كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
الفصل الرابع والثلاثون
الجزء الاول
__ عمر ، عمر
نادت من الدور العلوي عليه فلم يستجب اطلت من اعلى السلم وادارت عينيها في صالة الفيلا تبحث عنه ولكنها لم تجده نزلت السلم لتبحث عنه جيدا فوجدت باب احدى الغرف السفلية مفتوح ، لم تدخل الي هذه الغرف اطلاقا فعمر يغلقها دائما ، نظرت قليلا الي الباب لتتقدم في حذر وهي تشعر بترقب يثقل انفاسها
أطلت من باب الغرفة لتجده جالسا على كرسي امام مكتب بالغرفة ويدعك جبهته بيده ،شعرت بانه ليس على ما يرام
فهذه الحركة العصبية تلازمه عندما يشعر بالضيق او الغضب
تنحنحت ليرفع نظره اليها ويبتسم : تعالي عليا
تقدمت الي الداخل وهي تدور بعينيها في انحاء الغرفة
فوجئت ان الغرفة واسعة جدا فمساحتها تساوي مساحة غرفتين من الغرف العلوية
ابتسم وقال بضيق لم يستطع إخفاؤه : كانت غرفة والدي
ابتسمت بسعادة : حقا
تقدمت للداخل اكثر وهي تدور بعينيها في الغرفة بسعادة فهو دائما يقص لها عن والده وانه يشبهه وعندما سالته عن والدته رد انها تشبه نور
اتجهت الي حائط معلق عليه صور فتوغرافية لوالديه
شهقت : انت بالفعل تشبهه عمر
ضحك بهدوء : الم اخبرك من قبل ؟
نظرت الي الصورة جيدا : هل هذه نور ؟
ضحك بمرح ليقول من بين ضحكاته :نعم انها نور الكبيرة
نظرت له بتعجب ورددت : نور الكبيرة
ابتسم : نعم ، ان امي اسمها نور ايضا
ضحكت علياء بمرح : حقا ، امر عجيب الم يجد اباك اسما اخرا ؟
تنهد : بل امي من اسمتها على اسمها
هزت راسها بتفهم لتلفت اليه : ماذا بك عمر ؟
هل تبحث عن شيء هنا ؟
هز راسه نافيا : لا ، بل سأفرغ محتويات الغرفة واعيد تأثيثها من جديد ، لتكون غرفة للاستقبال ، فلا يوجد لدينا غرفة للاستقبال بالدور السفلي غير الغرفة الملكية و لن استطيع تغييرها فهي كانت غالية على جدي
نظرت له بدهشه فهي لا تستوعب ما يقوله لا يستطيع تغيير غرفة غالية على جده وسيغير غرفة والديه
__ ولماذا تريد غرفة لاستقبال الضيوف الان ؟
انت تستقبلهم في الصالة
رد بضيق : لا استسيغ ان يأتي الي احد اصدقائي او زملائي
ويجلسون بالصالة ويستطيع بسهولة ان يراك وانت واقفة بالمطبخ ، لا اطيق هذه الفكرة
ثم لتكوني على راحتك لا اريد ان اقيدك بضيوفي في الخارج
نطقت بتردد : ولكنها غرفة والداك
__ لم يمكثا بها الا سنة واحدة ، كانت لأمي و جدي اعدها لها هي ووالدي ليمكثا بها اذا جاءا الي القاهرة وعندما انتقلنا جلسا بها
ما يغيظني حقا الان ، اني لا استطيع ان افتح درج هذا المكتب ، اريد ان افرغه من محتوياته فالغرفة فارغة من كل شيء ماعدا هذا المكتب ،اكمل بغيظ : بل هذا الدرج الذي لا اعلم ما به ، فلقد اقترحت هذه الفكرة من قبل على نور وافرغنا الغرفة ولكننا انشغلنا انا وهي ولم تكتمل الفكرة
تنهد : من الواضح اني سأكسره
ابتسمت باتساع وهي تنظر الي قفل الدرج لتستخرج دبوس شعر من شعرها وهي تقول بابتسامة : ابتعد
نظر لها بتعجب مما تفعله ليرتفع حاجباه بدهشه : ماذا تفعلين عليا ؟
قالت وهي تعالج قفل الدرج بمهارة : انتظر
تك صوت القفل الذي فتح لترتسم الصدمة على وجه عمر لثواني وينفجر ضاحكا : حقا ، انت لصة اذن
احمر وجهها بإحراج : تعودت على ذلك فقد كنت انسى مفتاح قفل مكتبي الدراسي كثيرا فكنت الجأ الي هذه الحيلة
ابتسم : ولكنك مفيدة فانا حاولت اكثر من مرة ان اكسره ولم استطيع ، اليوم كنت سأفسد الخشب ولكنك وفرتي علي كثير من الوقت والجهد
__ ساعد لك كوبا من الشاي يساعدك في افراغ محتويات الدرج
فتح الدرج لينظر به وجد معظم الاشياء ، اشياء انثوية
تمتم : اكيد انها لأمي
افرغها كلها ووضعها على سطح المكتب وهو يقول سأعطيها لنور ادخل يده الي اخر الدرج ليتأكد من خلوه
ليجد شيئا ناعما تحت يده سحبه بلطف لينظر اليه فوجده دفتر يوميات بني اللون ملمسه ناعم وشكله جميل
فتحه ببطء وهو يشعر بالترقب وجد اسم والدته بأعلى اول صفحة فيه
انا نور اسماعيل عبد الرحمن
اليوم انهيت السنة الاولى من دراستي الثانوية واهداني والدي هذا الدفتر بمناسبة انتهاء الدراسة فهو يعلم اني مولعة بكتابة الخواطر فأهداني اياه لأتسلى قليلا بالإجازة ولكني قررت ان اكتب به الاحداث المهمة اليومية تخليدا لذكرياتي المهمة سواء كانت سيئة او جيدة
قلب عدة صفحات ليقرا صفحة اخرى
انا سعيدة جدا اليوم فنوارة صديقتي المقربة اقنعت والدي ان اسافر معها الي الاسكندرية فهم دائما يقضون شهور الصيف هناك ، ونحن ايضا ولكننا لن نسافر هذا الصيف بسبب عمل والدي ، فطلبت والدة نوارة من امي ان اذهب معها ولكن والدي لم يوافق ، ولكن نوارة بذكائها وقدرتها الغير عادية على الاقناع ، اقنعته ان اسافر معهم
وها انا اعد حقيبتي لنسافر في الغد الي الاسكندرية
دخلت علياء ليغلق الدفتر سريعا وينظر اليها يشعر بالإثارة تسيطر عليه مذكرات والدته بين يده وهو يريد ان يعرف كل شيء عن ما حدث بينها وبين والده وما الذي فعله عمه لتقع في حبه وتهوى معه الي علاقة قلبت حياتهم كلها راسا على عقب
__ عمر ، ماذا بك ، لا ترد علي
__ ها ، لا شيء افكر في اشياء تخص العمل ، هاتي الشاي وسأذهب الي مكتبي قليلا ، نامي اذا تريدي
نظرت اليه بتعجب : سأشاهد التلفزيون الي ان تنتهي من اعمالك
تركها وخرج لتهز كتفيها بتعجب وتخرج خلفه
**********************
تقدم ليدلف الي مكتبه وهو يشعر بانه مقيد لا يستطيع الحركة شعور خانق يسيطر عليه ولا يستطيع ان يتخلص منه ، رفع نظره ليجد امه بوجهه ، اراد ان يعود ولكنها راته
كان يتلاشى الايام الماضية مقابلة امه ، حتى لا تصر ان تفهم ما يحدث بينه وبين نور ، او تصر على ان تعرف سبب ضيقه
نظرت اليه مطولا ليخفض نظره بعيدا عن مرمى عينيها
قالت امرة : تعال ياسين ، ام لا تريد ان تجلس معي ؟
ابتسم بتوتر : لا طبعا امي
نظرت له نظرة تسبر الي اغوار نفسه لتتكلم بهدوء : انا امك ياسين ، واعلم جيدا متى تتحاشني حتى لا تعترف بأخطائك
دارت مقلتيه سريعا من هجوم امه المفاجئ : لم افعل شيئا امي
شعر ان بجملته الاخيرة انه عاد طفلا وتذكر عندما كانت تؤنبه على اخطاؤه
قالت امره : اجلس ياسين ، واخبرني ماذا حدث لتعامل زوجتك بهذه الطريقة ؟
توتر فكه ليقول : لم يحدث شيئا امي
هدرت به ولكن بصوت منخفض : ياسين
انتفض من نبرة امه الحازمة ليخفض راسه وهو يشعر بتفاقم شعور الذنب داخله
لم يعد يقوى على شيء فالأحداث السيئة تحاوطه لدرجة انه لم يعد يحتمل شيء
صمتت امه صمتا مدروسا تعلم انه يأتي بثماره مع ياسين وهو في مثل هذه الحالة فهي تأكدت انه فعل شيئا ليس بهينا
سالت بنبرة هادئة : ماذا حدث ياسين ؟
