لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-02-12, 04:35 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

2-واحة الدموع

إنطلقت دافينا بسيارتها في الصباح متوجهة الى بلاس غوين حيث يقيم السيد لويد منذ عودته الى البلاد من أميركا ، كانت الرحلة طويلة ، ولكنها ممتعة وشيقة ، إذ كانت المنطقة الممتدة من لندن الى بلاس غوين مليئة بالمناظر الطبيعية الجميلة ، مع ما يتخللها من روافد مائية جارية وسط الحقول والبساتين ، ومرتفعات جبلية ، وتلال ، وهضاب ، ووديان ، تعكس الحياة الريفية بأبهى صورها ومعانيها ومفاتنها ، خلافا لمظاهر الحياة في المدينة .
سارت في الإتجاه الذي يؤدي الى منطقة بلاس غوين ، حسبما تشير إشارة السير ، وهي تتوقع بأن تصلها بعد فترة قصيرة ، إذ خيل لها أن المنطقة تقع على مسافة بضعة أميال من شارة السير ، ولكنها أخطأت التقدير ، أو أن دائرة حركة السير أخطات في تثبيت تلك الإشارة بدليل أن المسافة التي قطعتها دافينا تجاوزت مئات الأميال ، وإستغرقت أكثر من اربع ساعات ، قبل وصولها الى مناطق مأهولة بالسكان .
وكثيرا ما فكرت بالعودة من حيث اتت ، كان يراودها مثل هذا الشعور كلما شعرت بالوحشة والوحدة من طول المسافة ، ووعورة مسالك بعض الطرق الجبلية وصعوبة السير عليها ، إلا أنها كانت تعود وتغير رأيها ، وتتابع المسيرة بالرغم من جميع المشقات التي تواجهها ، فقد صممت على القيام بهذه المغامرة ، وإنجاز المهمة التي جاءت من اجلها ، وهي مهمة يهون في سبيلها ركوب المصاعب والمتاعب.
كانت تحمل معها رسالة خاصة موجهة من العم فيليب الى السيد لويد ن تتضمن بالإضافة الى تفاصيل الرحلة الأميركية التي سيقوم بها لويد قريبا ، موضوع تخويل دافينا صلاحية التفاوض معه ، بإسم الدار ، فيما يتعلق بكافة المواضيع المتعاقد بشأنها مع الدار ، وهذا ما أشاع الرضى والإرتياح في نفسها ، لان ذلك سيمكنها من المحافظة على ماء الوجه ، والتفاوض معه مفاوضة الند للند ، وإختبار حقيقة نواياه بالنسبة الى موضوع الطلاق.
كانت دافينا قد اخبرت أمها عن عزمها على السفر والإتصال بزوجها ، وأطلعتها على كافة الأسباب المعروفة وغير المعروفة التي اهابت بها لقيام بهذه المغامرة ، وكان هذا الخبر صدمة عنيفة لوالدتها ، التي رفضت تصديق السباب التي تعللت بها دافينا للقيام بهذه الرحلة وظنت بأن إبنتها كانت تحاول تضليلها ، فراحت تبكي وهي تقول بصوت مترجرج إنك تكذبين علي يا إبنتي .... نعم ، إنك تكذبين ! أظنك عائدة اليه بعد كل الذي جرى ، أليس كذلك ؟ فلماذا التذرع باسباب واهية ... غير صحيحة ... كاذبة ... إنك عائدة اليه ، أليس كذلك ؟) .
منتديات ليلاس
وعبثا حاولت إقناعها بالسباب الحقيقية الكامنة وراء قيامها بهذه الرحلة ، فلم تقتنع ، رفضت أن تصدق بأن دافينا كانت ذاهبة في رحلة طويلة ، شاقة ، مضنية ، لمجرد سؤال زوجها عن سبب عدم رده على سؤال محاميها ، أو لمجرد تسليمه رسالة من العم فيليب ، حتى أن ذكر إسم العم فيليب أثناء الحديث جعلها تتصور بأنه كان متورطا في الموضوع ، وربما يسعى جهده لتحقيق المصالحة بين إبنتها وزوجها ، وما كان منها إلا ان همهمت وتنهدت وهي تقول :
" الان عرفت الحقيقة... حقيقة الدور الذي يلعبه العم فيليب من وراء الستار ... وها هو يدفعك الى السفر كي تعودي الى أحضان ذلك العجيب الغريب ، لا لشيء إلا نكاية بي ... إنه يكرهني ... نعم ، إنه يكرهني".
وأعادت دافينا الكرة بمحاولة إقناعها بحقيقة الأسباب ، فلم تنجح ، إذ ظلت والدتها متشبثة برايها ، وصارحتها القول بأنها لو لم تكن عائدة اليه ، لكان العم فيليب وقد شخصا سواها للإتصال بالسيد لويد.
