كاتب الموضوع :
فداني الكون0
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
5-قسراً!
لم تتحسن نفسية لين وهي في السيارة بل بدا عليها الوجوم. حاولت جاهدة ان تقنع نفسها بعدم الاكتئاب ولكنها لم تفلح. كان الرجل المتزن الجالس أمامها بمنكبيه العريضين قد حطم توازنها كلياً وشعرت بضآلتها أمامه. ثقته واعتزازه بنفسه سثيران غضبها. حدقت لين عبر النافذة لتبعده عن نظرها ولكن الظلام الدامس خارج السيارة اعاد اليها انعكاس صورتها العابسة الحزينة. شد لين بلطف على يدها وارغمت نفسها ان تبتسم له ابتسامة عريضة مصطنعة. مال اليها متمتماً:
-سعيدة؟
كانت سعادته واضحة حتى أنها اضطرت على موافقته رغماً عنها.
دخلوا الى المطعم وقادهم الخادم الى طاولة تتسع لأربعة اشخاص. نظروا حولهم يتفرسون في الحاضرين لعلهم يرون بعض الوجوه الأليفة. وقال كين معلقاً على المكان:
-ظننت اننا سنكون وحدنا في المطعم هذه الليلة. لقد حضرت مع لين من قبل وكان المكان شبه فارغ. هذا الحشد من الناس ربما كان نتيجة الحفلة الموسيقية هذه الليلة.
قال كريس معقباً:
-سيرسل مدير المطعم رسالة شكر الى السلطات التربوية في المنطقة ويطلب تكرار مثل هذا الحدث.
لقد اتفق كريس وكين على اقتسام فاتورة العشاء بينهما. ولما حضر الخادم تولى كريس بنفسه سؤال كل منهم عما يفضل من طعام. كانت لين مقتضبة جداً وهي تحدد طعامها وحاولت قدر الامكان ان تتفادى نظرات كريس المباشرة. كانت تشعر ان تصرفاتها غير لائقة ولكنها تجاهلت كل مبادئ اللياقة. كانت لا تأبه ابداً لما يبدر منها في مثل تلك الظروف.
كانت تشعر انها اجبرت على الخروج بصحبة كريس يورك وعليها ان تمضي السهرة بكاملها برفقته. وستكون سهرة مزعجة للغاية. انها لا تزال تتذكر قساوته وجلفه معها في غرفة الموسيقى، ولن تسامح تطاوله عليها. كانت الحرب بينهما سجالاً. ستبرهن له انها خصم لدود ولو بدت غير مهذبة في تصرفاتها. ففي الحرب يهون كل شيء.
كان الطعام ممتازاً ولكن لين التهمته دون شهية. ودار الحديث حول الحفلة ونجاحها. كان كلما وجه تعليقاً محدداً اليها تجاهلته كلياً ولم تجبه. كانت تتظاهر احياناً بأنها لا تسمعه. ولو تنازلت ونظرت اليه لتنبهت الى نذير الشؤم في عضلاته المشدودة حول فمه.
بعد ان انتهوا من الطعام حضر شاب وربت بلطف على كتف كريس وقال: -انا الصحافي طوني ارنولد من جريدة ميلدنهد غازيت.هل استطيع ان اخذ منك يا سيدي حديثا صحافيا؟ -اذا كان مختصرا.
-هل انت ياسيدي من شمال انكلترا؟
-نعم.
-هل لي ان اسالك اذا كنت انت العازف الشهير ماركوس الدرمان المعروف في الدوئر المويسيقة في الشمال؟
منتديات ليلاس
تنهدكريس تنهيدة عميقةواستوى في مجلسه وقال:
-نعم.لابد وانك قمت بتحريات مثمرة حتى اكتشفت هذه الحقيقة. من لفت نظرك لذلك.
-علي ان أكون صادقا معك ياسيدي...انها الانسة هيولت هي التي نبهتني اول الامر دون ان تدري اوتقصد.
نظر كريس نظرة مخيفة الى وهو يقول:
-انها هي اذن وراء تحرياتك المكثفة...اتمنى لبعض الناس ان يهتموا فقط يشؤونهم الخاصة.
-انها لا تعرف اي شيء عن ذلك. لقد لفتت نظري فقط الى انك من الشمال. أنا تابعت المهمة لأنني كنت قد رأيتك تعزف في اماكن عامة كثيرة. هل لي ان اسألك اذا كنت ستعزف في حفلة عامة في المستقبل القريب؟
-لا. لا ابداً.
-هل ستعزف في نيوكاسل، وميدل بورو، وسندرلاند وهاروغيت وقاعة الاحتفالات في لندن او بقية الاماكن التي عرفتك كعازف منفرد شهير للبيانو سابقاً؟
-عملي حالياً ينحصر في التفتيش التربوي وليس في الموسيقى.
-انت مفتش في اللغة والادب الانكليزي وليس في الموسيقى.
-نعم. أحمل اجازة جامعية في تعليم اللغة الانكليزية. نلتها بعد شهادة الموسيقى التي احملها. احياناً أبحث في علم الموسيقى من وقت لآخر.
-فهمت ما تقصد. لدي يؤال أخير. هل يمكنك ان توضح لي ما اذا كنت خطيباً للمغنية الشهيرة الآنسة انجيلا كاستللا.
-اعتقد ان الآنسة وحدها يحق لها ان تؤكد أو تنفي هذه العلاقة بالذات. اقترح عليك ان تسألها هذا السؤال.
-انك لا تنفي ذلك يا سيدي؟
قال كريس وقد نفذ صبره ورغب في انهاء هذا الحديث الصحافي بسرعة:
-أنا لا أنفي ذلك ولكنني اطلب منك ان تسأل الآنسة كاستللا هذا السؤال.
شعر طوني ان كريس يرغب في انهاء الحديث لذلك سارع الى قفل دفتره وشكر محدثه قائلاً:
-هل لديك اي مانع في ان تأخذ صورة مع اصدقائك لهذه المقابلة؟
نظر كريس الى مجالسيه قائلاً:
-هل لديكم مانع؟
ابتسموا جميعاً موافقين وأخذت الصورة الباسمة.
لقد لفت المصور والصحافي الانتباه الى طاولة كريس ورفاقه، مما جعل الجميع يشعرون ببعض الاحراج والقلق ما عدا كريس الذي بدا رابط الجأش ومتوازناً كعادته.
سألت ماري كريس بعد ان غاب المصور والصحافي عنهم قائلة:
هل م. أ. التي توقع بها رسائلك هي اشارة الى ماركوس الدرمان؟
أجابها:
|