كاتب الموضوع :
فداني الكون0
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
ولأن قيادة السيارة وسط الازدحام وفي الطرق الدولية لا تلذ كثيراً، اعطت كل انتباهها لحركة السير حولها. وبدا كريس تعباً يحتاج فعلاً للراحة. كان هادئاً وربما نائماً قربها. فجأة سمعته يقول:
-هل تعرفين انك تجدين قيادة السيارة كما تجدين كل شيء تفعلينه؟
اذن لم يكن نائماً بل مسترخياً.
-شكراً يا سيدي. المديح منك يساوي الكثير.
نظرت اليه نظرة خاطفة ولاحظت انه يراقبها باهتمام شديد. قالت ساخرة:
-نعم انني اجيد كل شيء ما عدا التعليم.
-رويدك قليلاً واخفي مخالبك. انت تقولين ذلك. انا لم اقله. على كل حال اعتقد اننا اتفقنا على ان لا نبحث في امور العمل. هل تذكرين؟
-آسفة. لقد نسيت.
اكملا الرحلة بصمت ثم قطعه كريس قائلاً:
-ذات يوم سأطلعك على سر.
تنهد ثم اغمض عينيه من جديد.
كانت الطريق مملة للغاية. اميال وجبال من الفراغ. جلس كريس وقال متبرماً:
-بحق السماء توقفي عند اول استراحة. تحتاج لبعض الراحة.
اعطت لين اشارة الانحراف ثم دخلت في الطريق الجانبية المؤدية الى الاستراحة. واوقفت محرك السيارة ثم مالت الى الوراء تتمطى. نظر اليها كريس وسألها:
-هل انت تعبة ومجهدة؟
وضعت رأسها على كتفه تستريح. ولفها بذراعيه بحنان وبقيا على هذا الحال فترة طويلة قبل ان يتكلم كريس بجدية ويقول:
-هل تعرفين ان هذه المغامرة اعطتني اجوبة على اسئلتي العديدة؟ لقد برهنت لي ان بستطاعتنا ان نتبادل اطراف الحديث دون جدال او ازعاج واننا نتوافق في بعض الأمور.
نظرت اليه تفكر قليلاً ثم قالت وهي تضحك:
-لقد عرفت الآن انك كنت تقوم بتفتيش عام حول امكانياتي وقدراتي. اظهرت النتائج انني ناجحة في مهمة المرافقة، وربما ستكتب تقريراً مفصلاً عني الى الادارات التربوية المعنية بالأمر.
اعتدل في جلسته ونظر اليها نظرة عتاب وقال:
-تستاهلين علقة ساخنة لصفاقتك يا آنسة هيوليت.
-آسفة.
-ولكن الأسف لا يبدو عليك...
عم صمت ثقيل ثم سألته:
-كريس. لماذا بقيت مستيقظاً الى ما بعد الثانية والنصف ليلاً؟
-لقد قلقت وجافاني النوم لذا قمت بتدبيج محاضرتي ليوم المؤتمر في صباح الثلاثاء. وبعد ذلك نمت تلقائياً.
نظر الى ساعته وقال بسرعة:
-هيا بنا. علينا ان نكمل طريقنا. انا سأقود السيارة.
انطلقت السيارة مسرعة من جديد في طريقها المرسوم. وتكلم كريس اولاً:
-اخبرني هل لديك فراغ في الأيام المقبلة؟ الأحد بعد الظهر مثلاً. اود ان ارافقك في زيارة المستنقعات الريفية. ما رأيك؟
-احب زيارتها كثيراً.
-حسناً. سأطلب من والدتي ان تحضر لنا بعض الشاي والساندويشات ثم نذهب بعد ذلك لتناول العشاء معها. ما رأيك؟
-لا مانع لدي اذا كانت والدتك توافق على دعوتي.
-انا متأكد من سرورها بلقائك.
قالت لين في نفسها: سأعد الساعات حتى هذا اللقاء. ربما لا زلت اعيش الحلم اللذيذ، ولم يحن الوقت للاستيقاظ... ما اجمله من حلم. نظرت لين الى كريس تراقب قيادته واصابعه الحساسة النحيلة... اصابع العازف الشهير. ولفت نظرها وجود الخاتم مكانه في اصبعه. اغمضت عينيها وشعرت ببعض الألم والحزن. تساءلت: هل من الممكن ان يكون هذا الخاتم خاتم خطوبته لانجيلا؟
اطلقت لين لنفسها العنان في مراقبة الوجه الوسيم الذي احبته. كان كريس مشغولاً عنها بأفكاره وترتيباته. سمعته يقول كمن يخاطب نفسه بصوت منخفض:
-لابد من رؤية انجيلا هذه الليلة. لن اتأخر عن لقائها...
-عليك ان ترى انجيلا؟
-نعم يجب ان اراها واتكلم معها واحزم الأمر.
قال ذلك بوضوح تام دون ان يشعر بأنه يتكلم معها. احست لين كأن ضربة قوية اصابت رأسها. لقد تأكدت بما لا يقبل الشك ان حلمها شارف على نهايته....
|