كما رفضت الوالدة تصديق إدعاء إبنتها بان إيفادها للإتصال بالسيد لويد كمندوبة عن الدار كان لمجرد توفير تغطية مشرفة لها في حالة تطرّق زوجها ، من خلال محادثاتهما ، الى موضوع حياتهما وتصديق كافة الأسباب والدوافع التي سردتها إبنتها ، ويعود ذلك بالدرجة الأولى الى فقدان الثقة بينها وبين السيد لويد ، وإنعدام الفائدة من التعامل معه بطريقة من الطرق إذ لم يكن في نظرها سوى ذلك الرجل البربري الذي يتنكر لكافة مبادىء الشرف والإستقامة ، وإلا لما كان سافر الى أميركا بمفرده ، وترك زوجته وراءه تعاني آلام الوحشة والوحدة والمرض.
ليس هذا فقط بل راحت تدافع عن نفسها وتنفي مسؤوليتها وعلاقتها بالأسباب التي جعلت دافينا تعدل عن مرافقة زوجها الى أميركا ، ردا على تذكيرها إياها بالوعكة الصحيحة التي ألمت بها يومذاك وإستدعت بقاءها هنا بغية الإشراف على راحتها ومعالجتها.
ولكن دافينا ، فكرت بعدم وضع اللوم كله على والدتها ، وبوضع حد لكل هذا الجدل العقيم ، الذي لا يقدم ولا يؤخر بالنسبة الى شؤون الساعة ، طالما لا يمكن إعادة عقارب الساعة الى الوراء ، فماذا يفيدها الان إثارة التهم حول الشخص المسؤول عن عدم مرافقتها لزوجها في رحلته الأميركية ، او عن الطفل الذي فقدته قبل الأوان ، وغير ذلك من الشؤون والقضايا التي أصبحت كلها في ذاكرة الماضي ، وتذكرت كيف ا زوجها نفسه لا يزال يحملها مسؤولية فقدان طفله ، ويرفض إطلاقا تصديق حقيقة ما حدث لها وأدى الى عملية الإجهاض ، التي كانت نتيجة تعرض زوجته لصدمة قوية ، نقلت على اثرها الى المستشفى ، وأجريت لها عملية إجهاض الجنين ، نزولا عند راي الأطباء.
خطرت ببالها تلك الذكريات وهي مستمرة في سيرها نحو الهدف المنشود ، قطعت مئات الأميال على مدى عدة ساعات ، بدون ان ترى أي أثر للبناء والعمران ، وكادت تفقد الأمل بوجود منطقة إسمها بلاس غوين ، بعدما أصبحت ، شارة السير التي تحمل هذا الإسم بعيدة عنها مئات الأميال الى الوراء ، لولا أنها لم تكن مصممة ، هذه المرة ، على تنفيذ المهمة التي جاءت من أجلها.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 07-02-12, 04:38 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

وبعد مسافة غير قصيرة ، بدأت تباشير الأمل تظهر أمامها ، حين شاهدت من بعيد أعمدة من الدخان تتصاعد من قلب الغابة ، وفكرت بأن لا بد من وجود بعض الاماكن المأهولة هناك ، وبإحتمال العثور على مكان زوجها.
وهكذا بدأت بتخفيف سرعة السيارة ، كي تنعطف بها الى الطريق الضيقة ، وتابعت سيرها في الإتجاه المؤدي الى إحدى القرى ، وفقا لشارة السير ، وبعد لحظات ، وصلت الى تلك القرية ، التي كانت بيوتها لا تتجاوز عدد اصابع اليد ، ثم مرت بمكتب للبريد ، وحانوت ، ومحطة بنزين ، وفندق صغير تعلو مدخله صورة تنين باللونين الأسود والأحمر ، بالإضافة الى عدة أكواخ وبيوت ريفية ، تحمل إشارات واسماء متنوعة ، لم يكن بينها أي اثر للإسم الذي تبحث عنه ... أي بلاس غوين ،وهناك تساءلت في نفسها عن الدور الذي يمكن للسيد لويد ان يلعبه في حياة مثل هذه القرية المتواضعة ، في حال وجوده فيها.
بعد ان عجزت عن الإهتداء على أي مكان يحمل إسم بلاس غوين ، توجهت الى مكتب البريد علّها تجد هناك من يرشدها الى مكانه ، لكن المكتب كان مقفلا ، عندها ، فكرت بالذهاب الى الفندق ، حتى إذا حالفها الحظ تتجه اليه ، وإلا فإنها ستمكث في الفندق ، كي تستريح من عناء الرحلة ، وتتناول فنجانا من الشاي أو بعض المرطبات ،وهكذا كان .
كانت موظفة الإستعلامات في إستقبالها على الباب ، حينما وصلت ، ودعتها للدخول بكل بشاشة ، ثم رافقتها الى الصالة وهي تقول لها مداعبة :
" أظنك قادمة من مكان بعيد ... يبدو ان الرحلة كانت طويلة ".
" بل شاقة ومرهقة ايضا ، إنني تعبة ومرهقة للغاية ، هل لك ...".
فقاطعتها الموظفة لتقول وقد تصورت بحدسها ان هذه الصبية بحاجة الى شيء ينعشها ويعيد اليها نشاطها وحيويتها.
" لحظة وأحضر لك بعض المرطبات !".

لا شكرا ، أرجوك ان تحضري لي بعض الشاي ".
" حاضر... لحظة فقط ويحضر الشاي ! ".
