كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
في هذه اللحظة أصبحت السيارة قريبة جدا من مغارة التنين ، فاوقفها هيو وترجل منها ثم راح ينادي على الفتى ، بدون جدوى ، عندها ، فكر بالتوجه الى المغارة مشيا على الأقدام ، وطلب من دافينا أن تنتظره في السيارة ، ومضى هيو في طريقه نحو الرابية ، بينما ترجلت دافينا وراحت تمشي على العشب ، وما هي إلا دقائق معدودة حتى شاهدته عائدا وهو يحمل الفتى تيم ، والقى به داخل السيارة .
اما دافينا فقد قتنها منظر تلك الكتلة العارمة من الصخر اللازوردي الجاثمة أمامها ، فترددت في العودة معهما بحجة انها تود ان تمرح قليلا في الهواء الطلق وبين أحضان الطبيعة.
وهكذا عاد هيو بسيارته ومعه تيم ، واخذت دافينا طريقها الى المعمل الذي يؤهله لويد للإنتاج ، وبعد مسيرة قصيرة وصلت وراحت تدق الباب ، عدة مرات ، بدون ان تلقى جوابا من أحد ، ففتحت الباب ، ودخلت لتجد ان كل شيء كان على حاله كما تركاه ليلة البارحة، فجمعت الصحون والأواني وغسلها ، ثم رتبت الكراسي والسرير ، ونفضت الغبار عنها ، وأزالت الرماد من الموقدة ، مع إجراء بعض الترتيبات الأخرى هنا وهناك.
وفيما كانت متوجهة الى المطبخ لتحضر لنفسها فنجانا من القهوة ، لمحت وجود طاولة صغيرة في زاوية الصالون المتواضع عليها آلة كاتبة ، وبجانبها بعض الأوراق ، تاملت هذه الأشياء لحظة وهي تصارع غريزة حب الإستطلاع ، لكن فضولها إنتصر ، إذ وجدت نفسها تتحرك لا شعوريا نحو الطاولة ، وتتصفح الأوراق الموضوعة عليها.
ودهشت عندما إكتشفت من طريقة الكتابة بأن مضونها لا يوحي بأنه يضع كتابا ، وإنما مذكرات ، أو شبه مذكرات ، ثم توغلت في قراءتها وهي تقلب الصفحات ، صفحة تلو أخرى ، لتكتشف بأن أسمها ورد في النص ، أكثر من مرة ، وزاد في دهشتها إكتشاف أن هذه الكتابة تعود الى سنتين مضتا ، أي قبل سفره الى أميركا ببضعة ايام.
بلغت سعادتها نشوتها الذروة حينما بدات تقرأ مقتطفات منها ، مثلا: هي حبي وشيطاني في آن واحد ، كثيرا ما كان الحب يدفعني للمجازفة بكل شيء في سبيل الكشف عن مدى حبي لها ، ومدى حاجتي اليها لأعود وأكف عن تلك المحاولة كي لا أحملها المسؤولية الجسيمة والتضحيات التي ينطوي عليها الحب نظرا لحداثة سنها ...
أعادت ترتيب أوراق المخطوطة ، الى وضعها الطبيعي ، وقد إغرورقت عيناها بالدموع ، وهي تتساءل : ما الذي كان يمنعه من البوح بسر حبه لي ، ترى ! واسفاه عل كل ذلك الوقت الذي هدرناه معا ونحن نضرم نار الخلافات بيننا بدلا من ان نستغله في سبيل إنماء حبنا وتعزيز ركائزه.
فكرت بكل ذلك وهي تعيد قراءة المقاطع التي يعبر من خلالها عن حبه العميق لها ، كانها كانت لا تستطيع تصديق ما تراه عيناها مكتوبا على الورق يدعم الوعد الذي قطعه على نفسه ليلة البارحة من انه بصدد وضع الترتيبات النهائية لبدء رحلة شهر العسل الثاني بعد بضعة أيام ، كانت متلهفة للتأكد مما يثبت لها حقيقة إسجام الأقوال مع الفعال حتى تأكدت فهدأت بالا وإستقرت حالا ، ثم اخذت طريقها الى غرفة النوم وهي توعد نفسها بقضاء أول ليلة هانئة ، حالمة ، عرفتها طيلة حياتها الزوجية.
وعندما إستيقظت شعرت بأن هناك من يشاركها وجودها في البيت ، فنهضت من السرير وسوت شعرها ، وغسلت وجهها ، وإرتدت ثوبها ثم خرجت لترى من في البيت ، وكم كانت دهشتها عارمة عندما لمحت لويد جالسا في المطبخ وهو يشرب الشاي ، فإقتربت منه بخطى وثيدة هادئة والقت يدها الناعمة على كتفه وهي تهمس في أذنه:
" لويد!".
أدار وجهه نحوها بسرعة وهو لا يصدق ،وتأملها قليلا وهو يبتسم لها كما لم يبتسم من قبل ، وقال بلهفة:
" دافينا! ماذا تفعلين هنا ؟كان عليك ان تكوني الآن في طريقك الى لندن".
"وما الذي يدفعك الى مثل هذا التفكير؟".
" قيل لي بانك رافقتها ؟ ما الذي غيّر رأيك؟ قلبك أم عاطفتك؟ أم أنها رافقتك الى هنا؟".
" كلا ، يا لويد ، لا هذا ولا ذاك ، إنها ليست هنا ، بل هي في طريقها الى لندن الآن".
" كان من الأفضل ان تسافري معها ، فليس لك هنا ما تحصلين عليه".
" بلى ، يوجد ، أنت هنا ، وهذا أقصى ما أشتهي الحصول عليه".
وكان لقاء إختلطت فيه الدموع ، دموع البكاء بدموع الفرح ، عادا وإلتقيا بعد فراق طويل كادت خلاله نار الفتنة ان تقودهما الى الطلاق والفراق ، وكانت مصارحة بين قلبين ، تواعدا على نسيان الماضي بكل مساوئه ونكباته ، وتصميم على تتويج الحب الدفين بحياة اقسما على أن تكون حافلة بشتى انواع السعادة والطمأنينة والثقة المتبادلة الى الأبد.
تمت
|