كاتب الموضوع :
حمود قندلفت
المنتدى :
الارشيف
الجزء الاول من الفصل الأول
أحنيت رأسي إلى النار ونفخت ما بصدري من هواء وقلت :
حين تهتكت ستر الليل وبدأ الصبح يودع خجله .. إيذانا منه بصباح جميل يلف السليمانية وجدة بأكملها .. توقفت سيارة سوداء .. جديدة .. من ماركة لكزس .. عند باب أحد العمائر .. لتنزل منها امرأتان وطفل .. التي نزلت من المقعد الأمامي كانت تلبس عباءة .. من تلك النوعية التي توضع على الكتف .. لكنها لم تكن مخصرة .. مع خمار، يلف رأسها ونصف وجهها الأبيض .. أما الأخرى .. في الثالثة والعشرين .. تلبس عباءة .. على الكتف أيضا .. من تلك النوعية التي تسمى بالفراشة .. مطرزة مع الأكمام .. من الخلف.. يغطي العباءة صورة لفراشة مع خمار يغطي رأسها فقط .. كان وجهها متوسط الجمال .. لونه قمحي لا يتخلله أي غمازة ولا بروز لوجنتيها .. أما العينين فعسليتان وهما اللتان أضفتا على عليها بعض السحر .. أما الفم فخاتم سليمان والشفاه وردية نوعا ما .. فقال :
- من هؤلاء ؟.. فقلت وكاني تذكرت شيئا :
-اوه .. التي نزلت أولا.. أميرة .. في الخمسين .. مطلقة .. لم يناديها أحد بكلمة أمي سوى ثلاث .. الكبرى عبير وبلغت الخامسة والعشرين منذ خمس .. والوسطى ريم .. تلك الفتاة التي نزلت مع أمها وهي معلمة إنجليزي للصفوف الثانوية في إحدى المدارس الخاصة ..بحي الصفا .. وهذا العام هو العام الأول لها .. والصغرى ليلى .. إنها طالبة .. في كلية .. التربية .. قسم اللغة العربية ..جامعة الملك ،فقاطع :
- من الطفل ؟ .. لم ألقي له بالا.. واستطردت :
في جامعة الملك عبدالعزيز ..
كانوا يعيشون في شقة مكونة من خمس غرف .. ثلاث في جهة للنوم ، واحدة لريم وواحدة لـ ليلى .. والأخرى للطفل .. فقاطع وكأنه ربح جائزة :
- وأخيرا .. .. والتفت نحوه وأكمل :
- عرفت الطفل!! إنه عبير .. ورمقته بتلك النظرة تشعر بالازدراء والتهكم ثم تبدت مني ابتسامة ..لقد أرغمني استنتاجه .. أقسم لكم .. وقلت :
- عبير توفيت منذ خمس سنوات .. ثم أرجعت رأسي إلى النار .. وأكملت :
-للطفل وأميرة .. وفي الجهة الأخرى اثنتان للضيوف يصل بينهن ممر بطول اربعة متر وفي المنتصف الصالة وأمامها الباب فقاطعني مجددا :
- ما سر ذاك الطفل ؟ .. عضضت لساني وشددت على قبضة يدي متجلدا
- تلك السيارة السوداء سيارة راضي .. أخ أميرة الوحيد من الأب فقال :
-رجاءا .. لا تصفه لي فانا أكره هذا الأسم ككرهي لخدك المقعر؟ .. ابتسمت ابتسامة خفيفة
- لقد أرجعهم بعد أن أمضوا في بيت والد أميرة ليلة خميس ممتعة جدا .. وسألني باهتمام :
-لحظة .. لما لم تذهب ليلى معهم ؟
لم أكن أتوقع منك هذا السؤال .. لديها بعد غدا السبت اختبار مهم ..وتوقفت برهة والتفت نحوه ثم قلت
أتعلم أمرا ؟
- ماهو؟ .. وأشرت له بيدي أن أقترب .. وهمست في أذنه :
- إنها تكذب .. فتسائل :
لماذا؟
- أتريد أن تعرف من الطفل ؟ رمقني بنظرة المحتار بين اختيارين وابتسمت .. في الحقيقة علمت بأنه سيفعل شيئا من هذا القبيل .. ثم اني حولت ملامحي من الابتسام إلى الحزم بفضل موهبتي الفذة في الكذب وقلت :
- ايش قلت ؟ .. فقال بيأس:
-الطفل..
- ابن عبير وهو سبب وفاتها واسمه ..راضي .. ، وماج الغضب على وجهه وجعلت أوداجه تنفتخ وأخذ حفنة من تراب وقال :
- لم لا تملئ فمك بهذا كي لا تنطق بهذا الاسم .. فقلت بكذب واضح
-حسناً .. إنني تعسان وتثاءبت وقمت ثم نظرت في وجهه .. كان يتطلع إلي وكأنه يريد صفعي و ربما قتلي
وقال وكأنه يأمر اقل الخدم شأنا :
- اجلس
- ماني جالس .. وش بتسوي ؟
- والله لـ العن جدك ..
وقام .. وتشابكنا بالأيدي حتى جعلته يتألم وأثناء ذلك شاتني شلوتي فنطحته برأسي ثم أمسكت برقبته وطرحته أرضا وكبلت بديه بيدي لمدة دقيقة .. والله الذي لا إله هو لمدة دقيقة كاملة وهو يرافس برجليه .. حتى هدأ روعه فقلت له وأنا ابتسم :
- هاه نويفع .. تضرب ولد عمك ثاني مرة .. وابتسم هو الآخر وقال :
- آخر مرة .. آخر مرة .. في الحقيقة إنه بقوله هذا يهزأ بي لأنه منذ عشر سنوات تقريبا حين ضربت اخوه الاضغر حمد وجاء وضربني وطرحني وحدث مثلما حدث اليوم .. وقمت عنه وجلست في مكاني وجلس هو ايضا في مكانه وسألته :
- ماذا حدث للماء في الكفتيرة ..
- أووه .. وقام وأحظر علبة شاي ربيع من شنطة الرحلات والسكر .. ووضع القليل منها في الكفتيرة وجلس .. ونفخ ما بصدره من هواء وقال :
- ليش ليلى ما راحت ؟ .. تلقفني اليأس ووجهت وجهي نحو النار وقلت :
- ما فيه أمل ؟
-لا تحاول
- ابدا؟
- ابدا .. ورجعت إلى الحزم وقلت :
- نويفع .. قسما بالله تقاطعني والا تتفلسف زي وقلدت صوته وأكملت :
- وأخيرا .. عرفت الطفل .. وتبدت منه ابتسامة إني لروح أرقد ..ووضع سبابته على خشمه وقال:
- على خشمي ..
......
واعذرونا على الأخطاء اللغوية والإكمال غدا
***
|