كان الطقس باردا في الخارج ، إلا أن ذلك لم يمنع دافينا من الخروج والجلوس في حديقة الفندق ، حيث راحت تشرب الشاي ، على أنغام خرير مياه النهر بمحاذاة الفندق ، في طريقها الى قلب القرى ، لتتابع إنسيابها من هناك الى الحقول والسهول والبساتين الشاسعة ، ودهشت عندما شاهدت الطاولات والكراسي موضوعة بكثافة في الحديقة ، مع ان الفندق يقع في قرية صغيرة كهذه ، والمكان يبد شبه مهجور ، والحركة معدومة فيه.
ويبدو ان موظفة الإستقبال ادركت بحدسها الدهشة التي كانت تراود دافينا فإقتربت نحوها وهي تقول :
" لا شك في ان كثافة الطاولات والكراسي وقلة أو بالحرة ندرة الناس تثيران الدهشة ، ولكن هذه الدهشة تزول بعد معرفة الحقيقة ، اجل ، عائلات كثيرة تأتي الى هنا دائما لتمضية عطلة نهاية الأسبوع ... ومن المتوقع ان يرتفع عددها كثيرا في المتقبل القريب ، خاصة بعد ان يستأنف معمل الصوف نشاطه".
" معمل صوف ؟ واي مصنع يكون هذا ؟ اين يقع هذا المعمل ؟".
" إنه مصنع قديم يدعى بلاس غوين ... العمال جارية فيه على قدم وساق لتجديده وإعادة تاهيله للعمل في محاولة للحد من هجرة الشباب.......".
فرحت دافينا عندما أيقنت بان الأمور تسير في مسارها الطبيعي ، بعد سماعها الموظفة تذكر الإسم الذي جاءت من اجل البحث عنه ، وفكرت بأنها ستتول ، عاجلا أم آجلا ، الى معرفة مكان السيد لويد.
وما ان إنتهت دافينا من شرب الشاي وتناول بعض الطعام حتى جاءت موظفة الفندق تسألها عما إذا كانت تنزي النزول في الفندق ، وعن المدة التي تنوي ان تمكثها.
موضوع نزول دافينا في الفندق امر مفروغ منه ، غير أن مدة بقائها فيه تبقى مرتبطة بالمهمة المكلفة بها ، وهذا كان جوابها عن السؤال الذي طرحته عليها الموظفة ، ثم سالتها عما إذا كانت تعرف شخصا يدعى لويد ... أديب ومؤلف وشاعر...
فردت موظفة الفندق قائلة بدهشة عارمة:
" آه ! السيد لويد ... نعم اعرفه ... إنه موجود هنا ... في بلاس غوين... إنه صاحب المكان...".
" وماذا ايضا؟ يسرني معرفة المزيد عنه ، وأكون شاكرة إذا زودتني باية معلومات إضافية بهذا الخصوص ".
" طبعا ! طبعا ! ولكنني أفضل ان أترك ذلك للسيدة باري عمة السيد لويد وإبنتها ويانون وكنت على وشك ان أعرض عليك مرافقتك الى مركزهما ... القريب من هنا".
فوجئت دافينا عندما أخبرتها موظفة الفندق أن عمة السيد لويد تملك وتدير ناد للفروسية بقصده هواة ركوب الخيل ، من كل حدب وصوب لممارسة هذه الهواية بإشراف الآنسة ريانون .
وشاءت ان تسأل موظفة الفندق لتحجز لها غرفة تقضي الليلة فيها ، وتعود الى لندن في الصباح ، غير انها غيّرت رأيها ، وقررت الذهاب الى بلاس غوين ، وهي تتوقع سلفا من السيدة باري ان ترحب بقدومها ، فتستقبلها وتقدم لها غرفة تبيت غيها الليلة ، خاصة إذا اخبرتها أنها أتت الى هنا بمهمة رسمية ، ولكنها ، ما أن نطقت بسيارتها وقطعت مسافة قصيرة حتى راحت تتمنى أن يكون النادي مكتظا بهواة ركوب الخيل ، وجميع غرفة محجوزة ، بحيث يصعب على عمة لويد تامين غرفة لها للمبيت فيها ، فتجد امامها ما يبرر عودتها الى لندن .
وصلت دافينا الى بلاس غوين ، فأوقفت سيارتها في الباحة الأمامية ، وهي لا تزال حائرة ، مترددة ، فيما إذا كان عليها متابعة المغامرة حتى النهاية ، او الكف عنها والرجوع الى لندن ، قبل حلول الظلام ، وبعد تفكير طويل ، قررت متابعة المهمة ، ثم سارت في إتجاه الباب ودخلت منه لتجد نفسها في صالة واسعة ، ذات جدران خشبية ، وفي إحدى زواياها مدفأة وضعت حولها الزهور والنباتات المنزلية الجميلة.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 07-02-12, 04:40 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

بقيت دافينا داخل الصالة تنتظر قدوم من يستقبلها او يسالها عن اسباب وجودها في المكان ، ولما طال إنتظارها ، رنت الجرس ، وإذا بصوت يخاطبها صاحبه من الخلف قائلا :
" نعم ، أي خدمة !".
