كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
إرتعشت آنا عندما إقترب منها ، إن نظراته تخترقها ، حاول ان يداعبها فإبتعدت عنه بسرعة لكنه غطس تحت الماء ومرّر يده بنعومة على يدها ثم دغدغها قبل ان يخرج رأسه ، قالت وهي تضحك :
" يبدو أن مزاجك مرح اليوم".
"وهل كنت في وقت من الأوقات عكس ذلك؟".
" الحقيقة انك مختلف عندما تكون بعيدا عن جو العمل ".
أوه .......آنا".
هذه السخرية جعلته يقطب حاجبيه ويغطس ثانية في المياه وبسرعة إقترب منها ، وعندما حاولت ان تصعد درجات السلم كان قد امسكها وشدها الى الماء ن لفت يديها حول صدرها وقالت بعصبية:
" دعني أرجوك ، ما هذا السخف؟".
إبتسم ريان بسرور خفي ومدّ يديه وقال:
" لم اقصد ذلك".
غطست آنا تحت الماء مبتعدة ، وقد إحمر وجهها خجلا ، وعندما اخرجت راسها رأته يصعد درجات السلم يم بدأ يجفف جسمه وقد برزت عضلاته ، سالها بصوت مخملي:
" هل ستبقين طوال يومك في الماء؟".
" أنتظرك حتى تخرج من هذا المكان".
جفف شعره ثم رسم إبتسامة ساحرة ووضع المنشفة على كتفيه ثم إلتقط منشفة آنا وإقترب من حافة المسبح ومد لها يده ليساعدها على الخروج:
" هيا.....ستصابين بالبرد".
شدّها بقوة الى خارج الماء ورمى على كتفها المنشفة ، فلفت بها نفسها بسرعة وإبتعدت عنه قائلة:
" شكرا".
لبست روب الحمام وإتجهت نحو الباب فقال:
" إنتظري".
توقفت وهي تحاول ألا تلتقي عيناها بنظراته ، رغم إحساسها بأنها كانت أسيرته وواقعة في دائرة سحره ، قالت بنعومة:
" يجب ان أذهب".
مرّر اصابعه على شعرها الرطب ثم قال:
" لدي فكرة ، ما رأيك ان نقضي هذا الصباح معا ؟ من حقنا ان نطلب إستراحة بعد هذا العمل المضني ، أليس كذلك؟".
" تسألني رأيي؟".
" نعم ,ولم لا؟".
وقبل أن يسمع جوابها قال:
" لدي شرط واحد ، ان تلبسي فستانك الأخضر الجميل".
لمعت عيناها فرحا ، ودخلت غرفتها وهي ترقص وتغني ، إنها ستقضي وقتا برفقة ريان ، يا لها من سعادة ، أخذت حماما سريعا وإرتدت فستان جيسيكا ، وحزنت عندما فكرت بعلاقتها مع ريان ولكنها أمام المرآة عقدت شعرها ضفيرة جميلة ورسمت على عينيها خطين صغيرين بقلم الكحلة الأسود ثم وضعت قبعتها البيضاء التي اضفت على شعرها ظلالا نحاسية رائعة ، دارت حول نفسها عدة مرات ثم فتحت الباب ومشت بهدوء بإتجاه السيارة ، بعد لحظات وصل ريان ، كان يلبس سروالا ازرق بحريا وقميصا أبيض ويضع نظارة شمسية ، ويرسم على شفتيه إبتسامة غامضة ، قال بحرارة:
" انك رائعة يا آنا".
جلسا في السيارة ، اخذ قبعتها ووضعها على المقعد الخلفي وقال:
" كل شيء في وقته جميل ، احب ان ارى وجهك بدون إنعكاس آخر ، انت مختلفة تماما عن الأخريات".
إحمرت وجنتاها وحاولت أن تخفي تلعثمها:
" أتذكر دوما........ حادثة باب السيارة ".
قال بحماس:
" ولكنني أحتفظ لك بذكرى رائعة ، أنت المرأة الوحيدة التي تستطيع أن تقلقني ، لكنك حتى الآن لم تفهمي قصدي".
