كاتب الموضوع :
جمره لم تحترق
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
حين رن جرس الباب ذلك المساء , كان ألم رأسها قد تعاظم تعاظماً
كادت معه لا تعرف ماذا تفعل .. والأسوأ , أنها لم تقل كلمة لأدجـر و كاتيا
عن موضوع زواجها بـ ريكس , كل ما قالته هو أنها أقنعت صاحب المتجر بألا
يرفع الدعوة إذا قبل بالتسوية, وحين أراد أدجر معرفة التفاصيل , انفجرت
أعصابها في عرض غاضب لطبيعتها النارية جعله يتراجع بسرعة من طاولة
العشاء وتبعه خروج كاتيا العاصف بعد أن أخطأت في اتهام كاندرة بالأنانية,
لولا ألم رأسها الشديد لرحبت بالمشهد المثير للشفقة الذي استقبل
ريكس حين أدخلته إلى غرفة الجلوس , وحده براوني كان سعيداً بوجوده ..
أما كاتيا التي كانت تلعب دور الأخت التي عانت كثيراً , فكادت لا ترفع
رأسها , وأما أدجر فاضطرب لظهور ريكس المفاجئ .. عرفت كاندرة أن
مظهرها رهيب بسبب البذلة القبيحة التي لا زالت ترتديها , و بسبب شعرها
الذي عاد إلى رباطه المعتاد و بسبب وجهها الشاحب الخالي من الزينة .
انحنى ريكس إلى الكلب يهدئ ثورته وقال لها :
- تبدين مريضة .
ردت بعدوانية ورقة :
- شكراً لك . هذا على شرفك بالطبع .
ضحك بحدة : نسيت أن تستقبليني بعناق .. حمراء .
استقام من مداعبة الكلب ليشدها بين ذراعيه ويعانقها بشدة تسببت
بارتجافها, وكان لمعان النصر في عينيه وهو يتركها دليلاً على أن عناقه لها كان
رداً على إهانتها له . وقبل أن تحتج ابتعد عنها واتجه نحو كاتيا .
- أرى أن الحمراء لم تكذب حين قالت إن أختها الصغيرة جميلة خلابة ..
أمسك يد كاتيا بين يديه الكبيرتين .
- أنا ريكس واردن .. صهرك العتيد .
إذا كان بالإمكان أن تقفز العيون من محاجرها فعينا أدجر و كاتيا كانت
تظهران بالضبط شكل هذا القفز .. وأحست كاندرة برغبة في أن ترمي
نفسها على الأرض وتغرق في ضحك هستيري , لكن عيني ريكس سمرتاها
في مكانها قبل أن يلتفت مجدداً إلى كاتيا :
- أعتقد أن الحمراء لم تخبركما حتى الآن .
نظرت كاتيا إليه ثم إلى كاندرة بارتباك وحيرة .. ثم قالت بصوت
منخفض ناعم :
- تكره كاندرة أن تسمى حمراء .
التوت شفتا ريكس بابتسامة قصيرة : أعرف
سألت كاتيا :
- هل ستتزوج كاندرة حقــاً ؟
- ولِمَ لا ؟ ألديك فكرة أفضل ؟
أخيراً وجدت كاندرة صوتها : لا .
أرجوك ربي .. لا تدع ريكس يرغب في كاتيا .
نظر إليها ببرود وحاجبه مرتفع : لا ؟
- أعني لا , لم أخبرها بأمر الخطوبة حتى الآن . فكرت أن .. أن
أنتظـــرك .
رد قبل أن يبتسم لـ كاتيا مردفاً :
- كاذبة .. أعتقد أن أختك أملت بأن تتراجع عن اتفاقنا .
سارعت كاتيا للدفاع عن أختــها :
- لا .. لن تفعل كاندرة هذا.. بإمكانك دائماً الاعتماد على وعدها .
قال أدجر وهو يطقطق أصابعه :
- لم أكن أعلم أنكما على معرفة سابقة .
منتديات ليلاس
قال ريكس وصوته يفرقع كالسوط :
- ثمة أشياء كثيرة لا تعرفها .
قالت كاندرة باستعجال :
- لقد التقينا السنة الماضية .
قال ريكس متشدقاً :
- هذا صحيح .. ورفضت طلبي يومها .. لكنني عرضت عليها اليوم
عرضاً لم تستطع رفضه .
