كاتب الموضوع :
dede77
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
صرت ميرسى اسنانها على بعضها . اعطنى القوة يا رب ! عادت الكلمات تقفز على شفتيها ، ثم تمكنت من خنقها لتقول : لا يتسع المكان على تلك المنصة ، يا سيدى 0
شاهدت ميرسى كتفى اندريو العريضتين تتصلبان تحت قميصه الزرقاء، حين استدار اندريو ليحدق بها غير مصدق ، وقال : لا يتسع المكان ؟
ثم نهض واقفا بحركة سريعة ، فاستقرت عيناه على طبق البيض المقلى ، الى جانبه طبق من اللحم المشوى والطماطم ، وقطعة من الخبز المحمص ، بالاضافة الى صحن للزبدة ، واخر للعسل ، وابريق الشاى مع مستلزماته . احس اندريو ان وجهه يبهت لونه . فاغمض عينيه لوهله مبتلعا رغبته بالصراخ ليقول لها انت مطرودة ! المسالة ببساطة هى ان كنوكس لم تنفذ ما طلبه منها ، فلم تدون قائمة بمطلباته لتتركها لخليفتها فى الوظيفة 0
منتديات ليلاس
بدا صوت اندريو مليئا بالعزم والتصميم كى يكون منصفا فى ما يقوله : هنالك بعض الامور التى ينبغى عليك معرفتها ، هاورد . انا منشغل الان ، وعلى وشك ان اصبح اكثر انشغالا . لا يتسع وقتى لتناول وجبة طعام تكفى لاطعام جيش صغير . انا ببساطة احتاج الى كوب من القهوة القوية غير المحلاة ولا شئ اخر ، وذلك فى تماما الساعة الثامنة ، قبل مغادرتى الى مكان عملى فى الساعة الثامنة وعشر دقائق 0
القى نظرة على ساعة يده المصنوعة من البلاتين ، كما لو ان الامر على اهمية كبرى ، ثم اشار لها بجفاء قائلا : اصبحت الساعة الثامنة والربع ، وانا لا ارغب بان اصاب بجلطة قلبية لدى تناولى هذا الصحن . خذيه من هنا !
جذبت ميرسى نفسها فاستقامت فى وقفتها حتى بدا طولها الكامل المؤثر ، ثم رمقته بنظرة من عدم الرضى . لقد عملت فى عدة وظائف عندما كانت والدتها حية ، فاعتنت بولدى السيدة فليتشر ذوى السنتين من العمر ، واستطاعت التعرف على انطلاق موجة الغضب لدى كل منهما 0
انها واثقة من موقفها الصائب ، فاشارت قائلة : انه طعام جيد ، متكامل ، مفيد وصحى ، فاللحم مع البيض لم يسببا الضرر لاى كان ، لكن تناول القهوة السوداء فقط لبدء النهار .......
منتديات ليلاس
وتابعت بعد ان اصدرت صوت استنكار قائلة : ... فلن تؤدى المطلوب ابدا . الفطور هو اهم وجبة طعام خلال النهار ، وما دمت موظفة هنا فمن واجبى الاعتناء بك وبمنزلك ، لذا فان الفطور اللائق هو ما سوف تحصل عليه . تناوله قبل ان يبرد 0
ذكرت ميرسى نفسها متاخرة بموقعها كمدبرة لهذا المنزل لا اكثر ، فتابعت مغيرة مجرى الحديث : هل ستعود لتناول العشاء هذا المساء ؟
اتسعت عينا اندريو الرماديتان الغامقتان ، فيما حدقتا فيها ببساطة للحظات طويلة ، لحظات ثقيلة سلبت منها انفاسها ، وجعلت وجهها يحمر بشدة قبل ان يتمتم اندريو : كلا ، هاورد . لن اعود 0
لجات ميرسى الى الامان الذى يوفرة لها المطبخ . ثم تخلت عن محاولاتها لتاكل قطعة من الخبز المحمص مع المربى ، فيما تناهى الى سمعها صوت مغادرة اندريو للمنزل . املت الا تكون قد افسدت الامر ، فاندريو باسكالى الاسطورى لن يتحمل ان يملى عليه احد موظفيه ما يجب عليه ان يفعله . اما المشكلة فتكمن فى ان ميرسى اعتادت منذ عمر السادسة عشرة ان تدير شؤون المنزل بالاسلوب الذى تراه ملائما . فهى مسؤولة عن ميزانية العائلة ومدخولها الضئيل ، لان صحة والدتها الغالية المسكينة ساءت تماما بعد وفاة والدها ، فاضطرت الاسرة كلها الى الاقامة فى ذاك الكوخ الصغير ، ولدى وصولها الى لندن اصبحت مسؤولة عن فريق عمل من موظفى التنظيف ، لذا اعتادت اتخاذ القرارات بشان تنفيذ الامور ، ومتى ينبغى تنفيذها . لكن هذا ربما لن يجدى نفعا هنا ، ولن يتلائم مع نابغة ايطالى مبدع !
رغم ذلك فهى تعلم بانها محقة . لابد ان رب عملها يعمل بجهد ليجعل من وكالته ناجحة ، لذا فهو يحتاج الى فطور ملائم . مهما يكن الامر ، فهو استخدمها لترعاه ، وهذا ما تنوى فعله بالتحديد 0
توالت ساعات النهار سريعا ، وتمكنت ميرسى خلالها من استعادة شجاعتها بفضل اعتقادها المتزايد شيئا فشيئا ، بانها ليست على وشك فقدان وظيفتها .
|