ابتسمت بسخرية لتكمل : هل اكتشفت فجأة ان عم زوجتك هو من كان السبب في وفاة اباك ؟
اتسعت عيناه صدمتا مما تفوهت به امه لينظر اليها : من اين علمتي امي ؟
نظرت له : ليست هذه المشكلة ياسين ، بل المشكلة بك انت
تعامل زوجتك بعدم تهذيب بسبب ان عمها كان السبب في وفاة اباك ، وهذا ليس حقيقا ، اباك توفى اثر ازمة قلبية ياسين لم يقتل
نطق بكره : كان هو السبب بها
__ الموت بيد الله ياسين واباك كان متعب ومريض من قبل
وانت تعلم ذلك
جز على اسنانه غضبا لتكمل وهي تلومه : ثم ما ذنب المسكينة ان تأخذها بذنب عمها ، عمها الذي لم تره ولا مرة منذ ان انتقلت الي القاهرة
نظر الي امه بتفحص : من اين لك بهذه المعلومات ؟
هل كنت تعلمين من قبل زواجي ان حافظ المصري عم نور؟
ابتسمت بسخرية : طبعا ، لذلك رشحتها الي يوسف
التمع الغضب بعينيه لتكمل وهي تعطيه نظرة قوية
__ كنت اريد ان ازوجها ليوسف لأني على دراية بانه اذا علم لن يغير الامر لديه من شيء فشعوره نحو حبيبته اذا كان يحبها حقا لن يتغير ولن يهمه اذا كان عمها فعلا هو من تسبب بموت والده ، و ها انت ترى كيف يعامل انجي رغم من انه لا يحب معتز وحاقد عليه ولكنه لم يقبل ان تهينها نادين
استفزته امه بمقولتها ان يوسف كان يناسب نور عنه وانه كان سيعاملها جيدا حتى لو علم بأمر عمها الذي اتضح له انه ابيها ،ليقول بغضب اعمى : انه والدها امي
انتفض من مقولته الذي قالها بلحظة غضب تملكته لتنظر اليه نوارة هانم بهدوء : تعال ياسين اجلس بجانبي
تعجب من هدوء امه ليجلس بجانبها تنفست بعمق ومسكت يد ابنها الغالي وقالت بصدق : هذا ليس صحيح ياسين
اخبرني من قال لك هذا الكلام الفارغ
نظر اليها لتكمل : هل حافظ من قال لك انها ابنته ؟
هز راسه ايجابا وهو يشعر بالدهشة تسيطر عليه فردة فعل امه عجيبة قالت امه بحنق : حافظ الحقير
زمت شفتيها بحنق لينظر اليها ياسين وانفكت عقدة لسانه
__هل تعلمي شيء لا اعلمه امي ؟
نظرت اليه : نعم وانا متأكدة انها ليست ابنته ولا تنتمي اليه
انها ابنة محمد ، كل شيء بها ينطق بأبوة محمد لها
دمعت عيناها وهي تكمل : رحمة الله عليه
اتسعت عيناه ولمع الضيق فيهما : امي من اين تعرفيهم ؟
نظرت بعيدا : هل تعلم اني كنت اسكن بالمعادي
بيت والدي بحي المعادي
هز راسه بعدم استيعاب : لا افهم ما العلاقة ؟
__ فيلا اللواء اسماعيل اين تقع ياسين ؟
نظر لها وعقله بدا في العمل لتتبع هي : كان ابي جار اللواء اسماعيل وانا كنت صديقة لنور الكبيرة كنت اكبرها بعامين فقط ، كنا نذهب الي المدرسة سويا كنا اكثر من اصدقاء ، كنا بمرتبة الاختين فهي الابنة الوحيدة لوالديها وانا ايضا ، فكنا نقضي اغلب الوقت معا ، حتى وقت النوم انا اقضي عندها ليلة وهي تقضي عندنا ليلة
كانت جميلة وذكية ومنطلقة
__ امي انا سالتك عن علاقتك بوالد نور
تنهدت : ابي لأنه كان رجل اعمال كما تسمونه الان
كانت علاقاته كثيرة ولكنه كان يرتبط بعمي عبد الله بعلاقة وثيقة جدا فكنا نقضي الصيف كله عندهم ولأن الفارق بيني وبين محمد في السن بسيط فهو كان يكبرني بثلاثة اعوام ، جمعتنا صداقة قوية من الطفولة الي الشباب ، كنت اشعر انه اخي وهو ايضا كان يعاملني كما يعامل صفية
اسرع خطواته الي المكتب ليدخل ويغلق الباب جيدا استلقى على الاريكة وقلب الصفحات بين يديه
اليوم كان ممتعا تعرفت على صديق نوارة الذي كانت تكلمني عنه كثيرا لدرجة شوقتني ان اراه
لم يكن جميلا ولكنه كان وسيما جدا وله هاله تحيط به انجذبت اليه من اول نظرة ، رايته وهو يتكلم مع نوارة وعندما ابتسم شعرت بان قلبي يرتجف بين ضلوعي
اقترب مني وهز راسه ليحييني لابتسم بهدوء نظر الي بعينيه شديدة السواد لأشعر باني اغرق ببحرهم الهادئ
تكلمت نوارة لتقطع هذا التواصل بيننا: هذا هو محمد يا نور
محمد هذه نور التي حدثتك عنها مسبقا
مد يده وصافحني لأشعر بوهج تملكني والاحمرار يزحف الي وجنتي علقت نوارة : من الواضح ان الشمس ستؤذي بشرتك نور فوجهك محمر بشدة
تعاليا ندخل الي الشاليه
اسرعت نوارة امامنا ليبتسم ويقترب مني
وقال بغرور محبب : من الواضح ان شمسي هي التي ستؤذي بشرتك
لم استطع ان امنع ضحكتي من الانفلات : انت مغرور
اتسعت ابتسامته لتأسرني بداخلها : لنتعرف من جديد
مددت يدي لأصافحه : نور عبد الرحمن
امسك يدي وقبلها برقة ورفع عيناه الي : محمد المصري
سعيد بتعرفي عليك
نظرت له : وانا ايضا سعيدة اني تعرفت عليك
__ كنت انا السبب بمعرفتهما فلقد اقنعت اللواء اسماعيل ان تأتي نور معنا الي الاسكندرية وهناك رات محمد وتعرفت عليه بل احبته ايضا ،وهو هام بها من اول نظرة خطفته بضحكتها الشقية وانطلاقها الذي لا حدود له ، وهناك تقربت انا واباك كثيرا فخطبتنا كانت محددة من قبل رحلة الاسكندرية ولكن علاقتنا اصبحت اقوى في هذه الرحلة ولكن الشيء الوحيد الذي كان يرعبني منه غيرته القاتلة فهو كره محمد من اول نظرة وخاصة ان علاقتي به كانت قوية كان يغضب عندما اتكلم معه او اضحك على شيء قاله عدنا من الاسكندرية ليصر اباك على اتمام الزواج سريعا ، احببته ووافقت على ما يريده وانتقلت الي هنا معه
ولكني لم اقطع صلتي بنور فكانت تزورني باستمرار
وفي يوم اخبرتني انها رات محمد البارحة
اليوم اخبرت نوارة انني رأيت محمد البارحة اتسعت عيناها دهشتا لابتسم بسعادة : فوجئت عندما خرجت من المدرسة انه ينتظرني امام الباب بعربيته دعاني ليوصلني الي البيت وانا وافقت
غضبت : هل جننت نور ؟ لماذا تركبين الي سيارته ؟
بماذا ستفسرين لأصدقائك الفتيات هذا التصرف و الاهم الي المديرة التي غالبا ستعلم من احدى الفتيات وبالطبع ستخبر والدك
ابتسمت بشقاوة : سأخبرهم انه خطيبي
اتسعت عيناها لدرجة اني ضحكت بشده : ما بك نوارة ، استمعي الي اولا ثم تعجبي كما شئت
كانت تقص لي بنبرتها الحالمة وعيناها يقفز منها الحب و السعادة ، اخبرتني انه اصطحابها لتناول الآيسكريم واخبرها انه يريد ان يتزوجها وهي وافقت ، كانت سعيدة ولم تهتم الي أي شيء اخر، لم تهتم انها ستترك والديها لتذهب معه الي الاسكندرية لم تهتم بانها لم تتعرف عليه جيدا ، لم تهتم بشيء شعرت بحبها له وتمنيت لها السعادة
اشعر بسعادة كبيرة فاليوم سياتي محمد ليتقدم الي ابي
ونوارة ايضا ستاتي لتكون بجانبي على الرغم من انها حامل وبشهورها الاخيرة ولكنها اخبرتني انها ستاتي من اجلي
ذهبت انا واباك مع محمد وعائلته بناء على طلب منه طبعا وطبعا لأكون الي جوار نور ، ولأول مرة لم يكن محمود عدائي معه وعندما سالته تغيرت معاملتك لمحمد
ابتسم واخبرني انه احسن الاختيار ، فهو ونور سينسجمان معا