توقف قلبها للحظة.. لا سبيل للغلط في معنى التهديد وراء ملاحظته .
قالت كاتيا :
- أظن أن هذا رائع .. وإن كان من الصعب علي تصديق بأن لـ كاندرة
حياة تغمرها الأسرار .. تصور .. كاندرة ستتزوج !
كان صوتها مشبعاً بالتعجب ويُفهم منه أن لا شيء سوى معجزة قد
تتسبب بظروف غير معقولة كهذه .
سألها أدجر :
- ما هو الرائع في هذا ؟ لا يبدو على كاندرة مثل هذا الاعتقاد .
نظرت كاندرة إلى أخيها بإحباط ..
- أنا .. لدي صداع .. هذا كل شيء .
قطب ريكس :
- أرجو ألا يكون هذا تلميحاً لي لأخرج .
قالت كاندرة بسرعة :
- لا .. أعرف أنك جئت لتضع الترتيبات .
قالت كاتيا :
- دعيني أحضر لك قرصين إسبرين .
عادت بعد قليل مع القرصين وكوب ماء, ثم ابتسمت بفتنة لـ ريكس :
- لطالما أردت أن أحضر عرساً كبيراً .. ألا تظن أنني سأبدو رائعة في
قبعة زهرية كبيرة ؟
وضعت يدها على مؤخرة رأسها ووقفت لينظر إليها ريكس الذي كان
يجلس على الصوفا إلى جانب كاندرة ويده تداعب دونما اكتراث مؤخرة
عنقها .. وتمتم في أذن كاندرة :
- أنت على حق .. لها عنق جميل كالإوزة .
غاص قلب كاندرة وهي تشعر بالخطر يتهدد أختها , كاتيا جميلة بشعرها
الأشقر الذي يستدير حول وجهها البيضاوي على شكل قلب , في فستان
مائي اللون ساحر يماثل لون عينيها , وكانت تستقطب نظرة ريكس
كمغناطيس .
قالت بخشونة أكثر مما تنوي :
- تعرفين أنني لا أستطيع تحمل مصاريف عرس كبير .
نظرت كاتيا بخجل إلى ريكس وقالت :
- أعرف أننا لا نستطيع , ظننت .. ربما السيد واردن ..
قاطعتها كاندرة بسرعة : ظنك خاطئ .
تغاضى ريكس عن احتجاج كاندرة :
- لا أرى سبباً يمنعني من الإنفاق على العرس . لكن بشرطين كاتيا .
سألت بلهفة : ما هما ؟
- أولاً يجب أن تتوقفي عن مناداتي بالسيد واردن , فاسمي ريكس ..
ثانياً .. يجب أن تعديني بارتداء فستان بلون الفستان الذي ترتدينه الآن .
احمرت بشكل جميل ..
- ريكس .
والتفتت إلى كاندرة :
- ألن يكون هذا رائعاً أستطيع الآن تخيل الفستان المناسب لك ..
أبيض خالص وصفوف وصفوف وصفوف من الكشاكش وتحملين باقة ورد
زهري.. منظر رومانســي جداً .
تزايد النبض المؤلم داخل صدغي كاندرة .
- لن يكون هناك عرس كبير.. سنتزوج في مكتب تسجيل العقود, أو
ما يشابهه .
قال ريكس :
- لكنني أصر على إقامة عرس كبير , حمراء , المرأة لا تتزوج سوى مرة
واحدة .
ها قد عاد مجدداُ التهديد المخبأ خلف كلمات رومانسية ولن تستطيع
الجدال معه أمام العائلة دون كشف الحقيقة .
- حسن جداً.. سيكون لنا زفاف خيالي , لكنني سأدفع التكاليف ..
وسأصنع الفساتين بنفســي .
قال أدجر متحدياً :
- أنا رجل العائلة .. وسأدفع التكاليف .
استدار ريكس ليصبح ظهره إلى أدجر :
- كاندرة .. لا تكوني عنيدة .. دعيني أرسل لك الفساتين و أدفع كلفة
العرس .
نقلت كاندرة نظرها بين وجه ريكس الساخر ووجه أدجر الأحمر الفاقع
لصد ريكس له , ألا يرى أن عرض أخيها ليس سوى محاولة للتعويض عن
تصرفاته أمام كاندرة ؟
قالت متصلبة :
- أنا واثقة أن أدجر وأنا نستطيع تحمل مصاريف العرس .
