كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
الفصل الواحد والثلاثون
نظرت له وجسدها يهتز من التوتر
__ علياء لا تجيب على الهاتف
عبثت بأزرار الهاتف مرة اخرى لتضعه على اذنها وتقول بصوت مرتعب : ولا عمر ، ياسين انا قلقة بالفعل
حاول ان يسيطر على أعصابه التي بدأت تتلف قلقا على عمر وعلياء فهو عندما اتصل بعمر مما يقارب الساعتين اخبره الاخر انه تجاوز الاسكندرية و بطريق مارينا كان من المفترض ان يصل بعدها بساعة على الاكثر
قال مهدئا لها : اهدئي نور ، سيصل الان او يرد على الهاتف ، ممكن ان يكون نسيا الهواتف بالسيارة وذهبا الي أي مكان
نظرت له بتعجب : الي اين سيذهبان ياسين ، عمر يعلم اننا ننتظرهم
هم بالرد عليها ليقاطعه رنين هاتفها هتفت : انه عمر
سحب التليفون منها بحركة سريعة ليرد عليه وهو يشعر ان عمر سينقل له اخبار غير سارة : مرحبا عمر
__ السلام عليكم ، انت تعرف صاحب هذا الهاتف
__ انا شخص رأى الحادثة الذي تعرض لها صاحب هذا الهاتف وذهبت معه الي المشفى
ارتعشت يده بشده : اين هو صاحب الهاتف ؟
__ نقل الي المشفى هو و زوجته الناس انقذوه قبل ان تنفجر السيارة
اتسعت عيناه رعبا وقبض كفيه ليسيطر على اعصابه
ليبتعد عن نور قليلا : اعطني العنوان من فضلك ؟
املى عليه اسم وعنوان المشفى ليشكره ياسين ويغلق الهاتف وينظر لها ليجد الدموع تنهمر من عينيها
عندما سحب الهاتف من يدها شعرت بغضب فعلي منه ولكن عندما شعرت انه يتكلم مع شخص اخر غير عمر
غلب خوفها على غضبها لترهف سمعها وتراقبه بصمت شديد اطبق عليها عندما ارتعشت يده شعرت بان عمر بخطر حقيقي وعندما اتسعت عيناه خوفا تأكدت ان اخاها اصابه مكروه لتنهمر الدموع من عينيها
اقترب منها وقال بصوت منخفض : هيا نور ، لنذهب و نطمئن على عمر ، ان شاء الله سيكون بخير
اهتز جسدها بقوة وكادت ان تقع فرجليها لا تشعر بهما
ليمسكها بقوة من ذراعيها ويساعدها على الوقوف
__ اهدئي نور ، ان شاء الله سيكون بخير
لم تجرؤ على سؤاله عما حدث لأنها تأكدت من ملامح وجهه
ان الامر ليس على ما يرام ولا يبعث عن الاطمئنان
هزت راسها وهي تمسح دموعها ليهمس بإذنيها : كوني قوية حبيبتي ، و لا تقلقي سأكون بجانبك دائما
************************
استيقظت من النوم لتنظر اليه بهدوء ، تشعر بالغضب يعصف بها و الحب يملئها ، قلبها منشطر الي نصفين بين الحب وبين الغضب، عندما عاد البارحة تعاملت مع الامر كان لم يكن وكأنها لا تعلم شيء عن علاقته بالأخرى ، اندفعت الذكرى براسها لتشعر بان قلبها يئن الما
بعد ان هوت جالسة على الفراش مصدومة مما قاله ومن افعاله التي تشعر انها غير طبيعية ، فمنذ فترة تشعر بانه تغير بكل شيء ، وخاصة معها هي ، في بادئ الامر انكرت شعورها ولكن غريزة المرأة لا تخطئ ابدا ، الي ان تأكدت البارحة
فعندما خرج نسي هاتفه رن الهاتف كثيرا
فتجاهلته اكثر من مرة ولكن لم ينقطع الرنين الملح
مسكته بيدها وعندما ضغطت على زر الايجاب سمعت صوت انثوي غنج : مرحبا حبيبي ، هل انت نائم ام ماذا ؟
الجمتها الصدمة فتوقفت عن التنفس ليعلو الصوت مرة اخرى : ياسر ، لماذا لا تجيبني ، مرحبا
اغلقت الهاتف بقوة لتزفر نفس طويل يحمل كل ما تشعر به من الم وضيق ، الصدمة شملت حواسها فلم تفعل شيء غير الجلوس والانتظار والتفكير
لا تصدق انه يخونها ،ضرب السؤال عقلها لماذا ، ماذا حدث ، ماذا فعلت لكي يذهب الي اخرى غيري
أتحاسبين نفسك ، اساليه هو ، لا توجد امرأة اخرى بجمالك
لا توجد امراه فعلت لرجل ما فعلتيه انت له ، نكر كل شيء فعلتيه من اجله وباع حبك لأجل اخرى
لا ، ياسر لن يخونني قط ، واذا كان اتجه بمشاعره لمرأة اخرى فانا السبب ، كم مرة طلبني ان اهتم به قليلا
كم مرة طلب مني ان اخذ اجازة لنذهب الي المصيف
كم مرة طلب مني ان اخرج معه ليلا وكنت ارفض بسبب
الاولاد او عملي بالصباح الباكر
انت تدافعين عنه بعد ان خانك
لا اعلم الي الان اذا كان يخونني ام لا
واذا كانت هناك اخرى لن اتركه لها ابدا ، فهو زوجي ووالد اطفالي ، ولكن لن يضر ان اخذ حقي منه ايضا
انهت حربها الداخلية بقرار انها ستدافع عن بيتها ليس من اجله هو بل من اجل اطفالها فهم يستحقوا وجوده بحياتهم
دخل ليلا وهو يحمل هدية ضخمة ابتسم لها لتنظر اليه ولم تستطع رسم الابتسامة على شفتيها
اقترب منها وهي جالسة بغرفة المعيشة وتطعم عبد الرحمن ليقبل راسها وهو يهمس : اسف حبيبتي ، ارجوك سامحيني لم اقصد اغضابك ، كنت متعب ومتوتر من قلة النوم وانت ادرى بي
قالت بصوت هادئ نسبيا : طبعا انا ادرى بك من الناس كلها
نظر لها وتعجب من نبرتها ومن كلامها الذي حمل اليه معنى خفيا أبتسم مرة اخرى وقبل خديها : كل عام وانت معي و بجانبي دائما
انا بدونك لا اسوى شيء مريم
ابتسمت واجابت بغموض : وانت بخير
اذن انت تعاني من عقدة الذنب ياسر ، او عاد الي رشده ويريد ان يصلح ما اخطئ به او لم يفعل شيء وانا اظلمه بدون سبب
تنبهت على ضحكة عبد الرحمن العالية التي تنفرج من بين شفتيه مع ياسر فقط ، فهو الوحيد القادر على اضحاكه هكذا
ومهما حاولت هي او احد اخوته ان يضحكه يحن عليهم بابتسامة صامته فقط هذا اذا ابتسم
نطق ياسين بقهر : لماذا لا يضحك الي هكذا ؟
قال ياسر بمرح : انت يا مفعوص تريد مقارنة نفسك بي
__ ولما لا امي تقول اني اجمل منك ، واني عندما اكبر ستركض الفتيات خلفي
نظر لها ورفع حاجبيه ليستدير اليه : والدتك تعمل على رفع معنوياتك فقط
ردت سريعا : لا انا محقه ، فانت بعمره لم تكن جميلا هكذا
انفجرت ضحكة ياسين لتكمل هي بنبرة حيادية : انت جميل حبيبي ، كمن تسميت على اسمه
رفع لها راسه بحده ليقول بقوة : ياسين خذ اخاك واذهب به الي غرفتك ، انتبه اليه انت الان اصبحت رجلا وانا اعتمد عليك
انكمش من لهجة اباه ليسرع بفعل ما امره به
انصرف ليغلق الباب من خلفه وينظر اليها مطولا
قال بهدوء : ما بك ؟
نظرت اليه بغموض : لا شيء
جز على اسنانه ليسال بغضب مخفي : هل انت غاضبة مما فعلته ، انا اعتذرت لك
ابتسمت ابتسامة باهته : لا لست غاضبة
نطق ونبرة الغضب تعلو بداخل صوته : اذن ما هذه الخرفات التي تتفوهين بها ؟ المرة الاولى ظننت انك تجاملين ولدك فلم اهتم بمؤازرتك له امامي ، ولكن ان تتغزلين برجل اخر غيري لن اسمح بذلك ابدا
وقفت بهدوء امامه لتنظر بعينيه : لم اتغزل بأحد ياسر ، ثم الرجل الاخر هذا صديقك واخاك واخي وابن عمي وانت نفسك تقول لياسين انه جميل كياسين الكبير ، هل توجد مشكلة اني اردد ما قلته انت مسبقا
