وكان الجرح بحالة جيدة فطلبت ايف من زينة مرافقة السيدة إلى منزلها , و كانت ايف قد بدأت تقلق على غياب الدكتور كريغ الذي لم ينزل من غرفته حتى الآن , ولكن هل عاد من الغابة اصلا ؟ و لم تكن انيا تعلم شيئا , وقد حملت سلتها و نزلت إلى القرية أيضا لشراء بعض الحاجيات , وبعد رحيل الجميع , شعرت ايف بالاضطراب , الآن هي وحدها مع الطبيب , لقد أصبحت الساعة الحادية عشرة وهو لم يظهر بعد , فاجتاحها خوف مفاجئ و أسرعت إلى الطابق العلوي , لا شيء.... فجمعت كل شجاعتها و اتجهت نحو غرفته , يجب أن تطمئن , ولا يهمها إذا كانت ستزعجه أم لا.
دقت على الباب مرة , مرتين و ثلاثة و لكن أحدا لم يجبها , ففتحت الباب بحذر و أدخلت رأسها في فتحته و على الفور صرخت مرعوبة .
أتمنى لكم قراءة ممتعة مع حبي نسمة
كان الدكتور اندريس كريغ ممدا على الأرض فاقد الوعي و بقربه حقنة , وأمام السرير وجدت زجاجة شراب , للوهلة الأولى ,خشيت أن يكون مدمنا على الكحول , ولكن لا , هذا سخيف ! ليس الطبيب! كما أن انتفاخ عيونه تشير إلى احتمال إصابته بنوع من الحساسية أو التسمم , ففحصته بسرعة , وكان نبضه ضعيفا جدا .
- يا الهي !لأنه على وشك الموت ! قالت بجنون , ولكنها سرعان ما حافظت على هدوئها , وتناولت الحقنة التي إلى جانبه إنها الايدروكورتيزون , نعم من الأدوية التي يستعمل في حالة التسمم و يجب أن تتصرف بسرعة و إلا......تمالكت ارتجاف يديها , وملأت الحقنة و بحثت عن شريان ذراعه فوجدته بكل سهولة , و حقنته بالدواء و انتظرت و قلبها يدق بسرعة , أن يبدأ مفعول الدواء . وبعد قليل عاد نبضه تدريجيا إلى طبيعته بينما , استعاد وجهه الشاحب لون الحياة , و صدرت من حنجرته تأوهات ضعيفة , فتناولت ايف كوب الماء و سقته منه القليل , ففتح عيونه الزرقاء و تأملها قليلا و كأنه في حلم.
- ايف؟ ايف....اكتشفت؟
- الايدروكورتيزون ؟ نعم, كانت على الأرض الى جانبك ....وحاولت مساعدته كي يصعد إلى السرير . وضع اندريس كريغ ذراعه الثقيل على كتف الفتاة النحيل و استند عليها حتى تمكن من الجلوس على حافة السرير , ولكن بدل أن يتركها ضمها إليه و نظر إليها نظرة غريبة , فجن قلبها , ولم تعترض كانت تحت تأثير سحر هذه النظرة التي تخترق كيانها .
- أتشعر بتحسن ؟ سألته ايف كي تتجنب الدوار الذي بدأ يغشاها , فشد الطبيب على يدها .
- ايف ...لو لم تأت , لكنت...لقد لسعتني حشرة أو أفعى , لست أدري ....
- الغابة مليئة بالأخطار ...قاطعته بسرعة .
فرفع حاجبيه و تأملها قليلا , بدون شك فهم أنها فاجأته في الليلة الماضية , و مع ذلك لم يعلق على الموضوع ,
- لو سمحت , اطلبي من آنيا أن تعد لي الشاي .
- إنها ليست هنا , لكنني سأحضر لك الشاي على الفور .
ثم نزلت السلم بخطى خفيفة , و كانت تحس بأنه صلة غريبة و عميقة نشأت فجأة بينهما . تبدد كل توتر و باتت تشعر بأنها اقتربت كثيرا من هذا الطبيب الساحر .وعندما أحضرت له الشاي , كان قد بدل ملابسه و سرح شعره . فناولته كوب الشاي بيد مرتجفة .
- كيف تشعر الآن ؟
- أفضل , ولكن ...أنت ترتجفين ..قال و هو يمسك يدها .
- انه توتر عصبي ...قالت بضحكة صغيرة .
