كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
كانت كورين فخورة بمحلها ، لكنها كانت قلقة بعض الشيء ، بذلات السباحة والفساتين الخفيفة والمجوهرات والملابس الداخلية ، لقيت إقبالا كبيرا ، لكن مستحضرات ( كاميل) لم تلق الإقبال كما كانت كورين تتوقع ، إلا أنه لا يمكن الحكم على الأشياء منذ اليوم الأول لإفتتاح المحل.
نهضت تينا وإستعدت للذهاب ، فلحقت بها كورين الى الباب ومدت لها يدها التي تحتوي قارورة العطر وقالت:
" نسيت أن تأخذيها أمس".
" نعم ، اعرف ، لقد ذهبت في عجلة".
" لا داعي لأن تشرحي لي الأمور ، يا عزيزتي ، أعرف ان هديتي أزعجتك ، أنت حقا إنكليزية فخورة ، لا يجب أن نتشاجر".
وفي صمت تناولت تينا قارورة العطر وإعترفت لنفسها انها اخطأت بحق كورين.
" شكرا كورين ، هذا كثير عليّ".
هزت كورين بلطف وذكّرتها بدعوة الليلة.
" هل غيّرت رايك بالنسبة الى السهرة ، الليلة؟".
لم تكن كورين تجدد دعوتها لكن ألم يسبق أن رفضت تينا الدعوة في المرة الأولى ؟ فكيف تتراجع إذن.
عادت تينا الى المنزل ووجدت ان العمة ويني ذهبت للقاء بعض الأصدقاء ولن تعود باكرا ، إذن عليها ان تمضي السهرة وحيدة .
كانت البحيرة تلمع تحت أشعة الشمس التي توشك على المغيب ، تينا تعشق تأمل الطبيعة في هدوء وسكينة ، أحضرت لنفسها عشاء متواضعا ، اكلت وغسلت الصحون وإنتظرت عودة العمة ويني لتتناول معها فنجان شاي قبل الإخلاد الى النوم ، جلست في الشرفة وفي يديها مجلة وقربها آلة المذياع ، في مكان ما تستقبل كورين أصدقاءها وترقص ، لا شك أنها محاطة كما يجب بفارسي أحلامها بيار وماكس.
أرادت تينا طرد هذه الأفكار ، فرفعت صوت المذياع ، إن عزة نفسها منعتها من تلبية الدعوة ، يجب ان تنسى هذه الهواجس ، وفي كل حال لم تكن تنوي قضاء السهرة برفقة بيار.
كانت تقرأ عندما سمعت صوتا ينادي:
" أنت إذن هنا".
كان ماكس واقفا في باب الشرفة ، تركت تينا المجلة من يدها بينما كان ماكس يتقدم نحوها.
وبصوت مخنوق قالت :
" أنت؟".
" نعم ، انا ! الم تستعدي بعد ؟".
" أستعد لماذا ؟".
" أنت تعرفين جيدا ما اقصد ! وانا لا أحلم".
" أتقصد حفلة كورين؟ لن أذهب ".
" لماذا؟".
" ليس عندي جواب لهذا السؤال".
" ليس عندك شيء تفعلينه الليلة".
" وكيف تعرف ذلك ؟".
" لأنني اعرف ذلك ، هيا ، إنهضي أمامك عشر دقائق".
رفعت عينيها وقالت:
" لن أذهب ، عد من حيث أتيت ، ستكون كورين في إنتظارك "
ثم اخفضت رأسها مدعية أنها تقرأ ، فأمسك بمعصمها وارغمها على الوقوف وقال :
" هل تيدين أن أغضب ؟".
" هذه مسألة تخصك".
" جئت من اجلك ! ".
" انت تشفق عليّ ؟ لا اريد الشفقة ، إذهب عني ".
" تينا ، لا أحد يشفق عليك ! وإذا لم تسرعي في تغيير ملابسك سأضطر لأن افعل ذلك بنفسي ! ".
" إنك لا تجرؤ على ذلك!".
" صحيح ؟ حسب كورين ، ليس لديك شيء ترتدينه ، تعالي وارني خزانة ملابسك ، وأنا سأختار لك ثوبا مناسبا".
" هي قالت....".
" يا الهي ، دعي جانبا حقدك على كورين ، إنني لا اعرف شيئا ، لكن بإمكاني إيجاد تفسير معقول".
" إني أشك بذلك !".
