في اليوم التالي , كان المطر غزيرا , ولم يأت أي مريض للمراجعة , حتى جاكو العجوز رغم حاجته للعمل لم يغامر بقطع هذه الطريق , وزينة لم تأت . اقترح اندريس عليها أن يستغلا الطقس السيئ و تساعده في بحثه , فقبلت ايف بحماس على أمل أن ينسيها العمل مشكلتها , وبالفعل مع مرور الدقائق , تخلصت ايف من ارتباكها و اضطرابها أمامه , وفجأة تمنت أن تطول هذه اللحظات الهادئة بينهما , و بعد الغداء كشفا على مريضيهما وعادا لمتابعة عملهما , وبعد ساعتين , وبدأت ايف تشعر بثقل في جفونها و لم تستطع منع نفسها من التثاؤب .
- تمددي قليلا على هذه الصوفا .اقترح اندريس عليها بصوت حنون دافئ.
- و لكن ما يزال أمامنا الكثير من.......
- سأهتم بذلك بنفسي ..قاطعها بلطف .....ارتاحي قليلا ...نهضت و جلست على الصوفا . وما هي إلا لحظات حتى نامت نوما عميقا , ولم تستيقظ إلا عندما أحست بيد تهز كتفها , انه اندريس .
- استيقظي , اشربي هذا الكوب من الشاي , سيعيد إليك وعيك ...لاحظت ايف أنه عاد لطبيعته البعيدة الحافة , فنظرت إليه جيدا , لماذا هذا التغير في موقفه ؟
- صديقك على الشرفة , انه لم يتردد في مواجهة المطر كي يأت لرؤيتك ..أضاف بجفاف .
- من؟ مايكل؟ سألته بدهشة .
- لا , ليس هو ...و لكن سأترككما معا , إذا احتجت لي فأنا في غرفتي .
- انتظر ! أنا لا أرغب ب..........
لكنه غادر الغرفة وتركها , فحملت كوب الشاي و خرجت إلى الشرفة .
- بليك! ما الذي جاء بك بمثل هذا الطقس الرديء ؟
- حسنا إنها ليزا ....فهي لم تتصل بي مساء أمس , وعندما اتصلت بها أخبرتني اختها أنها سافرت . ألديك فكرة متى ستصل؟
- لا, لم أكن أظن بأنها ستأتي قبل أن تتصل بك .
- هذا ما يقلقني , أخشى أنني نمت و لم أسمع رنين الهاتف , أتعتقدين أنها ستخاطر بالمجيء في هذا الطقس ؟
بنفس اللحظة رن جرس الهاتف , فأسرع بليك و ايف معا نحو الهاتف .
- آلو! قالت ايف وقلبها يدق بسرعة .
- ايف ؟ أنا ليزا . أتكلم من المطار .
- مطار سنغافورة ؟
- لا , هنا في كوالا لومبور , سأستقل سيارة أجرة , وسأصل في منتصف الليل , لا أريد أن ... . وانقطع الخط فجأة .
- ليزا ! أجيبي , ليزا ..رددت ايف وهي تهز السماعة ..يا الهي , انقطع الخط ..ثم نظرت الى بليك متسائلة .
- إنها في الطريق , ماذا يمكننا أن نفعل ؟
- لاشيء..أجابها بليك و هو يهز كتفيه بعجز ..أعتقد بأن السائق ما أن يلاحظ رداءة الطريق , سيترك ليزا في القرية , وستتصل هي بنا فنذهب لاصطحابها .
- أتمنى ذلك ..أجابته و هي ترمي نفسها على الكنبة .
- هيا , لاتقلقي ليزا ذكية و تعرف ماذا تفعل في الوقت المناسب .
- أنت على حق .
- كما و أن هذا يرضي الجميع , سأضطر فقط لقطع مسافة كيلو متر واحد حتى القرية , و ستكون هي سعيدة بإنهاء رحلتها مع الصيدلي الوحيد في المنطقة كلها .أضاف بابتسامة ماكرة ..هي ضعي لنا أغنية جميلة .
منتديات ليلاس
- ستكون سعيدة بالتأكيد ..و نهضت ووضعت كاسيت و أخفضت الصوت , ثم غرقت ايف في أفكارها رغم قلقها على ليزا , وتمنت أن لا يصيبها مكروه في هذه العاصفة ! و شردت مع كلمات الأغنية العاطفية الهادئة , و تأثرت كثيرا و كأن هذه الكلمات تعبر عن أعماق مشاعرها . انها مستعدة لكل شيء كي تهرب من دانتنغ كي لا تواجه نظرات اندريس الحادة اللامبالية .... وخاصة كي لا تكون موجودة أثناء لقائه بليزا .لأنها تغار من هذه السعادة التي ليست من حقها أحست باليأس القاتل , فأخفت وجهها بيديها كي توقف دموعها و فجأة أحست بيد تربت على كتفها .
- ما بك , ايف؟ سألها بليك بقلق.
- يبدو أن هذه الأغنية أثرت بي ..قالت و هي تمسح دموعها .
- هيا ايف , صحيح أني لست جديا , لكنني أفهم تماما عندما يكون أحد حزينا , قولي لي بماذا يمكنني أن أساعدك ؟ أترغبين بالكلام ؟
- لا.........
- أتعلمان أن خط الهاتف مقطوع ؟ رن فجأة خلفهما صوت حاد .
- يا الهي ! ليزا ! صرخت ايف و هي تنهض بسرعة ..كيف سيمكنها الاتصال بنا ؟
- لا بد أنها ستنتظر نهاية العاصفة . أجاب اندريس بجفاف , ثم عاد إلى غرفته بسرعة.
ازداد تساقط المطر و ازداد توتر ايف أمام مزاج اندريس السيئ . أعدت آنيا المائدة , فأسرع بليك وأخذ مكانه .
- يجب أن تنادي الطبيب , وإلا سيبقى بدون عشاء .