كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
في هذه الأثناء ، كان المحامي يراقبها ويتأملها وهو غارق في التفكير ، عله يتوصل الى إيجاد طريقة ما يمكنه بواسطتها ان ينقذها من المأزق الذي تتخبط فيه ، ثم تطلع اليها وخاطبها على نحو من الجدية والرصانة قائلا :
" هل تذكرين بانك قلت لي ذات يوم ، أن زوجك سيوافق على الطلاق بمنتهى السرور وبدون أي تردد ! أجل ، هل لك أن تخبريني عن الدوافع التي جعلتك تعتقدين بأنه سيوافق ؟".
تنهدت دافينا وردت قائلة :
" كانت هناك دوافع كثيرة جعلتني أميل الى الإعتقاد بأنه سيوافق ".
"وعلى إفتراض أنه رفض ، هل فكرت بالخطوة التالية ؟".
" عندها ، سيكون لكل حادث حديث ".
" المسالة ليست بهذه البساطة لأنه سيكون عليك ، إذا رفض الطلاق ، الإنتظار لمدة ثلاث سنوات ، مفهوم ! ".
" وما العمل ؟".
قالت ذلك بحدة وسكتت وهي ترتعش وتنتفض من حدة غضبها وإنفعالها ، فيما ظل السيد بريستو صامتا ، كما لو انه يريد أن يعطي لنفسه مزيدا من الوقت ، ولدافينا الوقت الكافي لأستعادة هدوئها ، ثم إلتفت اليها وخاطبها بلطف قائلا :
" لكنه القانون ، يا آنسة غرير ، أرجوك أن تفهمي هذا الواقع ، وتقدّري ظروفك ، وتشفقي على نفسك ، هذا هو منطق القانون ، وليس باليد حيلة ".
"وما العمل ؟".
" ليس أمامك سوى شيء واحد .. إذا وافقت على تنفيذه ، إستطعت حل القضية ".
" لست أفهم ماذا تقصد ! ارجوك أن تكون أكثر صراحة ".
"حاضر ! سأكون صريحا جدا بشرط أن تكوني أنت أيضا صريحة معي ، انا أعتقد بأن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يؤدي الى حلحلة المشاكل هو الإتصال بزوجك شخصيا ، وإلا ...".
فقاطعته وقالت بحدة :
" أخطأت الهدف ، يا سيد بريستو ، إذا كنت تقصد بأن اقوم أنا بهذا الإتصال الشخصي ".
ورد عليها قائلا بلطف وبشاشة :
" ولم لا ! هذا شيء طبيعي ومالوف ، وغالبا ما يؤدي الى تسوية الأمور بين المتنازعين ، بمنتهى السهولة والبساطة ، مهما كانت الأمور معقّدة ، فكيف بالحري إذا كانت القضية بسيطة الحل كقضيتكما ، خاصة انها محصورة بين طرفين إثنين بدون أن تتخللها اية تعقيدات او مداخلات ، أو أي نزاع حول الأولاد والثروة والمال وغير ذلك من الشؤون والشجون ، لقد طلبت مني الصراحة وها أنا قد وضعت جميع الأوراق أمامك ، ويبقى عليك أن تحسني الإختيار ".
إحتدت دافينا وإغتاظت ، لكنها ظلت صامتة تفكر بأن محاميها يحاول ان يضعها أمام خيارين ، لا ثالث لهما ، فإما ان تتنازل عن كرامتها وكبريائها وترضى بالإتصال بزوجها شخصيا علها تستطيع إقناعه بالموافقة على الطلاق ، وأما الإنتظار لغاية إنقضاء المدة القانونية ، ثم رفعت رأسها وحدقت فيه والدموع تتدحرج على خديها ، وقالت :
" المشكلة يا سيد بريستو هي أنني أكرهه وأقسمت ألا أراه ، فكيف والحالة هذه تريدني أن اذهب لمقابلته شخصيا ! كلا ، لن أذهب لمقابلته ، لا أريد أن أراه أبدا ".
" هذا يعني تعقيد الأمور ودفع القضية الى حائط مسدود ، أرجوك أن تقبلي نصيحتي وتتصلي بزوجك شخصيا ،وتبحثي معه القضية من كافة جوانبها ، ومهما كانت النتيجة ، فإنها ستكون لصالحك ، إذ ان المحكمة سوف تعتبر ذلك دليلا على حسن نواياك ".
ولكن دافينا ظلت متمسكة برايها ، بدليل أنها إزدادت حدة وعصبية، وراحت تردد قولها :
" لا ، أبدا ، لا لن أتصل به شخصيا ...".
فقاطعها السيد بريستو قائلا :
" أرجوك أن تفهميني ! هناك إجراءات قانونية لا يمكننا تجاوزها أو تجاهلها ، وإعلمي بأنه لا يمكن حل مشكلتك بمجرد نزع خاتم الزواج من أصبعك ، أو العودة الى إستعمال إسم عائلتك ، فهذه تصرفات شخصية لا يقرها القانون ( صمت قليلا يفكر ، ثم تابع يقول ) فكري في الموضوع بجدية ، وإدرسي الفكرة من كافة جوانبها ، ثم أبلغيني قرارك النهائي خلال يومين ، لا تنسي ! أنا بإنتظارك كي اعرف كيف اتصرف ".
نهضت دافينا متثاقلة وهي تقول بصوت خافت كالهمس :
" حاضر ... حاضر ! سوف أدرس الموضوع بكل جدية وإهتمام ، من يدري ! ربما كنت على حق يا سيد بريستو ، وربما أدت الفكرة الى نتائج طيبة ".
قالت ذلك ومشت نحو الباب ، حيث رافقها السيد بريستو وودّعها قائلا :
" إطمئني بالا يا دافينا ، وثقي بأن المحاولة لا بد من أن تعطي ثمارها ، عاجلا ام آجلا ، ومهما تكن النتيجة فإنها تبقى افضل من الطلاق ... الطلاق ، كم هو بغيض وشنيغ ! المهم أن تحاولي الإستفادة من جميع الفرص المتاحة امامك ، فلا بد من أن تنجح واحدة منها لتبعد عنك الهموم ، وتبدد الغيوم السوداء التي تظلل اجواء حياتك ، إنني اتطلع بلهفة وشوق الى مجيء ذلك اليوم الذي سيكون اسعد ايام حياتك ، مع السلامة".
خرجت دافينا من المكتب تلفها الحيرة ، ولا تدري الى أين تذهب ، او ماذا تفعل ، فكرت بان تعود الى البيت لتخبر والدتها بما جرى بينها وبين السيد بريستو ، ولكنها غيرت رايها ، إذ تذكرت بان والدتها كانت تتوقع سماع خبر موافقة زوجها على تطليقها ، وهذا أمر لم يحصل ، ولم يزل بعيد المنال ، كما أن الفكرة التي عرضها عليها محاميها ، لا يمكن أن تحظى بموافقة والدتها ، بأية صورة من الصور.
|