" تينا ، عشت ما فيه الكفاية واعرف تماما سلوك النساء ، تعرفت الى عدد كبير من النساء الشبيهات بكورين ، يعشن فقط على حساب جمالهن وأناقتهن وجاذبيتهن ، وفي إمكانهن أن يتحملن طبعك السيء ".
" إذا كنت تعتبرني هكذا ، فإنني لا افهم لماذا تصر على حضوري ".
إبتسم بسخرية وقال:
" حافظي على أحكامك الى وقت آخر ، والان ، يجب عليّ ان ألبسك ثيابك وألقيك في سيارتي أو أنك ستقومين بذلك وحدك كفتاة كبيرة وناضجة ؟".
وكان قلب تينا ينبض بسرعة ، وكانت جامدة لا تتحرك ، فأزاح يده عنها وقال:
" تينا... إذا قلت لك كم أتمنى ان أراك في هذه السهرة ، هل تغيرين رايك ؟ لا تبدي إستياءك ، ارجوك أن تخلعي هذا القناع الحزين".
" لم اكن اعرف...".
" إذن ، لا تبقي هنا ، تحركي.
ومن دون توقع ، إنحنى ماكس وطبع قبلة ناعمة على عنق تينا ثم إبتعد وقال:
" هيّا ، الوقت يمر ونحن ما نزال هنا".
توجهت تينا نحو الباب ، حلّ الحنان مكان الغضب ، فما زالت قبلته ترن في أذنيها ، فتحت خزانتها وتناولت فستانها الأخضر وإرتدته بسرعة.
وبدأت تستعيد رونقها وإنتعاشها ، نظرت الى المرآة ، لم يسبق ان رات نفسها في هذا الجمال ، وفي أعماق عينيها الخضراوين ، حنان كبير .... هل هذا عائد الى لون فستانها الجميل والمناسب ....؟
جلست الى منضدة الزينة ورأت فجأة صورة والدها ، بدأت الدموع تنهمر من عينيها ، أدارت الصورة جانبا ، إنها ترغب في قضاء السهرة برفقة ماكس...
كان ماكس ما زال في الشرفة يمشي ذهابا وإيابا.
" عجّلي ، هل أنت حاضرة؟".
أعادت صورة والدها الى مكانها ثم حملتها وقربتها منها ، ثم ضمتها الى صدرها بينما كان ماكس يدخل الغرفة.
" ماذا جرى لك؟".
" والدي.... لقد نسيته".
كانت ترتجف ، وفجأة نهضت مسرعة وإرتمت في ذراعي ماكس ، وقالت :
" أود من كل قلبي أن آتي معك ! لكن بسبب...".
كان يضمها اليه بشدة ويقول:
" يجب عليك أن تاتي معي ، أنت ترغبين في ان تفرحي ، ووالدك يحب ان يراك سعيدة".
" ولكن...".
" هل تعتقدين أنه يجب أن تكوني حزينة وتعيسة؟".
"كلا ، لكن....".
" الحياة مفتوحة أمامك ، ويوما ما ستتزوجين من رجل يليق بك".
لا أتصور نفسي إمرأة متزوجة ، كان والدي يغمرني بمحبته ولم يكن لدي حجة لأحب رجلا آخر ، إضافة ان أحدا لم يطلب مني الزواج...".
" سيأتي هذا اليوم... هل أنت مستعدة؟".
تبعته وتالق وجهها فجأة ، شعرت بالأمان بين ذراعي هذا الرجل القوي.
وقبل أن تصعد الى سيارته ، ضمها اليه بشدة وعانقها بحنان.
ظلت تينا تفكر بهذا العناق طيلة السهرة ، وتحدثا وأمضيا سهرة ممتعة برفقة الاخرين.
أعادها ماكس وكورين وبيار الى المنزل.
دلفت الى فراشها وهي تتذكر تفاصيل السهرة ، كانت كورين ترتدي فستانا أبيض رائعا ، وصل ثمانية مدعوين في البداية ، وإنتهت السهرة بثلاثين مدعوا ، رقص بيار مرّات عديدة مع كورين ولم يبعد نظره عنها ، أمضى السهرة وهو يحاول ان يستميلها.
أما تينا فإستغرقت في سبات عميق وهادىء لم تعرفه في الفترة الحرجة من حياتها.
ولكن في اليوم التالي ، وصلتها رسالة......
|