كاتب الموضوع :
أكرهك
المنتدى :
الارشيف
الرياض
فيلآ " عبدالرحمن " / " ابو ناصر "
2:00 ظهراً
لا يُسمع أي صوت .. سوى اصوات احتكاك الملاعق بالصحون .. إنهم على هذه الوضعية منذ اقل من العشر دقائق .. يجلس * عبد الرحمن * على رأس الطاولة .. وعلى يمينه زوجته وبجوارها * نادية * ثم * خالد * .. وعلى يساره * ناصر * وبجواره * سمر * ثم * ندى * ..
رغم اعتيادها على الهدوء التام من قبل والدها اثناء جلوسها معهم .. إلا ان الوضع اليوم يختلف عن بقية الايام .. الهدوء اليوم مخيف جداً .. عينيها تعانق الصحن منذ البداية .. لا تقوى على رفع رأسها خوفاً من ان تقابل نظرات باردة .. او ربما نظرات محتقرة لذاتها .. تقلب الأرز الموضوع في صحنها يميناً ويساراً .. لا ترغب بتناول الطعام .. لكن جلوسها على المائدة اجبارياً .. فهذا النظام مطبق هنا منذ صغر سنها .. نظرت بطرف عينيها لجهة والدها رأته سارح في افكاره .. وغير آبه بالاخرين .. اما والدتها فتتناول الطعام بهدوء واناقة كما اعتادت .. وتتبعها في ذلك كلاً من نادية وسمر .. نهضت بهدوء وهي تقول بصوت مسموع .. : الحمـــــد لله ..
أتاها صوت والدتها وهي تقول .. : ندى .. ما خلصتي صحنك ..
رفعت بصرها نحو والدها .. تريد ان ترى اهتماماً منه .. تريده ان يقول * كملي صحنك يا ندى * كما اعتادت في الماضي .. لكنه يجلس وهو شارد الذهن .. دون ان يعيرها ادنى اهتمام .. : شبعت .. الحمدلله ..
مشت بانكسار واضح .. وخرجت من غرفة المعيشة .. توجهت نحو الحمامات .. غسلت يديها .. وخرجت متوجهة للطابق الثاني .. لغرفتها تحديداً .. حينما وصلت الى السلّم .. تراجعت خطوة .. خطوتين .. ثلاث .. ثم غيرت وجهتها ومشت نحو غرفة المعيشة مرة اخرى .. وقفت بجوار الباب .. دون ان يراها احد .. واخذت تسترق السمع .. ارادت ان تسمع صوت والدها مرة اخرى .. تشتاق اليه كثيرا رغم انهم بنفس المنزل .. ارادت ان ترى ما اذا كانت عبئاً ثقيلاً على كاهله ام لا .. انتظرت دقيقة .. وربما اكثر .. لكن الصوت الوحيد السائد هو صوت الملاعق والصحون .. ابتسمت بذبول يبدو ان والدها عرف بأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تستعملها لتروي ضمأ شوقها له .. هل يريد ان يحرمها من صوته ايضاً ؟ .. ركضت نحو السلّم .. دخلت الى غرفتها وجلست على السرير .. وهي تفكر بوالدها .. لا تظن بأن سبب سكوته هو وجودها .. لماذا هو شارد الذهن هكذا ؟ .. على الرغم من انها اعتادت على سكوته في حضرتها لكنها تعلم جيداً بأنه يتحدث بعد خروجها من المكان الذي يضمهما سوياً .. يبدو بأنه مهموم .. هل هي سبب همه ؟ .. بالتأكيد هي سبب همه .. فلا ناصر ولا خالد ولا نادية فعلوا شيئا خاطئا ابداً .. هي المخطئة دائماً .. ووالدها مهموم بسببها .. رفعت يديها بوضعية الدعاء .. وقالت بصوت مسموع .. : يـــــــــا رب .. ريحـــهم مني ..