وإستدارت نحومصدر الصوت لتجد نفسها واقفة امام فتاة ، في ريعان العمر ، ممشوقة القامة وطويلة ، رشيقة الجسم ، سوداء الشعر ، تدلت خصلاته الطويلة على كتفيها ، مرتدية بزة خاصة لركوب الخيل ، راحت تحدق فيها بنظرات ، إن كان يصعب وصفها بالنظرات العدائية ، فإنه يصعب بالتالي وصفها بالنظرات الودية كتلك النظرات التي يتوقع الزائر عادة أن يراها منعكسةعلى وجه المضيف ساعة الإستقبال ، إلا أنه كان من السهل إستشفاف ملامح العداء التي تعكسها بوضوح نظرات هذه الفتاة كانها كانت تشير عليها بمغادرة المكان قبل معرفة سبب وجودها ، لكن دافينا إستدركت هذا الأمر ، وردت عليها قائلة :
" إنني أبحث عن شخص يدعى لويد ..بودي مقابلته لأمر هام ".
" وهل لي أن اعرف من يريد مقابلته؟".
ولاذت دافينا بالصمت وهي تفكر بان تنصحها بعدم التدخل في شؤون غيرها ، لكنها ظلت محافظة على هدوء اعصابها وصمتها لئلا تتورط في مشاكل هي بغنى عنها الان ، لا سيما وأن هذه الفتاة لم تعرفها على نفسها بعد ، وتخشى من ان تكون هذه ريانون ، الفتاة التي حدثتها عنها موظفة الفندق ، لذلك قررت مواجهتها ببرودة أعصاب ، والكشف لها عن إسمها ، ثم إلتفتت اليها وقالت بمنتهى الياقة والهدوء :
" دافينا غرير تريد مقابلته".
سمعت الفتاة ذلك وتقدمت مسافة خطوة واحدة نحوها ، ثم ردت قائلة بحدة وغضب :
" صحيح ؟ اكاد لا أصدق ذلك ، مع السلامة ! بوسعك العودة من حيث أتيت ... أنت شخص غير مرغوب فيه هنا ".
وفجأة سمع صوت ينادي : " ريانون ! ريانون ! " كأنه يعترض على ما قالته قبل لحظات ، دفع دافينا الى التلفت حولها لمعرفة مصدره فتراءى لها شبح إمراة كانت واقفة بجانب السلم ، وقد إنعكست على وجهها ملامح الإنزعاج ، وما هي إلا لحظات حتى نزلت الى الطابق السفلي ، وهرعت الى حيث كانت دافينا وريانون واقفتان ، وإلتفتت الى دافينا وخاطبتها بلطف قائلة :
" آسفة على ما حصل ، صحيح ان جميع الأماكن عندنا مشغولة ومحجوزة ، إلا أن ذلك لا يبرر لأبنتي تصرفها السيء ، أرجوك أن تقبلي إعتذاري و ...".
فقاطعتها ريانون وقالت :
" يبدو انك أسأت فهمي ، يا اماه ، إنها لم تطلب حجز غرفة لنفسها عندنا ، وإنما جاءت لمقابلة السيد لويد ... إنها زوجته ".
إبتسمت الوالدة إبتسامة مقرونة بالدهشة ، ثم إقتربت من دافينا وعرفتها عن نفسها قائلة :
" انا عمة لويد ... عمته بيث ".
ومدت دافينا يدها لتصافحها وهي ترد عليها قائلة :
" يؤسفني إذا كان وجودي سببا للإزعاج والمضايقة ، غير أنني مكلّفة للقيام بمهمة رسمية ".
" لا بأس ! ليس عندي أي إعتراض على ذلك ... ولكن الوضع ، كما تلاحظين ، صعب جدا ".
حيال هذا الموقف المعقد ، لم تجد أمامها سوى ان تؤكد لعمة لويد بأنها جاءت ، لا للإقامة والبقاء ، وإنما لمقابلة السيد لويد وتسليمه بعض الأوراق والوثائق التي شاء عمها أن يكلفها بنقلها اليه شخصيا ، وظلت صامتة تفكر ثم تابعت قائلة :
" أجل ، يكفيني مقابلته لدقائق ، الموضوع لا يستغرق أكثر من بضع دقائق " هنا ، تدخلت ريانون وقالت بحدة :
" كلا ، لا يمكنك مقابلته ، أولا لأنه ليس موجودا ، وثانيا لأنه لن يعود قبل غد او بعد غد ... وما دام هذا هوواقع الحال ، فما عليك إلا أن تعودي من حيث اتيت ، مع السلامة ! ".
ويبدو أن تصرفات الانسة ريانون لم تعجب والدتها ، فتدخلت لوضع حد لها وخاطبتها قائلة :
" من الأفضل ان تذهبي الى غرفتك طالما انت لا تحسنين التصرف بتهذيب ولياقة ... وأنا سأعالج هذا الموضوع بنفسي ".
" حاضر ، لكنني ذاهبة الى الإسطبل ".
قالت ريانون ذلك ثم خرجت بعد ان القت نظرة حاقدة على دافينا .
