كاتب الموضوع :
فداني الكون0
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
6 – هل مرت العاصفة
بعد الاستحمام ارتدت كولين فستانا رماديا واسعا عليه زهور ربيعية بيضاء وصفراء , ثم عقصت شعرها الى الوراء بشريطة رمادية وانتعلت صندلا .
كانت قد دلكت جسدها بسائل مرطب ولم تختدم اى نوع آخر من ادوات التجميل , سمعت موسيقى تصدح ثم تبين لها انها لموزارت , بعد انتهاء المعزوفة ساد الصمت , ولم يعد هناك مايدعوها لتاخير خروجها من غرفة النوم التى فى الطابق السفلى . ومع ذلك ظلت بضع دقائق آخرى غارقة فى التفكير فبعض الامور تتعقد ويصبح التفسير معها صعبا بشكل غير معقول مثلا كيف لها الاستمتاع بعناق رجل معجب بجسدها فقط والا لما تفاوض معها وكأنها قطعة اثاث مرغوبة
والانكى انه حشرنى فى اصعب زاوية بحيث بت لا استطيع التفكير فى طريقة للخلاص الا حبس نفسها هنا حتى يعدنى باعادتى الى منزلى او الاضراب عن الطعام , لماذا لم افكر فى هذا ؟ ابتسمت متجهمة لماذا اشعر انها سيزيل هاتين العقبتين من طريقه ايضا ؟
قطعت طرقة على الباب افكارها فهبت ترد :
- ادخل
لكنه لم يدخل بل فتح الباب , وحاول قول شئ لكنه توقف عابسا , ولم تتمكن كولين من انتزاع عينيها بعيدا عنه , كان يرتدى سروالا من الجينز وقميصا مخططا بالابيص والاسود
قال بلا مقدمات :
- ما بك ؟
توردت وجهها ثم صوبت اليه نظرة غضب , فى الواقع هو غضب القطة التى تلاحق ذنبها
قالت ساخرة :
- لاشئ ........... انا بخير
دخل الغرفة وتوقف ينظر اليها متفرسا :
- لو استطعت الاسترخاء فقد نتمكن من احرز تقدم
ردت بنظرة ساخرة :
- نحو ماذا ؟ لا تقل لى اننى قادرة على التكهن
- نحو الكمال وانا اعنى ( رفقة )
- ناش ........ يجب ان احذرك اننى على عكس مايوحى به تاريخى ......... لست بارعة فى لعبة الالغاز
- وهل تلعبين الالغاز ؟
- اجل ........ لعبة القط والفار ................ وانا الفار
ابتسمت بفظاظة ثم تمتمت ساخطة :
- ليتنى استطيع اتخاذ قرار
نظر اليها متسائلا , ولكنها استعادت رباطة جاشها بسرعة , واردفت :
- المسالة انك تجبرنى على الزواج بك , ثم تعمد الى استغلال تجاربك الكثير وخبرتك مع النساء دون خجل لتثبت لى قدرتك على دفعى الى التجاوب معك وبتقديرى ان تصرفك هذا لايجعلك افضل من ديك ....... مع اننى لن اكون محقة ان نعتك بالانتهازى النذل بل الانسب ان انعتك بالمليونير النذل
قال وعيناه تومضان خبث :
- برافو كولين ...... هذا ..... النذل يتحمل التوبيخ كليا ..... ولكنك مثيرة وانت غاضبة ....... اتعرفين هذا
قالت ساخطة :
- آوه ......... لماذا لا اسجن نفسى ؟
- هذا تصرف طفولى منك ........ انا افضلك عندما تطلقين النار بلا رحمة , ستشعرين انك افضل حالا بعد تناول الطعام ...... الطقس جميل فى الخارج والنار متقدة .
شوى لهما شرائح اللحم والنقانق , وتناولاها مع السلطة اضافة الى طبق مكرونة حضرته فيفى سابقا , وكان هناك ايضا قالب حلوى مع الايس كريم .
