رفع حاجبيه متسائلا :
- من أين لك ان تعرفى ..... أترغبين فى البقاء للغداء ؟
نظرت اليه متسائلا ايضا فاضاف :
- فى سلتى اربع سمكات (شبوط) طازجة وهناك موقد جاهز , مارأيك ؟
قالت ببطء :
- يبدو .... هذا ..... ساحرا
- عظيم , ابقى حيث انت سيدتى ..... سيكون الغداء جاهزا خلال لحظات
جلست كولين فى اشعة الشمس المنخفضة تتمتع بقهوتها , يغمرها مزيج من الاحساس بالابتهال والخيال , وهى تراقب منقذها يحضر الطعام , وقد اشعل موقدا ضغيرا وماهى الا لحظات حتى وكانت سمكات الشبوط تغلى فى الزيت , وفيما هى تراقبه ياخذ بعض الجبن من براد يدوى ويقطعه بسكين حاد , خطر لها ان تمازحه فقالت له :
- ارجو ان التقى بك مرة اخرى اذا انغرزت شظية فى قدمى
هز كتفيه :
- ولكننى ارجو الا تكون شظية كهذه
سألت وهى تميل راسها جانبا :
- هل انت ....... جوال محترف ؟
قلب السمكة قبل ان يرد , ثم رش الجبن فوقها ونظر اليها بعينين خضراوين وهو يقول :
- غالبا ...... لماذا تسألين ؟
- حسنا .... تبدو مكتفيا وكأنك تعيش فى منزلك
- الم تخرجى لتخيمى من قبل ؟
- مرة واحدة , استطاعت أمى ان تجعل المناسبة خليط من رحلة (سفارى ) فاخرة ومن عذاب تدريب لقد جرت بطريقة خاطئة , لم اكن اعرف ان الامر بهذه البساطة .
نظرت حولها كان فى الخيمة اقل مايمكن وجده من معدات : كيس نوم , فراش , وسادة , مجموعة كتب , وكيس ملابس ضغير تحت المظلة بالاضافة الى طاولة مخيم والكرسى الذى تجلس عليه كان هناك قصعة ووعاء طبخ والبراد الضغير النقال , وقنديل فهزات راسها :
- كنا يومها مرهقين بالمعدات بشكل لايصدق
وراحت تتأمل وجهه انه ليس وجه جوال محترف , او على الاقل ليس كما تتصوره ملتحيا مشعث الشعر , والارجع انه .... كيف يمكنها ان تصفه ؟ انه يعطى انطباعا بان صاحبه رجل محنك , يتمتع باكتفاء ذاتى , وناضج جدا , انه وجه رزين منكب على ملاحقة الثراء او ملاحقة جاره الاقرب : السلطة .... او كليهما .
لكن جسده ناعم , قوى , يناسب باناقة , لم يكن ذلك الدمث الانيق , المدلل , المتخم قليلا من العالم الذى تجول فيه . انه رجل قانع ببساطة بالتجوال .
- مابك ؟
اجفلها سؤاله , فانتزعها من افكارها وقد احست انه كان يراقبها , فاجابت وقد علت الحمرة خديها :
- لا شئ ...... نحن لم نتعارف حتى الان ...... اسمى كولين
- كولين ........ يناسبك بطريقة ما
- صحيح ؟ اسم غريب لشخصية غريبة ؟
وضع السمكات فى طبقين , ثم قدم احدهما الى كولين
- حقا ؟ اهكذا تنظرين الى اسمك ؟
ضحكت :
لا ...... مع ان بعضهم يرى هذا ..... فى الواقع انا فخورة باسمى ..... وما اسمك ؟
- جوناش ......... معروفة عادة باسم ناش , وهو اسم غير رومانسية كاسمك
- انه اسم مأخوذ من التوراة
تناولت لقمة من السمك :
- همم .... هذا رائع
- انا مسرور لاعجابك به كولين
اكملا الطعام بصمت للحظان , ثم قالت وفمها ملئ بالطعام :
- الى اين تنوى الذهاب ؟ هل لديك خطط مسبقا ؟ او لعلك تذهب الى حيث صيد السمك ؟
- تبدين وكأنك تحبين ان تفعلى هذا انت ايضا
- انا حقا افكر بهذا ...... قد تكون نقلت لى العدوى .....ماأجمل هذا وابسطه
تساءل :
- آوه ..... يبدو انك تحاولين الهرب من شئ ما
أخرجت لولين شوكة من فمها , ونظرت اليه ولكنه كان مشغولا باكل سمكته وهو جالس على الارض متقاطع الساقين
- لماذا تقول هذا ؟
- تبدين ...... خائبة الامل
وضعت سكينها وشوكتها من يدها باعتناء وقالت ببطء :
- قد يكون هذا صحيح ........ فاتا احس ......كأننى مطوقة . وقد اتيت الى هنا لافكر , ليس سهلا ان لا تفهم نفسك ......... هل احسست بهذا يوما ؟
تاخر فى الاجابة وبدات تحس بالقلق , تصورته يتساءل عما اذا كانت غريبة كاسمها ...... ثم ضحك وتجعدت عيناه بتلك الطريقة الجذابة الآسرة للقلب , وقال :
- لاتنظرى الى بقلق هكذا , انه احساس بشرى , هل هذا بسبب رجل ما ؟
ترددت كولين ثم قالت ببهدوء :
- بل بسبب نفسى ... لماذا يفترض الرجال دائما انهم مسببو المتاعب للنساء ؟
هز كتفيه :
- لا ادرى ... يقال ان هذا يجعل الدنيا تدور
فكرت : لكن ليس دنياى ابدا , هذه هى المشكلة , ثم تنهدت تربت على معدتها شاكرة , وتدفع الطبق الفارغ بعيدا عنها قائلة :
- اتمانع لو ..... لو توقفنا عن الكلام غنى ؟ انه موضوع ممل جدا , ولايستأهل وجبة طعام رائعة
- حسن جدا ...... عن اى شئ ترغبين ان نتحدث ؟
- دعنى اقول لك شيئا , لو لم اتطفل على مخيمك فكيف كنت ستكمل بقية هذا اليوم الرائع ؟ بالمزيد من الصيد ؟
- فيما بعد ..... اجل ......... لكننى الان افضل ان اقضى بضع ساعات متكاسلا وربما فى القراءة , ثم انزل للسباحة , ثم الغوص قرب الصخور للتفتيش عن سرطان للعشاء .... ثم بعد العشاء
وهز كتفيه :
- استمع لبعض الموسيقى على ضوء النجوم , اقرأ المزيد ثم انام
نظرت كولين اليه فاغرة فاها فاكمل :
- ربما ترغبين فى الانضمام الى ؟
- الن .... الن افسد هذا عليك ؟
نظر اليها مفكرا :
- ربما ..... تزيدنها جمالا
قاطعته :
- اعنى ..... اعرف كيف تشعر وانت ترغب حقا فى ان تكون بمفردك .... وبشكل غريب هذا ماكنت اريده اليوم ..... لكن الان ..
وصمتت .... فاكمل قائلا ببساطة :
- لاتفعلى اذن
* * * * * * * * * * * * * *