صرخ بها : نعم ، انا لا اسمح لك ان تصفي شخص اخر غيري
ابتسمت بدلال مقصود : المعذرة لم اكن اقصد اغضابك
لا تغضب حبيبي
قالت جملتها بخفة مقصودة لتخرج من الغرفة وتتركه يشعر بحيرة كبيرة من تصرفاتها الجديدة والعجيبة عليه
تبعها وهو يشعر بغضب فعلي من استخفافها به الواضح من صوتها ودخل الي غرفة نومهم بعاصفة اسكتته بإشارة من يدها حازمة نظر لها بغضب ليرى انها تنوم الصغير سيطر على اعصابه وقال بصوت منخفض
__ اعطيه للمربية ، لينام بالغرفة المؤثثة له خصيصا ولا اراه ينام بها ابدا
نظرت له بتعجب وهزت راسها رافضه لتتسع عيناه غضبا
قال بحزم وهو يحافظ على صوته منخفضا : اريد ان اخرج من دورة المياه ولا اجده هنا ، ولا تجعليني اردد كلامي ثانية
تركها لتبتسم هي ابتسامة متسعة تعلم جيدا كيف تستفزه وكيف تهدئه واذا كانت اهملته الايام الماضية دون قصد منها
ستريه الان انها تهتم به فعلا ، وستنسيه الاخرى تماما اذا كانت موجودة
فعلت ما يريده ولكنها تأخرت عمدا عليه اطمأنت على ابنائها والصغير خاصة واوصت به المربية
لتدخل الي غرفة نومهم فتجده جالس يشاهد التلفزيون
لم تقترب منه اطلاقا بل تعاملت كانه غير موجود بالغرفة
دخلت تأخذ حماما باردا لتنعش المياه عقلها وتهدئ اعصابها
فهي لا تريد ان تتصرف معه بطريقة خاطئة
فصوت الاخرى اعطها شعور بانها امرأة غير ملتزمة
ومن الواضح ان ياسر بالنسبة اليها صيد ثمين
انا مخطئة انا من اهملته ، ابتعدت عنه وانشغلت بأمور اخرى لا اهميه لها
انتبهت من دوامة افكارها على يديه القويتين تحيط بخصرها ليلصق صدره العريض بظهرها ويهمس بإذنها : اشتقت اليك حبيبتي
احمرت وجنتاها عندما وصلت بذكرياتها الي هذا الحد
لتبتسم له بحب وهو نائم وضعت اناملها على خصلات شعره المموجة وتنهدت مشاعره البارحة كانت صادقة لا يشوبها شيء ، شعرت كم هو مشتاق اليها وكم هي مخطئة ، لم تستوعب الي الان انه خانها مع امراه اخرى ، فكرت هل هي من تتقرب منه ، لمعت عيناها بتصميم سأذهب لأرى من هي واعرف الي أي مدى وصلت علاقتهم
ابتسم : اتركي شعري سيخرج بيدك
تنبهت انها ممسكة بشعره وتشد عليه بقوة ارتبكت : اسفه
رفع راسه وشدها اليه برفق وقبلها : صباح الخير حبيبتي
__ صباح النور
همت بان تنهض من جانبه ليمسك يدها : الي اين ؟
__ سأحضر لك الفطور
__ لا تذهبي الي أي مكان ، انا لا اريد ان افطر الان
__ ستذهب الي المشفى دون ان تتناول الفطور
ابتسم واراح ظهره على الفراش : لن اذهب الي المشفى اليوم
سأخذ اجازة واتمنى ان تستطيعي ان تستأذني اليوم من عملك
لنخرج جميعا وننزه الاولاد
ابتسمت باتساع : الفصل الصيفي انتهى ياسر وانا انهيت عملي وقدمت على اجازة الفصل القادم لانتبه اليك والي الاولاد
__ حقا ؟
هزت راسها بإيجاب لتتسع ابتسامته : حسنا سأرتب مواعيدي لنسافر الي أي مكان تختارونه وخاصة ان لا يوجد لدي عمليات جراحية الفترة القادمة
قام منتفض من الفراش : سأجري بعض الاتصالات واتخلص من مواعيد العمل عدي الحقائب
__ هكذا سريعا
اقترب منها ليحاوط خصرها بيديه : نعم لا اريد ان اضيع دقيقة واحدة دون ان نستمتع بها
ابتسمت وهي تتبعه بعينيها وهو يخرج من الغرفة
هذا هو ياسر من احبته وتزوجته ليس الاخر ، ولكني عند قراري سأعلم من هي ومدى علاقتها به
************************
اندفعت مهرولة بأروقة المشفى وياسين يتبعها
ذهب ليسال عن مكان عمر بالاستقبال ليجدها تندفع راكضة نحو سرير متحرك يدفعونه الممرضين
ذهب خلفها ليجد عمر راقد على السرير انقبض قلبه من رؤية عمر فهو بحالة يرثى لها
تبكي بانتحاب وهي تشاهد اخاها والدماء تغطي وجهه وجسده
ركضت بجانبه وقالت من بين دموعها : عمر هل تراني ، هل تسمعني ؟
رفع يده لتلامس اطراف اصابعه ذقنها لتهوى يده ساقطة
وتصرخ هي بقوة : عمر ، عمر
دخلوا به الي منطقة العمليات ومنعوهم من اللحاق بهم
امسكها ياسين من كتفيها وهو يحاول ان يبقى قويا من اجلها
رمت نفسها بين ذراعيه لتبكي بنشيج حاد ، شعر انها لا تستطيع الوقوف ليسندها الي الكراسي الموضوعة ويجلسها ويجلس بجانبها
نطقت بألم وحزن يقطر من صوتها : سيذهب ويتركني ، سيذهب هو الاخر ، اريده ان يبقى بجواري هو اخي وابي وكل ما لدي هنا ، اذا ذهب اريد ان يؤخذني معه
تصلب من كلماتها وجمدت يداه ، وشعر بألم من كلماتها القليلة ، فكر انها ليس بوعيها ياسين هل ستحاسبها على صدمتها ، ولا تنسى انها تعرضت لصدمات كثيرة من قبل ولا تقوى على تحمل المزيد
احتضنها مهدئا : انا بجانبك نور ، لا تحزني ، انا معك
دفنت نفسها بين ذراعيه لتشعر بالأمان الذي ستفقده اذا رحل عمر
رأى طبيب صغير السن خارج امامه ليبعدها عن حضنه ويقف متجها اليه لتنتبه وتتبعه راكضة
__ انتم اهل المريض ؟
__ نعم ، كيف حاله ؟
زفر الطبيب بياس : لقد سيطرنا على النزيف واذا مرت الاربع وعشرون ساعة القادمة على خير ،سينجو ان شاء الله
شحب وجه ياسين وهز راسه بألم وتمتم : اشكرك
هم بالانصراف لتساله بصوت مبحوح : الفتاه التي اتت معه
كيف حالها ؟ واين هي ؟
__ انها بالدور السابع ، هي الان بغيبوبة منتظر ان تفيق منها خلال اربع او خمس ساعات تقريبا
هي بخير مجرد بعض من الكسور
تنحنح : ولكنها تعرضت للإجهاض ، الجنين لم يكمل شهره الاول ،ولذلك فقدته بسهوله ، استأذنكما واي اخبار جديدة سأبلغكما بها
انهمرت الدموع من عينيها لتنظر الي ياسين وعيناها متسعتين من الصدمة ليضمها الي صدره
يشعر بالتمزق فالمصيبة كبيرة هذه المرة ، ويشعر بانه مقيد ولا يستطيع فعل شيء سوى الانتظار
وكم هذا الانتظار قاتل له ولها
قال بنبرة حزينة : تعالي نور ، لنطمئن على علياء
ذهبت معه بصمت وهي تشعر انها سائرة بفراغ كبير لا ترى ما حولها ولا تسمع ما يحدث ، الوجود حولها معتم
اسود اللون يبعث على الكأبة وتريد ان تهرب من هذا الشعور المؤلم الفظيع الذي يجثم على صدرها
تراه هو فقط ممسك بيدها ويشدها ، النور يأتي من جسده و كانه مصدر الاضاءة تريد لهذا النور القوي ان يختفي تريد ان تشعر بالظلام والراحة تكتنفها فالنور مصدر ازعاج لها مدت يدها تلمس كتفه لينطفئ النور وتشعر انها بسبات عميق
شدها من يدها لتسير معه ليشعر بانها تلمس كتفه التفت اليها ليفاجئ بسقوطها بين يديه صرخ بقوة : نور
**************************
رن جرس الباب لتركض اليه فاتحة وتهلل بصوت عال
__ بابا ، اشتقت اليك
اتبعت جملتها بان قفزت الي حضنه ولفت ذراعيها حول عنقه ، وضمته بقوة