كان المكان على قمة تلة ناش مورداون الخاصة هادئا بشكل غير معقول , ارتشفت كولين عصير الفاكهة الطازجة الباردة , وهى تراقب الدخان يتصاعد من النار , وبدا ان فى السماء ملالاين النجوم وهلالا يتوجه نحو المغرب . اخيرا قالت :
- اخبرنى عن نزوة التجوال التى تسيطر عليك احيانا
هز كتفيه قليلا :
- يعود منشأ هذه العادة الى طفولتى اذ كنت اقرا كتب المغامرات واحلم ........ وكانت اكبر طموحاتى ان اصبح صياد كبيرا او مشرفا على رحلات الصيد
رفرفت كولين عينيها وفكرت فى انه لو قال لها انه حلم ان يكون مهرج فى سيرك لم دهشت اكثر من هذا قالت :
- انه طموح غريب لفتى اوسترالى
- كانت امى من جنوب افريقيا
نظرت اليه متسعة العينين :
- اخبرنى عنها
- التقت ابى فى ( كيالامى ) وهو المكان الذى تقام فيه عادة سباقات السيارات العالمية خارج ( جوهانسيورغ ) وكان ان انبهرت به حتى العمى , مع انها نجحت بالزواج به ربما لان لها اقارب اقوياء محافظين على الاخلاق , كانت ابنة مزارع وظلت هكذا دائما فى قرارة نفسها , ان لا اعنى انها لم تكن مثقفة بل كانت قادرة , مخلصة , عنيدة , عائلية الطراز , وكانت ذات صلة بالارض وزراعة الاشياء ....... لقد دفعت غاليا بسبب غلطة حياتها الوحيدة
- وهل اشتاقت الى افريقيا الجنوبية ؟
- اجل ............ انما الامر لم يكن هكذا فقط ......... فقد كانا غير منسجمين , كانت مزاياها جميعا تمثل شئ واحدا لابى وهو انه مربوط بها ...... اظن ان هذا ماجعل الحياة محمولة قليلا بالنسبة لها , كانت تشبه كثيرة عائلة مورداون .......... ولقد احبتها العائلة واعجبت بها ...
- هل اعادتك الى افريقيا ؟
- كانت تصحبنى كل بضع سنوات , كان خالى وهو احد اشقائها , مسؤول رحلات صيد ......
- لماذا لم تطلب امك الطلاق ؟
- كانت متكبرة ......... ربما اكثر تكبرا من من ان تعترف بفشل زواجها ...... على اى حال كان قد اقسم على عدم الافتراق عنى ......... ولم استطع فهم السبب فى ضغرى ......... ولكننى فهمت الامر اخيرا ....... كنا انا وهى صلته الوحيدة بعائلته ....... او ماتبقى من العائلة ........ ولولانا لغسلوا ايديهم منه منذ زمن بعيد ....
ارتجفت كولين :
- لاعجب اذن ان تكون ساخرا هكذا
نظر اليها ثم ضحك :
- فى الواقع ان سخريتى بالنسبة للامر خفت الآن منذ استعدت ثروة العائلة او على الاقل فرعنا منها ... و ....... والدى وحب حياتى السابق المفترض , مازالا معا سعيدين وياللغرابة
- لابد انها ....... قلت انها كانت اكبر منك سنا ولكنها بلا ريب اضغر منه بكثير
- اضغر منه بعشرين سنة ....... يبدو انها جددت له شبابه ............ غريب كيف يؤثر الحب بالنسبة لبعض الاشخاص
- وانت ....... اتتجول من وقت لاخر لتذكر والدتك ؟
- شئ من هذا .......... اجل
منتديات ليلاس
راقبته كولين بصمت فترة كان ينظر بعيدا يحدق الى الظلام , وضو النار يتراقص على وجهه ازدادت الخطوط على جانبى فمه عمقا فكرة فى صخرة العشاق , وتذكرت كيف اسرت ابتسامته قلبها , ابتسامة لم تشاهد مثلها من ذلك الوقت . قالت :
- لا اعرف الكثير عن افريقيا الجنوبية , لكن بعد رؤيتى لفيلم ( الخروج من افريقيا ) قرأت الكتاب ووجدته مذهلا ساحرا ليس فقط بسبب افريقيا ولكن بسبب طريقة عرض الكتاب
نظر اليها :
- بما انك احببتها فلا شك كنت ستحبين امى
- ايمكن ان ...... لا .....
- تابعى
قالت ببطء :
- خطر ببالى ان فيك وفى والدك شيئا من حب المغامرة
قال :
- ربما ........ كنت اتساءل احيانا عما اذا كانت المرواغة الغامضة التى تحيط بابى هى التى كانت تربط امى به رغما عنها ....... اعنى ........ كانت قادرة على تركه ........ قد يبدو هذا جنونا ........ لكن .......
- اعرف ما تعنى ......... وانا واثقة ان شئ كهذا يحدث احيانا
احست بالبرودة من الفكرة , لكن فى الواقع كان الهواء يشتد والنار تخبو فتنهدة وقالت :
- سانظف المكان
- ساساعدك
انهيا تنظيف المكان فى وقت قصير وفيما كان يشغل آلة غسل الصحون وقفت كولين وسط المطبخ تتساءل عما قد تفعله بعد هذا . استقام ناش ينظر اليها ثم قال فجأة :
- اظنك تريدين الايواء الى فراشك
- شكرا لك ....... استمتعت يالشواء
- تصبحين على خير ....... هل ستتمكنين من النوم ؟
- اجل
وقف على مقربة منها بحيث رأت النار الخضراء فى عينيه , فكرت بعذاب انها سيضمها وستشعر بانها حالمة بلهاء .
ولكنه لم يفعل , بل مد يده يلامس شعرها وقال :
- هيا ..... اذهبى ........
|