وهكذا أخذت السيدة باري ، عمة لويد ، تتعامل مع دافينا ببشاشة ، مما اعاد الفرحة والبهجة الى قلبها ، خاصة بعد ان دعتها الى الجلوس معها في الصالون ، وطلب منها مشاركتها في شرب الشاي ، إلا أن دافينا شكرتها وإعتذرت لها عن عدم تمكنها من تلبية دعوتها الان ، ثم سالتها :
" اخبريني ، يا سيدتي ، هل صحيح أن لويد ليس هنا كما سبق وقالت إبنتك ".
" نعم ، صحيح ، ولكنه سيعود طبعا ، متى ؟ لا استطيع التحديد ، لأنه يذهب ويرجع كيفما إتفق ".
وفكرت دافينا بأن لويد لم يتغير قيد أنملة ، ثم إبتسمت قائلة :
" ما كنت اتوقع أن تتعقد الأمور الى هذا الحد ... ارجو أن لا يتأخر وإلا اصيب عمي فيليب بخيبة أمل ".
فأجابتها السيدة باري في محاولة للتخفيف من حدة المخاوف التي تصور لها بأنها لن تتمكن من لقاء لويد .
" مهما يكن ، فانت في بيتك ... إنتظريه حتى يعود ، أهلا وسهلا بك ".
وظلت دافينا صامتة ، بعد ان غمرتها عمة لويد بلطفها ووضعتها في موقف حساس ومحير للغاية ، وكانت لا تتمنى ان تضع العمة في موقف حرج ، ولا تدري بالتالي ما إذا كانت تستطيع أن تتحمل تصرفات إبنتها او أن تتجاهل نظراتها العدائية السافرة نحوها ، ثم إلتفتت اليها وقالت :
" شكرا ، يا عمتي ، كم انت لطيفة ! لكنني محتارة في أمري ، ولا أريد مضايقتك ما دامت جميع الأماكن عندك مشغولة ! إسمحي لي انا ...".
فقاطعتها السيدة باري قائلة :
" الأمور تحتلف ساعة يكون الضيف من أهل البيت ، أصبح من واجبي تأمين مكان لك للنوم فيه ، مهما كانت الظروف ".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 07-02-12, 04:41 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

وهنا لم يعد بوسع دافينا أن تخفي الدهشة التي إستولت عليها بفضل العاطفة التي عبرت عنها العمة باري نحوها ، وخاصة عندما اضفت عليها صفة اهل البيت ، وفكرت بأن اللباقة تقتضي معاملتها بالمثل ، وإحترام وتقدير الوصف الذي اضفته عليها ، وشكرها على تأمين مكان لها تبيت الليلة فيه.
الغرفة التي عرضتها عليها ، كانت واسعة ، ومريحة ، وتطل على احد البساتين ، بالإضافة الى نهر تنساب مياهه عبر الحقول والسهول ، وبعض المرتفعات الجبلية الشامخة، وقد اعجبتها كثيرا ، كما اعجبها الأثاث الموجود فيها ، وبصورة خاصة خزانة الثياب المصنوعة من خشب الماعوغاني ، والكراسي ، والطاولة الصغيرة ، وغيرها من قطع الأثاث العريق ، وقد إسترعى إنتباهها نظافة الغرفة ، ورائحة العطر المنعشة التي تفوح منها .
حدّثتها السيدة باري وهي تشير يدها الى المناظر الطبيعية الجميلة التي يمكنها التمتع برؤيتها من نافذة غرفتها ، حدثتها عن مشهد التنين الذي يظهر للعيان بوضوح كلما كان الجو صافيا .
ويبدو أن ذكر إسم التنين أثار الرعب والذعر في نفس دافينا ، فحدّقت في السيدة باري ثم قالت لها :
" عفوك ، يا سيدتي ! ماذا قلت ؟".
" آه قلت التنين ... وها هو رابض هناك الآن ... فوق قمة تلك التلة الجرداء ، هل ترينه ؟".
قالت ذلك وهي تشير بيدها نحو التلة ، في حين إرتبكت دافينا وإقتربت نحو السيدة باري بحركة خاطفة كمن يتولاه الذعر من شيء مخيف يحاول الهرب منه .
والحقيقة أن قمة تلك التلة العالية تعكس للناظر اليها من بعيد شكل تنين متحجر ، لا يختلف ابدا عن شكل التنين الحقيقي ، كما انها تتوج قمة التلة بهذا الشكل ، ويكفي إلقاء نظرة فاحصة عليها للتأكد من ذلك ، إذ يستطيع الناظر ان يتصور بسهولة نفسه واقفا امام تنين حقيقي إزاء هذه الأوصاف الخيالية ، كان لا بد من أن يداهم دافينا شعور بالرعب ، وهذا ما أصابها بالفعل ، إذ بدأت ترتجف وهي تتراجع الى الوراء وتقول :
" كل ما اتمناه هو ان يكون هذا التنين مسالما وصديقا وإلا أصبح مصدرا للرعب والذعر ".
وردت السيدة باري تقول كأنها تريد ان تطمئنها :
" أجل ، لا تخافي لأنه ، على حد علمي ، لم يؤذ احدا حتى الان ، دعينا من قصة التنين الان ، إنني ذاهبة لتحضير الشاي ، هل تشاركينني ؟".