ضمها الي صدرة بقوة كبيرة وهو يستنشق خصلات شعرها الحريرية البنية ويشعر انه بالجنة
تنهد داخليا وهو يروي شوقه الي ابنته حبيبة قلبه ونور عيونه يكفيني هذا الدفء الذي يغمرني بقربك جنى
قبل راسها ووجنتيها ليدلف الي داخل الشقة فيشعر بغصة تجتاحه عندما وقع بصره عليها
رن جرس الباب لتنتفض جنى وتركض لتفتحه كعادتها
قالت بصوت منخفض : انتظري جنى لنرى من القادم
وضعت طرحتها على عجل وذهبت خلف ابنتها لتشعر بان قواها خارت عندما علمت ان علي هو القادم ابتلعت ريقها بصعوبة واستندت بجسدها على جانب الاريكة وهي تنظر اليه
شعرت بالشوق يغمرها اليه ولكنها لن تستطيع الاقتراب منه
فهي لا تقوى على تحمل ان ينبذها بعيدا عنه او يصدها
فآثرت ان تبقى كما هي حتى تعلم ماذا سيفعل
نظر اليها بغضب معلن واشاح بوجهه بعيدا عنها وهو يسال نفسه ما بها وجهها متعب وشاحب هل هي مريضة ام متعبة
فلتذهب الي الجحيم لا علاقة لك بها انت عائد من اجل اطفالك ، لابد ان تطمئن عليها من اجل صحة طفلك الذي تحمله ، لا لن اطمئن عليها وبم انها تستطيع الوقوف فهي بخير من فضلك اصمت قليلا ولا تنتهز الفرص لتقنعني بأشياء لا اريدها ، انت تضحك على نفسك علي لا تريدها انها انفاسك التي لا تستطيع ان تحيى بدونها
لا تنكر انك مرضت عندما تركتها وذهبت ، لا انا لم امرض بسببها و اخرس من فضلك
هز راسه بضيق وزفر بغضب وذهب الي غرفة النوم
واقفة تنتظر ماذا سيفعل ، لترى ملامح وجهه وهي تتغير بانفعال واضح لتفاجئ بالغضب يحل على وجهه و هو يهز راسه بضيق ويزفر بغضب
تفاجأت بذهابه الي غرفة النوم دون ان يسلم عليها
ماذا تنتظري بعدما فعلتيه اية ؟ اذهبي انت اليه وتكلمي معه
و تجنبي المشاجرة معه حتى لا تتوتر ابنتك او تسمع ما يحدث بينكما
دخلت الي الغرفة ، لتراه جالس على الفراش ويضم يديه بقوة
همست : حمدا لله على سلامتك
جز على اسنانه واغمض عينيه بألم وهو يلوم نفسه على عودته ويلوم نفسه اكثر على قلبه الذي ينبض بها
ما زال نبرات صوتها تثير مشاعره ، انت تحبها علي
لا تنكر بل تعشقها ضم يديه وهو يشعر بالغضب يتصاعد الي راسه وعقله يهتف خانتك علي لا تجعلها تؤثر عليك
وقف منتفضا وهو يقول بصوت غاضب لكن منخفض
__ اسمعيني جيدا ، انا عدت من اجل اطفالي انت لا تعني الي شيء ولا اريدك انت تقتربي مني ولا تتكلمي معي
سأنقل اشيائي الي غرفة المعيشة وسأنام هناك
شعرت بغصة كبيرة من كلماته وترقرقت الدموع بعيونها
لتقول بألم : لا علي ، امكث بغرفتك وانا سأمكث مع جنى
وانام بجانبها
هم بالرد عليها ليرن هاتفه نظر اليه : اهلا عمرو كيف حالك؟
__ اهلا علي ، انا بخير الحمد لله كيف حالك وحال اسرتك؟
__ بخير ، اين انت ؟ لم اجد سيارتك بالأسفل
تنحنح : انا عند ياسين ، اسمعني علي ولا تقلق من فضلك
توتر من طريقة عمرو الجدية : ماذا حدث عمرو ؟
__ ياسين اتصل وابلغنا ان عمر تعرض لحادث و تم نقله هو الي المشفى
شعر بقلبه يهوي بين قدميه : هل اصابه مكروه ؟
__ لا اعلم علي ولكني سأذهب الي ياسين فيوسف لن يستطيع كما تعلم ، وسامر عليك لنذهب سويا
__ سأنتظرك
راعها ملامح وجهه القلقة لتساله عندما اغلق الهاتف
__ ماذا حدث علي ؟
نظر اليها بصدمة وهو يجلس على الفراش : عمر تعرض الي حادث ونقل الي المشفى ، عمرو لم يفسر لي ماذا حدث ؟ ولا اعلم اذا كان علياء اصابها مكروه ام لم تكن معه من الاصل
شهقت بفزع ووضعت يدها على فمها ، اقتربت منه تلقائيا وجلست بجانبه رتبت على كتفه بحنان : اهدئ علي ، لا تقلق
ستجدهم بخير وصحة وعافية
للحظه كان سيرمي نفسه بأحضانها لتخفف عنه وينسى همه عندها كما كان يفعل دائما وتطمئنه ان الامور ستكون بخير
ولكنه نظر لها وسال باستهزاء : هل تتمنين ذلك من قبلك اية؟
ام تبرعين في تمثيلك علي كما كنت تفعلين دائما
نظرت له بصدمة : لا علي لم امثل عليك بشعوري يوما
وانت تعلم ذلك جيدا ، ولم اتمنى يوما ان يصيبهم مكروه
ان شاء الله ستطمئن عليهما
اشاح بوجهه بعيدا عنها لتتنهد بألم ، وقفت وهي تفكر انه لن يغفر لها بسهولة ولابد انها تنتظر وتصبر حتى يعود كما كان
اقتربت منه بهدوء وقبلت راسه لتنصرف سريعا من جانبه حتى لا يؤذيها اكثر بكلماته الجارحة
لم يتخيل انها ستقدم على فعل شيء كهذا بعد كلماته الجارحة لها ، فكبرياءها لا حدود له اغمض عينيه وهو يزفر بضيق
يشعر بقلق كبير على علياء وعمر ، ولا يتخيل ان يصيب احدهم مكروها ، لا يتخيل ان يفقد اخاه وصديق عمره ولا يتخيل ان يفقد شقيقته و بكريته التي راها تكبر كل يوم امام عيناه
لا علي لن تصل الي هذا الحد ان شاء الله لن يحدث لهما شيء
************************
جالس بجانب سريرها بالمشفى وهو يشعر بثقب كبير في قلبه
الي هذا الحد هي مرتبطة بأخيها ، لم يتخيل انها ستفقد وعيها من صدمتها على عمر ، الطبيب اخبره انها بخير وستفيق بعد قليل وانها اصيبت بصدمة عصبية فقدت على اثرها الوعي
ولكنه يشعر انها فضلت الذهاب الي الغيبوبة على ان تظل بجانبه اذا فقدت عمر ، تنهد بألم
ونظر اليها بعشق امسك يدها وقبلها بحنان فائق
شعر بها تشد على يده بأصابعها : نور ، حبيبتي جاوبيني
تأوهت ليقترب منها اكثر ويحسس على شعرها : نور
الظلام يحيطها وتشعر ببرودة في اطرافها
الخوف يملئ قلبها وتشعر برجفة داخلية تجتاح قلبها
فجأة شعرت بالدفء يغلف يدها وانفاس حارة تصطدم بالبرودة المحيطة بها لتطردها بعيدا عنها وتهدئ من رجفة قلبها ، تمسكت بهذا الدفء الذي احاط بها لتسمع صوته الدافئ الحنون وهو ينادي عليها ، حاولت ان تفتح عينيها
ولكن الضوء المها بشدة فتأوهت شعرت به وهو يقترب منها ويحسس على راسها بحنانه المتدفق وينادي مرة اخرى
__ نور
قالت بوهن وهي تحاول النظر اليه : ياسين ، عمر كيف حاله؟
اقترب اكثر منها واحاطها بذراعه : انه بخير الي الان ، كيف حالك حبيبتي ؟
اقتربت منه : انا متعبة ياسين ، اشعر ان قلبي سيتوقف من شدة الالم الذي اشعر به
قال بنبرة لم يستطع ان يخفي منها الالم : تريدين ان تتركيني نور ؟
نظرت له وهي تشعر بالألم يزداد عليها : لا خائفة ان تتركني انت الاخر
بكت بكاء حاد ليضمها الي صدره بقوة : حبيبتي توقفي عن البكاء ، لن نتركك عمر سيكون بخير وانا سأظل بجانبك دائما ، اضاف مازحا : الي اين سأذهب انت قدري
ابتسمت من بين دموعها : انت تتذمر مني
ابتسم بحب : لا حبيبتي اعترف بالواقع فانت اجمل قدر
خيم الحزن عليها مرة اخرى : اريد ان اطمئن على علياء
تنهد بألم : سالت الممرضة المختصة بحالتها منذ قليل لم تفق الي الان ، استريحي قليلا ولنذهب عندما تشعري بتحسن
استندت عليه لترفع جسدها : لا سأذهب اليها الان ، اريدها ان تشعر اننا بقربها
هز راسه بتفهم : حسنا سآتي لك بكرسي متحرك لتذهبي اليها
فجسدك لا يقوى على الحركة
هزت راسها بالموافقة ليأتي لها بالكرسي ويحملها ليجلسها به
لم تقوى على الاعتراض فهي تشعر بألم شديد في جسدها كله
دفعها ياسين الي ان وصلا الي غرفة علياء ليدلفا الي الداخل بهدوء ، انهمرت دموعها وهي ترى علياء ممده على السرير امامها ، نصف وجهها الايمن متورم على اثر كدمة كبيرة تغطي عينها وخدها ، توجد خدوش كثيرة تملئ وجهها ورقبتها ، ويدها اليمنى مجبسة
اشاحت بوجهها الما من مظهر صديقتها ،وهي دموعها تنهمر بغزارة وتفكر كيف ستتقبل الصدمة عندما تفيق وتعلم انها فقدت طفلها من عمر ، عمر الذي لا تعلم اذا كان سينجو ام سينتقل الي رحمة الله
ازداد بكائها ليتحول الي انتفاضات و تشنجات ليخرج بها ياسين من الغرفة سريعا ، اخذ صوت بكائها يعلو وانتفاضاتها تزيد جلس امامها واخذها بين ذراعيه وضمها بقوة : اهدئي نور ، ستكون بخير الطبيب اخبرنا انها ستكون بخير
في ظل تهدئته لها رأى علي وعمرو مقبلين عليه ومعهم نهى
تنفس براحة فوجود نهى بجوار نور هذه الايام سيخفف عنها قليلا
تقدم الي ياسين في حركة سريعة وهو لا يستطيع السيطرة على القلق الذي يشعر به
__ اين هما ياسين ؟
ردت هي من بين دموعها : عمر سيذهب ويتركني علي
لن اراه بعد الان
قال بقوة وهو ضائقا منها لمخاطبتها لعلي : اهدئي نور ، انه بخير
نظر لهم واردف: حمد لله على سلامتكم ،
اقترب من نهى : من الجيد انك اتيتي ، ابقي بجوارها نهى وحاولي ان تخففي عنها
__حاضر ياسين ، لا تقلق
__ تعال علي انا اريدك ان تقابل الطبيب لتطمئن بنفسك عليهما
ابتعدا عنهم ليمسك علي يده ويساله
__ ما الذي اخبرك به الطبيب و لا تريد ان تبلغني به وتفضل ان اسمعه من الطبيب
تنهد ياسين بقوة : اسمعني جيدا علي ، علياء الان تحتاج من تستند عليه وخصوصا في وضع عمر الراهن
ارتجفت يده الممسكة بيد ياسين بقوة ليضع ياسين يده الثانية على يده ويشد مؤازرا : ان عمر حالته خطيرة وهو الان بالعناية المركزة والطبيب اخبرني اذا مرت الاربع وعشرون ساعة القادمة ولم يحدث له شيء سينجو ان شاء الله
قال بصوت يكاد ان يسمع : وعلياء
__ انها بخير الحمد لله ،مجرد كسور بسيطة
كح بقوة ليكمل : ولكنها تعرضت للإجهاض
اتسعت عينا علي وترقرقت الدموع بهما : هل كانت حامل ؟
قال ياسين بأسف : الطبيب اخبرنا بانها كانت في الشهر الاول ولذلك فقدت الطفل بسهولة
شعر علي بصداع قوي يصيب راسه : هل هناك شيء اخر اخبرك به الطبيب ياسين ؟
تنهد ياسين وهو يربت على كتفه : لا علي
نظر له ليذهب الي غرفة اخته سريعا وينظر اليها بألم وحسرة على ما اصابها تبعه ياسين بهدوء ليقف بعيدا
ابتلع غصته ونظر وراءه ليقول بنبرة حزينة : اريد ان ارى عمر
__ تعال معي
ذهبا معا ليقفا خلف الزجاج ينظرون الي عمر
اسند علي راسه على الزجاج ، يشعر بألم شديد وهو يرى اخاه وصديق عمره مقيد الي الاسلاك والاجهزة
نظر اليه وناجاه بعينيه من الذي سيقف الي جواري الان عمر ، كنت الي جواري بكل مصيبة تصيبني
كنت صخرتي التي ارمي عليها كل همومي
كنت تشد من ازري وتدفعني الي عمل الصواب
اندفعت الذكريات الي عقله يوم وفاة والده ويوم ان اصاب جنى التهاب الشعب الهوائية وكاد ان يفقدها ، ويوم وفاة والدته ومنذ يومان وهو يخفف عنه دونما يدري ما به وما سبب المه وتعبه
الان ماذا سأفعل ؟ من سيؤازرني ويشير علي بالصواب
كيف سأبلغ علياء بأمرك وكيف سأبلغها بفقدانها لطفلكما
كيف سأنظر اليها واطمئنها عليك
تنبه من افكاره على قطرات من الماء تسقط على يديه
ليفاجئ بان دموعه تتدحرج على وجنتيه
تنفس بعمق و مسح دموعه بكفيه وهو يفكر بطريقة يخبر علياء بما اصابها واصاب عمر
ينظر اليه بألم وهو يفكر بان نور ستفقد عقلها اذا ما حدث له أي شيء ، فهي منهارة الان واذا تطور وضع عمر الي الأسوأ ستصاب بانهيار عصبي حاد
نظر الي علي ليرى دموعه التي تسقط من عينيه
شعر بالألم يجتاحه اكثر وفضل ان يترك علي بمفرده
ابتعد قليلا عن علي ليرن هاتفه نظر ليجده حسام
ضرب راسه بقبضته فهو نسى تماما امر الشحنة
__ مرحبا حسام ، انا مشغول اليوم ولن استطيع ان اتي الي الميناء
__ لا سيدي ، انا استلمت الشحنة البارحة وارسلتها الي الاماكن المتفق عليها
سال بتعجب: كيف ؟ الا تحتاج الي توقيعي ؟
__ لا سيدي كنت اظن ذلك ولكن الشحنة اتية باسم مكتب الاسكندرية وانا مدير المكتب ولذلك استلمتها بتوقيعي انا
تنهد بارتياح: ممتاز حسام، شكرا جزيلا لك
تنحنح حسام : انا اتصل بسيادتك لان لدي خبر سيء للغاية
قال ياسين بترقب: تكلم حسام سريعا ، فاليوم يوم الصدمات
__ مشروع الشاليهات اخبرني المهندس المسئول عنه اليوم ان الوحدة الاولى هدت بالكامل
صاح ياسين بقوة : نعم
__ مع الاسف لقد ذهبت الي هناك وتأكدت بنفسي الشاليهات التي بنيت غير موجودة والاساسات عبث بها بحيث اننا لن نستطيع ان نعتمد عليها بعد الان
ارتكن بجسده على الحائط وعيناه تتسع بغضب فهو الان متأكد من هوية من فعل كل هذا
قال امرا : حسنا حسام ، ابلغ الشرطة وانا سأتصل بمعارفي لأجعلهم يهتموا بالأمر ، واخبر المهندس ان يعمل في الارض بشكل سريع بحيث الا يتوقف العمل بالأرض اطلاقا حتى يصلوا الي ما كان عليه المشروع
اغلق الهاتف وهو يشعر بانه يرتجف من الغضب
لم ينسى ابدا ثأره من هذا الشخص الكرية ولكن من الواضح ان اسلوب التعامل الشريف لن يجدي نفعا معه
لا يعلم كيف ان يكون هذا بشر انه لا ينتمي الي الجنس البشري اطلاقا كيف يفعل هذا بابن اخيه
زفر بقوة وهو يشعر ان المصائب لن تتوقف عند هذا الحد
********************
__ ما بك حبيبتي ، هذه المرة الرابعة التي تدورين بها حولي ؟
نظرت له بقلق وجلست وهي تفرك اصابعها ببعضها بتوتر
ابتسم لها وامسك يديها وقال بهدوء : بسنت ماذا حدث جعلك متوترة هكذا ؟
ردت ببطء : انه علي مررت به وانا عائدة من عملي لم اجده بالمنزل واتصل به على هاتفه لا يجيب ، وانا قلقة عليه بالفعل
ابتسم لها بمرح : ممكن انه عاد الي منزله ، هل اتصلت به هناك ؟
نظرت له بضيق : لا لم اتصل ثم انه غاضب من اية لن يعود اليها بسرعه هكذا
اتسعت ابتسامته : هل هو اخبرك ، ام انه استنتاج فخامتك
مطت شفتيها بضيق : لا لم يخبرني ولكني شعرت به