نظرت إلى وجه شقيقها المنخفض , وأضافت :
- لكن إذا أردت إرسال فستان لـ كاتيا , فأعتقد أن هذه مسألة بينكما .
برهنت كاتيا بسرعة عن قوة ولائها :
- لا .. إنه عرسك كاندرة .. وإذا أردت أن تخيطي لي الفستان , فلا
بأس بهذا, ثم .. أنا أريد أن أرتدي ثوباً زهري اللون .
ضحك ريكس :
- حسن جداً .. كاندرة تكسب .
أشار برأسه إلى الباب :
- أنتما الاثنان .. أخرجا .. العريس المقبل يريد التحدث إلى زوجة
المستقبل .
هرب أدجر فوراً .. لكن كاتيا ترددت لحظة قبل أن ترمي ذراعيها حول
ريكس وتطبع قبلة كبيرة على خده .
- أهلاً بك في العائلة ريكس .
وركضت خارجة من الغرفــة .
قال ريكس بعد لحظات صمت :
- من الصعب التصديق أنها أختك .
- لأننا مختلفتان ؟
- لم أكن أفكر بالمظهر , بل التصرفات. إنها أقل شكوكاً منك , وبريئة
جداً .. توقعت أن تكون أكبر سناً .
- إنها في الثامنة عشرة فقط .
- أتعنين أنها لم تتعلم كيف تكون لصة بعد ؟
صاحت :
- لم آخذ سوى مئة دولار .. أكنت تريد أن ينفذ الوقود مني وسط
نيو مكسيكو؟
- لا , حمراء .. بل كنت أفضل لو طلبت المال منــي .
- لماذا تفعل كل هذا ؟ لا يمكن أن تكون راغباً حقاً في الزواج مني بعد
بقائك أعزب طوال هذه السنوات , لماذا تريد أن تربط نفسك بامرأة ..
أنهى لها كلامها بسرعة :
- بامرأة أكرهها ؟ .. ربما السبب أنني تعبت العزوبية .
- حتى لو افترضنا أن هذا صحيح , فلا بد أن هناك الكثير من النساء في
كولورادو تواقات لهذا .. الشرف .
ولم تترك نبرة صوتها أي مجال للشك بما تظنه بمثل هذا الشرف .
رد ريكس بلهجة ناعمة :
- ممكن .. لكن هناك عدة ميزات في اختياري لك .. أترين, أعرف أن
وراء الواجهة الباردة إصبع ديناميت ينتظر أن ينفجر .. وأنا أتطلع شوقاً
لإشعال الفتيل .
ردت بحدة :
- في هذه الحالة عليك الحذر لئلا تحرق نفسك .
ضحك ريكس .. وأصبح صوته قاسياً يخلو من المرح :
- لا أظن هذا حمراء .. أنت التي في خطر . عرفت هذا يومها وتعرفينه
الآن .. في السابق هربت, لكن لا مجال للهرب هذه المرة .. سارقة جبانة .
أم أن كل هذا التردد العذري مجرد تمثيلية ؟
تجاهل شهقتها و أكمل :
- كانت خيبة أمل كبيرة لك عندما لم تجدي الكثير من المال في محفظتي .
منعها كبرياؤها من إشاحة نظرها بعيداً عنه .
- إذا كنت تعتقد أنني مجرمة , فلماذا تخطط للزواج منـي ؟
- لقد ارتكبت غلطة حمراء .. غلطة كبيرة .. لقد جعلتني أريدك ,
وبشكل سيء .. كل ما علي أن أفعله هو إغماض عيني لأتذكرك , وبالرغم
من أنك حمراء شعر نارية لصة .. إلا أنني لا أريد أن أُحرم من أن تكوني في
فراشــي .
لم تستطع كبح ارتجاف بسيط لكلماته .. صاحت :
- وحين تمل مني .. ماذا بعد ؟
ضحك :
- لا أتوقع أن أملَّ منك , فأنا أنوي أن أجعلك تعملين جاهدة كي أبقى
زوجاً سعيداً مكتفياً .. مع كل الوثائق التي تثبت أعمال أخيك
اللصوصية .. ثم إنك أنت من قلت إن الزواج هو إبدال سجن بآخر ..
كزوجة لي , ستعرفين تماماً مدى صدق تكهناتك !
(( نهاية الفصل الرابع ))..
|