كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
كان لهذه الرسالة تأثير سلبي على تينا التي بدأت تشعر بان الأيام الهادئة التي امضتها في الآونة الأخيرة بدأت بالزوال ، والمال المرسل اليها يفرض عليها الإستسلام والرحيل.
من دون إحداث أي صوت دخل بيار الى الغرفة ، نظر الى المراتين وسال :
" والان ، ماذا جرى؟".
وقفت تينا ، إنها لا تملك الشجاعة الكافية لتتحمل حديثا آخر ، كانت تبحث عن الوحدة لتفكر وتقرر وحدها.
قالت بحدة:
" أنا خارجة ، إنني اشعر بالحر الشديد".
نهض بيار لكن فاي أمسكت من ذراعه ، لا داعي للحاق بها.
كانت تينا تركض وهي في سروال قصير وقميص قطنية ، غريزتها كانت دليلها ، اخذت تشق طريق الشاطىء ، ووجدت نفسها أمام الحدود الصخرية ، الشمس تنخفض ورائحة الفانيللا الناعمة تموج تحت ظلال اشجار جوز الهند.
صعدت نحو فيللا هنري لاتور ، ودخلت دون تردد ، رأت الوسائد البيضاء حيث أسقطت القهوة ، عادت ذاكرتها الى الماضي وشعرت بالقلق نفسه .
ظهر كيم على عتبة الشرفة وإقترب منها ، لم يتمكن من إفادتها عن مكان وجود ماكس الذي كان غائبا عن المنزل ، في مكان ما من هذه الأرض الشاسعة ، ولم تكن تعرف من أين تبدأ البحث ولم تكن تجرؤ على إنتظاره في المنزل
في خيبة أمل ، دخلت الى الأرض المزروعة ، يا له من جنون ما يمكن لماكس أن يفعل ليساعدها ؟ يجب ان تعود الى الفندق قبل حلول الظلام.
إجتازت المشاتل التي غادرها العمال والعصافير ، لم تكن تينا تريد العودة ، راحت تمشي على طول الطريق الى أن وصلت الى مفترق طرق ، احدها يصعد الى التلة خلال زيارتها المتكررة الى الجزيرة ، كانت تينا تكتشف الزوايا العديدة ، لكنها لم تكن تعرف هذه الزاوية ، الطريق يقطع المزروعات ويصل في النهاية ، الى قرية أكايا ومن هناك تعرف طريق العودة ، لا يمكن للإنسان ان يتيه في كالوها.
في إضطراب كانت تمشي منذ فترة طويلة الى ان إختفت مشاتل الفانيللا ، الأرض الجافة غير الممهدة والصخور الناتئة ، الصمت والجو ، كل شيء بات غريبا .... وصلت تينا الى قمة التلة على بعد خطوات قليلة من هيكل ماراي القديم.
وحدها اشعة الشمس تتسرب من بين حجارة هذه الآثار المهجورة ، إقتربت من أحد الصخور ، وقبل أن تجلس تذكرت أنه ما من احد تجرأ أن يلمس شيئا مقدسا ، لكن ماذا تفعل هنا ، هذه الفتاة التاهيتية ، بعد غروب الشمس؟
بدات تينا ترتجف ، ما كان يجب عليها أن تخاطر بالمجيء الى هذا المكان البعيد ، إختفت الشمس وراء المحيط ، يجب أن تعود الى الفندق قبل أن تقلق فاي عليها وترسل بيار وراءها ، لكن ما من أحد يخطر في باله انها موجودة هنا...
جلست تينا على الأرض غير قادرة على الحركة ، تشعر بالإرتياح وهي تتأمل حلول الليل.
وغرقت الجزيرة في بحيرة نحاسية ، من بعيد ، الأمواج تفقش على صخور المرجان الوردية.
فجاة ، سمعت صوتا يدوي ، إنحدرت صخرة فإنتفضت تينا مذعورة ، النسيم البارد جمدها ، وقفت وترددت قبل أن تختار الطريق ، وفضّلت سلوك طريق المزروعات ، الطريق أطول لكنه أقل تعرجا.
كانت تمر في هدوء عندما شاهدت ظلا في القطاع الأسفل ، فإرتعبت ، كان الظل يتحرك وضوء شحيح يرافقها ، إجتاحها الذعر وحاولت إستعادة وعيها ، ظلت تسير الى الأمام كإبته هلعها.
فجاة سمعت صوتا ينادي :
" تينا !".
شعرت بالإرتياح إذ عرفت هوية من يناديها ، الظل والضوء آتيان من شبح ماكس ثورنتون الذي كان يقترب نحوها .
" يا ألهي ، ماذا تفعلين هنا؟".
" أنا؟ لا شيء... كنت أتنزه".
" ليس هذا المكان للتأمل والتفكير !".
" صحيح ، كنت عائدة...".
" هناك دائما شيء على غير ما يرام؟".
" هناك دائما شيء على غير ما يرام".
" حاولت رؤيتي ، اليس كذلك؟".
" آه ، كيم قال لك...".
" رآك تتجهين الى التلة".
" وانت جئت الى هنا من اجلي؟".
" هل طرأ شيء ما ؟".
" كنت أود ان استشيرك في امر ، ليس بإمكانك أن تقرر مكاني ، لكن...".
" أخبريني ما عندك".
اخبرته تينا كل شيء ، فكان يبدو حائرا.
" لم ارك منذ سهرة كورين ، في اليوم التالي وصلت رسالة من جدتي فأجبتها أنه من المستحيل عليّ أن أرحل من هنا ، لكنها مصرة وارسلت لي رسالة اخرى ".
ظل ماكس صامتا ، ثم قال في هدوء:
" لماذا لا تذهبين ؟ السفر الى أنكلترا سيفيدك! لا تكوني حزينة هكذا".
" أذهب من هنا ؟ الى انكلترا ؟ هل تعرف ما هو ثمن البطاقة والمسافة التي تفصلنا؟".
" أعرف ، لقد ذهبت الى أنكلترا منذ وقت قصير ، لا شك أن جدتك قادرة على أن تؤمن لك حاجاتك".
" صحيح ، لكن ان اعيش معها ، لا شكرا ! إنها تدفع لي تذكرة الذهاب فقط ، يعني ليس هناك امل في العودة ! ".
تنفس ماكس الصعداء وتابع يقول:
" هناك طريقة سأقترحها عليك".
" وما هي؟".
" لتكوني مستقلة ، إدفعي أنت ثمن بطاقة العودة ".
" لن يقرضني البنك هذا المبلغ ".
" لم أكن اقصد البنك".
" إذن من ؟ من العمة ويني ؟ لن ابيع المنزل ".
" أطلبي مني أن اقرضك المبلغ".
" منك؟".
" نعم ، مني ، وافقي على إقتراحي ، وسوف تعودين الى تاهيتي بعد وقت قصير ، ساتصل بالمصرف الذي أتعامل معه في لندن ليسلفك المبلغ الذي تحتاجين اليه للعودة، وبهذه الطريقة ، تكونين رابحة وفي الوقت نفسه تسعدين جدتك".
|