لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


الخطايا السبع ، بقلم : صمت اللهيب ..

((بســــــــــــــــم الله الرحمــــــــــــن الرحيـــــــــــــــــــــم الخطايا السبع كثرت خطايا الانسان في الاونة الاخيرة بشكل غريب .. ابتداءاً بالقتل ... وانتهاءاً

 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-09-11, 12:18 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165538
المشاركات: 21
الجنس أنثى
معدل التقييم: أكرهك عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أكرهك غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الارشيف
افتراضي الخطايا السبع ، بقلم : صمت اللهيب ..

 



((بســــــــــــــــم الله الرحمــــــــــــن الرحيـــــــــــــــــــــم





الخطايا السبع





كثرت خطايا الانسان في الاونة الاخيرة بشكل غريب .. ابتداءاً بالقتل ... وانتهاءاً بالغيبة والنميمة ... ازدادت الخطايا وازداد تكرارها من حولنا .. دون ان نشعر .. واذا شعرنا بها .. لن نفعل شئ .. لاننا فقط في عصر من الممكن ان تكون الكفة المرجحة فيه للشر .. لكن .. هل فكرنا بضحايا هذه الخطايا ؟ .. هل فكرنا بمصيرهم ؟ .. بعذابهم ؟ .. بآلامهم ؟ .. والاهم .. هل فكرنا بنهايتهم ؟ .. ربما نكون قد فكرنا بالفاعل .. ومصيره .. لكن المفعول به .. يكون في اخر قائمة الاولويات دائما ..

في الحقيقة ان ما حل به قد يؤثر عليه .. ربما لشهر .. لسنة .. او طوال الحياة .. حينها فقط سيتمنى لو ان شخص ما يستطيع ان يقف بجانبه .. ينسيه همه .. ينسيه ما قد تم فعله به .. فشعور الضحية شعور يصعب التكهن به .. ربما حقد مطموغ بوصمة الم .. او وجع مغلف بحزن .. او ضعف مبطن بغضب .. او كل هذه المشاعر المختلفة مجتمعة فيه .. هنا يأتي دوري ودوركم لنقف بصف كل ضحايا هذه الخطايا .. نشد أزرهم وندفعهم لاستكمال حياتهم بتخطيهم لأي مأساة حدثت .. نقف معهم وقفة اخ لاخيه .. وقفة تجعلهم يدركون ان الخير ما زال يتربع على عرش هذه الارض .. بل ما يزال يتربع على عرش قلوب البشر بمختلف بقاع الارض ..

اعلم انني قد اطلت الحديث .. لكنها روايتي الاولى واريد ان تكون لها مقدمة تليق بها .. اعذروني ..

هذه الرواية نتاج ما كنت احلم به لمدة تزيد عن الاربع سنوات .. ولأصدقكم القول انها ربما كانت احلام يقظة لفتاة في عمر المراهقة .. لكن اليوم وبعد ان تجاوزت هذه الفترة من عمري استجمعت شجاعتي وعزمي لأشارك الاخرين بأفكاري .. اريهم روايتي .. والتي ربما ستعجبهم وربما لا .. لكنني آمل ان تجد لها مكاناً في قسم " الروايات المفضلة " لأعضاء اي منتدى كُتبت اسطرها فيه ..

روايتي " الخطايا السبع " تتحدث عن سبع زلات للانسان .. اخترت هذه الخطايا لانها وكما يقال .. هي الخطايا السبع المميتة .. كونوا معي ومع ابطالي .. ترقبوا احداث حياتهم .. وشاركوني بأفكاركم وارآئكم .. فعسى ان يوفقني الله لاكملها وأياكم على خير ..

اما بالنسبة لموعد الاجزاء .. فأود القول بأنني لا اريد ان يكون هناك وقت محدد .. فحينما انتهي من كتابة اي جزء .. سيكون بين ايديكم مباشرة ..









الخطيئة الاولى

من الحاضر

" القتـــــــــــــــل "



صوت تكسر زجاجة الخمر تحت اقدامهم .. وضحكاتهم المتعالية التي تردد صداها في الارجاء .. خصوصا في مثل هذا الوقت المتأخر من الليل .. وفي مثل هذا الحي السكني الفقير الذي تعود سكانه على النوم مبكرا .. يمشي وهو يترنح ويتمتم بألحان غربية .. زجاجة من الخمر في يده اليسرى .. يشرب منها بين دقيقة واخرى .. سمع احد رفقته يقول ..

- هناك .. هناك في كافيه .. تعالوا بنروح ..

شرب مرة اخرى بشراهة .. لدرجة ان المشروب قد بدأ يسيل من زوايا فمه .. ويبلل ملابسه .. التقط انفاسه ورد على رفيقه وهو ييتكلم بلسان ثقيل ..

- ايـــه .. بنــروح .. هههه ..

اجاب آخر

- والسيارة ؟

لم يجب عليه واخذ بالسير نحو الاضواء المشتعلة للمقهى المطلوب .. وهو يشرب من الزجاجة كلما سنحت له الفرصة .. لم يتبقى سوى خطوات معدودة على وصولهم للمكان المنشود ..

حتى استنكر احدهم الفعلة وهو يقول

- راشـــــد خلص .. يكفي شرب ..

تكلم راشد بثقل وهو يرمي الزجاجة على الارض ويجلس بجانبها وكلامه ما زال على نفس الوتيرة ..

- ياخي فكنا .. الحين .. انا جايبك عشان نستانــــــس .. وانت بـــــــــــس .. تنغص .. علينا .. – رفعها مرة اخرى وشرب ما تبقى فيها دفعة واحدة – هههه .. هههه .. يا حـــــلوها ..

التفت الاول بضيق للجهة المعاكسة لهم .. بينما انحنى واحد من الاثنين الواقفين بقرب راشد ليساعده على الوقوف .. وهو ما زال معتز بزجاجة الخمر .. ليكملوا مسيرتهم ويدخلون المقهى الذي يغلب عليه الطابع القروي البسيط .. استقبلهم شاب في منتصف العشرينات وهو يقول بسرعة

- اسمحولي شباب .. بس حنا بنقفل .. – ثم نظر للساعة والمكان الخالي من اي شخص وهو يكمل – ساعة 11:30 .. انا باسكر الـ ..

قاطعه راشد بعنف

- لاااا .. انا .. باســـهر .. هــــنا .. الـــــــــيووم ..

قال الشاب محاولاً تهدئته

- ما يصير يالاخو .. صاحب المكان ما بيرضــ ..

دفعة من راشد ارجعته للخلف .. دون ان يكمل كلامه ..

- بنســـهر يعـــــني بنسهر ..

قال الشاب الذي قد بدأ صبره بالنفاذ مهدداً ...

- باتصل فالشرطة .. وهم بيتصرفون معاكم ..

قال صديق راشد الذي يبدو انه ما زال يعي ويفهم ما يدور حوله ولم يتناول الخمر

- راشد يالله بنروح .. ما نبغي مشاكل ..

لكن راشد لم يأبه بكلام رفيقه وقال متحدياً ...

- شوفني كيف بتتصل بالشـ .. ـرطة ..

اتجه الشاب - لتخويفهم فقط – نحو الهاتف رافعا السماعة .. لكن وقبل ان يضغط على اي زر من ازرار الهاتف .. سقطت السماعة من يده وتهاوى على الارض بعنف .. والدم اخذ يرسم لوحته على الارض .. فزجاجة الخمر التي كان يشربها راشد .. رماها على هذا الشاب الذي لم يرى من حياته الشئ الكثير ..

هنا .. اخذ الزمن يكتب اسطر الخطيئة الاولى .. شرب بشراهة .. فقتل بعنف .. مخلفا وراءه ضحايا لعمله الشنيع ..



******



الخطيئة الثانية

من الماضي

" الشهـــــــــــوة "



قطرات العرق تنزلق بأريحية على جبهته .. وعينيه تتابع بأهتمام الفلم الاباحي على شاشة التلفزيون امامه .. هنالك ذرات بيضاء متناثرة اسفل فتحتي انفه .. والباقي منها منثور على الطاولة امامه .. تفكيره مشوش .. وشكله يدل على عدم الاتزان ..

تسلل الى مسامعه صوت انين .. خارج غرفته .. تحول هذا الانين الى شهقات بكاء بصوت منخفض .. تقدم بصعوبة خطوتين نحو الباب .. ثم عاد بخطوات متعثرة نحو التلفزيون ليطفئه .. ويعود ادراجه نحو الباب .. خرج من غرفته ليجد تلك الطفلة ذات العشر اعوام جالسة على الارض .. بجانب درجات السلم .. ويديها تدلكان ساقها الايمن .. ووجهها مغرق بالدموع .. تقدم نحوها .. والشيطان يرسم له طريق الخطيئة .. يرسم له متعة الدنيا .. دون تفكير بالاخرة .. دون تفكير بالعذاب ... قال بهمس ...

- تأذيتي ؟ ..

ترد وهي تمسح دموعها بيدها اليمنى ...

- شوي ..

مد يده ليدلك لها ركبتها بهدوء .. ومن ثم قال ...

- تعالي لغرفتي .. عندي مرهم بحطه لك ..

طوقت ذراعه بذراعيها لتستند عليه .. وهي تسير معه نحو الغرفة التي ستصبح مسرح لقتل طفولتها .. مسرح لقتل برائتها .. مسرح للخطيئة الثانية ..

اغلق الباب خلفه .. فسطر الزمن كلمات البداية لرحلة الالم والشقاء .. بداية خطة حرمها الله .. و رسمها الشيطان .. ونفذها شخص فقد دينه ..





******



الخطيئة الثالثة

من الماضي

" الجشــــــع "



صرخ بغضب ...

- ليييييه سوويت فيني كذا ؟ ... ليييييه ... ما شفعلي عندك الدم اللي يربطنا ؟ ... قووول ... حـــ ...

قاطعه الاخر الذي يجلس خلف مكتبه بجبروت ..

- انا ما سويت كذا الا علشان ابني مستقبل لعيالي ...

رد بهمس ودموعه قد تجمعت لتشوش مسار رؤيته ...

- وعيالي انا ... ؟ .. وعيالي ... انا لو متت مين بيوقف معهم ؟ ... وانــ ...

قاطعه للمرة الثانية على التوالي ...

- سلطان قلت لك انا مجبور اسوي كذا ...

تكلم سلطان وهو يشعر بعظمة الحاجة والفقر ...

- تهقى ابوي اللي ترك لنا هالورث بيكون راضي عليك ... ؟ ... – ثم اردف بألم – ياخوي ...

لم يجد ما يرد به على اخيه الاصغر غيــر ثلاث كلمات قطعت كل حبال الاخوة والقرابة والدم ...

- تفضل اطلع برا ...

تكلم سلطان بوجع ... فجرح اخيه الاكبر – الذي كان حريا به ان يسهر على راحة اخيه الاصغر – كان غائراً وعميقاً ...

- انا بروح يا سلمان ... لكن ما بقول غير حسبي الله ونعم الوكيل ...

نعم فـ " حسبي الله ونعم الوكيل " هي الكلمات الاجدر في مثل هذه المواقف ... فليس هنالك احد غير الله سبحانه وتعالى هو من يستطيع ان يقف بوجه ظالم مثل " سلمان " الذي استطاع ان يزور بعض الاوراق ليسيطر على املاكه واملاك اخيه ... دون اكتراث لما سيحل بهم في الحاضر والمستقبل ... فهذا هو الطمع او كما يقال " الجشع " والذي حصل على المرتبة الثالثة في قائمة الخطايا السبع المميتة ...





******



الخطيئة الرابعة

من الماضي

" الحقد "

يديه تحتضن جسد تلك الحبيبة الملفوف بالقماش الابيض .. يحتضنها لاخر مرة .. ويراها لاخر مرة .. ويقبل جبينها لاخر مرة .. فهو سيضعها تحت التراب .. وسيرسلها لمثواها الاخير بيديه .. تساقطت دموعه التي حاول جاهداً لحبسها .. رفع بصره نحو والده وهو يهز رأسه بضعف بعلامة النفي .. لا يستطيع استكمال هذا الامر .. لا يستـــــطيع .. كيف سيدفنها ؟ .. وهو من شهد ولادتها .. وطفولتها .. وشبابها .. كيــــــــــــف سيواريها تحت التراب وهو من اشرف على زفافها ؟ .. كيــــــــــــف سيفعل ذلك وهو من شهد فرحتها بولادة طفلها الاول ؟ .. كيف سيغطيها بالتراب ويعود للمنزل بدونهـــــــا .. ؟ كيــــــــــــــف ..؟

خرج من الحفرة التي ستصبح فراشاً لتلك الطاهرة .. ونزل والده - الذي اصبح حاله اسوأ بكثير من حال ولده - بدلاً عنه .. استند بركبتيه على الارض منكساً رأسه .. واجهش ببكاء عميـــــق .. بكاء لا يليق بأي رجــل .. ضرب بقبضة يده الارض .. توفـــت .. ولم يحقق لها مطلبها الوحيد .. توفــت .. والشوق يملئ حنايا روحها .. توفــــــت ولم تسمع صوت طفلها .. طفلها الذي حُرمت منه .. توفــــــت وهو عاجز حتى عن رد اعتبارها .. لمـــــــــــاذا ؟؟ .. بسبب ضعفها ؟؟ .. بسبب برائتها ؟؟ بسبب طيبة قلبها ؟؟ لمـــــــــــــــاذا ؟ .. تسلل الى مسامعه صوت احتكاك المكيال الذي يحمل التراب بالارض .. ومن ثم تناثر بضع ذرات التراب في الهواء .. سجد على الارض وعبراته قد شكلت طوقاً من حديد اخذ يعتصر رقبته ويمنع دخول الهواء الى رئته .. لم يعد يحتمل الم قلبه .. لا يحتمــــــل ذلك الالم ..

- " يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخــلي جنتي " ..

يعــلم ان بكاءه سيعذبها .. لكنه لا يقوى على فراقها .. لا يقــــــــــــــوى .. همس بضعف ..

- رحمتــــــــــــــــــــــــــــك يـــــــــــا رب ..

شعر بيد والده تلمس كتفه لحثه على النهوض .. رفع رأسه ومن ثم جسده بالكامل .. نهض وعينيه الحمراوين قد اصبحت واضحة للعيان .. سيعذبـــه .. كما شهد عذابها .. سيبكيـــــــه دماً بدل الدموع التي تساقطت من عينيها .. سيذيقه المرارة .. التي سرت في عروق جسدها .. سيجعله يتوسل فقط ليرتاح من العذاب الذي سيلفه كما لُفت هي بالابيض .. سيـــــــريه الشقــــاء .. والعناء .. كما عانــــت وتوفت وهي في ريعان شبابها .. سيــــــــــرى .. سيـــــــرى ..

قد يظن البعض ان الحقد الذي رُسم في قلب هذا الرجل من حقـــه .. ولكـــن الحقد بحد ذاته خطيئة .. حيث ان الله ورسوله – عليه الصلاة والسلام – حثنا على التسامح .. فعقاب من تسبب بأذيتنا سنشهده في يوم لا ريب فيه .. يوم الحساب .. هناك فقط سنرى عذاب من عذبنا وعذب احبتنا .. فلا داعي للحقد والانتقام في الدنيا .. لانها وببساطة زائـــلة .. فهنا خطت حكاية الحقد والانتقام .. هنا كتبت حكاية الخطيئة الرابعة ..





