كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
" السيدة كرافورد ؟ إسمي روزالي بارهام ، هل أدريان هنا؟".
فتحت الباب على مصراعيه وإتسعت الإبتسامة بترحيب لا غبار عليه:
" تفضلي يا عزيزتي ، كم رائع منك ان تأتي الينا ، يسرني جدا ان قابلتك اخيرا ، سانادي على ولدي ، إنه في الطابق الثاني".
لكن ولدها سارع نازلا على السلم ،وهو لا يكاد يصدق عينيه ، كانت هناك نظرة ثابتة حائرة في وجهه وهو ينزل الى القاعة ، وساعدت السيدة روزالي كرافورد روزالي على خلع كيسها الجوال عن ظهرها.
" ضعيه في الداخل ، يا عزيزتي ، وتعالي لا بد أنك تريدين قدحا من الشاي".
وهنا هز أدريان رأسه بقوة وكانه يطرد الذهول في نبرة صوته:
" مرحبا روزالي ، لماذا جئت؟".
ارادت ان تبكي بسبب إنعدام الترحاب في نبرة صوته:
" لقد جلبت مسودات المطبعة للكتاب الذي قال والدي أنه سيرسلها اليك".
" حسنا ساضع المغلاة على النار".
حاولت منع رغبتها في البكاء ، لم تكن تتوقع أن تستقبل بذراعين مفتوحتين لكنها لم تتوقع هذا الجفاف من أدريان ،ومع ذلك فقد قضت الليلة في ضيافة أم ادريان ، وفي الصباح قررت روزالي مواصلة جولتها في المنطقة لترى مناطق أخرى من وديان ومنحدرات يوركشاير.
قامت السيدة كرافورد من مقعدها الى رف الكتب أمامها واخرجت دليلا لوديان ومنخفضات يوركشاير ، ثم اقحمت ولدها في الحديث:
" اعرض هذا على روزالي ، صورة الهاي فورس حتى لا تعود الى بيتها قبل ان تراه ، خذ مكاني على المقعد حتى تكون الى جانبها ، تعال الى هنا يا ولدي ". وضع مجلته الفنية جانبا وجلس بجانب روزالي وفتح الدليل الملون وراحا ينظران الى الصور فيه ، كاد راساهما يلتقيان وهما ينظران في صفحات الدليل ، أشار الى الصورة التي غحتلت صفحة كاملة وقال لها : " الهاي فورس". وراح يقرأ عاليا كيف ينساب نهر التيمز من كروسفيل بإنحدار 70 قدما في شق عميق هائل في الأرض فيحدث خريرا هائلا.....
" يجب أن تأخذها الى هناك يا أدريان ". قالت أمه.
"توجد اماكن كثيرة ". قالت روزالي معلّقة : " سأترك المنطقة غدا فقد رايت قسما منها".
" إذن يجب أن تأتي السنة القادمة".
قالت السيدة كرافورد.
في الليلة الثانية ، احست روزالي وكأنها لم تنم شيئا من الليل حينما سمعت دقة خفيفة على الباب ، إنه الصباح التالي وقد نامت بهدوء وراحة طوال الليل.
" روزالي ، اتسمحين ان أدخل؟".
ثم فتح أدريان الباب دون أن ينتظر جوابا كان في رداء النوم وتقدم في الغرفة يحمل قدحين من الشاي ، جلست روزالي بسرعة ، وأخذت قدحا منه بينما راحت عيناه تطوفان حولها.
" حتى في بداية الصباح تبدين جمية ، لا أعرف كيف يحصل ذلك".
" يبدو أنك تريد إعتبار ذلك ذنبا ، أنت تقول ذلك وكأنه قد أغاظك".
" هل ابدو هكذا؟ إنني اعتذر".
مشى نحوالشباك وفتح الستائر وراح يشرب شايه ، وهو ينظر الى الحديقة.
" إنه يوم جميل ، إنك محظوظة مع الطقس ، ترين هاي فورس بكل قوتها المائية".
قالت بقليل من المزاح:
" الا تقلق أمك أنك هنا في الغرفة معي".
إلتفت اليها:
" أتعنين بالنسبة الى اللياقة والأصول وما الى ذلك ؟ أوه كلا ، إنها تريدني ان أتزوج ، الم تلاحظي ذلك؟".
ثم اطلق ضحكة صغيرة ساخرة:
" ربما ظنت ان ذلك تمهيد مني لطلب يدك".
وضع قدحه الفارغ جانبا:
" لا بد أن ياتي اليوم الذي سأتزوج فيه ، على الأقل لأرضي رغبتها في الحصول على أحفاد".
آلمتها سخريته بصورة حادة وأرادت ان تؤلمه أيضا ، لا يهم ما ستقول ، المهم انها تريد أن تجرح شعوره بقدر ما جرحها لتوه.
" نعم".
قالت وقد صفت قدحها أيضا وأخذت تنظر اليه تريد ان تقرأ ما في وجهه.
" يجب ان تتزوج ، يجب ان تجد لنفسك إمرأة معتادة على قول نعم ، لتغذي كبرياءك وتطابق خيلاءك ، إمرأة يمكنك إستعمالها كممسحة الأرجل عند الباب ، ولا تمانع فقدانك روح التفهم والأصول ، وبرودتك وعقلك العلمي الحسابي".
مشى نحوالسرير وعيناه تريدان تمزيقها:
" إستمري في تقدير احسن صفاتي ، في الواقع ذلك ما يعطي ذاتيتي زخما من القوة".
" لكن ذاتيتك هذه إنما تتغذى فوق التخمة بما لا طاقة لها به لدرجة الإنفجار ، ذلك بسبب تعاليك الفكري وإنجازاتك الأكاديمية ، انت بدون شك لست بحاجة لأن اقول لك عن جاذبيتك وذكائك وو......".
حاولت إخفاء راسها في غطاء فراش النوم لكنه رفع راسها عن الفراش وأمسك برسغيها وأجبر ذراعيها على التراجع الى الوسادة رغم مقاومتها ، كانت عيناه تتفحصان وجهها تفصيلا كالمفتون المستشاط غضبا ، بينما إستسلمت صاغرة أمام قوته.
" اتعرفين ما هو جزاء كلام كهذا؟".
انزل وجهه عليها حتى عانقته ثم إنزلقت ذراعاه حولها وصارت تشعر بأصابعه تقبض على جسمها بقوة ، كان عناقه طويلا وشديدا ، ثم رفع راسه ببطء وهويتنفس بصعوبة قائلا:
" ها هو عقلي الجيد أمنحك إياه".
صارت تخاف الان ، تخاف من المشاعر التي أيقظها فيها ، تخاف من بروده المعتاد في الحديث معها تخاف فوق كل ذلك لأنه لا يستطيع ان ينظر اليها هكذا ومع ذلك لا يحبها ، اغلقت عينيها لئلا ترى عينيه وفركت رسغيها اللذين أمسكها منهما، وبعد وهلة فتحت عينيها وكانتا رطبتين من الدموع وهي تقول:
" لماذا تكرهني انت يا ادريان؟".
إبتسم قليلا وهو ينظر حولها:
" إذن فإنني أكرهك ، هل أن مشاعري تريك هكذا ؟ ولكن في كل حال المشاعر متبادلة ، اليس كذلك؟".
اغلقت عينيها ثانية ، لونظر اليها الآن ، فإنها تعرف انه سيكتشف الجواب.
" أدريان". أمه نادته من الطابق الأسفل : " قبلة صباح الخير لروزالي إستغرقت وقتا طويلا منك على ما يبدو ، هلا خرجت وتركتها ترتدي ملابسها..... إنك لم تتزوجها بعد".
رفع حاجبيه وإبتسم:
" افهمت ما أقصده من قولي حول والدتي؟".
مشى نحو الباب.
" يجب ان تنهضي بسرعة ، ثم عليك أن تعلمي أن هذا السرير يعود لي ، من حقي أن أسترجعه منك عن طريق إحتلالي له دون إنذار مسبق وقبل أن يتسنى لك إخلاءه".
بعدئذ غادر الغرفة ، وبعد الفطور ذهبت روزالي الى الطابق الثاني لتجمع حاجياتها ، كان أدريان في غرفة النوم فإعتذرت لتطفلها بالدخول ، إلتقطت رداء نومها ودسته في الكيس الجوّال الذي تحمله على ظهرها في ترحالها ثم إنتزعت شراشف السرير وأعادت ترتيب الفراش لتوفر على أمه ، وبعد توديع السيدة كرافورد ركبا سيارة أدريان في طريقهما الى دارلينغتن حيث ستلتقي هناك بماريون ، كانا صامتين معظم الوقت الذي إستغرقته الرحلة ، كان أدريان يبدو مشغول الفكر بينما كانت هي تفكر في عباراته العتيدة.
" النساء ؟ لدي المناعة ضدهن".
" أين ستقابلين ماريون؟".
" خارج الفندق".
" وأين ستذهبين غدا؟".
" الى درهام ، لأرى المدينة ، سنقضي هناك ليلتين ، بعد ذلك سنذهب جنوبا الى يورك لقضاء الليلة وسنصل الى بيوتنا يوم الإثنين مساء".
" وماذا بعد ذلك؟".
" لا أعرف ، هناك بعض القضايا التي يجب تصفيتها".
" تقولين ، يجب ، هل هناك خطورة في هذه القضايا".
اخذ وجهها يتغيّر ويعبّر عن مرارة وحزن ، ثم قالت:
" ادريان ، أشعر بإلتزام ادبي لا بد أن أتحمله ، لا يمكنني التناول عن إلتزامي لطفلة واليس ، ليس عليّ أن أخبرك بهذا ولكن .... لقد إتصل واليس بمحاميه ليقتفي اثر زوجته لغرض إستعادتها".
" تلك حجة غرضها خداعك يا روزالي".
" لكنني متأكدة بانه جاد في ذلك من اجل إبنته على ما اعتقد".
" إذن فقد صوابه الى حد التحدث معك عن زوجته".
ظلت صامتة ، لا تستطيع الكلام عن زواج واليس غير السعيد لأن هذا سيعني نسف ما تبقى من ثقته.
" لا فائدة من هذا الحديث يا أدريان".
قالت وهي تحس بجفاف حنجرتها وتصلب شفتيها.
" إنني لا يمكن أن أخيّب أمل الطفلة ". ثم رفعت يدها وقالت: " مع السلامة ، وأشكرك لجعلك عطلتي في غاية السرور والسعادة".
تجاهل يدها : " لا تنسي حقائبك".
هذا كل ما قاله ، أخذت اشياءها ونزلت من السيارة وكانها تحس بالضياع.
"مع السلامة ، أدريان". اعادت عليه.
" مع السلامة ، روزالي".
|