لقد مضى اكثر من اسبوع على وجودها هنا .. والى الان لم ترى جدتها .. أو أعمامها .. وحتى اهل والدتها .. لم تراهم .. فهي تعلم بأنهم غير راضين بسبب فعلتها .. رغم انها فعلت ما فعلت لمصلحتهم .. لن يعذرها احد .. فهم لا يعرفون ما تعرف .. ولم يخوضوا ما خاضت .. تمددت على الفراش واخذت تنظر للسقف بشرود .. ربها يعلم بمعاناتها .. وهناك شخص آخر يعلم بذلك .. لكنه ينكر الامر دائماً .. ينكــــــــــره دائمـــــــــاً ..
*
*
*
- الحمــــــد لله ..
نهض ببطأ ومشى خارجاً من غرفة المعيشة .. تحت انظار زوجته و ابناءه .. قالت * ام ناصر * موجهة كلامها لإبنها الاكبر .. : ايش فيه ابوك يا ناصر .. ؟؟؟
قال ناصر وهو ينظر لوالدته .. : مدري .. لما طلعنا من الشركة هو كان كذا ..
قال خالد باهتمام .. : صار شي في الشركة اليوم ..؟؟ ..
اجابه ناصر باقتضاب .. : لا ..
تحدثت نادية وهي تحاول ان تصيغ تحليل مناسب للموضوع .. : يماا انا اتوقع ان ابوي بيتزوج عليك .. لانــــ ..
قطعت جملتها حينما ضربتها والدتها بخفة على كتفها .. : انتي انطمي .. ما ابي اسمع صوتك ..
ضحك كلاً من سمر وناصر وهم يسمعون صوت نادية المنزعج .. وهي تحاول اغاضة والدتها .. : ايـــــــــــــه يماا .. ابوي بيتزوج ما شفتيه كيف سرحان .. تلاقيه يفكر كيف بيفاتحك بالموضوع ..
ضحك خالد وهو يجاري نادية بتحليلها الغريب : قبل كم يوم سمعت ابوي يكلم واحد فالتلفون وهو يقوله .. انه بياخذها بدون حفلة عرس ..
قالت نادية بسرعة .. : ايــــــــــــه .. تلاقيه زواج مسيـــــار ..
صرخت ام ناصر بغضب .. : بتنقلعون من قدامي والا كيف ؟؟
نهضا بسرعة .. وهما ينظران لوجه والدتهم المحتقن من شدة الغضب .. قالت نادية بمرح .. : كفك .. كفك خلوووود .. – وهي تصفق كفها بكفه وكلاهما يضحكان على الكذبة التي قالاها وصدقتها والدتهما - ..
انكتمت ضحكة الاثنان وهما ينظران لنظرات والدهما الحارقة .. تحدث خالد بتوتر .. : احــــــم احــــــم .. يبــــ .. يبـــــآ حنا كنا نمـــزح ..
صرخ عبد الرحمن بانفعال .. : انقلـــــــــــع انت وياها على غرفكم ..
خرجا مطأطأن الرأس .. وعاد الهدوء ليستولي على عرش المكان مرة اخرى .. فعبد الرحمن غرق في التفكير بمصيبة اخيه .. وزوجته اخذت تفكر بالسبب الحقيقي وراء صمت زوجها الغريب .. وناصر خرج من الغرفة بعد عدة دقائق .. اما سمر فبدأت تشرف على الخادمات اللاتي بدأن بحمل الصحون الى المطبخ ..