ضحك لتشيح بوجهها عنه ابتلع ضحكته وأقترب منها
__ لماذا الغضب حبيبتي ؟ انت تعلمي جيدا ان علي يعشق اية بجنون ثم ان السبب الرئيسي في مرضه هو المشاجرة التي حدثت بينهما والتي لم يخبر احدا عنها
ومن الافضل لهما ولجنى ان يتصالحا ويعود الي المنزل
اليس هذا كلامك بسنت ؟
نظرت اليه وتنهدت : نعم ، وانا متمسكة برايي التصالح بينهما من اجل صالح جنى ، ولكني كنت اتمنى ان يؤدبها قليلا لتشعر بقيمته ووجوده في حياتها
__ يستطيع تأديبها وهو موجود بالبيت بسنت ، ثم لم اسمع من قبل عن رجل يتشاجر مع زوجته فيترك البيت ، ان المرآه هي من تفعل ذلك دائما
نظرت له بغضب والشرر يتطاير من عينيها وقالت بنبرة قوية: ماذا تقصد محمد؟
تنبه الي ما قاله بحسن نية : لا لم اقصد شيء ، انا متعجب من موقفه لماذا لم يرسلها لبيت اخاها ،بدلا ان يترك لها البيت ويذهب
تنفست بقوة : ان علي مختلف في انفعالاته ، كان دائما عندما يغضب يتركنا ويذهب الي أي مكان ، الي ان يهدئ
__ كفي عن قلقك ، واتصلي به في منزله لتطمئني عليه
او انتظري الي الغد اتركيهم يحتفلوا بالمصالحة بينهما
غمز بعينه لتضربه بخفة على كتفه : تهذب
ضحك بحب لها لتقول بقلق : محمد اريد ان اطلب منك شيء
اقترب منها واحاطها بذراعه : امري حبيبتي ، انا كلي تحت امرك
__ اريد ان اذهب الي الطبيبة غدا لنتفق معها على اجراءات العملية
نظر لها بهدوء : لماذا بسنت ، لماذا ستجرين العملية الان ؟
قالت وهي تحكم السيطرة على دموعها : تعبت من الانتظار
لن استطيع الانتظار اكثر من ذلك
__ ولكن الطبيبة اخبرتنا انك ستحملين طبيعيا اذا استخدمت الدواء كالمرة الماضية ولكننا نحتاج الي الوقت
__ تعبت محمد واشعر باني فقدت الامل في هذا الدواء
تعبت وانا كل يوم الاعب اطفال ليسوا اطفالي ، وافكر بان كم هو ممتع ان تلعب مع طفلك انت وتراه يكبر امامك ويقلد تصرفاتك انت اريد طفلا لي يحمل ملامحي وعيناك التي تشع منها الطيبة والحنان
سقطت الدموع من عينيها : تعبت وانا ارى الاطفال يهرعون الي امهاتهم ويتركوني خلفهم كل يوم ، وكل يوم ادعي القوة والتحمل والصبر واتمنى ان غدا سياتي طفلي الذي يهرول الي انا دون عن كل الناس الاخرين ، تعبت محمد تعبت
اجهشت بالبكاء ليحتضنها بين ذراعيه ويغمض عينيه الما
فكل ما تشعر به يشعر به هو الاخر كم شاهد الاباء وهم يلعبون مع ابنائهم وتمنى ان يكون بمكان واحد منهم ، كم يشعر بالغيرة عندما يتكلم زملائه عن ابناؤهم ويشتكون من شقاوتهم التي لا حدود لها وكم دع الله ان يرزقه بطفل طفل واحد وليكن كما يكون سيتحمله كما هو ، يشعر بالمها فهو نفس الالم الذي يحاول دفنه بأعماقه من اجلها حتى لا يفقدها فكل ما يشعر به لا يوازي شيء امام شعوره بألم ان يفقدها
فهي حياته كلها واذا يريد طفلا يريده منها هي
قال مازحا ليخفف عنها : ولكني لا اريده ان يحمل عيناي الضيقة ، اريده يشبه امه الحسناء التي فتنتي من اول مرة اراها بها
رفع راسها ومسح دموعها ونظر اليها بهيام : أتتذكرين بسنت؟
ابتسمت وقالت بصوت محشرج : طبعا ، هل استطيع ان انسى ، كم كنت ثقيل الدم معي ؟
قهقه ضاحكا : صراحة شعرت بالغيرة من هذا العلي فحظه هذا اليوم ان جميع عملائه من السيدات الحسناوات وانا كل عملائي من الرجال كبار السن ، وعندما رايتك اول مرة شعرت بشعور غريب لم اشعر به من قبل وعندما سالتي عن علي بالاسم شعرت بغيرة شديدة تجتاحني
اكملت : ولذلك تكلمت معي بعصبية شديدة
اطرق راسه حرجا : كنت اظن انكي صديقته فانا رأيت زوجته من قبل وغضبت منه بشده ، فمن يتزوج امرأة جميلة بهذا الشكل المرعب ماذا يريد ليصادق امراه اخرى ؟
ضاقت عينها وقالت بغيرة لم تستطع اخفائها : اذن انت ترى ان ايه جميلة ؟
ابتسم : نعم ، لا احد ينكر انها فائقة الجمال ولكنها لا تروق لي
ابتسمت ليكمل : وعندما علمت منه اليوم التالي انك اخته لم استطع ان امنع نفسي من طلب الزواج منك
ابتسمت ونظرت امامها وكأنها تتذكر : عندما اخبرني علي ان احد زملائه يطلبني للزواج رفضت بحجة اني لا اعلم عنه شيء ولكن علي قال لي يومها تعرفي عليه ، سأرتب موعدا معه لتريه وتتكلمي معه واذا شعرت بالقبول نتمم الخطبة لتتعرفي عليه اكثر الي ان تقرري الزواج منه
عندما رايتك شعرت بصدمة عمري ، وكنت اريد العودة الي المنزل بدلا من تضييع وقتي معك
ولكن نظرة من عيني علي جعلتني ابتلع اعتراضي واجلس مرغمة
__ جلست ولم تنطقي بحرف وكدت ان اموت رعبا فرفضك لي واضح كوضوح الشمس الي ان تركنا علي وهو يستأذن بالذهاب الي دورة المياه
شعرت بانها فرصتي الوحيدة واذا لم اغتنمها سأفقدك والي الابد
ابتسمت: كنت سأقتله عندما تركنا وذهب ولأول مرة بحياتي لا اعرف ما المفترض علي فعله
احمرت خجلا وهي تكمل : وعندما جلست بالكرسي المجاور وهمست لي بان اتعامل معك من الان ولا اضع الموقف السخيف الذي حدث بيننا من قبل في حساباتي شعرت انك صادق و شعور عجيب بالألفة احتواني لدرجة اني نظرت اليك دون خجل لأرى اطيب عينان بالوجود
اسرتني نظرة عيناك التي تشع منها الطيبة والحنان
همس : اذا كانت اسرتك عيناي فانت امتلكتني من اول نظرة من عيناك الشقية الضاحكة
ابتعدت عنه قليلا : هل ستذهب بي الي الطبيبة غدا ؟
هز راسه بالإيجاب : وهل استطيع الرفض يا قلبي ؟ انا قلت لك من قبل انا تحت امرك
*******************
__ ياسر هاتفك يرن
طل براسه من دورة المياه : تجاهليه
__ انها رابع مرة يرن بتواصل
خرج وهو يلف المنشفة حول خصره ويجفف شعره بمنشفة اخرى
قال ضائقا : من هذا الغلس الذي يتصل دون انقطاع ؟
نظرت الي الهاتف : انه رقم غريب غير مسجل
مسك الهاتف لينظر له ويعقد حاجبيه : مرحبا
صدح صوتها العال : اين انت ياسر ؟ لماذا لا ترد على اتصالاتي ، ثم اتيت اليوم لأجد انك رتبت اجازتك دون ان تخبرني بها
دارت مقلتيه البنيتين بتوتر لينظر بطرف عينه الي مريم القريبة منه وهي تدور بالغرفة وتفرغ الحقائب فهما وصلا الي شقتهم الواقعة بالغردقة منذ قليل قال بجدية : مرحبا بك دكتورة سلمى ، الدكتور مصطفى سينوب عني بالحالات التي اتابعها وتستطيعين ان تتمرني معه
__ ماذا يحدث ياسر ولماذا تتكلم معي بجديه لم اعتدها منك من قبل ؟
زفر بضيق وهو يشعر بمدى الخطء الذي تورط به في غفلة من عقلة : من فضلك يا دكتورة انا مشغول هذه الايام فأرجوك توقفي عن الاتصال بي لتتكلمي معي بالحالات الطيبة المسئول عنها واستشيري الدكتور مصطفى فيما تريدينه وعندما اعود لنا حديث مطول معا