ظل الطبيب يحتفظ بأصابعها بين أصابعه , فشعرت باضطراب و ارتباك كبير .
- يجب أن أذهب , هناك بعض المرضى في الخارج .
- ألن تشربي الشاي معي ؟أنت بحاجة له مثلي
- لا.....شكرا......اعذرني, حقا يجب أن أذهب .
- حسنا , أخيرا طالما أن الواجب يناديك ....تمتم و طبع قبلة خفيفة على شفتيها ...شكرا مرة ثانية ايف .
عندما عادت إلى الشرفة , كان قلبها يدق بسرعة , و لا تزال تشعر بدفء شفتيه على شفتيها , لماذا ؟ فكثيرا ما قبلها مايكل في الماضي , لكنه لم يربكها بهذا الشكل . ماذا يحصل لها ؟ أهذا فقط انفعال لأنها أنقذت حياته ؟
بعد ساعة , كانت تجلس في غرفة الممرضات تكتب ملاحظاتها , عندما سمعت سعالا حادا , فأسرعت إلى غرفة المرضى و اعتقدت أن حالة ليلى ساءت أكثر , لكنها تفاجأت بجاكو الذي كان يحرك شفتيه كأنه يطلب النجدة . فأمسكت السماعة و فحصته بسرعة ,كان تنفسه بطيء . لقد بقي مدة طويلة بدون عناية , سيموت و كأنه معزول وسط الغابة لا, لا يمكن أن تتركه يموت بحجة أنه لن يشفى . هذا ليس عدلا . وبسرعة اتجهت نحو الهاتف و طلبت مستشفى جاهم.
- أحد مرضاي بحالة خطرة , أيمكنكم إرسال سيارة إسعاف ؟
- حسنا , سنرسل لك سيارة على الفور .
ثم أقفلت الخط و هي تشعر بالراحة . بعد دقائق تصل الإسعاف و تأخذ جاكو إلى مستشفى حديثة أكثر و مجهزة أكثر ... فجأة خطر ببالها فكرة , لماذا لا تستغل الفرصة ؟ بعد نصف ساعة كانت تراقب عملية نقل جاك والى سيارة الإسعاف .
- أيمكنك أن تضع هذا في المختبر ؟ سألت ايف أحد الممرضين و هي تناوله أنبوبا يحتوي على عينة من دم ليلى ...لقد سجلت الملاحظات المطلوبة على هذه الورقة.
بعد لحظات , كانت ايف تتبع بعيونها السيارة التي تبتعد , و شعرت بخفة و راحة ضمير لأنها قامت بواجبها كما يجب , ولم تتفاجأ عندما وجدت أندريس كريغ ينتظرها على الشرفة عاقد الحاجبين و ينظر إليها بقسوة .
- ما معنى هذا؟ سألها غاضبا .
- أنا... جاكو مريض جدا ....أجابته متلعثمة و قد أرعبتها نظراته .
- في المرة القادمة , قبل أن تتخذي قرارات مماثلة , آنسة كارول , استشيريني أولا ...قال بحدة ثم دخل على الفور وتركها مذهولة يائسة . لم يوجه الطبيب الكلام لايف طوال النهار , حتى أنه لم ينظر إليها أثناء العشاء.
- هل أصبحت مستعدة للسفر ليزا ؟سألها كريغ بمودة .
- نعم ستقلع طائرتي في الساعة العاشرة من مساء الغد الى سنغافورة .
غدا ؟فكرت ايف التي بدأت تخشى وجودها وحيدة مع الدكتور كريغ . كما و أن صحبة ليزا تعجبها و هي ستفتقدها كثيرا.
- كيف ستذهبين إلى المطار في كوالالومبور ؟ سألها كريغ فاحمر وجه ليزا فجأة و قالت متلعثمة.
- أنا ....بليك عرض علي أن يوصلني , سيتصل بي هذا المساء ليؤكد لي ذلك .
- لا ضرورة لإزعاجه , بإمكاني أن أوصلك بنفسي ..ألح د.كريغ.
- شكرا , دكتور لكنني وعدت بليك و....
- حسنا , أخبريني إذا لم يستطع صديقنا مرافقتك , أيمكنك الاهتمام بالمرضى صباح غدا؟
- نعم لماذا ؟
- لأنني سأصحب الآنسة كارول معي غدا إلى القرية .
- أنا ؟ لماذا؟ سألت ايف بدهشة .
- ألم تدعي بأن أبحاثي تهمك ؟