" بكل سرور ".
وهكذا خرجت السيدة باري لتحضير الشاي بعد ان إعتذرت لها عما تعرضت له على يد إبنتها ريانون من تصرفات غير لائقة ، بدافع ولعها وتعلقها بالسيد لويد.
وغابت السيدة باري عن النظار ، تاركة دافينا وحدها ، غارقة في احلامها وتاملاتها ، وفي حيرة من امرها ، وباتت تنتظر عودة السيدة باري مع الشاي ، تصغي بدهشة الى الأصداء المتنوعة التي كانت تنتقل عبر الأثير مرددة اصوات حفيف أوراق الشجر ، وثغاء الغنم ، وصهيل الخيل ،وزقزقة العصافير ، وخرير مياه النهر المنسابة من أمام الفندق نحو الحقول ، وعواء الكلاب مقرونة بوقع حوافر الخيل ، مما يخيّل للسامع بان جميع المخلوقات قد تجمعت هنا ... في هذا العالم الصغير العجيب.
غير أن كل هذه الأجواء والمناظر لم تستطع ن تثنيها عن التفكير بالسيد لويد ، فراحت تفكر به ، وتتصور أنه توارى عن الأنظار بعد أن علم بقدومها ، لتعود وتستبعد حدوث ذلك ، وتلوم نفسها على إتهامه بسوء النية والتصرف قبل ان تتضح لها الأمور على حقيقتها ، وتخاطب نفسها بنفسها قائلة : ( ربما سمع بقدومي ... كلا ، لا اعتقد ذلك ... ان له ان يعرف ... من يدري ! يمكن ريانون أخبرته... يجوز ... ولكن كيف يمكنها ذلك ، ومتى ؟ لا ... لا ... لا أظنها إستطاعت القيام بهذه المهمة ... عسى خير ... ولكل شيء نهاية ) .
في هذه الاثناء ، بدات تسمع قعقعة أدوات زجاجية ، وسرعان ما تبين لها بان الشاي اصبح جاهزا ، وشعرت بمن فتح باب الغرفة ، وتطلعت لترى انسة ريانون قادمة ، حاملة بين يديها صينية عليها فناجين الشاي ، ودعتها الى تناول الشاي ببرودة مقرونة بالعبوس ، فحاولت دافينا ترطيب الأجواء والمشاعر غير الودية التي تكنها ريانون نحوها بكلمة مجاملة لطيفة ، فلم تنجح ، ولم تكن الصدمة التي شعرت بها بفعل جواب ريانون على ملاطفتها ومجاملتها ، اخف وطأة على نفسها من الصدمات السابقة ، إذ أن دافينا ، عندما بادرت ريانون بالقول ساعة اطلت عليها من الباب:
" آه ، يا ريانون ، كم هي جميلة ومريحة هذه الغرفة ! ارجو أن لا تكون متعتي وراحتي على حساب إزعاج غيري من الناس ...".
لم تتوقع من ريانون أن تهز كتفيها إستهجانا وترد بوقاحة قائلة:
"لا باس ولكنك ستتمتعين فيها على حساب لويد ... إنه الوحيد الذي سيتضرر من إقامتك فيها ... ومن مدري ، فقد يطردك منها ساعة يعود ".
لم تشا الرد عليها ولو بكلمة واحدة ، وفكرت بان افضل جواب على الحماقة والوقاحة هو الصمت ، صحيح انها إعتصمت بحبل الصمت ، إلا أن محاولة ريانون إقحام إسم السيد لويد في الموضوع ، جعلتها تتصور بأنها كانت تشغل غرفة زوجها الخاصة ، ودفعتها الى النهوض بحثا عن بعض الأدلة كي تتأكد بنفسها ما إذا كانت الآنسة ريانون صادقة فيما اشارت اليه ام لا ، وهكذا فتحت خزانة الثياب لتجد فيها مجموعة من ثيابه.
وغني عن القول ان هذا الإكتشاف كان كافيا لدافينا كي تتأكد من هوية شاغل الغرفة الصيل ، وتشير بالتالي بعض التساؤلات حول ما الفائدة التي ترجوها عمته من وضعها في هذه الغرفة بالذات ، والتي تدرك ، بدون أدنى شك ، حقيقة المشاعر اتي يمكن ان تراود الزوجة المتخاصمة مع زوجها ، حتى تجد نفسها مرغمة على النوم في سريره ، قبل المصالحة معه ، وفكرت بأنه كان بوسعها من باب الياقة وإحترام شعورها أن تضعها في غرفة إبنتها ، وتنقل إبنتها الى هذه الغرفة ، وفي اسوأ الإحتمالات ، كان بإمكانها ان تضعها في غرفة احد النزلاء ، بعد ان تنقله اليها ، بحجة القيام بتغييرات روتينية، ومع ذلك ، ىثرت عدم الذهاب بعيدا في البحث عن الأسباب التي جعلت العمة باري تخصص لها غرفة زوجها ، خشية أن يقودها ذلك ، من حيث تدري أو لا تدري ، الى نكران الجميل ، خاصة بعد الجهود المضنية التي بذلتها في سبيل تدبير مكان لها ، والتصدي لمواقف إبنتها ريانون المعارضة والمعادية لها منذ ان وصلت الى هذا الفندق .

