في إحدى رسائلها قالت فاي( آمل أن تكوني قد نسيت ماكس ثورنتون ، لم تذهب ، للاسف ، تريد في إستمرار أن تذهب الى بابيت ، كما انها تحاول مغازلة بيار ، وبيار تشاجر مع كورين ، إن سيسيل والسيد لاتور سيتزوجان يوم وصول ألكسيس".
وقفت تينا في حزن وهمست : (... آه ماكس....) ولم تضف شيئا وقررت الا تفكر فيه بعد الان ، لا شك ان ماكس نسيها؟
بدات تينا تتعود على حياتها اليومية... تلعب أحيانا مع الكلاب التي تعثر عليها أينما ذهبت ، داخل البيت او خارجه ، تسمع شجار الخادمة والبستاني الذي يغازلها كلما رآها ، احيانا تخبرها الخادمة عن طفولة والدتها ، وبدأ المنزل يصبح جزءا من حياتها.
سمح لها جدها ان تتعلم قيادة السيارة ، وكذلك كانت ترافق جدّيها الى لندن للتسوق ، ويقضون السهرات في حضور الحفلات الموسيقية ، او المسرحيات ، لم يكن ينقص تينا أي نشاط ترغب في القيام به.
وذات صباح وصلتها رسالة غير منتظرة ، كتب لها بيار يستفسر عن صحتها إننا نشعر بالملل هنا في كالوها ، الجميع غادروا المكان ، وسيدنا سافر الى مكان مجهول بعد الفضيحة !... ومدينة بابيت لا تتحدث إلا عن ذلك ، لا شك أن فاي اخبرتك جميع التفاصيل في اسلوبها الأنثوي، واليوم ، يا حبيبتي ، اجد نفسي وحيدا لأواسي الشقراء كورين ، في إنتظار ردك....".
بدأت يداها ترتجفان ، أي فضيحة ؟ ماذا جرى؟ لماذا رحل ماكس ؟ وماذا يعني( لأواسي كورين )؟".
اصابها غثيان ورفضت ان تأكل بيضتها اليومية التي وضعتها الجدة في صحنها في فطور الصباح العادي.
" إنك لا تأكلين بما فيه الكفاية ، يا تينا !".
فجأة ظهر خادم على عتبة الباب وقال للسيد كينغمان :
" هناك مكالمة لك على الهاتف ".
" الآن ، في مثل هذه الساعة المبكرة؟".
مسح فمه واسرع الى مكتبه ، ثم عاد وتكلم مع زوجته في إنفعال ، ولم تكن تينا تنتبه لما حدث ، كانت تفكر في رسالة بيار.
في بداية السهرة ، لاحظت وجه جدتها المتاثر وغياب جدها ، فإستغربت وسالت مستفسرة :
" لم يسبق لجدي ان تأخر ، هل هناك ما يزعج؟".
ترددت السيدة كينغمان ، ثم هزت راسها سلبيا :
" كلا ، لا تقلقي.... يا لهذا الصداع !".
طبعا كانت تكذب ، إن حب تينا لجدتها يزداد يوما بعد يوم ، فلم تصر على معرفة المزيد.
وبعد العشاء جلستا أمام شاشة التلفزيون ثم احضرت تينا الشاي وازداد قلقها لتاخر جدها ، هل وقع حادث ما ؟
أرادت تينا إنتظاره ، لكن جدتها طلبت منها في إلحاح أن تذهب الى فراشها ، فتركت جدتها وحدها في الصالون ، وحوال منتصف الليل ، توقفت سيارة في الحديقة ، لم تجرؤ تينا على النزول ، سمعت أصواتا وشاهدت الأنوار تضاء ثم ما لبث ان دخل جداها الى غرفتهما.
ماذا يجري؟
في الصباح كان الجو متوترا ، لم تنم تينا كفاية ، ولم تسمع أي تعليق حول احداث الليلة الماضية ، كانت السيدة كينغمان تراقب كل حركة تقوم بها.