اغلق الهاتف بحدة ولم ينتظر سماع ردها ونظر الي مريم الذي لم تلتفت له حتى ولم تهتم بالمكالمة من الاساس
كح وهو يشعر بتوتر من ان تكون تناهى الي مسامعها صوت سلمى العال وكلماتها التي تنوه عن علاقة غير طبيعية بينه وبينها اقترب منها وهو يتفحص ملامح وجهها ابتسم بتوتر لتسال هي بهدوء : من ياسر ؟
نظر لها وهو يتنهد داخليا فهي من الواضح انها لم تسمع أي شيء مما دار في مكالمته الهاتفية : لا شيء ، انها الطبيبة التي تعمل و تتدرب معي
__ هل هي من تلامذتك ؟
__ كانت السنة الماضية ، ولكنها اصبحت طبيبة الان ، ولكنها تعمل تحت اشرافي فهي مهتمة بجراحة القلب
نظرت له وابتسمت بنعومة وسالت بابتسامة مراوغة
__ مهتمة بجراحة القلب ام مهتمة بك ؟
صعق بشده من السؤال واصفر وجهه ليقول بارتباك
ملحوظ : ما الذي تقولينه مريم ، كيف تفكري بهذه الطريقة ؟
ابتسمت وهي عيناها تشع غموضا : ما بك ياسر انا امزح معك ، انها مزحة ، ما الذي اربكك هكذا ؟
لفت ذراعيها حول عنقه : هل هذه الطبيبة الصغيرة معجبة بك حقا وهذا ما ازعجك من كلامي ؟
انتفض : لا طبعا ، انا تعجبت من تفكيرك
ابتسمت وقبلت خده بلطف : كانت مزحة حبيبي ، انا اشك بنفسي ولا اشك بك ياسر
احمر وجهه بشده و ابتلع ريقه بصعوبة ، ليبتسم بتوتر : سأرتدي ملابسي ونخرج جميعا لتناول الطعام ، هيا ابلغي الاولاد واجهزي
ابتسمت : حاضر حبيبي
تركته وانصرفت وهي تجاهد الا تضحك بصوت مسموع على مظهره المرعوب مما قالته ، تشعر بسعادة فهي تأكدت ان علاقته بهذه الطبيبة اللعوب لا تتعدى عن تبادل بعضا من الاحاديث اكيد مال اليها ياسر في خضم انشغالها هي عنه ولكنها ستستعيد الامور كما كانت
وها هو عاد كما كان لم يبلغها بسفره ولا اجازته اذن هو لم يهتم بها بالدرجة الكافية ليخبرها بأموره الشخصية ،ثم انه نسى امرها تماما عندما ابلغته بإجازتها ورتب امور عمله ليسافروا كما يفعلون دائما اذن سنعود الي القاهرة ياسر وانت لا تذكر عن هذه الطبيبة أي شيء
تنفس بتوتر وهو يفكر هل هي مزحة بالفعل من مريم
ام انها تشعر بشيء جعلها تتفوه بهذه الكلمات
ولكنها اذا شعرت بشيء لن تصمت وتتعامل معه بطبيعية
فهي لم تتغير اطلاقا في معاملتها معه ، فهي كعادتها
لا تفكر ياسر انت تفهم مريم اكثر من نفسك اذا تشك بك ستتغير ولو قليلا ، لا تتوتر بدون سبب واكمل اجازتك
كما خططت لها ، وعندما تعود الي عملك اعد الامور بينك وبين سلمى الي نصابها القديم ، وتعلم جيدا من هذا الدرس فليس كل مرة ستسلم الجرة
************************
ارتعبت من شكل الشاحنة الضخمة وهي ترى انهما متجهين اليها لتصرخ : احذر عمر
شعرت به وهو يحاول ان يتفادى الشاحنة بكل قوته
ولكنه لم يستطيع وسيارته خانته صرخ بها : اخفضي راسك
لم تستطع الحركة وصدح صوت الاصطدام عاليا لتشعر بالسيارة وهي تطير عاليا لترى صفحة السماء الزرقاء
لتنقلب وتسقط بقوة صرخت وهي تغمض عينها من قوة الالم الذي شعرت به بذراعها فتحت عيناها لتنظر اليه لتصرخ مرة اخرى وهي ترى سيارة اخرى تصطدم بهما من ناحية عمر اتسعت عيناها رعبا وشعرت بألم فظيع يجتاحها لتغلق عيناها وتذهب في سبات عميق وهي يتناهى الي مسامعها صوته الحنون : اهتمي بنفسك عليا ، احبك
فتحت عيناها وصرخت برعب : عمر
اذاها النور القوي فغلقتهما مرة اخرى وهي تشعر بالألم شديدة اسفل بطنها تأوهت بشدة عندما حاولت تحريك ذراعها
لتنتبه الي ثقل قوي به
فتحت عيناها تدريجيا هذه المرة لترى الكون ابيض امامها والضباب يغطي عيونها
سمعت صوت نور المبحوح : علياء ، هل تسمعيني ؟
هزت راسها بقوة وهي تقول : نعم
تهلهل وجه نور بسعادة واقتربت منها : حمد لله على سلامتك
هزت راسها وهي تبكي بصمت ليقترب علي منها
ويمسك يدها : هل انت بخير علياء
هزت راسها نافية لتسال : اين عمر ، علي اريد ان اراه
__اهدئي حبيبتي ، وسآخذك لتريه بعد قليل
صرخت بقوة اكبر : لا اريد ان اراه الان
خذني اليه الان ، اريد ان ارى عمر
اندفعت الممرضات الي داخل الغرفة اثر سماعهم لصراخها
بدأت تنتفض وتبكي بنحيب اكبر حاولت ان تنزع انبوب المغذي من يدها لتهرع الممرضة وتعطي اليها حقنة مسكنة تذهب على اثرها الي النوم مرة اخرى
تصلب جسدها وهي ترى صديقة عمرها واقرب من لها تنتفض بهذه الطريقة وتشيح بيدها بعنف ودموعها تنهمر بغزارة من عينيها وتصرخ منهارة مناديه على عمر
لتصمت فجأة نتيجة المسكن القوي الذي اعطته لها الممرضة
يشعر بألم كبير بصدره وهو يراها منهارة بهذا الشكل لا يستطيع ان يفعل لها أي شيء ، لا ان يعيد اليها زوجها ولا يعيد اليها طفلها الذي فقدته ، عاجز هي الكلمة التي ترددت بأذنيه وهي ابلغ كلمة تصف موقفه ، سيطر على دموعه حتى لا تنهمر منه وهو يشاهدها تذهب الي غيبوبة مرة اخرى على اثر المهدئ الذي اخذته
شد ياسين على كتفه مؤازرا له ليهز راسه بتعب
التفت ياسين الي نور واخذها بين ذراعيه ليهدئ من روعها
ويطلب منها ان تكف عن البكاء
جلس علي بجانب فراش اخته الصغيرة و أحتضن يدها بكفيه ويقبلها بحنان ثم سند جبهته علي يديه
اشار ياسين اليها لتتبعه بصمت فهي الاخرى آثرت ان تترك علي بمفرده وتعطيه بعضا من الخصوصية مع اخته الغالية كما كان يلقبها دائما
خرجت وراؤه لتجده منتظرها ونظرة الحنان تشع من عينيه
__ نور انت لم تتناولين الطعام من الصباح هيا تعالي لنتناول الطعام ونأتي لعلي بالطعام
همت بالرد عليه ليأتيها صوت علي من خلفها : اذهبي لترتاحي نور ، ولا تقلقي انا موجود هنا وسأطمئنك
نظرت اليه : لا علي ، لن اتحرك من هنا الا عندما اطمئن على علياء وعلى عمر
تنهد ليبتسم لها : عمر بخير وعلياء ايضا ، اذهبي لترتاحي قليلا ، وتعالي بالليل لتجلسي معهما
جز على اسنانه غضبا وهو يراها تتكلم مع علي ليبتسم الاخر لها ، يعلم بقرارة نفسه ان علي يتعامل معها كعلياء وهي ايضا تعتبره بمنزلة عمر ولكنه لا يستطيع ان يسيطر على غيرته المشتعلة وخصوصا ان علي اقنعها بابتسامته وكلماته القليلة ان تذهب معه ، وهو يعلم انه كان سيستغرق وقت طويل لإقناعها
انتبه على صوت علي : اشكرك ياسين ، ارهقناك اليوم
نظر اليه بعتب : لا تغضبني علي ، عمر صديق واخ ثم انسيت انه نسيبي
__ لا ياسين ، انا اعلم جيدا مكانة عمر عندك ، ولكني مشفق عليك بسبب شهر عسلك الذي لا تستطيع ان تظفر به الي الان
ابتسم ياسين بتعب : انه قدر علي ، والانسان لا يستطيع الهروب من القدر