******
الرياض
مطار ال ****
4:25 عصراً
يقف امام بوابة * القادمين * منذ عدة دقائق مرتدياً بدلة رسمية باللون الاسود مع قميص ابيض وربطة العنق مربوطة بإهمال .. وبجواره حقيبة سفر صغيرة .. يشعر بالإعياء الشديد بسبب كثرة العمل في فرع شركته الواقعة في دولة الامارات العربية المتحدة .. يريد ان يعود لفيلته بأقصى سرعة .. الخمول والكسل متوسدان في جميع انحاء جسده .. انه بحاجة للراحة ولفترة طويلة .. فطوال العشر ايام الماضية لم يستطع ان يغفو فترة كافية لإراحة جسده المنهك .. ربما بسبب انشغاله بأوضاع الشركة .. او بسبب اختلاف البيئة المحيطة به .. لكنــــه بالتأكيد يريد ان يصل الى فراشه بلمح البصر الان .. لكن وعلى ما يبدو ان * سيف * .. كان قد نسي موعد وصول رحلته اليوم .. تحرك بملل نحو أحد المقاعد المتواجدة في الصالة .. وعينيه تتابع الاشخاص الواصلين الى اراضي المملكة .. هذا يحتضن طفله .. وذلك يقبّل اخاه .. وتلك ما زالت تبحث عن ضالتها .. أمــــا هو .. فسوف يقتل ذلك ال * سيف * .. رفع هاتفه المحمول وأتصل بالرقم 5 من لائحة الاتصال السريع .. واستمر رنين الهاتف على الجهة الاخرى حتى انقطع دون إجابة .. زفر بغضب .. ثم عاد ليتصل برقم آخر .. وما هي الا ثواني حتى اتاه الرد .. : هلا متعب .. تعال لي المطار بسرعة .... ايـــــه انا الحين وصلت .... فمان الله ..
أخرج علبة السجائر من جيب – سترته - .. وبدأ بالتدخين .. سيجارة تلو الاخرى .. من رآه وهو يترجل من طائرة خاصة .. سيستبعد فكرة جلوسه هكذا في انتظار ذلك الوغد .. نهض وتحرك باتجاه سلة المهملات رمى علبة السجائر - التي اصبحت خالية الا من بعض ذرات التبغ – بغضب .. وعاد ليجلس على نفس المقعد .. استند بكوعيه على ركبتيه .. ووضع رأسه بين كفيه .. يشعر بصداع شديد .. استغفر ربه بخفوت .. واغمض عينيه بتعب .. دقيقة .. دقيقتين .. ثلاث .. مرت ربع ساعة وهو على هذا الحال ..
- الحمد لله ع الســـــــــــلامة .. طـــــــــال عمرك .. السيارة جاهزة ..
رفع رأسه ونظر لـ * متعب * مساعده الشخصي بغضب .. وهو يتمتم : استغفر الله .. – ثم رفع صوته – الله يسلمك ..
سار بخطوات ثابتة .. و* متعب * يتبعه في الخلف حاملا حقيبة رئيسه في العمل .. وصلاآ الى السيارة .. تم وضع الحقيبة في المقعد الخلفي .. وجلس * فاروق * بجوار السائق .. وتولى * متعب * القيادة ..
اسند رأسه الى الخلف .. في محاولة للاسترخاء بعد مشقة الطريق .. وصوت القارئ * محمد العجمي * يطغي على اجواء السيارة .. لم يشعر بدخوله ضمن اسوار فيلته .. حتى تسلل صوت * متعب * الى أُذنيه .. : طال عمرك وصلنا ..
فتح عينيه التي قد اصبحت تميل الى الاحمرار .. من شدة الاعياء .. وهو يرى مساعده الذي ترجل من السيارة بسرعة وهو يفتح الباب المجاور لـ * فاروق * ..
ترجل من السيارة بهدوء .. أخذ حقيبته .. ثم توجه نحو الباب الخشبي المنحوت بدقة .. وهو يرى ثلاث عاملات يقفن في استقباله مع رئيسة الخدم .. التي انحنت وهي تقول بصوت خفيف .. : مرحبـــاً بك سيدي ..
حنا رأسه ليرد التحية عليها دون ان يقول شيئاً .. و توجه مباشرة نحو السلّم .. ثم الى جناحه الخاص .. وضع الحقيبة على الارض ودخل الى – الحمام - .. اغتسل بصورة سريعة .. توضأ .. وصلى صلاة العصر ..
- سيدي .. غدائك جاهز ..
نظر الى العاملة الاسيوية الانيقة ببرود .. : لا ارغب بتناول الطعام ..
انحنت امامه ثم خرجت بهدوء .. كدخولها .. رمى بجسده على السرير .. واغمض عينيه براحة .. لكن رنين هاتفه كان مزعجاً جداً .. نهض وهو يتأفأف بغضب .. وسار نحو الطاولة الصغيرة القابعة بجوار باب غرفة نومه .. ثم رفع هاتفه .. دون ان يتحدث ..
- فــــــاروق الله يهداك .. انــــــت ويـــــــن ؟؟
ارتفع حاجبه باستهزاء .. وهو يقول بصوت ساخر .. : للحيــــــــن ملطوع في المطار انتظر حضرتك .. – ثم عادت نبرة صوته الجدية - .. في البيت طبعاً ..
قال سيف بغضب .. : وانا جاي اركض للمطار عشانك .. وفالاخير تقول انك رحت القصر ..
اجابه فاروق .. : قلت لك الساعة كم توصل الطيارة ؟؟ ..
سيف .. بسرعة .. : الساعة اربعة ..
فاروق .. بصبر .. : والحين الساعة كم .. ؟؟
سيف .. : امممممم خمسة وثلث ..
فاروق .. : اممممممممممم وتبيني انتظرك ساعة كاملة .. ؟؟
سيف .. باستعطاف .. : ياخي راحت علي نومة ..
فاروق .. في محاولة لصرف * سيف * .. : انا تعبان الحين .. اكلمك وقت ثاني ..
سيف .. باحترام .. : طيب خذ راحتك .. واسف لاني تأخرت عليك ..
فاروق .. بهدوء .. : حصــــل خير .. فمان الله ..
سيف .. : الله معك ..
وضع هاتفه بحالة * صامت * ثم توجه نحو سريره مرة اخرى .. لأخذ قسطاً من الراحة .. قبل ان يبدأ دوامه غداً في الفرع الرئيسي لشركاته .. هنا .. في الرياض ..
******
الرياض
مستشفى ال ****** الخاص
7:30 مساءاً
يسيران نحو بوابة المشفى .. تقودهما مشاعر مختلفة .. أحدهما يفكر بمستقبل عائلة * العالي * .. والى اي مدى ستتأثر سمعتهم لو كان الموضوع صحيح .. والآخر .. يشعر بخوف يهز اركان جسده .. يشعر بارتجاف القلب بين اضلاعه .. يشعر بوجع ينهك حنايا روحه .. وصلآ الى قاعة الاستقبال .. وتحدث * عبد الرحمن * مع احد الموظفين - المسؤولين عن استقبال الزائرين الى المشفى – برسمية وهو يطلب رقم غرفة المريض * عادل الفياض * .. مضت عدة ثواني قبل ان يقول الموظف : الطابق الثاني .. الغرفة 543 ..
اكملا مسيرهما نحو السلالم .. ثم الى تلك الغرفة .. التي تحوي صديقاً قديماً لهما .. حينما انتهى بهما الامر امام باب الغرفة 543 .. كان لابد لشعور القلق العميق ان يستوطن قلبيهما .. طرق * عبد الرحمن * الباب مرتين .. ثم فتحه .. ودخل الى الغرفة ذات اللون الابيض الباهت .. تبعه بذلك * عبد العزيز * .. الذي توجهت انظاره مباشرة نحو الرجل المستلقي على السرير .. والذي نظر اليهما بدهشة .. ثم ابتسامة .. وهو يزيح كمامة الاوكسجين من على وجهه .. ويستوي جالساً على فراشه .. : تأخرت يا عبد العزيز !!!! ..
ازدرد عبد العزيز ريقه بصعوبة وهو يرى * عبد الرحمن * يجلس على احد المقاعد .. ثم قال بصوت ميت .. : شلونك الحين .. ؟؟
ابتسم عادل بتعب .. : الحمدلله .. – حول انظاره نحو عبدالرحمن - .. كبرت كثير يا ابو ناصر ..
قال عبد الرحمن .. وعينيه تجول حول وجه * عادل * المصفر .. : راح من العمر اكثر من اللي باقي ..
عادل وهو يتحدث بصوت متعب .. ويجر انفاسه بقوة .. موجهاً كلامه لـ * عبد العزيز * : توقعت انك بتجي قبل الحين .. تأخرت كثير ..
عبد العزيز .. بحيرة .. وهو ما زال واقفاً بقرب الباب .. : وليـــــه تبي تشوفني ..؟؟
ضحك عادل .. ثم تحول ضحكه الى سُعال .. : كنت ابي اشوف حالتك الحين .. وعذابك .. خصوصاً انه في شي من ممتلكاتك .. صرت ما تدري وين ارضه !!!
التفت عبد العزيز نحو اخاه .. ثم نظر الى عادل مرة اخرى وهو يقول بقوة مصطنعة .. : وانا قلت لك من قبل .. انا ما صدقت كلامك .. ولا بصدقه ..
اجابه عادل بسرعة بديهية .. : أجل ليه جيت اليوم .. ؟؟؟
رد عليه الاول بتلكؤ .. : انا ما كنت ناوي اجي .. لكن عبدالرحمن أصر اننا نشوفك اليوم ..
عادل .. لـ * عبد الرحمن * .. : بنت اخوك كبرت يا بو ناصر .. لو كانت عند ابوها كان صارت من نصيب ناصر ..
اجابه عبد الرحمن مُجارياً .. : ان ما صارت لناصر .. بتكون لخالد ان شالله ..
نظر عادل نحو * عبد العزيز * الساكت .. : ما أظن .. لانها أكبر منه .. تدري ان عمرها الحين 22 سنة ؟؟ .. – حينما لم يجد رداً منهما قال في محاولة لإغاضة * عبد العزيز * - .. تشبه امها كثيــــــر .. قصدي تشبهها لما كانت على ذمة شخص باعها ..
صرخ عبد العزيز بغضب .. : يــــــكفي ..
اكمل عادل حديثه دون ان يعير * عبد العزيز * ادنى اهتمام .. : لأن بعد ما قذفها فشرفها .. وطلقها .. ذبــــــــلت .. وتغيرت كثيـــــ .....
توجه عبد العزيز نحو * عادل * .. بخطوات سريعة .. واطبق على رقبته بقبضة قوية .. : انطـــــــــــم .. مــــــــابي اسمـــــــــــــع صـــــــــوتــــــك .. !!!
ركض عبد الرحمن باتجاههما .. ودفع * عبد العزيز * الى الخلف .. ثم عاد لينظر الى * عادل * الذي اخذ يسعل بقوة .. : اطلع برآ يا عبد العزيز ..
تحرك عبد العزيز ممتثلاً لأوامر اخيه وخرج من الغرفة بخطوات سريعة .. متجها الى الطابق الارضي .. اما عبد الرحمن .. فناول * عادل * كأساً من الماء .. كان موضوعاً بجوار سريره .. ثم ربت على كتفه .. : ما عليه يا عادل .. انت زودتها شوي ..
قال عادل بعد ما استرد انفاسه .. : انا زودتها ؟؟؟؟ .. طيب وهو ما زودها بعد ما طلق نجلا ؟؟؟ ..
سكت عبد الرحمن لثواني .. ثم قال .. : الموضوع ذا ما يهم الحين .. انا جيت اتكلم معاك بخصوص بنـــــ ..
قاطعه عادل بغضب .. : مـــا يهـــم ؟؟ .. مــــــا يهم يا عبدالرحمن ..؟؟ .. كل اللي سويته كان عشان هالموضوع .. كل اللي سويتــــــــــه كان عشان اشوف اخوك منهان قدامي .. مثل ما اهانها قبل ..
عبدالرحمن .. في محاولة لثني رغبة * عادل * الملحة في الانتقام .. : وأيش بتستفاد ؟؟ ..
صرخ عادل .. رغم تعبه .. : بستفـــــــــاد كثير .. كل ما اشوف عبد العزيز تعبان .. احس ان جروحي في السنين اللي مرت تشافت .. مرة بعد مرة .. – سكت ثواني ثم قال بصوت عميق - .. انا ادري انك الحين خايف على اخوك .. وتتمنى لو كنت تقدر تطلع مني معلومات بالغصب .. عشان تريحه .. صح كلامي والا ؟؟؟ ..
اجابه عبد الرحمن بضيق .. : مافي احد يرضى يشوف اخوه بهالحالة ..
ابتسم عادل .. وبدأت عيناه بالالتماع .. : طيــــــــب انت قلتها بلسانك .. تدري عذاب عبدالعزيز الحين .. ما يساوي نقطة فبحر عذاب نجلا ؟؟ .. سنـــــــة كاملة .. ونجلا من مستشفى لمستشفى .. ليين ما سلمت امانتها .. وكل هذا وانا اشوفها .. واموت فاليوم مية مرة .. وما اقدر اسوي شي .. لان الاخ عبد العزيز رافض يشّوفها ابنها .. – رفع يده ومسح دمعة متمردة من عينه اليسرى - .. عشان كذا انا كان لازم أشوفه العذاب .. وأحسسه بظلمه لها .. لازم يذوق من نفس الكاس اللي شربته نجلا ..
عبد الرحمن بتأثر واضح .. : طيب .. وبنت اختك ايش ذنبها .. ؟؟ .. كيف يطاوعك قلبك انك تأذيها ؟؟ ..
عادل .. : بتعذرني .. بتعرف السبب .. وتسامحني ..
- اخـــــــوي لو سمحت .. الزيارة انتهت الحين ..
نهض عبد الرحمن .. ونظر لعادل .. : اتمنى ترجع بقرارك يا عادل .. ما يجوز اللي تسويه ..
قال عادل وهو يتمدد مرة اخرى على سريره .. : ما برجع عن قراري .. وبنتكم ما بتعرفون شي عنها .. إلا لما انكفن بالتراب ..
عبد الرحمن .. وهو يهز رأسه بعلامة النفي استنكاراً .. : طيب .. ان شالله أمرك بكرة .. مع السلامــــــة ..
خرج عبد الرحمن .. مع الممرض .. وبقي عادل لوحده في تلك الغرفة الموحشة .. كما اعتاد منذ اسبوعين .. وطيف * نجلا * وذكرياتها يحومون حوله ..
*
*
*
& مـــــــــــــــــاضي &
~ ذكــــــــــريــــــات عـــــــــادل ~
- يبااااااااااااااااااا حراااااااااااااااااااااااااام عليييييييييه .. ابي ابني .. ابييييييييييه .. ليه ياخذه مني ؟؟ ..والله ما سوويييييييت شي .. واللـــــه ..
تحركت بلا وعي تُجاه باب الغرفة .. وهي تسحب شعرها بعنف .. وهستريا .. وجها مُحمر .. وعيونها متورمة بسبب كثرة البُكاء .. : انا باروح اجيبــــه .. ما بيقـــدر بدوني .. ما بينام الا فحضنـــــــي ..
نهض والدها بسرعة .. رغم كُبر سنه .. وامسك بذراعها .. حاثاً اياها على الرجوع .. : نجلا يبا .. ما يجوز تسوين كذا بنفسك ..
التفتت نحوه وتمسكت بملابسه .. وشهقاتها تزداد .. : يباا .. انا مقدر .. انا ما اتحمل .. يبا واللي يسلمك رجعلي ولدي .. – انحنت لتستوي جالسة على الارض ويديها ما زالتا معلقتين بثياب والدها – يبا رجعلي سيـــــف .. انا بموت لو ما اشوفه .. بمـــوت ..
رفع يده اليمنى وكفكف دموعه التي أبت الا الخروج .. لا يقوى على رؤية ابنته وفلذه كبده منهارة هكذا .. لم يعد يحتمل الوضع .. مسح بيده الاخرى على رأسها .. ولسانه ينطق بـ : حسبــي الله ونعــم الوكيــــل ..
تقدمت والدتها نحوهما .. وجلست امام ابنتها الصغرى .. تمرر يدها على ظهر تلك الشابة وتقرأ بعض من الايات القرآنية عسى ان يهدأ بالها .. لكن * نجلا * ما زالت متمسكة بسندها في الحياة بقوة .. وتشهق بأسم طفلها .. دون وعي او ادراك .. وصوت بكائها يعلو تارة و يهدئ تارة اخرى ..
*
*
*
فتح الباب بهدوء .. ودخل الى الغرفة التي شهدت البكاء والانين لأكثر من ثلاثين ليلة .. رآها تجلس على الارض ووالداه يحيطان بها .. كل منهما يحمل هم حزنها على كتفيه .. يتمنى لو يجد ذلك الوغد ليفصل رأسه عن جسده من شدة الغيظ .. يصعب عليه رؤية شقيقته بهذا الوضع ..
التفتت نحوه .. بعينيها الباكيتين .. ووجهها المحتقن بالدم .. ونظرتها المؤلمة لقلبه .. آه .. كم يتمنى ان يعيد الفرحة لها .. كم يتمنى ان يمحي صيغة الحزن الموشومة على قلبها .. كم يتمنى ان ينسيها همها .. تقدم من موضع جلوسها .. ونظر لوالديه .. حاثاً اياهما على تركه لوحده مع مدللته .. وبالفعل خرجت والدته .. ثم والده .. اما هو فجلس على الارض بجانبها .. مسح دموعها بأصابعه .. ثم أخذ يرتب شعرها الاسود الطويل والمتناثر حول وجهها القمري .. : ايش فيها حبيبة اخوها تبكي ؟؟..
تساقطت دموعها مرة أُخرى .. ثم بدأت تتحدث بانهيار .. ويديها تتحرك بعشوائية .. : انا قــ ... قلت لأبوو ... ووي .. اني ابي سيف – شهقت بقوة - .. وبروح اجيبـــــــ .. ـــــــه .. بــــــ .. بــــــس ما يرضى ..
سحبها لحضنه برفق .. وطوقها بذراعيه .. وهو يجاهد دموعه .. : مـــــــا عليـــه .. نجلا انا باجيبه لك .. طيب ؟؟ ..
هزت رأسها بعلامة الإيجاب .. ثم قالت بعدم صبر .. : متـــــى .. ؟؟
أبعدها عن اسوار أحضانه ونظر الى عينيها .. : ما اعرف متى .. بس اوعدك اني بجيبه لك .. حتى لو كان اخر يوم فعمري ..
شهقت ودموعها ما زالت تنساب بحرية على وجنتيها .. : بـــــــس .. انـــــا اشتقــــــــتله ..
ابتسم بحزن .. وهو يشعر بعجزه .. : وانــــــــا بعد إشتقتله .. لكن بنصبر شوي .. وبعدها نجيبه هنا .. الى ان تملين منه ..
حركت رأسها بقوة .. بعلامة النفي .. : ما بأمّل منه ..
سحبها مرة اخرى الى احضانه .. : المهم الحين صحة البيــبي .. صح كلامي والا ؟؟ .. ما يصير ما تاكلين .. قومي تغدي معي .. طيب ؟؟ ..
اجابته وصوتها مخنوق .. : ما أبي .. أبغى سيف ياكل معي .. – عادت للبكاء بصوت مرتفع - .. ابي سيـــــــــــف .. ابيــــييييييييه ..
حاول ابعادها عن صدره .. لكنها متشبثة بـ - ثوبه – بقوة .. تركها تخرج ما في داخلها من حزن .. وأخذ يمسح على ظهرها .. بلطف .. : اصصصصصص .. نجلااا .. حياتي .. والله اني بجيبه لك .. ... لا تبكين يا قلبي ..
نجلا .. وبكائها يعلو شيئا فشيئا .. ثم يخفت .. لا كلمه على لسانها غير كلمة .. : ابيـــــــــه .. أبي ولدي ..
وعادل مستمر بتهدئتها وحلفانه على انه سيجلبه الى المنزل بأقرب وقت .. حتى غفت على صدره .. ودموعها لم تجف إطلاقاً ..
******
يتبــــــــــــع
|