بقيت آنا صامتة ، وجاهدت ألا يقترب منها وهي تقول في نفسها ( ريان خذني اليك ) ولكن كيف سيتم ذلك ؟ ومتى سيفهم مشاعرها ؟ عليها أن تتمالك نفسها امام جاذبية هذا الرجل الطاغية الذي يجعلها ترتجف لمجرد تفكيرها به ، راقبت الطريق لعلها تنسى إضطرابها الداخلي.
توقف ريان أمام أحد المطاعم ، حيث تناولا إفطارهما وعيونهما تلتقي بتآمر واضح ، فقد كانت سعيدة ان يطلب لها الطعام حسب مزاجه ، وبعد أن انطلق بالسيارة قالت آنا بقلق:
" هذا طريق جيبسون ، الى اين نحن ذاهبون؟".
" إصبري قليلا يا آنسة بالانتين ، نحن في طريقنا الى قصر ويندسور".
" ارجوك لا تقلقني ، هذا القصر في بريطانيا".
" نعم ، ولكن قصر ويندسور موجود في هذه المنطقة ايضا ، اعتقد انه سيعجبك".
" من يسكن هذا القصر؟".
" لا احد ، أترين انك فضولية جدا ، سنصل بعد دقائق".
بعد مرور السيارة امام بوابة جيبسون إنحرف ريان في طريق ضيق لا يتعدى عرض السيارة ، حتى ان غصون الشجار والنباتات كانت تحتك بالسيارة من الخارج ، بدت المناظر خلابة ، وتنوعت الألوان بإختلاف اشكال شجر المنغوليا الضخمة ، التي تشكل غطاء يحمي السيارة من اشعة الشمس ، قال ريان بمرح وهو يجتاز الممرات الضيقة بمهارة:
" ليتهم لم يبدلوا إسم هذه المنطقة ، كانت تدعى دولة المغنوليا ".
بعد قليل دخلت السيارة غابة واسعة وإبتدأت أشعة الشمس ترسم خطوطا فضية رائعة من خلال كثافة اوراق الشجر ، وفجأة توقف ريان امام القصر.
كان القصر في حالة خراب وخاصة سقفه ، يحيطه إثنان وعشرون عامودا من الطراز الكورنثي الجميل ، إنه الطراز المعماري نفسه لقصر وندسور في بريطانيا ، ولكن من الغريب أنه بني على بعد عدة كيلومترات من الأماكن المسكونة ، صرخت آنا:
" كم هوجميل ".
سارا بضع خطوات بإتجاه المدخل ، وقالت آنا :
" شعرت بالحزن من هذا الخراب".
" أصبت بالشعور نفسه لدى زيارتي السابقة".
" لماذا هو مهجور بهذه الطريقة ؟".
" لقد شبّ فيه حريق في نهاية القرن الماضي ، وبقي على هذا الحال".
عندما خرجا وضعت آنا قبعتها على راسها وسارت بالقرب من ريان الذي أتجه نحو الأشجار العالية على ضفة النهر ، راقبته آنا وهي تخفي إضطرابها ، وحدهما في هذا المكان المقفر ، نظرت الى فارس أحلامها ، لا يبادلها الأحساس نفسه رغم أنها عشقته منذ اللحظة التي رأته فيها ، ويا للأسف لا تستطيع أن تبوح بحبها وعواطفها لحد ، تركته يهتم بالأحجار واسندت كوعها على درابزين النهر وأخذت تراقب رقصات الشمس على سطح المياه ، ولمعت تحت الماء بعض السماك التي تتحرك بإنسيابية رائعة.
منتديات ليلاس
أحست فجأة بيدي ريان على شعرها ، فك ضفيرتها وترك كتلة شعرها تسقط على كتفيها.
" آه...... هكذا اصبحت تشبهين الأميرة القاسية".
قال والإبتسامة تملأ شفتيه ثم همس بحنان:
" متى ستفهمين ؟ والى متى ستبقين غاضبة؟ هل سرقك جان بشكل نهائي؟".
