كاتب الموضوع :
فداني الكون0
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
انه طوني ارنولد الصحافي وبصحبته فتاة جميلة يجلسان الى طاولة الصحافة. مشت لين اليه ترحب به. وعرّفها على مرافقته قائلاً:
-الآنسة جيل وايت، مراسلة من جريدة هيرالد المسائية. وقال يسألها:
-هل نجلس قرب الاوركسترا؟ هل ستتحمّل آذاننا ضجيج اصواتها؟
-الشباب يعدّون مفاجأة لطيفة لك يا طوني. انهم ماهرون وممتازون. وعادت لين الى مقعدها.
مشى شباب الاوركسترا الى اماكنهم المعدة لهم في أسفل المسرح. كانوا يرتدون القمصان البيضاء فوق سراويلهم الرمادية بينما لبست الفتيات البلوزات البيضاء فوق تنانيرهن الرمادية القصيرة. الجو عابق بالشباب والحماس. لقد ادهشوا المشاهدين بعزفهم المتكامل ومقدرتهم الموسيقية وثقتهم بأنفسهم. كان منظم الحفلة يقودهم بمهارة العارف وجلده وصبره. لقد أثار اعجاب الجميع في قيادتهم. كانوا كتلة من المواهب الشابة تتعامل بتجانس فائق.
بدأ النور يخفت في القاعة. ووقف رجل عريض المنكبين قرب لين. انحنى قليلاً وتمتم قائلاً:
-هل تمانعين في أن أجلس في نهاية الصف؟ لو تنتقلين مكاناً واحداً....
للمرة الثانية في تلك الامسية توقفت ضربات قلب لين. هناك العديد من المقاعد الفارغة في القاعة. لماذا اختار كريس يورك مقعداً قربها؟
أفسحت له المكان ولكنهما لم يتبادلا ولا كلمة او نظرة. كانا كالغريبين. وجوده قربها اربكها وجعلها تبذل جهداً كبيراً في التركيز على البرنامج الذي كان يعرض أمامها فوق خشبة المسرح. لم تغفل وجوده قربها ولا ثانية، بالرغم من كل شيء يدور حولها.
بعد ان انتهى الشباب من العزف قوبلوا بالتصفيق الحاد. وتلا ذلك بعض الاغاني الفلكلورية من طلاب المدينة الصغار، ثم تبعتها مسرحية من فصل واحد. وقبيل انتهاء المسرحية بقليل نهض كريس بهدوء فاختفى خلف المسرح. تنهدت لين بارتياح او ربما بخيبة أمل. لا يمكن لأحد ان يفسر تلك التنهيدات.........
بعد انتهاء التمثيلية حضر ثلاثة شبان أقوياء وهم يحملون بيانو بني اللون كبير الحجم الى مكان ظاهر بالقرب من الاوركسترا. وفتحوا غطاءه قبل رحيلهم.
ودخل عازف البيانو المنفرد فمشى أمام المشاهدين وانحنى احتراماً وشكراً للتصفيق الحاد الذي قوبل به. شعرت لين بفخر واعتزاز كبيرين. لماذا هذا الشعور؟ لم تعرف جواباً لذلك مع أنه لا يعني لها شيئاً.
جلس كريس عازف البيانو المنفرد بكل جلال وثقة وقد ركز حواسه وأفكاره كلها في القطعة الموسيقية التي سيعزفها. نظر الى قائد الاوركسترا مشيراً الى انه جاهز. ثم رفع يديه وبدأ يعزف قطعة للموسيقار الشهير تشويكوفسكي، وضعت خصيصاً للعزف على البيانو، وقد شاركت في العزف اوركسترا الشباب.
سيطر على المستمعين سحر عجيب من الافتتان والنشوة. وأبدعت الاوركسترا كما ابدع العازف المنفرد. لقد تفوق الجميع في عزفهم وتناغمهم حتى ان اصوات المستمعين في القاعة ارتفعت سروراً، وصفقوا، وخبطوا بأرجلهم على الأرض لسماع المزيد من العزف السحري.
ولما هدأ الجميع عاد عازف البيانو منفرداً الى المسرح. وعاود العزف على البيانو بدون مرافقة الاوركسترا هذه المرة. عزف القطعة الموسيقية التي كان يتدرب عليها في غرفة الموسيقى يوم قطعت عليه لين تدريبه وأزعجته. وهي من تأليف الموسيقار بيتهوفن. كان يعزف بمهارة وفن فائقين. سرحت لين مع الموسيقى بعيداً، وشعرت بعاطفة غريبة تلفها حتى انه حين انتهى من عزفه وجدت نفسها غير قادرة على مجاراة الآخرين في التصفيق له. يقد شبكت اصابع يديها ببعضها وعملت جاهدة على حبس دموعها خوفاً من أن تتساقط على خديها بالرغم منها.
نهض كريس من مكانه أمام البيانو وانحنى شاكراً ترحيب الجمهور. نظر الى لين دقيقة ثم تابع انحناءه للمستمعين ودخل خلف الكواليس.
أمضت لين فترة الاستراحة تتحدث مع بعض أهالي طلابها من الشباب الذين شاركوا في العزف. وحضرت ماري فجلست قربها. كانت ماري متوردة تشع سعادة. وتمنت لين لو تعرف أسباب سعادتها الغامرة لتشاركها فرحتها ولكنها فضلت ان لا تسألها
|