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 07-02-12, 04:42 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

واهم ما كان يثير الدهشة في تصرفات دافينا هو أنها كانت تدرك تماما بأنها اسيرة مشاعر وافكار متناقضة ، بدون أن تحاول مرة واحدة اإفلات من خيوط هذه الدوامة الرهيبة ، ومواجهة الحقائق كما هي .
مثلا ، كانت تغضب عندما يتأخر زوجها في اللجوء الى النوم ، وتقلق عندما يحضر ،وها هي الآن ، بعد أن تأكدت بان هذه الغرفة غرفته الخاصة ، بدأت تشعر بالقلق من ان يصل فجاة ويدخل الغرفة ، ليفاجأ بوجودها نائمة في سريره ، وتنسى ، أو بالأحرى تتجاهل ، حقيقة التناقضات التي تتخبط فيها ، وليس أدل على ذلك من الثقليات التي طرات على تفكيرها وهي في طريقها الى هذا المكان ، إذ كانت تتمنى ، في قرارة نفسها ، ان يكون لويد أول إنسان تراه حال وصولها ، لتعود وتتمنى بأن لا يكون هناك كي تعود ادراجها من حيث أتت ، شيء أغرب من الخيال.
منتديات ليلاس
وما هو اغرب من ذلك انها ، ما أن وصلت الى المنطقة، وإهتدت الى المكان ، وإستقرت فيه ، حتى راحت تصور بأن لويد توارى عن الأنظار بعد أن علم بقدومها ، لتعود وتفكر بأنه براء من هذه التهمة إذ ليس هناك من يعرف خبر قيامها بالرحلة سوى عمها فيليب ، ثم ، عندما إستقبلتها عمة زوجها وأنزلتها في تلك الغرفة المريحة ، راحت تتصور بأنها إنما وضعتها في هذه الغرفة لغرض في نفس يعقوب ، لتعود وتجد ما يبرر لها إقدامها على هذه الخطوة ، وتفكر تارة بانه لا يليق بها أن تنام في سرير زوجها بعد كل الذي جرى بينهما ،لتعود وتجد لنفسها عذرا يبرر لها النوم في غرفة زوجها وفي سريره بالذات ، بعد التطور العظيم الذي طرأ على مشاعرها نحوه .
وفيما كانت تحاسب نفسها ، وتقيّم ما لها وما عليها ، خلال الفترة الممتدة من ذلك اليوم الذي تقابلا فيه ، وتواعدا على الزواج ، حتى اليوم ، راحت وجلست على حافة السرير ، بعد أن إستيقظت في خاطرها ذكريات اليوم الأول لزواجها ، وتصورت ، والمرارة تحز في نفسها ، كيف تركها زوجها جالسة وحدها الى الطاولة ، وراح يجول في انحاء المطعم ، يجامل هذا ، ويتحدث مع ذاك، بدون ان يخصها ولو بإلتفاتة عابرة ، أو بكلمة واحدة من طرف لسانه ، وظل يتصرف على هذا النحوالى أن إنتهت الحفلة ، وحان الوقت للصعود الى جناحهما الخاص في الفندق.
لقد عاد اليها بعد ان إنتهت الحفلة ، لا ليرافقها الى الجناح العلوي الخاص في الفندق ، وإنما ليهمس في أذنها انه خارج لقضاء حاجة مهمة ، واعدا إياها بانه لن يتأخر في العودة ، وكان أن علمت فيما بعد بأنه خرج ليبحث عن مكان ما يمتع النفس فيه لبعض الوقت ، وهنا تذكرت بحسرة كيف صعدت الى جناح الفندق وحدها ، ولبثت تنتظر عودته وقد غمرها البؤس واليأس والحزن ، حتى فقدت الأمل ، وداهمها النعاس فنامت قبل ان يكون قد عاد من جولته القصيرة في الخارج.
وغالبا ما كانت تصرفاته هذه تثير في نفسها شتى التساؤلات ، التي كانت معظمها تصور لها بأن زوجها كان حقا غريب الأطوار ، كما كانت تصفه والدتها ، وتلوم نفسها على رفضها الإصغاء لنصيحة والدتها ، التي حذّرتها مرارا وتكرارا من مغبة الحب الخاطف ، الذي لا يلب ثان ترتفع حرارته حتى يهبط ليخبو الحب ويزول.
لا شك في أن والدتها كانت تملك رؤيا واضحة بالنسبة الى العلاقات بين الناس ، ومن خلال هذه الرؤيا كانت تتصور بان للحب قاعدة لا تتعزز ، ولا تتجلى وتصمد بوجه الهزات العاطفية والإنفعالي ، إلا من خلال تعزيز اواصر الصداقة والثقة والإحترام المتبادل ، بصورة تدريجية ، وما الحب الذي يربط بين قلبي إبنتها دافينا ولويد في نظرها ، إلا شذوذا صارخا عن هذه القاعدة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل ان التناقضات ترفض أن تتركها وشانها ، ام أنها هي التي ترفض الحياة في عالم خال وبعيد عن التناقضات ؟ من العبث محاولة الإجابة على هذا السؤال ما دامت هي تبدو وكأنها عارمة من التناقضات ، إلا أن هذا لا يعفي زوجها ، أو والدتها ، من مسؤولية ما يجري لها.