أعلن السيد كينغمان وهو يقرأ جريدة الصباح بدلا من ان يعطيها لزوجته كعادته كل يوم.
" لا ركوب خيل اليوم".
قالت السيدة كينغمان لتينا:
" هل يمكنك أن تتدبري أمورك وحدك يا حبيبتي ؟ إنني استقبل اليوم نساء الصليب الأحمر".
كانت السيدة كينغمان عضوا في عدة جمعيات خيرية وإجتماعية ودينية .
وصلت النساء في العاشرة ، فذهبت تينا الى الأسطبل حيث داعبت انثى الخيل ، لكنها شعرت بالبرد ينخر ضلوعها ، فدخلت الى المطبخ وتناولت فنجان شاي وإذا بالحارسة تدخل وتقول:
" آه ، وجدتك اخيرا ، بحثت عليك في كل مكان ، إنه ينتظرك في غرفة المكتبة ، إنه رجل".
" من؟".
"لم يقل إسمه ، هيّا إذهبي ، سيحين وقت الغداء".
اسرعت تينا الى الممشى من يأتي لزيارتها هنا ؟ دخلت الى المكتبة...
كان الرجل واقفا أمام المدفأة واضعا يده على طاولة صغيرة ، يتأمل إحدى اللوحات.
قطبت تينا حاجبيها وحبست صرخة هلع عندما إستدار الرجل وأصبح في مواجهتها ، قال:
" مرحبا يا تينا ! ".
لم تصدق عينيها ، همست:
" ... أنت ماكس؟ هل انا في حلم ؟".
" لا ليس حلما".
كان يتكلم كأن شيئا لم يكن ، أرادت أن ترتمي بين ذراعيه ، وتلمسه وتداعبه وتضمه الى صدرها ، لكنها كبتت رغبتها وجنونها ، كانت تخشى أن تراه يختفي !
" متى وصلت ؟ لم أكن أتصور ابدا....".
" وصلت البارحة للقيام بسوية بعض القضايا والعمال العالقة".
لم تفهم ، كان يبدو غريبا في بزته القاتمة وربطة عنقه السوداء ، سيتكلم عن الشتاء والطقس الجميل والتفاهات الأخرى ، كانت متأكدة من ذلك ، كانت متأكدة من ذلك ، كانت ترى عينيه الرماديتين وخديه الورديين وشفتيه المرسومتين تماما ستتذكره هكذا ما دامت على قيد الحياة.
" لقد جئت لأفي بوعد".
" وعد؟".
" نعم وعدي في أن آتي لأطمئن الى حالتك".
" إنني جيدة .... هذا لطف منك أن تتذكر".
كان ماكس ثورنتون يتأمل الأثاث الفخم ، ثم قال:
" لست تعانين من اية مشكلة مادية ، على ما أظن".
" تينا".
دخلت الجدة في عنف واضافت:
" هل يكون لي الشرف في التعرف الى هذا الرجل".
كانت عيناها الزرقاوان تحدقان فيهما بغضب.
فوجئت تينا وقدمت اليها ماكس ثورنتون ، فقالت السيدة كينغمان بلطف هذه المرة:
" لم تخبرني تينا عنك".
" لم تكن على علم بوصولي ، يا سيدة".
" هل تبقى على الغداء معنا ؟".
" كلا ، شكرا جزيلا ، سأتناول الغداء في المدينة".
ثم إلتفت الى تينا وقال :
" أنا سعيدة ان أراك في صحة جيدة ، هل تودين ان تبعثي برسائل الى أصدقائك؟".
هزت تينا رأسها ، بعد ثوان قليلة سيختفي وسيعود القلق والحزن اليها من جديد.
وبينما كان يضع يده على قبضة الباب أضاف:
" الى اللقاء يا سيدة كينغمان ، تينا انني في فندق رايت حتى يوم الجمعة ، إذا كنت في حاجة الى أي شيء....".
توقف لحظة ثم اضاف:
" على فكرة ، الم يخبروك".
" ماذا".
" لقد عثروا على والدك!".
|