كنت حينها حامل بك ، وكدت ان اطير من السعادة فاقتراب قدومك مع خطبة نور جعلاني اشعر بسعادة عارمة
ولكن اللواء اسماعيل اشترط قبل ان تتم الخطبة ان تنهي نور دراستها الثانوية اولا واذا نجحت سيتم الزواج في فصل الصيف
وتمت الخطبة ورأيت بعينيها هذه النظرة التي لم اراها بعدها اطلاقا ، نظرة مليئة بالحب والسعادة لمحمد
اليوم سيأتي محمد لزيارتي ، لأول مرة يزورني بالبيت فأبي لم يأذن لنا بالخروج معا ، لا اعلم ماذا ارتدي ولا كيف سيكون لقائنا ولكني مشتاقة اليه جدا
لا استطيع ان اسيطر على دقات قلبي المجنونة فعندما رايته اجبرت نفسي ان لا اقفز الي احضانه
كان وسيما فوق العادة ، ادخلته الي الغرفة الملكية التي يستقبل بها ابي كبار الزوار لنا واخبرته بمرح اني اعده من كبار الزوار فابتسم ابتسامته التي تطير بعقلي
جلست بجانبه وانا اقدم اليه واجب الضيافة نظرت اليه بهدوء ليتوقف عن الكلام وينظر الي : ما بك نور ؟
نظرت الي عينيه : احبك
اتسعت عيناه من الدهشة ليقترب مني ويقبلني برقة حانية
لن انسى هذه القبلة مهما حييت
ولن انسى الاحمرار الذي زحف الي وجهه بعد ما قبلني
ليعتذر وهو في قمة التوتر لأضحك بخفة واقول بشقاوة
__ لن اخبر والدي لا تقلق
امتقع وجهه واصفر بشده لانفجر ضاحكة : امزح معك محمد
نظر الي معاتبا وهو يقف لابتسم له واقترب منه واضع راسي على كتفه
تنهد وضمني الي صدره : اهتمي بدروسك لنتمم زواجنا بالصيف
ابتسمت له مطمئنة لينظر الي وهم ان يقبلني ثانية ولكنه تراجع باخر لحظه وهو يكح : سأنصرف نور ، الوقت تأخر
وفعلا بالصيف تزوجا فنور نجحت نجاحا باهرا ، لم اكن اتوقعه فهي لم تكن محبة للاستذكار ولكن من الواضح ان حبها لمحمد اعطى اليها دفعة قوية وجعلها تذاكر وتنجح
كنت اقتربت بذاك الوقت على اتمامك السنتين
اليوم هيأت نفسي للخروج مع محمد كما وعدني البارحة
فوقته مشغول دائما في ادارة املاك والده ويتركني كثيرا لوحدي حاولت معه ان يتركني اكمل دراستي ولكنه رفض بسبب ان من الطبيعي ان يرزقنا الله بطفل وحينها لن استطيع التوفيق بين الطفل والدراسة واهتمامي به ولكن من الواضح ان هذا الطفل لن يأتي ، فأباه واخته التي تشعرني اني تزوجت من زوجها لا ينفكا ان يسالاني لماذا لم احمل الي الان وانا لا اعرف بم اجيبهم
عاد حبيبي من عمله اخيرا لابتسم اليه بحب واقول بمرح
انا جاهزة محمد ، هل تفضل تناول الطعام هنا ؟ ام نتناوله بالخارج
ردت صفيه : هل تريدين منه الخروج وهو متعب هكذا ؟
الا تبحثين عن شيء سوى الخروج والتنزه ، الا تهمك صحته ولو قليلا
فوجئت من الهجوم الغير متوقع لأنظر اليه مستنجدة به
ليرد عليها ولكنه قال ببرود : اسف نور انا متعب اليوم ، لنخرج يوم اخر
شعرت بالغصة تجتاحني لدرجة ان الدموع تجمعت بعيوني
وانصرفت من بينهم بسرعة قبل ان ابكي
اتى محمد بعد قليل ليرضيني ولكني مثلت النوم فلا اريد ان اتشاجر معه ، فمن اول يوم وانا اشعر بان صفية لا تحبني
وعندما حاولت اخباره اننا غير متفقات نظر الي بحزم وهو يقول انها اخته الوحيدة وانه لا يستطيع الاستغناء عنها
فهي بدلا من امه المتوفاة ، واردف بقوة ضعيها بمكانة امي وتحملي ما تفعله
شعرت يومها ان لا فائدة من الكلام معه ، فلن يأتي لي بحقي ابدا ، ثم هو لا يرى ابدا ان اخته مخطئة او ان من المفروض الا تتدخل بيننا نحن الاثنين كم اتمنى ان تتزوج وتجد من يشغلها عني وعن محمد
دعتني بالصيف التالي لزيارتها و ان امضي معها الصيف
اباك لم يوافق في البداية ولكنه وافق من اجلي وعلى ان نمضي فترة قصيرة هناك
عندما رايتها شعرت بان شخصيتها تغيرت تغييرا جذريا و حاولت ان افهم ما بها ولكنها لم تريد اخباري بسبب انها تريد مني الاستمتاع ولم تأتي بي لتقص علي مشاكلها التي غالبا تحدث في بداية الزواج
ولكني شعرت بان صفية وراء تعب نور وضيقها فصفية لم تعجب بنور من اول نظرة ثم ان غيرتها بان هذه الطفلة سرقت قلب محمد جعلتها تأخذ منها موقفا عدائيا
اليوم ستصل نوارة ومحمود بك
لقد دعوتها لأتسلى معها قليلا واستمتع برفقتها و برفقة الصغير ذو العينان الرمادية ، هذا الياسين يأسر قلبي ، كم اتمنى ان يرزقني الله بطفل يملئ علي حياتي
اليوم فرحتي لا توصف فانا تأكدت اني حامل وانتظر محمد
بفارغ الصبر لأخبره بحملي هذا وانا متأكدة انه سيسعد جدا
وصدق حدسي فهو قفز من الفرحة واحتضنني بين ذراعيه
ولف بي وهو يصرخ حتى اتي عمي وصفيه ليروا ما الامر
عمي هو ايضا ظهرت فرحته بوضوح وهنأني ودعا الي بتمام الحمل على خير وامر محمد ان يذهب بي الي اشهر طبيب لأتابع حملي معه واطمئن على نفسي
ما تعجبت منه صفية هنأتني بسعادة صادقة وهنأت محمد ايضا وكانت الفرحة تطل من عينيها
اقترب مني بعدما انصرفت صفية ليبتسم ابتسامته التي تجعل قلبي يرفرف من السعادة : ماذا تريدين حبيبتي ؟
بلعت ريقي وطلبت الطلب الذي اريده من فتره : اريد ان اذهب الي امي
بهت وجهه : لماذا نور؟ هل متضايقة مني ؟
ابتسمت : لا حبيبي ، بل اريد اذهب لأجلس معها قليلا وابشرها بحملي وهي ستنعتني بي الفترة القادمة
احتضنني : سأعتني بك انا نور ، وصفيه ايضا لن تجعلك تنهضي من مكانك
خفضت بصري ليضمني اكثر الي صدره : حاضر نور
سأذهب بك الي والديك ، ولكنك لن تمكثي هناك اكثر من اسبوعين ، هل ستستطيعين ان تبتعدي عني اكثر من ذلك ؟
__ لا طبعا ، لن استطيع
اليوم اخر يوم لي عند والدي سياتي محمد لنعود معا
اشعر بالشوق يجرفني اليه ولكني لا اريد ان اترك والدتي
يا ليتنا نسكن معها هنا بالقاهرة
ولكن الاسبوعين الماضيين كانا من افضل الايام التي قضيتها فانا سعدت برفقة نوارة وياسين
فشاءت الاقدار انها هي الاخرى هنا عند والدها من اجلس سفر محمود بك ، كم سعدت باللعب مع ياسين هذا الطفل ذو الثلاث سنوات ، احب طريقة حديثة جدا
وضحكت من قلبي عندما اخبرته عن الطفل وجعلته يتحسس بطني وهو مندهش مني فانا اتكلم على طفل لا يراه
تركني وهو يهز راسه بتعجب وركض الي احضان امه ليدفن راسه بصدرها
كم اعشق هذا الطفل الجميل الذي اتوقع انه سيصبح رجلا كبيرا يعتمد عليه
فملامح رجولته واضحة على وجهه من الان
اليوم عيد ميلاد عمر الاول وانا اشعر بالفرح واريد ان اقفز من السعادة ، ولدي الحبيب وطفلي الرائع الذي يشبه والده
ما يجعلني احبه اكثر وافرح به وبوجوده في حياتي ولكني اتمنى ان يصبح حنون كوالدي ، فمحمد على الرغم من حبه لي الذي اشعر به ولكنه يبخل ان يتكلم معي ويخبرني عن مدى اشتياقه لي او مقدار حبه لي
ان شاء الله سيكون عمر افضل مننا نحن الاثنان
ما يضايقني حقا ويفسد سعادتي صفية واصرارها على ان يرتدي عمر ملابس اشترتها له ولكني لا اريده ان يرتدي هذه الملابس وعندما اتى محمد واشتكت له نظر الي بعتب
و قال لي بهدوء : اتركيه نور لعمته وتعالي فانا اريدك
دخلت الي الغرفة وانا ارتجف من الغضب وانا افكر لن تدخل بطفلي اطلاقا ، كله الا ولدي
نظر الي بعتب شديد وقال مؤنب : الا تستطيعي التخلي عن انانيتك
نظرت اليه بدهشة ورددت : انانيتي
قال بقوة : نعم الا تشعري انها تعامل عمر كانه طفلها ، تحبه كطفلها ، اشعري بها قليلا فهي لم تتزوج الي الان وتفرغ عاطفة امومتها في ولدك
ماذا سيحدث لو تركتيها تلبسه ما تريد وتطعمه بما تريد ؟
جززت على اسناني وقلت بغضب : انه طفلي انا وليس من حقها ان تتحكم بطريقتي في الاعتناء بطفلي ولا ان تتحكم فيما افعله معه
نظر لي بحزم : وطفلي انا ايضا نور ولا اسمح لك ان تنتزعيه من حضن عمته من اجل غيرتك و أنانيتك
خرج وتركني لأبكي بقهر نظرت الي نفسي بالمرآة واقسمت ان لا اتركهم يسرقون سعادتي اليوم ،سأفعل ما اريده
البست عمر ما اريده كتحدي لصفية وله هو ايضا واقسمت ان لا ادعها تتدخل في حياتي مرة اخرى
سواء اعجب هذا محمد او لم يعجبه
اليوم وصل شخص غريب لا اعرفه الي القصر
يشبه عمي كثيرا ولكنه مرح جدا ، علمت من رئيس الخدم انه اخو محمد اسمه حافظ ، ذهبت لأرى عمر وهو يلعب بالحديقة و آثرت ان انتظر حتى يأتي محمد ويعرفني عليه
وقفت العب الكرة مع عمر ليركل عمر الكرة بقوة فتذهب الي الاتجاه الاخر من الحديقة
امرت عمر ان يهذب ويأتي بها وجلست بجانب الشجرة الضخمة وعيناي تتبعانه ،وقف عمر ينظر الي عمه بحدة والاخر يضع قدمه على الكره
قال عمر بقوة : من فضلك مرر الكرة
ابتسم : من انت ؟ ما اسمك ؟
رفع عمر راسه بتعالي : انا عمر المصري ، وقال بعنجهية
من انت ؟ وماذا تفعل هنا ؟
ضحك بمرح : انا حافظ المصري وانا ببيت والدي
__ هل تقرب الي ابي
ابتسم بسخريه : نعم انه اخي الاصغر ، انا عمك
هز عمر راسه بالتحية : تشرفنا ، هلا تمرر الكرة
رفع حاجبية : تعال لتأخذها
جز عمر على اسنانه واندفع في اتجاهه ليأخذ منه الكره ولكن السيد حافظ تفوق عليه فهو يفوقه مهارة وقوة
ليحمر وجه عمر غضبا فيضحك عمه بقوة : انت متعالي يا فتى ، و معتد بنفسك ايضا ، للأسف تشبه والدك كثيرا
انتفضت من الجملة لاقف سريعا : ما هذا الذي تقوله ؟
نظر الي واتسعت عيناه وصمت قليلا ليصفر بانبهار وابتسم ابتسامة جذابة : من انت هل انت المربية ؟
زمجر عمر وانتهز فرصة انشغال عمه بالحديث معي ليندفع ناحيته وينتزع الكره من تحت قدمة ليهوى ارضا ويقف عمر فوق راسه ويقول بغرور : من حقي ان اعتد بنفسي
لم استطع كتم ضحكتي فوقوع عم عمر ونظرة الغرور التي تقفز من عيني عمر جعلتي انفجر ضاحكا
امسكت عمر من يده وانصرفت من امامه وانا لا استطيع التوقف عن الضحك
عندما اتى محمد واعددنا الغداء نزلت لأتناول معهم الغداء لينظر الي بحده ويسال : من انت ؟
ابتسم محمد : انها زوجتي يا حافظ ، اسمها نور
لمعت عيناه بنظره لم افهمها ولكنه ابتسم و مد يده ليصافحني فصافحته بهدوء ليرفع يدي ويقبلها برقة : تشرفت بمعرفتك نور
التفت بسرعة الي محمد وانا جاهلة لردة فعله لأرى وجهه كما هو جامد لا يعكس انفعالاته
هززت كتفي بلا مبالاة وابتسمت له : تشرفنا
اليوم عيد مولد عمر الثامن ، ازدادت المشاجرات بيني وبين محمد في الفترة السابقة والتوتر سائد ، اليوم تشاجرنا بشراسة فهو يريد ان يأخذ عمر معه الي الخارج فهو مسافر غدا اعلم جيدا انه اقتراح صفية فرفضت الامر لم يهتم لرفضي فقلت له اني لن اسافر معهم نظر الي ببروده الذي بت اكره حقا : على راحتك نور
اعلم سبب ضيقة جيدا ولكني اريده ان ينطق بكلمة واحدة ، كلمة واحدة تشعرني اني مهمة لدية ، ان قلبه ينبض الي أتساءل لماذا لا يمنعني من الخروج برفقة حافظ اذا كان هذا الامر يثير غضبه
لا انكر اني استمتع برفقة حافظ ولكن ما يجعلني اخرج معه هو ان اجعل محمد يشعر بالغيرة قليلا ، ولكن من الواضح ان هذا اللوح الجامد لا يشعر باي شيء ، حافظ لا يعني الي اكثر من صديق ائتمنه على اسراري
فهو القناه التي ارمي بها همومي ومشاكلي ولا انكر امتناني اليه فهو يقف معي ضد صفيه وتدخلها المستمر بحياتي
اشعر كأن الله وضعه بحياتي ليكون لي اخي الذي لم اتمتع بسنده ابدا
اليوم اكتب من بين دموعي ، لن استطيع مسامحة نفسي ابدا
لا اعلم ماذا افعل ، استيقظت في الصباح لأجد اني بين ذراعيه لا اعلم ما حدث ولا اذكر شيئا ، كيف وصلت الي هنا ، وكيف حدث هذا صرخت من رعبي وتخيلي لما حدث
لينتفض من نومه مفزوعا : ما بك حبيبتي ؟
رفعت يدي وصفعته بقوة وقبل ان يتنبه لما يحدث صفعته مرة اخرى امسك يدي بقوة فنعته بكل الشتائم الذي اعلمها وانا ابكي بانهيار
حاول ان يضمني الي صدره لأدفعه بعيدا واضربه بقوة على صدره
لينهض من جانبي وقال بقوة : كنت اظن انك تحبيني نور
صرخت : انت مجنون ، انا زوجة اخيك
اقترب مرة اخرى مني : اتركيه ، ونتزوج
نظرت اليه برعب : الا تفهم ، انه زوجي والد طفلي ، حبيبي
لا استطيع ان اتركه ، لا استطيع العيش بدونه
انتفض واقفا كان عقربه لسعته ليرتدي ملابسه ويخرج من الغرفة بسرعة
لملمت بقايا نفسي وذهبت الي غرفتي ، لملمت اشيائي الضرورية لأغادر الي منزل والدي
اريد ان اشعر بهدوء نفسي بعيدا عن هنا ، فالذنب يقتلني يمزقني لا اعلم كيف سأضع عيناي بعيني محمد ، لا اعلم كيف اتخلص من شعور الذنب الذي يسيطر علي ، انا السبب فانا من دفعه الي ذلك اهتممت به كاخي فظن اني احبه ولكني لم اكن لأخون زوجي ابدا معه حتى لو قلبي كان ينبض بحبه
ما يدفعني للجنون كيف فقدت وعيي ، تذكرت كاسي الخمر الذي اصر على ان يشربني اياه ، هل من الممكن ان كاسي الخمر يفقدوني وعيي هكذا
ضرب سؤال اخر بعقلي هل كان يقصد ان يحدث بيننا ما حدث
وضعت يدي على فمي لأمنع شهقاتي من الخروج حتى لا تسمعني امي فهي سألتني اكثر من مرة عما اتي بي بمفردي وابي يرغي ويزبد وهو يستنتج اني غاضبة من محمد
اقسمت لهم اني لم اتشاجر مع محمد ولكنهم لا يصدقوني
لا اعلم ماذا سيحدث ، لا اريد ان اترك محمد ولكني لن استطيع العيش معه بعد الان وخاصة فوجود هذا الحقير هناك
اتصلت والدة نور بيوم لتخبرني انها تريدني ضروري
ذهبت اليهم بعد ان استأذنت والدك لأجدها بحالة قلق كبيرة
سالتها : ما الامر ؟
اخبرتني ان نور تمكث عندهم من عشرة ايام ومحمد اتى لها مرتين ليقنعها بالعودة معه و هي رافضة بشكل قاطع وها هو اتصل اليوم واخبر والدتها انه يريد عودتها وانه لن يقدم على فعل أي شيء يغضبها ، طلبت مني ان اتكلم مع نور فهم الي الان لا يعلموا شيء عن سبب الخلاف بينهم ومحمد لا يفهم شيء ايضا ، كل ما اخبرهم به انه اخذ عمر وسافر وعاد بعدها بيومين ليجدها غادرت
شعرت بان هناك سبب مخفي ونور لا تخبر احدا عنه
دخلت وتكلمت معها وبعد فترة انهارت بين يدي وهي تخبرني بما فعله الحقير معها ، وانها لم تكن بوعيها
ولكنها لن تستطيع العودة الي محمد فهي تشعر بانها السبب فيما حدث وانه تشجع على فعل ذلك بسبب خروجها معه باستمرار اقسمت من بين دموعها انه لا يعني اليها شيء
وانها كانت تتعامل معه كاخ وصديق
هدأتها وانا اعلم جيدا انها لم تقترف شيء ليتخذ حافظ هذه الخطوة فانا اعرفه جيدا شخصية حقودة وكريهة ولا يتوانى عن فعل أي شيء ليحقق رغباته
اليوم سأعود مع محمد فنوارة هدأتني واخبرتني ان احاول ان انسى ، فعمر لا ذنب له ان انفصل عن والده ، وعندما اخبرتها برعبي من حافظ ، قالت بحزم : لا تتعاملي معه نور انشغلي بزوجك وطفلك
الحمد لله مضى اليوم على خير فانا عملت بنصيحة نوارة ومكثت بغرفتي معظم النهار وما سعدت به حقا اني امضيت اليوم برفقة عمر ، اشتقت اليه جدا ولكني اشعر بانه متغير
لا يبتسم كما كان يفعل دائما والغضب يلمع بعينيه
سالته بهدوء : ما بك حبيبي ؟ هل متضايق من شيء ؟
نظر الي بغضب : هل ستتركين والدي ؟
صعقت من الجملة لأساله برعب : من قال لك ذلك ؟
رد بضجر : سمعت عمتي تتكلم مع ابي وهي تقول انك ستتركينه لأنك لم تحبيه قط
هممت بالرد عليه لأفاجئ بمحمد يصيح بغضب : هذا غير صحيح عمر ، عمتك كانت تمزح معي حبيبي ، هيا لتنام فوقت نومك حان
نظرت اليه بلوم ليزفر بضيق: لم تكن تعلم انه موجود نور ، فهي اكيد لا تقصد ذلك
نظرت اليه والدموع تلمع بعيوني ليقترب مني ويحيطني بذراعيه : سأتكلم معها حتى لا تتفوه بمثل هذه الاشياء مرة اخرى
طبع قبلته على راسي ونظر الي : لكنها معذورة نور ، فانا كدت ان اجن وانت بعيدة عني ، الا تعلمي الي الان اني لا استطيع الاستغناء عنك انت حياتي نور
انهمرت دموعي بغزارة ليقبل خدودي برقه وحنان : توقفي نور ، لا تبكي حبيبتي
نظرت اليه لأسأله : حقا ، هل انا حبيبتك ؟
ابتسم : بلى ، اكثر من حبيبتي انت روحي وعقلي وقلبي وكياني كله نور
نثر قبلاته على راسي لأشعر باني بحلم جميل لا اريد ان استيقظ منه
اليوم اشعر بالهدوء يحاوطني فاليوم سافر حافظ لالتقط انفاسي ، فكلما كان يقع نظري عليه كنت اشعر بالذنب يجتاحني وخاصة ان محمد بدا يحسن من اسلوب معاملته معي واصبح يخبرني بمشاعره نحوي
ولكن شعور الذنب يتغلب علي عندما يخبرني بمشاعره
واشعر بالنفور من نفسي واني مخطئة بحقه عندما يلمسني
هممت ان اخبره اكثر من مرة ولكن لا اعلم ، خائفة بل مرعوبة من ردة فعله ، اعلم جيدا انه سيتركني ولكني خائفة ان يقتل اخاه ، فهو عندما يغضب لا يرى امامه
تكلمت مع نوارة اكثر من مرة وهي تشدد علي الا اخبر محمد بما حدث ، حتى لا تكون العواقب علينا وخيمة
اليوم اشعر بتوتر غير طبيعي لابد ان أتأكد اني حامل والاهم ان أتأكد ان حملي من محمد ، ولكن كيف سأتأكد ،حاولت ان اتخلص من الطفل ولكن محمد رفض بشدة
دعتني نوارة الي زيارتها فهي بالإسكندرية ،ذهبت لأقابلها واتكلم معها فهي من تستطيع ان تهدئتي
ذهبت اليها لأجدها مع اطفالها الرائعين احتضنت الفتاة التي تلعب على الارض حولنا وقبلتها وانا اقول : انها تشبهك نظرت الي الصغير الذي لأول مرة اراه ناولتني اياه : هذا هو يوسف
حملت الصغير وقبلته التفت اليها : الله يحميه نوارة
ولكنه لن يكون جميلا كياسين
بحثت بعيني : اين هو ؟
ضحكت نوارة : مع اصدقائه في البحر ، ياسين كبر الان ولا يقر بجانبي
تنهدت بخيبة امل : كنت اريد ان اراه ، هل سيتذكرني ؟
__ لا ولكنه عندما يراك سيحمر وجهه ويغادر الغرفة
ضحكت : هل هو خجول ؟
__ جدا ، صديقية المقربين يغازلن الفتيات علنا وهو لا يقترب من أي مكان به فتاه ، بل ينفر منهم بشكل عجيب
ضحكت لتكمل : سالته ذات مرة لماذا لا يتكلم مع الفتيات الاخريات قال بضيق انهن تافهات امي
ضحكت من قلبي على هذا الرجل الصغير لتنظر الي نوارة
وتقول بهدوء : ما بك نور ؟
ضحكتك ليست نابعة من قلبك
نظرت لها وقلت بتوتر : انا حامل
تهلل وجهها بالسعادة لتنطفئ السعادة من عينيها
عندما تلاقت نظراتنا لأقول بقلق : خائفة ان يكون طفله نوارة
اتسعت عيناها رعبا ونفضت راسها : لا طبعا هذا احتمال بعيد ، لا تبثي الرعب بقلبك بدون داعي
اخبرتها باني تشاجرت مع محمد البارحة فانا اريد ان اتخلص من الجنين وهو يريده بشده لدرجة انه اقسم على الا افعل ذلك
تنهدت : لا تقلقي نور ، ستتحسن الاوضاع قريبا
ابتسمت بألم : اتمنى ذلك
دخل الي الغرفة صبي جميل وهو يزمجر من الغضب ويتشاجر مع فتاه صغيرة تقريبا بسن عمر كانت تبكي بقوة
وقفت بعيدا ليصيح هو بكلمات غير مفهومة
قالت نوارة بحزم : اصمتا
توقفت الفتاه عن البكاء وصمت هو الاخر ابتسمت لردة فعلهما السريعة فانا لا استطيع الي الان السيطرة على نوبات غضب عمر الي الان نظرت اليهما : تعالى انت وهي سلما على ضيفتي
احمرت اذناه بشدة عند رؤيتي اتت الفتاة بهدوء لأمسح على راسها واقبل وجنتيها ، تسمر مكانه ونظر الي بهدوء وشد قامته وهز راسه ليحييني بابتسامة متكلفة : اهلا سيدتي
خرج من الغرفة لتتبعه الفتاه مسرعة : خذني معك
صاح بقوة : لا ، انت تثيرين المشاكل
نظرت الي امها بقهر لتبتسم نوارة وتقول بهدوء : لماذا ياسين ؟
__ انها تثير المشاكل امي ، وتتشاجر معي
نظرت نادين الي امها : حنان ستذهب معهم هي و مريم لماذا لا اذهب انا ايضا
قالت نوارة بحزم : خذ اختك معك ياسين واذا لا تريد الاعتناء بها اخبر احمد ان يعتني بها
نظر بقوة لامه : لست عاجز معها امي سأهتم بها انا
جز على اسنانه غضبا ليصيح بها : تعالي
انتفضت من صيحته لأنظر الي نوارة : كبر نوارة واصبح رجلا
ابتسمت : انه يدفعني للجنون ، لا اعلم الي من ينتمي بطبعه هذا
__ اكيد الي محمود بك
__ لا محود ليس هكذا ، هو بنفسه عاجز على ترويضه ، حماتي اخبرتني انها يشبه جده شكلا وطبعا
__ ستركض الفتيات خلفه نوارة
ضحكت بقوة : اه لو سمعك لاحمرت عيناه غضبا منك
ابتسمت لتربت على كتفي : لا تضعي هذا الموضوع بعقلك نور ، انها ابنة محمد ، الم يقترب منك من حينها
__ لا طبعا
__ عندما تضعين الطفل ستتأكدين انها ابنة محمد
__ اتمنى من كل قلبي ان يكون طفل محمد
حمدت الله عندما ولدت نور ، فميلادها اتى بعد ثمانية اشهر على حادثتي مع حافظ وهذا يعني انها ابنة محمد فهي اتت سليمة معافاة ، الحمد لله
اسميتها نور حتى تذكر محمد بي دائما ، فانا اريده ان يتذكرني دائما ، اريده عندما يعلم بما حدث ان يظل قلبه يحبني ، ان تظل شفتاه تنادي باسمي ونظرة الحب تطل من عيناه ، فهو لن يكره ابنته ابدا نعم لن تكون هذه النظرة موجهه الي وستكون لابنته ، ولكنه سيظل يقولها بنفس طريقته التي اعتدت عليها
كم اشعر بالفرح لفرحته بها ، فهو يشعرني بانها اول اطفالنا
يحبها بشدة ويدللها ، اشعر بان عمر ضائق من هذا الدلال المفرط للكائنة الجديدة الذي لا يفهم لماذا نعتني بها هكذا ، الخوف يمتلكني ان يصير قاسي عليها ، فهو كان الطفل الوحيد لمدة تسع سنوات الطفل المدلل لوقت طويل ولا يستسيغ ان يأتي احد اخر يشاركه هذا الدلال وما يزيد ضيقي صفية وما تفعله معه ، فهي تشعره بان نور لا اهمية لها بجانبه وانه الولد الوحيد ، او ولي العهد الذي ستؤول اليه كل هذه الاملاك فلا يهتم بهذه الصغيرة
هي ايضا استاءت من كون الطفل فتاه وانقلب وجهها فالفتاه بعقيدتها لا اهمية لها ، فهي لن تكون سندا لأبيها كعمر
ولكن ما اشعر به حقا انها تكرهها لأنها تشبهني ولان محمد طاوعني على ان يسميها نور ، كانت تعتقد ان محمد سيسميها على اسمها او اسم والدتهما ولكن محمد خلف كل توقعتنا انا ايضا كنت اظن ذلك وانه لن يمتثل الي رغبتي في تسميتها بنور ، كم انا فرحة بتغيره هذا
فهو اصبح اكثر تفهما ولكن قسوته وبروده يتحكمان به كثيرا
ولكني التمس له العذر فمن شب على شيء شاب عليه
اليوم اشعر بالغضب يتملكني فلقد تناهى الي مسامعي صفية وهي تصيح بنور لأجل ان تترك عمر يستذكر دروسه
نظرت الي ما يحدث لأجد نور واقفة بين لعبها المنتشرة على ارضية الغرفة وعمر جالس على مكتبه يستذكر فهو باخر سنة له في المرحلة الابتدائية
نظر عمر بقهر لأخته التي تشده من يده ليلعب معها وهي لا تفهم ماذا يحدث من حولها فهي تكاد تبلغ العامين
نفض يده بقوة من يدها لتقع ارضا لينظر لها بعدم اهتمام ويجلس بمكانه
انتفضت غضبا لأذهب اليهم حملت نور بين ذراعي وعنفته بشده حاولت صفيه ان تدافع عنه لأصيح بها هي الاخرى ، فهي السبب الرئيسي لمعاملته السيئة لأخته
تركتنا صفيه وهي غاضبه لأنظر اليه بتأنيب ليخفض بصره
احتضنته بين ذراعي وجلست واجلسته بحضني وقلت له بهدوء : انظر عمر الي شقيقتك
نظر لها لابتسم: انظر كم هي جميلة
ابتسم لتضحك له نور مقهقهه : انظر ، هي تحبك
هز راسه موافقا : وانا الاخر امي احبها ولكني اريد ان استذكر دروسي
__ كيف تحبها وتعاملها بهذه القسوة عمر ؟
نظر لي ولم يجبني لأقول بغضب : لا تصبح كوالدك عمر ، لا تصير قاسيا على شقيقتك ، اريدك ان تكون حنونا متفهما وعطوفا
هز راسه بإيجاب : حاضر امي
ربت على راسه بهدوء : هيا اذهب لتنام واستذكر بقية دروسك غدا
انتظرت محمد واخبرته بما حدث وتكلمت معه بنبرة شديدة ان يتكلم مع اخته فانا لا اريد ان يتربى اولادي على كراهية بعضهما
شعرت بغضبه هذه المرة منها ولأول مرة تركني وذهب اليها وهو مقتنع ان هذا لا يجب ان يستمر
اشعر بسعادة تغمرني فصفية اليوم تتزوج وتنتقل الي بيت اخر
لا انكر اني تفاجأت من موافقتها على هذا العريس دونا عن غيره ، انه رجل بسيط من الطبقة المتوسطة يعمل مدرسا بمدرسة عمر ، لا اعلم لماذا اشعر انها على دراية جيده به فهي وافقت فورا حين ابلغها محمد عن اسمه ، محمد نفسه اسر لي بانه غير مقتنع بهذه الزيجة الغير متكافئة اجتماعيا
ولكن والده موافق وهي ايضا وهو لن يسرق فرحة اخته بدون اسباب كافية ، واذا كانت هي مقتنعة به سيوافق ارضاء لها
اشعر بالاشمئزاز اليوم عندما رايته فها هو عاد ليأخذ عزاء والده ، ولكن اشعر بانه ناوي على الشر لمحمد
فعيناه تنطق بحقد دفين ، محمد ايضا اعصابه على المحك فموت والده اثر به بشده وانا اشعر انه يتأهب لمعركه ستدور بينه وبين حافظ
لا اعلم الي اين ستنتهي بنا هذه المعركة الباردة التي تدور بينهما
ما يقلقني ايضا خرافات حافظ عن كون نور ابنته
خائفة ان يخبر محمد بهذه الخرافات ويهد المعبد على رؤوسنا ، فهو مجنون لن يردعه شيء عما يريده
انا متأكدة انها ليست ابنته ، ولكنها ورثت لون شعره الغريب وطابع الحسن الذي لا اعلم من اين اتت به
اذا استمع محمد لهذه الادلة لن يفكر بسؤالي ولا الاستماع الي ، بل سيصدق اخاه فورا
لا اعلم ماذا افعل مع هذا الحقير فهو لا ينفك ان يضايقني اليوم اخبرني بكل جبروت انه سيحصل علي وقتما يريد
واني لن استطيع منعه او رفضه
اشعر بالاختناق حينما اراه ولكن كل ما اريده الان ان ابتعد عن هذا القصر الذي حمل سنين عذابي
اخبرني محمد انه عندما يأتي من السفر سننتقل فورا الي القاهرة
كنت اريد ان اذهب الي والدي بم انه مسافر ولكن عمر لدية امتحان غدا ، لينتهي منه ونسافر على الفور
عاد عمر من الامتحان وهو سعيد جدا واخبرني انه سيذهب الي صديقه حسن ويمضي معه الليلة ، كنت اريد ان ارفض ولكني لم اشأ ان اسرق فرحته بانتهاء الاختبارات ووافقت ان يذهب معه
ساعد الفراش لننام انا ونور معا
نظرت اليها وهي تلعب بعروستها الجميلة وقلت لها : هيا لننام يا صغيرتي
قلب الصفحة ليقرا الباقي ليجد الصفحات الباقية فارغة
نفض الدفتر مرة اخرى يمكن ان تكون امه فوتت عدة صفحات ولكنه لم يجد أي حرف اخر
رمى الدفتر على المكتب واعتدل جالسا فهو يتذكر هذه الليلة جيدا ، نعم كان يريد ان يبيت عند صديقه ولكنه اراد ان يعود للقصر فوجود امه واخته بمفردهما اقلقه
وصل الي القصر الساعة الثانية صباحا بعد ان اوصله شقيق حسن الكبير ، عندما وجدوه مصرا على العودة الي منزله
يتذكر هذه الليلة جيدا ويتذكر الموعد ايضا فهو نظر الي ساعته عندما دخل من باب القصر
تعجب ان عمه الكريه لم يكن بالصالة كعادته فهو يسهر ليلا يحتسي الخمر الذي لم يكن متواجد بالقصر قبل عودته فهو لم يرى والده ابدا يشرب هذا النوع من المشروبات وبإحدى المرات دعاه عمه ليشرب معه كاس فنهره اباه بشده وتشاجر مع عمه مشاجرة مخيفة كان لأول مرة يرى اباه غاضبا هكذا، لا يطيق هذا العم ولا يعلم السبب ولكن وجوده ثقيل الظل على قلبه
صعد السلالم وذهب الي غرفته وقبل ان يدلف الي الداخل اراد ان يطمئن على شقيقته ذهب الي غرفتها وطل من الباب فلم يجدها عقد حاجبيه تعجبا ولكنه ابتسم فهي من عادتها الاستيقاظ والذهاب الي غرفة والديهما لتنام هناك
ابتسم وذهب اليهم ليشاركهم الفراش بم ان اباه غير متواجد
دلف الي الداخل بهدوء حتى لا يوقظ احدا منهما ليقشعر بدنه مما يراه
عاد بظهره الي الخارج وهو يشعر بانه سيفرغ ما بمعدته
ليسرع الي غرفته ويدخل الي دورة المياه ويتقيأ
بكي بشدة لم يتخيل ان امه تخون اباه ومع هذا الحقير
لا يستطيع ان يحتمل هذا الالم ، لا يستطيع ماذا فعل اباه
لتفعل به ما فعلته ، لا تستحق ان تحيي معه ولا دقيقة واحدة
انتفض على دموعه وهي تبلل رقبته وشفتيه وهو يتذكر هذه الليلة السوداء
ويتذكر كيف غفت عينيه وهو يجلس على الارض يضم ركبتيه الي صدره ليستيقظ صباحا على صوت صراخ حاد ناتج من غرفة والدته لم يهتم بما يحدث لها وتمنى من قلبه ان تموت ، ولكنه تذكر شقيقته اين كانت البارحة
ذهب سريعا ليبحث عنها لم يجدها بغرفتها ولا بالحديقة في هذا الوقت تنبه الي سيارة الاسعاف التي تنقل والدته للمشفى
ضحك ساخرا وهو يرى انها تستحق عقاب اكثر من ذلك على ما فعلته بابيه
وجد نور اخيرا بغرفة الملابس الخاصة بغرفة والديهما
مختبئة تحت رف الملابس السفلي ونائمة
تعجب من مكان تواجدها ولكنه ايقظها بهدوء وشدها الي الخارج ، استيقظت مفزوعة من النوم وبكت وهي تشير بيديها وتحاول ان تخبره عن لص حاول سرقتها
ابتسم وهو يهدئها فخيالها خصب جدا
جلس ودعك وجهه بيديه وهو يحاول ان يتخلص من الالم الذي اصاب راسه من هذه الذكرى البشعة ، يشعر بشيء مفقود ، المذكرات اخبرته ان والدته لم تحب عمه ابدا بل كانت تعشق اباه ، وتؤكد ايضا ما قالته عمته بان والده لم يكن يخبر امه بمدى حبه لها
واذا كان عمه افقد امه وعيها لينالها المرة الاولى ما راه هذه الليلة لا يدل على انه اجبرها
اذن ما الذي دفعها الي الانتحار هل كان الندم على ما فعلته
ولكن اخر صفحة بمذكراتها تؤكد انها لا تحب عمه ايضا وانها لا تريده
ماذا حدث ؟ شعر بالصداع يتزايد داخل راسه والدموع تتجمع بعيونه ، اذن عمه كذب عليه وعلى جده وعلى عمته لم تكن نور ابنته
ولم يكن على علاقة بأمه ، امه الذي ظلمها حية وميته كان يكرهها عندما تقفز الي ذكرياته لا يستطيع تحمل فكرة ان هذا الحقير اعتدى على امه وهي غائبة عن الوعي
تمتم من بين اسنانه : سأقتلك حافظ سأقتلك
عاد حافظ ليقلب الدنيا راسا على عقب توترت نور من وجوده وهو تعرض لها اكثر من مرة وردد ان نور ابنته
وزعزع ثقتها بنفسها ، زادت الخلافات بينها وبين محمد
الذي لم يسلم من شر حافظ
كان في ذاك الوقت محمد انشا شركة صغيرة مع اباك للمقاولات من ماله الخاص بعيدا عن ورثه من ابية
طرده حافظ من الشركة والمصنع ومع تصميم نور على
الانتقال الي القاهرة ، اخبره اباك ان يأتي ويصبح مسئولا عن الشركة وفعلا بدأ محمد الاعتناء بالشركة لينضم اليهم احمد سليم وتتوسع الشركة وطبعا اباك عهد بالشئون القانونية للسيد عبد العزيز ، بدأت الشركة في الازدهار والامور تستقر وبدا محمد في الترتيب لينتقلا هنا
ولكن جاءت صفقة مهمة للشركة ليسافر محمد و والدك للخارج ليتمما الصفقة
لاستيقظ في الصباح التالي لسفرهم على الهاتف ووالدة نور تخبرني انها بالمشفى
سافرت معهم الي الاسكندرية لأجد صفية امامي وهي تخبرني انها لا تعلم ما بها فهي اتت في الصباح لتطمئن على اولاد اخيها لتجد نور في حالة انهيار حادة وانها حاولت الانتحار ، اخبرنا الطبيب انها صدمة عصبية حادة فقدت على اثرها الوعي و ذهبت بها الي الغيبوبة
ظلت بالغيبوبة لمدة عشرون يوما ،محمد خلال هذه الفترة رتب امورهم لتخرج من المشفى الي منزل اللواء اسماعيل
ولكنها لم تعد كما نعرفها ، كانت تتعرض لنوبات اكتئاب حادة لا نعلم سببها ، محمد كان يموت حزنا عليها كل يوم
وبإحدى الايام وجدتها تتصل بي وتخبرني انها تريدني
طبعا ذهبت اليها على الفور فهي كانت ترفض مقابلة أي احد حتى محمد كانت الممرضة ترافقها باستمرار لتمنعها من الانتحار كنا جميعا نرها وهي نائمة
احتضنتها من كثرة شوقي اليها لتدمع عيناي : اشتقت اليك نور
ابتسمت بتوتر : وانا ايضا
نظرت لها وسالتها : ماذا حدث نور ؟ اخبريني فانا كدت افقد عقلي
نظرت الي وانهمرت دموعها لتصيح بان حافظ اغتصبها بالقوة دون ان يراعي أي شيء
انتفض ياسين من الجملة ليحمر وجهه بشدة وينتفض واقفا
لتمسكه والدته من يده وتشده : اهدئ ياسين
خلص يده من يد امه ليذهب الي النافذة وينظر منها قال بجمود : اكملي امي ، اريد ان اعلم كل شيء
__ احتضنتها بين ذراعي لأجد محمد امامي وجهه منتفخ من الغضب والصدمة تقفز من ملامحة
شدها من بين يدي ليوقفها امامه وسألها بغضب
هل ما سمعته صحيح ؟ انهمرت الدموع من عيونها
لتتسع عيناه والشرر يتطاير منهما ليخرج سريعا من الغرفة
ركضت وراءه وركبت بجواره وهي ترجوه ان لا يذهب اليه
كانت هذه اخر مرة اراهما بها فعلى المساء جاءنا خبر وفاتهما
تذكر عندما اخبرته نور عن اخر ليلة لوالدها معها
بعد وفاة محمد سحب اللواء اسماعيل نصيبة من الشركة على الرغم ان اباك اخبره الا يفعل ويترك نصيب محمد ليجد عمر شيء يستند عليه عندما يكبر
ولكن اللواء اسماعيل اصر على موقفه واخبره انه يريد ان يجنب عمر عالم الاعمال وانه لا يريد لعمر ان يحتك بعمه
التفت اليها : ولكني لم التقي بمحمد المصري اطلاقا
كنت لا تهتم بأصدقاء والدك ياسين وكنت تعرف والد معتز لان معتز صديقك ، وايضا السيد عبد العزيز بسبب حنان
ولكن محمد كان منغلقا، وانغلق زيادة بعد حالة نور المتدهورة ، وعندما توفى بنى اللواء اسماعيل حول حفيديه جدارا عازلا بعيدا عن كل ما كان له صلة بنور ومحمد
فمنعهم عن عمهم وعمتهم ، وابلغني بذوق اني لا اتي للاطمئنان عليهم ويكفي الاطمئنان عن طريق الهاتف
عقد حاجبيه : لماذا ؟ هذا الرجل تصرفاته عجيبة
__ علمت من والدة نور فيما بعد ، فانا كنت ازورها باستمرار وكنت اختار اوقات لا يتواجد احد بالمنزل غيرها اخبرتني ان حافظ اتى وكان يريد ان يأخذ نور ، تعجبت حينها وسالتها وعمر
تنهدت وبكت بقوة : يقول ان نور ابنته ، اسماعيل كاد ان يقتله ، ولكن عمر وقف بينهما
لا اعلم ما الذي يريده من احفادي ، واشعر اني سأفقد اسماعيل قريبا بسببه
اخبرتها حينها ان حافظ كاذب وانه يفتري على نور ولكني لم اشأ ان اصدمها بما فعله حافظ مع نور شعرت اني لو اخبرتها ، ستموت كمدا على ابنتها
توفت بعدها بوقت ليس بقليل ، والحقها اللواء اسماعيل بعدها بقليل ليتركا نور في حماية عمر ، ولكن والدك وقف حائلا بين حافظ وبينهم واوصى الاستاذ مصطفى ان يعتني بهما هو و زوجته ، فعمر حينها كان باخر سنواته بكلية الهندسة وعند نجاحة بعث له والدك بباقي ارباح لأسهم اصر الا يعطيها للواء اسماعيل ، واخبره ان يؤسس شركة خاصة به ، ويعتمد على نفسه
__ هل قابل عمر ابي ؟
__ نعم مرة واحدة ، اتى الي هنا مع الاستاذ مصطفى والد علي ، و اخبرني محمود حينها اني لا اقلق على نور فهي ستكون بأمان معه
وبعدها انقطعت اخبارهم عنا وانا انشغلت بوالدك ومشاكل الشركة وانت عدت الي مصر لانشغل اكثر عنهم
ثم توفى والدك رحمة الله عليه
صمتت لينظر اليها مطولا : هل العداء الذي نشا بين ابي وحافظ كان سببه انت امي ؟
نظرت اليه بتعجب لتبتسم : انا كنت احد الاسباب فحافظ لم ينسى اني رفضت الزواج منه قبيل سفره
ولكن ما ازاد العداء بينهم هو وقف اباك في وجهه وحمايته لنور وعمر ، وخاصة عمر
اتمنى ان اكون وضحت لك كم انت مخطئ بحكمك على والدة زوجتك ياسين ، واتمنى ان لا تكون اذيت زوجتك بسبب هذا الحقير
تنهد وهو يغمض عينيه ، لقد دمرتها امي ما فعلته معها ارعبها ومن المؤكد انها ستتركني لن تنتظر معي دقيقة واحدة انه عقاب قاسي ان تتركني وتذهب ولكني استحق هذا العقاب
ماذا سأفعل معك نور ؟ ماذا سأفعل ؟ هل اؤذيك اكثر واجبرك على العيش معي ، او اتركك تفعلين ما تريدينه
انتبه على صوت امه وهي تخرج من المكتب : انظر ياسين وجدت هذا مرمي امام الباب
نظر الي ما تشير اليه امه ليجد بيدها مغلف ابيض
لماذا يشعر بان قلبه يترجف بين ضلوعه وان هذا المغلف الرقيق له علاقة به
ابتلع ريقه وتقدم الي امه واخذه من يدها
فتحه بهدوء ليجد رسالة بداخله من النظرة الاولى علم انه من نور قرا الكلمات القليلة التي به ، واغمض عينيه بألم
نظرت اليه امه بقلق : ماذا هناك ياسين ؟
__ لقد تركتني امي ، تركتني
ذهبت الي اخيها وترجوني ان لا اذهب اليها ، فهي لن تخبر عمر عن خلافتنا حتى لا يزيد عليه التعب
تريد ان تأخذ قسطا من الراحة بعيدا عني لتستطيع الوصول الي قرار هل ستعود الي ام سننفصل بهدوء
لمعت الدموع بعينيه ليتنفس بقوة وينفض راسه
نظر الي والدته ليكمل : بعد اذنك امي ، سأذهب لأنام فغدا يوما شاق بالنسبة الي ، ولابد ان اخذ قسطا من الراحة
تركها وذهب لتتنهد الما على ابنها البكر الذي طالما نجح وبجدارة ان يسيطر على مشاعره ولا يظهر منها شيء
تعلم انه يتألم بشدة وانه لن يستطيع العيش بدون زوجته
مد يده لترتعش بعنف قبض كفه بقوة وامسك مقبض الباب كانه يفرغ ضيقه به
فتح الباب لتهب عليه رائحتها الرقيقة استنشق الهواء بقوة
وخطى الي الداخل وهو يتمنى ان تكون موجوده كما تركها وان هذه الرسالة لم تتواجد ولم يقرأها
لف عينيه بغرفة النوم ليجدها مرتبه وخالية منها
تركت كل شيء ورحلت ، ملابسها وعطورها وكل شيء
تركت كل شيء ورحلت ، هل هذا معناه انها ستاتي ثانية
ام معناه انها تتخلى عن كل شيء يربطها به
فتح دولاب الملابس ووقف ينظر الي ملابسها
ويشعر انه يراها امامه مد يده وسحب روب حريري كانت ترتديه لأخر ليلة لهما هنا ، ليلة عيد مولده ، الليلة التي لن ينساها ابدا
احتضنه بقوة واستنشق رائحتها منه ، جلس ارضا واسند ظهره الي الدولاب زفر نفسه بقوة : كيف سأقضي الايام القادمة من غيرك نور
************************
رن الجرس لتنظر الي الساعة الكبيرة الواقعة بغرفة الجلوس لتجدها تعدت الحادية عشر مساءا
تعجبت من سياتي لهم الان ، بل من سياتي لهم اصلا
فلا احد يزورهم اطلاقا ، هل عاد حافظ ؟
نهضت لتجد احد الخدم يفتح الباب ذهبت لترى من القادم
لتشهق بفزع : هل حدث شيء لعمر ؟
نظرت الي عمتها بعينيها الباكية وهزت راسها نافية لترتمي بحضن عمتها وبكائها يزداد
ضمتها عمتها الي صدرها : ماذا حدث حبيبتي ؟
قالت من بين دموعها :اين عمي اريد ان اتحدث معه ؟
رتبت على ظهرها وهي تقودها للداخل : اهدئي نور ، اهدئي ولنتكلم بعد قليل
جلست واجلستها بجوارها على الاريكة وضمتها الي صدرها اكثر وهي ترتب على ظهرها وتسمي عليها بالرحمن
الي ان هدئت وتوقفت عن البكاء
رفعت راسها من حضن عمتها : اسفة عمتي جئت فجأة وافزعتك ببكائي
نظرت اليها بعتب : ماذا تقولين نور ؟ انه بيتك حبيبتي وتأتي هنا وقت ما تشائين
__ هلا تسمحي لي بالمبيت هنا ؟
نظرت اليها بتعجب : طبعا ، على الاقل تؤنسيني في غياب عمك
__ اين هو ، كنت امل ان اراه واتحدث معه
توترت صفية : لماذا نور هل حدث شيء لعمر ؟
__ لا عمتي ، انا اريد ان استفهم عن شيء يخص عمي
نظرت اليها متفحصة : هل حدثت مشكلة بينك وبين زوجك؟
وتريدين من عمك ان يتدخل
نظرت الي عمتها بعينين دامعتين وقررت ان تقص لها ما سمعته فهي بحالة نفسية سيئة وعلى وشك الانهيار
نظرت اليها وقالت بجدية : لا استبعد ان يكون عمك فعلا وراء وفاة محمود بك
__ هل تعرفيه عمتي ؟
__ نعم ، كان شريك محمد لبعضا من الوقت قبل ان يتوفى والدك
نظرت اليها بعينين حالمتين : كلميني عنه عمتي
اخبريني بكل شيء
ابتسمت عمتها وهي تنظر الي لمعة عيناها التي تشعرها بانها راتها من قبل بعيني محمد كثير عندما يكون متحمس لشيء ما
__ سآتي لك بملابس لتبدلي ملابسك
__ حقيبتي بالسيارة
__ اذن سامر احد الخدم ليأتي بها من الخارج وانت اذهبي لتأخذي حماما يهدئ اعصابك ، تعالي
رافقت عمتي الي احدى الغرف من الواضح انها مؤثثة حديثا
نظرت لها : اريد ان اجلس بغرفة ابي
ابتسمت لأرشدها الي غرفة والديها وتركتها هناك
دلفت الي الغرفة لأشعر بموجة من الصقيع تجتاحني
اقشعر بدني من البرودة التي زحفت الي انحاء جسدي
اشعر بخنقة تسيطر على انفاسي والغصة تقف بحلقي ولا اعلم لماذا الدموع تجمعت بعيوني ، تهيا لي اني سمعت احدل يصرخ من حولي صرخات مستنجدة ، التفت حولي لأتأكد من الصراخ الذي يتردد باذني لأجد اني وحيدة ولا احد غير بالغرفة
توجهت الي دورة المياه لأخذ حماما يهدئ اعصابي قليلا
وقفت تحت المياه لأسكب دموعي فلا استطيع التفرقة بينها وبين المياه التي تتناثر على جسدي ، ابكي بشدة وانا اخبر نفسي ان البكاء سيريحني ، سينسيني ، سيجعلني اقوى من ذي قبل ، ومن بين دموعي تذكرت كم كان حنون كم كان رقيق ، ليتبدل الي الحال ويصبح قاسي ومرعب ، اجتاحتني الرجفة من اثر عنفه معي لأضم جسدي بقوة وانا اشهق اكثر
ودموعي تنهمر بغزارة لأتذكره وهو يقول :ابتعدي عني فانا لا استطيع الابتعاد عنك
اتمنى ان تكون مرتاحا ياسين ، اتمنى ان اكون حققت لك ما تمنيته
خرجت بعد وقت ليس بقليل وانا امسح دموعي الذي ظلت تتساقط على وجهي لا استطيع التوقف عن البكاء
نظرت الي المرآه لأرى عيناي منتفختان من اثر البكاء ووجهي شاحب ، وجدت حقيبتي موضوعة على الفراش فذهبت واخرجت ملابسي وبدأت بارتدائها توقفت عند العلامة الزرقاء بذراعي ، اثار أصابعه واضحة وكأنها تخبرني بوجوده في حياتي حتى وانا بعيدة عنه كل هذه المسافة
__ لن اسامحك ياسين ، لن اسامحك
دق الباب ليفتح : هل انتهيت نور ؟ اتيتي لك بالعشاء
__ تفضلي عمتي ، اجلسي لتكلميني عن ابي
رتبت على خدي بحنان : هيا تناولي الطعام واخلدي للنوم وغدا نتحدث ، ولكن الان نامي واستريحي
اتمنى ان البارت يحوز على اعجابكم
لا تحرموني من ارائكم وتوقعاتكم
موعدنا القادم ان شاء الله
يوم الاثنين مع الجزء الثاني
القاكم قريبا
|