__ اذهب انت الاخر لترتاح قليلا ، ولا تشغل راسك بموضوع الطعام هذا ، سأتناول شيء من الكافيتريا اذا شعرت بالجوع ، اذهب
تنهد ياسين ليحتضنه بقوة : اجمد علي ، ستحتاج الي قوتك كلها الايام القادمة
هز راسه موافقا على كلامه لينصرف ياسين
انهى حديثه مع علي ليبحث عنها حوله فلم يجدها
نظر مرة اخرى ليجد علي يدخل الي غرفة علياء ،توجه الي هناك ظنا منه انها بالداخل ، طرق الباب بهدوء لينظر الي الغرفة سأله علي : لماذا لم تنصرف ؟
ابتسم بتوتر : لم اجد نور بجانبي فتوقعت انها هنا
__ لا ، ممكن تكون مع عمرو ونهى
هز راسه لينصرف سريعا ، اتصل بنهى ليسالها عن نور فتجيبه بانها لم تراها منذ كان معا اخر مرة
شعر بالقلق عليها والغضب منها ليضيء عقله فجأة وتسرع خطواته وهو يتجه الي الواجهة الذي يتأكد من وجودها بها
*******************
نظر لها وهو خارج من دورة المياه ليجدها تدور بالغرفة بعصبية شديدة وتفرقع اصابعها
__ ماذا حدث ندى ؟
نظرت اليه وهي تقول بعصبية : نهى وعمرو سافرا الي الاسكندرية لياسين فاخو زوجته تعرض الي حادثة
اريد ان نعود احمد انا اشعر بعدم اطمئنان
__لا حول ولا قوة الا بالله ، اجهزي سنعود الان امي لن تستطيع ان تعتني بالأطفال بمفردها ، وخاصة ان يوسف لا يستطيع الحركة
هزت راسها ايجابا وهي تسرع بإلمام اشيائها لتعود الي القصر فهي تشعر بقلق كبير مسيطر على فكرها ولا تعلم سببه
**********************
دوت ضحكته مجلجلة يشعر بسعادة كبيرة وهو يستمع الي هذه الاخبار التي تطربه وتشعره انه يستمع الي سمفونية جميلة ، معزوفة خيالية لم يسمعها من قبل
اغلق الهاتف ليقف ويلف بخفة لا تتناسب مع سنه الكبير
ولكن تتناسب مع رشاقته الذي لا يزال يحتفظ بها كشاب في الثلاثين
وقف الي المرآه لينظر الي نفسه بفخر واعتزاز ويبتسم الي نفسه بإعجاب ، رفع اصابعه الي جبهته محيي نفسه بخفه
اقترب اكثر من المرآه وحدث نفسه بصوت عال وهو يصفق بيديه عدة مرات : رائع حافظ كعادتك دائما ، تستحق تصفيق حاد
اخيرا انتهيت من هذا الكابوس المسمى عمر
لمع الكره بعينيه وهو يكمل : كم ابغض هذا العمر الذي استطاع ان يحرمني من ابنتي الغالية
لتتسع ابتسامته وهو يزفر بارتياح : ولكننا انتهينا منه خلاص
انتهينا نور ، ستعودين الي حبيبتي ، ولن يستطيع لا محمد او هذا العمر ان يقفا بوجهي و يحولون بيننا
الدور هذه المرة على زوجك الكريه ، هذا المعتد بنفسه ولكني سأتخلص منه بطريقة جديده تجعله هو من يبتعد عنك
لتجدي نفسك بين ذراعي انا ، فانا من سيتبقى اليك نور
انا الوحيد الذي سيبقى ليحميك ويحبك نور
*********************
انطلق نحوها وهي تقف تنظر الي جسد اخيها الممد على الفراش وطنين الاجهزة يتعالى بجانبه وهو لا يشعر بما يحدث حوله
تنظر الي اخيها بحسرة وهي تشعر ان العالم كئيبا اسودا بعينيها ، لماذا لا يفهمون انها لن تستطيع الانصراف وهو ممد هكذا ، كيف تستطيع ان تحيى بدونه ، هو من تبقى لها
هو الذي رباها و فرق لها بين الصواب والخطأ هو من اغدق عليها بحنانه وبث بالقوة لروحها ، هو امانها وسندها اخيها وابيها وصديقها
انهمرت الدموع من عيونها لتشعر بقبضته الدافئة وهي تسمك كتفها مؤازرة لها
__ لن استطيع الانصراف ياسين ، لن استطيع
تنهد بحنان ليضم ظهرها الي صدره ويهمس : سيكون بخير
ظلا فترة قليلة من الوقت يقفان بنفس الطريقة لتخف دموعها ويتوقف نشيجها المكتوم
همس مرة اخرى : يجب ان نذهب نور ، انا وانت نحتاج الي قليل من الراحة ، لنستطيع ان نواصل فالأيام القادمة ستكون مرهقة وصعبة الاحتمال
هزت راسها موافقة ليرتفع طنين الاجهزة بشكل هستيري من
العناية المركزة لدرجة ان سببت الانزعاج لهما
توتر ياسين لترتعب وهي تشاهد اندفاع الممرضات والاطباء الي الداخل مسرعين
انتبها هما الاثنان ان الاطباء يلتفوا حول سرير عمر ويحاولون اسعافه
صرخت نور برعب ليحتويها هو بين ذراعيه ويلفها اليه حتى يكون ظهرها الي الغرفة ولا ترى ما يحدث
في ثواني كانوا يندفعون بعمر الي الخارج
جمد ياسين ليستوعب الامر بعد لحظات ليندفع خلفهم صائحا
__ ماذا حدث ؟
توقف احد الاطباء ليجبه : لقد فقدنا السيطرة على النزيف
انه ينزف مجددا ، ادعو له فان لم نستطع السيطرة على النزيف قضم جملته
ليتخيل ياسين ما يقصده الطبيب ليفاجئ بها تتمسك به بشده
لتسقط مرة اخرى بين ذراعيه
***********************
يلف في غرفته بعصبية سالته ونظرها لم يغفل عنه منذ مده وهي تراقب ضيقه الشديد لدرجة انه يجهد رجله المصابة
سالت باهتمام وهي تقترب منه : ماذا بك جوي ؟
ابتسم لسماع مناداتها له بكنيته المحببة من شفتيها ليقول بضيق : اشعر بالضيق
ابتسمت وهي ترغمه على الجلوس لتجلس بجانبه : نعم لاحظت ذلك ، لماذا تشعر بالضيق ؟ اخبرني
زفر بألم : لأني عاجز ان اقف بجانب اخي في وقت هو بأمسّ الحاجة الي
نظرت اليه بإعجاب لتساله بحب : هل تريد الذهاب اليه ؟
لمعت عيناه للفكرة : طبعا ، ولكن كيف ؟ انا لا استطيع قيادة السيارة
ابتسمت بخبث : انا استطيع
اتسعت عيناه : ولكن انت حامل ولن تستطيعي القيادة كل هذه المسافة
اتسعت ابتسامتها : انها مسافة قريبة يوسف ، لا تقلق
صمت قليلا وهو يفكر بما اقترحته يريد الذهاب لأخيه ولم يستطع مرافقة عمرو حتى لا يترك امه بمفردها ولكن الان بعد وصول احمد ونادين استتب الوضع وهم من سيعتنون بالأطفال
نطق وهو يفكر بصوت عال : سيارتي بالتوكيل ولم يذهب احد لاستخراجها منه
ردت بهدوء : سيارتي موجوده فانت اتيت بها في اليوم السابق لحادثتك
نظر لها : امي ماذا سنفعل معها فهي لن توافق على ذهابنا
ضحكت برقة : شعرت الان باننا تلاميذ نخطط للهروب معا يوسف
ابتسم : امام امي ياسين نفسه يعود الي المدرسة
الم تري كيف منعته من الذهاب الي الشركة منذ ايام قليلة ؟
ضحكت بقوة هذه المرة وهي تجلس على ركبتيها امامه وتساعده على ان يريح رجله المصابة: نعم لم اصدق انه سيمتثل اليها
تنهد بحب : امام امي لا يستطع ان يعترض احدنا
ردت بصوت منخفض : لن نبلغها
نظر لها لتلمع عيناه بخبث : نتسلل ليلا دون ان نخبرها بذهابنا و عندما نصل الي هناك نطمئنها علينا
ضحكت بشقاوة له ليكمل : جهزي الحقائب وبالصباح الباكر سنغادر قبل ان يستيقظ احد منهم
صفقت بيديها فرحا وهي تنتفض واقفة : هذا هو جوي حبيبي
شدها من خصرها بيده السليمة ليجلسها بحضنه : كم احب سماعها منك جيجي
نظرت له بهيام : ما هي ؟
__ كنيتي الحبيبة
قالت بنبرة مغرية : جوي
احكم قبضته عليها ليقبلها بنهم شديد وقال بصوت
اجش : عيديها
ابتعدت عنه لتقول : لا اذا تماديت معك لن نفعل شيء ، ولن نذهب الي ياسين
تركها تقف ليسال باهتمام : لماذا مهتمة للذهاب ؟
قالت بصدق : اريد ان اكون بجوار نور ، فهي وقفت بجانبي خلال قلقي عليك وكانت نعم السند لي ، ثم اني احبها واعتبرها كأخت لي و هي تحتاج مساندتي الان
ابتسم الي حبيبته الجميلة التي ظاهرها لا يعلن عن جمال روحها ومشاعرها ، فمن يرى انجي بمظهرها المتحرر وطريقتها المندفعة في التعبير عن مشاعرها وآرائها يقول انها مجنونة وسطحية وتافه وعقلها لا يشغله الا اخر صيحة في الازياء ، ولكن هو يعرفها جيدا وجوهرها ما يأسره بالفعل
فهي انسانة رقيقة حساسة تشعر بالأخرين ولا تتردد في مساعدتهم
تنهد وهو يبتسم ابتسامة شفافة صاعدة من داخله
نادها برقة لا مثيل لها : انجي
نظرت له مستفهمة ليمد لها يده ويشير لها بالاقتراب
نظرت الي عيناه لترى نظرته العاشقة التي تجعلها تهرع الي احضانه ، فلم تتردد لحظة واحدة لتهرول اليه رامية نفسها بين ذراعيه
************************
صرخ بالسائق : اسرع قليلا
يشعر بالغضب منذ ان ابلغه الرجل الذي وضعه ليراقب عمر بان نور فقدت وعيها وبغيبوبة ، لم يستطع ان يكبح جماح نفسه وهو ينزل مسرعا للذهاب اليه
وهو يشعر بالضيق منها : لماذا هي ضعيفة هكذا ؟ لماذا ترتبط بهذا اللعين ؟ ماذا سيحدث اذا تركها فهو يرى ان من الافضل ان يتركها هذا الاحمق ، فهو سيعمل على رعايتها كما لم يفعل هذا العمر
دخل الي المشفى وهو يسرع بمشيته فهو على علم برقم غرفتها
شعر بالسعادة وهو يجدها بمفردها ليدلف الي الغرفة بهدوء شديد وهو يمعن النظر بها
خفق قلبه بشده وهو يجلس بقربها وينظر لها بحنان ابوي
امسك يدها الباردة بقبضتيه محتضنا اياها وهمس :اخيرا نور
اخيرا استطعت الاقتراب منك ،كم افتقدك حبيبتي ، كم اريدك الي جواري ، كم اشعر بالألم لأنك بعيدة عني ، اشتقت اليك واليها ، انت من بقيت لي
نظر اليها متمعنا بملامحها ليشعر بحب كبير لها ويبتسم لرؤية لون شعرها الذي يعلن عن انتمائها له ، مد يده ليمسك خصلات شعرها بهدوء شديد والحنان يتدفق من عينيه
ليقترب مقبلا لجبينها برقة شديدة : سامحيني اذا كنت اخطأت معك يا ابنتي الغالية
انتبه على باب الغرفة وهو يفتح ليرفع بصره ويرى هذا الشاب الثقيل على قلبه ينظر اليه بكره شديد
جلس بجانبها وهو يتألم ، قلبه لا يتحمل ان يراها بهذا الضعف ، لا تحتمل فكرة فقدان اخيها ، وهو ايضا لا يحتمل فكرة ان عمر سيتركهم الي الابد
تنبه لعلي وهو يشير اليه من الخارج ليخرج مسرعا اليه
توجه علي الي الطبيب ليتبعه ياسين : كيف حاله ؟
ابتسم الطبيب بتوتر : انه بخير ، النزيف توقف
زم الطبيب شفتيه ليكمل : قلبه متضررا بشدة ويحتاج الي عملية سريعة ، ويحبذا ان نجريها الان ، ولكننا نريد احدا يوقع لندخله الي غرفة العمليات
نظر الاثنان الي بعضهما بقلق ليسال ياسين :لماذا الان تحتاجون الي توقيع احد منا
__ العملية خطيرة و نسبة نجاحها خمسين بالمائة فقط
اتسعت عينا ياسين ليمسك هاتفه سريعا وكأن عقله بدأ يعمل الان ،بحث عن اسم ياسر ليتصل به
جالس يتناول الطعام مع ابناؤه ليرن الهاتف فيبتسم
__ اهلا بعريسنا الغالي ، لا تقل انك اشتقت الي
__ مرحبا ياسر ، كيف حالك ؟
عقد حاجبيه لصوت ياسين الجدي : انا بخير ، هل حدث شيء ما ؟
__ احتاجك بشدة ياسر ، عمر اصيب بحادث سيارة وحالة قلبه خطيرة ولابد من اجراء عملية له وانا غير مطمئن ، الطبيب هنا يقول ان نسبة نجاحها خمسين بالمائة فقط
شحب وجه ياسر لاندفاع المعلومات التي يقولها ياسين وهو يحاول استيعابها كاملة ليقول بحزم : سآتي لك حالا على اول طائرة
اغلق الهاتف لينظر الي الطبيب : سننتظر ان يصل الدكتور ياسر منصور ، هل تعرفه ؟
اتسعت عينا الطبيب الصغير : طبعا فهو من الجراحين المشهورين
هز راسه : نستطيع الانتظار ، اليس كذلك ؟
__ نعم ولكن لوقت قصير
__ سياتي في خلال ساعة على الاكثر
__ نستطيع السيطرة على الحالة الي هذا الوقت
زفر براحة ليساله علي : كيف حال نور الان ؟
ارتعش فكة السفلي لسؤال علي الغير متوقع سيطر على غيرته ليقول بهدوء : بخير ، ستفيق بعد قليل
ابتسم لعلي ابتسامة متوترة : سأذهب حتى تجدني بجانبها عندما تستيقظ
انصرف سريعا ليذهب اليها ، فهو يعلم انها ستفيق بعد قليل
كالمرة الماضية ، ليتسمر عند رؤيته لهذا الشخص الكريه جالس بجانبها ويمسد على شعرها ، تصلب جسده ونفرت عروقه بدماء الغضب وهو يرى قربه من نور بهذه الطريقة
اتجه في عاصفة غاضبة وفتح الباب بقوة ليقف موجها نظرة كره اليه
جز على اسنانه وهو يرى ابتسامته الكريهة تلمع على شفتيه
ابتسم بسخرية شديدة وهو يرى نظرة الكره المطلة من عيني ياسين ليسخر من نفسه ، ابنتك تزوجت من هذا الشاب الذي لا تطيق وجوده ، هتف صوت داخله لنتخلص منه حافظ
قام من مكانه ليقف امام ياسين والابتسامة الخبيثة تلمع على شفتيه : ابتعد حتى اذهب فانا لا احبذ رؤيتك واكرهك كما تكرهني ولكني جئت لا طمئن عليها
ابتسم ياسين بتهكم وهو يبتعد عن طريقة ليخرجا الاثنان من الغرفة ويغلق ياسين الباب ، حتى لا تسمع نور حديثهما اذا استيقظت : ولماذا لم تطمئن على المسكين الذي سيموت بسببك ، ام انك لا تبالي به
اتسعت ابتسامة حافظ : اذن لقد اخبرك بالعداوة بيننا
نظر له ياسين متفحصا ليكمل: عجيب عمر، استأمنك على سر من أسراره الكثيرة التي لا يخبر بها احد
ألهذا الحد يثق بك ؟
ظهر الغضب جليا على وجه ياسين : اذن انت من وراء الحادثة بالفعل
نظر له وابتسم ليكمل وكانه لم يستمع الي ياسين : وهل اخبرك بباقي الاسرار ، ام اكتفى بالعداوة القائمة بيننا
نظر له ياسين بكره ليقول بحزم : لا تأتي الي هنا ثانية وانسى ان لك ابنة اخ ، هي الان زوجتي ولا اريدك ان تقترب منها ، واعلم جيدا انني لن انسى ثأري ابدا ولن انسى ثأر عمر ايضا
ضحك بتهكم : اذن لم يخبرك عمر بشأنها
ضاقت عينا ياسين ليكمل الاخر: نصيحتي ان تنسى موضوع ثأرك هذا لان لن تستطيع ان تثار من والد حبيبتك وزوجتك
نظر له ياسين وعيناه تقفز منها الاسئلة ليتبع بسخرية
شديدة :انها ليست ابنة اخي
اقترب منه بأسلوب مستفز وهمس بصوت سعيد تشوبه السخرية : انها ابنتي انا
اتمنى المفاجاة تعجبكم
والبارتين يحوزوا على اعجابكم
البارت الاول عيديتي
والبارت التاني هديتي ليكم
كل سنة وانتم طيبين
لا تحرموني من تفاعلكم و ردودكم
موعدنا السبت القادم باذن الله
القاكم على خير
|