الفصل الثالث
البديل
البديل .......
بالها من كلمة ,, فهى تعنى الكثير ....
هل من أطلقو عليه هذا اللفظ كانو على دراية بما سيتحول اليه ؟....
هل علمو انه سيكون يوما ما بديلا لكل شئ ؟.....
بديلاً للحضارة .......
بديلاً للتقدم .......
بديلاً للتاريخ.......
بديلاً للأرض .............
ولكن السؤال الأهم هل يصلح البديل ان يكون بديلاً ؟؟!.........
أم أنه سيفشل فى ذلك ؟؟
هل يسطيع البشر التأقلم فى هذا البديل ؟؟.......
ام أنهم هم من سيفشلون ؟؟..........
والأهم من ذلك هل هذا هو أول بديل أم ..... ؟؟!
يالها من أسئلة دارت فى عقول ملايين من البشر وهم ينطلقون فى رحلتهم تاركين خلفهم تاريخهم وماضيهم ومستقبلهم ,, تاركين حضارتهم وتقدمهم ,, تاركين حياتهم ,, تاركين ارضهم ,, منطلقين الى المجهول ,الى كوكب جديد ,, الى حياة جديدة ,, لايعلمون شيئا عنها , لا يعلمون ما اذا كانوا سيصلو اليها ام لا ..........
خرجت اخر سفينة أرضية حامله معها اخر من تبقى من سكان الأرض الراغبين فى الرحيل , خرجت تاركه خلفها كل شئ لتنطلق مع باقى الأسطول الى البديل
**************
هدوء......
سكون......
ظلام غريب لا تؤثر فيه اى اضاءه........
صمت مطبق رهيب..........
ورعب هائل يصيب كل من ينظر الى ذلك الفراغ الغريب , فراغ هائل لاحدود له , فراغ ممتد منذ الأبد , لم يتغير , ثابت منذ بدءالخليقة, و فجأة وسط هذا الفراغ سطع ضوء شديد , ضوء يكفى لأنارة مدينة كاملة ولكنه لم يضيئ غير متراً فقط , كان ضوء غريب يتألف من عدة الوان لكنها كانت فى تناسق بديع اعطاها رونقا جميلا لا يتماشى مع الظلام الكثيف المحيط به.
بدءت الأضواء تخفت قليلا وظهر فى المنتصف مركز هذا الضوء الذىبدء فى الأزدياد كلما أختفى احد الألون التى تغلف هذا المركز تلك الألوان التى لم تكن أكثر من الوان الطيف السبعة , كانت تتحرك فى تناغم جميل يحيط بهذا المركز ,بدءت الألوان تقل بالتدريج ففى البداية اختفى اللون النيلى ثم تلاه اللون البنفسجى وهكذا حتى لم يبقى غير اللونين الأصفر والأحمر استمر اللونان يتحركان بنفس الناغم السابق ولون المركز يتغير مع اختفاء الألوان ثم اختفى اللون الأصفر ولم يبقى غير اللون الأحمر الذى استمر يدور حول ذلك المركز لمدة تزيد عن الدقيقة قليلا ثم أختفى ليتحول لون المركز الى الأبيض الشديد ثم فجأة اختفت الأضاءة لتظهر فجر فى نفس المكان الذى احتلته تلك الأضواء منذ ثوان معدودة.
*********************
اما فى داخل فجر فكان الوضع مختلفا جدا , خيم صمت رهيب داخل فجر , وهناك داخل كابينة القيادة كان الأربعة مازالو على الأرض مغشى عليهم ,
كانت سلمى أول من أفاق , فتحت عيناها بسرعة شديدة كمن أفاقت من كابوس مخيف ثم أغمضتهم مرة اخرى بسرعة , كأنها تحاول استيعاب ما تمر به الأن, فتحت عيناها ببطء هذة المرة لتجد نفسها مازالت داخل فجر ,ظهر الأرتياح على وجهها ثم بدءت تتحرك من مكانها, أستطاعت الوقوف بصعوبة بالغة ولكن بمجرد ان وقفت على قدميها حتى شعرت بدوار شديد فسقطت على اقرب مقعد , كانت سلمى فتاه شابة لم تتجاوز السابعة والعشرين من العمر بعد , ولكن بالرغم من صغر سنها كانت من انبغ عقول الأرض فى وقتها , كانت فتاه جميلة جدا بيضاء البشرة تمتلك أنف صغير وعينان بنيتان واسعتان, كان شعرها أسود يصل الى منتصف ظهرها , بدءت سلمى تنظر حولها وتحاول ان تتذكر ماذا حدث وما ان وقع نظرها على اصدقائها وهم على الأرض حتى تذكرت كل ماحدث مرة واحدة كأنها تشاهدة امامها.
تذكرت اضطرار فجر للسفر بسرعة الضوء , وشعرت بخوف مبهم يتسلل اليها عندما تذكرت تلك الأضطرابات التى شعروا بها قبل ان يغشى عليها.