كان زوجها لا يزال في الخارج عندما إستيقظت دافينا من نومها فجأة ، وهي ترتعش من الذعر ، الذي إرتفعت حدته بعد ما إكتشفت ان زوجها لم يعد من جولته بعد ، وصارت تتجاذبها الافكار وشتى التخيلات ، ثم رفعت راسها عن الوسادة وجلست في السرير ، تحدث نفسها : لعله لا يحبني ... بلى ، يحبني ... لكنه لم يعترف لي مرة بحبه ... إن لم يحبني فلماذا تزوجني ... إذاكان الأمر كذلك ، لماذا يتصرف تصرفا يوحي لي بأنه لا يحبني ... من يدري ؟ ربما لا يحبني ... سوف احسم هذا الموضوع معه عندما يعود .. سوف افهمه بأن أرواء مشاعره العاطفية ، لا تكفي لأثبات محبته لي... سوف أضع النقاط على الحروف واقول له بكل صراحة ان المعاشرة الزوجية لا تصلح ان تكون قاعدة لأرساء علاقات شخصية وطيدة وحميمة تدوم مدى الحياة .... وعندئذ ، سيكون لكل حادث حديث... سوف اضع حدا للمآسي وخيبات الأمل ... كفاني ما ذرفته من دموع ، وما أجهشته من بكاء كلما كان يتركني وحدي ويذهب ليعود بعد منتصف الليل ... ويتحفني بنظراته الماكرة ، الخادعة.... وإنتقاداته اللاذعة ، وتعليقاته الساخرة ، ومجاملاته الثقيلة الظل ... كأنني العوبة بين يديه ، يلهو بها ساعة يشاء ، ويعبث بها ساعة يشاء ، بدون خجل ولا وجل ، وسوف اساله عن الجنة التي وعدني بها ،وعن وعوده الفارغة التي ظلت مجرد كلمات تتردد اصداؤها في الهواء ... واين أصبحت؟
كان بودها أن تطوي صفحة الماضي وتبدأ الحياة من جديد ، من نقطة الصفر ، في حال سارت الأمور على خير ما يرام ، وكانت مستعدة لنسيان كل ما له علاقة بالماضي ، وبدء صفحة جديدة ، ومسيرة جديدة ، على اسس واضحة من الحب والإحترام المتبادلين ، كانت مستعدة للتضحية بكل شيء في سبيل بناء حياة جديدة ، وطي صفحة الماضي البغيض ، لولا بعض الذكريات القاسية التي ما زالت آثارها المفجعة توجع قلبها ، والتي كانت لا تزال تخشى من زوجها ان يعود الى ممارستها ، ويؤدي ذلك بالتالي الى هدم أعمدة البيت من جديد ، وتكون النهاية.
هناك بعض الأمور والتصرفات التي يجوز التهاون بشأنها ، وعدم الإكتراث بها ، والتي لا تؤثر ، لا من قريب ولا من بعيد ، على مسار الحياة الزوجية ، مثل عدم التقيد بالمواعيد ، او التأخر في العودة الى المنزل ، أو الخلاف حول المكان الذي يجب الإلتقاء فيه لتناول الغداء أو العشاء ، ما دامت كلها أمور قابلة للحل مع مرور الزمن ، ودافينا كانت مستعدة لنسيان جميع لنسيان جميع هفواته وتصرفاته المتعلقة بأمور كهذه ،وعدم محاسبته عليها ، أو معاتبته بشأنها ، غير أنه لم يكن بوسعها نسيان تلك التصرفات التي تطال كرامتها ، وتترك ىثارها السيئة في نفسيتها.... تصرفات كانت توحي لها بأنها لم تكن في نظره سوى دمية بين يديه ، يلهو بها ساعة يشاء ... كانت ترى دربها طويلة ، وعرة المسالك ، مليئة بالشوك ، وسط هالة من الوعود البراقة ، والمجاملات الخادعة ، وترى نفسها ضحية الغرور والكبرياء والعجرفة والنانية المتبادلة بين والدتها وزوجها فضلا عن الثمن الباهظ الذي دفعته من راحتها ، والدموع الغزيرة التي سكبتها ، والقلق الذي يلازمها كظلها ، كان قدرها أن تعيش في راحة من البكاء والدموع.
وفي زحمة كل هذه التأملات ، والتناقضات ، والإنفعالات ، حاولت ان تنام ، علّ النوم يحررها ويريحها ، فلم تستطع ... وظلت تغفو حينا ، وتصحو حينا آخر ، وطيف زوجها يداعب خيالها لغاية أن سيطر عليها النعاس فأغمضت عينيها ونامت ملء جفونها.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
dragon's lair, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, سارة كريفن, sara craven, عبير, وجه في الذاكرة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:44 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية