أمّا مرت جدي .. اسمها حصة .. وحنا نناديها بـ أمي حصه .. احتراما لهاولحنانها لنا ..
غمضت عيوني .. شخباره ثـامر مــير ؟!... من زمان عنه ولد أمه .. منالأربعاء ماشفته .. الاربعاء .. اييييه .. اتذكر يوم طـحت في الدرج على رجلي .. آخرتها.. تتجبس رجلي ..!
أحس لو بيدري عن رجلي .. بيضحك .. اذكر سبق وشفنا واحد في المدرسةمنكسره يده .. تكلمنا عنه شوي .. وأنا غالبية حديثي كنت اتطنز .. عاد ثامر ضحك وهويقول أمنيتي أشوف فيك شيء مجبس ... أذكر أنه كمل عبارته بـ" وياحبذا يكونالمكسور خشمك ..! " ضحكت عليه وأنا افهمه بعياره أن الخشم ماينتجبس ..! بغينانتطارح أنا وياه على هالسالفة ..
أنا أقوول الخشم ماينتجبس .. وهو يقول :" أنا ماقلت بنتجبس أناأقول ينككككككككسررر ..!"
اذكر أن حنا استمرينا نتهاوش ونقهر بعض .. الى أن جانا الوكيل .. وسكتنا.. لأننا كنا مسوين ازعااج ..
منهو كان ..؟
أبـــوي ... اللي بفقده في البيت .. وفي المدرسة ...!
سبحان الله .. لما يموت الواحد تحاصرك ذكرياته الأليمة لنا .. السعيدةفي الأصل .. عشان ماتلاقي شيء يشفعلك أنك تنساهم .. أو تكرههم ... ناس أساسا مجردمعاناتك لـفراقهم تكمن في معاناتك لذكراهم الدائمة في قلبك ... لـو مالهم ذكرياتأساسا ماأثروا فينا .. آه الله يرحمك يابوي ... أمس ابكي عليك يايمة .. واليومعليك يابوووي .. والله يستر من بكرة ...
انتشلني من عالم افكاري .. احساااس فضيع ... لمّا لامست يد باردة برودةالثلج .. جبهتي .. انتفضت .. فتحت عيوني وأنا اسمي ..
انتبهت لـ عمي ناصر منحني لي شوي .. ويحاول يشوف حرارتي ..
ناصر : بسم الله عليك روعتك ..؟
جلست وأنا انزل رجلي السليمة فقط ..: عمي ناصر .. [ هتفت باستغراب ] شلوندخلت .. خالاتي برا !!.. في الصالة ..!!!!
صلب طوله .. وانتبهت لخشمه الاحمر لما حاول يمسك شيء معين ماينزل منه ..تقدم وسحب منديل وهو يقول : خالاتك وأخواتك وداهن عبدالرحمن أخوك لبيت أخوالك ...
آهاااا .. ضميت نفسي أكثر لأجل أدفى .. : جيت من ... من المستشفى ..؟؟
جا لمي ومسكني وهو يقومني : لا للحين تصدق ..!! قـم قـم بس .. أخويسليمان برى .. يبي يسلم عليك ..
قمت وانا مستغرب : يسلم عليّ !! المفرووض أنا اللي أسلم عليه ...
مشينا ..
عمي ناصر بصوته المتغير بسبب الزكمة -أو يمكن- صايح : تسلمون على بعض ..بس هووو وده يشوفك ..!
طلعنا متجهين للصالة .. قلت وأنا أجمع نفسي لـ نفسي ..: بـــــــرررررررردد...
طلع من الصالة أخوي عبدالرحمن .. تقريبا من ملامح وجهه نقول عنه ( صايح) ..
الكل صايح اليوم الا أنا .. حتى عمي ناصر اللي قلت لكم مزكم .. مزكم منالصياح ..
دخلنا الصالة .. وعيني في البداية كانت على طريقي أول مادخلت .. لأنيأخاف أطيح في الدرجـة الوحيدة اللي تحدد نهاية الصالة .. وتفصلها عن باقي أسيابالبيت .. رفعت طرف عيني وطاحت على سعود ولد عمي اللي وقف وهو يمسح دموعه .. وقبللا التفت .. أو حتى انتبه لأي شيء ثاني غير سعوود .. ما حسيت إلا وعمي سليمانيقابلني بـ حضن صادق .. حنون .. كتعويض مثلا .. أو ممكن يصحيني لي واقعي المؤلم ..واني فعلا فقدت شيء حـلو مثل هالحضن والحنان ..
تجمعت بعض الدموع في عيني .. ما صحت على أبوي .. ليه أصيح من حضن عمي ..؟؟
سمعته وأنا احس بيده اللي يحركها على ظهري يحاول يدفيني أو .. مدري ..
عمي سليمان بصوته اللي يتخلله اهتزازات مؤلمة .. : شخبارك ياعبدالعزيز ..؟؟
كان الصمت جوابي .. لأنه ابلغ من عباراتي كلها .. وحتى عبراتي .. ماكانتبتعطي اللي يعطيه الصمت ... تماسكت وقبضت دموعي وسط جفوني ..
بعّد وجهي عن صدره .. وبانت لي ملامحه مثل مابانت ملامحي لـه ..
مشاني للكنب بابتسامة جانبيه متأسفة من حالي ..
بدينا بالشفقه .. هذا أولها ..؟؟ لــيه يابووي رحت ..؟ غيابك يجرحني ..من خليتنااا لــه ..؟
بلعت ريقي بغصة ... وأنا اسمع دعاوي سعود وهو يسلم علي .. آآآه يابويآآه ..
عقبها مـد لي عمي ناصر قب .. أو اسمه طاقيه صوف .. لبسته ثم عقبها علىطول لـف الشال اللي معه حوالين رقبتي .. ابتسمت ابتسامة شكر ورد الابتسامة وهومقفي ..
تعرفون لما يصير شيء في شخص قد يسبب له موت .. بس من ربي .. تجي الرحمةوالنجااة مثلا ويعيش .. يعني مثلا لما واحد يغرق .. كان بيموت بس ربي نجّاه .. وانقذووه.. أهله .. يوكلوونه ويشربوونه .. ويدفوننه ويعطووونه ويلمسوووونه .. أوب مصدقينأنه رجع لهم .. وأشياء الدلوعين بعد ...
أنا تذكرت هالشيء .. لما شمعت سؤال عمي سليمان لي : مــفــطــر ..؟؟؟؟!!!
ـــــــــــــــــــ
اليوم: السبت ..
المكان: صالة بيت محمد بالرياض ..
الوقت: الساعة التاسعة صباحا ..
ـــــــــــــــــــ
(ناصـر)
دخلت الصالة بصينية الفطور اللي جبناها من خوالهم .. خوال عيال أخوي ..دخلت على سؤال أخوي لـ عبدالعزيز : مــفــطــر ..؟؟؟؟!!!
ماقدرنا نستشف الاجابه - المؤكد أنها رفض - من جمود عبدالعزيز ... حتىصياح مثل الناس مااصااح .. مشاعره اللي ماطلعها مخوفتنا عليه ..
عبدالرحمن اللي كان وراي .. فرش السماط على الأرض .. ووزعنا الصحونعليه .. عبدالعزيز بنظرته اللي كانت على الـلاشيء .. سأله أخوي : هــاه .. حـوّلافطر ..
قبل لا اتكلم واقترح أنه يفطر وهو جالس على الكنب أسهل لـه ..
رفع نفسه وهو يـمد رجله كمحاولة للجلوس على الأرض ..
مسكناه وساعدناه يجلس وهو ماد رجله .. ياحليله استحى يقول لـعمه "لأ " أو مثلا يقول بفطر على الكنب ..
سمينا باسم الله .. وبدينا ناكل .. كل واحد ياكل تشجيعا للثاني .. كناناكل في هدوووء وصمت مطبق .. وكـل يطالع الثاني هو أكل ولا .. أنا اطالع عبدالرحمن.. عبدالرحمن يطالع عبدالعزيز .. سعود يطالع أبوه .. وأبووه يطالع عبدالعزيز ..
كان الهدووء هادئ لـذيك اللحظة اللي كان عبدالعزيز بيكسر الصمت فيهاويتكلم .. بس شرق مـدري غـص .. استمر يكح .. أخوي عثمان كان يطقه .. وسعود مدلهالمويه .. عبدالرحمن .. قام وطلع ...
ناصر : باسم الله عليك .. باسم الله عليك .. تنفس من خشمك .. تنفس منخشمك ...
كان يكح وكل جسمه يهتز من قوووة الشرقة .. وكان وجهه محممرر ..
انتهت موجة الشرقة والكحة أخيرا .. روووعنااا ..
وقبل لا يتكلم عبدالعزيز أو يتكلم أحد ثاني .. قمت ألحق عبدالرحمن .. خمنتأنه في المطبخ .. وفعلا كان في المطبخ يشرب مااء .. ماهي بعيدة أن اللي ملأ كأسههي دموعه ..
سألته بهدووء : ليش طلعت ... ماكملت فطوورك ..!
أدري سؤال غبي .. بس أبيه يتكلم ..
عبدالرحمن : شبعت الحمدلله ..
كنت أحس انه ضاق صدره من شرقة أخوووه .. الدعوى شرقه يااخي ..
ما انكر اني ترووعت ومدري وش جاني .. بس بصراحة .. ما أقدر اتخيلمشاعره كـ أخ .. وطبيعته .. تحسسني .. أنه مسؤوول من اليوم .. أو يمكن من البارح ..
قلت وأنا اكذب : عبدالعزيز يسأل عنك ..
عبدالرحمن وعينه على كاسه اللي ماشرب منه الا رشفتين بس ..: خووفنيعليه بقووة .. [ سحب نفس ] .. ماتدري وش مدى ألم الأحساس اللي جاني .., مطمني فيالمسؤلية اللي بتحملها أن عندي أخو .. مجرررد أن عندي أخو حتى لو ماسوا شيء .. يبقىأخو .. لو جاه شيء .. أحس عادي لو أنهااار .. ويضيع كل شيء مني .. لكن لما تبين ليضعفه .. وحسيت أنه ممكن يروح مني .. ماحبيت أني اشهد هالشيء .. تدري حتى لـو أنأخوي بيصعب عليّ المسؤلية ..أبيه يكون معي .. أبيه يكون معي دام أبووي .. اللهيرحمه ..[ بلع ريقه ] ماايحس بالناار الا رجل واطيها ..
أخذت نفس .. وأنا من قلبي .. تألمت لـ حاله المزري .. عبدالرحمن منالنوع اللي اذا جاته لكمه قوية .. مايقوول الا [ آآه ] صغيره .. ويسكت .. مايعبرعن ألم اللكمه الا بحرفين .. وأن كان زادن .. فمعناته أن واحد من الحروووف متكرر ..
كل هذا في قلبك يا عبدالرحمن ...
سألني ..: وين بيكون العزاء ..؟؟
بلعت ريقي .. يااكثر ماتكاابروون يااعيال أخووي ..
جاوبته : فـ بيت أمي .. بنصلي عليه الظهر هنا ... إن شاء الله .. وبنمشي للقصيم .. ونصلي عليه العصر هناك .. والدفن بـعد هناك .. إن شاء الله ..
أكثر شخص .. أحس أنه مهم بالنسبة لـهالأسرة .. هو أبوهم ...
بـ قد الألم .. اتمنى ينكروون لي هالشيء .. اتمنى يعيشون حياتهم عادي ..مثل ماعاشوها عادي من دون أم ...
الله يعينهم ...!