******



الخطيئة الخامسة

من الماضي

" الكذب "



- انــ ... انا فاعلة خير ... اتـ .. صلت .. فيك علشان تعرف ... تعرف اللي يصير من ورا ظهرك ...

عقد حاجبيه باستغراب ... حاول ان يتعرف على صاحبة الصوت ... لكن ذاكرته لم تسعفه هذه المرة ... قال بهدوء ...

- اختي ... واضح انك غلطانة بالرقم ... تــ ...

قاطعته بإصرار ... وكما يبدو ان ارتباكها الذي كان واضحا في البداية تبخر في لحظات الى ثقة عمياء بصحة الذي تقوله ...

- لا ... انا متأكدة ... زوجتك ... تخونك وانت يا غافلين لكم الله ... روح البيت وتأكد ...

ما زال لم يستوعب ما قالته ... ويبدو بأنه لن يستوعب ... كل ما ادركه في هذه اللحظات هو الصوت المتقطع الذي يدل على اغلاق الهاتف من الجهة الاخرى ... لم تمر سوى ثواني حتى بادر بالنهوض ... متوجها لمنزله ... انه يثق بزوجته ... لكن ثقة الاخرى بكلامها زرع الشك في قلبه ... سيذهب ليتأكد ... يتأكد من اخلاص زوجته ووفائها ...

رسمت كذبة ... وقذفت امرأة ... ولم تبالي بالعواقب ... لم تهتم لمصير كذبتها ... او لمصير من تم الكذب عليهم ...





******



الخطيئة السادسة

من المستقبل

" الغدر "



يستمع بأنصات لوصايا الرجل الجالس امامه ... حسناً ... هو انصات ضاهري ... ففي باطن عقله يفكر بطريقة ليكسر بها هذه الشروط ... كيف سيتمكن من اخذها والعودة بها الى السعودية ؟ ...

- سمعتني طال عمرك ... انا ادري ان طلبي صعب ... بس يابوك انا ابي بنتي تكون قدام عيني ...

ارتفعت زاوية فمه اليسرى بابتسامة ... فهمها الاخر على انها ابتسامة مطمئنة ... بعكس مغزاها الحقيقي ...

- تطمن ... بتكون قريبة منك ... وحتى البيت بيكون باسمها ...

ابتسم الرجل صاحب الشعر الملئ بالشيب وهو يقول بسعادة ...

- تسلم طال عمرك ... ان شاء الله يكون زواجك من بنتي خيرة ...

لو كان بأمكانه الان ان يتخلى عن قناعه ... لانتزعه بعنف ورماه بوجه هذا العجوز الاحمق ... لكنه سيواصل للنهاية ... اعطى وعدا لذلك الوغد ولا بد ان ينفذه ليحصل على مبتغاه ... قال ببرود ...

- آمين ...

اكمل وهو يرسم خطته ويحكمها من كل النواحي ...

- يعني بكرة بملك عليها ان شاء الله ؟ ...

قال والد العروس المرتقبة ...

- اكيد ... بعد المغرب باذن الله ...

نهض وهو ينهي هذه المقابلة المنهكة بالنسبة له ... فليس المكان من مستواه ... ولا الاشخاص ... ولا حتى الكلام الذي قيل ... و قال باشمئزاز غير ضاهر ...

- مع السلامة ... عمي ...

خرج من الباب بعد ان وضع اساس غدره برجل وثق فيه ... رجل اعطاه شيئا ثمينا ... وبحسن نية ... ليكون وسيلة تعذيب لعدوه اللدود ...





******



الخطيئة السابعة

من الماضي

" الغضب "



وضعت يدها اليمنى على خدها المحمر ... والدموع قد اخذت تتطافر من محجري عينيها ... منكسة رأسها امام قوته وجبروته وتسلطه ... انتفضت للمرة الثانية بسبب صراخه الغاضب ... وهي تغمض عينيها بشدة ...

- قـــــــــــــولي ... الرجال اللي كان في بيتي ميييييييييين ...؟ - ارتفعت يده لتصفع خدها الايسر - ... مييييييييين ؟ ...

قالت وجسدها يرتعش من شدة الخوف ...

- قــسـ ... قسم بالــ ... بالله ... – شهقت بجزع – انا مدري عن ايش تتكلــ ...

صفعها للمرة الثالثة ... لم تعد تتحمل ... تشعر ان ساقيها لن يقويا على حملها ... فتهاوت على الارض ... وصوت بكائها اخذ يعلو ... شيئاً فشيئاً ... حتى تحول الى نحيب وهي تردد ...

- والله انا مدري ... عن اي شي ... مدررررري ...

قال بغضب وكفه يطبق على خصلات شعرها الطويل بقوة ... وهو يرفعها لتواجهه ...

- لابســــة هذا ... وهو طالع من البيت وفي هالوقـــــــــــــــت ... وتقولين انك ما تدريـــــــــن ... ماااا تدريييين ؟؟؟

هنا ... وبعد هذه الاتهامات ... بعد هذا التلفيق ... جاء دورها لتصرخ ... تصرخ دفاعاً عن شرفها وسمعتها ...

- لبستـــــــــــــــه لك ... لبسته لك وربي اللي خلقني ... حراااام عليك تتهمني فشي انا ما سويته ...

دفعها بقوة نحو الخلف لتسقط على احد الكراسي المصفوفة خلفها ...

- بـــــــــس يا ×××× ... ولا كلمة ما ابي اسمعلك حس ... بنت ال ×××× ... ما ينفع الطيب معاك ...

- لا تســـــب اهلي ... هم اشرف منك ومــ ...

صفعة اخرى انهت جملتها ... بكت ... بكت بقوة ... لم يعد بيدها حيلة ... تشعر بعجزها ... نعم فهي الان عاجزة امام اتهاماته الباطلة ... عاجـــــــزة ... لا تقوى على الدفاع عن نفسها ... اغمضت عينيها بصدمة حين سمعت جملته الاخيرة ... جملته اللتي هدمت كل ما بنوه خلال فترة زواجهما ... انهـــــت كل احلامها ... وبنت لها طريق اخر نحو التعاسة الابــدية ...

- انــــــــــتي طـــــــــالـــــــــــــق ...

في حالة الغضب هذه ... حالة الغضب التي منعته عن التفكير بمنطقية ... واغلقت اذنيه عن سماع قسمها وتبريرها له ... واقفلت عينيه عن ما سيخلفه هذا الطلاق ... عليه ... وعليها ... وعلى اخريـــــن لم يعرفوا مآسي الدنيا بعد ... كان لا بد ان تسطر كلمات الخطيئة الاخيرة في صفحات روايتي ...



******

*

*

*

*

*

******



روايـــتي ستكون اهداء الى من ..



" فقد عزيزاً .. اعتمد عليه طوال الحياة "



" فقد شيئاً بغير ذنب .. لتصبح اصابع الاتهام موجهة ضده "



" خسر مصدر عيشه .. لصالح اناس كان من المفترض ان يكونوا هم الزاد له "



" رأى عزيزاً عليه يتلوى من شدة الالم امامه .. ولم يستطع ان يحرك ساكن من اجله "



" انطلت عليه خدعة .. جعلته يبُعد احبابه عنه قسراً "



" انغرس في ظهره سكين حاد .. أودى بحياة مستقبله ومستقبل من يحب "



" أفلت زمام الامور .. واخذ غضبه يحركه يميناً ويساراً بلا مقاومة منه "





.. الكاتبة ..

.. صمت اللهيب .. ))


الرياض

7:30 مساءاً

بيت " أبو محمد "





تطوف على الجالسين .. وتقدم القهوة المرة كحياتها .. امرأة تلو الاخرى .. وهي تشعر بأعياء يفتك بكل عضلة .. بل بكل خلية في جسدها .. فجميع اهالي الحي .. جاءوا اليوم ليقدموا تعازيهم بوفاة شقيقها .. تحدث نفسها بين دقيقة واخرى .. وهي تتمنى أن تستيقظ غداً وتجد ان ما حدث طوال الاسبوعين الماضيين ما كان إلا كابوس .. تنساه مع الايام .. لكن هل الكابوس طويل الامد هكذا ؟ .. كيف لكابوس ان يستمر لمدة اسبوعين ؟ .. انه مستمر .. والوجع المتلبد في قلبها مستمر أيضاً .. مشت بهدوء نحو المطبخ .. وبدأت بصنع قهوة جديدة ..



محمـــــد ..

يا نبضات القلب ..

هل سيخبو بريق اسمك شيئاً فشيئاً ؟ ..

هل سننساك مع مضي الايام ؟ ..

هل ستكون صفحة وانطوت في كتاب ذاكرتنا ؟ ..

ليت الذي حدث لك .. لم يحدث ..

ليت البكاء قادر على استرجاعك ..

آه .. لو تعلم عدد الجروح التي اصابت القلب بعد رحيلك ! ..

جروحنا اصبحت غائرة ..

فبعدك سوط .. يجلدنا به الزمن ..

محمـــد ..

عسى ان يرحمك الله ..

ويدخلك جنة .. تستريح فيها بعد تعب دنياك ..



مسحت دموعها .. وهي تنظر للقهوة امامها .. اخذتها .. وذهبت في جولة أخرى حول النساء المتبقيات في منزلهم .. ثم دخلت الى غرفة نومهم .. ونظرت لشقيقتيها المنكبتين على دفاترهما .. لاستذكار الدروس .. اغلقت الباب .. وخرجت الى الباحة الامامية لمنزلهم .. غداً .. ستذهبان للمدرسة .. وستجلس هي ووالدتها في المنزل .. حتى يحين موعد الغداء .. تعودان من المدرسة .. يتناولون طعامهم .. ثم يأخذون قيلولة بسيطة حتى العصر .. ثم ينهضون .. تستذكر دروس شقيقتيها كما اعتادت .. وتجلس والدتها لتقرأ القرآن .. يعدون العشاء .. ويتناولونه .. ثم ينامون ..



أين محمـــــد من كل هـــــذا ؟ ..



اصبح ذكرى .. طواها الزمان .. رحل وكإنه لم يُخلق .. رحل ولن ينتظرونه مرة أخرى لتناول الغداء .. رحل ولن تيقضه عصراً لذهابه للمقهى .. رحل ولن تغضب حينما يترك ملابسه مبعثرة .. رحل وكأن والدتها انجبت ثلاث فتيات فقط ..



ستمضي الايام .. وينسونه .. ليس برغبة منهم .. وإنما بأمر من الحياة .. وما يزعجها في الامر .. انها ورغم اعتيادها على المفاجآت التي خطها الزمن .. لكنها تتألم وكأن فقدانها يحدث لأول مرة .. وكأنها تفقد قطعة من قلبها لأول مرة .. نست فقدانها لوالدها فيما سبق .. وستنسى فقدانها لشقيقها ايضاً .. لكنها لا تريـــــد نسيانهم .. لا تريــــــــد ..



- البقاء لله يا بنتي ..



نظرت للمرأة العجوز امامها بوجع .. للحظات .. ثم استدركت محيطها .. وهي تقول : تفضلوا .. تفضلوا داخل ..



مشت المرأة التي كانت بجوار العجوز باتجاه الباب الداخلي .. وهي تقول : يالله خالتي .. دخلي ..



تبعت خطواتهم .. حتى دخلوا .. وبدأوا بتعزية والدتها .. مضت نحو المطبخ وهي تعد المزيد من القهوة .. ثم عادت وقدمتها لهم .. واتجهت نحو الغرفة التي تحتضن شقيقتيها مرة اخرى ..



جلست على المقعد القابع في الزاوية .. بعد إن رفعت الكيس المتواجد عليه .. فتحته .. ونظرت لما موجود في داخله .. مدت يدها .. واستخرجت .. " محفظة نقود " و " قلم ازرق اللون اعتاد محمد على حمله " .. هل هذا فقط ما تبقى من اخيها ؟ .. هل هذه الاغراض بقيت للتنفس الهواء .. وهو دُفن تحت التراب ؟ .. وضعت القلم بجوارها .. وفتحت حافظة النقود ..



عدة اوراق نقدية ..

هويته الشخصية ..

ورقة تثبت بأنه موظف لدى إحدى الشركات ..



ما فائدة هذه الاغراض بدونه ؟ .. ما الفائــــدة منها ؟ ..





******





الرياض

8:10 مساءاً

شركة العالي





- يبــــــــاا .. قولي ايش صاير معاك .. لا تبقى كذا ..



يجلس بهدوء .. ويستمع لولده ظاهرياً .. بينما في اعماقه .. هو معها .. غير آبه بأحد ..



قال بنفاذ صبر .. : الشركة بخير الحمدلله .. والبيت ما فيه اي مشكلة .. وجدتي بخير .. ايش اللي مضايقك ؟ ..



الطرف الاخر مستمر بالسكوت .. لا يُسمع منه شئ سوى انتظام انفاسه الملتهبة ..



يعلم ان والده لم يستمع لأي كلمة قالها .. فرفع صوته قليلاً .. : يبــــااا ..



نظر لإبنه بحدة .. : سيــــف .. انا مو رايـــــــق .. قلتلك مية مررة .. ما فيني شي ..



سيف .. بضجر .. : اربع وعشرين ساعة في الشركة .. ولو رجعت البيت تنام بدون لا تتكلم .. اكل ما تاكل .. وعصبيتك فول .. وفوق كل هذا صحتك متدهورة .. يباا واللي يسلمك .. وين اللي ما فيه شي ؟؟ ..



صرخ بغضب .. : ولـــــــــد .. لا تتدخل فشي ما يخصك .. اطلـــــع برا ..



تنهد بصوت مسموع .. وهو متجه نحو الباب : يباا تراني ولدك .. تقدر تقاسمني همومك ..



زفر الاخر بغضب .. دليل على فقدانه لصبره .. ثم عادت الذكريات لتفرض سطوتها على اركان عقله ..

*

*

*



& مــــــــــــــــــاضي &

~ ذكريــــــــــات عبدالعــزيـــز ~



يجلس على الفراش .. يده اليمنى تحيط بكتفها .. والاخرى تتلمس بطنها المنتفخ .. وهو يقول بحب .. : يا حياتي .. انا ابي ولد عشان يرفع اسمي ..



قالت هي بامتعاض .. : ايش يعني البنت ما بتحافظ على اسم ابوهاا ؟؟..



ابتسم وهو يسايرها .. : يا بنت الحلال .. الولد لا كبر وتزوج اطفاله كلهم بيرفعون اسم عائلتنا .. بس البنت بتتزوج واطفالها بيكونون تابعين لعائلة زوجها ..



حركت رأسها بإيجاب .. وهي تحرك خصلات شعرها بغنج .. : صــــــادق .. – ثم قالت بلهفة – ايش بنسميه ؟؟ ..



قبَلَ قمة رأسها .. واستنشق عبير شعرها بهيام .. : امممممممم .. ايش رايك في ناصر .؟؟ ..



رفعت جسدها .. وابتعدت عنه بصعوبة .. لتجلس مواجهة له .. : لاااا .. ناصر اسم ولد عبد الرحمن .. اسم ابني لازم يكون فريد ..



ضحك بقوة .. : فــــريد ؟؟؟؟



قالت بزعل واضح .. : لااااا مو كذا .. قصدي اسم ما في منه في العائلة .. مثلاً امممممممم .. فيصـــــل ..



ما زالت الابتسامة متربعة على عرش ثغره .. قال ممازحاً .. : وشلونك يابو فيصل ؟؟ .. – حرك رأسه بعلامة الرفض – ابو فيصل ؟ .. لالالا ما عجبني ..



سحبت ذراعه نحوها .. برجاء .. : لا عزيز .. تراه اسم حلو مررة ..



جذبها نحوه بحركة لطيفة .. لتستند مرة أُخرى على صدره .. : لا ما عجبني .. ايش رايك فأسم سيف ..



قالت في محاولة لمحاكاة اسلوبه .. : امممممممم و شلونك يا ام سيف ؟؟ .. ام سيف ؟؟ .. لالالا ما عجبني ..



ضحك بسعادة .. وهو يقول .. : اسم سيف حلو ..



تلعب بأصابع يديه .. : وإسم فيصل حلو ..



قبَلَ وجنتها .. : اول طفل سيف ..



قالت بأسف .. : امممممممم ماشي يا عزوز .. بتنازل المرة هذي .. لكن الثاني اسميه فيصل ..



طوقها بذراعيه .. : حاااضر ..





******

عودة الى الحاضـــر

******





قطع سيل ذكرياته صوت رنين الهاتف المحمول .. رفعه و نظر لإسم * البيت * الذي يتوسط الشاشة .. ضغط على الزر الاخضر .. وبقي ساكتاً ..



- احــم .. السلام عليكم ..



أجاب ببرود .. : وعليكم السلام .. خيـــر ؟ ..



سكوت على الطرف الثاني .. دام لثواني معدودة .. ثم أتاه الصوت مرة أُخرى .. : انـــا بارجع البيت مع فـــ .. فارووق ..



صرخ بغضب .. : لا .. ما ابغاه يدخل بيتي .. فاااهمة ؟؟ ..



قالت بصوت كسير .. : طيب ما فيه احد بيرجعني البيت غيره ..



زفر بغضب .. وهو يشعر بناراً تلف احشاءه .. وأغلق الهاتف دون أن يرد عليها .. وضع هاتفه المحمول في جيبه .. ثم أخذ مفاتيح السيارة .. وخرج بهدوء .. رغم الفوضى الموجودة في داخله .. يكره سيرة ذلك الوغد .. والان بات يشعر باحتمالية وجود بذرة كره نحو زوجته الثانية .. إنهم السبب في كل ما يحدث له الان ..





******





الرياض

9:50 مساءاً

فيلآ " ام عبدالرحمن "





جففت دموعها بحجابها .. وهي تقول : ما هانت علي .. يا شين الفقد والله ..



يجلس كلاً من * عبدالله وسيف * امامها بحزن .. وهما متأثرين بشدة لحالة تلك العائلة .. قال سيف بمواساة لجدته .. : يماا .. كلنا على هذا الطريق ..



بينما تقدم عبدالله وطبع قبلة على يدها .. : راح عند اللي احسن منهم ..



بكت مرة أُخرى وهي تردد .. : ما عندهم احد .. بس البنات الثلاثة وامهم .. كيف بيعيشون ؟ ..



رد عبدالله بقوة .. : وانا وين رحت يماا ؟ .. اهل صاحبي بحسبة اهلي ..



لم تجيبه .. بل استمرت بالبكاء ..



سيف .. بحزن .. : طيب ما عندهم خال .. عم ؟؟ ..



أجابه الاخر .. وصورة ذلك الرجل الانيق .. ذو الملامح القاسية تعود لذاكرته .. : عندهم عم واحد .. لكن علاقته معاهم سطحية ..



قالت ام عبدالرحمن باستنكار .. وغضب .. : تراهم لحمه ودمه .. كيف يتركهم كذا ؟؟..



عبدالله .. : محمد الله يرحمه كان يقولي .. انه عمه ما يزورهم ابد .. رغم انه انسان غني .. ولا فكر يعرض عليهم المساعدة بعد وفاة ابوه ..



سيف .. : على كلام جدتي .. حالهم يبكي الصخر .. معقولة ما تأثر ؟؟ ..



حرك عبدالله رأسه بإيجاب .. واستمر بالصمت .. لقد كان صاحبه يعمل بدوامين .. ففي الصباح يعمل في شركتهم الخاصة .. كأحد الموظفين العاديين .. وفي المساء يعمل في ذلك المكان المشؤوم .. المكان الذي لقي حتفه فيه ..



قال سيف .. : طيب وما عرفتوا مين اللي قتله ؟؟



اجابه عبدالله .. وعينيه تنظر لوالدته الباكية .. : لا .. المفروض اروح المخفر بكرا او بعده .. عشان افهم وين وصلوا فالتحقيق ..



ام عبدالرحمن .. : عسى ربي يوفقهم ويمسكوه ..



سيف .. بصدق .. : آمين ..



نظرت لولدها الصامت .. تعلم بأنه حزين لفقدان صاحبه .. لكنها ستقول له الان بشأن تلك الفتاة .. : عبدالله ..



اجابها بهدوء .. : لبيـــه ..



قالت برجاء .. : اخته لازم تلقى وظيفة .. عشان يقدرون يعيشون ..



عقد حاجبيه بعدم فهم .. : اخت مين ؟؟ ..



ردت عليه .. بصوت متهدج .. : اخت محمد ..



وكأنه لم يستوعب الامر .. : طيـــــب ؟



شرحت له الوضع .. : الحين ما عندهم دخل ثابت يعتمدون عليه .. وعشان كذا ام محمد طلبت مني اني اقول لكم تشغلون بنتها عندك .. مكان محمد ..



صمت لفترة تعدت الدقيقتين .. وهو يعيد حساب الموضوع في رأسه .. " لا تريد شفقة منك " .. من بين مئات الافكار .. قفزت هذه الفكرة في رأسه .. انها لا تريد ان يشفق عليها .. إذاً لماذا طلبت منه ان تعمل تحت إمرته .. نظر لوالدته .. : يماا .. انا بدور لها وظيفة تناسبها .. لكن مو فشركتنا ..



اجابته والدته .. بتأنيب .. : كيف تخليها في مكان غريب .. تراها بحسبة اختك ..



تدخل سيف .. : في شركتنا او في غيرها .. ايش تفرق ؟؟ ..



قال عبدالله في محاولة للشرح .. : عشان ما تحس اننا نتصدق عليهم ..



سيف .. بتصحيح للوضع .. : تراها كذا ولا كذا بتاخذ مرتب لانها بتشتغل .. ما بتجلس رجل على رجل ..



سكت وهو يفكر .. يا لهذه الامانة التي وقعت على عاتقه ! ..





******

" اليوم التالي "

******





الرياض

مستشفى ال ******

9:30 صباحاً





ازدردت ريقها بصعوبة .. وهي واقفة امام مكتب الاستعلامات في المشفى .. ماذا لو كانت كفاءتها ليست بالمستوى المطلوب ؟ .. ماذا سيحدث لو فشلت في الوصول لأحلامها ؟ .. ليس لها مستقبل في حياتها الاجتماعية .. لذلك .. لا بد من بناء مستقبل زاهر في حياتها العملية .. عسى ان يوفقها الله فيما اقدمت عليه ..



- دكتورة .. د. بدر ينتظرك في الطابق الثاني .. في مكتبه ..



حركت رأسها بالايجاب .. ومشت متجهة نحو المصاعد .. انتظرت عدة ثواني حتى فُتحت بابه .. دخلت وبجوارها ثلاث اشخاص .. لم تعرهم اي اهتمام .. ففي دماغها الان هدفاً واحداً تسعى لتحقيقه .. وهو اثبات هويتها .. ورفع اسم والدها عالياً .. علّها ترد بعضاً من كرامته التي أهدرتها بيديها ..



خرجت من المصعد بخطوات متهادية .. ومشت حتى وصلت لغرفة كُتب عليها .. " د. بدر الراسي " .. ذكرت اسم الله .. وطرقت الباب ..



- تفضــــــــل ..



دخلت بهدوء .. : السلام عليكم ..



أجابها بآلية .. : وعليكم السلام .. تفضلي ..



مشت حتى وصلت لأحد المقاعد .. جلست .. : انــ .. انــآ ندى عبدالرحمن ..



ابتسم .. مما زاد وجهه جاذبية .. : أعرف .. سمر فهمتني ..



ابتسمت تحت غطاءها .. وشاب صفاء وجهها بعض الحمرة ..



قال بصوت هادئ .. : بتنضمين .. ان شالله .. للكادر الطبي في الطوارئ ..



حركت رأسها بإيجاب ..



حرك قلمه بحركة سريعة ورتيبة .. اعتادها .. : انتي أكيد عندك علم مسبق بطريقة العمل في الطوارئ ..



ازدردت ريقها .. : ايــه .. لكن ما اشتغلت على كيسات لوحدي ..



" كيسات جمع case واللي معناها حالة مرضية .. كلمة يستخدمها الاطباء فيما بينهم "



قال مطمئناً .. : الاطباء الموجودين ما بيتركوك لوحدك ان شالله ..



قالت بارتياح .. : طيب ..



أكمل كلامه على نفس الوتيرة .. : اتمنى انك تكونين قد الثقة اللي باعطيكياها ..



قالت بصوت مرتجف .. : ما بخذلك ان شالله ..



ضغط على زر بجانبه .. فدخلت ممرضة .. سعودية .. بعد عدة دقائق .. : نعم د. بدر ..



قال وهو يشير لـ * ندى * .. : هذي د. ندى .. ابيك تعطيها نبذة عن اروقة المستشفى .. وتدليها على مكان استراحة الطبيبات ..



قالت باحترام .. : حاضر .. تفضلي معاي د. ندى ..



نهضت وسارت مع تلك الممرضة .. التي كانت ودودة بعض الشئ .. تعرفت على الاماكن المهمة حالياً .. وقضت بقية الوقت في الاطلاع على حالة بعض المرضى ..



مضت ساعتين .. شعرت فيها باستقلالها .. وبقدرها .. وبالذات مع الاحترام المقدم لها من المرضى .. والممرضين .. وحتى الاطباء .. رأت جانباً جديداً من شخصيتها .. لم تعرفه فيما سبق .. وهذا الجانب هو " ندى قوية الشخصية " ..



ما هــــــــذا ؟ ..



نظرت لوالدها المقبل باتجاهها .. هل اتى للإطمئنان عليها ؟ .. هل أتى لانه علم بسماعها لكلماته المؤلمة ؟.. هل اتى ليساندها في اول يوم ؟ .. هل ....... ؟



تجاوزها .. ومشى بخطوات ثابتة نحو احدى الغرف .. دخلها واغلق الباب خلفه ..



من هذا يا ترى ؟





******









انتــــــــــــــهى





الكاتبة ..




صمت اللهيب

 
 

 

عرض البوم صور أكرهك  

قديم 20-09-11, 12:22 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165538
المشاركات: 21
الجنس أنثى
معدل التقييم: أكرهك عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أكرهك غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أكرهك المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

/1/







المملكة العربية السعودية

الرياض

احــد الاحيــاء الشعبية

الاثنين

5:45 صباحاً

ما زالت مستلقية على فراشها الرث منذ ما يقارب الساعتين .. لم تستطع ان تغمض عينيها ولو للحظات .. فتفكيرها محصور بأخيها الذي قد تأخر اليوم عن موعد عودته كثيراً .. ففي اقصى الحالات – نادراً ما تحدث – يعود الى المنزل في الساعة ال 12 ليلاً .. لكنه اليوم تأخر .. تأخر كثيراً .. التفتت الى والدتها الجالسة على يمينها مواجهة للقبلة .. وهي تردد ببعض الادعية والاذكار بعد ان اتمت صلاتها بخشوع .. تنهدت بهدوء وهي تحكم اغلاق ازرار رداء نومها بسبب برودة الجو .. والقلق يزحف ببطئ في ارجاء قلبها .. لم يخبرهم مسبقاً بأنه سوف يتأخر .. ولم يتصل ليطمئنهم .. بالطبع انه رجل وبأمكانهم الاعتماد عليه .. لكنه ما يزال اخاً وابناً وباختصار .. غالياً عليهم .. لن يستطيعوا نزع هذا القلق الفطري من ارواحهم المكلله بحب ذلك الشاب .. تحركت ببطئ وهي تستقيم وتتربع على الفراش مستندة على الجدار من خلفها والملاءة ما زالت محتضنة ساقيها .. عينيها تتابع حركة والدتها الهادئة وهي ترتب السجادة بنظام ثم تضعها على المقعد القابع في الزاوية اليمنى لتلك الغرفة .. ثم تخرج بهدوء كعادتها متوجهة الى المطبخ .. تعلم ان تحت قناع الهدوء ذاك بركان من القلق والخوف على ذلك الابن البار .. فمهما حدث يبقى قلبها - قلب ام – ترتاع ان شكى طفلها من الم طفيف .. فكيف وهي لا تعلم في اي ارض هو الان ؟ ..



ارتجفت اوصالها وهي تسمع طرقات قوية متواصلة على باب منزلهم الخارجية .. لو كان محمد قد عاد لن يطرق الباب .. بل يدخل مباشرة .. وحتى ان طرقها لن يطرقها بتلك الطريقة المرعبة .. تحركت بهلع نحو باب الغرفة حينما سمعت صوت مفتاح الباب الداخلي للمنزل يتحرك بسرعة .. على ما يبدو ان والدتها ستخرج لترى من الطارق .. تمشي بخطوات متعثرة وهي تسمع صوت والدتها يتحدث بطريقة غير مفهومة ..

ان منزلهم صغير جداً .. المسافة بين الباب الداخلي للمنزل والغرفة لا تتعدى الثلاث امتار .. لكنها الان تراها وكأنما اصبحت مئة متر .. اطلت برأسها من الباب الداخلي علّها ترى من الذي جاء بمثل هذا الوقت المبكر .. لكن عقلها عجز عن الاستيعاب .. ماذا حدث ؟ .. لماذا رجالاً يرتدون الملابس العسكرية يقفون امام منزلهم ؟ .. ازدردت ريقها .. وتنفست بعمق وهي تحاول ان تبعد توترها .. لتعود راكضة نحو الغرفة .. ترتدي عباءتها وحجابها فوق ملابس نومها .. وتنطلق مرة اخرى نحو الباب الخارجي .. تجمدت خطواتها وهي تستمع لما يقال في الخارج .. فلم تعد قادرة على التقدم ولو خطوة واحدة ..



صوت رجولي عميق يعلو على صوت بكاء والدتها يقول بثقة : تفضلي معانا الحين للمستشفى وانتي بتعرفين حالته .. هذي المواضيع نحن ما نتكلم فيها ..



لكن والدتها لم تتوقف عن البكاء وهي تردد : وليدي .. محمد يماا .. – تشهق بقوة – محمد ..



عاد ذلك الرجل يقول بشفقة : اذكري الله يا خالة .. اذكري الـ ..



بتر كلماته المواسية حينما سقطت تلك الام التي قد مُلئ قلبها وجعاً مغشياً عليها .. لم يبقى احد الان .. لم يبقى احد سواها .. لا بد ان تتحرك بسرعة .. سترمي حزنها وألمها وكل مخاوفها جانبا .. لتحمل راية المسؤلية التي قد وقعت على عاتقها .. ركضت مسرعة ناحية والدتها غير آبهة بالواقفين وهي تردد : يماا .. – توسد رأس والدتها بحجرها وهي تضرب وجه والدتها بخفة – يماا اصحي .. يماا ..



لكن والدتها لم تستجب لندائها .. بكت .. لا تعلم ماذا ستفعل .. انها ما زالت صغيرة على الهم .. ماذا ستفعل ؟ .. اتاها صوته مره اخرى وهو يقول : هاتي مويه وغسلي وجهها .. – واكمل مطمئناً - بتصحى ان شاء الله ..



وضعت رأس والدتها بهدوء على الارض وعادت للداخل مسرعة وهي تردد : يا رب اني لا اسألك رد القضاء ولكن اسألك اللطف فيه ..



مسحت دموعها المنسابة على خدها بباطن كفها .. وعادت مرة اخرى لتستند على ركبتيها امام وجه امها .. وهي تمسح وجه تلك الحبيبة بقطرات المياه الباردة .. وما لبثت حتى فُتحت تلك العينين الممتلئتين بالدموع .. وعاد صوتها الحنون شاكياً وهو يردد : محمد .. محمد في المستشفى .. يا نجود ..

قالت تلك الشابة بهدوء دافنة وجعها في حنايا روحها : ادعي له يماا .. ادعي له .. – لتنفلت شهقة متمردة من فمها تسكتها رغما عنها - ..



انحنت نحو والدتها وهي تحتضنها بذراعيها النحيلتين .. هي متيقنه بأنها لن تستطيع مواساة امها بالكلام .. لانها لن تستطيع التحدث دون ان تتساقط دموعها وعبراتها الواحدة تلو الاخرى .. ولكن احتضان والدتها ربما سيمد حبل المواساة لتلك اليائسة .. رفعت بصرها لتبحث عن اصحاب الاخبار المفجعة .. لكنها لم تراهم .. ربما خرجوا الى الشارع ..



ساعدت والدتها بالنهوض وكلتاهما تداريان العبرات الخانقة .. والدموع قد اخذت محلا لها على وجنتيهما .. استندت ام محمد على الجدار وهي تقول لابنتها .. : اسمعيني .. ادخلي داخل واقـ ..

لكنها ولأول مرة تتحدث بغضب مع والدتها : لا يما .. انا بجي معاك واللي فيها فيها .. – مسحت دموعها للمرة الالف بباطن كفها وهي تتابع بخضوع – انا ما اقدر يماا .. ما اقدر اتحمل اجلس هنا لحالي و انا ما اعرف ايش صار مع محمد .. اترجاك يماا ..

هزت والدتها رأسها وهي تتحدث بتعب : لا يا نجود .. خواتك مين بيبقى معهن ؟ ..

اجابت نجود مترجية ووجهها يزداد شحوباً شيئا فشيئا ودموعها ما زالت مستمرة بالسقوط : يما .. واللي يسلمك طمنيني .. طيـ .. ـب ؟ .. – كتمت صوت شهقاتها – .. يما لا تنسين ..

امتدت يدي والدتها لتحتضنها وتهمس بأذنها : لا تخافين .. انا باتصل فيك .. انتبهي لخواتك وقفلي الباب .. لا تفتحيها ابد ..



التفتت الاخيرة لتكمل مسيرها نحو الباب الخارجي .. بينما الاولى رجعت لتدخل المنزل الذي حوا اجمل واتعس لحظات حياتها .. دخلت الغرفة التي اعتادوا ان يناموا فيها .. جلست على مكان نومها – على الارض – وعينيها تعلقت بهاتين الطفلتين اللاتي لم تتجاوز اعمارهن ال 9 سنوات .. ارتفع بصرها شيئا فشيئا ليعانق فراش ذلك الحبيب .. الفراش الذي اعتاد ان يحتضن جسد * محمد * الاخ .. والاب .. والصديق .. نهضت مسرعة نحوه .. احتضنت الوسادة .. وبكــت .. بكت محبتها له .. بكت تعبه وشقائه لاجلهم .. بكت عطفه .. بكت حنانه .. بكت فقدانــه .. وبين ثانية واخرى تردد : ياا رب رجعه سالم .. يا رب ..



لم تستطع ان تتحكم بشهقاتها المتطافرة .. دفنت وجهها بوسادته لكتم تلك الشهقات المتمردة خوفاً على اخواتها من الصدمة .. بقيت على هذا الحال لمدة لا تقل عن ال 15 دقيقة .. نظرت الى الساعة المعلقة على الحائط .. وجدتها - 6:35 - .. تعوذت من الشيطان ونهضت لتدخل دورة المياه وترش بعض من قطرات المياه الباردة كبرودة الجو على وجهها المحمر من كثرة البكاء .. خرجت لتوقظ اختيها استعداداً للذهاب الى المدرسة ..







******





المملكة العربية السعودية

الرياض

احــد الاحياء الراقية

الاثنين

6:45 صباحاً

هـادئ كعادته .. يجلس على طاولة الطعام .. يحمل بكلتا يديه جريدة تحجب عنه رؤية الدخان المتصاعد من كوب القهوة .. يقرأ الاخبار الاقتصادية .. وبنفس الوقت فكره مشغول بالمناقصة التي يسعى لربحها .. سيكون اليوم هو اليوم المنشود .. لا بد من ربح هذه الصفقة .. لا يريد ان يكون خاسراً .. لم يفشل فيما سبق ابــداً .. ولــن يفشل اليوم .. تسلل الى مسامعه صوت زوجته الغاضب .. للمرة الثالثة : فيصـــل .. عمى بعين العــدو .. قووووم .. ما شبعت نوم .. فصيــل ..



انقطع الصوت قليلاً .. وما هي الا ثواني حتى عاد مرة اخرى : فيصــل .. يمااا .. يكفي نوووم .. تعبتني .. قوووم .. – استعملت سلاحها الاخير معه - انا بنزل وما علي منك .. لو ما رحت المدرسة ابوك بيكسر راسك ..



اعتلى الضيق على ملامحه .. غضباً من ذلك الابن الذي لا يسمع لأي شخص غير نفسه .. دخلت الى الصالة ويديها تحتضن يد صغيرها المتعثر بخطواته من شدة النعاس .. ساعدته ليجلس على الكرسي وهي تحرك شعره بباطن كفها .. ومن ثم رتبت حاجبيه المبعثران دائمــاً بأبهامها .. بدأت بادخال الطعام الى فم الطفل النصف نائم .. وهي تحدث زوجها بحب : عبد العزيز .. ليه ما اكلت شي ..



اجاب وعينيه لم تتزحزح عن الجريدة : ما اشتهي ..

امتدت يديه نحو كوب القهوة الذي اصبح محتواه دافئ – كما يحب - واخذ يرتشف منه بهدوء .. وضعه على الطاولة وهو يقول : ليه سيف ما صحى للحين ؟ ..



اجابت وهي تطعم الصغير : مرسل لي رساله يقول بيروح الشركة متأخر اليوم ..



استغرب ذلك .. : مريــض ؟ ..



تحاول اطعام الصغير الذي يبدو عليه النعس : يالله حموودي ماما .. بس هذي .. – اجابت على سؤاله – لا ما اظن لان البارحة المغرب ما كان فيه شي .. وبعدين انت تعرفه ما يتكلم معي في المواضيع ذي ..



رشف من قهوته مرة اخرى : خيــر ان شالله ..



نظر لذلك الكسول * فيصل * وهو يدخل الى الصالة ويجلس على المقعد البعيد عنهم .. شعره غير مرتب .. ووجهه ما زال مبللاً .. لكن ملابسه مرتبة ومكوية من الواضح ان والدته * هنادي * هي من جهزتها له .. لا يعرف متى سيشعر بأن ابنه قادر على حمل المسؤولية .. ان عمره الان 14 سنة وما زال لا يحكم تصرفاته .. رتب الجريدة ووضعها على الطاولة ونهض وهو يقول بغضب بارد وكلمات قليلة كعادته .. موجهاً الكلام لابنه الثاني .. : متى بتكبر وتصير رجــال ؟؟...

توجه نحو الباب خارجاً ليواجه يوماً مليئاً بالعمل : انا بتأخر اليوم لا تستنوني ع الغدا ..



اتاه صوتها الحبيب مودعاً اياه : الله معك .. انتبه لنفسك ..

*

*

*

بعد ان خرج زوجها نظرت لفيصل الغاضب .. والذي بدأ بالحديث : ارتحتي الحيــن .. ؟ هذا ابوي عصب علي وانتي السبب .. يعني ما تعرفين تصحيني بهدوء ..



نهضت متوجهة نحو حقيبة الابن الاصغر لتضع له بعض الطعام الذي يأخذه معه الى المدرسة : لما انت ما ترضى ابوك يعصب عليك ليه ما تقوم بسرعة ؟؟ .. سيف لما كان بعمرك هو يوقت المنبه ويقوم بدون حتى لا اصحيه ..



صرخ بغضب مضاعف : ياا ذا السيف .. فهمــنا .. فهمنــا .. سيف ما في منه .. الشرهة مب عليكم الشرهـ ..



قاطعته بغضب هي الاخرى : رخي صوتك لا اقطع لك لسانك .. صدق قليل ادب .. والله لو سمعت صوتك الحين باتصل فابوك وهو بيتفاهم معاك ..



نهض بسرعة وهو يحمل بيده بعض الكتب المربوطة بحزام اسود .. متوجهاً نحو مرآب السيارت ..



تنهدت بغضب .. هذا المراهق بحاجة لمن يوقفه عند حده .. ويمنعه من ان يتجاوز الخطوط الحمراء .. هي والدته ولا يحق له محادثتها بهذه الطريقة .. لا تريد ان تخبر عبد العزيز عنه .. فزوجها سريع الغضب وان فقد اعصابه من الممكن ان يقتل ابنه بيديه العاريتين .. لا بد من اخبار سيف .. تقدمت من الصغير المغمض العينين وهو جالس على الكرسي .. وبدأت باحكام اغلاق ازرار – جاكيته – خوفاً عليه من البرد .. : حموودي .. ماما يالله قووم .. بتروح المدرسة ..

فتح عينيه ومد ذراعيه ليحتضن عنق والدته .. طوقته بذراعها وهي تقبل رقبته بمحبة .. : يا حبي لك .. بس انت اللي تبرد خاطري ..

مشت به نحو المرآب لتضعه على المقعد الخلفي للسيارة بجانب شقيقه .. الذي ينظر الى الجهة المعاكسة دليل على غضبه .. هي غاضبة ايضاً ولكنها ام ولا تستطيع ان تحتمل مغادرته دون ان يتناول فطوره ..رمت مبلغا من المال بالقرب من مكان جلوسه : اشتري لك فطور .. لا تبقى بلا اكل .. وانتبه لأخوك ..



اغلقت باب السيارة وهي تلوح للطفل الصغير ذو ال 8 اعوام .. حتى اختفت السيارة عن ناظرها .. عادت للداخل لتبدأ رحلة العمل الدؤوب لجعل المنزل اهلاً لاستقبال زوجها واطفالها ظهراً ..







******





المملكة العربية السعودية

الرياض

حــي راقي اخر

الاثنـين

7:15 صباحاً

يستمع لصوتـها الرقيـق يطالبه بالاستيقاظ .. ولكنه ما زال يمثل النوم .. فهو مستمتع للغاية بطريقتها في ايقاظه .. : حبيــبي يالله اصحى .. – تقبل وجنته ومن ثم تهزه بحركة بسيطة – نصوور .. قووم ..



لم يجبها اطلاقاً .. نصور ؟ من اين اتت بهاذا الاسم المخزي ؟ .. نادته مرة اخرى بالحاح : نااصر .. نااصر .. نااصر ..



تقلب بطريقة – النائــم المنزعــج – وهو يصدر همهمة خفيفة واضعاً رأسه في حجرها .. وبدأت هي بتحريك شعره يميناً ويساراً .. : نااصر .. حياتـي يالله .. امك وابوك تحت ينتظرونا ..والحين صارت الساعة ثمانية ..



الثــــامنة ؟؟ .. نهض بسرعة ليستوي جالساً وهو يقول : حضري لي الحمام .. وجهزي ملابسي ..



ضحكة قصيرة صدرت منها .. نظر لها باستغراب .. تقربت وطبعت قبلة اخرى على وجنته وبعدها نهضت متحركة باتجاه باب الغرفة : الحمام جاهز .. وملابسك بعد .. والساعة الحين سبعة وثلث ..



ناصر وهو يقول بصوت مرتفع نسبياً ليصل اليها خارج الغرفة : هيــن يا سموور ..

بقي جالساً في فراشه لعدة دقائق .. ومن ثم دخل الى دورة المياه ليغتسل ..

*

*

*

تطمنت على ابنتهم الصغيرة .. لا تريد ايقاظها الان .. ستحاول ابقاءها – على الاقل – الى الساعة العاشرة .. لكي تستطيع اكمال اشغالها دون ازعاج ومقاطعة .. وكذلك دون اهمال للطفلة .. احكمت تغطيتها خوفاً عليها من البرد .. فالجو في هذه الايام بارد .. وخرجت متوجهة نحو غرفتها وزوجها .. صوت المياه الجارية في دورة المياه اكد لها نهوضه .. ففي بعض المرات يهم بالنهوض صباحاً – بعد ايقاظه – ولكن حينما تخرج من الغرفة يعود للنوم .. تمددت على الفراش .. وتعلقت عينيها بالسقف .. ماذا سيحصل اليوم ؟ .. هل من الممكن ان يغفر عمها لابنته ؟ .. تشعر بالقلق .. وبنفس الوقت هي سعيــدة جداً بعودة تلك المتغربة لأكثر من ثلاث سنوات الى ديارها .. لقد اشتاقت لهـا كثيراً .. اشتاقـت لرفيقة دربها .. ستصبح طبيبــة .. لا .. لا .. هي اصبحت طبيبة .. عسى ان يشفع لها هذا الامر عند والدها .. ربما غضبه منها طوال هذه الاعوام سيمحيه الفخر بها .. لكن عمها انسان صعب المراس .. يا ربـ .. يا ربـ انزل المحبة والرحمة في قلب هذا العم .. تتمنى بصـدق ان تعود المياه لمجاريها الطبيعية .. قطع حبل افكارها صوت ناصر : ايش فيك ؟ ..



اعتدلت بجلوسها .. : ما فيني شي .. بس كنت افكر بنــدى ..



عقد حاجبيه والتفت نحو المرآة : اهـآ ..



هذا الشبل من ذلـك الاسد : تتوقع ابوك بيكلمها ؟ .. هي لحد الاسبوع اللي راح تتصل فيه وهو ما يرد عليها ..



عطره عبئ الغرفة بالكامل : هي السبب .. ما ضربناها على يدها وقلنا لها سافري ..



قالت سمر بترجي : انت ابوك يسمع لك دايم .. كلمه .. واطلب منه يسامحها .. هي الحين دكتورة .. اصلاً هذا الشي فخر للعائلة كلها ..



تحدث بضيق والغضب ارتسم على ملامحه .. : دكتورة لنفسها .. لا ابوي ولا انا ولا حتى العائلة بتهتم في هالموضوع ..



اجابت بغضب .. : ليــه ما بتهتمون في الموضوع .. لو صارت دكتورة ناجحة .. الناس بيقولون نـدى بنت عبد الرحمن العالي .. ما يكفيكم هالفخر .. ؟؟ ..



نظر لها بحدة .. فابتلعت ريقها .. خوفاً من غضبه .. لكنها لن تستسلم .. اكملت كلامها بهدوء وترجي وهي تقترب منه وتضع كفها على كتفه .. : انت تعرف ان هي بترجع اليوم .. بتبقى زعلان عليها ؟ ما كلمتوها ثلاث سنين .. ما اشتقتلها ؟ .. حـ ...



بترت جملتها وهي تراه يرفع يدها المعلقة بكتفه بهدوء ويتجه نحو الباب : ما في داعي لهالكلام الحين .. لا وصلت بالسلامة .. يصير خير ..



لحقت به ومشت بجانبه دون ان تتحدث .. اعطته جرعة من كلامها الان .. وستداوم على هذه الجرع حتى يلين قلبه وقلب والده .. فتلك – مهما فعلت – تبقى ابنتهم .. ستعمل ما بوسعها من اجل رفيقتها .. دخلوا الى غرفة المعيشة – المكان الذي يجتمعون فيه لتناول الطعام صباحاً – حيث يجلس كل من والد ناصر ووالدته واخيه الاصغر ..



تحدث بصوت واضح : صباح الخيــر ..



ردوا جميعاً : صبـــاح النور ..



تقدم من والده مقبلاً رأسه ومن ثم والدته وهي تتبعه بذلك الامر ليستقروا اخيراً في مواقعهم المعتادة على طاولة الطعام .. : خييييييير .. وين ملــوكة ؟؟



اجابت سمر على ذلك الشاب : فوق نايمة ..



اجابها وهو يشير بيديه نحو السُلّم : يلاا .. يلاا اصعدوا هاتوها .. اصلاً هي تذكرتكم عشان تدخلون هنا .. ما في ملوكة .. يعني ما في فطور ..



ضحك والده بهدوء : خالــد يكفي كلام ..



خالد .. وهو يمثل الشوق : يبااا اشتقتلها .. تخيـــل من امس العصر وللحين انا ما شفتها ..



تحدث ناصر الذي تناسى غضبه بشأن اخته : عن العيارة الزايدة .. اللي يسمعك يقول خاشينها عنك .. ما كأنك انت اللي داشر بالمجمعات 24 ساعة ..



شهــق بعنف كاذب وتحدث باستنكار : انـــــا ؟؟؟



قالت والدته مؤيدة لكلام ابنها الاكبر .. وحاثة زوجها على الاستماع لشكواها من ابنها الصغير بطريقة غير مباشرة .. : ايــه انت .. لا دراسة ولا ابد .. كله جالس مع ربعك ..



نهض بسرعة وهو يردد بهمس : طحــت فيها يا خلوود .. – رفع صوته وتحدث بسرعة – يباا .. يماا انا رايح .. لان الواضح ان الكلام صار جدي .. توصون على شي ..



نظر له والده بغضب : لا سلامتك .. بس السنة هذي لو ما نجحت من اول دور احسب السيارة بتنعرض للبيع ساامع ؟؟ ..



تقدم نحو والده وطبع قبلة على جبينه .. : افــا .. يا بو خالد .. بانجح وبتشوف كيف .. يالله مع السلامة ..



- اللـــــه معك ..



سطا الهدوء على البقية بعد ذلك .. فكل منهم فكره مشغول بتلك الغائبة .. منهم من هو خائف عليها من رد فعل الاخرين لدى وصولها .. ومنهم من يحمل في قلبه صــدمة فعلتها .. ومنهم من هو غاضب لغضب الاخرين .. ومنهم من يحمل شـــوقاً عظيماً في كل خلية من جسده .. اختلفت المشـاعر ولكن حب تلك ال * ندى * متربع على قلب كل شخص ضمن حدود هذا المنزل .. قد لا يظهرونه .. رداً على ما فعلت بهم .. لكنــه موجود .. حبهــا موجــود ..



نهض ابا ناصر : الحمــد لله .. يالله ناصر .. تأخرنا اليوم ..



وقف ناصر .. وهو يقول : يباا اسبقني ع السيارة ..



خرج الوالد بعد ان ودعته زوجته بكلماتها المحببة .. وعيون ناصر تتابع خروجه حتى اصبح الجدار يفصل بينهما .. التفت لوالدته .. متحدثاً ببرود .. : مين بيستقبلها في المطار ..؟ ..



اجابت بلهفة .. : خالد قال هو اللي بيوصلها ..



تحرك بعيدا عنهم .. ماشياً على خطا والده : توصون على شي ..



قلن بنفس الوقت : ســلامتك ..



- ناااااصـــر انتــظرني ..



عقد حاجبيه .. : حضرتك الحين يالله صحيتي ؟؟



اجابت وهي تركض نحو طاولة الطعام : راحت علي نومة .. بس البس العباية والحقكم ..



هز رأسه بعلامة النفي استنكاراً .. وخرج .. اما هي فقبلت جبين والدتها .. وارتدت عباءتها .. ومن ثم اخذت قطعة من الكعك المصنوع من قبل والدتها وهمت بأكله وهي في طريقها نحو الخارج .. وكل هذا كان يحدث اثناء دقيقة واحدة وربما اقل ..



ضحكة من سمر .. قطعت جو السكون الذي خلفه خروج تلك الشابة ..اما * ام ناصر * فلم يعجبها تصرف ابنتها الطائش : خالد و نادية بيموتوني ناقصة عمر .. نااقصة عمر ..



ردت سمر بسرعة : اســم الله عليك خالتي ..



ابتسمت ام ناصر : اصعدي وهاتي ملاك ..



نهضت سمر متوجهة نحو السُلّم : الحين باصحيها ..







******





المملكة العربية السعودية

الريــاض

شـركة العـــالـي

الاثنين

11:15 صباحاً

عقد حاجبيه .. وهو يسمع صوت الصراخ الصادر من غرفة المدير العام للشركة .. وبذات الوقت استمع لصوت تهامس بعض الموظفين في الطابق .. والبعض الاخر في حالة انصات متعمق للكلام الذي يدور داخل الغرفة ..



صرخة منه افزعت الجميع : كـــل واحــــد يقابــل شغلــــه ..



التفت كل موظف نحو مكتبه .. دون اي كلمة .. اما هو فأكمل طريقه نحو الغرفة القابعة في اخر الممر .. فتح الباب دون استئذان .. والقى التحية بصوت معتدل : الســــلام عليـــــكم ..



لم يجبه اي احد .. زفر بضيق .. ما الذي حدث اليوم ؟؟ .. لم هذه الوجوه الواجمة .. ؟؟ ..



- ال ×××× .. كيـــــــف اخذها كذا بــــــــاردة مبــــــــردة .. ؟ .. كيييييييييييييييف ؟ .. انـــــا اللي الكل يحسب لي الف حســــــاب يجي بــــــزر مثله يهز اسمي قــــــدام اللي يسوى واللي ما يســــوى .. ابــن ال ×××× ..



رُسم تعبير عدم الفهم على وجهه الوســيم .. وتقدم من الـمقاعد الجلدية التي يجلس عليها ابن اخيه * سـيف * .. وجلس بجانبه وهو يهمس .. : ايش صايــر ؟؟ ..



رد عليه سيف .. وباله مشغول بغضب والده المفاجئ .. وثورته العارمة خصوصاً بعد خسارة هذه المناقصــة .. : اششششش عبد الله .. مب وقتك ..



تحدث عبد الرحمن * ابو ناصر * الجالس بجانب ولده : يا عبد العزيز اهدى .. الموضوع ما يستاهل كل هالعصبية ..



صرخ عبد العزيز بانفعال وهو يقطع الغرفة ذهاباً واياباً : لااا يستاااااهل .. يستاااهل .. لو كان غيره يمكن بتكون اهون عليّ .. انا اخسر ضد واحـــد جــــــــاهل .. حتى انه ما يفهـــم بالامور ذي .. مـــــــا يفــــــــــهم ..



تكلم عبد الله موجهاً سؤاله لسيف .. : مين ذا ؟



لم يجبه سيف .. بل بقي بصره معلقاً بوالده .. واذنيه تستمع لما يدور بين عمه واباه باهتمام ..



قال عبد الرحمن : كــم خسرت .. مليــون ؟؟ .. مليونيـــن ؟؟ .. طز فيهم يا خوي .. بتعوضهم ان شالله في مناقصة المنتجع السياحي ..



جلس على المقعد الخاص به – خلف مكتبه – واغمض عينيه بتعب .. : الشي الوحيد اللي مصبرني هو المناقصة تبع المنتجع ذا .. لانها شبه مضمونة ..



سأل بغضب فصبره قد بدأ بالنفاذ .. وللمرة الثالثة : ايــــــش صايــــــر ؟ ..



اجابه سيف بصوت هامس .. : فــاروق ربح صفقة المجمع السكني اللي بيبنــوه في منطقة ال **** ..



انفلتت ضحكة قصيرة منه .. لتعود موجة الغضب الجارف لعبد العزيز وهو يلتفت بعنف نحو عبد الله و يصرخ : خييييييييييير ... جاي تطنز حضرتـــك ..؟ ..



رد عبد الله ببرود : حسستني كأن فاروق سوى شي غلط .. ما كأنه ربح الصفقة وهو تعبان فيها ..



ارتفع صوت ناصر طالباً من عمه السكوت .. فالموقف خطيـــر جداً .. : عبـــــــــــد الله ..



نهض سريعا وتوجه نحو عبد الله .. اطبق بقوة على ياقة قميصه .. ثم صرخ .. : طبعـــــــاً .. ايش ارتجي من واحــــــــد باع اخــوه .. ووقف بصف العـــــــــدو ..



نهض عبد الله ليقف مواجهاً لاخيه .. وقد نحتت ابتسامة باردة على شفتيه : عــدوك انت يا عبد العزيز .. انــت بس ..



وقف سيف وهو يفلت يد والده .. ويحول بين الاثنان : يبا صلي ع النبي .. ايش صار لك ..

ثم التفت نحو عمه وهو ينظر له بطريقة غاضبة ..



مشى عبد العزيز نحو مقعده وانفاسه قد بدأت بالاضطراب .. جلس بهدوء وهو يتمتم بـ : عليه الصلاة والسلام .. استغفــر الله .. استغفــر الله ..



خرج عبد الله بهدوء .. وتلاه ناصر .. ثم عبد الرحمن .. الذي قال لاخيه : الفلوس تروح وتجي .. بس الصحة اهم شي ياخوي .. انتبه لنفسك ولصحتك ..



تقدم سيف من مكتب والده وهو يقول .. : لا تتضايق يبا .. تعرف ان عبد الله وفاروق اصحاب من زمــان ..



عبد العزيز وهو ينظر ناحية ولده : وانــــــــت ؟



اجاب سيف باستغراب : انا ايــش ؟ ..



رد والده ببرود .. : انت كمان صاحب فاروق .. صح كلامي والا ؟ ..



تحدث سيف بضيق : يباا واللي يسلمك المشاكل اللي بينك وبين فاروق .. لا انا ولا عبد الله لنا دخل فيها .. ليه مكبر الموضوع ..



عبد العزيز .. وهو يطلع على بعض الاوراق امامه .. : اطــلع وخذ الباب معاك ..



سيف .. في محاولة اخيرة لثني رغبة والده بقطع رباط الصداقة الذي يجمعه وفاروق .. : انــا ما اعرف المشــ ..



قاطعه والده بغضب .. : قلت اطلع وسكر البــاب ..



خرج من هذه الغرفة التي شهدت الكثير والكثير من المشاحنات هذا اليوم .. وتوجه نحو الطابق التاسع ليحادث عبد الله .. ويوضح له ما حدث .. لا يريد لعلاقة والده بعبد الله ان تتوتر .. متأملا ان ينتهي هذا اليوم الكئيب على خيــــــر ..







******






يتبــــع

 
 

 

عرض البوم صور أكرهك  
قديم 20-09-11, 12:28 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165538
المشاركات: 21
الجنس أنثى
معدل التقييم: أكرهك عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أكرهك غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أكرهك المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

المملكة العربية السعودية

الرياض

مطـار ال ****

الاثنيـن

1:30 ظهراً



فتحت حزام مقعد الطائرة المحيط بخصرها .. ونهضت لتأخذ حقيبة حاسبها المحمول من الخانات الحاوية على اغراض المسافرين .. بقيت واقفة امام مقعدها لدقائق معدودة .. حتى خف زحام الركاب المتبقين في الطائرة .. مشت بهدوء نحو الباب .. مارة بجانب بعض المضيفات .. نزلت درجات السُلّم الطويل .. ببطئ شديد .. تشعر برغبة الرجوع الى داخل الطائرة .. والعودة الى المكان الذي حواها لمدة ثلاث سنوات .. انهـــا خائفة .. بل مرعوبة .. تعلم بأن والدها سيرفضها .. وبقــوة .. كما ان والدتها .. واخاها .. وحتى اختها الصغرى .. سيكونون غاضبين منها بشدة .. وهذا حقهم .. حقـــهم .. لكنهم لا يعلمـــون بأن ما فعلته كان من اجلهم .. وستفعله مرة اخرى – ان لزم الامر – من اجــــلهم .. اكملت مسيرها نحو مكان ختم جواز سفرها .. تم تسجيل دخولها الى اراضي المملكة .. لكنها لم تشعر بشئ سوى دخولها الى اراضي العذاب الازلي .. العذاب الدائــم الى الابد .. بالنسبــــــة لها .. وقفت امام الشريط البلاستيكي الذي يدور بشكل بيضوي حاملاً حقائب المسافرين .. التي تم شحنها مسبقاً في امريكا .. بحثت عن حقيبتها .. مرة .. مرتين .. ثلاث .. حتى وجدتها .. وضعتها على العربة الخاصة بالحقائب واخذت تدفعها ناحية بوابة * القادميــــن * ..



- نــــــــــــــــــدى ..



تلفتت باحثة عن الوحيد الذي بقي على اتصال بها خلال هذه الثلاث سنوات .. اتسعت ابتسامتها بلهفة وهي تراه يتجه نحوها بخطوات سريعة .. احتضنها بقوة .. غير مبالي بالناس المحيطين به .. : اشتقتلك يا دبـــة ..

ضحكت باحراج وهي ترد عليه بمحبة فائضة : انـــا اكثر .. يشهد علي ربي ..



اخذ مكانها في دفع العربة وسارت هي بجانبه متجهين نحو مواقف السيارات .. : عسى ما تعبتي في الطريق .. ؟



اجابته وهي تشير نحو ساقيها : احس رجولي متيبسة .. طول الطريق وانا جالسة ..



ابتسم .. : ما عليــه .. اهم شي وصلتي بالسلامة .. يومين وبيروح التعب ..



تنفست بعمق .. : الحمـــــــــد لله ..



وصلا الى السيارة .. ضغط على زر في الميدالية التي يحملها بيده .. لتصدر احدى السيارات الحديثة صوت فتح قفلها ..



ابتسمت وهي تتحرك شبه راكضة باتجاه السيارة : متـــــــى غيرت سيارتك .. ؟



فتح صندوق السيارة الخلفي .. وهو يضع حقيبة اخته : قبل ثلاث شهور ..



جلست على المقعد المجاور لمقعد السائق .. وانتهى به الامر جالساً بجوارها : ابشرك اليوم الصبح ابوي هددني فيها ..



ابتلعت ريقها بصعوبة .. لماذا يا خالد ؟ .. انها تحاول ان تؤجل الحديث عنهم بقدر الامكان .. لماذا تقلب المواجع ؟ .. قالت وعينيها تنظر الى البوابة الامامية للمطار الذي اخرجها من ديارها فيما سبق .. واعادها اليوم .. : ليه ؟



قال بغضب مازح .. : ذاكر يا خلوود .. لا تطلع يا خلود .. لا تنام يا خلود .. لا تاكل يا خلود .. لا تشرب يا خلود .. لا تتنفــــــــــس يا خلوود ..



ضحكت بقوة .. فهذا ال * خالد * يستطيع تغيير مزاج اكبر شخص على هذه الارض .. : ايـــه .. اكيد خايفين عليك .. وعلى مستقبلك ..



اجابها .. : فكينا يا شيخة .. اكيـــد انا بذاكر لما يصير لي مـــزاج ..



قالت والابتسامة ما زالت على شفتيها : ولو ما جاء هالمزاج هذا ؟ ..



ضربها على كتفها بخفة .. : اووووووف .. وانا اشكي لمين ؟ .. لدافورة المنطقة .. اسكتي يا دكتورة ندى .. لا تفتحين موضوع المذاكرة مرة ثانية ..



ضحكت وهي تهمس .. : هو مين اللي فتحه ..



عمّ السكوت لدقائق .. فكل منهما اصبح مكبل بسلسلة الافكار .. هي غارقة في بحر خوفها من رد فعلهم عند رؤيتها .. وهو يشعر بها .. ويعلم بأن هنالك ثقل كبير يقع على عاتقها .. خوفاً من المقابلة التي ستجري – دون ادنى شك – مع اباه وامه وحتى اخاه .. قال موضحاً شعور والدته كبداية .. : امي من الصبح صاحية علشان تحضر لك الاكل اللي تحبينه ..



التفتت نحوه بلهفة .. دون ان تتحدث .. اذا كان ما يقوله صحيح .. فبهذا ستقطع نصف الطريق نحو ارضائهم ..

اكمل حديثه مطمئناً .. : وندووي ازعجتني باتصالاتها ..



ابتسمت .. هل ما يقوله صحيح .. ؟ طوال الثلاث سنوات الماضية .. كانت تتخيل يوم لقاءها بهم .. وفي كل مرة يكون تخيلها الرفض .. الرفض فقط .. ام انه يقول ذلك فقط ليبعد توترها الواضح؟ .. اختفت ابتسامتها .. ربمــا .. ازدردت ريقها .. وقالت بصوت شبه مسموع .. : وابــــوي ؟؟



نظر لها .. لا يعلم ماذا يقول .. انه لا يعرف مشاعر والده تجاه هذا الموضوع .. في السابق كان الغضب هو كل ما صدر من ابيه .. لكن اليوم .. لا يعـــرف شعوره .. : مــدري ..



اوجعتها هذه الكلمة .. تمنت ان يقول لها .. انه سعيد بعودتها .. او انه بانتظارها .. او حتى انه ما زال غاضباً منها .. كلمته هذه دليل على ان والدها لم يتحدث بموضوع يخصها اطلاقاً .. هل اصبحت نكرة في قاموسه ؟ .. هل اصبحت في عداد الذكريات بالنسبة له ..؟ كل ما سيفعله بها سيكون من حقه .. ان تجاهلها فهذا من حقه .. وان صرخ عليها فهذا من حقه .. وان قتـــــــلها فهذا من حقه .. واكثر .. لكنها مشتاقة له .. مشتاقـــــة لهم جميعاً ..



شعرت بتوقف السيارة امام باب المنزل الذي احتضن طفولتها .. ومراهقتها .. فُتحت الباب الخارجية للمنزل .. ومشت السيارة في الممر المخصص لها حتى وصلوا الى البوابة الخشبية الداخليـــــة .. نظرت للمنزل الذي لملم شتات روحها .. وتشرب دموعها .. وابتسم لضحكاتها .. ترجلت من السيارة .. وعينيها تعانقان كل ركن من اركان الحديقة ..



هنا لعبت مع اخيها ناصر .. وهنا غضبت من تصرفات اختها الصغرى .. هنا وُبخت من قبل والدها .. وهنا تقافزت فرحاً عند استلامها نتيجة الثانوية العامة .. وهنا ركضت بسعادة لتبلغ والدتها بموافقة والدها على ما خططت له .. هنا .. وهنا .. وهنا ..تجمعت الدموع في عينيها .. فسيل من الذكريات قد اخذ يتدفق بين لفائف دماغها .. قاســـــي شعور مغادرتها .. لكن شعور عودتها اقســـــــــــى ..



رأى كل التعابير التي رُسمت على وجهها منذ ان توقفت السيارة .. يعلم بمدى صعوبة هذا الامر عليها .. ويعلم ان في المنزل اشخاص قد يصعبون الامر عليها اكثر .. مد يده لها وهو يقول بمرح : نــــدى .. يالله .. ابـــــي اتغــــــــدى ..



تقدمت نحوه بخطى هزيلة وهي تضع كفها بكفه .. سحبها لتمشي بجانبه .. فُتحت الباب الخشبية ليظهر من خلفها ذلك الوجه المحبب .. ذلك الوجه الذي رأته عندما فتحت عينيها لاول مرة .. ورأته عندما خرجت من ذلك الباب لآخر مرة .. تخاف ان تتقدم فيقابلها الصد .. وتخاف ان ترجع فيقابلها الشوق .. لا تعلم ماذا تفعل .. هل ستحتضنها والدتها ولو لمرة اخيرة ؟ .. هل ستنهي رحلة عذابها التي دامـــت لثلاث سنوات ؟ .. تساقطت الدموع التي جاهدت لأسرها في محجر عينيها .. * أُمـــــــــــاه لا تزيدي عـــــــذاب قلبي أرجــــــوكِ * ..

*

*

*

فتحت ذراعيها في انتظار تلك الحبيبة .. لتأتي وترتمي في احضانها .. لقد عانت كثيراً في غيابها .. عانت في احتمال عدم رؤيتها .. وعانت في التفكير باحتمال عدم عودتها ..

*

*

*

مشت بخطوات سريعة .. لتنتهي بين ذراعي والدتـــــها .. علّها تشفي غليل شوقها .. الذي تفنن في تعذيبها طوال الفترة الماضية .. بكت بصوت قد يكون اقرب الى النحيب .. مشتــــاقة .. مشتاقة الى الدرجة التي تجعل ضربات قلبها تتسارع وتتباطأ في آن واحد .. بقت متشبثة بملابس والدتها بقوة .. لا تريد ان تبتعد عنها ولو للحظات .. لا تريد ان تغادر هذا الامــــان ابداً ..



مشت والدتها .. فأُجبرت على السير معها .. حتى وصلوا الى غرفة المعيشة .. حيث كل من سمر و نادية وتلك الصغيرة * ملاك * جالسات .. نهضت نادية مسرعة نحوهن وهي تصرخ : ندووووووي ..



ابتسمت ندى رغم ان دموعها قد حجبت الرؤية الواضحة عنها .. لكن مجرد سماع صوت شقيقتها الفرح ابعث في نفسها الطمئنينة والسعادة .. تبادلن الاحضان .. فهن رغم كل شئ كنّ فيما سبق صديقات يتشاركن الاسرار ..

ابتعدت نادية لتحل محلها سمر الباكية .. تشابكت قلوبهن بسعادة .. هذه من وقفت بصفها طـــوال ال 24 سنة التي عاشتها لحد الان .. فهي ابنة خالتها .. وصديقتها .. واختها الثانية ..

*

*

*

لقـــد تعب اليوم كثيراً .. تعباً جسدياً بسبب كثرة الاعمال .. وتعباً نفسياً بسبب خسارة اخاه التي لم تكن في الحسبان .. وكذلك بسبب عودة ابنته المدللة – سابقاً - .. لم يرد العودة الى المنزل .. فهو لا يريد رؤيتها .. لانه لا يريد ان يفقد السيطرة على ثورة الشوق المتأججة في حنايا صدره .. لكن الحاح زوجته اجبره على تغيير رأيه ..



يعلم انه ان رآها سيذوب الثلج الذي طوق اسمها وشخصها في قلبه .. يعلم انه سيضعف امامها .. وبالتالي سيسامحها .. لكنه لا يــــــــــريد ذلك .. لا يريد مسامحتها .. لقد كسرته .. كسرت والدها .. وقللت من احترامه .. سيعيد تربيتها من جديد .. لكن هذه المرة دون كلام .. باختصار سوف يتجاهلها .. كما لو انها قد اصبحت قطعة من اثاث المنزل .. مشى الى داخل المنزل حاملاً بعض اوراق العمل .. وابنـــه * ناصر * على يمينه .. دخلآ .. واصوات ترتيب الصحون قد شق طريقه نحو مسامعهما ..



- السلام عليكم ..



رد كل من يجلس في غرفة المعيشة بـ : وعليكم السلام ..



تلفتت عيناه باحثة عن طيفها .. لكنها لم تكن موجودة .. عبــــــــــــــــد الرحمن .. ماذا حدث لك .. ألم تقل بأنك لن تهتم بها مطلقاً ؟ .. ألم تقل بأنك ستتجاهلها ؟ .. نعـــــــــــــم لقد قال ذلك .. وسيفعل ذلك .. لكنه بحاجة لرؤيتها .. لقد غابت فترة طويــــــلة جداً .. فترة كافية .. لجعل قلبه يكلل بالشوق المضني .. تحدثت زوجته معه بود : يالله غير ملابسك وتعال تغدى ..



هز رأسه ايجاباً .. صعد السلم بخطوات واثقة .. ثم مشى في ممر الطابق الثاني .. حتى وصل الى مكتبه .. دخل ووضع اوراقه على المكتب .. جلــــــس على المقعد الجلدي المخصص له .. وارجع رأسه الى الخلف مغمض العينين .. عسى ان يهدأ تفكيره ولو لثواني ..



صوت شبه باكي : الســـلام عليكم ..



صوتهـــــــــــــا .. نعم هذا صوتها .. لماذا لا يستطيع ان يفتح عينيه وينظر لها ولو لمرة واحدة .. ؟ يشعر بقلبه يتهاوى بعنف من مكان عالي .. ويرتطم بالارض .. ليتكسر الى قطع دقيقة .. شوقاً لها .. لكنــــــــــــه لا يستطيع .. لا يستطيع ان يغفر لها ما فعلت .. سمع صوت خطواتها تقترب .. وتقترب .. وتقترب .. حتى شعر بجلوسها على الارض .. عند قدميه .. لامست يداها يده التي تستند على حافة المقعد .. رفعتها ثم قبلتها .. وصوت شهقاتها يعلوا شيئاً فشيئاً .. اسندت رأسها على ركبتيه وهي ما زالت محتضنة يده بيديها .. : يبـــــــــاا .. يبـــ .. – صدرت منها شهقة موجعة اجبرتها على قطع الكلام - .. يبــــ .. ــــــــاا ..



بقى على وضعيته لمدة دقيقتين .. دون ان ينظر لها .. اعطاها هذه الوقت القصير كفرصة .. لتبرر فعلتها .. اراد ان يسمع تبريرها .. عسى ان يفلح ويجعل الوضع قابلاً للتصحيح .. لكنها استمرت بالبكاء المؤلم لقلب والدها .. وبين فينة واخرى تشهق بكلمة – يبـــــــاا - .. فتح عينيه ونظر لها .. يا اللهــــــــي .. لقد كبُرت كثيراً .. تلك الطفلة التي قضت سنوات من طفولتها تتبعه في كل مكان .. وتحاول ان تفعل مثلما يفعل .. كبُرت واصبحت امرأة يافعة .. امرأة اقل ما يُقال عنها انها * حسنــــــــــاء * .. سحب يده من بين يديها .. ونهض دون ان يعيرها ادنى اهتمام .. رغم ان جميع حواسه موجهة ناحيتها .. وخرج من المكتب بهدوء تاركاً خلفه حطام فتاة .. جُرحت من برود اخيها قبل دقائق .. وجُرحت من تجاهل والدها قبل ثواني .. لـــــــها اسباب لفعلتها لكنها لن تستطيع التعبير .. فالوضع اســـوأ من ان تعبر عنه بالكلمـــــــــــات .. أصعب من ان تعبر عنه بأي شئ .. سوى بدموع مستنجدة بهــــــم ..






******









الامارات العربية المتحدة

رأس الخيمة

حي ال *****

الاثنين

5:00 عصـراً



تجلسان على الارض .. إحداهما تقابل الاخرى .. وهنّ في خضم نقاش هادئ .. أختهما الصغرى تجلس على احد الأسرّة الثلاثة المنفردة بيدها كتاب .. والبقية مبعثرة امامها .. هذا الوضع يُعتبر جزءاً من الروتين اليومي الممل ..



تنهدت الكبرى .. وهي ترد على عناد من تُعتبر اختها .. : قلتي سنة بارتاح .. وقلنا ما عليه .. البنت تعبانة من الدراسة .. السنة الياية بتدش الجامعة .. وقلتي ابي سنة ثانية اضبط فيها اموري .. وقلنا ما عليه البنت امورها متلخبطة .. وبــ ..



قاطعتها تلك الشابة .. بملل من الموضوع الشبه يومي .. : مريـــــوم انا لا بغيت اكمل دراسة باكمل .. لا تضغطين عليّ ..



اتكت على حافة السرير خلفها .. : انتـــي ما تعرفين مصلحتج .. هذي ضاعت منج اربع سنوات .. والخامسة فالطريج .. متى بتدرسين ..؟ اصلاً الحين لو دشيتي الجامعة بتكونين امهن للطالبات ..



ضحكت بخفوت من شدة المبالغة في كلام مريم .. : اي عشان اربيهن لو عصبن فالاساتذة ..



تغيرت نبرة صوتها للضيق .. : دانووه انا ارمس معاج جد .. لا تقلبين الموضوع مزح ..



لم تجبها * دانة * وكل ما فعلته انها غيرت اتجاه نظرها نحو الاخت الصغرى .. لا تريد لأي احد ان يتدخل في مستقبلها ..



اكملت دون ان تهتم لتغير وجه تلك العنيدة .. : تبيـــــن تصيرين مثلي .. ؟ - استمرت الاخرى بالنظر بعيداً دون ان ترد - .. ردي علي ..



تحدثت بغضب بسيط : وليش شفيج انتي .. غيرج يحلم بربع الحياة اللي عايشتها ..



قالت مريم بصدمة : شفيــــني ؟؟ .. كل اللي صار لي .. وتسألين .. شفيني ؟ .. منوه اللي يحلم يعيش حياتي .. وحدة ما صار لها اربع شهور من عرست .. وتيي بيت اهلها زعلانة .. منوه اللي يرضاها على نفسه ؟ ..



فعـــلاً .. ان مريم تعذبت كثيراً .. طوال هذه الاربع شهور .. يا الله كم هي غبية .. كيف تقول هذا الكلام لاعز شخص في حياتها ..



أكملت مريم وعينيها قد اخذت تمتلئ بالدموع .. : انا لو دشيت جامعة ودرست .. كان الحين صار لي قيمة .. مب يستهزء فيني اليسوى والما يسوى .. دانة ابني لنفسج مستقبل .. لا تصيرين مثلي ..



تقدمت دانة منها واحتضنتها بشفقة .. وهي تردد : لا تصيحين .. مريوم .. ما يستاهلون دموعج الغالية .. – ثم اضافت بمرح – لخاطر عيونج السنة الياية بدش الجامعة وبطلع الاولى عليهم بعد .. شتبين اكثر ؟؟



ابتعدت مريم عن حضن شقيقة شقيقتها .. حينما سمعت صوت الصغرى الغاضب : بـــلا افلام هندية .. روحوا صيحوا في الصالة .. انا ابي اذاكــــــر ..



صرخت دانة بغضب .. : فطوم جــب .. لا تحطين عصج فشي ما يخصج .. – ثم التفتت نحو مريم لتكمل حديثها بجدية – مريم انا مابي ازيد المصاريف على ابوي .. تكفيه مصاريف البيت ومصاريف هالسبالة .. انــ ..



قاطعتها مريم بتحذير .. : لا ترمسين جذي جدام عمي .. – واردفت محفزة لتلك ال *دانة* - .. ليش ما تقولين اكمل دراستي واشتغل واعينه فالمصاريف هذي ..



سكتت دانة مفكرة في كلام شقيقتها .. نعم .. ان انهت دراستها وتوظفت في اي مكان .. ستساعد والدها .. وسترد له الدين .. لقد تعب كثيراً في طفولتها .. وعمل جاهداً لاجلها .. لا بد ان تعامله بالمثل .. ولكـــن هذا الامر لن يحدث .. الا بعد اربع سنوات .. الا بعد ان تتخرج .. انها تراه حُلم بعيد المنـــال .. ربــــــــــــاه .. ستحاول ان تنظم لاحدى الجامعات باقرب فرصة ممكنة ..



- مريــــــــــــم عمج يبي يرمسج فموضوع ..



نهضت مريم بسرعة نحو الصالة التي لا تبعد سوى عدة خطوات من الغرفة .. وتحدثت دانة بشئ من القلق : امــــــــــاية .. شصاير ؟ ..



اجابتها زوجة والدها .. : ما صاير شي .. ابوج رمس حمدان عشان يشوف صرفة معاها ..



تقربت وجلست على السرير بالقرب من دانة .. : والله انها كاسرة ظهري .. لو ابوها كان عايش .. ما تبهذلت ..



رفعت يد والدة مريم وهي تقبلها .. : امــــاية لا تقولين هالرمسة مرة ثانية .. وابوي وين راح ؟ ..



ابتسمت بحب .. : يعلني ما ابكيه .. لو ما كان موجود كنا بنضيع انا ومريم ..



نهضت وجلست على السرير بجانبها : وانــــا لو ما كنتي موجودة كنت باصيع فالشوارع ..



ضحكت .. وهي تضرب تلك الشقية بخفة على كتفها .. : ما تيوزين عن حركاتج ..



تحركت فاطمة بسرعة قصوى نحوهن .. وجلست بحجر والدتها بغيرة وتملك .. : يالله منـــــــــــاك .. روحي يم ابوج ..



التصقت اكثر بمن اصبحت بمثابة * ام * لها .. وهي تخرج لسانها إغاضة للصغيرة المدللة .. : مـــــوتي حرة .. امي وبتبقى امي .. – التفتت نحو المرأة التي ربتها منذ ان كان عمرها ست سنوات – من تحبين اكثر .. انا والا هالمفعوصة ؟ ..



ضحكت * ام مريم * بطيبة وهي تنهض تاركة خلفها غيورتين .. : احب مريوووم وابوكن ..



صرخت دانة بعنف .. : افـــــــــــــــــااا .. افــــــــــاا يا ام مريم ..

*

*

*

يرى ضعفها .. وتعبها الواضح .. ويحاول جاهداً ان ينتقي كلاماً غير جارح من اجلها .. لا يريدها ان تشعر بأنها تختلف عن ابنتيه ..



- مريـــم .. يابوك .. لو ما تبين تردين له انا ما برخص فيك .. انتي تعرفين انك بغلا دانة وفاطمة ويمكن اكثر .. وانا ما بجبر بناتي على شي ما يبغوه ..



قالت باحترام واضح .. : عمــي خيرك واصل .. وافضالك عليّ مدري شلون بردهم لك ..



قاطعها بتأنيب .. : افـا مريم .. كذا تحسسيني انك عادتني واحد غريب ..



تقربت منه بسرعة وقبلت رأسه ثم كفه .. : عمـــي يشهد الله علي انك بحسبة ابوي الله يرحمه .. بــس انـ .. انــا .. تعبانة .. وابي ارتاح هني كم يـــوم ..



قبّل رأسها .. : وهــذا اللي بيصير .. ما تطلعين من هنا الا برضاك .. وحمدان انا باتصل فيه وبكلمه ..



طأطأت رأسها خجلاً .. : تســلم عمي .. الله يخليك تاج فوق روسنا ..



ابتسم وانهى حديثه بـ : الله يوفقك يبا ..







******









المملكة العربية السعودية

الرياض

مقهى ال ******

الاثنيــن

7:12 مساءاً



رآهما قادمين نحو مكان جلوسه .. وهما يتحدثان بجدية .. هذان الاثنان تربطهما علاقة قوية جداً .. رغم انهما * عم * و * ابن اخ * الا ان صداقتهما عميقة جداً لدرجة يصعب تخيلها ..



ما ان اصبحا على بعد ثلاث خطوات .. حتى بادر اصغرهما بالقول : سويـــــــت اللي في راسك وخلصت .. عساك ارتحت ؟؟ ..



نهض ليصافحهما ووجهه متجهماً .. : حيـــاكم الله ..



اجابه الاول : الله يحييك ..



جلسوا جميعاً محيطين بالطاولة المستديرة .. وعبد الله لم ينبس ببنت شفة حتى الان .. التفت سيف نحو عمه .. راغباً بمشاركته في الحديث .. وهو يشير بيده نحو ثالثهم .. : عبود بالله عليك هذا وجه حد ربح صفقة اليوم .. ؟



ابتسم عبد الله بشحوب .. وهو ينهض : ياخي فــاروق هذا وجهه من زمان .. رايق ولا حزين ولامعصب تعبير وجهه ما يتغير ..



رفع احد حاجبيه وهو يسأل رفيقه : على ويـــن العزم ؟ ..



عبد الله وهو يخرج محفظة نقوده .. : اروح اشتري شي نشربه انا وهالدلخ اللي جنبك .. – ثم وجه كلامه لسيــف – ايش تشرب ..؟



قال سيف بحنق : مافي دلخ غيرك .. هات لي باربيكان ..



اتسعت ابتسامة عبد الله وهو يبتعد عنهم .. ليقول بصوت مرتفع : طـــرار ويتشرط ..



ضحك سيف .. والتفت نحو فــاروق الذي اشار برأسه ناحية عبد الله متسائلاً : ايش فيه ؟..



سيف : تهاوش مع ابوي ..



عقد حاجبيه بعدم فهم .. : ليــه ؟..



ابتسم سيف باستهزاء : عشانك ..



فاروق وهو يخرج علبة السجائر من جيب – ثوبه – ذو اللون الكحلي : عشاني انا .. ؟



سيف وهو ينظر لعبد الله الواقف بقرب احد الشباب العاملين في المقهى : تعرفه يشتغل مدافع عنك فالاجتماعات العائلية ..



لاح شبح ابتسامة على شفتيه .. : فيه الخير والله ..



ارتفع صوت سيف مدافعا عن نفسه بمرح : تراني تهزئت عشانك بعد ..



قال فاروق بجدية : ايه هين ..



ضحك سيف وانشغل باللعب بهاتفه ..



فاروق وعينيه تتابع حركة عبد الله وهو يجلس بجانب سيف : حيا الله الشيخ ..



ابتسم عبد الله : الله يحييك ويبقيك ..



سيف وهو يفتح علبة المشروب – الباربيكان - : مالت عليكم من ربع ..



تجاهله فاروق ووجه كلامه لعبد الله : سمعت ع اللي صار مع محمد ؟..



اجاب عبد الله بقلق : لا ما سمعت .. خيـــر ؟ ..



فاروق ببرود وهو يضع سيجارة بين شفتيه : متنوم فالمستشفى ..



اتسعت عينا عبد الله : البارحة كنت عنده .. ما كان فيه شي .. ليه دخل المستشفى ؟ ..



فاروق بلا مبالاة .. والسيجارة قابعة بين الوسطى والسبابة في يده اليمنى والدخان قد بدأ بالتصاعد : مدري .. متضارب مع حد او شي زي كذا ..



قال عبد الله والقلق قد بدأ يضرب الوتر الحساس في عقله : لازم اروح اشوف ايش اللي صاير معاه ..



تدخل سيف .. المصدوم .. : الحين الساعة تقريباً 7 ونص .. ما اتوقع فيه زيارة فالمستشفى هالحزة ..



تأفأف عبد الله بضيق .. : لا حول ولا قوة الا بالله ..



تحدث فاروق مغيراً مسار الحديث .. : انا بســافر بكرا ..



قاطعه سيف بسرعة .. : على وين ؟



نظر ناحيته وهو يتحدث بهدوء : للامارات .. يمكن ابقى هناك اسبوع .. او عشر ايام .. ابي منكم تفضون ساعة ولا ساعتين عشان تشوفون اوضاع الشركة هينا ..



عبد الله بعزم : ابشر ..



اكمل فاروق حديثه وهو يطفئ السيجارة بمنفضة السجائر : انا اتفقت مع سطام ولد عمي على كم موضوع .. بس هو ما يفهم فامور الشغل عدل .. عشان كذا ابيكم تشوفون ايش بيسوي لا رحت ..



سيف .. : قلت لهنادي ؟..



اجابه فاروق بذات النبرة العملية : لا للحين .. بكلمها الليلة ..



قال سيف مؤنباً اياه : بتزعل منك ..



وقف دون ان يعير كلام سيف اي اهتمام : توصون على شي ..



وقفا معه وصافحاه .. قال عبد الله : تروح وترجع بالسلامة ..



بينما تكلم سيف حاثاً اياه على الاتصال بشقيقته : كلم هنادي .. لا تخليها على اعصابها ..



فاروق وهو يسير ناحية الباب الذي دخلا منه قبل ما يقارب النصف ساعة : ان شالله ..

خرج متجهاً نحو سيارته المصفوفة في مواقف السيارات .. وقبل ان يصل اليها .. ضغط على زر في الميدالية التي يتدلى منها مفتاحها .. لتصدر سيارته صوتاً دليل على انها قد اصبحت غير مقفلة .. استوى جالساً خلف المقود .. احدى قدميه داخل السيارة والاخرى ما زالت في الخارج مستوية على ارضية الشارع .. رفع هاتفه الذي كان قد تركه مسبقاً هنا .. ليجد اربع مكالمات لم يُرد عليها من " هنادي " .. اعاد الاتصال بها .. واتاه صوتها المتلهف شوقاً بعد ثاني رنة ..



- هلا فاروق ..



اجابها وهو يدير محرك السيارة : هلا هنادي .. شلونك ؟ وشلون العيال ؟



- الحمد لله .. كلنا بخير .. انت شلونك ؟



فاروق : الحمد لله بخير ..



- * تغيرت نبرة صوتها للمعاتبة * اتصلت فيك كثير بس ما كنت ترد ..



قال مبرراً : كنت مع الشباب .. والجوال فالسيارة ..



- ولما تشوف اني متصلة فيك ليه ما ترجع تكلمني ؟؟..



ارتفع احد حاجبيه استنكاراً : هذاني متصل فيك ..



- مب اليوم .. قصدي باقي الايام .. لا تتصل ولا تسأل ..



يعلم انه مقصر كثيراً في حقها وحق اخته الاخرى : ما عليه .. تعرفين اني مشغول ..



- يا ذا الشغل .. تعال بكرا تغدى عندنا ..



انها لا تستسلم اطلاقا : هنادي .. قلتها مية مرة .. انـــا ما ادخل بيت عبد العزيز ..



- ترا هو بيت اختك بعد .. وبعدين عبد العزيز يطلع الصبح وما يرجع الا فاليل يعني ما بتشوفه ..



فاروق وهو ينطلق بالسيارة متوجها لمنزله : ما برجع اكرر كلامي .. لو تبين تعالي انتي والعيال تغدوا عندي ..



- * تتذمر من رده * ايه عشان اتغدى مع الخدم ..



كأنه تذكر شيئا : كذا ولا كذا انا ما بقدر اشوفك ..



- ليــه ؟ ..



فاروق : انا مسافر بكرا للامارات .. واحتمال ابقى اسبوع او اكثر ..



- وانا اخر من يعلم ؟



يا الله .. في كل كلمة يقولها تضع عيبا غير قابل للتصحيح : يــــــــــا بنت الحلال .. اليوم يالله عرفت .. ما كنت ادري ..



- طيب .. طيب .. كم الساعة رحلتك ؟



فاروق : سبعة الصبح ..



- تروح وترجع بالسلامة .. واتصل علي طمنني لما توصل ..



فاروق : الله يسلمك .. ان شالله .. يالله مع السلامة ..



- الله معك ..



اكمل طريقه نحو المنزل وفكره مشغول باجتماع الغد .. فهناك اجتماع مع شركة اجنبية حال وصوله الى الامارات .. لا بد ان يأخذ قسطاً من الراحة اليوم .. ليستعيد نشاطه ..



دخل الى قصره او بالاحرى مملكته .. واتجه مباشرة نحو السلّم .. دون ان يعير أي اهتمام الى الغرف المتواجدة على يمينه ويساره .. لانه يعلم بأنها خالية وهادئة كالعادة .. قابلته احدى الخادمات في منتصف طريقه .. ابتعدت بسرعة وهي تنحني امامه ..قالت بآلية وصوت منخفض نسبياً : طعام العشاء جاهز يا سيدي ..



قال باللغة الانجليزية .. وهو يكمل طريقه دون ان يتوقف .. : لا اريد تناول العشاء هذا اليوم ..

دخل جناحه الخاص .. ثم دورة المياه .. اغتسل وغير ملابسه .. واستلقى على فراشه .. ليغط في نوم عميق ..







******








يتبـــــع

 
 

 

عرض البوم صور أكرهك  
قديم 20-09-11, 12:31 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165538
المشاركات: 21
الجنس أنثى
معدل التقييم: أكرهك عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أكرهك غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أكرهك المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

منـــــزل * ابو محمد *

الاثنين

8:15 مساءاً



تجلس على الاريكة القديمة .. وبجانبها هاتف المنزل .. تنتظر بلهفة اي خبر من والدتها عن اخيها .. تشعر بصداع يكاد ان يقسم رأسها نصفيشن .. عينيها تنظران للطفلتان الجالستان على الارض .. تتابعان احد الافلام الكارتونية المعروضة على التلفاز .. وفكرها مشغول بوالدتها .. لقد اتصلت بها في الصباح واخبرتها بان محمد ما زال نائماً .. وحينما سألتها عن وضعه .. قالت باختصار * ادعي له * .. لا تعرف ماذا حل به .. ولا تعرف متى ستعود والدتها .. انها لا تعرف اسم المستشفى ايضاً .. وحتى لو ارادت الذهاب بنفسها للاطمئنان عليهم .. لن تستطيع ترك الصغيرتان في المنزل .. دون ان يبقى شخص بالغ معهن ..



رُبـــــــــــاه .. الحرارة المتأججة في عينيها .. تطرد الدموع خارجاً .. لا تريد ان تبكي امام شقيقتيها .. لا تريد اخافتهما .. اغمضت عينيها بقوة .. في محاولة لابتلاع الدموع .. لكن .. حينما يتمرد الحزن في حنايا روحها .. لن تستطيع ردعه .. لن تستطيع قمع ثورة الوجع المتغلغل في احساسها .. نهضت مبتعدة عن الفتاتان .. خوفاً من ردة فعلهما ..



- نجوووود .. ماما تأخرت ..



ازداد سيل الدموع المنبعثة من منبع خوفها .. دون اصدار اي صوت .. ازدردت ريقها .. مرة .. ومرتين .. في محاولة يائسة لابتلاع كتلة الحزن تلك .. التي تقف كحاجز في بلعومها .. ينهيها عن اصدار اي كلمة .. قالت بعد جهد جهيد : بتجـــــ .. ـــي بعد شــــــــوي ..



خرجت من الغرفة بسرعة متوجهة نحو المطبخ .. لا تريد ان تواجه شقيقتيها بما حدث .. تشعر بعجزها .. فهي لا تستطيع تحمل ما يحدث .. لم تعتاد حدوث مثل هذه المواقف .. طوال ال 21 سنة التي عاشتها لم تواجه اي موقف صعب كهذا .. حتى في وفاة والدها .. لم تستصعب الامر حقاً .. كانت تستند بكل حزنها والمها على والدتها واخيها .. والدتها التي كانت – رغم حزنها – قوية .. مؤمنة .. و صابرة .. واخيها الذي كان نعم الابن .. فرغم صغر سنه – آنذاك - .. هو الذي قام بالعزاء على اكمل وجه .. وهي لم تفعل شئ سوى البكاء .. لم تكن قادرة على فعل شئ .. وحتى الان .. لن تستطيع فعل شئ .. انها ضعيـــــــفة .. و خائفـــــــــــــة ..



شهقاتها اخذت تعلو شيئاً فشيئاً .. لذلك كان لابد من دخولها الى دورة المياه .. لتعصتر غددها الدمعية حد الجفاف .. لا تريد لهذه الدموع ان تكون على مرأى من قبل الاخرين .. بقيت في الحمام عدة دقائق .. بكت فيها كثيرا .. وشهقت اكثر .. لكن لو كان البكاء ذا منفعة لبكى العالم بأسره لاستبعاد مصابه ..



خرجت متوجهة نحو المطبخ .. لعمل العشاء .. وما ان همت بتقطيع الخضروات حتى تسلل صوت رنين الهاتف لاذنيها .. رمت السكين وانطلقت راكضة نحو الهاتف .. رفعته بسرعة .. : الو يماا ..



- هلا نجود ..



شعرت بتلك الدموع اللعينة التي قد بدأت بالتجمع في عينيها .. لا بد من ان تبتعد عن مرأى ومسمع هاتان الصغيرتان .. سحبت الهاتف ومشت به نحو المطبخ .. واغلقت الباب خلفها .. : يماا شلونك ؟ .. وشلون محمد ؟ .. طمنيني ..



- انا بخير الحمد لله .. ومحمد .. – سكتت لبرهة - .. محمد مدري شلونه ..

تساقطت دموعها مرة اخرى : ايـــــ .. ــــــش يعني ؟؟ ..



- مدري .. مدري ..



ارتفع صوتها مترجياً : يماا دخيلك .. قولي لي الصدق .. انا بمووت هنا من الخوف ..



- * صوت والدتها قد تخلله البكاء * يقولون دخل فغيبوبة .. حد ضربه على راسه .. مدري ايش .. انا مدري ايش اسوي ..



الصــــــدمة التي حلّت عليها كانت كفيلة بقطع سيل الدموع .. قالت بانفعال .. : كيف يعني حد ضربه ؟ .. مافي شرطة ؟ .. مافي قوانين ؟ ..



- نجوود .. انا مدري .. الشرطة كل دقيقة يجي حد منهم يسأل اذا كان في عندنا اعداء او اي حد يبي يأذينا .. انا مدري ايش اقول .. ولا ايش اسوي ..



لا تريد ان تزيد اوجاع والدتها .. يكفيها ما تمر به الان .. : يماا انتي بتبقين معاه ..؟ ..



- ايــــه ..



والدتها لم تذق النوم منذ البارحة : بس انتي تعبانة .. تعالي البيت وانا اروح مكانك ..



- لا .. نجود اسمعيني .. انتبهي لخواتك .. وقفلي الباب .. ولا تفتحي لأي حد ..



قالت نجود باستسلام : طيب يما .. لا تشغلين بالك انا اعرف اتصرف .. بس اسمعي .. بكرا الصبح تعالي البيت .. يماا واللي يسلمك انتي تعبانة .. انا باروح مكانك .. تعالي ارتاحي .. وارجعي المستشفى بعدها ..



- طيب .. يصير خير .. يالله مع السلامة ..



نجود : الله معك ..



اغلقت الهاتف .. ومسحت دموعها بباطن كفها .. ثم نهضت لتكمل صنع العشاء لكل من هند ونجد .. ودموعها قد اضافت ملوحة مؤلمة على الطعام الذي تصنعه ..







******







منـــــزل " عبد العزيز " / " ابو سيف "

الاثنين

9:00 مساءاً



اغلقت جهاز هاتفها المحمول ورمته على الاريكة بغضب .. و خرجت من غرفة المعيشة متوجهة الى المطبخ وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة .. فهذان الاثنان سوف يفقدانها صوابها .. كلاهما من احب الناس اليها ولكنهما في خضم عداوة عنيفة .. تؤثر عليها .. فهي الطرف الاضعف في الموضوع .. بل الطرف المتألم .. فأن غضب احدهما .. تقع على عاتقها مسؤلية ارضاءه .. وان خسر احدهما .. تقع على عاتقها مسؤلية تحمل اللوم الذي سيُصب في جعبتها .. وان دخلت منزل احدهما .. تقع على عاتقها مسؤلية تحمل نظرات الازدراء من الطرف الاخر .. الى متى سيستمر هذا الوضع ؟ .. لم تعد قادرة على تحمل هذا التشتت .. والمسألة الاعظم .. بل ما يثير السخرية في هذا الوضع .. كلاهما رجلان بالغان راشدان .. لا يصح صدور هذه التصرفات الطفولية الرعناء منهم .. كما انهما يملكان نفس المزايا في شخصهما .. فالغضب السريع من شيمهما .. والبرود في اوقات اخرى يتقاسماه .. والكلام الجارح يصدر منهما كما لو انه قد صدر من فم شخص واحد .. لمــــــــــاذا اذن لا يتوافقان ؟ .. انها تائهة بينهما .. فهذا اخاها .. وذلك زوجها .. ماذا يمكنها ان تفعل لانهاء هذه المسرحية الهزلية ..؟ ..

*

*

*

*

يجلس في غرفة المعيشة .. وعينيه على التلفاز .. امامه على الارض يجلس اخاه الاصغر وهو يكتب شيئا ما في كراسته .. واذنيه تستمع لصوت وضع اواني الطعام على طاولة الطعام بقوة .. يبدو ان والدته غاضبة .. وغضبها كالعادة لا يحدث الا بسبب شيئين فقط .. السبب الاول هو نفسه .. والسبب الثاني عداوة والده وخاله .. وبما انه لم يفعل اي شئ سلبي هذا اليوم .. فلا بد ان السبب هو الثاني .. ابتسم لاكتشافه الخطير ..



- يالله العشا جاهز ..



نهض متوجهاً نحو طاولة الطعام .. واخاه يسابقه في الوصول .. قال بهدوء .. : وابوي وسيف .؟؟



قالت بحنق .. : ابوك عنده شغل فالشركة ما بيجي الحين .. واخوك بينام اليوم عند جدته ..



جلسوا حول الطاولة وبدأوا بتناول الطعام .. وتعليقات * حمودي * هي السائدة طوال فترة تناولهم العشاء .. نظر لوالدته مطولاً يشعر بالاسف عليها .. انها لا تستحق ان تكون بين يدي اولئك الوحوش .. فوالده وخاله رغم انهما يحبانها كثيرا .. الا ان عداوتهما قد تسحقها وتنهيها .. يتمنى ان يعرف سبب هذه الحزازية المتفاقمة بينهما ..



هل اخذها والده رغماً عن انف خاله ؟ .. كلا انه امراً بسيطاً يمكن ان يُحل بنقاش هادئ .. كما ان والدته تحب والده كثيراً .. ربما والدة سيف .. زوجة والده الاولى كانت حب حياة خاله .. مـــــــا هـــذا ؟؟ .. هل الحياة في السعودية قد اصبحت مسلسلاً تركياً .. ضحك بقوة على فكرته الغبية ..



- ايــــــش فيك ؟ ..



لم يجيبها بل استمر بالضحك .. لدرجة جعلت اخاه الصغير يضحك معه .. نهضت والدته بغضب وهي تقول : بتجننوني .. بتجننوني انتو الخمسة ..



الخمســـة ؟ .. من نحن الخمسة ؟ .. هو .. اخيه الصغير .. والده .. خاله .. وسيف .. عاد للضحك مرة اخرى وهو ينهض متجهاً الى غرفته .. لقد دخل سيف الى القائمة الان .. هذا جيد ..







******







شــــركة العالي

الاثنين

10:10 مساءاً



يستند بكوعيه على المكتب امامه .. واضعاً رأسه بين كفيه .. يشعر بالعجز .. رغم ان خسارته اليوم لا تؤثر على ميزانية شركته .. الا انه يشعر بالفشل .. فخسارته امام شخص وضيع مثل * فاروق * .. لم تكن في الحسبان .. تأفأف بضيق واعاد رأسه الى الخلف في محاولة لطرد الصداع .. كان لا بد من العودة الى المنزل لأخذ قسطاً من الراحة .. لكن الكره المتلبد في قلبه تُجاه ذلك الوغد .. قد يخرج كغضب ثائر في وجه * هنادي * .. تلك الحبيبة الهادئة .. التي احتملته كثيراً .. لا يريد ايذائها بسبب اخيها التافه .. لذلك قرر البقاء في الشركة الى وقت متأخر تجنباً لأي نوبة غضب قد تستعر اليوم ..



- طال عمرك في اتصال ع الخط 1 ..



ضغط على احد ازرار الجهاز امامه وهو يصرخ : كم مرة قلت لك ما ابي اي اتصال اليوم ..



- اسف طال عمرك .. بس المتصل يقول هذي مسألة حياة او موت ..



ربـــــــاه ماذا يمكن ان يحصل بالاضافة الى ما حصل اليوم .. استغفر ربه عدة مرات ثم ضغط على زر اخر ورفع سماعة الهاتف : نعـــــم ..



- السلام عليكم ..



عبد العزيز : وعليكم السلام .. تفضل اخوي ..



- حضرتك عبد العزيز ناصر العالي ؟؟



عبد العزيز والخوف قد بدأ يسيطر عليه : ايه نعم ..



- تقدر تتفضل لمستشفى ال ****** الحين لو سمحت ..



عبد العزيز بقلق : خير اخوي ..؟



- تعال وانت تعرف .. مع السلامة ..



نظر الى سماعة الهاتف القابعة في يده اليمنى .. ماذا من الممكن ان يكون قد حدث ؟ .. نهض بسرعة حاملا مفتاح سيارته .. وخرج متوجهاً نحو المصعد .. الذي لم يستغرق سوى ثواني حتى انفتحت بابه .. لكن هذه الثواني مضت ببطئ فضيع عليه ..



انطلق بسيارته بسرعة قصوى متجاهلاً كل ارشادات السلامة .. وفكره مشغول بالشخص الموجود في المشفى .. استبعد والدته .. فلقد تكلم معها قبل قليل .. وعبد الرحمن خرج من الشركة ظهراً ولم يأتي مجدداً وتكلم معه ايضا قبل ساعة بخصوص بعض الاوراق .. هنادي تحدث معها وطمئنته عنها وعن ولديه .. لكن سيف وعبد الله لا يعلم عنهما شئ .. منذ خروجهما من عنده صباح اليوم .. ربما قد اصابهما مكروه .. رفع – شماغه وعقاله – ورماهما على المقعد المجاور له .. يا الله .. يشعر بالطريق قد اصبح طويلاً جداً .. طـــــــويلاً لدرجة مُربكة .. ماذا كان اخر رد لولده .. واخاه ..



" قلت اطلع وسكر البــاب .. "

" ايش ارتجي من واحــــــــد باع اخــوه .. ووقف بصف العـــــــــدو .. "



رُبــــــــــــــــاه .. يشعر بأن قلبه قد اصبح رماداً .. فمجرد تخيله بأن احدهما مُصاب .. ترتجف اوصاله رعباً .. وصل الى المشفى .. و ترجل من السيارة بسرعة .. وصل الى الاستقبال واعطى اسمه .. اتاه احد الممرضين وهو يتحدث معه ببرود .. : تفضل اخوي من هنا ..



مشى خلفه .. يشعر بأن ريقه قد جف .. وتنفسه قد اخذ بالاضطراب .. لكنه استمر في السير وراء ذلك الجامد حتى وصلا الى احدى الغرف .. طرق الممرض الباب مرة واحدة ثم فتحها واشار بيده نحو الغرفة وهو يقول : تفضل ..



اما هو فأخذ نفس عميـــــق ودخل الغرفة وهو يتمتم بأدعية مختلفة خوفاً مما سيلاقيه .. لكنه صُدم بذلك المستلقي على الفراش .. واتسعت عيناه بذهول .. هــــــل ما يراه حقيقــة ؟ ..

هــــــــــذا مستحيـــــــــــل ..







******







إنتهــــــــــــــــــــــــــــى

مع تحياتي

الكاتبة .. صمت اللهيب

 
 

 

عرض البوم صور أكرهك  
قديم 20-09-11, 12:34 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165538
المشاركات: 21
الجنس أنثى
معدل التقييم: أكرهك عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أكرهك غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أكرهك المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

تعـــــــريف لشخصيـــــــــــــــات الروايــــــــة



نظراً لكثرة الشخصيات .. وتعقد العلاقة بينهم .. حبيت اكتب لكم تعريف بسيط للشخصيات .. لتسهيل فهمكم لسير احداث الرواية ..


*
*
*


" عـــــــائلة العــــــــالي "

الجدة .. ام عبدالرحمن .. أرملة ..
اولادها ..


1 .. # عبدالرحمن # زوجته # منيرة # ..
أولادهم ..

~ ناصر .. 28 سنة .. زوجته سمر .. 24 سنة .. بنتهم ملاك .. سنتين ..
~ ندى .. 24 سنة ..
~ خالد .. 20 سنة ..
~ نادية .. 19 سنة ..



2 .. # عبدالعزيز # زوجته # هنادي # ..
أولادهم ..

~ سيف .. 25 سنة .. من زوجة عبد العزيز الاولى ..
~ فيصل .. 13 سنة ..
~ محمد .. 8 سنوات ..




3 .. # عبدالله # .. 34 سنة ..






" عــــــــائلة الســــــــاهر "

الاب والام .. متوفين ..
أولادهم ..

~ هنادي .. 36 سنة .. زوجة عبدالعزيز ..
~ فاروق .. 34 سنة ..
~ هدى .. 30 سنة .. متزوجة ابن عمها ..







" عــــــــــائلة الماجد "

سلطان " متوفي " .. وزوجته هاجر ..
أولادهم ..

~ محمد .. 27 سنة ..
~ نجود 22 سنة تقريباً ..
~ هند و نجد .. 9 سنوات ..







" عــــــــــائلة السياف "

حمد .. زوجته حصة ..
بناتهم ..

~ مريم .. 24 سنة .. بنت حصة من زوجها الاول المتوفي ..
~ دانة .. 22 سنة تقريباً .. بنت حمد من زوجته الاولى المتوفية ..
~ فاطمة .. 14 سنة ..



******



قبـــــــل بدايـــــــــــة الجزء الثاني من روايتي .. عندي طلب منكم .. اتمنى انكم تربطون احداث المقدمة يعني " الخطايا .. القتل .. الشهوة .. الجشع .... الخ " .. والاسماء اللي انذكرت فيها.. والوقت اللي صارت فيه .. مع احداث الجزء الاول والثاني .. عشان تفهمون الرواية ..




الكاتبة .. صمت اللهيب

 
 

 

عرض البوم صور أكرهك  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القسم العام للروايات, الكاتبة صمت اللهيب, اقسام الروايات, روايات صمت اللهيب, روايات كاملة, رواية مميزة, رواية الخطايا, رواية الخطايا السبع, رواية الخطايا السبع كاملة
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:08 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية