كاتب الموضوع :
حمود قندلفت
المنتدى :
الارشيف
*****
قلت له بصوت هادئ: لن أعلمك بالسبب واستطردت :
- عندما نزلوا من السيارة .. أخذ الطفل يعدو باتجاه الباب .. دخل العمارة ..اتجه يمينا حيث المصعد .. وصل ..ضغط الزر وانتظر حتى فتح المصعد الباب و دخل وضغط الزر رقم واحد ثم اقفل المصعد بابه .. كانتا حينها قد دخلتا من باب العمارة ..رأتا المصعد مقفلا .. حين وصل المصعد .. توقف لثانيتين ..ثم عاد ينزل .. تبادلتا النظرات المشوبة بالقلق .. توقفتا أيضا .. فتح باب المصعد .. إنه راضي .. يتنفس بصعوبة بالغة .. نبضه يتسارع ..إنه يريد أن يتكلم :
- جا .. جا .. جا .. جدتي ..وبدأت نظراتهما تحتد كأنها تنتظر وقوع الصاعقة .. وأكمل
- باب الشقة مفتوح .. إنهما تريدان أن تتحدثان أيضا لكن لسانيهما عقدا من الدهشة .. وأخذ التعرق يطال الأم أما البنت أخذت تطقطق أصابعها .. تفكران .. من فتح باب الشقة؟ .. هل هو سارق ما يا ترى ؟ .. نعم .. أغلب الظن أنه سارق .. ودخلتا المصعد ولا يزال قلقهم في تزايد مضطرد.
إنهم يرون الباب المفتوح الآن .. أمام أعينهم .. وقالت أميرة في نفسها:
- هل أتقدم بشجاعة أم أجعل الشرطة تتصرف ؟ .. وتوقفت لحظة كأنها تفكر ثم قالت لا شعوريا بنبرة الواثق :
- المضطر يركب الصعب .. ومن المؤكد أنه قد أتم مهمته فلا أحد يسرق نهارا جهارا .. وتقدمت وخلفها ريم وراضي ودخلوا الشقة .. إنها تبدو كما تركوها مغرب الأمس .. والتفتوا إلى غرفة ليلى هناك .. مقفلة كالعادة.. وأشارت أميرة لابنتها أن تأتي بعلبة المناديل على الأرض .. وأخذت منديلين .. جعلتهما فوق بعضهما ودفعت بهما باب الشقة من الجزء السفلي وأغلقته .. وتقدموا نحو الغرفة بخطوات متثاقلة.. تريد التقدم وأيضا لا تريد .. بالإضافة إلى القلق كان الخوف من المجهول يكوي خواطرهم .
وصلوا .. رائحة عطر ليلى الباريسي تلف محيط غرفتها .. وهمست ريم في أذن أمها :
- هل نطرق الباب أم ننظر من تحته ؟.. فأشارت أميرة بعينها إلى أسفل .. ركعت ريم إلى وصل فمها إلى أذن راضي وهمست :
- أنظر من تحت الباب وأخبرني عما تراه ؟.. واستلقى راضي على بطنه وأخذ يتطلع .. يسارا .. يمينا .. ثم نهض وقال لخالته وهي تصغي باهتمام :
- رأيت فقط شيئا أسودا .. فقالت لأمها هامسة أيضا :
- رأى حذائها فقط
- اتصلي بها كي نتأكد ..وأخرجت جوالها من داخل العباءة .. واتصلت وإذ بصوت من داخل الغرفة يغني..إنه محمد عبده
" وصبري صبر بحاره .. بغوا في اليم محاره .. غشاهم موج .. كان من الغضب أغضب وكانوا للهلاك أقرب .. لولا كثروا التسبيح "
فارتاحت نفوسهم وهدأ روعهم ونمت عن كل واحد منهم ابتسامة ..
وطرق راضي الباب فرحا مبتهجا وينادي :
- ليلى .. ليلى .. انهضي أيتها الكسولة .. انهضي واصنعي لي ساندويتش الجبنة .. فأنا اتضور جوعا .. مباشرة أتى صوت من داخل الغرفة .. ليس محمد عبده .. وإنما صوت نسائي .. إنه يستغيث .. إنه أشبه ما يكون بصوت ليلى وقد وضع على فمها شريط لاصق .. كيف يتصرفون ؟ .. قالت أميرة بنبرة غاية في الهلع :
- انتظري .. انتظري .. سأفتح الباب الآن .. والتفتت إلى راضي :
- اذهب بسرعة واحضر المفاتيح من المجلس .. وانطلق يجري بسرعة هائلة باتجاه الجهة الأخرى من الشقة .. وقبل أن يصل إلى المجلس .. سقط على فمه .. ليخرج الدم بعدها كثيفا متدفقا .. ويدخل في نوبة بكاء شديدة .. هرعتا إليه وانتشلتاه .. إلى الحمام .. وغسلتا فمه .. ثم نظرت أميرة إلى فمه فإذا بأسنانه الأمامية قد كسرت .. يا إلهي .. ثم هرعت الفتاة إلى المجلس .. أتت بالمفاتيح .. وأخذت تعدو باتجاه ليلى .. وصلت .. فتحت الباب ودخلت .. كان أول شئ تراه عيناها ..عقال اسود .. على الأرض .. فجأة .. يد قوية أمسكت برقبتها ودفعتها إلى الجدار .. بعنف المجرمين .. أطلقت صرخة مدوية .. جعلت أمها وراضي يركضان .. والتفتت إلى وجه من يخنقها .. تصلبت .. لم تستطع الحراك .. لم تستطع التكلم ولم تستطع التنفس .. هل هي ليلى يا ترى ؟
لا بل كان رجلا .. في يده اليمنى موس بطول الإصبع .. وضعه على رقبة ريم .. ودخلت الأم ورأته وأطلقت صرخة أخرى أكثر هلعا .. وانطلقت خائفة .. هاربة .. فلحقها وداس على عباءتها ..تعثرت .. فلطمها على وجهها وأمسك بيدها وأخذ يسحبها بيدها .. وأخذ الموس الذي سقط منه عندما انطلق أمام الغرفة ودخل الغرفة ووجد ريم تبكي بصوت منخفض وترتجف ورمى الأم بجانب ابنتها وقال :
........
يتبع الفصل الثاني ....
|