كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
فهمت تينا معنى نظرات فاي ، لا يمكنها الذهاب الى المطار بهذه الملابس الوسخة.
" آه ، المعذرة ، لقد مرّ الوقت بسرعة لماذا لا تذهبان من دوني؟".
اطلّ بول من نافذة السيارة وقال:
" طبعا لا ، هل هناك أي مانع لذهابك".
" ماذا؟ صحيح يا تينا إنك تبالغين ! ما زال لدينا بعض الوقت لنذهب الى منزلك !.
" لا داعي لذلك ! إنني أحب عفوية تينا ".
أخرج بول منديله وراح يمسح بقع الوسخ عن جسم تينا وقال :
" لا تتحركي ، اعتقد أن لي الحق في أن أفعل ذلك ".
ضحكت تينا وقالت في نفسها : يا لتصرف بول البريء ، ثم قالت :
" شكرا يا بول ، والان ساسرح شعري وينتهي الأمر".
اعطتها فاي علبة حمرة الشفاه ، لكن تينا رفضت أن تضعه وإكتفت بتسريح شعرها الطويل الذي ينسدل بشكل شلالات شقراء على كتفيها ، فاي التي كانت ترتدي ثيابا أنيقة ، نظرت اليها مستغربة وودت لو ان بإمكانها ان تأخذها الى المنزل وتساعدها على إرتداء ملابس نظيفة وأنيقة ، بول كان هو ايضا يرتدي بزّة انيقة وقميصا بيضاء ورمادية ، فجأة تساءلت تينا هل كان من الأفضل ان ترتدي فستانا في هذه المناسبة ، إبتسمت ، قبل ثلاث سوات ، كانت قد امضت النهار كله في إختيار ما ترتديه وتزين وجهها ، ووالدها كان يكره ان يراها واضعة الكحل والحمرة على وجهها ، كم كانت تافهة في سن الخامسة عشرة!
بدات تينا تشعر بعصبية عندما إقتربت من المطار ، وبينما كان بول يركن سيارته ، حطت الطائرة ، ووصلوا الى الداخل في الوقت المناسب لخروجالركاب ، شاهدت بيار وسط مجموعة الناس وإستعدت للسيطرة على أي إضطراب أو إنفعال في داخلها ، لكنها لم تشعر بشيء من هذا ، لم يتغيّر بيار عمّا كان عليه وهوما زال يحافظ على إبتسامته التي كانت تجذبها ، وبعد أن قبل بول وفاي إلتفت نحو تينا وأمسك بيديها وقال :
" هذه هي تينا ، كم كبرت !".
" ليس تماما".
طبع قبلة صغيرة على خدها ، فلم تشعر بشيء ، وطبعت هي قبلة على وجهه وفجأة تقلصت.
من وراء كتفي بول فوجئت بنظرة رمادية ، كان الرجل يتكلم مع اصدقاء له ، لكن نظرته كانت مسمّرة على تينا.
أبعدت يديها عن يدي بيار ، وعرفت من هو هذا الرجل ، إنه ذلك الرجل الغريب الذي إلتقته قبل ثلاث سنوات والذي وجهت اليه كلاما جارحا عل الشاطىء الفارغ لأنه رآها تبكي الما ، ومع ذلك ساعدها وأحاطها بعنايته ، وها هو الآن يتذكرها ويعرفها .
كان يحدق في بيار ثم بتينا من جديد كأنه يرى وجهها الصغير المعذّب وأحذيتها المثقوبة، كان يود أن يقول لها شيئا ، لكنه ادار وجهه عنها وإبتعد بخطوات عريضة بدون ان ينبس بكلمة.
لم تصغ تينا لما كانت فاي تقوله ولم تشعر بالذراع التي أمسكت بها .
" تينا ! إعتقدنا انك رايت شبحا ما ؟".
" لا , لا".
إستعادت وعيها وبيار يرغب في تناول العشاء في احد المطاعم قبل التوجه الى كالوها ، لكن بول وفاي مترددان في إتخاذ قرار.
" لا تهتما للموضوع ، أعتقد أن في إستطاعتكما الإتكال على روزا وجول للإهتمام بالفندق ، اليس هذا صحيحا؟".
قالت تينا:
" إن بول ثابت القدم ورابط الجأش وهو أفضل منك!".
" أما زلت تتذكرين ؟ أما زلت لا تثقين بي ! لنذهب لزيارة العمة ويني".
أمسك بفاي من جهة وتينا من جهة أخرى وتوجه الى الخارج بينما كان بول يهتم بنقل الحقائب.
وصل الجميع الى فيللا العمة ويني التي كانت بإنتظارهم ، إنها تحب بيار حتى الجنون وهو لا يتوقف عن إطرائها ، وإغتنمت تينا هذه الفرصة للإنسحاب كي تغير ملابسها.
كان الليل قد هبط عندما وصلت الى البنغالو المقفل في غياب والدها ، اخذت دشا سريعا وإرتدت فستانا مخرّما بلون حجر الجاد الذي يليق بها تماما ويظهر أناقتها وجسمها الجميل ، زيّنت وجهها ، كان يلمع احيانا في عينيها الخضراوين بريق إستخفاف وإحتقار ، وغريزيا عرفت أن بيار يشتهيها ، قررت ان تدعه يتصرّف كما يرغب ، كي يكتشف بنفسه خطاه ، لم تعد تلك الفتاة البريئة التي هجرها.
كانت محقة في تفكيرها ، منذ وصولهما لم يكف بيار لحظة واحدة عن عن إحاطتها بلطفه والتغزل بها ، ولما وصلوا الى المطعم ، كانت تينا تكاد تطير فرحا ، وكانت مدينة تاهيتي في كل رونقها ، الفتيات المغطاة بأكاليل من الزهر ، والقيثارات وكل سحر الليل في هذه المنطقة الإستوائية ، تركت تينا نفسها تسترخي كأنها إحدى النساء الثريات النازلات من يختها لتتذوق الأشياء الغريبة الساحرة.
همس بيار في أذنيها بينما كانا يرقصان:
" كم تغيّرت ! إنني لن امل من وجودي هنا ، بين تاهيتي وكالوها ".
" ظننت انك تعاني من آلام الحب؟".
" ومن يستطيع تخفيف ألامي؟".
أجابت في جفاء:
" ليس عندي الموهبة للقيام بذلك".
تأملها وقال :
" كم كبرت ، يا قمري الصغير".
" إنني ادعى تينا".
أوشكت القطعة الموسيقية على الإنتهاء ، عنصر الدهشة فعل مفعوله ، لم تكن تينا على إستعداد لتجعل بيار يشعر بأنها تريد أن تتجاوب معه ، هل لديه قلب يحن ، هذا الشاب الجذاب؟
|