لم تستطع أن ترد على هذا الأتهام المباشر ، التفتت اليه فامسكها بيدين قويتين , رفعت راسها نحوه ، فقال بتوتر:
" ما الذي سيحدث ؟ أنت معي الآن ويجب أن تنسي هذا الشاب".
عانقها فجأة , قاومت آنا بقوة لكنها لم تنجح في ان تتخلص من قبضته الحديدية ورات في عينيه بريق الإنتصار ، هدأت مقاومتها شيئا فشيئا وإرتعشت ، وعندما تجرأت آنا وشدّته الى صدرها , لكن زقزقة العصافير التي مرّت تتسابق فوق مياه النهر أعادتها الى واقعها ، ففتحت عينيها ، لقد صحت من هذا الحلم الجميل ، ولم تعد تستطيع أن تقاوم ، إرتعشت بقوة ، ثم دفعته بعيدا عنها ، وصرخت باكية:
" ارجوك.... توقف".
مسحت عينيها وهي تبتعد عنه فقال هامسا:
" في النهاية فهمت ما أريد معرفته".
صدمت من غموض كلامه ، وتساءلت عما يريد معرفته ، هل يريد أن يوقعها في حبه ليرضي غروره ؟ إضطربت خطواتها وفجأة سقطت على الأرض بعد أن زلت قدمها على إحدى الصخور ، نهضت بصعوبة ، ثم جلست على حجر أحد الأعمدة ، بكت بصمت وهي تغطي وجهها بيدها ، ولكن الحشرات لم تسمح لأشجانها ان تستمر ، فقد لسعتها عدة مرات في ساقها ، صرخت من الألم فأسرع ريان اليها ، وساعدها لتبتعد عن هذا المكان الذي كان عشا للنمل.
" سنبتعد حالا من هنا ، هيا سآخذك الى نبعة الماء".
وعندما أحس أنها غير قادرة على السير حملها الى النبعة، خلع عن قدميها الصندل وبدأ يمسح أماكن اللسع بالماء ، ظهرت علامات حمراء متعددة وأحس أنها تعض على شفتيها من الألم , أخذ اوراقا من الشجر القريب بلّلها بالماء وعاد يمسح بها ساقها بنعومة ، نظرت اليه بصمت ، مدهوشة من هذه الطريقة البدائية.
" هل تشعرين بتحسن؟".
إبتسمت آنا وغسلت ساقيها بالماء ثم نهضت ، قال بحنان:
" سأحملك الى السيارة".
" أستطيع أن امشي".
حملها ومشى بها بخطوات متزنة ، أحست برائحة عطره وإرتعشت ،وضعها على الأرض ، وبقيت يدها معلقة على رقبته ، عانقها بحنان فرمت بنفسها على صدره ، وأحست بمتعة رائعة حلمت بها منذ وقت طويل ، همس في اذنها:
" آنا .....سأدعوك في اليومين المتبقيين الى اماكن جميلة اخرى ".
خاب ظنها ، وفهمت أن هذه المتعة لن تدوم الى البد ، وستتوقف هذه المغامرة بعد اليومين المتبقيين من العمل ، لقد نجح ريان في إغوائها بمغامرة بلا مستقبل، حزنت لهذه النهاية وقررت أن تعيش هذا الحلم حتى نهايته.
وعندما وصلا الى مرآب الفندق قالت بخجل:
" أشكرك...... لقد إكتشفت مكانا رائعا.
"كنت سعيدا برفقتك".
خفق قلب آنا وقالت:
" ريان.....".
"نعم؟".
كانت تريد ان تقول له أنها تحبه ، وأنها امضت معه ساعات كالحلم ، لكنها خافت ، وبإنفعال فتحت باب السيارة وخرجت تمشي بخطوات ثقيلة بإتجاه الفندق.
وصل ريان الى باب الفندق وأمسك يدها ، وأمام الباب الزجاجي للصالة لمحا عددا من عناصر التصوير يتجمعون بإنتظار الغداء ، ترك يدها بسرعة، وفتح الباب ودخلا بهدوء ، وذهلت آنا عندما فوجئت بجيسيكا على بعد خطوات منها.
|