انتبهت سلمى عندما سمعت صوت اهه يصدر من يوسف , كان يوسف شاب فى مقتبل العمر ذو جسم رياضى رشيق , يمتلك عينان سوداوان وشعر اسود ناعم وانف مستقيم , كانت مشاعر سلمى تحركت تجاه يوسف منذ اول لقاء بينهم , ولكنها احتفظت بمشاعرها داخلها ولم تبح بها الى أحد فالقانون كان واضحا فى هذة الحالات لا يسمح ان تكون هناك علاقة بين اى اثنين فى نفس الفريق.
تحرك يوسف فأسرعت اليه لتساعدة على الوقوف فنظر اليها نظرة اودع فيها كل مايشعر تجاها فأشاحت بنظرها الى الجانب الأخر, وأتجهت الى محمود وعزة تطمأن عليهما.
ولكن قبل ان تصل اليهما وجدت محمود بدء يفيق من تلك الغيبوبة الغريبة التى سقطوا فيها.
كان محمود هو الأخر شاب فى مقتبل عمرة لم يتجاوز الثامنة والعشرين من العمر, متوسط الطول ,طيب الملامح ,ضيق العينين يختلط لون عينية العسليتين بلون اخضر خفيف, تحرك محمود ونظر حوله ليجد سلمى مازالت تحاول افاقة عزة , تلك الفتاه خفيفة الظل التى طالما اضافت للفريق جو المرح والبهجة, كانت عزة فتاه جميلة ,متوسطة الطول , زرقاء العين , ذات انف صغير,وشعر بنى كثيف قصير الى حد ما.
حركت عزة جفنيها ببطء ثم فتحتهما بسرعة عندما رأت الثلاثة ينظرون اليها وعلى وجوههم نظرة مرعبة, تحركت بسرعة لتعتدل جالسة وقالت
"ماذا حدث, لما تلك النظرة التى كانت تعلو وجوهكم ؟"
نظر اليها محمود بحنان وقال
-"لقد أعتقدنا اننا فقدناكى , لم يكن هناك نبض"
ابتسمت عزة قليلا وقالت
-"اه ,انه ذلك الجهاز الذى ارتدية دائما بعد تلك العملية التى اجريتها العام الماضى, فعندما تحدث لى غيبوبة يخفض نبض القلب الى ادنى حد له "
ظهرت نظرة ارتياح على وجوه الجميع , ثم تحرك يوسف وقال
-"والأن لنعرف اين نحن " ثم تحرك الى شاشة العرض ضغط بعض الأزرار المعلقة فى الهواء فنقلت لهم تلك الشاشة احداثيات الموقع الموجودين فيه , وعندما نظرو الى تلك الأحداثيات ارتسمت على وجوههم علامات الدهشة الرعب الشديد.
*************
كان مشهد الأسطول الأرضى وهو منطلق الى كوكب البديل مشهدا اسطوريا , كانت السفن الفضائة التى تحمل سكان الأرض موجودة فى منتصف الأسطول بينما السفن المكلفة بحمايتهم موجودة على الأطراف لتكون مجموعات من الدوائر المغلقة التى تتحرك بنظام مدروس ،
كانت المسافة بين الأرض والبديل تحتاج الى اربعة عشر يوما من السفر المتواصل , أربعة عشر يوما من الخوف والأنتظار , الخوف من المجهول وانتظار الوصول الى البديل .
تحرك خالد , ذلك العالم الصغير الذى أكتشف تلك الكارثة التى تعصف بأرضنا و بمجموعتنا الشمسية ,داخل ممرات سفينة القيادة متجها الى كابينة القيادة قاصدا دكتور جلال ,كان الدكتور جلال رجل طويل القامة ,كثيف الشعر ,أشيب الفودين, عريض الفك ,أخضر العينين , طيب الملامح.
دخل خالد الى الدكتور جلال , فوجده منهمكا بمتابعة شيئا ما على الشاشة وعلى ما يبدو ان ذلك الشئ ليس جيدا على الأطلاق.
التفت الدكتور جلال الى خالد وقال له
-"هل تم ذكر تلك المنظقة فى خريطة البديل؟"
نظر خالد الى تلك المنطقة ليجدها عبارة عن حزام من الكويكبات والنيازك والتى تسد الطريق امام الأسطول الأرضى،ونظر مرة اخرى الى الخريطة الى تعرض امامهم فى الفراغ ليجد أن هناك كوكب كبير فى حجم المشترى لا وجود له وعلى مايبدو ان تلك المنطقة هى بقايا ذلك الكوكب.
نظر خالد الى الدكتور جلال وقال له
-"من الممكن ان تتحرك مجموعة من السفن المكلفة بحراسة الأسطول وتقوم بنسف تلك الكويكبات وتفتح طريق للأسطول لمواصلة الرحلة, نظر الدكتور جلال الى خالد وعلى وجهه نظرة غريبة وقال له
-"هل تعلم أن ذلك الكوكب الذى نشاهد يقاياه امامنا كان كوكب مأهول؟"
ظهرت علامات الدهشة على وجه خالد وقال
-"لا , لم اعرف ذلك الأ الأن"
أكتست ملامح الدكتور جلال بالحزن الشديد وقال
-"كم أكره الدمار , أين ذهب سكان ذلك الكوكب ,هل ماتوا مع كوكبهم ام استطاعو الهروب؟"
كان خالد يشارك الدكتور جلال اسئلتة ولكن لم يكن ذلك ما فكر فيه خالد , بل أكثر ما كان يقلق خالد هو مالذى ادى الى تدمير ذلك الكوكب بهذا الشكل؟, هل كارثة طبيعية ادت الى ذلك أم هم من دمروا كوكبهم بأيديهم ؟ أم هناك قوى خارجية هى من فعلت ذلك ؟.
قرر ان يشاك مخاوفة مع الدكتور جلال زلكن قبل أن يسأل وجد الدكتور جلال يقول
-"ولكن اكثر ما يقلقنى انه لم يتم تسجيل أن هناك كوكب تم تدميرة بهذا الشكل بسبب كارثة طبيعية, وايضا ذلك الكوكب لم يكن متقدما بالدرجة الكافية ليسبب كارثة صناعية لتدمر ذلك الكوكب بهذا الشكل"
ظهرت علامات الفزع على وجه خالد وقال
-"هل تقصد أن من فعل هذا هى قوى خارجية ؟"
كان يامل العكس ولكن الأجابة اتت صادمة له على الرغم من انه كان يعلم الأجابة, أكد له الدكتور جلال ان ذلك الدمار لا يصدر ال من قوى خارجية دمرت ذلك الكوكب.
ظهرت علامات الأشمئزاز على وجه خالد وقال
-"من هؤلاء عديمى القلب والضمير , من يستطيع تدمير كوكب كامل ومن علية وأنهاء حياة ملايين من الكائنات الحية".
قال الدكتور جلال
-"هناك الكثير يا بنى , القوة تجعل المرء يشعر انه فوق الجميع , وعلى ما يبدو ان ذلك المبدء يسرى على كل الكائنات وليس على البشر فقط".
أعتدل الدكتور جلال فى جلستة وقال
-"أبغ قائد السطول الحربى بأن يجعل بعض من سفنة تتحرك امام الأسطول لتفتح لنا مجالا "
كان يشعر بالقلق تجاه هذا القرار ولكنه كان الخيار الوحيد امامهم ولم يعلم كم كان محقا فى قلقة .....
وبشدة .....
***************
نظر الأربعة مرة اخرى الى تلك الأحداثيات , ثم قال يوسف
-"هل أصاب الخلل الأجهزة هنا ام ماذا ؟"
كانت كل القراءات تشير الى الصفر, كلها وبلا استثناء, أحداثيات مكانهم وقرائات الحراة والضغط وايضا قراءات الأكسجين المتبقى والطاقة , كلها تشير الى صفر وبالرغم من ذلك كان كل شئ يعمل كما هو .
نظر يوسف الى عزة وقال لها
-"هل يمكنك تفسير ما يحدث هنا ؟"
كانت عزة بحكم خبرتها وعملها كخبيرة فى الأكترونيات والأتصالات تعلم انه من المستحيل حدوث ذلك من المستحيل ان يكونو فى ذلك المكان , فكما تؤكد دراستها أنه توجد عدة نظريات وفرضيات عن وجود منطقة من العدم , مجرد فراغ تخلو من كل شئ ويتوقف عندها كل شئ حتى الزمن, لم تكن تلك المنطقة هى تلك المنطقة التى أكتشفها العلماء منذ تسعة قرون* ولكنها منطقة اخرى تقع بين الأبعاد والأزمان.
كان الجميع يستمع اليها بأهتمام شديد حتى انتهت من شرح الموقف لهم , كانت تشرح لهم وهى تعطيهم ظهرها وعندما انتهت التفتت اليهم وجدت على وجوههم مزيج من الدهشة والرعب فقالت لهم محاولة اخفاء قلقها
-"لما كل هذا الخوف , فننظر الى الجانب المشرق فى الموضوع فنحن اول من يزور هذة المنطقة "
نظرت اليها سلمى وقالت
-"ويبدو اننا لن نغادرها ايضا".
قال محمود
-"دعونا نستشير فجر فى هذا الأمر"
وبدء محمود فى تغذية فجر بالموقف بالكامل ووضع كافة المعلومات المتاحة عن الوضع الذى يمرون به ثم أنتظرو فجر حتى تقوم بتحليل البيانات وأيجاد حل لهذة المشكلة التى يمرون بها.
أستمرت فجرة مدة ليست بالقصيرة وهى تدرس كل المعلومات ثم اطلقت صفيرا يعلن عن ان مهمتها انتهت وظهرت أمامهم الحل الوحيد لهذة المشكلة.
وعندما نظروا جميعا الى تلك الكلمة الموجودة امامهم خرجت منهم شهقة قوية وعلت على وجوههم علامات رعب شديد .
هل سينجو الأسطول الأرضى من حزام الكويكبات ؟؟
من هى تلك القوة التى دمرت ذلك الكوكب ؟
ما هو الحل الذى وصلت اليه فجر ؟؟
ولما مل هذا الرعب من ذلك الحل؟؟
تابعوا معنا فجر فى رحلتها
وانتظرو الفصل القادم "عبر العصور "