طفلة في ثوب زفاف
مازلتُ صغيرة وأحلامي صغيرة
صغيرةٌ في الحادية عشر
و حلمٌ لا يتعدى نزهةَ بحر
او أرجوحة تحلقُ بي كأجنحةِ نسر
بدميةٍ تُشبهُني .. أحدثها وتحدثني
على رملٍ مطرزٍ بخيوطِ الشمس
أعيشُ يومي ولا أذكرُ الأمس
أبني قصورَ أحلامٍ من رملٍ وأهدمها
ومعي دميتي أغنيها وأهدهدها
تُبادلُني ضَحكاتي إيماءاتُ عينيها
أرسمُ بإصبعي تفاصيلَ شفتيها
أضُمها تحت جناحي ضمة أم
واركضُ فوق جسر قوس قزح
لا يثقلُ روحي غمٌ أو هم
وذات مساء في قريتي المنسية
في وطنٍ يلفقُ شعاراتِ الحرية
أهدتني أمي قلمَ كحلٍ و أحمرَ شفاه
قالت بحزنٍ لقد أصبحتِ فتاة
أبي فرحٌ بصفقةٍ ثمنها حياتي
والكلُ يهتف بخبرِ مماتي
صفعوا خدايّ بقبلاتِ التهاني
أسدلوا سوادَ أيامي فوق أكتافي
ألبسوني مُهللينَ ثوبَ أكفاني
تُحَاصرُني سلاسلٌ من أضواءٍ ملونةٍ لامعة
والكحلُ يرفضُ عينايّ الدامعة
شفتايّ مضرجةٌ بدمِ براءتي
وضَعفي المقيتُ ينازلُ قوتي
تضربُ أسماعي عاصفةٌ من ضحكٍ وزغاريد
تقتلُ روحي أهازيجٌ كأنها الوعيد
أقدامٌ تدوسُ براعمي الندية
وأيديٍ تطحنني برحى الأنانية
وجوهٌ ملونهٌ تطوف كالأشباح
أصواتٌ مفزعة كأنها النواح
يهمسونَ بكلماتٍ كاللعنات
يزفوني إلى قبرٍ بغير ممات
أسلموني لرجلٍ كم قلتُ له يا عم
لمساته الملحة تعاركُ حيائي
دموعي الساخنة تلهبُ أجفاني
جثتي تتلقى طعناتُ قضائي
فأصبحتُ أحملُ همومَ دهر
وأنا مازلتُ فوق العشر
فلم أعد أُحُصي سنين العمر
فقد توقف قطاره في محطةٍ
لم يستطع مُغادرتها حنيني
كم غفوتُ في كهفِ غرفتي
صرخةٌ مُعَذبَة تُعاندُ صبري
في زوايا الظلمِ أتلو أناتي
كم أتوقُ إلى أريجِ زهورِ أحلامي
فقد هاجرت طيور سعادتي أيامي
لا شيء معي سوى ظلال بؤسي
و ذاكرةٌ تجولُ في دفاترِ أمسي
باحثة عن صفحةٍ أمارسُ فيها طفولتي
طفولةٌ مازالتْ تحتوي روحي
وأفكاري المشتتة ترنو دميتي
الملقاة في صندوقِ ذاكرتي الميتة
عيناها الذاهلتان تسألني من أنتِ ؟
أين أنتِ ؟
أين مني قد ضعتِ ؟
أجبتها بلسانِ العبرات
استبدلتك بطفلةٍ ولدت من رحمِ القهر
أخشى يوماً أن تصبح في الحادية عشر
بقلمي
ملاك